اليمين الشعبوي يريد استعادة «أمجاد» أوروبا ... وكل المؤشرات لمصلحته..مركل تتهيأ

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 آذار 2017 - 7:40 ص    عدد الزيارات 1125    التعليقات 0

        

 

اليمين الشعبوي يريد استعادة «أمجاد» أوروبا ... وكل المؤشرات لمصلحته
الحياة..غوتبورغ - رؤوف بكر ... تواجه القارة الأوروبية تغيرات عدة على أكثر من صعيد أملتها موجات اللاجئين الذين تدفقوا عليها منذ ثلاثة أعوام، فضلاً عن الأزمة المالية التي تعصف بدولها وتراجع سطوة الأحزاب التقليدية. ويحمل العامان الحالي والمقبل بوادر تجسيد تلك التغيرات من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستقام في هولندا وفرنسا وألمانيا والسويد، وسط تقدمٍ ملحوظ لأحزاب اليمين المتشدد. أول المؤشرات سيكون في انتخابات البرلمان الهولندي 15 آذار (مارس) الجاري. ويمثّل التيار الشعبوي هناك «حزب الحرية»، الذي يرأسه خيرت فيلدرز، وله 12 مقعداً في مجلس النواب من 150 (بلغت حصته 15 في الأساس لكن طُرد نائب وغادره آخران). ولا يتجاوز عمر الحزب 11 عاماً. وفي أولى الانتخابات التي خاضها نال تسعة مقاعد ما لبثت أن ارتفعت إلى 24 في 2010 قبل أن تنخفض في انتخابات مبكرة وصفها مناصروه بأنها كانت لعبة سياسية لضرب شعبيته المتنامية حيث كان يشارك في الحكومة من دون حقائب وزارية باعتباره ثالث قوة برلمانية حينها بعد حزبي «الشعب من أجل الحرية والديموقراطية» (يمين وسط) و «العمل». وأخيراً، اعتلى المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي بنسبة تأييد 29 في المئة في مقابل 25 في المئة لـ «الشعب من أجل الحرية والديموقراطية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء مارك روت. وفيلدرز، البالغ من العمر 53 سنة وهو سن صغير نسبياً سياسياً، يطالب بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي وذِكر الخلفية العرقية في بطاقة الهوية، وسبق ووصف المهاجرين المغاربة في تجمعٍ انتخابي أخيراً بـ «الحثالة». وإلى الشرق، حقق حزب «البديل من أجل ألمانيا» تقدماً كبيراً في انتخابات الولايات قبل شهور ونال 25 في المئة من الأصوات وحل ثانياً في دائرة المستشارة أنغيلا مركل ومسقط رأسها: ماكلنبورغ فوربرومن. ويجذب الحزب، الذي تأسس قبل أربعة أعوام كحركة احتجاجية على اليورو، ناخبين من الحزب المسيحي الديموقراطي الحاكم، وتتزعمه امرأة تتحدر من شرق ألمانيا تدعى فروكه بيتري (41 سنة). وازدادت شعبيته بعد أحداث التحرش الجنسي ليلة رأس سنة 2015 في كولن، ويطالب مؤيدوه بحظر بناء المساجد ومنح حرس الحدود صلاحيات إطلاق النار على المهاجرين غير الشرعيين وهم مناوئون لـ «المؤسسة». وحصد الحزب 11 في المئة في استبيان قبل أسابيع، ما يعني أنه يأتي بعد الحزبين اللذين تسيدا المشهد السياسي لعقود وهما «الاشتراكي الديموقراطي» و «المسيحي الديموقراطي»، الذي تراجع إلى المرتبة الثانية بسبب انسحاب ناخبين كثر منه إلى «البديل من أجل ألمانيا»، الأمر الذي استفاد منه اليسار مرحلياً. ويرجح مراقبون أن يحقق اختراقاتٍ نوعية في أقاليم محورية اقتصادياً ويقتحم الـ «بوندستاغ» في انتخابات 24 أيلول (سبتمبر) المقبل. وشرقاً أيضاً، يطل حزب «العدالة والقانون» البولندي الذي تأسس في 2001 وله 235 نائباً في البرلمان من إجمالي 460 