لا إحصاء واضحاً للعمال الفلسطينيين وإمكاناتهم في لبنان؟

تاريخ الإضافة الخميس 26 آب 2010 - 7:10 ص    عدد الزيارات 703    التعليقات 0

        

بين 50 و 70 ألفاً يبحثون عن عمل لتوفير لقمة العيش
لا إحصاء واضحاً للعمال الفلسطينيين وإمكاناتهم في لبنان؟

في غمرة السجال حول حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والسماح لهم بحق العمل والافادة من تقديمات الضمان الاجتماعي بطريقة او بأخرى، انصرف جميع الاطراف الى تقديم احصاءات عن اعداد الفلسطينيين في لبنان، من غير ان يكلف احد منهم نفسه البحث والتمحيص في حجم اليد العاملة الفلسطينية في لبنان ومؤهلاتها وامكاناتها ومدى الحاجة اليها في سوق العمل اللبناني، وأثرها على اليد العاملة اللبنانية، خصوصاً ان الارقام التي تتناول اعداد هؤلاء ليست دقيقة في ذاتها، فكيف بمسألة القوة العاملة الفلسطينية التي يصر الفلسطينيون على ان عددها لا يتجاوز ثلث عدد افراد الجالية المصرية او السودانية او حتى البنغالية في لبنان، على ما كتب الصحافي الفلسطيني صقر ابو فخر قبل ايام.
ليس غريباً ان يجهل لبنان الرسمي و"مجتمعاته" المدنية حجم العمال الفلسطينيين ومؤهلاتهم في بلاد يهاجر مواطنوها طلباً للعمل في الخارج، وترفض اجراء احصاء لتعداد توزع مواطنيها الطائفي والمذهبي. الا ان الغريب في الامر هو ان الهيئات الفلسطينية المعنية لا تقدم ارقاماً محددة بل تقريبية عن الموضوع، رغم الالحاح الفلسطيني الدائم على السماح للاجئين بمزاولة المهن الحرة ورفع القيود القانونية التي تحول دون ذلك. وكل المعلومات المتوافرة في هذا الاطار هي عبارة عن مجموعة من الابحاث والدراسات والاحصاءات قامت بها منظمات غير حكومية واخرى ناشطة في مجال حقوق الانسان. وفي حين يقدر بعض الجهات عدد العمال الفلسطينيين في لبنان بـ 50 الفاً فقط، تتبنى مؤسسة "شاهد" الفلسطينية لحقوق الانسان رقم 75 ألفاً، ينشطون مبدئياً في مجالات الاعمال اليدوية اليومية، في موازاة نسبة بطالة مرتفعة تتجاوز 35 في المئة، وتزيد عن 65 في المئة في مخيم عين الحلوة.
لكن اللافت في الامر كان ما جرى عندما أصدر وزير العمل سابقاً طراد حمادة مذكرة إدارية تحمل الرقم (67 /1) في تاريخ 7/6/2005 تستثني الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين رسمياً في سجلات وزارة الداخلية من أحكام المادة الأولى من القرار 79 /1 الذي نص على حصر بعض المهن باللبنانيين، اذ توقع الكثيرون أن يقبل العمال الفلسطينيون وبأعداد كبيرة على طلب الحصول على إجازة العمل، الا انه بعد مدة  تبين أن هذه التوقعات لم تكن في محلها، وبقي العدد يراوح بين 150 و300 إجازة عمل فقط، مما يطرح السؤال: اين هم العمال الفلسطينيون؟

 

