صعود "الحرس الثوري" هل يغيّر النظام الإيراني ؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 30 أيلول 2009 - 6:23 ص    عدد الزيارات 1262    التعليقات 0

        

بقلم جهاد الزين رسمت مؤسسة "الحرس الثوري" الايرانية في الايام الاخيرة علامة جديدة من علامات صعود بل تعميق نفوذها كأكبر مؤسسة للدولة الإيرانية ولربما كأقوى مؤسسة فيها تجاوزت عمليا، ربما، نفوذ مؤسسة "ولي الفقيه" نفسها؟
فمع شراء "مجموعة شركات مرتبطة بالحرس الثوري" للنصف زائد واحد من اسهم شركة الاتصالات الحكومية التي تحتكر الخطوط الهاتفية الثابتة مقابل حوالى 7,8 مليارات دولار يكون "الحرس الثوري" قد توسع الى مجال جديد في السيطرة على مصالح اقتصادية رئيسية في ايران، مضيفا الاتصالات الهاتفية الى منشآت الانابيب النفطية الى مصانع السيارات حتى الى معدات جراحة العيون بأجهزة "اللايزر" ضمن شبكة كبيرة من المصالح التجارية والصناعية المختلفة.
1 – السؤال الاول هو هل بلغ نفوذ "الحرس الثوري" السياسي والاقتصادي والعسكري حد إحداث تغيير نوعي في بنية النظام الديني الايراني القائم على سيطرة رجال الدين، اي بما هو منذ تأسيسه عام 1979 "نظام رجال الدين" وليس مجرد نظام ديني تقليدي؟
2 – هل يعني تحول "الحرس الثوري" الى القوة المركزية المسيطرة على الدولة الايرانية – حتى بوجود مؤسسات منافسة بصورة او بأخرى – أن جيلا، او تحالف جيلين مخضرم وجديد من "المدنيين" في هذه المؤسسة الامنية ادى الى بروز تكتل مسيطر من غير مرتدي العمائم بهذه الصورة للمرة الاولى منذ تأسيس "الجمهورية الاسلامية" حتى لو حافظ النظام على آليته الاساسية المتمثلة بكون "ولاية الفقيه" هي المصدر الاول للشرعية السلطوية في الدولة؟
لقد كان "الحرس الثوري" (الباسداران) منذ تأسيسه بقرار من الامام الخميني قوة رئيسية بين مؤسسات النظام، قوة ضبط مجتمعي وقوة امتداد مجتمعي في آن معا، وخصوصا في الجامعات، مدعوما لاحقا من "الباسيج" (الميليشيا)، ومتنافسا مع مراكز قوى امنية اخرى كالجيش او وزارة المخابرات ضمن التحالف الصراعي الذي يحكم توازنات نظام رجال الدين، وهو نظام على المستوى الدستوري يتميز بتعددية المؤسسات (ولاية الفقيه – رئاسة الجمهورية – مجلس الشورى – مجلس الخبراء – السلطة القضائية الخ). لكن من المعروف للمراقبين الجادين للوضع الايراني ان مرحلة الرئيس محمد خاتمي (1997) بدأت تشهد صعود نفوذ "الحرس الثوري" في ظل دعم "المرشد الاعلى للثورة" السيد علي خامنئي لهذه المؤسسة ضد التيار المسمى "الاصلاحي" الذي اصبح الرئيس خاتمي على رأسه يومها. لكن الاندفاعة الهجومية فعليا في الاقتصاد والمال والخدمات (بما فيها – يقال – الاقتصاد الموازي) بدأها "الحرس الثوري" في ولاية خاتمي الثانية التي تميزت ايضا بتراجع موقع رئيس الجمهورية وانقضاض اعنف من اخصام خاتمي "المحافظين" على الشارع بما فيها ظاهرة اعتقال المعارضين من سياسيين وصحافيين وناشطين دون ان يتمكن خاتمي من فعل شيء كرئيس، واحيانا في ظل صمته المطبق حيال البعض منهم.
