نشوة نصر لا يدوم: سيناريوات إسرائيلية لما بعد القرار الأميركي...

تاريخ الإضافة الجمعة 8 كانون الأول 2017 - 6:11 ص    عدد الزيارات 703    التعليقات 0

        

نشوة نصر لا يدوم: سيناريوات إسرائيلية لما بعد القرار الأميركي...

الحياة...القدس المحتلة - آمال شحادة .. لن تدوم طويلاً نشوة الانتصار التي أبداها الإسرائيليون، من رئيس حكومة ووزراء وحتى المعارضة في قيادة المعسكر الصهيوني، حيال ما وصفوه بأجمل هدية أميركية في العيد السبعين لإسرائيل. فإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل أثار مخاوف جدية لدى إسرائيليين كُثُر. وما يبقى من هذه النشوة قد يقتصر على فرح رئيس الحكومة بأن ترامب أتاح له أن يحرّف الأنظار عن التحقيقات بالفساد، وأن يعزز مكانته كصاحب إنجازات سياسية، وأنه الأنجح بين رؤساء حكومات إسرائيل في انتزاع الاعتراف الأميركي، أو أنه الرئيس القادر على تحقيق الحلم الصهيوني، بجعل القدس العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل.

لكن الشعور السائد هو أن هذا الفرح موقت، بل إن نتانياهو قد يدفع ثمناً باهظاً. ويقولون إنه لا يساهم في عملية سلام. ويفتح الباب أمام نشاطات فلسطينية وعربية في المحافل الدولية، كمحاولة قبول السلطة كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة والسعي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الدول الغربية الأخرى، وتسريع نشاط «BDS» لتعزيز جهود المقاطعة ضد إسرائيل، وتجديد الإجراءات في محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل.

وحتى في المدى القريب، لا يُخفي الإسرائيليون القلق الكبير من أبعاد هذا الإعلان وانعكاساته على الساحة الفلسطينية، التي اشتعل فتيلها، حتى قبل إلقاء الرئيس الأميركي خطابه. فالأجهزة الأمنية تواصل عقد اجتماعاتها لتقييم الوضع، وكيفية التعامل مع السيناريوات المتوقّعة. وهناك احتمالان: الأول، تصعيد قد يتجاوز الأحداث الأخيرة التي شهدتها القدس في أعقاب نصب البوابات الإلكترونية. والتوقّعات أن تكون الأزمة، إذا بدأت، مفتوحة ومن دون أفق في تسوية. فهنا لا مجال للضغط أو التشاور للتراجع عن الموقف. ترامب ماضٍ في قراره ولا مجال لأي تراجع، إلا في حال بلورة اقتراح خطة مقابلة يمكن التحايل فيها وبنصها على إعلانه. وتوقعات الأجهزة الأمنية أن تفاقم الأزمة سيكون مرتبطاً بعدد القتلى. وكما ذكر مسؤول أمني فإن الجيش يدرك تماماً أن كل جنازة في الضفة والقدس تتبعها جنازات، حيث لا تنتهي الأزمة مع نهاية مراسم الجنازة بل تكون المراسم بداية لتصعيد جديد.

أما الاحتمال الثاني فيكون ما أعلنه الفلسطينيون «يوم غضب» مقتصراً على احتجاج وتظاهرات ومسيرات لا تتجاوز قذف الحجارة على الجنود واشتباكات. وعندئذ يلجأ الفلسطينيون إلى «عمليات الأفراد». ويقود هذا إلى موجة عنف بأساليب غير متوقّعة، كما حصل في السنوات الأخيرة في شكل واسع.

لهذا، حوّل الجيش المدينة المقدسة إلى ثكنة عسكرية وجعل معاناة الفلسطينية على الحواجز مضاعفة والقيود على تحركاتهم أكثر شدة. والسيناريوات لدى أجهزة الأمن لا تقتصر على القدس والضفة إنما قد يأتي الرد من غزة ومن داخل الخط الأخضر. وعندما تطرح الأجهزة الأمنية على أبحاثها غزة، فهذا لا يعني مجرد المسيرات والتظاهرات إنما عمليات تمثل رداً على ما يعتبره الفلسطينيون انتهاك حقهم في القدس، خلافاً لكل القوانين. وهذه التوقّعات تنعكس اليوم في تعزيز القوات على طول الحدود مع غزة. وإلى جانب احتمال إطلاق صواريخ باتجاه غزة، فإن الأجهزة الأمنية لم تحسم نجاحها في القضاء على الأنفاق ومنع أي إمكان تسلل وتنفيذ عمليات.

