القضاء الإسرائيلي يستكمل محاكمة أحداث فلسطينيين وإعفاء الجنود القتلة

تاريخ الإضافة الأحد 26 شباط 2017 - 6:53 ص    عدد الزيارات 1071    التعليقات 0

        

 

 
القضاء الإسرائيلي يستكمل محاكمة أحداث فلسطينيين وإعفاء الجنود القتلة
الحياة...القدس المحتلة - آمال شحادة
صبيّ فلسطيني ابن 13 عاماً لم يشكل خطراً على الإسرائيليين وينكر تهمة محاولته طعن إسرائيلي بالسكين، يحكم عليه بالسجن 12 عاماً، وفرض دفع غرامتين ماليتين مقدارهما على التوالي مئة وثمانون ألف شيقل (نحو 48 ألف دولار) لمجرد أن الجيش الإسرائيلي قرر أنه حاول طعن إسرائيلي وقتله. حكم جائر ومخالف كلَّ القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان وحقوق الطفل، وسط دعوة إلى فرض عقاب أقسى عليه.
- جندي إسرائيلي يميني ولد وكبر في بيت، قناعات أفراده تقول أن قتل الفلسطيني حق مشروع، يقتل شاباً فلسطينياً بعد إصابته بالرصاص وهو ملقى على الأرض ينزف دماً لا يحمل بيده أداة خطرة، بل إن جسده غير قادر على الحركة. الجندي يعترف بتنفيذ عملية القتل. والمحكمة تدينه بكلمات قاسية. لكنها تحكم عليه بالسجن لمدة سنة ونصف السنة، وسط مطالبة شعبية ورسمية بالعفو عنه حتى لا يقبع يوماً واحداً في السجن، والادعاء بأنه مظلوم. وهي مدة لا تساوي عُشر ما يحدده القانون للتهمة الموجهة إلى الجندي وهي عشرون عاماً.
نموذجان مأخوذان من المحاكم الإسرائيلية. أبعادهما خطيرة وبينها، أنها تجعل الضغط الإسرائيلي على الزناد لقتل الفلسطيني، سواء كان طفلاً أم شاباً أم امرأة أم مسناً، عملية سهلة ومشرعة. لا بل تحظى بدعم شعبي وتضامن شعبوي من القيادة السياسية. من منا لا يذكر المشاهد المبكية والمؤلمة للطفل الفلسطيني أحمد مناصرة وهو يجلس مرتعباً، بين أيدي المحققين الإسرائيليين ليحصلوا على اعتراف منه يؤكد ادعاءاتهم بأنه كان ينوي طعن إسرائيلي بالسكين. كان أحمد، الطفل الفلسطيني يبكي ويصرخ ويستعطف. صدى كلماته ما زال محفوراً في ذاكرة كل من شاهده وهو يصرخ «مش متأكد» و «مش متذكر». كما أن صوره وهو مقيد في سرير المستشفى الإسرائيلي معزولاً يتعرض لهز في جسده، ضاعفت قسوة الحدث، نتيجة إصابته الصعبة بعد دهسه والإصابات البالغة من جانب المارة الذين هاجموه خلال الحادثة وقتلوا ابن عمه وهو طفل أيضاً بتهمة طعنه إسرائيلياً بالسكين.
ومن منا لا يذكر عناق الجندي اليؤور أزاريا من أقطاب اليمين المتطرف، باروخ مارزل، عند موقع الحادث بعدما صوب بندقيته نحو الشاب الفلسطينيي عبدالفتاح شريف، الذي أصيب برصاص الجنود وكان ممداً على الأرض. فقد صوّب أزاريا الرصاص عليه وهو يصيح: يجب أن يموت.
لقد استفز الإسرائيليين حينذاك نشر الشريط الذي يوثق مشاهد تعذيب الطفل مناصرة في المستشفى وخلال التحقيق معه. واعتبروا بث الشريط تشجيعاً لما سمّوه الإرهاب الفلسطيني، وشارك في حملة التحريض هذه ديوان رئيس الحكومة ووزراء اليمين المتطرفون في حكومة بنيامين نتانياهو، علماً أن إسرائيل هي التي وقفت خلف تسريب هذه الصور، وهو عمل يشكل خرقاً للقوانين الدولية واتفاقية حقوق الطفل التي تنص مادتها الرقم 16 على أنه «لا يجوز أن يحصل أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة، أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته». وتنص أيضاً على أن «للطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس به».