وحصد 37.6 في المئة من الأصوات في انتخابات 2015 بعدما كان له 157 و146 مقعداً في استحقاقي 2011 و2007 في خطٍ تصاعديٍ واضحٍ. ورئيسة الوزراء بياتا سيدلو، 53 سنة، هي نائب زعيم الحزب الذي دعم بنجاح وصول الرئيس أندريه دودا إلى منصبه. وابتلع «العدالة والقانون» حصة حزب يمين الوسط «المنصة المدنية» الذي يحتفظ بـ138 نائباً حالياً، بانخفاض 69 مقعداً عما كان له قبل أربعة أعوام. وعلى رغم أن عدد المسلمين في بولندا لا يتجاوز 30 ألفاً، وهي ليست وجهة مفضلة للاجئين ولم تكن جزءاً من «طريق البلقان» أثناء هجرتهم الكبرى في 2015، إلا أن خلطة معقّدة من التخوف من خطر الخارج (روسيا الأرثوذكسية والمهاجرين المسلمين) تجعل البولنديين يضعون «الآخرين» في سلة واحدة وتدفعهم إلى أحضان اليمين الشعبوي. وفي النمسا، يحضر «حزب الحرية» في البرلمان بمقاعده الـ40 من إجمالي 183. وحصل مرشحه إلى منصب الرئاسة نوربرت هوفر على 46 في المئة من الأصوات في انتخابات كانون الأول (ديسمبر) الماضي. في المقابل، فشل مرشح حزب الشعب (يميني محافظ) أندرياس كول في تجاوز الدورة الأولى ونال 11 في المئة فقط، ما يكشف حجم الانزياح الكبير من اليمين التقليدي إلى الشعبوي. ويرفع الحزب شعارات: النمسا أولاً، وأولوية التوظيف للنمسويين، وتفضيل قيم العائلة على نزعة «الجنون الجندري»، على غرار ما ينادي به الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بلاده. ولكن، قد لا تتكرر تجربة ترامب في فرنسا. فالتقاليد السياسية فيها تختلف بشدة عنها في الولايات المتحدة. فبينما يُتهم مرشح حزب الخضر الأميركي رالف نادر بالتسبب بخسارة آل غور لرفضه الانسحاب من سباق 2000 لمصلحته ضد جورج بوش الابن، فإن اليسار الفرنسي اصطف برمته إلى جانب جاك شيراك في 2002 ضد مرشح أقصى اليمين جان ماري لوبن الذي أزاح في الدورة الأولى مرشح الحزب الاشتراكي ليونيل جوسبان. ومن المتوقع أن يُستنسخ السيناريو نفسه في انتخابات الرئاسة 23 نيسان (أبريل) المقبل، حيث تتصدر زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن قائمة المرشحين في الدورة الأولى للانتخابات بـ25 في المئة بفارق ست نقاط عن اليساري إيمانويل ماكرون الثاني وتسع عن مرشح اليمين التقليدي (الجمهوريون) فرانسوا فيون. ولكن في الدورة الثانية، سيتفوق ماكرون بـ62 في المئة مقابل 38 في المئة للوبن. وساهمت الفضائح المالية والأخلاقية التي ضربت «الجمهوريون» (فيون وساركوزي مثالاً) في إحباط شريحة معتبرة من مؤيديي الحزب وانصرافهم إلى لوبن التي تدعو إلى فرنسا «الأصيلة» على رغم أنها تتعرض بدورها إلى ملاحقات قانونية. في سويسرا المجاورة، أوصل الناخبون في البلد الجبلي الذي يحظر بناء المآذن منذ سبعة أعوام 65 نائباً عن حزب «الشعب» إلى البرلمان من إجمالي 200 في الانتخابات التي أجريت قبل عامين ليصبح القوة الأولى ويشكّل الحكومة. وبذلك، زادت غلته 11 نائباً عن انتخابات 2011، بينما لم يحصل الحزبان اليمينيان الرئيسيان «الليبراليون» و «المسيحي الديموقراطي» مجتمعيْن سوى على 60 مقعداً (33 و27 على التوالي). كما دخل حزب يميني انعزالي يدعى «رابطة تشينو» على خط البرلمان وبات لديه مقعدان. أما في السويد، التي تحملت عبئاً كبيراً لجهة استقبال اللاجئين، فتبدو الآثار واضحة في شكلٍ أكبر. وبنظرة سريعة إلى أداء حزب «ديموقراطيو السويد» يتضح الصعود الصاروخي لشعبيته بالتزامن مع تدفق المهاجرين. ففي استحقاق 2006، لم يحظ بدعم سوى 2.9 في المئة من الناخبين وفشل في دخول الـ «ريكسداغ». وبعد أربعة أعوام، نال 5.7 في المئة بما يعادل 20 مقعداً. وفي 2014، بات القوة الثالثة في البرلمان المؤلف من 349 مقعداً بـ49 نائباً بعدما نال 13 في المئة من الأصوات. أما اليوم، فتشير الاستبيانات إلى تأييد قرابة 21.5 في المئة من السويديين له ما يجعله الثاني من ناحية الشعبية مزيحاً حزب «المحافظون» للمرة الأولى، والذي لم يظفر بأكثر من 19.8 في المئة في الاستطلاعات إياها. ويغري «ديموقراطيو السويد» بقوة ناخبي أحزاب اليمين التقليدي. وهذا ما دل عليه مسح كشف بأن غالبية ساحقة (82 في المئة) من ناخبي «المحافظون» يؤيدون التعاون مع الحزب الذي يتم التعامل مع نوابه حالياً داخل البرلمان كالمنبوذين. وتشي هذه الأرقام بما يسمى «المؤيدون المتخفّون» لـ «ديموقراطيو السويد» وسط الحاضنة الانتخابية للأحزاب اليمينية الرئيسية. وإلى الجنوب، يكشّر حزب الشعب الدنماركي، المحرّض الرئيسي لإقرار قانون مصادرة ممتلكات اللاجئين وبيعها لدفع تكاليف إيوائهم، عن أنيابه بوجود 37 نائباً من 179، حيث يدعم الحكومة من غير المشاركة فيها وبإمكانه إسقاطها متى شاء. و «الشعب» ثاني أكبر الأحزاب في الـ «فولكتينغ» وراء الحزب الاشتراكي الديموقراطي (47 نائباً). وفي انتخابات 2011، كان للحزب الليبرالي (يمين وسط) 47 نائباً مقابل 22 لـ «الشعب»، وسرعان ما انقلبت الحصيلة في استحقاق 2015 ليخسر الأول 7 في المئة من الأصوات ويكسب الثاني 9 في المئة، حيث تدل كل التحليلات على أنها ذهبت إلى أقصى اليمين نحو «الشعب». ولا تختلف الصورة كثيراً في هنغاريا التي يتمثل اليمين الشعبوي فيها بحزب «يوبيك» (الحركة من أجل مجر أفضل) وله 23 مقعداً في البرلمان من 199. وحقق الحزب تقدماً لافتاً خلال العقد الماضي. ففي انتخابات 2006، نال تحالف يضمه 1.7 في المئة من ثقة الناخبين، أي نحو 93 ألف صوت ليس إلا. ويحتل حالياً المركز الثالث بعدما حصل في انتخابات 2014 على نحو 20 في المئة أي أكثر بقليل من مليون صوت. ويستعد زعيم الحزب غابور فونا، 38 سنة، إلى انتخابات ربيع 2018 عبر تطهيره من العناصر الأكثر تطرفاً لكي يجتذب قاعدة انتخابية أوسع مع الإبقاء على الخطوط العريضة لسياساته التي تنادي بالحمائية الاقتصادية وتُنفّر من الاتحاد الأوروبي واللاجئين. ويتحضر «يوبيك» لمنافسة حزب رئيس الوزراء فيكتور أوربان «فيدس» (الاتحاد المدني المجري) الذي انخفضت شعبيته في انتخابات 2014 عنها قبل أربعة أعوام بمقدار 7 في المئة لكنه بقي المسيطر بـ114 نائباً. ويكمن سر محافظة «فيدس» على المركز الأول في كونه يحمل بنفسه بذوراً يمينية شعبوية تحصّنه من «سرقة» «يوبيك» لناخبيه على نطاقٍ واسعٍ. والملاحظ أن ما يجمع هذه الحركات عقيدة أقرب إلى القومية الانعزالية الساعية إلى إعادة الأمجاد التي خبت، برأيهم، بسبب قيام الاتحاد الأوروبي واستقبال المهاجرين بكثافة وما نتج من ذلك، بحسبهم أيضاً، من أزماتٍ مالية واجتماعية. وتتزعم أحزاب اليمين الشعبوي قيادات شابة حيوية ومفوهة تطلق تصريحاتٍ صادمة بلغة بسيطة ومباشرة أقرب إلى لغة الشارع، وهو ما يجعل خطابها يبدو ملتصقاً نوعاً ما بهموم الناس البسطاء ومشاكلهم.
