"تويتر" محرك الشارع الإيراني

تاريخ الإضافة الثلاثاء 7 تموز 2009 - 8:53 ص    عدد الزيارات 1307    التعليقات 0

        

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي سمة هذا الجيل من مستخدمي الانترنت. فقد أتاحت مواقع مثل الفيس بوك Facebook واليوتيوب YouTube وتويتر Twitter الشباب وجماعات المعارضة من التواصل فيما بينهم من جهة ومع العالم الخارجي من جهة أخرى. وأصبحت تلك المواقع ساحة للنقاش السياسي وتشكيل الرأي العالم الداخلي وتعبئته حيال كثير من القضايا الداخلية في ظل القيود الكثيرة التي تفرضها عديد من الأنظمة السياسية على وسائل الاتصال والتعبير عن الرأي وحرية الحركة والتعبير السياسي.

كان دور تلك المواقع جليًّا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية من حيث نشاط مؤيدي الرئيس أوباما إبان الانتخابات الرئاسية العام الماضي (2008) لجمع التأييد لمرشحهم الديمقراطي ولتشجيع الشباب والناخبين إلى الاقتراع في الرابع من نوفمبر لأوباما. وخلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية وما تبعها من ثورة شعبية عقب إعلان نتائج الانتخابات كانت تلك المواقع حاضرة بقوة رغم الضغوط الإيرانية على ولوج الإيرانيين إلى تلك المواقع لقطع اتصالهم بالخارج ونقل ما يحدث في ظل تعتيم إيراني رسمي على ما يحدث.
ولكن في ظل هذا التضييق كان لموقع "تويتر" كبير الدور في تواصل الشباب الإيراني ونقل الأحداث بعد وقف السلطات الإيرانية خدمة الرسائل القصيرة وخدمات الاتصال. وفي تقريرنا التالي نلقي الضوء على واحدة من أحد شبكات التواصل الاجتماعي وهي خدمة "تويتر".
ماذا تفعل؟
"ماذا تفعل؟"، هذا التساؤل البسيط هو ملخص ظاهرة "تويتر" الجديدة التي بدأت تنشط بقوة. "تويتر" هو موقع مجاني عنوانه الالكتروني Twitter.com. ظهر هذا الموقع في عام 2006 من قبل مجموعة صغيرة في البداية بولاية كاليفورنيا. يسمح الموقع لمستخدميه بإرسال واستقبال رسائل عبر الهاتف الخلوي، وكذلك الرسائل الفورية، أو رسائل على الموقع. وكل رسالة تتألف من 140 كلمة كحد أقصى، تأتي ردًّا على سؤال مباشر: "ماذا تفعل؟". ويشارك المستخدم إجابته على التساؤل مع شبكة أصدقائه على الموقع.
وخلافًا لخدمات إرسال الرسائل التقليدية يتيح تويتر لمستخدميه تبادل أماكنهم وحالاتهم المزاجية بسهولة ويسر بين مجموعة كبيرة من الأصدقاء. فأحد مستخدمي "تويتر" تبادل مع أصحابه حالته قائلاً: "أنا أتناول ساندوتش" على سبيل المثال. ويمكن الموقع من تعبئة الرأي العام وربط جماعات المصالح بصورة كبيرة وجعل وسائل الاتصال والالتقاء فيما بينها أمرًا يسيرًا، طارحًا أمامهم وسائل اتصال جديدة تتلقى قبولاً شعوبيًّا غير معهودٍ.
خدمات "تويتر"
تشير عديد من الإحصاءات إلى ارتفاع شعبية الموقع فحسب صحيفة وول استريت جورنال Wall Street Journal وصل عدد مستخدمي موقع تويتر إلى ما يقرب من 32 مليون مستخدم حول العالم. ويتوقع كثير أن هذا الرقم في مرحلة التزايد مع تزايد شعبية هذا الموقع لاسيما بين الشباب وجماعات المصالح، ونجاحه الجلي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمظاهرات والاحتجاجات التي يموج بها الشارع الإيراني عقب الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية العاشرة، وإحلال "تويتر" محل عديدٍ من وسائل الاتصال التي حجبتها الحكومة الإيرانية أمام المتظاهرين والمحتجين.
لا تقتصر اهتمامات مستخدمي "تويتر" على الجوانب السياسية من تعبئة الرأي العام الداخلي أو الخارجي تجاه قضية ما، ولكن الجانب الاجتماعي أضحى أحد اهتمامات مستخدمي الموقع، فالموقع يتيح لمستخدميه تشكيل شبكات اجتماعية على نطاق واسع. فالموقع يقوم بدور مهم في استكشاف آراء واتجاهات المستخدمين لسلعة ما أو شخص أو خدمة. فوسائل التسويق التقليدية التي تعتمد على التركيز على مجموعة معينة والقيام باستطلاعات مكلفة مالية ومهدرة للوقت. فعلى العكس يوفر "تويتر" مثل كثير من مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للتوصل إلى الآراء بصورة سهلة والوقوف على ما يريد مستهلكي سعلة معينة، وما هي مطالبهم وطموحاتهم وما هي أوجه القصور في الخدمة والسلعة ومن ثم تجنبها والعمل على تفاديها في المرحلة المقبلة.
وتتجه عديد من الحكومات إلى استخدام "تويتر" من أجل نشر المعلومات بسرعة بين أكبر عدد من المواطنين. ويتوقع البعض أنه في المستقبل القريب ستكون الرسائل العاجلة بإعصار أو فيضان أو انتشار وباء فتاك مصدرها "تويتر".
تويتر ودمقرطة الإعلام
