"فتح" تدعو إلى "تصعيد الكفاح الشعبي المقاوم" وعزل إسرائيل دولياً

تاريخ الإضافة الجمعة 1 كانون الثاني 2010 - 8:22 ص    عدد الزيارات 840    التعليقات 0

        

45 عاماً من النجاحات والاخفاقات والبحث عن دولة على الأرض المحتلة

"فتح" تدعو إلى "تصعيد الكفاح الشعبي المقاوم" وعزل إسرائيل دولياً

دعت أمانة سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" في بيان صحافي أمس لمناسبة الذكرى الـ 45 لانطلاق الحركة التي تحتفل بها اليوم، إلى "تصعيد الكفاح الشعبي المقاوم وتعزيز التحرك الدولي لملاحقة إسرائيل وعزلها".
وقالت في بيانها: "إن الرصاصة التي أطلقتها الحركة في انطلاقتها في الفاتح من كانون ثاني عام 1965 عزز حقيقة أن الفلسطينيين شعب صاحب هوية وصاحب حق وصاحب عزيمة لا تلين وأن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية لاجئين، بل هي قضية شعب يقاتل من أجل استرداد أرضه ليبني عليها وطناً حراً مستقلاً، يضمن له عيشاً كريماً أسوة بشعوب الأرض كافة".
وتابع البيان: "فتح سارعت إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، لتصبح الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني وإطاره الوحدوي المقاتل، والممثل الشرعي الوحيد المعبر عن همومه وتطلعاته، مستردة بذلك القرار الوطني الفلسطيني من أروقة السياسات العربية المتناقضة، ودهاليز المنظمات الدولية، لتضعه في مكانه الصحيح حيث المؤسسات الشرعية، صاحبة الحق في تقرير مصير الشعب الفلسطيني".
واعتبر البيان ان الحركة "قدمت في مسيرة دربها الشاق خيرة أبنائها وعلى رأسهم القائد الخالد الرمز الشهيد ياسر عرفات وشهداء رووا بدمائهم أديم أرض فلسطين ونبتة الحرية التي باتت شجرة باسقة ظللت نضالات شعبنا على مر العقود وفي كل موقع ومكان".
فشل المفاوضات

