قنبلـة أحمـدي نجـاد - بقلم مروان اسكندر

تاريخ الإضافة الأحد 4 تشرين الأول 2009 - 6:56 ص    عدد الزيارات 1317    التعليقات 0

        

قبيل سفر الممثل الايراني الى جنيف للبحث مع ممثلي الدول الست في البرنامج النووي لايران، أعلن الرئيس الايراني أحمدي نجاد انه يرحب بترتيب يؤمن تخصيب الأورانيوم خارج ايران. ومعلوم ان الدول الست هي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وصاحبة الحق في الفيتو، اضافة الى المانيا، وهي الدولة الاولى مع فرنسا التي تعاقدت على بناء مفاعل نووي كهربائي في ايران زمن الشاه.
هذا الموقف له ابعاد ايجابية كبيرة، وهو بالتأكيد يفرض على الدول الست اعادة النظر في العلاقات مع ايران على أكثر من صعيد. وربما من المفيد في هذا المجال الاشارة الى بعض المواقف الاميركية والأوروبية والروسية في هذا الموضوع، كما يجب ألاّ ننسى تركيا، الدولة المتعاظمة القوة والموقع في الشرق الادنى.
عام 2008، نشر كتاب بعنوان "أميركا والعالم"، وهو مناقشة مع بريجنسكي وسكوكروفت اجراها الكاتب المعروف دافيد اغناطيوس الذي عمل في منطقة الشرق الاوسط طويلا انطلاقا من بيروت. ومعلوم ان بريجنسكي كان رئيس مجلس الامن القومي الاميركي خلال رئاسة جيمي كارتر. أما سكوكروفت، وهو جنرال متقاعد يتمتع باحترام كبير في الاوساط الحكومية والأكاديمية، فكان قد تولى المنصب ذاته خلال رئاسة جورج بوش الاب.
يقول سكوكروفت عن مناقشة العلاقات مع روسيا الاتحادية: "لقد وجه فلاديمير بوتين رسالة واضحة في خطاب القاه في ميونيخ في آذار 2007، اذ اثار ثلاث نقاط تركز الانتباه على البندين الاولين منها، في حين اهمل البند الثالث الاكثر أهمية.
"أولا، وجه بوتين انتقاداً لاذعاً الى الدول الغربية التي اتهمها بأنها تعاملت مع روسيا الاتحادية وكأنها من بلدان العالم الثالث، في حين انها تتجاوز حضاريا وعلميا غالبية البلدان الغربية.
"ثم انتقل الى القول، وهذه هي النقطة الثانية، بعد اليوم لن تقبل روسيا الاهمال المتعمد أو التحديات غير المبررة. وأتى البرهان على موقفه في حرب صيف 2008 عندما افتعلت جورجيا، بتشجيع علني من اسرائيل وضمني من الولايات المتحدة، حربا على أوسيتيا الجنوبية التي تعتبر منطقة محايدة ومتاخمة لروسيا وسكانها من الروس، فكان الرد الروسي صارما.
"أما النقطة الثالثة التي تستحق العناية، بحسب سكوكروفت، والتي لم تحظ بانتباه الغربيين، فقد تمثلت في دعوة بوتين، بعد توجيه الانتقادات، الدول الغربية الرئيسية الى التعاون على تركيز عمليات تخصيب الاورانيوم لدى وكالة الطاقة الدولية بحيث تنخفض كلفة التخصيب ويكون هناك حظر حقيقي على توفير الأورانيوم المخصب الى درجة تسمح بالاستعمال الحربي، وتاليا تسود الطمأنينة دوليا الى الكميات المتوافرة، ولمن، ودرجات التخصيب".
هذا الموقف اهمل بالفعل حتى ربيع 2009 عندما أعلن الرئيس أوباما انه مع ترتيب يؤمن السيطرة على توزيعات الأورانيوم المخصب، وانه في الوقت ذاته يدعو الى تعاون دولي لإلغاء السلاح النووي دوليا. وتالياً، توافق أوباما مع بوتين، ومن ثم تجاوز اقتراحاته لتحقيق حظر كامل للاسلحة النووية. وفي اجتماعات الامم المتحدة هذا الشهر، عبّر رئيس وزراء تركيا عن دهشته من التركيز على ايران بالنسبة الى السلاح النووي، في حين ان اسرائيل التي تمتلك عشرات القنابل النووية لا من يحاسبها ويفرض عليها شروطاً.
وجدير بالذكر هنا ان الرئيس بيل كلينتون كان قد تعاقد مع الروس عام 1996 على شراء الولايات المتحدة الاورانيوم المخصب من روسيا الاتحادية بقيمة 600 مليون دولار سنوياً ولمدة 12 سنة، ولا يزال الاتفاق جارياً.
