انقضاء أربع سنوات على الاتفاق النووي الإيراني: لحن الوداع؟..

تاريخ الإضافة الأحد 19 كانون الثاني 2020 - 7:43 ص    عدد الزيارات 1150    التعليقات 0

        

انقضاء أربع سنوات على الاتفاق النووي الإيراني: لحن الوداع؟..

مجموعة الازمات الدولية....واشنطن/بروكسل/طهران، 16 كانون الثاني/يناير 2020..

تزداد الآفاق المستقبلية للاتفاق النووي الموقّع عام 2015 قتامة، مع المزيد من إحكام واشنطن لعقوباتها، وتَحلّل طهران من التزاماتها، وتزايد حدّة الصدامات الأميركية الإيرانية ومعاقبة القوى الأوروبية لخروقات الاتفاق. من المرجح أن تكون وساطة طرف ثالث ضرورية لتفادي خطر انهيار الاتفاق.

ما الجديد؟ بعد عدة انتهاكات تدريجية للاتفاق النووي لعام 2015، أعلنت طهران أنها ستتوقف عن الالتزام بجميع القيود التي يفرضها الاتفاق. في هذه الأثناء، فإن العقوبات التي تفرضها واشنطن، والمناوشات الإيرانية – الأميركية التي بلغت أوجها في اغتيال قاسم سليماني والضربات الإيرانية على قواعد للقوات الأميركية في العراق صعّدت حدة التوترات إلى ذرى خطرة...

ما أهمية ذلك؟ لقد دفعت حلقة من الصدام بين "أقصى درجات الضغط" الأميركية من جهة و "أقصى درجات المقاومة" الإيرانية الطرفين إلى حافة مواجهة عسكرية. في حين أن ثمة علامات على خفض التصعيد، فإنه ما يزال هناك احتمال اندفاع طهران وواشنطن نحو مواجهة تنهي الاتفاق النووي وتشعل صراعاً إقليمياً أوسع...

ما الذي ينبغي فعله؟ إن أقصى ما يمكن التطلّع إليه هو حدوث نوع من التهدئة التكتيكية بين الولايات المتحدة وإيران على الجبهتين النووية والعسكرية تشمل رفعاً جزئياً للعقوبات، والتزاماً إيرانياً بالاتفاق النووي وخفض تصعيد إقليمي. ومن المرجح أن تشكل وساطة طرفٍ ثالث أفضل آلية للعثور على مثل ذلك المخرج...

الملخص التنفيذي

يدخل الاتفاق النووي الإيراني، الذي يُعرف أيضاً بخطة العمل الشاملة المشتركة، السنة الخامسة من التنفيذ تحت حصار من جميع الأطراف. إذ تصاعدت مخاطر حدوث صدام بين الولايات المتحدة وإيران في أعقاب قرار إدارة ترامب اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وفي الوقت نفسه، قوّضت العقوبات الأحادية الأميركية آمال التطبيع المالي بالنسبة لإيران، وأحدثت ضرراً كبيراً على الاقتصاد والناس في إيران. ومع إحجام الأطراف الموقّعة الأخرى على الاتفاق عن تخفيف الضغوط الاقتصادية، رّدت طهران بانتهاكات تدريجية لالتزاماتها النووية تُفرغ الاتفاق من محتواه. وفي أعقاب التبادل الخطير للأفعال وردود الأفعال بين الولايات المتحدة وإيران، يمكن أن تنفتح نافذة صغيرة لكسر حلقة التصعيد وتفادي انهيار الاتفاق. ومن المرجح أن يتطلب ذلك وساطة طرفٍ ثالث للتوصل إلى تفاهم يوفر لإيران انفراجاً اقتصادياً ويوقف أو يعكس الإجراءات التي اتخذتها في المجال النووي، بل يتحاشى أيضاً المزيد من التصعيد سواء من قبل الولايات المتحدة أو إيران في منطقة مضطربة.