وعن الاستراتيجية التي اتبعتها "فتح" قال بيان امانة سر اللجنة المركزية: "إن فتح أنضجت سياسة حكيمة ومتبصرة على المستويين العربي والدولي، أساسها احترام الخيارات السياسية للغير، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وتحقيق الحد الأقصى من الإجماع العربي والعالمي على دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية كافة، كما أنها لم تغفل أهمية النضال الوطني السياسي والديبلوماسي، وحققت إنجازات عظيمة وضعت القضية الفلسطينية على رأس سلم أولويات المجتمع الدولي".
ولفت البيان إلى أن "فتح قرأت التغيرات الحاسمة في حقبة التسعينات، ولاحظت المؤشرات الأولى على نهاية الحرب الباردة، وأدركت أن ثمة عالماً جديداً بات قيد التشكل، فتفاعلت مع معطياته وتجنبت مضاعفاته، وخاضت غمار التفاوض المباشر مع إسرائيل، وصولاً إلى إعلان المبادئ الشهير عام 1993 واتفاقيات أوسلو التي مثلت فاتحة مرحلة جديدة، امتزجت فيها مهام التحرير بمهام البناء الوطني، وتأسيس مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة".
وعن مآل المفاوضات مع اسرائيل قال البيان إن "الرئيس المنتخب محمود عباس اتبع سياسة تنفيذ الالتزامات الفلسطينية، وخاضت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادته مفاوضات شاقة لم تثمر عن تقدم حقيقي، لأن الجانب الإسرائيلي رفض تنفيذ أي من التزاماته، بل وتابع استيطانه غير آبه بمناشدات المجتمع الدولي بأسره لوقف الاستيطان ما أوصل عملية السلام إلى طريق مسدود، ولم يكن أمام القيادة الفلسطينية سوى أن تعلن ذلك بكل ثقة وجسارة، وأن تربط استئناف عملية السلام بالوقف الفعلي والكامل للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في القدس، وبتحديد مرجعية واضحة للتفاوض بجدول زمني محدد، غير أبهة بالضغوط الهائلة التي مورست عليها".
تأزم داخلي
وبشأن الوضع المتأزم في الساحة الفلسطينية الداخلية قال البيان: "إن القضية الوطنية الفلسطينية أصيبت بضربة قاصمة، على يد حماس التي خططت ونفذت انقلابها الدموي في غزة عام 2007، فأطاحت بالسلطة الشرعية، وأحكمت سيطرتها على القطاع، وعطلت الحياة الدستورية، وحظرت الأنشطة الوطنية، ولاحقت مناضلي الحركة وفصائل الثورة الفلسطينية كافة، فاعتقلت المئات وأطلقت النار على عدد كبير منهم، واتبعت سياسات طائشة ومغامرة مع حرصها المبالغ فيه على تقديم ما يثبت استعدادها للتفاهم مع إسرائيل على حل مؤقت يجهز على المشروع الوطني ويلغي احتمال الاستقلال الوطني الكامل في المستقبل".
وتابع: "إن فتح لم تيأس وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية، جّراء الانقلاب الذي أدى إلى الانقسام الداخلي، وتابعت القيادة الفلسطينية العمل على إنجاح الحوار الوطني، عبر جولات طويلة ومتعددة رعتها جمهورية مصر العربية الشقيقة التي تقدمت أخيراً بورقة للمصالحة تمثل خلاصة وقاسماً مشتركاً بين كل فصائل العمل الوطني من جهة وحماس من جهة مقابلة.. فتح رحبت بالورقة المصرية، وأعلنت فوراً قبولها دون تحفظ على أي بند من بنودها، أما حماس فقد تعللت بأسباب عدة واهية، وحاولت إدخال تعديلات على الورقة، وطالبت بضمانات وتفسيرات، وفعلت كل ما من شأنه تعطيل المصالحة وإفشال الحوار، بل وأمعنت في تكريس الافتراق والانقسام وتحويله إلى واقع ثابت ودائم برفضها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة تجري في القدس والضفة وغزة في وقت واحد".
واعتبر بيان "فتح" أن "انقلاب حماس أعطى الذريعة لإسرائيل لشن عدوانها الإجرامي على قطاع غزة، وارتكابها المذبحة بحق شعبنا الأعزل، هذا العدوان الذي يعتبر ذروة السياسة العدوانية الإسرائيلية، ونموذجاً لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وجاء تقرير غولدستون ليكشف جانباً من هذه الجرائم وليضع أساساً لملاحقة إسرائيل دولياً، وإدانتها بما ارتكبه جيشها من جرائم".
