نص خطاب وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمام "اللوبي الفلسطيني" في واشنطن

تاريخ الإضافة الإثنين 1 تشرين الثاني 2010 - 7:19 ص    عدد الزيارات 784    التعليقات 0

        

نص خطاب وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمام "اللوبي الفلسطيني" في واشنطن
يمكنكم المساهمة بالطرق التالية...

تنشر "قضايا النهار" نص مداخلة وزيرة الخارجية الاميركية امام "فريق العمل الاميركي من اجل فلسطين" وهو فريق الاميركيين من اصل فلسطيني الذي يعتبر الآن "اللوبي" الفلسطيني الافعل في واشنطن.
صحيح انها ليست المرة الاولى التي يخطب فيها مسؤول اميركي رفيع المستوى امام منظمة عربية في السنوات الاخيرة، إلا ان مبادرة السيدة كلينتون هذه تعني جدية ما في نظرة الادارة الاميركية الى الموقع الفلسطيني في قضايا الصراع بمعزل عن النسبة الكثيفة من ارتهان السياسة الأميركية لإسرائيل. هنا النص الحرفي:
شكرا جزيلا، يا زياد [عسلي] على تلك التقدمة وعلى قيادتكم لهذه المنظمة المهمة، ولك، وللدعم الراسخ لفريق العمل الأميركي من أجل فلسطين لقضية السلام. ويسرني أن أرى العديد من الأصدقاء والزملاء ممن حضروا إلى هنا هذا المساء وإن من دواعي سعادتي بوجه خاص أن تتاح لي هذه الفرصة لمخاطبتكم.
لكن، قبل أن أستهل كلمتي أود للحظة أن أعبر عن إدانة حكومتي الشديدة لما أفادت به تقارير مزعجة هذا اليوم عن أعمال حرق متعمد في مستودع لمدرسة بالقرب من نابلس. لا يوجد أبدا أي تبرير للعنف ضد المدنيين كما أن الاعتداء على مدرسة هو مدعاة للسخط بشكل خاص. وهذه الحوادث لا يجوز التهاون حيالها. ونحن نرجو إجراء تحقيق عاجل، وإن أفكارنا وصلواتنا هي مع تلك الأُسر التي تأثرت سلبا بهذا العمل.
إننا نلتقي في وقت يمكننا أن نحتفي فيه حقا بإنجازات ومهمة "فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين" والأميركيين الفلسطينيين الأربعة الأفذاذ الذين سيجري تكريمهم هذا المساء. إنهم جندي وشاعر وكاتب مسرحيات وبنّاء - كل رواية من رواياتهم فريدة لكنهم معا يمثلون مواهب وديناميكية الجالية الأميركية الفلسطينية والشتات الفلسطيني حول العالم. وفي مدن كبرى وبلدات صغرى عبر أميركا يساهم الأميركيون الفلسطينيون في إثراء ثقافتنا وقوة اقتصادنا وحيوية ديموقراطيتنا.
كما أن "فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين" يقدم مساهمات في بلدنا وفي الحفاظ على تقاليدنا الخاصة بالتقاء المواطنين معا للتعبير عن وجهات نظرهم والمساعدة في صوغ الحوار الوطني.
والآن في ما يتعلق بالنزاع في الشرق الأوسط، من اليسير جدا بالنسبة للمواقف أن تتصلب لتتحول عقائد، وللمشاعر أن تلتهب، وللكلام الطنان أن يغلب على الواقع. لكنكم وفرتم صوتا مرحبا بالمنطق ودفاعا مضطردا بالأصالة عن سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط.
وأنتم ساعدتمونا في النظر عبر ما وراء الخيارات الزائفة في هذا الصراع - فكونكم موالين للفلسطينيين لا يعني أنه عليكم أن ترفضوا حق إسرائيل في الوجود. وكونكم مع إسرائيل لا يعني أنه يتعين عليكم التنكر للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني. فالمسار الذي يقود إلى الأمن والكرامة لكلا الشعبين يكمن في مفاوضات تؤدي إلى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام ورخاء وإلى سلام شامل في كامل المنطقة.
