الحرب الثالثة.. ملاحظات أساسية

تاريخ الإضافة الأحد 21 أيلول 2014 - 7:30 ص    عدد الزيارات 375    التعليقات 0

        

 

الحرب الثالثة.. ملاحظات أساسية
ماجد عزّام
ربما يكون من المبكر الخروج باستنتاجات نهائية حول حرب غزة وتداعياتها على الواقع في فلسطين والمنطقة وربما يكون من الافضل انتظار نتائج المفاوضات التي ستجرى في القاهرة بعد أيام لمناقشة القضايا الصعبة والشائكة التي تم تأجيلها مثل المطار والميناء والاسرى غير ان بالإمكان تقديم استنتاجات اولية أو ملاحظات اساسية عن تطورات ومجريات الحرب التي كانت الثالثة التي تخوضها غزة في غضون ست سنوات تقريبا.

ـ اكد الصمود الاسطوري للغزيين خلال الحرب مرة جديدة على ان الشعب الفلسطيني محكوم بالمقاومة التي باتت قدراً بالنسبة له واكدت الحرب حقيقة ان أي فلسطيني هو مقاوم بالضرورة ولو على طريقته وان بعض الاستثناءات تثبت القاعدة السابقة ولا تنفيها.

ـ اثبتت الحرب كذلك عجز اسرائيل عن هزيمة الشعب الفلسطيني وفشل الحل بل الحلول العسكرية في مواجهة شعب يبحث عن اماله المشروعة في الحرية السيادة والاستقلال وللمفارقة فان هذا هو نفس ما قاله الجنرال دان شومرون رئيس الاركان الإسرائيلي اثناء الانتفاضة الاولى في ثمانينيات القرن الماضي.

ـ في السياق نفسه برهنت الحرب على عجز جيش الاحتلال عن تحقيق انتصار عسكري واضح وقاطع في مقابل المقاومة الفلسطينية ويبدو لافتا هنا ليس فقط ان اخر انتصار لا لبس فيه تحقق في النكبة الثانية عام 67-اسمتها انظمة الاستبداد نكسة كي لا يستخلصوا العبر ويدفعوا الثمن- وانما تبرير رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين لاحد اصدقائه موافقته على توقيع اتفاق اوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية بيقينه من عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق الانتصار في أي حرب قادمة.

ـ رغم الخسائر والتضحيات الهائلة بشرياً ومادياً الا ان الحرب اعادت تجسيد الوحدة السياسية والوطنية بين الضفة الغربية وقطاع غزة كما انها كانت بمثابة اعلان رسمي عن فشل المفاوضات وعملية التسوية برمتها ولا احد سيفكر الان وبعد الجرائم الاسرائيلية التي ارتكبها جيش الاحتلال في استئناف عملية فاشلة مع حكومة باتت ساقطة بحجة انها لم توقع مزيداً من الاذى بالفلسطينيين رغم الدمار الهائل والمأسوي الذى حل بغزة واهلها.

ـ واحدة من اهم دلالات الحرب برأيي تتمثل في ان حركة حماس قاتلت مرتين في اقل من سنتين تقريبا -وهي في حالة قطيعة مع النظام السوري والمحور الداعم له والمتحالف معه الذي انتفت صفة المقاومة عنه ليس فقط نتيجة لجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها بحق الشعب السوري - وشعوب عربية اخرى - وانما لغياب أي نفوذ أو تأثير له في القضية المركزية التي لم تعد كذلك وحل مكانها الدفاع عن النظام الساقط اصلاً في الشام.

ـ على صلة بالدلالة السابقة اكدت الحرب غياب أي تأثير أو نفوذ لإيران في الملف الفلسطيني في ظل القطيعة أو شبه القطيعة مع حماس والعلاقة المتردية تاريخياً مع حركة فتح وهذا ما يفسر الصمت الإيراني طوال فترة الحرب تقريبا وتلعثم حلفائها امام حرب قادتها فعلياً حماس التي كانت لثلاث سنوات في خطابهم جزءاً من مؤامرة مزعومة اممية اميركية صهيونية عربية اخوانية ضد النظام السوري وحلفائه والضجيج الذى اثارته بعض الوسائل الاعلامية التابعة لطهران وليس كلها بالمناسبة- لم يهدف فقط الى التغطية على هذه الحقيقة الساطعة وانما لحجب أي مكاسب سياسية أو اعلامية عن حركة حماس وهو ما بدا اقرب الى تغطية الشمس بغربال.

ـ اقليميا اظهرت الحرب عدم صوابية فكرة أو سياسة استئصال حركات الاسلام السياسي والاخوان المسلمين تحديدا من المشهد السياسي في المنطقة حيث اضطرت قوى اقليمية ودولية عديدة الى التحادث مباشرة أو غير مباشرة مع حماس هذا لا يعنى طبعا ان من حق التيار الإسلامي الهيمنة على المشهد لا في فلسطين ولا في المنطقة بل العمل لتعميم النموذج التونسي على المنطقة ولو بتحديثات ما لتجنيبها اخطار الاقتتال والحروب الاهلية المستترة أو العلنية.

ـ لا يمكن انكار نصف النجاح الذي حققته القاهرة في الملف الفلسطيني والتوصل الى تفاهم لوقف لإطلاق النار بعد خمسين يوماً من الحرب الا ان التعميم الفتحاوي الاخير-وزع السبت 30 اب اغسطس- اكد ان التفاهم جاء بتدخلات وساطات اخرى اقليمية ودولية-قطرية واميركية - أي ان الحرب اعادت حضور القاهرة في الملف الفلسطيني ولكن ليس وحدها لان زمن الوساطة الحصرية قد ولى وانتهى ليس فقط فلسطينياً وانما اقليمياً وحتى دولياً ايضاً.

ـ في الاخير عود على بدء فالبطل الحقيقي للحرب الاخيرة أي الشعب الفلسطيني يستحق بالتأكيد تعاطياً مختلفاً معه من قبل الفصائل وتحديداً حركتي فتح وحماس. واذا كان من المنطقي والمنصف عدم امتلاك حماس وحدها لقرار الحرب، فإن من المنطقي والمنصف ايضاً عدم امتلاك فتح وحدها لقرار السلم والجهاد الاكبر والاصعب لا يتعلق فقط بإعادة اعمار غزة وهي المهمة التي ستستغرق سنوات طويلة وانما بكيفية بلورة استراتيجية وطنية موحدة لإدارة الصراع مع اسرائيل تقطع مع ذهنية المفاوضات والتنسيق الامني وتقتنع بان من المستحيل العودة لحرب واسعة وشبه تقليدية معها كل سنتين أو ثلاث سنوات. استراتيجية تعتمد المقاومة بكافة اشكالها واساليبها وتعطى الاولوية لمواجهة حرب التهويد والاستيطان المستمرة في الضفة الغربية والتي لم تتوقف يوماً واحداً حتى خلال الحرب الاخيرة، كما لمحاسبة ومعاقبة اسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها وما زالت بحق الشعب الفلسطيني واستغلال التعاطف الدولي الرسمي والشعبي الكبير بما يصب في اتجاه تحقيق الاهداف الوطنية المشروعة في السيادة والاستقلال وتقرير المصير.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,841,111

عدد الزوار: 6,968,227

المتواجدون الآن: 85