ثلاث فئات

تقسم "شاهد" العمال الفلسطينيين في لبنان ثلاث فئات: الاولى محدودة وتتميز بالثراء ومنخرطة في حركة الاقتصاد اللبناني، وتمكّن قسم كبير منها من الحصول على الجنسية اللبنانية منذ ما قبل عام 1975. ويرجح ان هذه الفئة قد "ذابت" في النسيج الاجتماعي اللبناني مع استثناءات قليلة.
الثانية، متوسطة الحال من اصحاب الخبرات المهنية والتعليمية، تركت لبنان منذ خمسينات القرن الفائت بعدما سدت في وجهها امكانات العمل وتوجهت الى اوروبا واميركا والخليج العربي حيث استوطنت هناك. وتضاف الى هذه الفئة شريحة الاطباء والمهندسين والمحامين الذين تعتبر المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ان مشكلتهم لا تختلف كثيراً عن اليد العاملة الاخرى، وان غالبيتهم تخضع لمزاجية ارباب العمل وتالياً فإن قسماً كبيراً منهم لا يمكنه العمل الا في مؤسسات وكالة غوث اللاجئين "الاونروا" والجمعيات الاهلية الفلسطينية مثل مستشفيات الهلال الاحمر الفلسطيني ومستوصفاته. وتعزو هذه المؤسسات اسباب محاصرة اليد العاملة الفلسطينية الكفية الى عدم الرغبة في منافسة المهنيين اللبنانيين.
وتشير "شاهد" في تقريرها السنوي لعام 2009 الى ان عدم السماح للاجئ الفلسطيني المحامي بالعمل في مهنة المحاماة جعل الطلاب الفلسطينيين في لبنان يحجمون عن دراسة المحاماة. اما الاطباء الفلسطينيون فيحرمون ممارسة مهنة الطب، ويضطرون اما الى ممارستها ضمن مؤسسات "الاونروا" او في عيادات خاصة داخل المخيمات، او تسافر غالبيتهم الى خارج لبنان للعمل. وتقدر الاوساط الفلسطينية اعداد المهنيين الفلسطينيين بـ 350 طبيباً، 80 محامياً و300 مهندس وأعداد غير محددة من الصيادلة الذين تعمل غالبيتهم في الخفاء او سراً، وقد يتهمون، بحسب المصادر الفلسطينية، بمزاولة اعمال غير مشروعة او بانتحال صفة! في حين يؤكد الباحثان ساري حنفي وآوجا تيلتنس في دراسة لهما، ان 37 في المئة من متخرجي الجامعات الفلسطينيين الموظفين، و22  في المئة من الموظفين من حملة الشهادات شبه المهنية، يتلقون رواتبهم من "الأونروا"، و9 في المئة من متخرجي الجامعات هم موظفون لدى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وجمعيات أهلية أُخرى، و13 في المئة يعملون لدى منظمة التحرير الفلسطينية، أو لدى إحدى التنظيمات الفلسطينية الأُخرى. ويعمل ربع حملة الشهادات الجامعية تقريباً من القاطنين داخل المخيمات في سوق العمل اللبنانية، أي في سوق العمل خارج المخيمات، بينما ترتفع هذه النسبة بين الفلسطينيين خارج المخيمات.
اما الفئة الثالثة فهي الاكبر حجماً وتشكل الشريحة الاساسية، اذ تضم اليد العاملة الرخيصة في الاعمال الموسمية واليومية الشاقة ويتقاضون اجوراً زهيدة، الامر الذي اشارت اليه "جمعية النجدة الاجتماعية" في دراسة ميدانية اعدتها عن العمل واجور العمال الفلسطينيين في لبنان، وفيها ان معدل الاجور للعمال المياومين هو عشرة دولارات يومياً ينفق معظمها على الطعام واللباس.

العمال الأولاد
 

وتضيف مؤسسات حقوق الانسان الى هذه القوة العاملة، كتلة اخرى تتمثل في عمالة الاولاد (10 - 14 سنة) وهي ظاهرة مرتبطة بالفقر المدقع المتفشي في المخيمات حيث يضطر الاولاد الى العمل في محطات الوقود وفي الاعمال الوضيعة التي تتجاوز احياناً قدراتهم الجسدية من اجل مساعدة اهاليهم على مواجهة مشقات الحياة وتكاليفها . وفي كل الأحوال، فإن معدل الدخل الشهري للعائلة الفلسطينية المؤلفة من ستة أفراد لا يتجاوز، بحسب تقديرات الفلسطينيين، 450 ألف ليرة لبنانية، أي أقل من الحد الأدنى للأجور.
وفي دراسة اعدتها "اليونيسيف" عن موضوع الاولاد الفلسطينيين العاملين ان 6،1 في المئة منهم بين سن 7 و 17 سنة يعملون، وتبين ان نسبة 38 في المئة منهم من مجمل الطلاب المتسربين من المدارس. والمؤلم في الامر ان متوسط سن العمل للاولاد الفلسطينيين يبلغ 13 عاماً وان ثلثهم يعمل ستة او سبعة ايام في الاسبوع بمعدل يصل الى تسع ساعات يوميا فيما يعمل اكثر من 15 في المئة منهم اكثر من 11 ساعة يومياً، وذلك استناداً الى الدراسة التي اعدها المكتب المركزي للاحصاء والموارد التطبيقية الفلسطينية التابع لـ"اليونيسيف"، الذي اشار في تقريره الى ان نسبة 39 في المئة من هؤلاء الاولاد يعملون بالقرب من آلات خطرة و 37 في المئة منهم بالقرب من مواد مشتعلة.
كما اشارت الدراسة الى ان 14,8 في المئة من هؤلاء الاولاد يعانون امراضاً مزمنة ونفسية. اما متوسط اجور الاولاد الذكور فهو 164 الف ليرة شهرياً فقط، و133 الف ليرة لبنانية للاناث. وفي معلومات المطلعين على ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ان العمال من بينهم ينضوون في  13  اتحاداً مهنياً تحت رعاية منظمة التحرير الفلسطينية، ولا اتحادات للممرضات والمحاسبين، علماً أن الاتحاد العام للمحامين الفلسطينيين جمّد نشاطه منذ انسحاب منظمة التحرير عام 1982.
وفي الخلاصة، لا بد لتبيان حجم المشكلة التي تواجهها اليد العاملة الفلسطينية في لبنان من الاطلاع على تقرير اعدته "الأونروا" ونشرته عام 2009 ، وأبرز ما فيه "أن 40 في المئة من الذين يعيشون في مخيم نهر البارد عاطلون عن العمل (مقارنة بـ 12 في المئة قبل الأزمة). وأشار إلى أن 13 في المئة فقط من الشبان الذين تراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة تمكنوا من العثور على عمل. لكن السؤال الذي لم تطرحه "الاونروا" وباحثوها، هو كيف السبيل الى تأمين العمل للفلسطينيين في لبنان الذي يهاجر شبابه وقوته العاملة الى الخارج بسبب عدم توافر فرص العمل وضيق السوق اللبنانية؟

كتب بيار عطاالله     

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,758,147

عدد الزوار: 6,913,311

المتواجدون الآن: 97