الحرس الثوري الإيراني القوة الحاسمة لحماية النظام .. يزدهر ماليا

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 تموز 2009 - 11:14 ص    عدد الزيارات 1238    التعليقات 0

        

عندما تحولت الصيحات الغاضبة الحاشدة في شوارع طهران، من الهتاف «الموت لأميركا»، إلى هتافات أغرب تنادي بـ«الموت للديكتاتور»، كان هناك شعور قوي بأن أيام النظام في إيران باتت معدودة.

ربما يكون الأمر كذلك وربما لا، كما قال الرئيس أوباما يوم الثلاثاء: «نحن لا نعلم إلى الآن كيف سينتهي هذا الأمر»، بيد أنه في داخل مجلس الأمن القومي التابع لأوباما، وأماكن أخرى كثيرة في العالم تطرح صيغا مختلفة من السؤال ذاته: هل بات اللجوء إلى القمع مجديا؟ أو هل ستسفر في النهاية عن نتائج غير مرجوة، تزيد الهوة السياسية الضخمة التي أحدثتها الانتخابات؟ تاريخ القمع للحفاظ على الأنظمة ـ أو على الأقل قادتها ـ تاريخ طويل، وكل حالة تأتي مختلفة عن الأخرى. فبعض الأنظمة تنهار أمام الضغوط الشعبية، فيما تعمل أخرى على التكيف معها. ويعمد بعضها إلى استخدام القومية كورقة رابحة، فيما تكون تلك الورقة لأخرى كعقب أخيل. وإذا كانت بعض الأنظمة مستبدة فإن بنية النظام السياسي في إيران معقدة ومبهمة على نحو خاص.

ومع ذلك فالتهديد العام واضح: إنه قوى الأمن التي يتوقف عليها مصير النظام. فإذا ما قررت أن مصالحها موجودة إلى جانب القوى التي قاموا بحمايتها، التي حمتهم فإنها ستقف إلى جانبها، وإذا ما أدركت أنها سوف تزدهر في ظل قيادة جديدة، فيمكن للسلطة أن تتداعى بسرعة محاكمة صورية. وهناك الكثير من المراحل على هذا المقياس. ففي مثل هذا الشهر منذ 20 عاما خلت، توقع الكثيرون داخل وخارج الصين ممن عاصروا أحداث ميدان تيانانمن، بداية نهاية الحزب الشيوعي، لكنهم كانوا مخطئين. فبعد عقدين من الزمن تغير الحزب ذاته بصورة راديكالية ـ حيث نحى أفكاره الثورية واستبدلها بميثاق اجتماعي يقوم على نمو اقتصادي سنوي ضخم ـ بصورة جعلته يظل آمنا ويحكم قبضته على البلاد كما كان من قبل.

كيف قام الحزب بذلك؟ خلال العقدين الماضيين، سمح الحزب الشيوعي الصيني بإجراء انتخابات محلية، وغض الطرف عن المظاهرات بشأن التلوث والفساد، «طالما أنها لا تؤثر بصورة كبيرة على القيادة الوطنية» وسمح بمساحة حرية أكبر، ومنح حرية السفر إلى الخارج وتصفح الإنترنت «مع بعض القيود الصارمة»، وقبل الطبقات الناهضة المتعلمة. وبتلك الشروط غير المكتوبة، التي نصت على قدرتهم على تحقيق طموحاتهم شريطة عدم تحدي سلطات الحزب. في تلك الأثناء، حصل الجيش على الغنيمة، ليس من خلال تحديثه بل عبر شركاته المالية، التي تشكل قسما كبيرا من الاقتصاد الصيني الناهض. ذلك المثال عاينه الإيرانيون أنفسهم، فقد أثرى الحرس الثوري هو الآخر في ظل الازدهار المالي في السنوات الأخيرة.

بيد أنه بالعودة قليلا إلى دراسة التاريخ، سنجد انتفاضات التضامن في بولندا في أوائل الثمانينيات، التي كان الدرس فيها مختلفا. فقد مورس القمع في البداية، واستدعيت القوى الأمنية التي كانت جزءا من حلف وارسو لتطبيق الأحكام العرفية، وظلت موالية بقوة للحكومة، التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي. لكن في خلال عقد من الزمن تقوضت قبضة النظام على السلطة ـ وكذلك ولاء الجنود ـ عندما فقد عمال النقابات والمفكرون والبابا ومؤخرا القوى الأمنية، كل الثقة في حكومة كانوا ينظرون إليها على أنها غير شرعية.

يرجع جانب من السبب وراء سقوط النظام في بولندا، إلى أن البولنديين رأوا فيه نسيجا غريبا عنهم، لذا عندما بدأ الاتحاد السوفياتي في التداعي أدركت القوى الأمنية أن حاميها على وشك السقوط هو الآخر، ومن ثم اتخذت خيارا إستراتيجيا «ربما يقول البعض للبقاء» بدعم حكومة يختارها الشعب.

كانت تلك بداية النهاية الناعمة، لكن ذلك النموذج لا يناسب إيران. ربما يكون النظام الايراني أشياء كثيرة ـ أصوليين ومتعصبين أو حتى مزوري أصوات ـ لكن الورقة الرابحة هي أنهم إيرانيون حتى النخاع، وأن ثورتهم التي دامت لثلاثة قرون طردت الحاكم المستبد، الذي كانت الولايات المتحدة تحميه.