وحذر البيان من "الخطر المزدوج الذي يداهم القضية الفلسطينية والمستقبل الوطني للشعب الفلسطيني بإخفاق عملية السلام والانقسام الداخلي"، مشيرا إلى أن "الشعب الفلسطيني ومنذ انطلاق ثورته المعاصرة دأب على مواجهة المخاطر والتهديدات، وكان سلاحه الأمضى وحدته الوطنية، أما أن تتفاقم المخاطر والتهديدات، ويضاف إليها الانقلاب والانقسام وغياب الوحدة الوطنية، فهذا ما يدل على مرحلة مقبلة غاية في الصعوبة تقتضي التبصر في رسم السياسات والصرامة في التمسك بالمبادئ والأهداف والاحتكام إلى المصلحة الوطنية دونما لبس أو تأويل".
وعن وضع "فتح" قال البيان: "إن عقد المؤتمر العام السادس للحركة يعتبر فرصة لمراجعة استراتيجياتنا خلال المرحلة الماضية، ورسم خطوط عملنا في المرحلة المقبلة على ضوء تطورات عملية السلام، وتزعزع الوحدة الوطنية، وإن المؤتمر خلص إلى وضع برنامج سياسي يحدد أهدافنا بوضوح ويرسم آليات العمل الوطني وصولاً لتحقيق هذه الأهداف، ويمهّد الطريق أمام إعادة بناء الحركة وتفعيل أطرها ومؤسساتها ويؤهلها لمتابعة النضال الوطني في المرحلة الشاملة المقبلة".
وأكدت أمانة سر اللجنة المركزية للحركة أن "البرنامج الذي أقره المؤتمر العام السادس "يشدد على المهام الكفاحية في هذه المرحلة ورسم لها خطين، أولهما تصعيد الكفاح الشعبي المقاوم للاحتلال مقتدياً بنموذج بلعين ونعلين والمعصرة وغيرها، وتعزيز التحرك على المستوى الدولي لملاحقة إسرائيل وعزلها دولياً، وإرغامها على الاستجابة للشرعية الدولية".
"فتح".. البدايات والمصاعب
نشأت حركة "فتح" في عام 1958 على يد مجموعة من الشباب الفلسطيني ممن شاركوا في العمل الفدائي في قطاع غزة في عام 1953، أو في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وهم: ياسر عرفات وخليل الوزير وعادل عبد الكريم وعبدالله الدنان ويوسف عميرة وتوفيق شديد. التقوا في الكويت، واتفقوا وتعاهدوا على العمل من أجل تحرير فلسطين، فكانت القاعدة التنظيمية الأولى لحركة "فتح"، وكان لهذه القاعدة امتدادات تنظيمية في الضفة الغربية وغزة ومصر والأردن وسوريا ولبنان والكويت وقطر. وقد بدأت بالتوسع سراً فلم يكن هناك شروط لاكتساب العضوية في التنظيم سوى التوجه نحو فلسطين، والنقاء الأمني والأخلاقي، وعدم التبعية لأي نظام عربي.
وقد جاءت النشأة إثر نكبة عام 1948وما تلاها من أحداث ولدت شعوراً بالمرارة من عدم قدرة الزعامات الفلسطينية التقليدية على التحرك، وانشغال الدول العربية بمشاكلها القطرية.
ففي 1 كانون الثاني (يناير) عام 1965 كان الاعلان عن "فتح" عبر الاعلان عن اول العمليات العسكرية، حيث تسللت المجموعة الفدائية الأولى لحركة "فتح" إلى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وفجرت نفق عيلبون الذي يتم من خلاله سحب مياه نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب لبناء المستوطنات من أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها. وسقط في العملية شهيدها الأول أحمد موسى.
وفور شيوع البلاغ رقم واحد لـ"فتح" ووجهت بحملة إعلامية واسعة النطاق، وشرعت بعض الأنظمة العربية بحملة اعتقالات طالت معظم قيادات الحركة، وعلى رأسهم قائدها ومؤسسها الراحل ياسر عرفات. لكن ذلك لم يثن "فتح" عن مواصلة عملياتها، بل وتصعيدها من داخل فلسطين المحتلة، وعبر الحدود العربية مع الأراضي المحتلة.
في حزيران (يونيو) 1967 هزمت إسرائيل الجيوش العربية الرسمية واحتلت ما تبقى من الأرض الفلسطينية وأجزاء واسعة من الأراضي العربية المتاخمة. فسارعت حركة "فتح" في أعقاب الهزيمة إلى إعادة تشكيل الخلايا والمجموعات السرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ونفذت أكثر من 130 عملية فدائية خلال الشهر الأول بعد الاحتلال.
ولم تكن معركة الكرامة في 21 آذار (مارس) 1968 انعطافة حاسمة في المسار الكفاحي لحركة "فتح" وجناحها الضارب "قوات العاصفة"، بل علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني بشكل عام. اذ تمكنت ثلة من الفدائيين تناهز الـ 300 مقاتل، مدعومة بوحدات من الجيش الأردني من صد عدوان عسكري إسرائيلي مدجج بأحدث أنواع العتاد. فتراجع الجيش الإسرائيلي الغازي بعد معركة شرسة وقد مني بخسائر فادحة.