يتمثل جوهر المأزق في الاستراتيجيات المتعارضة لواشنطن وطهران. فمنذ أيار/مايو 2018، اتبعت إدارة ترامب مقاربة قسرية حيال الجمهورية الإسلامية، تتركز على عقوبات شاملة تهدف إلى إما إجبار إيران على الاستسلام للمطالب الأميركية، أي وقف تخصيب اليورانيوم، ووضع حد لتطوير الصواريخ ووقف الدعم لجملة من الحلفاء الإقليميين، أو التسبب في تغيير النظام. لكن رغم النجاح في تقليص عائدات إيران، خصوصاً من خلال فرض القيود على الصادرات النفطية، فإن سياسة ممارسة "أقصى درجات الضغط" لم تفضِ إلى أي من هذه النتائج. فهي لم تؤدِ إلى التوصل إلى اتفاق أفضل، بل إن إيران قلّصت التزامها بالاتفاق القائم. كما أنها لم تغير سياسات إيران الإقليمية، بل إن إيران باتت أكثر عدوانية في الشرق الأوسط. وحتى الآن لم تؤدِ إلى سقوط الحكومة التي أثبتت سرعة وفعالية في قمع الاضطرابات الداخلية.

في الواقع، وفي مواجهة الضغوط الاقتصادية، ردت إيران باتباع مسارين متوازيين يتمثل أولهما في التصعيد على الجبهتين النووية والإقليمية، بينما يترك، في الوقت نفسه، احتمال التوصل إلى مخرج دبلوماسي مفتوحاً. وقد يكون الاتفاق النووي هو الضحية التالية في هذه المواجهة؛ حيث إن انتهاكات إيران للقيود المفروضة على أحجام مخزون اليورانيوم، ومستويات التخصيب، وأعداد أجهزة الطرد المركزي والأبحاث والتطوير يمكن أن تدفع الأطراف الأوروبية الموقّعة على الاتفاق إلى الخروج منه.

لقد أكدت الأحداث الدراماتيكية الجارية في مطلع كانون الثاني/يناير على أن السيناريو الأسوأ، المتمثل في حدوث أزمتين متزامنتين، إقليمية ونووية، يمكن أن يتحقق. فالبراغماتيون والمتشددون الإيرانيون يعبّرون على نحو متزايد عن الرغبة بالمزيد من التصعيد في الوقت الذي يقمعون فيه بوحشية الاضطرابات الداخلية المتنامية، في حين عبّر الرئيس دونالد ترامب عن استعداده لإصدار أمر بالقيام بعمل عسكري كاسح ضد أهداف إيرانية إذا هاجمت طهران قوات أو أصول أميركية. وتتحمل إيران المسؤولية الكاملة عن إسقاط طائرة ركاب أوكرانية في 8 كانون الثاني/يناير، غير أن المأساة تشكل تذكيراً صارخاً بالكلفة البشرية للتوترات المتصاعدة.

تؤكد حدة المخاطر على إلحاح عملية التوصل إلى مسار نحو خفض التصعيد يستند إلى حقيقة أن واشنطن وطهران لديهما الكثير مما تخسراه في الحرب. المطلوب الآن، بعد أن انتقمت إيران لجنرالها القتيل عبر ضربات صاروخية على قواعد للقوات الأميركية في العراق في 7 كانون الثاني/يناير، وبعد أن اختارت الولايات المتحدة، التي لم يقع ضحايا في صفوف قواتها، عدم التصعيد رداً على ذلك، المطلوب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفورية تهدف إلى التراجع عن حافة الهاوية. ويمكن لهذه الخطوات أن تتمثل فيما يلي:

التفاوض على تفاهم عبر طرف ثالث يشمل قيام الولايات المتحدة بإعادة إصدار إعفاءات محدودة لمستوردين رئيسيين للنفط الإيراني واستعادة الإعفاءات النووية المدنية، مقابل التزام إيران الكامل بالاتفاق النووي، وخفض التصعيد في المنطقة، وربما الشروع في مفاوضات مع الولايات المتحدة والأطراف الأخرى في الاتفاق النووي حول قضايا أوسع (الأمن الإقليمي والصواريخ البالستية). مقاربة بديلة، وفي نسخة أضيق، يمكن أن تشمل تعليق الولايات المتحدة لعقوبات رئيسية غير نفطية (على قطاعات المعادن والبتروكيماويات الإيرانية، مثلاً) واستعادة الإعفاءات النووية المدنية، مقابل موافقة إيران على عدم تطوير برنامجها النووي بما يتجاوز وضعه الراهن، وربما عكس واحد أو أكثر من انتهاكاتها، إضافة إلى وقف سلوكها العدواني في العراق والخليج.