وكما أكدت عليه هذه المنظمة (فريق العمل)، فإن هذه النتيجة تتفق مع مصالح الولايات المتحدة ومع مصالح شعب المنطقة وحتى شعوب العالم. لكن الأهم من ذلك كله هي تصب في مصلحتي كلّ من الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقد تحدثت بصورة متواترة خلال العام المنصرم عن أسباب أن وجود حل قائم على وجود دولتين حاسم لمستقبل إسرائيل في المدى البعيد. إن التزام أميركا تجاه إسرائيل صلب بصلابة الصخر ولا يتزعزع. وسنواصل سوق حجج لمصلحة هذه المسألة في العلن، وفي أحيان كثيرة، لأننا نرى في ذلك السبيل الأمثل لإسرائيل كي تصون مستقبلها.
لكن هذا المساء أود أن أركز على أسباب كون الحل القائم على دولتين ضروريا لمستقبل الشعب الفلسطيني. لقد أشار زياد إلى الفترة التي كنت فيها السيدة الأولى. وكسيدة أولى لربما كنت أول شخصية مقترنة بحكومة أميركية تدعو لقيام دولة فلسطينية وحل قائم على دولتين. وهذا الهدف بات الآن جزءا من السياسة الرسمية للولايات المتحدة.
وفي ما يتعلق بالفلسطينيين إن حلا قائما على دولتين سينطوي على دولة مستقلة وقابلة للحياة وذات سيادة خاصة بهم وبكم، وحرية التنقل، وممارسة الأعمال التجارية، وحكم أنفسهم. وسيكون لدى الفلسطينيين الحق في رسم مصائرهم الخاصة في نهاية المطاف. وستنتهي مهانة الاحتلال وستبزغ حقبة جديدة من الفرص والوعد والعدالة.
ومن الصعب التفكير في أي شخص عمل بمشقة أكثر وفترة أطول لتحقيق أحلام الشعب الفلسطيني من الرئيس محمود عباس. قبل عقود من الزمن كان أبو مازن هو من تحقق من أنه من خلال التفاوض واللاعنف سوف تصبح الطموحات، ومن الممكن أن تصبح، حقيقة. وقد ثابر خلال العديد من الفترات العسيرة وظل صامدا في إيمانه بأن فلسطين مستقلة تقوم جنبا إلى جنب مع إسرائيل في حالة سلم وأمن هو شيء ممكن وضروري. وهو بطل شعب وبطل للسلام. ولأن الرئيس عباس يعي أن الطريق التي يجب أن تسلك نحو تلك الدولة ذات مسارين متزامنين - مسار مفاوضات بين الطرفين وبناء مؤسسات تجهز الفلسطينيين كي يحكموا أنفسهم ونحن نسير قدما، وبعد التوصل إلى اتفاق.
والمفاوضات ليست بالأمر السهل إلا أنها ضرورية بشكل مطلق. ومن الأسهل دائما إرجاء القرارات عن صنعها. ورغم رغبة الولايات المتحدة وأمم أخرى حول العالم أن ترى تسوية لهذا النزاع فإن بمقدور الطرفين نفسيهما فقط أن يتخذا الخطوات الصعبة التي ستقود إلى السلام. ولذلك السبب تعمل حكومة الرئيس أوباما جاهدة لدعم محادثات مباشرة توفر منبرا لكلا الجانبين كي يخوضا في المسائل الجوهرية بنية حسنة. ولا يوجد بديل من المباحثات وجها لوجه، وفي نهاية الأمر، لاتفاق يقود لسلام عادل ودائم. وذلك هو المسار الوحيد الذي سيقود إلى تحقيق التطلعات القومية الفلسطينية والحصيلة الضرورية لدولتين لشعبين.
لكن قبل أن أخوض في أمور أخرى، أود ذكر بضع كلمات عن مسار بناء الدولة. وهذا موضوع قد تخصص له عناوين صحف أقل، لكني أعتقد –وكثير منكم كذلك - أنه لهم بصورة حاسمة. وحاليا ورغم أن الفلسطينيين لا يزال عليهم تخطي عقبات كثيرة، أصبح من الأسهل لهم من أي وقت آخر في الماضي أن يتصوروا دولة مستقلة فلسطينية قادرة على حكم نفسها بنفسها وأن تتحمل مسؤولياتها بتوفير لقمة العيش لشعبها نفسه وضمان الأمن. ومن شأن ذلك أن يسلح المفاوضين على الجانبين بالثقة، وبالرجاء لأولئك الذي لطالما كانوا يتطلعون قدما إلى ذلك اليوم.
