إيران الباقية في محطة 28 كانون الأول 2017..

تاريخ الإضافة الخميس 8 شباط 2018 - 7:23 ص    عدد الزيارات 1253    التعليقات 0

        

إيران الباقية في محطة 28 كانون الأول 2017..

الحياة..محمد سيد رصاص .. عقب وفاة مفجر الثورة الإيرانية الخميني فجر 4 حزيران (يونيو)1989 عقدت صفقة لتنظيم خلافته بين رئيس الجمهورية علي خامنئي ورئيس مجلس الشورى هاشمي رفسنجاني، تولى بموجبها الأول منصب (المرشد) والثاني رئاسة الجمهورية مع إلغاء منصب رئيس الوزراء الذي كان يتولاه مير حسين موسوي. سلّمت تلك الصفقة رفسنجاني السياسة الخارجية والشؤون الاقتصادية فيما تولى خامنئي شؤون المؤسسة الدينية والأيديولوجيا والثقافة. خلال ثماني سنوات كان هناك تناغم بين الرجلين، وإن لوحظ اتجاه عند خامنئي للتحالف مع «الحرس الثوري» الذي أصبح أقوى من الجيش النظامي، وبدأ يمتد للسيطرة على الاقتصاد وعلى الإدارة. كان الفوز المفاجىء لمحمد خاتمي بثلثي الأصوات في انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 1997 نهاية تلك الصفقة وإعلاناً عن بداية الانشقاق بين «الإصلاحيين» و «المحافظين» في السلطة الإيرانية. خلال عشرين عاماً وحتى انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 2017 عاشت إيران على وقع انقسام الإصلاحيين والمحافظين، وكانت «هزة خاتمي» و «الثورة الخضراء» عام 2009 محطتيه الرئيسيتين.

اتجه خامنئي الى تفشيل خاتمي بدءاً من تظاهرات الطلاب في تموز (يوليو) 1999 عندما أعطى الإشارة إلى القمع. لم يكن التوازن الشارعي لمصلحة خامنئي بخلاف توازنات مؤسسات الدولة التي وجد الرئيس المنتخب بغالبية اجتماعية كبرى أنها في الضفة الأخرى المضادة له. كان مفتاح خطوة خامنئي بالقمع هو مانقلته جريدة «الحياة» في 2 تموز(يوليو) 1999 «تطمينات أميركية نقلتها بريطانيا لطهران بأن مشروع التغيير في العراق لن يكون متعارضاً مع المصالح الإيرانية، وبأن أمام الإيرانيين أن يكونوا شركاءنا في التغيير في العراق»، وقد كان ملفتاً أن يكون صاحب تلك التطمينات هو مارتن إنديك الذي كان منذ 1993 صاحب سياسة إدارة كلينتون في (الاحتواء المزدوج لإيران والعراق). كان تشدد خامنئي مبنياً على انفتاح واشنطن على العراق الذي ترجم في العراق المغزو والمحتل عام2003، حيث التشدد في السياسة الداخلية انبنى على راحة الوضع الخارجي لطهران. كان التحالف الأميركي – الإيراني في بغداد هو الطريق لهزيمة خاتمي في طهران ومن ثم لصعود متشدد إلى رئاسة الجمهورية عام 2005 هو محمود أحمدي نجاد.

في العاصمة الإيرانية كانت هناك قراءات بأن التعثر الأميركي في العراق، زائد مكاسب طهران في بلاد الرافدين حيث سيطر الموالون المحليون لإيران على السلطة العراقية، تتيح بيكاراً أوسع، وهو مايمكن أن يفسر تزامن تولي نجاد منصبه مع استئناف طهران برنامجها في تخصيب اليورانيوم في آب (أغسطس) 2005، ومع اتجاه طهران للتمدد الإقليمي بدءاً من البوابة البغدادية في محطات7 حزيران 2007 في غزة و7 أيار (مايو) 2008 في بيروت.

في «الثورة الخضراء» في حزيران 2009 استعمل خامنئي القمع ثانية بعد اطمئنانه المستجد لرئيس أميركي جديد، بدأ في الشهر السابق محادثات سرية مع الإيرانيين في العاصمة العمانية مسقط حول البرنامج النووي الإيراني، من أجل قمع تلك الثورة التي نزل فيها ملايين الإيرانيين إلى الشارع احتجاجاً على تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية التي كانت لمصلحة مير حسين موسوي ضد نجاد. ساهمت واشنطن مرة ثانية في تحقيق ما أراده خامنئي وفي تكرار السيناريو ضد خاتمي مع موسوي.

