السياسيون الشباب تحدٍ يواجه هيمنة إردوغان على السلطة في تركيا..

تاريخ الإضافة الأربعاء 24 نيسان 2019 - 7:07 ص    عدد الزيارات 1917    التعليقات 0

        

السياسيون الشباب تحدٍ يواجه هيمنة إردوغان على السلطة في تركيا..

دميرطاش وإمام أوغلو بعثا الأمل في تبلور معارضة نابضة بالحياة..

فوز إمام أوغلو المولود عام 1971 برئاسة بلدية إسطنبول أشار إلى أن تركيا في طريقها للحصول على الدم الجديد الذي تنتظره (إ.ب.أ)...

الشرق الاوسط....أنقرة: سعيد عبد الرازق... باتت أكثر جملة تتردد في الشارع التركي حالياً، مع اشتداد الأزمة الاقتصادية، وعجز حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، وحالة الجمود السياسي، والملل من تكرار الخطاب ذاته، في اليوم أكثر من مرة هي: «تركيا أصبحت بحاجة إلى دم جديد». من جلسات المقاهي إلى المحال التجارية، وداخل وسائل المواصلات، وفي الأحاديث المسائية في المنازل، أصبح الجميع يكرر هذه الجملة مع شكوى من حالة الاستعلاء التي أصبح عليها من يحكمون تركيا، وكأنهم سيواصلون في مواقعهم إلى الأبد. وليس بعيداً عن هذه الحالة من الجدل والنقاش المستمر، اللذين تصاعدا قبل وبعد الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا في 31 مارس (آذار) الماضي، ما عبر عنه بشكل كاشف رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، في بيان نشره أول من أمس، قام من خلاله بتشريح الحالة السياسية في البلاد، وتوجيه انتقادات وصفت بـ«شديدة الحدة» لحزبه الذي ينتمي إليه (حزب العدالة والتنمية الحاكم)، وتغير توجهاته تحت قيادة إردوغان من حزب مركزي يحتضن جميع أطياف الشعب إلى حزب يتحالف مع القوميين، ويمارس الاستعلاء والغطرسة، والإقصاء، حتى لقياداته التي خاضت جنباً إلى جنب مع إردوغان مرحلة كفاح شاق للوصول إلى ما وصل إليه الحزب في السنوات السابقة. وفي ظل هيمنة كاملة فرضتها سلطة الرئيس رجب طيب إردوغان، لم تفتقد تركيا ظهور وجوه سياسية جديدة وشابة مثلت في عيون الأتراك أو قطاعات عريضة منهم أملاً، ليس فقط في تحجيم السلطة، وإنما في بعث المعارضة التي توجه إليها انتقادات بأنها أصبحت معارضة تيبست أطرافها، وشاخت قياداتها، ولم تعد قادرة على إيجاد المعادل القوي الذي يضغط على الحزب الحاكم من أجل ضبط سياساته. وكان ظهور هذه الوجوه على الساحة السياسية في تركيا بمثابة بعث للأمل من جديد، بعد أن شهد عام 2015 أول صعود لافت للأحزاب الكردية التي بقيت بعيدة عن التمثيل في البرلمان كأحزاب بسبب عدم قدرتها على مدى تاريخ البرلمان التركي من تجاوز الحد النسبي لدخول البرلمان (الحصول على 10 في المائة من أصوات الناخبين). وتمكن «حزب الشعوب الديمقراطي» بفضل قيادته الشابة، ورئيسه المشارك صلاح الدين دميرطاش، من أن يصنع ثورة وانقلاباً على الموروث المسلم به بشأن عجز الأحزاب الكردية عن تجاوز هذا الحد، ليحصل على أكثر من 13 في المائة من أصوات الناخبين، ويدخل في الترتيب الثالث بين الأحزاب الممثلة في البرلمان بعد حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم و«الشعب الجمهوري»، ومتفوقاً على حزب «الحركة القومية»، الذي جاء في المرتبة الرابعة في الانتخابات البرلمانية في 7 يونيو (حزيران) من عام 2015، ثم حافظ على المرتبة نفسها بفوزه بأكثر من 10 في المائة من الأصوات في الانتخابات المبكرة في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام، وذلك