وفي ظل قيادة الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض وبمقتضى خطة رئيس الوزراء فياض على مدى عامين، تتجاوز السلطة الفلسطينية الكلام الرنان وتقوم ببناء واقع جديد، وهي تقلب مسار تاريخ من الفساد وتعمل جاهدة لتحقيق نتائج مهمة لتحسين سبل معيشة الفلسطينيين اليومية.
وقد تسارعت وتيرة الإصلاح هذا العام. فالشوارع باتت أكثر أمانا وصارت المحاكم تنظر في قضايا أكثر وتجري جباية الضرائب بصورة أكفأ. وخلال النصف الأول من العام الحالي كانت العوائد أعلى من مثيلاتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 50 في المئة.
وقد أدّى ذلك إلى إذكاء نمو اقتصادي مستمر. إذ يجري حاليا تأسيس مشروعات أعمال جديدة، وبالفعل تم تسجيل أكثر من 100 شركة جديدة في الضفة الغربية في شهر آب وحده راوحت من محافظ رؤوس الأموال المجازفة إلى متاجر محلية لبيع الأدوات المنزلية. ونتيجة لكل ذلك بدأ عدد متزايد من الفلسطينيين بالعثور على وظائف وفرص عمل. كما أن السياح ورجال الأعمال يصلون يوميا للإفادة من الوضع الأمني المتحسن والمناخ الاقتصادي. وفي الحقيقة من المقرر أن يُفتتح فندق جديد من فئة خمسة نجوم في رام الله هذا الشهر.
لكن بالطبع لا يزال هناك الكثير من المهمات. فعلى الجبهة الأمنية كانت التحسينات مدهشة لكن بمقدور الفلسطينيين أن يفعلوا المزيد لثني واستنكار التحريض الذي يلهب التوترات ويقوض التعاون. وعلى الجبهة الاقتصادية لا تزال بلدات كثيرة تنتظر رؤية فوائد الرخاء الأرحب. ولا يزال معدل البطالة مرتفعا - ما فوق 15 في المئة في الضفة الغربية وبحدود 40 في المئة في قطاع غزة خلال الربع الثاني من العام الحالي. وهكذا بمقدورنا أن نفعل المزيد معا لخفض اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على المساعدات الأجنبية ولإشاعة النمو المستدام - لا سيما من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية، وليس مجرد زيادة المعونات، مما سيجعل من الأسهل على الناس والبضائع الانتقال إلى الأراضي (الفلسطينية) ومنها.
إن العمل الذي قمنا به فعلا حتى الآن مع الفلسطينيين والإسرائيليين في هذه المجالات يدل على الأثر الذي يمكن أن نحدثه عندما نركز جهودنا – ونبين لماذا علينا جميعا أن نبذل المزيد.
للشعب الفلسطيني شركاء كثيرون يعملون ويستثمرون كل يوم من أجل تحسين الحياة في الضفة الغربية وغزة وليساعدوا في إرساء أسس دولة المستقبل. فالشركات الخاصة والجمعيات الخيرية والمؤسسات والجامعات – كلها تساهم بالخبرة والنشاط والجهد.
ثم هناك الكثيرون جدا الذين يتطلعون إلى إحداث فارق. وقد أطلقت الولايات المتحدة مبادرة جديدة سمّيت "شركاء من أجل بداية جديدة"، وهي مبادرة إقليمية وأحد جهود عديدة للجمع بين اللاعبين الرئيسيين والتركيز على حل مشاكل معينة. ولا تزال حكومتنا ملتزمة كليا.
من قبيل المثال، استثمرنا في العام الماضي نحو مليوني دولار لتحديث وفتح معبر جلمه بين إسرائيل وشمال الضفة الغربية، بإضافة مسارات ونقاط تفتيش جديدة. وكانت النتيجة أن عدد السيارات التي أصبحت قادرة على العبور قد زاد باطراد من الصفر إلى نحو 7,500 سيارة وحافلة أتوبيس في الأسبوع. والآن هذا له تأثير: فالمتسوّقون من عرب إسرائيل أنفقوا ما يقدر بنحو 12 مليون دولار في جنين في هذا الربع (من السنة). والأسواق تعج بالبضائع والشوارع مزدحمة، وهناك حتى دار جديدة للسينما.
