على عكس إسقاط المساعدات الجوية، يمكن لممرات المساعدات البحرية أن تساعد غزة فعلياً..

تاريخ الإضافة الخميس 4 نيسان 2024 - 8:00 م    عدد الزيارات 434    التعليقات 0

        

على عكس إسقاط المساعدات الجوية، يمكن لممرات المساعدات البحرية أن تساعد غزة فعلياً..

معهد واشنطن..بواسطة أندرو ج. كليمنسن..

عن المؤلفين: أندرو ج. كليمنسن هو زميل عسكري لعام 2023-2024 في "معهد واشنطن" وعقيد في القوات الجوية الأمريكية.

تحليل موجز: من الممكن أن يؤدي إنشاء ممرين بحريين إلى زيادة الطرق البرية ومساعدة غزة على العودة إلى مستويات المعونات التي كانت تصل إلى السكان قبل الحرب أو حتى تجاوزها - على الرغم من أن تحديات التوزيع الداخلي لا تزال بحاجة إلى حل.

في 18 آذار/مارس، دعت "منظمة الصحة العالمية" المجتمع الدولي إلى "استئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بكامله" من خلال توفير "إمدادات امستدامة من سلع المعونة الكافية"، بما في ذلك الأغذية والأدوية والوقود. كما أشارت إلى وجوب "إدخال" هذه المساعدات "ونقلها براً إلى جميع أنحاء قطاع غزة". وبينما يتم وضع طرق لتوسيع الإمدادات البرية، نفذت الولايات المتحدة وشركاؤها المختلفون - البحرين، وبريطانيا، ومصر، وفرنسا، والأردن، وعمان، وهولندا، وقطر، والإمارات العربية المتحدة - عمليات إسقاط جوية للمساعدات، وهم في صدد اتخاذ خطوات لإنشاء ممر بحري لتوفير المساعدات. ويصف النقاد عموماً طرق الإغاثة غير البرية بأنها غير فعالة أو غير كافية. ومع ذلك، يكشف الفحص الدقيق أن الممر البحري يتفوق إلى حد كبير على عمليات الإنزال الجوي ويمكن أن يكون له تأثير إنساني كبير.

المساعدات الإنسانية بالأرقام

من الصعب تحديد الاحتياجات من المساعدات خلال النزاعات، لكن المتحدث باسم "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين" ("الأونروا") قدّر مؤخراً أن غزة تحتاج إلى حمولة 500 شاحنة يومياً (والتي من المفترض أن تشمل جميع أنواع المساعدات)، مؤكداً أن هذه هي الكمية ذاتها التي كان يتلقاها القطاع قبل الحرب. وفي الشهر الماضي، قدّر "برنامج الأغذية العالمي" أن هناك حاجة إلى 300 شاحنة محملة فقط بالأغذية يومياً. وفي عام 2022، أحصى "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" ما مجموعه 106,449 شاحنة تنقل جميع أنواع البضائع إلى غزة، من بينها 25 بالمائة تحمل الغذاء. ويصل ذلك إلى حوالي 300 شاحنة يومياً، أو 73 شاحنة يومياً إذا أحصينا فقط توصيلات الأغذية.

في 25 آذار/مارس، ذكرت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وهي وكالة إسرائيلية، أن ما يزيد قليلاً عن 18500 شاحنة دخلت غزة منذ بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ونحو 70 في المائة منها تحمل أغذية. وأفادت "الأونروا" عن وجود حوالي 17400 شاحنة خلال الفترة ذاتها. ويتم تحديث أرقام الوكالتين يومياً وستختلف عن هذه الأرقام عند نشرها، لكن الاستنتاج العام هو ذاته - وتتفق "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" و"الأونروا" على أن حوالي 100 شاحنة يومياً كانت تنقل الغذاء والمياه وغيرها من المساعدات إلى غزة خلال الحرب.

