مؤشرات إلى عودة الوصاية على الصحافة المصرية تتزامن مع أزمات الداخل

تاريخ الإضافة الجمعة 1 تموز 2016 - 7:59 ص    عدد الزيارات 1290    التعليقات 0

        

 

مؤشرات إلى عودة الوصاية على الصحافة المصرية تتزامن مع أزمات الداخل
الحياة...كرم سعيد 
تبدو الصحافة المصرية في حال تراجع وربما في حال انهيار، كما يرى بعضهم، كشفتها أزمة نقابة الصحافيين مع وزارة الداخلية في أوائل آيار (مايو) الماضي لدى اقتحام الأخيرة مبنى النقابة للقبض على صحافيين يحتميان فيها.
ولم تكن أزمة نقابة الصحافيين سوى تعبير عن أوجه الأزمة المتعددة التي تواجهها الصحافة في مصر، فثمة اتجاه لعودة وصاية السلطة على الهياكل الصحافية، وبخاصة القومية، وكان بارزاً، تمرير لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب في منتصف حزيران (يونيو) الماضي اقتراح مشروع قانون قدمه النائب المحسوب على السلطة مصطفى بكري لتعديل بعض أحكام القانون الرقم 96 لعام 1996 في شأن تنظيم الصحافة.
وتضمن الطلب تعديل المادة الرقم 68 من قانون تنظيم الصحافة لتصبح «يصدر رئيس الجمهورية قراراً بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة إلى حين صدور قانون الصحافة والإعلام، وتنتقل إلى المجلس المهمات التي كان يمارسها مجلس الشورى تجاه المؤسسات الصحافية».
غير أن هذا ليس كل شيء. هناك عوامل أخرى تؤثر في الصحافة المصرية. والمسألة المهنية هي أكثرها أهمية. فقد تراجع أداء الصحافة في عمومها، فالمؤسسات القومية تحولت إلى بيئة طاردة مع تصاعد أدلجة مادتها التحريرية ناهيك عن تعثرها الاقتصادي، واشتداد الحاجة إلى عملية إعادة هيكلة مالية وإدارية لتحريرها من القيود التي تكبلها، وهو الأمر الذي انعكس جلياً على مهنية وأداء محرريها.
في المقابل لا تختلف الصحافة الخاصة والحزبية كثيراً، فالأولى على رغم توافر موارد مالية لم تكن قادرة على أن تصبح تربة خصبة لشتل بذور الكفاءة، فالوفرة المالية لأصحابها أتاحت لهم تقليل أثر التدهور المهني جزئياً فضلاً عن أن قطاعاً معتبراً منها يعتمد على أقصى درجة من الإثارة بشقيها السياسي والاجتماعي في قالب غير مهني أحياناً.
أما الصحافة الحزبية فقد تعرضت للتآكل طوال السنوات التي خلت مع تصاعد حالة الجمود السياسي، وتراجع موقع الأحزاب في الشارع جنباً إلى جنب ضعف أو ندرة مواردها المالية.
وإذا كانت السلطة تتحمل جزءاً معتبراً من مسؤولية التدهور المهني باعتبارها صاحبة الوصاية على المؤسسات القومية التي تمثل القلب الصلب للصحافة في مصر، فالنقابة والمؤسسات الصحافية لا يمكن إعفائها من الأزمة، خصوصاً أنه لا معايير منضبطة تعتمدها النقابة في تحديد من يصلح، أو لا يصلح، للعمل الصحافي المهني، ولا في تقويم المشتغلين بهذه المهنة، فالبيروقراطية والعشوائية ما زالتا العنوان الأبرز الذي تنتهجه دور النشر الصحافية ومن خلفها نقابة الصحافيين في عملية التوظيف ومنح العضوية من دون الارتكاز إلى قواعد مهنية يمكن على أساسها تحديد صلاحية الصحافي مهنياً، والتي ترتبط أساساً بمستواه وموهبته وقدراته. وكان بارزاً، هنا، فتح الباب على مصراعيه في موسم الاوكازيون الانتخابي أمام قيد العشرات ممن كانوا يعملون في وظائف إدارية، ولا يدركون أبسط القواعد المهنية، ولعلها كارثة تشتد الحاجة معها الآن إلى مراجعة طريقة القيد في نقابة الصحافيين. انطلاقاً مما سبق فقدت الصحافة جزءاً كبيراً من قدراتها في الحفاظ على موقعها وموضعها في سوق القراء الآخذ في الضيق بطبيعته في ظل التوجه نحو الصحافة الإلكترونية، والفضائيات من جهة، وتفاقم الأزمة المالية التي تعصف بالكيانات الصحافية الخاصة لدرجة باتت تهدد بتوقف نشاطها في شكل جزئي أو كلي.