 مركل تتهيأ لترحيل آلاف اللاجئين غير الشرعيين ومنع «مجتمعات موازية» في ألمانيا
الحياة...محمد خلف 
تجد المستشارة الألمانية أنغيلا مركل نفسها مضطرة للتخلي عن سياسة الأبواب المفتوحة أمام اللاجئين والمهاجرين التي فتحت عليها أبواب جهنم السياسية حتى داخل ائتلافها الحاكم، وزعزعت من شعبيتها الفائقة، وأطلقت سعير التيارات الشعبوية والقومية المتشددة ضدها، بعد تكاثر الجرائم الإرهابية منذ اعتداءات رأس السنة في كولن التي كان قال عنها أحد وجوه حزبها (الاتحاد المسيحي الديموقراطي ) البارزين فولكر بوفيه: «كولن غيرت كل شيء، الناس يشككون». كشف استطلاع للرأي «أن غالبية الألمان باتت أكثر خوفاً من اللاجئين». ويتضح من الاستطلاع الذي أجرته قناة (ZDF) الألمانية» أن 7 من كل 10 أشخاص أعربوا عن خشيتهم من أن يؤدي قبول اللاجئين إلى مزيد من الجرائم، وقال 42 في المئة «إن الثقافة الألمانية في خطر». ويتضح من نتائج استطلاع آخر أجرته مجموعة (Deutschland trend) وشمل ألف شخص «أن 51 في المئة من الألمان البالغين لا يصدقون تصريحات مركل المتكررة عن قدرة ألمانيا على استيعاب اللاجئين، مقابل 48 في المئة في العام الماضي، وقال 48 في المئة أنهم أصبحوا يخافون من اللاجئين». وأفاد استطلاع ثالث أجراه معهد (يوغوف) لقياس مؤشرات الرأي بأن «أكثر من نصف الألمان يشعرون بأنهم «مهددون» أو «مهددون جداً» بسبب الإرهاب و الجريمة المنظمة». وأشار إلى «أن هذه المخاوف تضاعفت خلال سنة واحدة في أعقاب عمليات ارهابية تعرضت لها ألمانيا عام 2016». وأظهر استطلاع أجراه معهد (أمنيد) أن «58 في المئة من النساء يشعرن بأن الأماكن والساحات العامة ليست آمنة». قبل أشهر معدودة من الانتخابات التشريعية في أيلول (سبتمبر) المقبل، أخذت مركل تبدي مزيداً من الحزم والتشدد حيال اللاجئين غير الشرعيين حيث صادقت حكومتها في 22 شباط (فبراير) على قانون لا يختلف في مضمونه عن إجراءات الرئيس الأميركي ترامب لترحيل اللاجئين غير الشرعيين، ينص على تسريع وتسهيل طرد اللاجئين الذين ترفض طلباتهم، كما يفرض عقوبات أشد على طالبي اللجوء الذين يكذبون في شأن هوياتهم أو يخالفون القانون، ويقضي أيضاً بوضع سوار إلكتروني في معصم كل منهم لمراقبة تحركاتهم، وكذلك الاطلاع على المعلومات والمعطيات في الهاتف الجوال لطالب اللجوء في حال الشك في هويته. وقال وزير الداخلية توماس دي ميزيير: «إذا اتصل مهاجر هاتفياً 90 مرة بالسودان ويزعم أنه إريتري، يكون من الواضح أنه سوداني». وأضاف: «من يرفض طلبه للجوء يجب أن يغادر بلادنا». وتحقق الشرطة مع 60 مرشحاً لنيل صفة اللاجئ للاشتباه بعلاقتهم مع «داعش»، وكشفت عن 300 محاولة قام بها هذا التنظيم لتجنيد لاجئين، وتلقت 400 بلاغ من لاجئين بوجود متطرفين في معسكرات ومراكز اللجوء بمدن مختلفة. وذكرت صحيفة «برلينر تسايتونغ» أن 1600 عائلة من اللاجئين اتصلت بدائرة الهجرة واللجوء تطلب النصح لمنع أبنائها من التطرف. وقالت: «إن مراكز اجتماعية مختصّة تتعامل الآن مع 1600 قضية تخص شباب تطرفوا بتأثير مباشر من الدعاية الإرهابية على الإنترنت».