لكن الصورة التي استخدمتها إسرائيل في حربها النفسية ضد الفلسطينيين بهدف تخويف الأمهات والأطفال، كشفت حقيقة ما يتعرض له الأطفال الفلسطينيون من تعذيب نفسي وجسدي خلال التحقيق وخلف قضبان السجون الإسرائيلية. فأحمد مناصرة ليس الطفل الفلسطيني الوحيد الذي يقبع في سجون الاحتلال ظلماً. وإن كان مناصرة قد وجد في موقع حادث طعن، فإن العشرات بل المئات من الأطفال يقضون أحكاماً إدارية والبعض لسنوات عدة، لمجرد أنهم حملوا حجراً. وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال في المحاكم العسكرية، حيث تتم محاكمة ما بين 500 و700 طفل فلسطيني سنوياً في هذه المحاكم وتقدر هيئة الأسرى والمعتقلين أنه منذ عام 2000، وحتى أيلول (سبتمبر) 2015 اعتقلت إسرائيل 8500 طفل فلسطيني، وحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، ووجهت إلى غالبيتهم تهم إلقاء الحجارة.
وخلافاً لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني، طبقت أوامر عسكرية عنصرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكرية، تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصاً الأمر العسكري 132، الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال في سن 12 عاماً وزجهم في ظروف احتجاز قاسية تفتقر إلى المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى. فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا تتوافر فيها تهوئة وإنارة مناسبتان، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، ونقص الملابس، وعدم توافر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، والانقطاع عن العالم الخارجي، والحرمان من زيارة الأهالي، وعدم توافر مرشدين ومختصّين نفسيين، والاحتجاز مع البالغين، والاحتجاز مع أطفال جنائيين إسرائيليين، والإساءة اللفظية والضرب والعزل والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض وحتى التحرش الجنسي.
قرار المحكمة
الطفل الفلسطيني يفرض عليه حكم جائر بقناعة القضاة الإسرائيليين أن «صغر سن الطفل لا يمنحه الحصانة من فرض العقوبة»، وفق ما كتب القاضي الذي أصدر الحكم بحق مناصرة. أما الجندي الإسرائيلي، فإن المشاعر الإنسانية كلها ترافق القرار وتبرر جريمة قتل والحكم المخفف. ووفق ما يبدو فإنه لن يقضي من هذه المدة الكثير حيث تنتظره الجهود الجبارة من طرف جهات عدة لضمان ألا يقبع في السجن.
لائحة الاتهام ضد الجندي أزاريا، اعتمدت على بنود تصل أحكامها حتى عشرين عاماً. أما الحيثيات التي رافقت أحمد مناصرة حتى صدور الحكم فكانت توحي بالإفراج عنه بكفالة أو في أقسى عقاب، وفق ما يفترض فرضه على أطفال وفتية، نقله إلى علاج تأهيلي لا يشمل الاعتقال كوضعه في مؤسسة مغلقة أو مؤسسة يومية إلى جانب تغريم أهله.
صحيح أن القضاة الإسرائيليين اختلفوا في قرارهم تجاه أزاريا. اثنان عرضا حكماً يتراوح ما بين 18 و24 شهراً وثالث أراد حكماً يصل أقصاه إلى ثمانين شهراً، إلا أنه وفي النهاية اتخذ القرار بالاقتراح الأقل والأخف، 18 شهراً. حتى أن القرار المدون في ملف أزاريا يظهر نظرة أحد القضاة إلى أن قرار الحكم قاس، لكنه كان يتوجب اتخاذه من أجل تعزيز مناعة قيم المجتمع والجيش».
طهارة السلاح
حتى في اليسار الإسرائيلي، هناك من خرج مدافعاً عن أزاريا. هم أيضاً اعتبروه ضحية. وقلما سمعنا من يدين توجه المحكمة. رئيسة حركة ميرتس، النائب زهافا غلؤون وجهت انتقاداتها فقط إلى الأصوات المطالبة بالعفو عن أزاريا، لكنها رأت أن «المحكمة تصرفت في شكل صحيح حين فرضت حكماً بالسجن على الجندي 18 شهراً، ودون ذلك تكون المحكمة تآمرت على سلم القيم وطهارة السلاح والأخلاق الحربية للجيش التي دنسها اليؤور»، قالت غلؤون. وأضافت أن «الدعوة إلى منحه العفو تمنح الشرعية وتسعى إلى تبييض أعمال يرفرف فوقها علم أسود». ورئيس المعارضة، النائب يتسحاق هرتسوغ هو الآخر وضع نفسه في موقع الدفاع عن أزاريا والمحكمة، فرأى في القرار خطوة «أظهرت الحساسية والتفهم إزاء اليؤور، ومن جهة أخرى طبقت، كما يجب، الحرص المطلق على مبدأ طهارة سلاح الجيش الإسرائيلي». وأردف هرتسوغ: «أزاريا ضحية لظروف سياسية غير محتملة، تتهرب منها الدولة منذ عشرات السنين».