لكن هذا السياق التصاعدي لنفوذ "الحرس الثوري" لا ينبغي ان يفهم، كما الكثير من الظواهر في ايران بشكل جامد. فـ"الحرس" كمؤسسة تعرض دائما – وما زال – ليكون هو ايضا مسرح تجاذب تيارات مختلفة وحتى متنافسة من داخل النظام، سمحت سياسيا، لا امنيا، ببعض مظاهر "الشِللية" (بكسر الشين في مفردة شِلة). وحتى غلاة "المحافظين" المؤيدين للرئيس احمدي نجاد يعترفون بأنه على مستوى القاعدة، نال منافسه مير حسين موسوي في الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي لا تزال موضع جدال داخلي وخارجي، نسبة تفوق النصف من عدد اصوات الناخبين في "الحرس الثوري" وهو الذي يتجاوز عدد المجندين فيه المليون نسمة. لكننا هنا نتحدث عن قمة الهرم في المؤسسة لا عن قاعدتها فقط... ويتداول المراقبون الايرانيون في طهران منذ فترة اسماء عدد من الشخصيات النافذة في "الحرس الثوري" او التي جاءت من صفوفه الى مواقع في الحكومة او في الجيش (نجار، مصطفوي، محسني وغيرهم).
الرئيس احمدي نجاد نفسه الذي جاء من صفوف "الحرس الثوري" وكغيره من العديدين الذين احتلوا مواقع رسمية مختلفة، بنى "شرعيته الثورية" خلال الحرب العراقية – الايرانية... الرئيس نجاد يبدو الآن، اذا انتقلنا الى رصد الصورة الايرانية من مواقع المراقبين الغربيين، وكأنه في ولايته الثانية موضع اعادة نظر في تقييم موقعه في هرم السلطة.
كان الاتجاه العام خلال ولاية احمدي نجاد الاولى (2005 – 2009) هو ميل المتابعين الغربيين الى اعتبار موقعه ثانويا وتابعا قياسا بمرجعية "المرشد الاعلى" ونفوذه في الملفات الامنية والاستراتيجية.
حاليا، وخصوصا في الظروف التي رافقت الانتخابات الرئاسية الاخيرة، ثمة ميل اكثر لدى المحللين الغربيين، للنظر الى موقع احمدي نجاد كموقع رئيسي، اي كصانع قرار في الملفات الاساسية.
لا شك، تتصل اعادة النظر التقويمية هذه بظاهرة استفحال نفوذ "الحرس الثوري" ومن يمكن ان يعنيه هذا من ارتباط الرئيس نجاد ليس بمرجعية "المرشد الاعلى" فقط، وانما بالكتلة القيادية المسيطرة على "الحرس الثوري".
3 – ذهبت دراسة لـ"معهد ابحاث الدفاع الوطني" الاميركي (RAND) هذا العام الى مقارنة وضعية "الحرس الثوري" بما آلت اليه كجيش للنظام السياسي الايراني، بوضعية كل من الجيش الباكستاني والجيش الصيني (في النظام الشيوعي)، قبل الغاء المصالح الاقتصادية للاخير في التسعينات المنصرمة. النقطة الاساسية في المقارنة هي المصالح الاقتصادية الكبرى التي يديرها كل من هذه الجيوش، او كان يديرها كما في حالة الجيش الصيني.
في الواقع النماذج المعاصرة مختلفة. فهناك تجربة الجيش التركي، كذلك الباكستاني، المصري، وإن كان كل منها بدأ يأخذ مدى مختلفا مع اختلاف نمط تطور النظام السياسي نفسه. هناك ايضا تجربة، لعلها الاكثر اهمية طليعية، ولا تحظى بالكثير من المعرفة لدى النخب العربية، هي تجربة الجيش الكوري الجنوبي في الثمانينات كعنصر ريادي في قيادة التحول الاقتصادي – التكنولوجي الذي مهّد لتحول كوريا الجنوبية الى نمر صناعي حديث.
لسنا هنا في هذا الصدد. فـ"الرواية" البنيوية للاقتصاد الايراني غير مشجعة في ظل سيطرة القطاع النفطي الريعي عليه. ولكن هنا الرصد يطال الموقع الاقتصادي في تعزيز السيطرة الامينة – السياسية. "نموذج" ايراني ليس بين اوروبا والعالم الثالث كما هي تركيا، وانما بين العالم الثالث والعالم الثالث!...

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,734,940

عدد الزوار: 6,911,079

المتواجدون الآن: 102