عند تقييم الاحتياجات الإجمالية للمساعدات الصادرة عن مختلف الوكالات، لا بد من مراعاة الوقائع المتضاربة في زمن الحرب. فمن ناحية، من غير المنطقي التوقع بأن تظل شحنات المواد غير الأساسية التي قد تندرج ضمن خانة "المساعدات" (مثل مواد البناء والأجهزة الصناعية/الكهربائية) على حالها في منتصف الحرب. ومن ناحية أخرى، قد تحتاج غزة إلى المزيد من بعض المواد الحيوية في زمن الحرب، مثل الإمدادات الطبية والوقود والمياه. على سبيل المثال، اعتمد 97 في المائة من سكان غزة على شبكة محلية غير منظمة لإنتاج وتوزيع المياه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر. ومن المفترض أن هذا النظام قد تعرض للخطر بسبب العمليات القتالية على الرغم من الجهود التي بُذلت لإبقائه فعالاً. ونتيجة لذلك، يجب إدخال بعض المياه حالياً عن طريق الشاحنات.

إسقاط المساعدات الجوية ليست خياراً قابلاً للتطبيق

في الفترة ما بين 2 و15 آذار/مارس، نفذت القوات الجوية الأمريكية ثلاث عشرة مهمة قامت فيها طائرات من طراز "سي-17" و"سي-130" بإسقاط منصات محملة بالطعام والمياه على غزة. كما قامت دول أخرى بمهام إسقاط جوي للمساعدات. ومهما كانت الفوائد المباشرة التي قد تكون حققتها هذه المهام في مناطق الإسقاط الخاصة بها، فإن تأثيرها الإجمالي يبقى في حده الأدنى عند احتساب مقدار المساعدات التي يمكن تسليمها عن طريق الإسقاط الجوي.

في حالة عمليات الإسقاط الأمريكية، يكون من الصعب القيام بحسابات دقيقة بما أن عدد الطائرات المشاركة في كل رحلة غير معروف، ولأن الجيش يبلّغ عموماً عن عمليات التسليم هذه من حيث عدد الوجبات الجاهزة التي يتم إسقاطها وليس وزنها الإجمالي. ومع ذلك، تشير مصادر عسكرية إلى أن منصات تحميل المساعدات الفردية تزن 1200 رطل عندما تكون معبأة بالطعام وأكثر من 2000 رطل عندما تكون معبأة بالمياه، مما يعني أنه يجب الاستعانة بثلاث طائرات من طراز "سي-17" لنقل حمولة تعادل حاوية شاحنة نموذجية يبلغ طولها عشرين قدماً. لذلك، من غير المرجح أن تكون عمليات الإسقاط الجوي الأمريكية قد ساهمت بأكثر من حمولة شاحنة واحدة من المساعدات يومياً. (تتمتع طائرة "سي-17" بقدرة مذهلة تبلغ 170,900 رطل، ولكنها لا يمكنها أن تنقل سوى ربع هذه الكمية عند حمل المساعدات على منصات نقالة، وهي أقل كثافة بكثير من الدبابة، على سبيل المثال، ولا يمكن تعبئتها بقدر كبير من المساعدات قبل تجاوزها حدود المظلة.) وتتفاقم عدم كفاءة عمليات الإسقاط الجوي بسبب إدراج مواد غير أساسية في العديد من الوجبات الجاهزة، ناهيك عن ارتفاع تكلفة تشغيل طائرات "سي-17" التي تقوم بالرحلة الطويلة ذهاباً وإياباً من "قاعدة العديد الجوية" في قطر (حوالي 16000 دولار في الساعة).

ويمكن أن تخلق عمليات الإسقاط الجوي مخاطر متعلقة بالسلامة ومخاطر أخلاقية أيضاً. ففي 8 آذار/مارس، أفادت وزارة الصحة التي تديرها "حماس" أن خمسة أطفال لقوا حتفهم عندما تعطلت مظلة لمنصات حمل المساعدات. ولم تدحض الولايات المتحدة هذا الادعاء، لكنها أكدت أن عمليات الإسقاط الجوي التي قامت بها لم تسفر عن أي وفيات، مما يعني أن عمليات الإسقاط المعنية قد نُفذت من قبل دولة أخرى. وفي 27 آذار/مارس، أفادت التقارير عن غرق اثني عشر فلسطينياً أثناء محاولتهم انتشال المساعدات التي ألقيت قبالة الشاطئ.

وحتى عندما يتم إسقاط المساعدات بشكل آمن، من شبه المستحيل تحديد ما إذا كانت الأطراف المسؤولة قد استلمت المواد نظراً لعدم وجود فريق مراقبة بري عسكري في منطقة الإسقاط. وفي أسوأ الأحوال، تكون "حماس" قد استلمت ربما هذه المواد أو تم تحويل وجهة هذه الأخيرة من قبل المستفيدين من الحرب. وفي أحسن الأحوال، تؤدي عمليات الإسقاط إلى تفاقم الفوضى التي يعيشها غير المقاتلين خلال الحرب، وتفيد بشكل رئيسي من هم أسرع وأكثر قوة بين السكان الرازحين تحت وطأة المعاناة.