ان انفتاح ايران على اجراء عمليات التخصيب في الخارج أمر يعني، في حال تحقيقه، الغاء اية حجة لدى الولايات المتحدة لاعتبار ايران البلد الاكثر خطراً على السلام العالمي. وفي الوقت ذاته، لا بد من التذكير بان عقود المفاعلات النووية الكهربائية لإنشاء المحطتين الأوليين في ايران كان الشاه قد انجزها مع المانيا وفرنسا اواسط السبعينات، وقبل انتهاء عهده، حصلت ايران على محطة نووية اختبارية صغيرة لتوليد الطاقة من الولايات المتحدة.
لدى ايران ثالث اكبر احتياط نفطي في العالم، وثاني اكبر احتياط للغاز، بعد روسيا. وفي خلال سنوات الحظر على تصدير المعدات التقنية الضرورية لصناعة النفط، انحصر انتاج ايران النفطي بكميات تقل كثيراً عن طاقتها على الانتاج، وهي اليوم تستورد 40 في المئة من حاجتها الى البنزين ووقود الطائرات.
أما الغاز، ومن المعلوم ان الطلب عليه يتزايد بسرعة اكبر من زيادة الطلب على النفط لأسباب بيئية، فقد بقي في باطن الارض وفي المياه الاقليمية في انتظار الجهات التي تتعاقد على التطوير والانتاج مع ايران. وفي 2008، عقدت الصين اتفاقاً لتطوير حقول النفط على اليابسة وتحسين تجهيزات التكرير، وخصصت ثمانية مليارات دولار لهذه الاغراض، علما بان الصين لا تتقيد بشروط الحظر الاميركي. ومن ثم، تبعت الصين روسيا الاتحادية التي اخذت على نفسها تطوير موارد الغاز في المياه الاقليمية الايرانية وتسويق هذا الغاز، حتى في الصين، وخصصت لهذه النشاطات أربعة مليارات دولار. ولا بد من التذكير بان روسيا انجزت اعداد مفاعل بوشهر لانتاج الطاقة الكهربائية، وهذا المفاعل ينتظر كميات الاورانيوم المخصب الى المستوى المطلوب لبدء تشغيله. وتالياً، لروسيا والصين مصالح جذرية في تصالح العالم مع ايران وتحقيق مقدار من الاستقرار في المنطقة، وهذا ما ترغب فيه الانظمة العربية الخليجية التي لا تزال تنفق مليارات الدولارات على التسلح خوفاً من قلاقل وطموحات في منطقة الخليج. كما ان تركيا تصر أيضاً على هذه النتيجة تفادياً لتفجر المنطقة.
العالم اليوم في حاجة الى تهدئة الساحة الدولية مع ايران، وفي حاجة الى موارد الغاز والنفط منها، والتي احتبست جزئياً (النفط) أو كلياً (الغاز) نتيجة القيود الاميركية والتشنج في العلاقات الاميركية - الايرانية الذي امتد في نطاق محدود الى العلاقات الاوروبية - الايرانية.
ان موقف الرئيس الايراني يفتح نافذة للأمل في استقرار العلاقات مع ايران، ولا شك في ان هذا الموقف يفيد الرئيس الايراني على الصعيد الداخلي. فمن المؤكد ان موقعه تعرض لبعض الاهتزاز في الآونة الاخيرة، هو يعلم تمام العلم ان موقف المعارضين الرئيسيين اللذين خاضا الانتخابات الرئاسية ضده، لا يختلف عن موقفه إلا في درجة الليونة في التعامل مع الغرب.
وهكذا، استطاع أحمدي نجاد رمي الكرة عند الطرف المقابل – الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا الاتحادية – وتالياً، افسح في المجال، اذا صدقت النيات لدى جميع الاطراف، للتوصل الى اتفاق يساهم في تخفيف حدة المواجهة الجارية منذ سنوات، كما يساهم في الحدّ من المخاوف من انحسار موارد النفط والغاز عن المستويات المطلوبة لكفاية الحاجات العالمية في المستقبل المنظور.
ان الامل كبير في تحقيق اختراق على صعيد مواجهة دولية كانت لها آثارها ومفاعيلها في لبنان، فعسى خيرا.

 


ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,094,304

عدد الزوار: 6,934,525

المتواجدون الآن: 91