ثقافة وداع بدلاً من ثقافة الترحاب
وكانت الحكومة الألمانية توصلت مع حكومات الولايات إلى اتفاق لتسريع وتيرة ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم». وقالت مركل: «إن خطة الترحيل تستند إلى دراسة مشتركة مع مركز (ماكينزي) للاستشارات»، وأوضحت «أن الهدف هو الحفاظ على روح الرغبة في المساعدة التي نريد أن نقدمها لمن يحتاجون إلى الحماية تحديداً». السلطات أنهت ترحيل 80 ألفاً ممن رفضت طلباتهم عام 2016. وقال وزير المهمات الخاصة لدى المستشارة ومنسق ملف اللاجئين بيتر ألتماير: «إن ألمانيا تعتزم رفع هذا العدد خلال العام الحالي حيث من المرتقب ترحيل أكثر من 500 ألف لاجئ لا تتوافر لديهم الشروط المطلوبة خلال الفترات المقبلة». وكشف ألتماير في حديث مع صحيفة «بيلد إم زونتاغ» أن نصف طلبات اللجوء التي تم تقديمها العام الماضي وعددها الإجمالي 700 ألف، قد رُفض. وقال خبير الشؤون الأمنية في الحزب الحاكم أرمين شوستر في تصريح لصحيفة «شتوتغاردر تسايتونغ» الألمانية: «إننا في حاجة إلى ثقافة وداع»، قاصداً بذلك «ثقافة الترحاب» التي طالبت بها المستشارة، موجهاً الانتقادات اللاذعة للتباطؤ في ترحيل أكثر من 200 ألف لاجئ رفضت طلباتهم، لكنهم لا يزالون في البلاد. وقال الناطق باسم الحزب الاشتراكي الديموقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم بوركهارد ليشكه: «يتعين على كل من رفضت طلباتهم الخروج من ألمانيا». وتخطط الحكومة لإقامة مراكز لتجميع اللاجئين والمهاجرين الذين تتعين عليهم مغادرة البلاد تطلق عليها تسمية (مراكز دعم العودة) بهدف إحباط أي محاولة للفرار من مراكز اللجوء والاختفاء أو القيام بعمليات انتقامية ضد الدولة. ووفق بيانات الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين، يبلغ عدد الأشخاص الذين تتحتم عليهم مغادرة ألمانيا أكثر من 210 آلاف بنهاية عام 2016.