خياران بحريان واعدان

على الرغم من أن الخيارات البحرية تتضمن تحديات تتعلق بالتوزيع على الشاطئ وتستغرق وقتاً لتطويرها، فإن إيصال المساعدات مباشرةً إلى غزة عن طريق البحر سيجلب كميات أكبر بكثير من المساعدات بالمقارنة مع عمليات الإسقاط الجوي. وحالياً، هناك حوالي 1000 جندي أمريكي في طريقهم إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لإنشاء قدرة "لوجستية مشتركة على الشاطئ" يمكن أن تبدأ في تقديم ما يصل إلى مليوني وجبة يومياً بحلول نهاية هذا الشهر. ونظراً لافتقار غزة لميناء بالمياه العميقة، ستتطلب العملية بناء رصيف عائم على بعد حوالي خمسة أميال من الشاطئ وجسر بطول 1800 قدم يمتد من الشاطئ إلى البحر. وسيتم تفريغ سفن الشحن الكبيرة عند الرصيف، ثم ستعمد السفن الصغيرة إلى نقل البضائع إلى الجسر.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل شركة "فوغبو" الأمريكية الخاصة على تطوير ممر بحري تجاري منفصل. ووفقاً لبعض التقارير، ستنطلق الشحنات قيد الدرس من قبرص، لتسليم ما يعادل 200 حمولة شاحنة من المساعدات يومياً إلى غزة بتكلفة 200 مليون دولار لمدة ستة أشهر، بما في ذلك البناء والتشغيل، وهو معدل إمداد من شأنه أن يزيد التدفق الحالي بأكثر من الضعف. ويمكن أن يصبح هذا الخيار التجاري جاهزاً للعمل في غضون شهر من تمويله، على الرغم من عدم ورود أخبار حتى الآن عن قيام أي حكومة أو منظمة دولية بتغطية تكاليفه.

وسيتم تفريغ شحنات كل من الخيارين المتمثلين بشركة "فوغبو" والجيش الأمريكي في شمال غزة، مما سيؤمن المساعدات مباشرةً إلى المنطقة التي تعتبرها "منظمة الصحة العالمية" الأكثر عرضة لخطر المجاعة. ومن شأن هذا الترتيب أن يُجنب أيضاً المخاطر اللوجستية والإجرامية للنقل البري من جنوب غزة.

وحتى الآن، لم تؤكد أي من العمليتين من سيكون المسؤول عن التوزيع البري، ولكن سيتولى هذا الجانب أحد الوكلاء في نهاية المطاف، مما يتيح توزيعاً أكثر تنظيماً من عمليات الإسقاط الجوي. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون وكلاء التوزيع على الشاطئ مسؤولين في النهاية عن أكثر من نصف إجمالي المساعدات التي تدخل غزة، مما يمنحهم تأثيراً كبيراً على الفلسطينيين والمجتمع الدولي. وككيان خاص، سيكون لدى "فوغبو" حرية أكبر من الجيش الأمريكي لاختيار شريكها. وإذا تم اختيار هذه الشراكات بحكمة، فمن الممكن أن تزرع البذور الاقتصادية لقيادة فلسطينية أكثر خضوعاً للمساءلة ومسؤولية في المستقبل.

وبطبيعة الحال، سوف يكون وكلاء التوزيع أهدافاً معرضة للخطر ومُغرية لـ"حماس" وغيرها من الجهات الفاعلة الخبيثة إذا كان الأمن على الشاطئ غير كافٍ. وقد تعهد جيش الدفاع الإسرائيلي بتوفير الأمن لرأس الجسر الأمريكي. ويجب أن يشمل هذا الضمان رأس الجسر التابع لشركة "فوغبو" أيضاً. يجب على إسرائيل أيضاً وضع خطط لتأمين توصيل المساعدات لحين وصولها إلى الموزع الفلسطيني المقصود. ولكن من الناحية المثالية، ينبغي توفير الأمن من خلال قوة دولية مناسبة تتمتع بعلاقة أقل توتراً مع السكان المحليين.