بعد أن قدم نفسه للشعب من خلال منافسة إردوغان على منصب رئاسة الجمهورية في أغسطس (آب) 2014، وحل في المرتبة الثالثة بعد إردوغان والمرشح التوافقي للمعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو. اختار الإعلام الموالي لإردوغان وحزب «العدالة والتنمية»، أن يطلق على دميرطاش لقباً ساخراً استهدف التقليل من شأنه وهو «الصبي الجميل»، لكنه أثبت أنه رقم صعب في المعادلة السياسية في تركيا. دميرطاش، المولود في 10 أبريل (نيسان) 1973 في إلازغ شرق تركيا، هو سياسي وحقوقي تركي من أصول كردية انتخب في البرلمان التركي لثلاث فترات متتالية. وكان رئيساً مشاركاً لحزب «السلام والديمقراطية»، ثم أصبح رئيساً مشاركاً لحزب «الشعوب الديمقراطي» مناصفة مع فيجان يوكسك داغ، وحقق مفاجأة كبرى بالحصول على نحو 80 مقعداً في البرلمان في انتخابات يونيو (حزيران) 2015. وتخرج دميرطاش في كلية الحقوق بجامعة أنقرة، وترأس فرع جمعية حقوق الإنسان بديار بكر، كما شغل عضوية فرع منظمة العفو الدولية بتركيا، واشتهر بدعوته المستمرة إلى «عصيان لغوي وثقافي» يرتكز على فرض اللغة والثقافة الكردية في المجالات المهنية والاقتصادية، كما حث الفنانين الأكراد على الغناء باللغة الكردية، وطالب المعلمين والأطباء باستخدام الكردية في مجالات عملهم، ودعا الطلبة إلى شن حملات لإجبار الحكومة على السماح بتدريس مناهج باللغة الكردية. وحسب ما قال دميرطاش، في مقابلات صحافية، فإنه سمع بوجود عرق اسمه «الأكراد» في مرحلة الدراسة الثانوية للمرة الأولى. وكان لاغتيال رئيس حزب «العمل الشعبي» الكردي وداد آيدن، في جريمة قيدت ضد مجهول عام 1991، فعل الشرارة التي أشعلت رغبته في الانخراط بالحركة السياسية الكردية، حيث عمل محامياً في قضايا حقوق الإنسان بمنطقة ديار بكر، قبل أن ينتقل إلى العمل السياسي في 2007، عندما انتخب نائباً مستقلاً عن ديار بكر (كبرى مدن جنوب شرقي تركيا ذات الأغلبية الكردية)، وانضم إلى «الحزب الديمقراطي الاجتماعي». التحق دميرطاش بحزب «السلام والديمقراطية»، الذي حل محل «الحزب الديمقراطي الاجتماعي»، الذي أغلق عام 2009 بقرار من المحكمة الدستورية التركية بدعوى ارتباطه بالإرهاب، وخلال المؤتمر الأول للحزب في فبراير (شباط) 2010 اختير رئيساً للحزب مع جولتان كيشناك، وفي العام نفسه، صدر حكم قضائي ضده بالسجن 10 أشهر بسبب خطاب ألقاه عام 2006، دعا فيه إلى «تثمين دور الزعيم الكردي عبد الله أوجلان في حل المسألة الكردية». واعتبر هذا الموقف دعاية لمنظمة إرهابية، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» (المحظور). لكن الحكم خُفف ليتحول إلى إطلاق سراحه وبقائه تحت المراقبة 5 سنوات. أعيد انتخابه عام 2011 في البرلمان بعدما ترشح ضمن لائحة مشتركة بين حزبه و18 هيئة سياسية، ومهد هذا التحالف لإنشاء «حزب الشعوب الديمقراطي»، برئاسة مشتركة بين دميرطاش والسياسية الكردية فيجان يوكسيك داغ عام 2014، وهي السنة نفسها التي ترشح فيها لانتخابات الرئاسة في مواجهة كل من رجب طيب إردوغان وأكمل الدين إحسان أوغلو، وحل ثالثاً بنسبة لم تتجاوز 9.8 في المائة من الأصوات. ثم كانت انتخابات البرلمان في يونيو 2015 منعطفاً تاريخياً لحزبه وللحركة السياسية الكردية في تركيا. واصل دميرطاش معارضته القوية لإردوغان في الفترة التي بدأ فيها الأخير الكشف عن خطته لتحويل النظام