تقرير فرنسي: إيران تعمل لتوازن طائفي جديد يعزز النفوذ السياسي للشيعة في لبنان

تاريخ الإضافة الأربعاء 3 حزيران 2009 - 4:49 م    عدد الزيارات 1375    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر
"كشف تقرير جديد مهم اعدته بعثة برلمانية فرنسية عن خطط ايران في الشرق الاوسط ان النظام الايراني يريد نسف التوازن السياسي الحالي القائم بين الطوائف في لبنان والمستند الى اتفاق الطائف من اجل ايجاد توازن جديد لمصلحة الطائفة الشيعية، واكد ان ايران تسلح "حماس" وتمولها وتدرب عناصرها وانها هي التي شجعتها على تنفيذ انقلابها على السلطة الوطنية الفلسطينية وفرض سيطرتها على قطاع غزة لانها تريد منع حل النزاع سلميا ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وفتح جبهة قتال ثانية مع اسرائيل اضافة الى الجبهة اللبنانية التي يتحكم بها حزب الله. وحذر التقرير الفرنسي من ان النظام الايراني يمتلك فعلا برنامجا نوويا عسكريا وان حصوله على السلاح النووي يجعل منطقة الشرق الاوسط تواجه تهديدات واخطارا كبرى. وحذر المشرف على اعداد التقرير من احتمال قيام اسرائيل بضرب المنشآت النووية الايرانية".
هذا التقرير الجديد يحمل عنوان "ايران والتوازن الجغرافي – السياسي في الشرق الاوسط" ويقع في اكثر من مئتي صفحة واعدته بعثة برلمانية ضمت 15 نائبا فرنسيا من مختلف الاتجاهات السياسية برئاسة جان – لوي بيانكو. وقد تشكلت هذه البعثة بقرار صادر عن لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية واستغرق عملها 10 اشهر زارت خلالها ايران وسوريا والامارات العربية المتحدة والبحرين والاراضي الفلسطينية المحتلة واسرائيل، والتقت عددا كبيرا من المسؤولين في هذه الدول، كما التقت مسؤولين وديبلوماسيين وخبراء فرنسيين واجانب معنيين بالملف الايراني. وهذه العناصر كلها تضفي اهمية خاصة على مضمون تقرير البعثة... بالنسبة الى الدور الايراني في الساحة اللبنانية قال التقرير ان علاقات ايران مع لبنان تمر عبر "حزب الله" وليس عبر الحكومة، وان الحزب يشكل الركيزة الاساسية للتحالف الاستراتيجي السوري – الايراني، وان سلاح الحزب يمنحه القدرة على ضرب اسرائيل في حال تعرضت المصالح الحيوية السورية او الايرانية لاي تهديد او خطر. وذكر التقرير ان "حزب الله" يقوم حاليا بشراء اراض في جنوب شرق لبنان بدعم مالي ايراني من اجل ايجاد تواصل بين شيعة الجنوب وشيعة البقاع. واوضح ان ايران تملك حاليا نفوذا في صفوف الشيعة اللبنانيين، لكن التحالف بين "حزب الله" والعماد ميشال عون قد يساعد الايرانيين على توسيع نطاق نفوذهم الى المناطق المسيحية... وكشف التقرير "ان هدف ايران في لبنان هو ايجاد توازن جديد بين الطوائف لمصلحة الطائفة الشيعية وبحيث يرافق ذلك تعزيز النفوذ السياسي الشيعي في البلد"... ونقل التقرير عن مسؤول ايراني بارز هو علي اهاني السفير السابق في باريس والقريب من مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي قوله: "ليس ممكنا ان يحدث اي تقدم في لبنان اذا ما ظل البعض في هذا البلد يرفض الاقرار بحدوث تغيير في موازين القوى بين مختلف المجموعات" التي يتكون منها لبنان.
وقال لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع تعليقا على هذا الموقف الايراني: "ان المقصود من هذا الكلام محاولة التأكيد ان تغييرا في موازين القوى حدث في لبنان لمصلحة حزب الله والشيعة نتيجة امتلاك الحزب السلاح، وان على الجميع تقبل هذا الامر الواقع الجديد.... والمعلومات التي تملكها جهات اوروبية ودولية معنية بالامر تفيد ان النظام الايراني يريد نسف اتفاق الطائف الذي يحقق المشاركة المتوازنة والمتساوية في السلطة بين المسيحيين والمسلمين على اساس المناصفة، من اجل دفع الافرقاء اللبنانيين الى اقرار اتفاق جديد لتقاسم السلطة بين سائر الطوائف على اسس مختلفة وبحيث يؤدي الاتفاق الجديد الى تعزيز دور الشيعة ونفوذهم في ادارة شؤون البلد. وضمن هذا الاطار فان الهدف الحقيقي من التحالف الذي اقامه حزب الله مع ميشال عون، بتشجيع من ايران، هو العمل معا لنسف اتفاق الطائف لتقوية صلاحيات الشيعة ونفوذهم في البلد وليس لتعزيز دور المسيحيين كما يتوهم الجنرال"... ونقل التقرير الفرنسي ايضا عن علي أهاني قوله "ان ايران تدعم العناصر الاكثر مرونة واعتدالا في حزب الله". وكشف "ان ثمة تيارات عدة داخل الحزب وان امينه العام السيد حسن نصرالله يمثل تيارا واقعيا ومنفتحا ومعقولا بالمقارنة مع تيارات اخرى"... وشدد اهاني على ضرورة عدم السماح "للعناصر الاكثر تطرفا بالسيطرة على الحزب".