حتى في غياب التعاون الأميركي، ضمان أن تفعل أوروبا ما في وسعها لإنقاذ الاتفاق النووي. إذ أعلنت فرنسا، وألمانيا وبريطانيا في 14 كانون الثاني/يناير أنها ستفعّل آلية تسوية النزاعات في الاتفاق النووي. وهذا تحرك ينطوي على مخاطرة. ففي حين تعتقد الدول الثلاث أن هذه خطوة ضرورية بالنظر إلى تجاوزات إيران المتزايدة، فإنها قد تُحدث أثراً عكسياً، إذ تهمش دور الدول الأوروبية، وتمكّن المتشددين الإيرانيين وتسرّع الانهيار النهائي للاتفاق. ينبغي أن تعطي الدول الأوروبية الثلاث الأولوية الآن لتوسيع المدة الزمنية التي أتاحتها هذه العملية لإقناع إيران باستئناف التزامها بالاتفاق من خلال تقديم بعض المزايا الاقتصادية التي من حق إيران الحصول عليها.

ضمان وصول الشعب الإيراني إلى السلع الإنسانية. إذ ينبغي على الولايات المتحدة فتح قناة رسمية للتجارة الإنسانية عبر سويسرا، وينبغي على أوروبا تفعيل أداتها لدعم المبادلات التجارية مع إيران.

توسيع إمكانيات الحوار بين حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، وخصوصاً السعودية والإمارات العربية المتحدة مع إيران، سواء ثنائياً أو عبر دول خليجية أخرى، مثل الكويت وعُمان. كما يمكن للدول الأوروبية أن تشجع دول الخليج على الشروع في إطلاق حوار أمني إقليمي حول قضايا موضع نزاع من أجل التمكن تدريجياً من بناء الثقة بين هذه الحكومات وتقليص مخاطر حدوث صراع غير مقصود. من شأن وجود قناة منع صراع عبر طرف ثالث مقبول لجميع الأطراف – عُمان ربما – أن يقلّص من مخاطر حدوث صراع غير مقصود في الخليج عبر نقل الرسائل بين القيادة المركزية الأميركية والأركان العامة الإيرانية.

تخفيض عدد القوات الأميركية في العراق، الذي يمكن أن يشكل انتصاراً لطهران وواشنطن على حد سواء ونزع فتيل المصدر المباشر للتوتر. وهذا سيتطلب قيام القوات الأميركية بنقل المهام العسكرية الأساسية إلى أعضاء آخرين في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي السماح بانسحاب أميركي جزئي؛ وتوفير الدعم اللوجستي الحيوي لهذه القوات العسكرية؛ وإعادة التأكيد على أن الهدف الوحيد لهذا الوجود العسكري المستمر والأكثر محدودية هو إلحاق الهزيمة النهائية بتنظيم الدولة. في هذه الأثناء، ينبغي على الولايات المتحدة وإيران أن تحاولا تحييد العراق عن خصومتهما كي لا يتزعزع استقرار البلاد.

بعد عام من الآن، عندما يحين الوقت لإصدار النسخة التالية من التقرير السنوي لمجموعة الأزمات حول وضع الاتفاق النووي، قد لا يكون قد بقي الكثير من اتفاق كان، ويمكن أن يظل، إيجابياً بالمطلق لقضية منع انتشار الأسلحة النووية. إن تآكله المستمر يصب الزيت على النيران المشتعلة في سائر أنحاء المنطقة. أما انهياره فمن شأنه أن يحمل أثماناً أعلى، ولذلك ينبغي تحاشيه.

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,068,510

عدد الزوار: 6,751,188

المتواجدون الآن: 92