مجلس النواب يبحث دعم "الثورة الخضراء في إيران"

تاريخ الإضافة الإثنين 8 آذار 2010 - 2:42 م    عدد الزيارات 800    التعليقات 0

        

 

العدد 245، 6 مارس 2010
 
مجلس النواب يبحث دعم "الثورة الخضراء في إيران"

تقرير واشنطن - محمود عبده علي

منذ اندلاع الأزمة الداخلية الإيرانية في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 من يونيو من العام 2009، لم يتوقف الجدل داخل الولايات المتحدة حول السياسة التي يجب اتباعها في التعامل مع المعارضة الإيرانية، أو ما اصطلح بعد ذلك على تسميتها بـ "الحركة الخضراء".

وانقسمت الآراء بين من يرى أن مصلحة المعارضة في إيران أن تنأى واشنطن بنفسها عن التدخل في الصراع الداخلي تفاديًا، لاتهام المعارضة بالعمالة للخارج والسعي لإسقاط النظام. ومن ينادي بضرورة أن تضع الولايات المتحدة الديمقراطية، وحقوق الإنسان في إيران على أجندة المحادثات مع الأخيرة.

وفي هذا الإطار عقدت لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي جلسة استماع لمناقشة الخيارات الأمريكية لدعم الحركة الخضراء في إيران، في 3 من فبراير 2010، بمشاركة كل من مهدي خلجي Mehdi Khalaji، الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، و"جينياف عبدو" Geneive Abdo، مدير "برنامج إيران" بمركز القرن Century Foundation، وسكوت كاربنتر J. Scott Carpenter، الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بالإضافة إلى "فاريبورز غادار" Fariborz Ghadar، المفكر البارز والباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن.

واشنطن والمعارضة الإيرانية.. التقاء المصالح

يشير مهدي خلجي إلى أن الحركة الديمقراطية الحالية في إيران هي حركة لا تتبنى العنف بل تسعى إلى الاعتماد على ذاتها دون الحصول على أي دعم أجنبي. ويرى المنخرطون في هذه الحركة - كما يقول خلجي - أن الديمقراطية ليست هبة تمنح من قبل الآخرين، بل هي نتاج جهد داخلي "لتحرير الناس من الاستبداد وتحقيق حلم العدالة والحرية والسيادة الوطنية". ويُقدر هؤلاء موقف الرئيس أوباما من عدم التدخل في الشئون الداخلية الإيرانية. ومن ثم فإن أي سياسة تجاه إيران، "يجب اختيارها بطريقة حكيمة وحذرة لكي لا تؤثر سلبًا على الحركة الديمقراطية في إيران".

ومع ذلك يؤكد خلجي على أن مصالح المجتمع الدولي قد التقت مع مصالح الحركة الديمقراطية في إيران في اللحظة الراهنة، رغم أن اهتمام الجانبين مختلف، فالأول يركز على البرنامج النووي الإيراني في حين أن الشاغل الرئيس للمعارضة الإيرانية هو تأمين الحقوق السياسية، وحقوق الإنسان الأساسية ودمج البلد في المجتمع الدولي. ويبرر خلجي ذلك بأن تحقيق السلام في المنطقة والديمقراطية في إيران أمران لا ينفصلان. "وذلك لأن القوى ذاتها التي تهدد السلام في المنطقة، هي القوى ذاتها التي تهدد الديمقراطية وتستخدم القمع ضد الشعب الإيراني".

واعتمادًا على ذلك يقدم خلجي مجموعة من التوصيات للولايات المتحدة والمجتمع الدولي، تتمثل في ثلاثة أمور رئيسة:

أولاً: إضعاف الحكومة العسكرية في إيران والضغط على الحرس الثوري، من خلال استهداف القدرات المالية والعسكرية للحرس الثوري الإيراني.