لا تتوقف الأمثلة، فالحكومة العسكرية الوحشية في بورما، التي تكافئ الجيش الموالي، حتى وإن كان فاسدا مع تدهور الاقتصاد، رفضت المظاهرات المطالبة بالديمقراطية لثلاثة عقود. كما لم يسمح الجيش الكوري القوي للمظاهرات بالظهور إلى العلن على الإطلاق، حتى إنه يسعى لمتابعة برنامج الأسلحة النووية، في الوقت الذي يتعرض فيه شعبه للجوع.

وعلى جانب آخر حطم انهيار الديكتاتوريات في نيكاراغوا وإندونيسيا أساطير السلطة المنيعة. ففي حالة نيكاراغوا، في سبعينيات القرن الماضي، كان هناك درس في التكلفة، التي يتحملها النظام بفقد الموالين له. فقد قاومت سلالة ساموزا المتمردين، لكنها ارتكبت خطأ فادحا، عندما بددت المعونات الخارجية، التي أرسلت للمساعدة في بناء الاقتصاد المتداعي بعد زلزال عام 1972. وإلى جانب وحشيتها وإقصائها لأهم قادة الطبقة المتوسطة، الذين ساعدوا الجبهة الساندينية اليسارية، عندما خفضت الولايات المتحدة المساعدات للجيش. وبحلول عام 1979 هزم المتمردون الجيش.

ويقول الخبراء، إن تلك الحالة تشبه إلى حد ما حالة إيران، التي انتعش اقتصادها عندما ارتفعت أسعار النفط، التي يمكن لرئيسها الاشتراكي أن يخطب في الجماهير، حتى مع إبداء النخبة ضيقها من تكلفة العقوبات الغربية.

ولا تزال تجربة كوريا الجنوبية مختلفة، لكنها محدودة مقارنة بإيران. فجنرالاتها الذين أداروا حكومة شمولية خلال الحرب العالمية الثانية، كانوا مقتنعين بأنهم لن يفقدوا السلطة في الديمقراطية، التي أصبحت المفتاح لتأسيس واحدة في أواخر الثمانينيات. ويقول زيبيغنيو برزيزنسكي، الذي ولد في وارسو، مستشار للأمن القومي للرئيس كارتر، الذي حاول إقامة علاقات مع قادة الثورة الإيرانية عام 1979: «لا يزال الوقت مبكرا للحصول على أي نتائج حول النموذج الأنسب في إيران، ولكن في هذه الحالة يجب علي القول، إنني متشائم بالنسبة للمدى القريب ومتفائل بالنسبة للمدى البعيد».

هذا النموذج الجيد هو ما يثير اهتمام مستشاري الرئيس أوباما. وفي المحادثات السرية التي جرت الأسبوع الماضي حذر الكثير من أن النوايا الإيرانية لم تتضح بعد. ويقول أحد كبار مستشاري الرئيس أوباما: «كان الطلبة في تيانانمن يطالبون بديمقراطية حقيقية، والبولنديون كانوا يرغبون في تغيير النظام، لكن يبدو أن الإيرانيين يسعون إلى شيء وسط، لكن الأعمال التعسفية التي يمارسها المرشد الأعلى ضد المعارضة تزيد من حدتها».

ويقول روبرت ليتويك مؤلف كتاب «تغيير النظام»، الذي يعد دراسة حول سقوط الأنظمة في العصر الحديث، الأسبوع الماضي: «الحقيقة أن الهبوط الناعم للمجتمع الإيراني، ليس هبوطا ناعما للقيادة. والإيرانيون حتى هذه اللحظة غير متحدين بصورة كافية ضد النظام، كما كان البولنديون في الثمانينيات، علاوة على ذلك فقد كان النظام في بولندا أكثر هشاشة، لأنه كان يعتبر أداة سوفياتية، وتمكنت المعارضة من اللعب بورقة المشاعر الوطنية.

لكن الأمر لن يكون كذلك في إيران، فربما يكون الشيوخ متشددين قمعيين، لكنهم إيرانيون حتى النخاع، كما أن الحرس الثوري يبدو داعما للمرشد الأعلى والرئيس محمود أحمدي نجاد بصورة تامة. سيكون من الصعب هز ذلك النظام، فارتقاء أحمدي نجاد للسلطة كان في جانب منه بدعم من الحرس، وقد كافأه منذ ذلك الحين بسخاء. ويدير الحرس الثوري البرنامج النووي الإيراني، وإذا ما تمكنت المعارضة من الحصول على السلطة، فسيكون على الحرس التساؤل حول ما يمكنه التفاوض من أجله. وتشير الهيئات الخارجية إلى قدرة إيران على تجميع سلاح نووي بين عامي 2010 و2015. وكما قال أحد مساعدي أوباما: «بالنسبة للقيادة فإن ذلك يشير إلى أن السنوات الخمس المقبلة لا تعد وقتا طويلا للوصول إلى التركيبة المناسبة».

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,734,246

عدد الزوار: 6,911,051

المتواجدون الآن: 87