بالنصر الذي أحرزته حركة "فتح" في معركة الكرامة، تعزز الرصيد الكفاحي والسياسي لنهج الكفاح المسلح وتبخرت ريبة البعض في جدوى هذا المسار، وتصاعد الالتفاف الجماهيري العربي والفلسطيني إلى حدوده القصوى، ووجد هذا الالتفاف ترجمة له في آلاف المتطوعين في صفوف الحركة ليشكلوا ذخرا لمواصلة العمل المسلح في الضفة الغربية وقطاع غزة وعبر الحدود بشكل مكثف، وليعززوا مكانة الحركة وباقي فصائل العمل الوطني، ليس في أوساط الفلسطينيين فحسب، بل بين الجماهير العربية ولدى أحرار العالم أجمع.
بعد معركة الكرامة، زار ياسر عرفات مصر، وكانت قيادة "فتح" قد انتخبته متحدثا رسميا باسم الحركة، وعندما سأله الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن صمود المقاتلين في معركة الكرامة وصد العدوان الإسرائيلي، أجابه قائلاً: "نطعم لحومنا لجنازير الدبابات ولا نركع". مما دفع الزعيم جمال عبد الناصر إلى إطلاق عبارته الشهيرة بصدد الثورة الفلسطينية: انها "وجدت لتبقى وهي أنبل ظاهرة عرفها التاريخ".
وقد قادت الانتصارات العسكرية التي أحرزتها فصائل الكفاح الفلسطيني المسلح وتعاظم التأييد الجماهيري لنهجها المقاوم إلى تحقيق نصر سياسي تجلى في سيطرتها على دفة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في4 شباط (فبراير) 1969 لتحررها من قيود الاحتواء والهيمنة العربية. وباتت المنظمة تشكل بالقيادة الجديدة وطناً معنوياً واحداً حراً مستقلا ًللفلسطينيين جميعاًَ، وممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، واتخذت "فتح" دورها حاضنة للوحدة الوطنية الفلسطينية، وضامنة للسلم الأهلي، وصمام الأمان في وجه الفتنة والاقتتال.
على الرغم من النجاحات الكبرى التي حققتها حركة "فتح" منذ انطلاقتها، إلا أنها تعرضت لكثير من الانتكاسات. فبعد معركة الكرامة ومرحلة النهوض الثوري، كان الخروج المدوي من الساحة الأردنية إثر الأحداث الدامية من منتصف 1970، ففقدت الحركة وباقي فصائل النضال الفلسطيني إحدى أهم ساحات العمل الوطني، التي كانت تشكل، لما تحتويه من سمات إستراتيجية وذخرا جماهيريا، رافعة قوية للعمل الكفاحي.
وفي 14 آذار (مارس) 1978، شنّت إسرائيل هجوماً على الجنوب اللبناني، أطلقت عليه "عملية الليطاني"، شارك فيها أكثر من 25 ألف جندي بهدف إبعاد المجموعات الفدائية الفلسطينية عن الحدود، واستمرّ الهجوم سبعة أيام احتلت إسرائيل خلالها أراض لبنانية بعمق 10كيلومترات، لتنسحب بعدها اثر تشكيل قوات الفصل الدولية "اليونيفيل"، وتسلم المنطقة لجيش لبنان الجنوبي.
وكانت قوات الثورة المرابطة في الجنوب اللبناني شنت سلسلة من العمليات المميزة، كان أشهرها عملية سافوي عام 1976، ثم عملية دلال المغربي عام 1978، وغيرها الكثير من العمليات التي استهدفت المستوطنات الشمالية القريبة من الحدود اللبنانية والتي أوجعت اسرائيل وأقضت مضاجع مؤسستها العسكرية والأمنية.
هزات سياسية وعسكرية
سياسيا: تعرضت لها الثورة الفلسطينية تمثلت في الاختلاف الفلسطيني الذي أعقب تبني المنظمة في 8 حزيران (يونيو) 1974 برنامج النقاط العشر الداعي إلى الموافقة على إقامة السلطة الوطنية على أي شبر يتم تحريره او الجلاء عنه، أو ما أطلق عليه مرحلية النضال من منطلق النظرة الواقعية، وفهم طبيعة المرحلة، وتوازن القوى وتعبيراً عن القدرة على التواصل والتجدد، ونشوب الحرب الأهلية في لبنان واندفاع قوى المقاومة الفلسطينية، لأسباب عديدة ومتنوعة، إلى أتونها، الأمر الذي شتت وجهة الكفاح الفلسطيني وبث الاضطراب في بوصلته.
لكن، ومن خلال العمل الدؤوب، جملة من النجاحات تمثلت في انتزاع اعتراف معظم دول العالم بشرعية النضال الفلسطيني، واحتل مندوبو منظمة التحرير الفلسطينية المراكز المرموقة في المؤسسات والمحافل الدولية الفاعلة. وتتوجت هذه النجاحات يوم 13/11/1974 بوصول الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر باليد الأخرى، ليلقي على مسامع زعماء العالم إحدى أهم الكلمات في تاريخ الديبلوماسية في العالم.