ونقل التقرير عن وزير خارجية دولة عربية قوله ان ايران لعبت "دورا اساسيا" في تأمين التوصل الى اتفاق الدوحة في ايار 2008 وهو الاتفاق الذي "وضع حدا لهجوم حزب الله المسلح على مناطق في بيروت والجبل الذي كاد ان يفجر حربا اهلية في لبنان". وكشف التقرير امرا مهما هو ان "ايران ادركت ان حزب الله ارتكب خطأ فادحا حين استخدم سلاحه ضد اللبنانيين في الصراع السياسي الداخلي في 7 ايار 2008، اذ ان ذلك اثار شكوكا قوية حول شرعية هذا السلاح المفترض فيه ان يستخدم للدفاع عن لبنان ضد اي اعتداء اسرائيلي محتمل. وهذا الاقتناع هو ما دفع الايرانيين الى القيام بدور اساسي لتسهيل التوصل الى اتفاق الدوحة".
ايران وفلسطين.... وتضمن التقرير الفرنسي معلومات مهمة عن الدور الايراني في الساحة الفلسطينية مركزا خصوصا على المسائل الاساسية الآتية:
اولا، ان النظام الايراني يقدم "دعما كبيرا" لحركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" من اجل تأمين فتح جبهة قتال ثانية ضد اسرائيل، اضافة الى الجبهة اللبنانية التي يتحكم بها "حزب الله". وانطلاقا من ذلك، فان ايران ليست لديها اي مصلحة في تسوية النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي سلميا وفي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
ثانيا، يتبنى النظام الايراني موقفا مرفوضا من المجتمع الدولي يدعو الى اجراء استفتاء شعبي في فلسطين كلها اي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي اسرائيل، لاقرار اي حل سلمي للمشكلة الفلسطينية. ومثل هذا المطلب الايراني يتعارض مع موقف المجتمع الدولي المؤيد لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة تتعايش سلميا مع اسرائيل. ولذلك، فان النفوذ الايراني في الاراضي الفلسطينية المحتلة يعرقل الحل السلمي للنزاع ويشكل عقبة امام قيام الدولة الفلسطينية.
ثالثا، نقل التقرير عن مسؤول كبير في السلطة الوطنية الفلسطينية قوله: "ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يقول انه يحب فلسطين، لكن حبه لفلسطين يقتل السلطة الوطنية".
رابعا، اكد التقرير ان النظام الايراني يقدم دعما ماليا كبيرا لحماس وانه يشارك في تطوير قدراتها العسكرية وتنميتها ويرسل اليها مع السوريين الاسلحة عبر البحر، كما انه يؤمن قاعدة خلفية لمقاتلي حماس اذ انه يقوم بتدريب عدد كبير منهم في الاراضي الايرانية. وذكر التقرير ان هذا الدعم الايراني لحماس اتاح لها تنفيذ انقلابها على السلطة الفلسطينية وفرض سيطرتها على غزة بتشجيع من طهران. وهذا ما دفع صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين الى القول "ان الدعم الايراني لحماس يجعل بلدة سديروت الاسرائيلية على مسافة خمسة كيلومترات من طهران"، وفقا لما جاء في التقرير.
خامسا، اكد التقرير ان ايران لن تستطيع، على الرغم من ذلك كله، ان تمنع السلطة الفلسطينية وسوريا من توقيع اتفاقي سلام مع اسرائيل اذا ما توافرت الشروط والظروف الملائمة لذلك، واوضح انه يجب عدم الاعتماد على النظام الايراني لتسوية المشكلة الفلسطينية سلميا لان هذا النظام اراد، عبر تشجيعه حماس على تنفيذ انقلابها في قطاع غزة، واضعاف السلطة الفلسطينية الشرعية لمنعها من التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل. وشدد على ان حل النزاع العربي – الاسرائيلي سلميا يضعف نفوذ النظام الايراني في الشرق الاوسط كما يضعف ثقة هذا النظام بنفسه. وذكر التقرير ان التحالف بين ايران وسوريا "استثنائي" وذو طابع دفاعي لا هجومي، وتريد من خلاله الجمهورية الاسلامية تعزيز موقعها في منطقة الخليج العربي بينما تريد القيادة السورية استخدامه لمحاولة تعزيز موقعها على الجبهة العربية – الاسرائيلية. ولاحظ التقرير ان الشعب السوري ليس متعاطفا مع ايران ويرى في البرنامج النووي العسكري الايراني "مصدر تهديد له"، اذ ان سوريا يمكن ان تصبح "ضحية" اي مواجهة مسلحة بين الاميركيين او الاسرائيليين من جهة والايرانيين من جهة اخرى. ونقل التقرير عن مسؤولين سوريين قولهم: "ان الحذر الذي يبديه الشعب السوري حيال ايران يحد من اي نفوذ ايراني محتمل في سوريا". وقد شدد المسؤولون السوريون على انهم مستعدون للتحالف مع دول اخرى غير ايران كتركيا مثلا اذا كان مثل هذا التحالف يحقق لهم مصالحهم واهدافهم.