ويعتبر كثيرون أن موقع "تويتر" أضحى جزءًا مهمًّا من اتجاه قوي لدمقرطة وسائل الإعلام. فقد استبدلت وسائل الإعلام الرئيسة ـ التي تعرف اختصارًا في عالم "تويتر" بـ (MSM) ـ بصورة متزايدة بمصادر معلومات لامركزية. فقد غيرت المدونات وخدمات الشبكات الاجتماعية العلاقة بين مصادر الأخبار وقرائها. وحاليًّا، هناك عديدٌ من الرسائل على الموقع أن وسائل الإعلام الرئيسة لم تقدم تغطية إخبارية على درجة من الكفاءة لما يحدث في طهران من مظاهرات واحتجاجات. فحسب صحية نيويورك تايمز شككت الألوف من أن الشبكات الإخبارية الأمريكية، ولاسيما "سي إن إن CNN" قدمت معلومات غير كافية عن الاضطرابات السياسية في البلاد.
فقد أصبح "تويتر" وشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى أداة مهمة لمراقبة وسائل الإعلام الرئيسة، والحكم على مدى مهنيتها أو تحيزها في تغطية الأحداث والاضطرابات. وهو الأمر الذي يضع حدًّا لدور وسائل الإعلام في تزيف العقول أو نشر معلومات غير صحيحة، ولعل هذا ما لاحظناه في الحرب الأمريكية على عراق صدام حسين في مارس 2003 والترويج لإدعاءات المحافظين الجدد للحرب والذي أظهر مدى خطئها وعدم صحتها بعد فترة من التورط والخسائر الأمريكية.
دور بارز في الانتخابات والمظاهرات
لعب "تويتر" دورًا جليًّا في تواصل الشخصيات العامة مع أفراد المجتمع. فخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي (2008) نشط باراك أوباما وأعضاء حملته الانتخابية ومؤيديه على موقع "تويتر" بصورة قوية، ومنذ دخوله البيت الأبيض لم يستخدم "تويتر". وأيضًا حاول المشاهير استخدام الموقع كوسيلة للاتصال مع جماهيرهم. وأصبح الموقع بصورة كبيرة أداة تسويقية وأحد الوسائل المساعدة في صياغة صورة عامة للنجوم والمشاهير.
أضحى موقع "تويتر" أحد أشهر المواقع التي ينشط خلالها المعارضون لأنظمتهم السياسية ولجماعات المصالح والضغط لاسيما في الأنظمة السلطوية القمعية التي تفرض قيودًا صارمة وقسرية على وسائل اتصال مواطنيها ومعارضيها. ولذا أصبح موقع "تويتر" أحد المهددات لكثير من الأنظمة السلطوية في كثير من أنحاء العالم لقدرته على ربط وتنظيم مجموعات المصالح، وبذلك أصبح الموقع آلية قوية لتعبير المعارضة عن نفسها. ففي مولدفيا نجح مستخدمو الموقع في تعبئة الرأي العام خلال إبريل الماضي حيث خرج ما يقرب من ألف متظاهر مشككين في نتائج الانتخابات البرلمانية. فسمح الموقع لزعماء المعارضة من توسيع الرؤية الزمنية والمكانية للاحتجاج من دون خضوعهملمراقبة المسئولين المحليين.
وفي إيران لعب موقع "تويتر" دورًا مهمًّا في الاحتجاجات والمظاهرات التي أضحت سمة الشارع الإيراني بعد إعلان النتائج الرسمية لانتخابات الثاني عشر من يونيو المنصرم بفوز الرئيس المنتهية ولايته "أحمدي نجاد" بفترة رئاسية جديدة، وفوزه الكاسح على منافسه الأقوى الإصلاحي "مير حسين موسوي". وإن من الصعوبة معرفة الدور الذي لعبه داخل إيران ذاتها إلا أنه كان مصدرًا مهمًّا للمعلومات بالنسبة للأجانب. فتركز استخدام الطلاب الإيرانيين على التواصل فيما بينهم داخل إيران وإرسال التقارير والأخبار إلى وسائل الإعلام الرئيسة، التي أوقفت جميعها من قبل حكومة "أحمدي نجاد".
وللدور المتزايد للموقع في الأحداث داخل إيراني والتواصل بين المتظاهرين والمحتجين في الشارع الإيراني بعضهم البعض من جهة ومع العالم الخارجي من جهة أخري بعد قطع الحكومة الإيرانية وسائل الاتصال فيما بينهم ومنع وسائل الإعلام الغربية من ممارسة دورها الإعلامي طلبت وزارة الخارجية الأميركية من إدارة الموقع تأجيل الصيانة المقررة لعدم إغلاق الموقع، لما لهذا الإغلاق من تأثير جلي على مجريات الأحداث في إيران. ورغم أن الإدارة الأمريكية تدعي أن هذا لم يكن سوى اقتراح على مستوى منخفض، إلا أنه مكن الإيرانيين من الاستمرار في الاتصال فيما بينهم.
وهو ما يؤكد على الدور الجلي لموقع "تويتر"، وليعبر عن التطور في شبكة الاتصالات الاجتماعية، بحيث أصبح "تويتر" أحد أدوات الاتصال المفضلة لدى كثيرين وعدم اقتصاره على الوسائل الترفيهية ولكنه يلعب دورًا مهمًّا وبارزًا في عديد من القضايا الجوهرية مثل رضاء المستهلك والإصلاح الحكومي. التكنولوجيا الجديدة التي يتيحها الموقع مكنت العامة من أن يكون لهم دور جلي ومراقب لوسائل الإعلام الرئيسة والأعمال التجارية والمحاسبة السياسية بدرجة لم تكن موجودة من قبل.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,066,930

عدد الزوار: 6,751,107

المتواجدون الآن: 116