وحال التأهب تجاوزت الحدود إلى السفارات الإسرائيلية في مختلف الدول، حيث لم يسقط من التوقعات تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، وبالأساس سفارات وقنصليات أو شخصيات بارزة، ما استدعى إصدار تعليمات خاصة للسفارات والتعاون مع الأجهزة الأمنية في الدول المعنية ورفع الحراسة والاحتياطات الأمنية.

خطاب أجوف

السياسيون الإسرائيليون رحّبوا بالقرار الأميركي، باستثناء رئيسة حركة «ميرتس» زهافا غلؤون، التي شجبت القرار قائلة إن «معنى الإعلان الأميركي هو الاعتراف بضم القدس الشرقية والبلدة القديمة. هذا الإعلان لن يساعد في تحريك عملية السلام الإقليمية، لأن كل اتفاق سيلزم بالتوصل إلى تسوية بشأن القدس، لكن هذه الخطوة ستمنح الدعم لليمين المهووس».

أما داعمو القرار من ائتلاف ومعارضة فاعتبروه إنجازاً سياسياً لإسرائيل، بل جاء متاخراً 70 سنة. واعتبر وزير الأمن الداخلي، جلعاد اردان، الذي شارك في لقاء نظمته مجموعة من المنظمات المؤيدة لإسرائيل، في البرلمان الأوروبي، لمناسبة مرور 100 عام على إعلان بلفور، القرار رسالة واضحة لمحمود عباس مفادها أن الوقت لا يعمل لمصلحته ولمصلحة الفلسطينيين ورسالة واضحة إلى الإرهابيين، على حد تعبيره، الذين يهدفون إلى تهريب اليهود من القدس «أن ذلك لن ينجح». وأعرب عن أمله في أن يصل بعد الولايات المتحدة دور الاعتراف الأوروبي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفاراتها إليها.

وقال رئيس المعسكر الصهيوني آبي غباي: «يسرني أن صديقتنا المهمة، الولايات المتحدة، تعترف بالقدس عاصمة لنا وتستعد لنقل السفارة. عندما حلم آبائي في المغرب بالوصول إلى إسرائيل فإنهم لم يفحصوا في موقع وزارة الخارجية الأميركية كيف يتم تعريف القدس». وقال رئيس كتل المعارضة البرلمانية إسحق هرتسوغ (المعسكر الصهيوني) إن «رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب قام بإجراء تصحيح تاريخي وعدالة تاريخية. الآن عليه أن يعمل بالإصرار ذاته ومن دون خوف على تحقيق الحل الذي ذكره في خطابه- دولتان للشعبين».

وقالت وزيرة القضاء، إييلت شكيد، إنه «يجب على الفلسطينيين أن يعرفوا بأن قوانين اللعبة تغيّرت. السفينة غيّرت اتجاهها. أنصحهم بعدم فحص صبر إسرائيل إزاء تهديداتهم الإرهابية. الولايات المتحدة هي أكبر صديقة لإسرائيل، والآن تقوم بالخطوة الأولى التي كان يجب عملها قبل 70 سنة». وقال وزير المالية موشيه كحلون، إن «الاعتراف الأميركي مهم لنا، وله الكثير من المعاني السياسية والاقتصادية. آمل أن تنضم بقية دول العالم إلى الرئيس ترامب وتعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. هذا هو الأمر الصحيح والحقيقي الذي نؤمن به جميعاً كيهود وكمواطنين في إسرائيل».