انتصار اليمين
لا يختلف اثنان على أن اكتفاء القضاء بفرض سنة ونصف السنة سجناً على قاتل الفلسطيني هو انتصار لليمين الإسرائيلي الذي جعل من اعتقال أزاريا وتقديمه إلى المحكمة معركة وطنية استمرت نحو السنة، مُذ نفذ جريمته حتى صدور الحكم. وحالما صدر القرار، خرجت معركة أخرى، مدعومة من القيادات السياسية تطالب بمنح العفو لأزاريا. وهناك من يرى أن صدور القرار يظهر إقحام المحاكم الإسرائيلية في صفقات سياسية وأن ممارسة الضغوط عليها وتخويفها باتا يجديان نفعاً.
في قائمة عرضتها وسائل إعلام اسرائيلية، يتضح أن المحاكم العسكرية، كانت أصدرت قرارات أشد قسوة على جنود ارتكبوا مخالفات أخف بكثير من قتل الفلسطيني، ومنها:
- جندي أشعل النار في متحف سلاح الجو، ودين في إطار صفقة ادعاء، فرض عليه السجن الفعلي لمدة سنة ونصف السنة ودفع تعويض للجيش قيمته 5400 شيقل – الحد الأعلى للغرامة التي يمكن فرضها على متهم وفق قانون القضاء العسكري.
- جندي هرب من الخدمة النظامية طوال أكثر من ثلاث سنوات، دين بالهرب بهدف عدم العودة إلى الخدمة، وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 14 شهراً.
- جندي اقتحم مستودعات عسكرية وأخرج الكثير من قطع السلاح (عشرة صواريخ لاو، 34 قنبلة دخان، نحو 80 عبوة وآلاف العيارات) وتاجر بها، حكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 15 سنة، بينما حكم على شريكه بالسجن لمدة تسع سنوات.
- جندي نكل بفلسطينيين وصعقهم بالكهرباء بواسطة جهاز طبي، حكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر.
- جندي أطلق النار نتيجة خطأ على صديقته، دين بالقتل وفي إطار صفقة ادعاء، حكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 28 شهراً.
- جندي دين بتسليم معلومات سرية لناشط يميني، حكم عليه بالسجن لمدة 45 شهراً.
- جندي سرق صاروخي لاو و13 قنبلة دخان، دين في إطار صفقة ادعاء، وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. والجندي الذي دين بمساعدته حكم عليه بالسجن لمدة 39 شهراً.
- جندي هاجم جندياً آخر بواسطة كأس مكسورة، دين في إطار صفقة ادعاء وحكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر.
- جندي تعاطى مخدرات «كنابيس» و «نايس غاي»، خلال الحراسة في الموقع، دين في إطار صفقة ادعاء وحكم عليه بالسجن لمدة 11 شهراً.
- جندي هاجم جندياً آخر بواسطة سكين مطبخ وأصابه بجروح طفيفة، حكم عليه بالسجن لمدة 15 شهراً.
المحاكم المدنية أيضاً
في اليوم ذاته الذي صدر فيه القرار ضد أزاريا، احتفل اليمين بانتصار جديد في المحاكم بعدما تم انتخاب أربعة قضاة جدد للمحكمة العليا. هذا الانتخاب، تم وسط تدخل فظ من الحكومة، فاعتبر انقلاباً في تركيبة المحكمة العليا، وخضوعاً لرغبة اليمين والوزراء المتطرفين في مقدمهم الوزيرة إييلت شكيد. فثلاثة من هؤلاء القضاة، الرون ومينتس وفيلنر، من المحافظين، بل يتماثل مينتس وفيلنر مع المتدينين القوميين. وأحدهم مستوطن، ويسكن في منطقة مسلوبة من الفلسطينيين بمنطقة بيت لحم، وهو ما يتناقض مع القانون الدولي.
وهذا دليل على أن المحاكم المدنية أيضاً باتت هدفاً لليمين، ويريدون تدجينها، لتصبح بمستوى «عدالة»! المحاكم العسكرية.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,053,351

عدد الزوار: 6,932,424

المتواجدون الآن: 80