ثمة معضلة أخرى تتعلق بشخصنة الصحافة، فقطاع واسع من الصحافة الخاصة مثلاً يقرر مالكوها إلى حد كبير توجه الصحيفة والسياسة التحريرية التي تتبعها، ولذلك تحولت بعض المنابر الصحافية إلى أبواق تعبر عن مصالح ونفوذ أصحابها خصوصاً من رجال الأعمال الذين حازوا الثروة والسلطة زمن مبارك، وبلغت الظاهرة مبلغاً عشية ثورة 25 كانون الثاني (يناير)، وسرعان ما انتقلت من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية بجوار القنوات الفضائية.
البعد الثالث في أزمة الصحافة المصرية يتعلق بالجانب القانوني، فعلى رغم أن الدستور الحالي أقر عدداً من المواد والنصوص تؤكد حرية واستقلال الصحافة والإعلام في مصر وتمنع مصادرة أو وقف أية وسيلة إعلامية من دون حكم قضائي. وبخصوص المؤسسات الصحافية ووسائل الإعلام المملوكة للدولة، فإن المادة (72) من الوثيقة أكدت ضمان استقلاليتها وحيادها، ولتحقيق التوازن بين الملكية والاستقلالية فقد ألغى الدستور ضمناً وزارة الإعلام، وتبعية الصحافة للسلطة التنفيذية أو التشريعية. لكن كل هذه النصوص يظل حبراً على ورق، خصوصاً مع التسويف في إصدار قانون الصحافة الذي ما زال محل نظر مجلس الدولة، وهو الأمر الذي دفع بعض أعضاء البرلمان لاستغلال مشهد الفوضى التشريعية في مجال الصحافة لتمرير مشاريع قوانين تعيد وصاية السلطة على المشهد الصحافي.
وبينما راهنت السلطة في إمساكها بزمام المشهد الصحافي في مصر على خبرة الجماعة الصحافية السلبية في صراعها مع الدولة من أجل توفير قواعد قانونية تضمن استقلالها، حيث مررت السلطة في وقت سابق القانون 93 لسنة 1995 الذي تناسب آنذاك مع طموحات السلطة وإرادتها، وتجاهلت مشروع نقابة الصحافيين في حينه، فقد ساهم الصحافيون أنفسهم في تعميق أزمة مهنتهم، ودلل على ذلك انقسام الجماعية الصحافية عشية أزمة النقابة مع وزارة الداخلية في أيار (مايو) الماضي واستضافة مؤسسة «الأهرام» لمؤتمر «تصحيح المسار» لصحافيين مؤيدين للسلطة، والذي طالب بعقد جمعية عمومية طارئة وإقصاء مجلس النقابة الحالي.
لذلك فإن مشروع القانون الجديد الذي ينتظر تمريره من البرلمان، وقد يحظى بدعم من بعض أعضاء الجماعة الصحافية يعني في جوهره منح السلطة خصوصية، ويعيدها إلى ممارسات سالفة والتدخل في عمل المؤسسات الصحافية والنقابة. فمشروع القانون المقدم من بعض أعضاء مجلس النواب يمنح رئيس الدولة الذي أبدى امتعاضه كثيراً من أداء الإعلام، سلطة تعيين رؤساء تحرير ومجالس إدارات الكيانات القومية من دون الرجوع إلى المجلس الأعلى للصحافة، وهذه تعتبر أول وأقوى إشارة إلى عودة وصاية نظام الحكم على الصحافة حتى ولو كانت متدرجة. لكن في النهاية الأمر لا يتعلق فقط بعودة وصاية السلطة على الصحافة وإنما يؤشر إلى توجه بتراجع الديموقراطية والقانون.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,787,663

عدد الزوار: 6,914,979

المتواجدون الآن: 95