وعملنا أيضا مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل وشركائنا الدوليين لتخفيف الوضع في غزة وزيادة تدفق البضائع التجارية ومواد البناء التي توجد حاجة إليها، بينما كان يجري اتخاذ التدابير المناسبة لضمان عدم وقوعها في الأيدي الخطأ. ففي الأسبوع الماضي وحده، وانسجاما مع تركيز السلطة الفلسطينية اهتمامها في تلبية الاحتياجات من المياه والكهرباء، دخلت غزة حمولات أكثر من ألف شاحنة من الأغذية والبضائع كقضبان الحديد والإسمنت لغرض تجديد مشروع معالجة مياه الصرف في مدينة غزة، وأعمدة الكهرباء، ورفع مستوى شبكة توزيع الطاقة. وهذا يساعد أهالي غزة، ويحد من تجارة الأنفاق غير المشروعة التي أغنت "حماس" وقوّضت حكم القانون.
والآن، ما زلنا بحاجة إلى اتخاذ خطوات عديدة من جانب إسرائيل لتمكين قيام مزيد من النشاط في غزة، بما فيه الصادرات لتعزيز شركات الأعمال التجارية الشرعية. وهدفنا هو دعم النمو الاقتصادي المستدام في غزة، وحقيقته التي لا تعرفها سوى قلة، هي أن السلطة الفلسطينية هي السند المالي الرئيسي في غزة. فاعتماد أهالي غزة على السلطة الفلسطينية، يشكل سببا آخر في أن زيادة النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية لا ينفع أولئك المقيمين في الضفة الغربية وحسب، إنما يفيد أيضا أولئك المقيمين في غزة.
وللمساعدة في حفز الاستثمار الخاص في الأراضي الفلسطينية، ساعدت الولايات المتحدة هذا الصيف في رعاية مؤتمر للاستثمار في فلسطين عقد في بيت لحم، وأدى إلى إعلان التزامات بلغت 655 مليون دولار توجهت نحو القطاعات ذات المعدل العالي من النمو.
إذن، ينبغي على الفلسطينيين أن يعتزوا بكل هذا الذي تم إنجازه في فترة قصيرة من الزمن. وقد أفاد البنك الدولي أخيراً أن السلطة الفلسطينية إذا حافظت على استمرار زخمها في بناء المؤسسات وتقديم الخدمات العامة فإنها – وأنا أنقل عنه (البنك الدولي) "في وضع جيد لإنشاء دولة في أي وقت في المستقبل القريب".
زرت رام الله في الشهر الماضي ورأيت بنفسي هذا التقدم. فبعد أن عبرنا نقطة تفتيش بيتونيا كان أفراد الأمن الفلسطينيون المجهزون جيدا مصطفين على جانبي الطريق. وهم حرفيون ومتمكنون أكثر من أي وقت مضى، والفضل في ذلك يعود للقيادة القوية والتدريب الزائد الذي ساعدت فيه الولايات المتحدة. شكرا لكم. ثم دخل موكبنا المدينة واستطعت أن أرى مباني الشقق وأبراج المكاتب المنتصبة فوق التلال. والشوارع كانت نابضة بالتجارة والنشاط.
ولكنني عندما نظرت إلى وجوه الرجال والنساء الذين خرجوا من محالهم وبيوتهم لمشاهدتنا أثناء مرورنا، كان من المستحيل نسيان التاريخ المؤلم لشعب لم تكن له دولته الخاصة أبدا. ومن الصعب، إن لم يكن مستحيلا، على معظم الأميركيين أن يتصوروا الحياة وراء نقاط التفتيش وحواجز الطرق وبدون متعة راحة السلام أو الثقة بتقرير المصير.
صحيح أن التقدم الاقتصادي والمؤسسي مهم قطعا، وضروري فعلا، ولكنه غير كاف. فالطموحات الفلسطينية المشروعة لن تلبى أبدا حتى يتم حل الدولتين، حل دولتين يكفل الكرامة والعدل والأمن للجميع.
والآن، إنني أعلم أن هناك أولئك الذين يفكرون في أنهم إذا انتظروا، وخططوا، وقاتلوا زمنا كافيا يستطيعون تجنب التسويات والمفاوضات. ولكنني ها هنا لأعلن أن الحال ليس كذلك. فذلك ليس سوى ضمان لزيادة المعاناة وزيادة الألم وزيادة الضحايا.