أمام هذه الأصوات، هناك مواقف إسرائيلية تعتبر هذه الأصوات وخطاب الرئيس الأميركي، مجرد تسجيل مواقف وخطابات. فقد وصف الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا إيلاند، خطاب ترامب بـ «الأجوف» متسائلاً عما إذا كان قرار ترامب يعود فعلاً بالمصلحة على إسرائيل، ويقول: «خطاب ترامب، وعلى الرغم من الدراما التي أثارها، هو خطوة فارغة المضمون، من جهة، وضارة جداً من جهة أخرى. فإعلانه لن يحدث أي تغيير عملي، لأن القدس معترف بها بحكم الأمر الواقع كعاصمة لإسرائيل. الضيوف الأجانب الذين يأتون للزيارة، بمن فيهم رؤساء الولايات المتحدة، يعقدون اجتماعاتهم الرسمية فيها، وكل ضيف مهم يريد التحدث إلى الجمهور الإسرائيلي يفعل ذلك في القدس. وعلاوة على ذلك، فإن القدس الغربية تعتبر بحكم الأمر الواقع عاصمة لإسرائيل حتى من الفلسطينيين ومعظم الدول العربية. ومن الواضح لدول العالم أن القدس ستكون في إطار اتفاق الوضع النهائي عاصمة لإسرائيل».

وفي رأي إيلاند إن «أي اتفاق مستقبلي سيستند إلى خطوط عام 1967 مع تغييرات طفيفة بنسبة 2-3 في المئة». ويقول: «هل نريد تبذير هذه النسبة المئوية الطفيفة بالذات من أجل جبل المكبر ومخيم اللاجئين شعفاط وكفر عقب؟ لكن، حتى أولئك الذين اعتقدوا غير ذلك بشأن المصلحة الإسرائيلية سيكتشفون أن تأثير الخطاب في طبيعة اتفاق الوضع النهائي سيساوي الصفر. في عام 2004، كجزء من «المقابل» الأميركي لفك الارتباط، ألقى رئيس الولايات المتحدة في حينه، خطاباً احتفالياً مؤيداً لإسرائيل، على غرار خطاب ترامب، مشيراً إلى أن التكتلات الاستيطانية يجب أن تكون جزءاً من إسرائيل في اتفاق الوضع النهائي. قالها، فما الذي يعنيه ذلك. لقد ذاب تصريحه مع مرور السنوات ولم يترافق مع أي خطوة عملية. وهكذا سيحدث لخطاب ترامب، لكن، في حين أن الفوائد تساوي الصفر، فإن الضرر يمكن أن يكون هائلاً. قبل عامين، بدأت «انتفاضة السكاكين»، التي تركت خسائر فادحة من الضحايا، وفقط بسبب السياسة الناجحة لقوات الأمن نجحنا في قمعها تدريجاً. كان المحرك لذلك الزيارات التظاهرية للسياسيين الإسرائيليين إلى جبل الهيكل. في نظر جميع العرب، إعلان ترامب هو استفزاز كبير لا يطاق، والرد المتوقع على الأرض سيكون ملائماً».

ولا يستبعد إيلاند أن يؤدي الإعلان إلى فشل الجهود الإسرائيلية في التقارب مع دول عربية: «تعمل إسرائيل الآن على مستوى منخفض، من أجل تنسيق أنشطتها مع الدول السنية المعتدلة. ومن شأن الإعلان الحالي أن يدمّر بسهولة العلاقات التي تولّدت بصبر، إذ لا يوجد زعيم عربي لن يدعم الغضب الفلسطيني في هذه القضية. وهناك مسألة أخرى هي رد الفعل المضاد المتوقع: إذا أراد الرئيس الأميركي العودة ليكون «وسيطاً عادلاً»، سيتعين عليه إيجاد وسيلة لتعويض الفلسطينيين. الحكومة التي يقودها نتانياهو تقود منذ سنوات، ســـياسة «إدارة الصراع» وليس جهداً لحل الصراع. هناك منطق كبير في سياسة الحفاظ على القائم، وهو ما يعني تجنُّب تغيير الوضع الراهن. العرب عامة، والفلسطينيون خاصة، يعرفون كيفية احتواء هذه السياسة. ولكن في كل مرة يتم فيها القيام بخطوة أحادية الجانب، ســـواء من خلال إظهار وجود السياسيين في الحرم القدسي، أو وضع بوابات إلكترونية عند مـــداخل الأقـــصى، أو إعلان أميركي إشكالي، نتيجة الضغوط الإسرائيلية، يتم بضربة واحدة انتهاك التوازن الهش، الأمر الذي يؤدي إلى العنف».

وتوقعات إيلاند هذه، وهو الذي يختلف مع القيادتين السياسية والعسكرية في تقييم إعلان ترامب، هي ذاتها تقلق القيادات الإسرائيلية.

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,140,832

عدد الزوار: 6,756,586

المتواجدون الآن: 119