وفي عام 1982خاضت الثورة الفلسطينية معركة أسطورية في مواجهة الجيش الإسرائيلي، فبتاريخ 6 حزيران (يونيو) 1982 بدأ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي لمدن الجنوب اللبناني، ثم تحرك براً وكان الهدف المعلن من قبل إسرائيل تدمير منظمة التحرير الفلسطينية. وبدأت المواجهة التي استبسل فيها أشبال ورجال الفتح، فكانت قلعة شقيف شاهداً، وكان الصمود الأسطوري في بيروت والذي استمرّ 88 يوماً من الحصار والقصف البري والجوي والبحري للمقاومة الفلسطينية التي فضّلت الموت على الاستسلام. لكن أمام الأوضاع الداخلية التي كان يعيشها الشعب اللبناني، ولوقف العمليات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين أيضاً، اضطرت منظمة التحرير للخروج من بيروت، فرحل ما يقارب 12 ألف مقاتل فلسطيني إلى بعض الدول العربية بتاريخ 30 آب (أغسطس) 1982، وانتقلت القيادة الفلسطينية إلى تونس.
وقد تلقت حركة فتح خلال مسيرتها الكثير من الضربات، فقادتها كانوا هدفاً لعمليات الاغتيال، وعلى رأسهم أعضاء اللجنة المركزية، فكان الشهيد أحمد موسى وأبو علي إياد وأبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان وعبد الفتاح الحمود وسعد صايل وماجد أبو شرار وهايل عبد الحميد وممدوح صبري صيدم وخليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد) ، واخيرا ياسر عرفات، قضوا جميعا على دروب الحرية والاستقلال.
الانتفاضة وعصر المفاوضات
واجهت الثورة الفلسطينية مؤامرات كثيرة، وتلقت ضربات قاسية بعد خروجها من بيروت، لكنها في كل مرة كانت تصمد وترفض الركوع، واستطاعت أن تحافظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل مقابل السعي العربي الرسمي للسيطرة على القرار الفلسطيني، أو إلغائه أو طمسه.
ففي عام 1987 اندلعت انتفاضة الحجارة التي انطلقت شرارتها من أزقة مخيم جباليا، لتعم باقي المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية الأخرى، وقد جاءت الانتفاضة امتداداً للرؤية الفتحاوية المتمثلة في الثورة الشعبية التي تحرق الأرض تحت أقدام الغزاة، وتعيد للوطن حريته وللمواطن كرامته، وتصدرت حركة فتح الجماهير الفلسطينية لتدير دفة الانتفاضة، وكان الشهيد خليل الوزير أبو جهاد الموجه والقائد، مما دفع برجال الموساد الإسرائيلي إلى استهدافه واغتياله في تونس، إلا أن هذا لم يوقف لهيب الانتفاضة، فقبل أن تكمل عامها الثاني، كان المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر بتاريخ 15 تشرين الثاني 1988م يعلن بلسان الرئيس الراحل أبو عمار قيام الدولة الفلسطينية.
وخاضت "فتح" في مطلع التسعينات حرباً سياسية فرضت من خلالها تواجداً وتمثيلاً للشعب الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد في تشرين الثاني (نوفمبر) 1991، عندما شكّلت وفداً فلسطينياً بزعامة الدكتور حيدر عبد الشافي، وعضوية شخصيات فلسطينية من داخل الأراضي المحتلة، لتمثيل الشعب الفلسطيني في هذا المؤتمر.
وفي 13 أيلول (سبتمبر) 1993، وقعت اتفاقية أوسلو بين قيادة منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية، وكانت عودة كوادر وقيادات الثورة من الخارج إلى أرض الوطن بتاريخ 4 أيار (مايو) 1994، ثم الرئيس الراحل ياسر عرفات في الاول من تموز (يوليو) من العام نفسه، لتبدأ مرحلة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني بعد أن أقر المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقدة في تونس بتاريخ 10 تشرين الأول (أكتوبر) 1993 قيام أول سلطة وطنية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وانتخب عرفات من قبل الشعب الفلسطيني رئيساً لها في انتخابات ديمقراطية نزيهة في 20 كانون الثاني (يناير) 1996 إلى جانب انتخاب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني والذي حصدت "فتح" غالبية مقاعده.

(وفا)
 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,446,394

عدد الزوار: 7,028,979

المتواجدون الآن: 56