والعنف بكل أشكاله طريق مسدود يطيل النزاع ويمكّن على الجانبين أولئك الذين لا يتورعون عن استغلال الشكوك والخلاف. وهذا ليس سبيلا قطعا. ولا هو وسيلة قابلة لبناء مؤسسات دولة المستقبل بدون مفاوضات تؤدي إلى قيامها في نهاية المطاف.
لا تساورنا أية أوهام بالنسبة لصعوبة حل قضايا الوضع النهائي من حدود وأمن ومستوطنات ولاجئين والقدس والمياه. وليس سرّا أننا نمر بفترة عصيبة. فعندما أتى الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتنياهو إلى واشنطن في الشهر الماضي لإعادة إطلاق المفاوضات المباشرة كنا نعلم أنه ستكون هناك نكسات وصراعات. موقفنا من المستوطنات معروف جيدا ولم يتغير. وتصميمنا على تشجيع الطرفين على استمرارا المحادثات لم يتردد.
ليس بوسعي أن أقف هنا الليلة وأعلن لكم أن هناك وصفة سحرية اكتشفتها وستخترق المأزق الحالي. لكنني أستطيع أن أقول لكم إننا نعمل كل يوم، وكل ساعة أحيانا، لخلق ظروف لاستمرار المفاوضات ونجاحها. فنحن نحث الطرفين على تجنب أي عمل من شأنه أن يقوض الثقة أو يحكم مسبقا حكماظالما على نتيجة المفاوضات. وسيعود السناتور ميتشل قريبا إلى المنطقة لإجراء مزيد من المشاورات. فنحن لم نستسلم، وكذلك الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتنياهو.
ولا نزال مقتنعين بأن الطرفين إذا ثابرا على المفاوضات فإنهما يستطيعان التوصل إلى اتفاق على نتيجة تنهي الصراع وتحقق الهدف الفلسطيني في قيام دولة مستقلة قابلة للحياة على أساس خطوط العام 1967 مع تبادل متفق عليه (في الأراضي) – وتحقيق هدف إسرائيل في وجود دولة يهودية لها حدود آمنة معترف بها، تعبر عن التطورات اللاحقة وتلبي مطالب الأمن الإسرائيلية. فهذا يحل كل القضايا الجوهرية، وكما قال الرئيس عباس قبل أيام، ينهي كل المطالب التاريخية.
والآن، إن من الطبيعي في كل مفاوضات صعبة أن يجري التركيز على ما هو مطلوب منا أن نتنازل عنه. لكنه من المهم الإبقاء في الذهن ما ستربحونه أنتم، الفلسطينيين والإسرائيليين. والمكاسب في هذه الحالة لا مجال لنكرانها. فلا يمكن تحديد ثمن أو قيمة للكرامة، ولكنها سلعة ثمينة جدا. العدالة والأمن. فالأطفال الفلسطينيون والإسرائيليون متشابهون ويستحقون أن يترعرعوا وينشأوا متحررين من الخوف ويعيشوا حياتهم وهم مستفيدون من كامل ما وهبهم الله من إمكانات. لكن هذا لا يمكن أن يتحقق أبدا ما دام الصراع مستمرا.
المطلوب من القادة الشجعان هو أن ينهضوا متجاوزين كل العقبات ويغتنموا الفرص كي يصنعوا التاريخ ويضعوا شعبيهم على درب مستقبل أفضل. وقد أمضيت منذ بداية أيلول ساعات وساعات في التحدث إلى الرئيس (عباس) ورئيس الوزراء (نتنياهو). واستمعت إليهما وشاهدتهما يتعاطيان مع بعضهما. إنهما جادان في هذا الجهد، ويتناولان القضايا الأساسية. وأنا مقتنعة بأنهما الزعيمان اللذان سينهيان هذا النزاع في نهاية المطاف.
ولكنهما لا يستطيعان القيام بذلك بدون دعم من أبناء شعبيهما، وليس فقط من شعبهم الذين يقطنون في المنطقة، وإنما أيضا من الذين يقيمون هنا وفي أماكن أخرى حول العالم. إننا جميعًا الملتزمين بالسلام وبحق جميع الشعوب في العيش في أمن وبكرامة نتحمل مسؤولية القيام بما في وسعنا لمساعدتهم على تحقيق النجاح. إنكم يا معشر الأميركيين الفلسطينيين موجودون هنا الليلة لأنكم تدركون ذلك. ولقد وقفت هذه المنظمة دفاعا عن ذلك لسنوات عديدة.