التداعيات

استخدم النقاد سلبيات إسقاط المساعدات جواً للادعاء بأن الممر البحري سيكون له سلبيات مماثلة. وفي الوقت نفسه، لم يتم تحليل كمية المساعدات الغذائية المطلوبة فعلياً في غزة بشكل كافٍ، مما دفع بعض المراقبين إلى الافتراض بأن تكرار الخدمات اللوجستية البرية العائدة لما قبل الحرب هو السبيل الوحيد لضمان توصيل ما يكفي من المساعدات. وقد وفرت هذه الحجج، إلى جانب المخاوف من احتمال حدوث مجاعة، مبررات للمطالبين بوقف إطلاق النار من دون شروط مسبقة (أي دون إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين).

إن الانتقادات بشأن تكلفة إسقاط المساعدات جواً والممرات البحرية لها ما يبررها، لكن هذه المخاوف مبالغ فيها في حالة الخيار البحري في حد ذاته. فالحجة القائلة بأن طرق التسليم البديلة لا يمكنها توفير كميات مهمة من المساعدات لا تنطبق كذلك على الخيار البحري. وستتمتع عمليات التسليم عن طريق البحر إلى شمال غزة بميزة تقليص الوقت الذي تستغرقه القوافل البرية للوصول إلى النقاط الأكثر احتياجاً، والحد من فرص السرقة، وتحرير وسائل النقل البري لتوصيل أشكال أخرى من المساعدات (على سبيل المثال، توصيل الوقود). ويمكنها أيضاً أن تكمّل بشكل آمن طرق التوصيل الأخرى، مما يؤدي في النهاية إلى تزويد غزة بمستويات غذاء تضاهي تلك التي كانت قائمة قبل الحرب أو تفوقها.

ويزعم بعض النقاد أيضاً أن هذه الخيارات البحرية "متأخرة للغاية"، لكن مثل هذه الحجج تخطئ في فهم النقطة المهمة. فعلى الرغم من المحادثات المتعددة الأطراف الجارية، لا أحد يعرف ما إذا كان وقف إطلاق النار وشيكاً فعلاً. وحتى لو توقفت الأعمال العدائية قريباً، فإن الممرات البحرية يمكن أن تكون بمثابة حجر الزاوية لعمليات تحقيق الاستقرار الآمنة والمرنة بعد الحرب، في حين تعمل في الوقت نفسه على تمكين الشركاء الفلسطينيين المسؤولين. ويمكن أن يكون للممر القبرصي الفائدة الإضافية المتمثلة بإعادة تنظيم الشحن التجاري لصالح الفلسطينيين مع تلبية الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية.

وتصبح نسبة التكلفة إلى الفائدة الخاصة بخيار المساعدات البحرية أكثر ملاءمة عندما نأخذ في الاعتبار أن بناء ميناء دائم لغزة سوف يستغرق سنوات لتطويره وقد يكلف مليارات الدولارات. فبتكلفة أقل بكثير بالنسبة للمجتمع الدولي، يمكن إنشاء رصيف بحري تجاري مناسب في فترة تزيد قليلاً عن شهر واحد. وإلى جانب الرصيف البحري العسكري الأمريكي، سيوفر ذلك نقطة دخول رئيسية أخرى للمساعدات الإنسانية التي يقدمها وكلاء موثوق بهم مع تجنب مخاطر الإسقاط الجوي وتحديات النقل البري من الجنوب.

العقيد أندرو كليمنسن ("القوات الجوية الأمريكية") هو زميل عسكري في معهد واشنطن للفترة 2023-2024. الاستنتاجات والآراء الواردة في هذا المقال خاصة به ولا تعكس بالضرورة السياسة أو الموقف الرسمي للحكومة الأمريكية أو وزارة الدفاع الأمريكية أو "الجامعة الجوية".

ملف روسيا..الكرملين يعترف بأزمة ديموغرافية «كارثية» ويدعو لزيادة المواليد..

 الجمعة 26 تموز 2024 - 6:39 م

الكرملين يعترف بأزمة ديموغرافية «كارثية» ويدعو لزيادة المواليد.. موسكو: «الشرق الأوسط».. لفت الكر… تتمة »

عدد الزيارات: 165,334,108

عدد الزوار: 7,419,920

المتواجدون الآن: 86