في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي، الذي يكفل له صلاحيات مطلقة، ويلغي عمل الحكومة، ويعيده إلى رئاسة حزب «العدالة والتنمية» مرة أخرى، وشكلت عبارة «إردوغان... لن نجعلك رئيساً تنفيذياً»، التي رفعها في كل خطاباته قبل التوجه إلى الانتخابات المبكرة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، الوسم الأول على شبكات التواصل الاجتماعي في تركيا. وأصبح هذا الشعار نقطة تحول جوهري في الرؤية السياسية للحزب، أنهى به دميرطاش جميع الأحاديث المتداولة في الإعلام التركي حول وجود اتفاق ضمني بين «العدالة والتنمية» و«الشعوب الديمقراطي»، قضى بترشح الأخير على قائمة حزبية تمهيداً لخسارته وحيازة «العدالة والتنمية» على أغلبية برلمانية كافية، تسمح بالتحول إلى نظام رئاسي مقابل إعطاء صلاحيات واسعة للولايات، بما قد يشكل التفافاً على المعارضة القومية العالية لفكرة الإدارة الذاتية التي يطالب بها «حزب العمال الكردستاني». لم يطل الأمر طويلاً، حتى ألقي القبض على دميرطاش وشريكته في رئاسة الحزب فيجان يوكسداغ في نوفمبر 2016 عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) من العام نفسه، بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، حيث يواجه السجن لمدة 143 عاماً في حال إدانته. لم ييأس دميرطاش، الذي بات يلقب بـ«أوباما تركيا»، بعد دخوله السجن، وترشح مجدداً للرئاسة التركية في انتخابات 24 يونيو المبكرة في مواجهة إردوغان، كما حافظ حزبه للمرة الثالثة على دخول البرلمان بأكثر من 10 في المائة من الأصوات، كما نجح في توجيه الناخبين الأكراد في الانتخابات المحلية الأخيرة من داخل محبسه لدعم «تحالف الأمة» المعارض، المؤلف من حزبي «الشعب الجمهوري» و«الجيد»، في المدن الكبرى ما تسبب في خسارة كبيرة لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم بقيادة إردوغان في المدن الكبرى إسطنبول وأنقرة وإزمير وغيرها. الانتخابات المحلية نفسها أظهرت وجهاً سياسياً شاباً جديداً هو مرشح المعارضة لرئاسة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي تمكن من الإطاحة بمرشح «العدالة والتنمية» رئيس الوزراء والبرلمان السابق بن علي يلدريم، على الرغم من عدم وجود الدعم الإعلامي له، إلا أنه نجح على خطى دميرطاش في الوصول إلى قطاعات عريضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. جدد فوز إمام أوغلو، المولود عام 1971، برئاسة بلدية إسطنبول، الشعور بأن تركيا في طريقها للحصول على الدم الجديد الذي تنتظره، بالاستناد إلى القاعدة التي أرساها إردوغان عبر مقولته المحفورة في الأذهان أن من يفوز ببلدية إسطنبول يفوز بتركيا. ويتوقع الكثير من المراقبين أنه في حال نجاح أكرم أوغلو في التخلص من اعتراضات الحزب الحاكم على فوزه في الانتخابات، وفي المضي في رئاسة البلدية بأداء يؤكد للمواطنين قدرته على القيادة، فإنه ليس من المستبعد أن يصعد إلى رئاسة «حزب الشعوب الجمهوري»، وأن يترشح أيضاً في انتخابات الرئاسة بعد أقل من 5 سنوات، لتتبلور محاولة جديدة من جيل السياسيين الشباب في تركيا لتحدي وهز سلطة إردوغان، الذي كان قد ظهر ورفاقه في حزب «العدالة والتنمية» كمجموعة من الشباب الذين نجحوا في الوصول إلى الحكم، وسط ظروف ربما تكون أصعب من الظروف الراهنة في تركيا.

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,076,246

عدد الزوار: 6,751,627

المتواجدون الآن: 116