إن الدول العربية وشعوب المنطقة لها مصلحة قوية في حل هذا الصراع، كما أنها أيضا تضطلع بدور مهم. إنني أقدر تقديراً عميقا الدعم الذي قدمه القادة العرب والدول العربية للمحادثات المباشرة والرؤيا المتجسدة في مبادرة السلام العربية. وأرجو أن تواصل دعمها للفلسطينيين في جهودهم الديبلوماسية وأعمال بناء الدولة على أرض الواقع.
فالسلطة الفلسطينية بحاجة إلى دعم مالي أكبر وأكثر ثباتا ويمكن توقعه. وتعتز الولايات المتحدة بكونها أكبر جهة مانحة للمساعدات للسلطة الفلسطينية. وقد زاد الاتحاد الأوربي أيضاً (مساهماته). ولكن المجتمع الدولي الأوسع نطاقا، بما في ذلك العديد من الدول العربية، يمكن وينبغي عليها تقديم المزيد من الدعم المالي. إن الأمر يتطلب أكثر بكثير من مجرد قطع التعهدات ووضع خطط الدعم لجعل قيام دولة فلسطين حقيقة واقعة. وفي الواقع، إنه مع ارتفاع الاقتصاد الفلسطيني، فقد تناقصت الحاجة إلى المساعدة في المستقبل، ولكنه لا تزال هناك فجوة، وهذه الفجوة ينبغي ردمها.
وفي حين يمكننا المضي قدما في الجهود الديبلوماسية، فإنه يحدوني الأمل في أن الدول العربية سوف تنظر أيضا في كيفية البدء في تنفيذ مبادرة السلام العربية بشكل ملموس لتحويل هذا الاقتراح حقيقة واقعة أيضًا.
وأخيراً، يجب أن تكف تلك الدول في المنطقة التي تزود مجموعات مثل "حزب الله" و"حماس" بالأسلحة. ينبغي عليها أن ترفض علنا أصوات الانقسام الساعية إلى عرقلة مسار السلام. وسوف أكرر اليوم ما سبق لي أن قلته مرات عديدة من قبل: جلعاد شاليط يجب الإفراج عنه فورا، وإعادته إلى أسرته.
ويجب على الشعوب في جميع جوانب هذا الصراع أن تختار تجاوز تاريخ لا يستطيعون تغييره من أجل أن يحتضنوا مستقبلا يستطيعون تشكيله معا.
والشاعرة نعومي شهاب ناي، التي نقوم بتكريمها الليلة تفهم هذا. إنها تكتب بقوة عن التطلعات غير المحققة للشعب الفلسطيني. فهي تتساءل قائلة: أي راية يمكن لنا أن نلوح بها؟ ولكنها أيضًا تقول: "إنني غير مهتمة بمن هو الذي يعاني أكثر، بل أحرص على أن بمقدور الناس أن يتغلبوا على ذلك". وهذه هي العقبة الكبرى ضمنها جميعا. إنني أعلم أن الشعوب لا يمكن أن تنسى. وأنا أعلم أن معظم الناس لا يمكن أن يغفروا. ولكنني فعلاً أعلم أيضًا أن المستقبل يحمل إمكان إحراز تقدم، وإن لم يكن ذلك خلال فترة حياتنا فسيكون بالتأكيد في حياة أطفالنا.
إنني أمضى ردحا كبيرا من وقتي الآن بصفتي وزيرة للخارجية أتجول في جميع أنحاء العالم، وأتحدث إلى الذين يجدون أن من الصعوبة بمكان تجاوز الماضي. وهذا التحدي لا يزال قائما ليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها.
ومع ذلك فإنني عندما أتحدث مع الشباب، فإن تركيز اهتمامهم ينصب على الغد. وإنهم يستحقون هذا الغد - الغد الحافل بالفرص المتاحة لهم لتقرير مصيرهم بأنفسهم ومساعدة شعوبهم على تحقيق هذا الطموح الجماعي.