القنبلة الايرانية... واكد التقرير الفرنسي ان ايران لديها من دون ادنى شك برنامج نووي عسكري، وفقا لمعلومات الكثير من المسؤولين والخبراء في العالم، وانها تريد امتلاك القدرات التكنولوجية اللازمة لانتاج السلاح النووي، كما انها حصلت من باكستان على مخططات لانتاج السلاح النووي. وحذر التقرير من ان قدرات ايران على الحاق اذى بمنطقة الشرق الاوسط ستتضاعف وتزداد كثيرا اذا ما تمكنت من انتاج القنبلة النووية... وطرح التقرير الخيارات الاساسية الآتية للتعاطي مع ايران النووية:
1 – ان منطقة الشرق الاوسط ستواجه فعلا اخطارا وتهديدات عدة اذا ما وافق المجتمع الدولي على امتلاك ايران القنبلة النووية وقرر التعايش مع هذا الواقع النووي الجديد. لذلك يجب استبعاد هذا الخيار كليا.
2 – ان شن عملية حربية كبرى وواسعة النطاق ضد المنشآت النووية العسكرية والحيوية الايرانية ستكون له نتائج وعواقب بالغة الخطورة على المنطقة، اذ ان الرد الايراني على مثل هذه العملية سيشمل قصف بعض الدول الخليجية واسرائيل بالصواريخ ومهاجمة القوات الاميركية في المنطقة واغلاق مضيق هرمز اي طريق النفط الى العالم، اضافة الى ذلك فان مثل هذه الحرب ستؤدي الى تعطيل البرنامج النووي الايراني وتأخيره لبضع سنوات لكنها ستزيد في المقابل من تصميم الايرانيين على العمل من اجل امتلاك السلاح النووي.
3 – تشديد العقوبات الدولية مع توسيع نطاقها ستكون له آثار وانعكاسات سلبية حقيقية على الوضع الايراني الداخلي. لكن مثل هذا الخيار لن يضع حدا لخطط الجمهورية الاسلامية النووية ولمساعيها لامتلاك السلاح النووي.
4 – الخيار الافضل، وفقا للتقرير الفرنسي، هو التفاوض مع النظام الايراني من اجل التوصل الى اتفاق شامل معه يتضمن تسوية المشكلة النووية على نحو مقبول دوليا وعربيا، ومعالجة المشكلات الاقليمية القائمة ومصير العلاقات الايرانية – الغربية.... ويطرح التقرير صيغة "حل وسط" للمشكلة النووية الايرانية بحيث يسمح المجتمع الدولي لايران بتخصيب الاورانيوم في منشآتها كما تريد لكن شرط اخضاع عمليات التخصيب هذه لرقابة شديدة وحازمة ومستمرة تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشرط السماح لمفتشي الوكالة بالقيام بزيارات مفاجئة للمنشآت النووية الايرانية وموافقة الايرانيين على تقديم ضمانات رسمية الى وكالة الطاقة بعدم السعي الى انتاج السلاح النووي، وشرط السماح للايرانيين بانتاج كميات محدودة من الاورانيوم المخصب بنسبة ضعيفة لمنعهم من امتلاك القدرات التكنولوجية اللازمة لانتاج السلاح النووي. ويؤيد محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة هذا "الحل الوسط". واقترح التقرير اجراء مفاوضات اميركية – اوروبية مع ايران حول قضايا الشرق الاوسط الاساسية مع التركيز على ضرورة قيام الايرانيين بدور ايجابي وبناء للمساعدة على تحقيق الامن والاستقرار والسلام في المنطقة، كما اقترح تقديم "تطمينات امنية غربية" لايران بعدم شن اي هجمات عليها في مقابل قبولها الاقتراحات الدولية وتعهدها الامتناع عن القيام باي اعمال عدائية ضد اي دولة في المنطقة.
ماذا سيحدث اذا فشل خيار التفاوض مع ايران؟ رئيس البعثة الفرنسية جان لوي بيانكو حذر من احتمال قيام اسرائيل بهجوم عسكري ضد المنشآت الايرانية قائلا: "لسنا في مأمن من ضربة وقائية اسرائيلية ضد ايران" لمنعها من انتاج السلاح النووي "اذ ان الاسرائيليين يعتمدون موقفا غامضا في تعاطيهم مع هذه القضية المهمة".

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,085,354

عدد الزوار: 6,934,169

المتواجدون الآن: 91