تطرف المهاجرين والخوف من الإرهاب
ما يثير الانتباه والاهتمام هو أن العامل المشترك بين جميع نتائج استطلاعات الرأي هو أن خوف الألمان من اللاجئين لا يرتبط بالتكلفة المالية التي يتحملها دافعو الضرائب أو من الانعكاسات الاقتصادية عليهم والمتأتية من إنفاق البلايين من اليورو (نحو 38 بليون يورو) على توفير مستلزمات الحياة الأساسية لهم ومشاريع دمجهم في المجتمع وسوق العمل، إذ قال 70 في المئة من الألمان أنهم يشعرون بالأمان من ناحية الوضع الاقتصادي، وتنحصر مخاوفهم في الإرهاب وتهديد الثقافة الألمانية. لهذا، فإن السلطات السياسية والأمنية تركز جهودها لوضع استراتيجيات فعالة لحماية الأمن باتخاذ إجراءات وقائية ضد الإرهاب، وتحت شعار «أوروبا بلا حدود؟ الحرية و التنقل والأمن»، عقد في برلين في 21 و22 شباط أكبر مؤتمر من نوعه في أوروبا حول موضوع «الأمن الداخلي» الذي كان ما سمي «الإرهاب الإسلامي» أحد ابرز محاوره، إضافة إلى الوسائل والأدوات المطلوبة التي ينبغي على ألمانيا وأوروبا انتهاجها لوقف سيل اللاجئين، ووقف تنامي النزعات القومية المتشددة والشعبوية والإسلاموفوبيا. وقال دي ميزيير: «لقد تعلمنا أن الدول ذات القومية الواحدة لا تجلب وحدها مزيداً من الأمن». ورد في تقويم أعدته وكالة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا عن مؤشرات التطرف واتجاهاته في أوساط الجاليات العربية والمسلمة خلال السنوات الأخيرة، أن عدد الإسلاميين المتشددين (السلفيين) ارتفع إلى أكثر من 43 ألف شخص. وعزا خبراء الأمن ومكافحة الإرهاب هذه الظاهرة إلى النزاع المسلح في سورية، وظهور تنظيم «داعش». ووفق بيانات الوكالة، ارتفع عدد الراديكاليين الإسلاميين بحوالى 8 آلاف و650 شخصاً عن عام 2010، حيث كان عددهم 37 ألفاً و270 شخصاً، بينما كان عددهم 32 ألفاً و150 شخصاً عام 2006. وقال دي ميزيير أن عدد من يمكن أن نسميهم «نصف إرهابيين»، ارتفع الآن إلى 11 ألف شخص بعد أن كان 1300 فقط عام 2015. أما عدد الإرهابيين المحتملين فيبلغ وفق ما قاله 548 شخصاً ،80 منهم الآن في السجون، فيما البقية تتنقل في شكل حر في أقاليم الفيديرالية. وقدرت دائرة حماية الدستور عدد الإسلاميين المتشددين تحت سن 18 سنة، بحوالى2700. يفيد تقرير أمني نشر بعض تفاصليه موقع «دويتشة فيله» الألماني بـ «أن عدد حاملي الجنسية الألمانية الذين انضموا إلى صفوف «داعش» و «جبهة النصرة» في سورية، يصل إلى أكثر من 800، ثلثهم تقريباً عاد إلى البلاد وافق 20 في المئة منهم فقط على التعاون مع أجهزة الأمن، فيما يحافظ الآخرون منهم على ولائهم للتنظيم الإرهابي. ويلاحظ التقرير أنه على رغم موجات اللجوء الكبيرة عام 2015، يبقى الأتراك يمثلون المجموعة الأكبر وسط حاملي الأفكار الدينية المتطرفة، ومثل هذه الظاهرة وفق التقرير يمكن رصدها وسط الجاليات العربية، ويتوزع المتطرفون الإسلاميون العرب وفق تصنيف وكالة حماية الدستور على الشكل الآتي: المغاربة 10 في المئة، العراقيون 8 في المئة، اللبنانيون 8 في المئة، الجزائريون 7 في المئة، الروس وجمهوريات آسيا الوسطى 6 في المئة، المصريون 5 في المئة، التونسيون 5 في المئة. أما الألمان المتشددون المتحولون إلى الإسلام، فيشكلون نسبة كبيرة تصل إلى 17 في المئة. وبرأي الخبير في الشؤون العربية والإسلامية فلاديمير جوكوف، فإن «ما يثير الاهتمام هو أن 90 في المئة من الإسلاميين المتطرفين هم من الأقاليم الغربية في ألمانيا مثل بافاريا وويستفاليا وبادن بيتوتنبرغ، ويقطن 70 في المئة منهم في مدن يصل عدد سكانها إلى 100 ألف نسمة، يمثل الألمان بينهم 30 في المئة فقط»، لافتاً إلى «أن عدد الإسلاميين المتطرفين في الأقاليم الشرقية (ألمانيا الشرقية سابقاً) قليل جداً على خلاف الأقاليم الغربية، وذلك بسبب انتشار الإسلاموفوبيا في شكل أقوى وأكبر».