عندما حصل اتفاق فيينا في 14 تموز2015 بين أوباما وخامنئي، تحت اسم اتفاق(5+1) مع إيران في شأن البرنامج النووي، ظهر وكأن معادلة خامنئي- رفسنجاني قد عادت مع رئيس إصلاحي هو حسن روحاني انتخب عام 2013 وسمح له خامنئي بسبب الاقتصاد الإيراني المخنوق بحكم العقوبات بأن يمضي في المفاوضات إلى نهاية الشوط الأخير. كان المحافظون المتشددون الإيرانيون راضين عن اتفاق فيينا بحكم اعتراف أوباما الضمني بالواقع الإقليمي الإيراني مقابل تفكيك البرنامج النووي الإيراني العسكري، وكان الإصلاحيون، وهم غالبية اجتماعية إيرانية وفق انتخابات 2013 و2017، يأملون بأن الاتفاق سيحسن الاقتصاد الإيراني المنهك وسيساهم في تخفيف السياسات المتشددة الداخلية وإضعافها، وقد استقبل وزير الخارجية جواد ظريف عند عودته من فيينا من حشود شعبية ضخمة في شوارع طهران.

خلال سنتين ونصف السنة بين 14 تموز 2015 و28 كانون الأول (ديسمبر) 2017 لم تتحقق آمال الإصلاحيين الإيرانيين من (فيينا) وفي الوقت نفسه أتى في 2017 وافد جديد إلى البيت الأبيض يعتبر اتفاق فيينا «أسوأ اتفاق في التاريخ الأميركي»، وبدأ سياسة تجابه مع طهران. من هنا يمكن تفسير تظاهرات 28 كانون الأول 2017 وما بعده الإيرانية التي بدأت في مدينة مشهد ضد روحاني لكنها سرعان ما تحولت لتشمل خامنئي أيضاً، بأنها مختلفة عن 1999 و2009، فقد تجاوزت اصطفاف محافظ – إصلاحي لتشمل فئات فقيرة (فيما جمهور الإصلاحيين يتركز في الطبقات الوسطى في المدن الكبرى) هي الأكثر فقراً في مدن صغيرة في الأطراف كما شملت مدناً كبيرة مثل مشهد عبر فئاتها الأكثر فقراً أو تلك المتضررة من مشاريع سكنية أعلن متعهدوها إفلاسهم. في طهران كان التحرك ضمن الشباب تحت 25 سنة حيث هناك بطالة عالية تتجاوز 30 في المئة وهي في المجتمع الإيراني ككل عند رقم 24 في المئة من مجموع اليد العاملة. بخلاف تجربتي 1999 و2009 التظاهرات الجديدة عفوية وغير منظمة ولاتملك قيادة واضحة وهي أيضاً أقل عدداً منهما، لكنها جغرافياً أكثر اتساعاً حيث شملت مايقارب الخمسين مدينة معظمها كان هادئاً في تجربتي1999 و2009 وكانت تعد تقليدياً من قواعد نظام الخميني- خامنئي منذ 11 شباط (فبراير) 1979.

هنا، يلاحظ كيف أن التعثر الاقتصادي يرتد ضد الإصلاحيين في مشهد 28 كانون الأول 2017، ولكن في الوقت نفسه، يدفع الاقتصاد المتردي المتظاهر الإيراني منذ 29 كانون الأول لترديد الشعار التالي: «لاغزة ولا لبنان، أنا أقدم حياتي لإيران». لذلك توحد ضد التظاهرات روحاني وخامنئي وقائد(الحرس الثوري) الجنرال محمد علي الجعفري. صحيح أن هذه التظاهرات هي أقل عدداً من 2009 حين نزل الملايين إلى شوارع طهران وأصفهان وتبريز، ولا تقارن بثورة 1978-1979 ضد الشاه حيث كان في تظاهرات 10 و11 كانون الأول 1978 ما مجموعه عشرة في المئة من السكان الإيرانيين وهو رقم لم تصله الثورتان الفرنسية 1789 والروسية 1917، ولكنها تحوي دلالات اهتزاز نظام سياسي لم يعد جناحاه يحويان قنوات تصريف الغضب الاجتماعي، لذلك أتت الاحتجاجات خارجهما بخلاف 1999 و2009، وهذا هو التحدي الأخطر للنظام الإيراني منذ وصول الخميني إلى السلطة بكوامنه وبدلالاته المستقبلية، سواء استمرت الاحتجاجات أم خمدت، خصوصاً في ظل تكشير واشنطن عن أنيابها ضد طهران، ما يجعل إمكانية حل التناقض بين قوة في السياسة الخارجية ووضع داخلي ضعيفاً ومتهزاً أو قابلاً للانفجار على طراز ما جرى في الاتحاد السوفياتي 1982– 1991 وليس صين دينغ سياو بينغ وقمعه الطلاب في ســـاحة (تيان أن مين) في 3-4 حزيران 1989 حيث القمع كان مع وضع داخلي مريح اقتصادياً للغالبية الاجتماعية، وليس للقفز عليه من خلال التقارب الأميركي- الإيراني كما حصل ضد محمد خاتمي ومير حسين موسوي.

* كاتب سوري.

 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,075,921

عدد الزوار: 7,054,047

المتواجدون الآن: 72