«الرعاع»...بقلم حسام عيتاني

تاريخ الإضافة الثلاثاء 21 تموز 2009 - 6:10 ص    عدد الزيارات 1361    التعليقات 0

        

> في لغة الإعلام الإيراني الرسمي، ليس المشاركون في اضطرابات إقليم كسينغ يانغ الصيني سوى «رعاع» تعيَّن على السلطات هناك منعهم من تدمير الممتلكات والاعتداء على المواطنين.

أدان الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في خطبته يوم الجمعة الماضي القمع الدموي الذي تعرض له المتظاهرون من قومية الايغور والتغطية الإعلامية التي قدمها الإعلام الإيراني. استجاب المصلّون في جامعة طهران لكلام رفسنجاني بالهتاف المندد بالصين وبضم روسيا إليها، ما دفع بحاضرين ينتمون الى التيار المحافظ الى استدعاء الهتاف المطالب بالموت لأميركا.

أسباب انحياز وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية الى جانب السلطات الصينية، قد تعود الى عمق التعاون بين طهران وبكين في المجالات الاقتصادية والعسكرية وإلى حاجة الرئيس محمود احمدي نجاد الى حلفاء دوليين باتوا أندر من «الخِلّ الوفي». وليست هي المرة الأولى التي تتجاهل فيها سلطات الجمهورية الإسلامية ما يتعرض له مسلمو دول أخرى من قمع مُقَدِّمة مصالحها الملموسة على ادعاءاتها الأيديولوجية. لقد حصل ذلك في التسعينات عندما دعمت طهران أرمينيا في حربها ضد أذربيجان (المسلمة ذات الأكثرية الشيعية والتي يتشارك ملايين من مواطنيها في الانتماء القومي مع نظراء إيرانيين لهم)، وحصل كذلك في الثمانينات عندما تجاهل آية الله الخميني دعوات المعارضة الأفغانية (التي ستتحول بعد ذلك الى حركة المجاهدين) للحصول على الدعم اللازم لمواجهة الاحتلال السوفياتي في أواخر عام 1979.

الفصلان الأرميني والسوفياتي في علاقات إيران الخارجية يؤكدان الطبيعة البراغماتية للنظام في طهران. ولقائل أن يقول إن ترك الأفغان بمفردهم أمام السوفيات، كان يصب في خدمة استراتيجية الثورة الإيرانية الباحثة في تلك الفترة المبكرة من عمرها عن تثبيت أقدامها وقبضتها على السلطة في بلدها على رغم أن ذلك أدّى الى تعزيز الأصوات الأفغانية التي كانت تدعو الى التحالف مع الأميركيين لمحاربة القوات السوفياتية، ما أدّى الى فتح الباب أمام التطورات المعروفة في أفغانستان.

الموقف من الايغور في الصين يشير ليس فقط الى التفارق بين «الدولة والثورة» بحسب المقولة اللينينية الشهيرة، بل أيضاً الى التنازل عملياً عن شعارات الوحدة الإسلامية في سبيل الحفاظ على المصالح الأهم بما لا يقاس مع الصين، بغض النظر عن الهوية الدينية أو القومية أو السياسية للحكم القائم في الصين.

لذا، ليس تماهي حكومة احمدي نجاد والمتحدثين باسمها مع سلطات إقليم كسينغ يانغ وبكين بغريب. «فالرعاع» الذين قُتل منهم اكثر من مئة برصاص قوات الأمن الصينية، هم نسخة طبق الأصل عن «رعاع» آخرين قتلوا برصاص الباسيج في طهران. والإسراف في استخدام العنف هناك للحيلولة دون تعبير أقلية ترى نفسها مضطهدة ثقافياً وسياسياً وتطالب بالحد الأدنى من الاعتراف ضمن إطار الدولة الصينية، لا يختلف في المنطلقات والأهداف عن إسراف مشابه جرى اللجوء إليه لإلغاء حق قسم من الجمهور الإيراني في إعادة إجراء الانتخابات بعدما تملكته «الشكوك» في شأن صحة تلك التي جرت في حزيران (يونيو) الماضي، بحسب تعبير هاشمي رفسنجاني.

ربما يجوز الحديث، في المقام هذا، عن وحدة تجمع وجهتي نظر حكومتين تزعمان تولّي السلطة باسم «الجماهير» و «الكادحين» و «المستضعفين» وما يدخل في هذا الباب من صفات، فيما تتبنيان، واقعياً، موقفاً لا يؤمن سوى بضرورة البقاء في السلطة مهما كان الثمن، متجاوزاً صفات البراغماتية الى حدود الانتهازية الفاقعة، سيان كانت شعارات السلطة جمهورية إسلامية أو شيوعية أو غير ذلك.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,170,252

عدد الزوار: 6,758,658

المتواجدون الآن: 118