في مواجهة طرد الفلسطينيين وتشريدهم واستلابهم ....خلق الحقائق في الأذهان

تاريخ الإضافة الأربعاء 9 كانون الأول 2009 - 5:37 ص    عدد الزيارات 976    التعليقات 0

        

قبل ستين عاماً، صوتت الجمعية العمومية للامم المتحدة على انشاء هيئة موقتة تعرف بوكالة الامم المتحدة لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم ("الاونروا"). وقد كانت مهمة الاونروا تتمثل في التعامل مع العواقب الانسانية لطرد ما يقرب من ثلاثة ارباع مليون لاجئ فلسطيني بالقوة نتيجة الحرب التي دارت في الشرق الاوسط عام 1948 وليجدوا انفسهم وقد هجروا عن بيوتهم وابعدوا عن اراضي اجدادهم. وبعد عقدين فقط، احدثت حرب الايام الستة موجة جديدة من العنف والتشريد القسري، ونتج منها احتلال باقي الاراضي الفلسطينية. واليوم، فإن النفي المؤلم لا يزال نصيب الفلسطينيين وبالاخص اللاجئين منهم. فاحتلال الاراضي الفلسطينية لا يزال مستمراً، وليس ثمة دولة فلسطينية حتى اللحظة، اضافة الى ان حقوق الانسان والحريات الاساسية، والتي هي حق للفلسطينيين بموجب القانون الدولي، ما زالت مسلوبة وغير موجودة.
الاحتلال الاسرائيلي، الذي انهى عقوده الاربعة اصبح راسخاً اكثر مع كل انتهاك لحقوق الانسان وللقانون الدولي في الاراضي الفلسطينية المحتلة. الجهات السياسية الفاعلة تمتلك بيدها القدرة على تصويب الاوضاع وتحدي سياسة الامتهان التي يكابدها الفلسطينيون. ولكن الوضع الحالي مختلف، ذلك ان توجه الجهات السياسية كان ولا يزال، وفي احسن احواله، يتيه في تفصيلات الاحتلال وتجلياته... نقطة تفتيش هنا ترفع او تفرض او كيس من الاسمنت هناك يمنع دخوله او يسمح به. وفي اسوأ الاحوال، كان التوجه يتمثل في عدم الالتفات الى ما يحصل من انتهاكات واحياناً اخرى السكوت او حتى مساندة الاجراءات والسياسات التي تتسبب بمعاناة الفلسطينيين.
ومن وجهة نظري كرئيسة للوكالة المفوضة بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وحمايتهم، فإنه لمن المحيّر والمربك على وجه التحديد رؤية ان التوجه الدولي السائد يفشل – او يرفض – في منح قضية اللاجئين الاهتمام الذي تستحقه. وعلى مدى ستين عاماً، فإن حالة الطرد والاستلاب لشعب بأكمله فشلت في ان تكون في صلب جهود السلام وجوهرها. ان نقطة الانطلاق التي ينبغي للسلام ان يبدأ منها غائبة عن جدول الاعمال الدولي، ومركونة جانباً باعتبارها واحدة من قضايا "الوضع النهائي"، اي انه قد تم اقصاؤها كقضية تنتمي الى مرحلة لاحقة من عملية المفاوضات.
وفيما تستمر حالات التشريد القسري في مختلف انحاء الضفة الغربية، حيث يتم طرد الفلسطينيين من بيوتهم في القدس الشرقية، فإنني اطرح سؤالاً بسيطاً: ألم يحن الوقت بعد لاولئك المنخرطين في عملية السلام لحشد الارادة والشجاعة لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين؟
وفي هذه الذكرى الستين – ويا للاسف – للوكالة والتي سأغادرها مع نهاية الشهر الجاري، فإنني اود ان اعيد تركيز النقاش حول من تم تشريدهم وطردهم، وان اضع اللاجئين انفسهم في صلب جهود صنع السلام. ولا يظن البعض انني مخطئة في ذلك: ليس هناك اي نزاع واحد في العصر الحديث قد تم حله، ولم يتم التوصل الى سلام دائم في اي مكان على وجه الكرة الارضية ما لم يتم الاستماع الى اصوات ضحايا ذلك النزاع وما لم يتم الاعتراف بالخسائر التي تكبدوها والثمن الغالي الذي دفعوه وما لم يتم مواجهة الظلم الذي تعرضوا له. ان سوابق جهود صنع السلام الاخيرة والمنهجية التي تم اتباعها في حل النزاعات المعاصرة تؤكد ان اعطاء الاولوية القصوى لحل مشكلة الطرد والتشريد واستلاب الحقوق واستيعاب محنة اللاجئين لهي ضرورة، والتزام دولي وواجب انساني.
ان المواجهة الفلسطينية – الاسرائيلية معقدة وفريدة. ومن بين ابعادها التي لا تعد ولا تحصى، والتي بمجملها تتطلب الاهتمام، فإن قضية اللاجئين والتي لم تجد طريقها الى الحل تعد واحدة من القضايا الاكثر ارتباطاً وتعبيراً عن حالة عدم اليقين في الحالة الاقليمية والوضع السائد وبمسألة استمرار النزاع. وتالياً، فإن معالجة تلك القضية هي شرط ضروري لا غنى عنه في سبيل إحراز تقدم نحو اي حل تفاوضي. ان الفضل في التعامل مع قضية اللاجئين وإلقائها جانباً لم يخدم سوى محاولة التنصّل وتبديد محورية اللاجئين واهميتهم كمجموعة لها دور مفصلي في توفير السلام واستدامته. لقد خلق هذا الاهمال لقضية اللاجئين لدى الكثيرين حالاً من الشك والاحباط حيال عملية السلام برمتها، مما ادى الى تعزيز مواقف اولئك الذين يجادلون ضد مفهوم السلام ذاته.
واياً يكن، فإنني ارفض ان انهي خدمتي في منصب المفوض العام للاونروا بنظرة متشائمة. وعوض ذلك، فإنني ألحّ على ان نقوم باتخاذ الخطوات العملية المطلوبة من اجل اشراك الفئات المهمشة. دعونا ندحض المتشائمين والمشككين. دعونا نخلق واقعاً بديلاً لنزع اسلحة اولئك الذين يفضلون العنف. انني اناشد صانعي السلام الاعتراف، في خطاباتهم وتصريحاتهم، والاهم في سياساتهم الفعلية، بالحاجة الى معالجة حالة الطرد والتهجير والاستلاب والتشريد الفلسطينية. افسحوا في المجال للمضمون الحقيقي بأن يحل محل الرمزية والبلاغة الكتابية واللفظية. وفي الذكرى السنوية الستين للاونروا، ادعو المجتمع الدولي واطراف النزاع الى الاعتراف بستين عاماً من الظلم الذي حل بالفلسطينيين وذلك كخطوة اولى نحو معالجة عواقب ذلك الظلم.
دعونا نقوم ببناء الحقائق في اذهاننا من اجل خلق حقائق لسلام عادل ودائم على ارض الواقع.
 

بقلم كارين أبو زيد     
( المفوض العام للأونروا)   

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,729,753

عدد الزوار: 6,910,824

المتواجدون الآن: 106