وقد ظل "فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين" ثابتا في تأييده لهذا المسار، فشكرا لكم على جهودكم. ولكنني أعلم أن البعض في هذه القاعة، شأنهم في ذلك شأن العديد من جميع أنحاء المنطقة والعالم، تساورهم شكوكهم حول آفاق تحقيق السلام. لذلك اسمحوا لي أن أناشدكم الليلة: فالرجاء منكم ألا تستسلموا أمام هذه الصعوبة.
إذ إنكم من طريق العمل الخيري الذي تقومون به، تقدمون بالفعل مساهمات مهمة في التقدم الذي يحدث على أرض الواقع والذي يغير حياة الفلسطينيين بالفعل بكل ما تعنيه الكلمة. فقد مولتم الآلاف من عمليات إزالة عتمة العيون التي ساعدت الفلسطينيين في التمكن من الرؤية مرة أخرى. وقد أصبح الطلبة في الضفة الغربية يتلقون تعليمهم على أجهزة الكومبيوتر المحمولة بفضل دعمكم السخي. ولكنه لا يزال هناك  الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به. والجالية الأميركية الفلسطينية لديها الكثير من المواهب والخبرات. ولذا الرجاء منكم مواصلة تسخيرها للعمل في المساعدة في بناء الدولة الفلسطينية المستقبلية. قدموا المشورة القانونية أو التدريب الطبي. استثمروا في الاقتصاد، وساعدوا في بناء البنية التحتية. فالشعب الفلسطيني، كما تعلمون أنفسكم أفضل مني بكثير، شعب قوي ومجتهد. وهو على استعداد للعمل. إنه على استعداد لتنظيم نفسه. ولكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بمفرده.
وهناك طريقة أخرى يمكنكم المساهمة بها أيضا. فالكثير منكم زعماء في مجتمعاتكم الأهلية. والآخرون، هنا وهناك يقتدون بكم. ولذا فأرجو أن تكونوا عندما تغادرون الليلة أبطالا مناصرين لهذه القضية. تواصلون الكتابة والتحدث عنها، وتواصلون العمل من أجل التسامح والتفاهم، وتواصلون بناء جمهور عريض للسلام من شأنه أن يدعم، ويصر على اتخاذ الخيارات الصعبة التي تدعو الحاجة إليها. إذ إن السلام في نهاية المطاف لا يتحقق على موائد المفاوضات، وإنما يتحقق على موائد الطعام في المطابخ. إنه ينمو من التصميم الهادئ للناس، رجالا ونساء، الذين هم على استعداد للوقوف وإعلان أنفسهم دعاة للسلام. لقد رأيت هذا يحدث في الصراعات من أميركا اللاتينية إلى أوروبا ومن أفريقيا إلى آسيا. لقد رأيت المتحاربين الذين كانوا يوجهون في السابق فوهات مدافعهم صوب بعضهم البعض يجلسون معا ويخططون لرسم طريق جديد إلى الأمام للحكم. وقد رأيت النساء اللاتي كن يخشين كل يوم من أن أزواجهن إذا ذهبوا إلى العمل أو خرج أبناؤهن ليلا فإنهم لن يعودوا، قد أخذن يعملن مع النساء على الجانب الآخر من هذه الفجوة من أجل إيجاد وسيلة للتفاهم. إنهن لم يتوقفن عند هذا الحد- إنما يقمن ببناء المؤسسات ويغيرن المواقف بالتكاتف معا.
وهذا ليس من السهل. فلو كان كذلك، لكان أي شخص قد قام به بالفعل. لقد كان هناك قادة ضحوا بأرواحهم في سبيل هذا العمل، ولدينا الآن لحظة من الزمن يجب أن نغتنمها. إنني أحثكم على المساعدة في قيادة المسيرة.
وأتعهد لكم بما يلي: إننا في حكومة أوباما لن ندير ظهورنا لا للشعب الفلسطيني أو الإسرائيلي. وبأننا سوف نواصل العمل من أجل، وتحقيق، إنشاء الله، السلام الشامل العادل والدائم الذي كان ولا يزال يمثل حجر زاوية في سياسة الولايات المتحدة منذ سنوات عديدة.
إنني أشكركم على ما قمتم به بالفعل. وأشكركم على التزامكم. وأود أن أهنئ المكرّمين. وأطالبكم بأن تكونوا جزءًا من أهم عمل موجود هناك، ألا وهو العمل من أجل تحقيق السلام.
 

  

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,261,950

عدد الزوار: 6,942,653

المتواجدون الآن: 140