الخطباء و الأئمة وجاذبية الكاريزما
«تمتع الخطيب أو الإمام، بشخصية كاريزمية، كفيل بأن يمنحه القدرة على اجتذاب الشباب والتأثير فيهم للالتحاق بداعش»، بهذه الكلمات وصف «الجهادي» الموقوف في ألمانيا أيوب.ب (27 عاماً)، دور الإمام في جذب شباب إلى «داعش»، خلال اعترافاته أمام محكمة مدينة سيلة شمال ألمانيا. أيوب شاب ألماني من أصول تونسية، صار محور اهتمام وسائل الإعلام بعد ما انتسب إلى «داعش» في أيار (مايو) 2014، وعاد إلى ألمانيا، بعدما شارك في القتال مع التنظيم وفق الاتهامات التي وجهها إليه المدعي العام الاتحادي. تتزايد أصوات السياسيين من مختلف التوجهات بتشديد الرقابة على المساجد ومنعها من جلب الدعاة والأئمة من البلدان الإسلامية والعربية. ولا تخفي الهيئات الألمانية المعنية واقع تحول المزيد من مساجد ألمانيا البالغ عددها 3600 مسجد مع عشرات غيرها من غير المرخصة إلى مراكز لنشر التطرف وأفكار العنف ضد الأديان الأخرى. ووفق تقرير لوكالة حماية الدستور، فإن «تجنيد الشباب المسلمين يستند إلى استراتيجية استقطاب بوسائل خطب تحفيزية ولقاءات دورية منتظمة في المساجد». ووفقاً للبيانات الرسمية، فإن 48 في المئة من الجهاديين الألمان تم تجنيدهم في المساجد للتطوع للقتال في سورية والعراق في صفوف داعش والتنظيمات الأخرى». وأغلقت السلطات مسجد النور في العاصمة برلين، وقبل إغلاقها مسجد (فصلت 33) في حي «موابيت» البرليني في نهاية الشهر الماضي الذي كان يتردد عليه الإرهابي أنسي العامري، سارع ممولوه إلى إغلاقه ووضع إعلان على بابه بأنه لن يستقبل المصلين بعد الآن. وتتجه السلطات الألمانية إلى اتخاذ قرارات صارمة في ما يخص إقامة مجتمعات موازية لا تحتكم إلى القوانين والمبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وتفرض اتباع أسلوب حياة وأنماط سلوك اجتماعية تتعارض مع القيم الأوروبية. وتحدثت وسائل الإعلام الألمانية عن قيام ما يسمى (شرطة الشريعة) التي أطلقها عدد من الإسلاميين المتطرفين في شوارع مدينة فوبرتال لتقوم بدوريات حراسة لمراقبة السلوكات وإرغام مرتادي النوادي من الألمان على عدم تناول الكحول أو الاستماع إلى الموسيقى. وهذه المجموعة التي أثارت برامج حوارية في محطات التلفزة الألمانية ظهرت لأول مرة في شريط فيديو انتشر على الإنترنت. وقال وزير العدل هيكو ماس: «لن نتساهل مع أي ممارسات غير قانونية موازية للنظام الألماني»، فيما قال وزير الداخلية دي ميزيير: «أحكام الشريعة غير مسموح بها على الأراضي الألمانية». وخلصت دراسة أعدتها وزارة الأسرة الألمانية ونشرت تفاصيلها في شباط إلى «أن ظاهرة ختان الإناث تنتشر في أوساط الجاليات الإسلامية في ألمانيا رغم أن القانون الألماني يجرم هذا الفعل». وأشارت إلى أن «عدد النساء والفتيات المختونات ارتفع بنسبة 30 في المئة في الفترة بين أواخر 2014 – 2016 بسبب وجود مهاجرين يتحدرون من دول يمارس فيها الختان». تتضمن الدراسة معلومات مؤكدة تفيد بوجود 47 ألف و300 فتاة مختونة في أوساط الجاليات العربية والأفريقية المسلمة. وقال وكيل وزارة الأسرة رالف كلاينيديك: «إن ختان الإناث يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان ويسبب آلاماً جسدية ومعاناة نفسية خطيرة العواقب»، ما دفع السلطات المعنية إلى استصدار قرارات بمنع المهاجرين من القيام برحلات إلى بلدانهم لإجراء عمليات ختان لبناتهم وسحب جوازات السفر منهم في حال اكتشاف قيامهم بذلك عند عودتهم إلى ألمانيا.
 
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,199,966

عدد الزوار: 6,940,159

المتواجدون الآن: 126