ثانيًا: مساعدة الإيرانيين على الاتصال بالعالم الخارجي، وتبدو أهمية هذه الخطوة بالنظر إلى أن "علي خامنئي" - المرشد الأعلى للجمهورية - ينظر إلى وسائل الاتصال والإنترنت وتكنولوجيا الأقمار الصناعية بوصفها أدوات غربية لهزيمته، كما يقول خلجي. ومن ثم فهو ينظر إلى كل المدونين والكتاب ونشطاء حقوق الإنسان، بل وحتى بعض رجال الدين المتنقدين له، على أساس أنهم جنود الغرب في هذه الحرب.

كما ينفق النظام الإيراني مليارات الدولار من أجل التحكم في البث التليفزيوني والإذاعي، وفلترة الإنترنت، وفرض رقابة على المنتجات الثقافية الغربية، والتصنت على المكالمات الهاتفية واستجواب الفنانين والكتاب وأساتذة الجامعات الذين يسافرون إلى الغرب لمهرجانات ثقافية أو مؤتمرات.

ولذلك فإن عمل ثقوب في جدار هذا السجن الكبير - كما يقول خلجي - وتسهيل انفتاح إيران على العالم من شأنه تقديم مساعدة كبيرة للحركة الديمقراطية في إيران. ويكون ذلك من خلال حث شركات الإنترنت الكبرى في الغرب على العمل مع النشطاء، لإيجاد طرق للتواصل، وفضح الشركات التي تزود إيران بتكنولوجيا الرقابة على الإنترنت، بحيث لا يجب أن تكون إيران قادرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة لأغراض الأصولية والشمولية. كما يجب على المجتمع الدولي بما في ذلك الدول الأوروبية والولايات المتحدة، تسهيل حصول المواطنين الإيرانيين على الفيزا بشكل يمكنهم من السفر للخارج.

ثالثًا: يجب على الولايات المتحدة أن تميز بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، فالإيرانيون يحتاجون لدعم المجتمع الدولي فيما يخص حقوق الإنسان، وكثير من المسئولين الذين يشاركون في انتهاكات حقوق الإنسان يتبعون الحرس الثوري، وعلى مقربة من الفريق الذي يدير البرنامج النووي. فعلى سبيل المثال، أدين الجنرال محمد رضا نقدي - قائد ميليشيا الباسيج والموضوع على القائمة السوداء للأمم المتحدة - بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، لتورطه في تعذيب السجناء. وقد شارك أيضًا في قمع الطلاب خلال الحركة الطلابية في عام 1999.

ويشير خلجي أخيرًا إلى أن دعم حقوق الإنسان في إيران ليس مجرد قضية أخلاقية، ولكن ينبغي أن تكون سياسة استراتيجية طويلة الأمد للولايات المتحدة. "فالشعب الإيراني، في ظل حكومة ديمقراطية، يمكن أن يكون شريكًا موثوقًا لبناء السلام الإقليمي في الشرق الأوسط، ومثالاً للدول الإسلامية الأخرى في طريقها نحو الديمقراطية".

فشل الخيار العسكري والعقوبات

يشير "فاريبورز غادار" إلى أن الأحداث الأخيرة في إيران، من قبيل موت آية الله منتظري القائد الروحي للمعارضة، والمحاكمات الاستعراضية والقمع الذي يمارسه النظام الإيراني ضد المتظاهرين، تدل على حدوث تحول جذري في البيئة السياسية الإيرانية. فرغم التحذيرات المتكررة من قبل قادة النظام والحرس الثوري الإيراني والباسيج والشرطة من أن المظاهرات سيتم التعامل معها بحزم، والقبض على المتظاهرين، فإن مظاهرات الإصلاحيين والمعارضة استمرت بل أصبحت أكثر جرأة مما كانت عليه عقب انتخابات يونيو 2009.

وبمرور الوقت تنتقل الحركة الخضراء الإيرانية - كما يقول غادار- من معارضة حكومة أحمدي نجاد إلى معارضة النظام والمرشد الأعلى علي خامنئي، فشعارات "الموت للديكتاتور" التي رفعها المتظاهرون، وتمزيق صور الخميني ومطالب العدالة تظهر أن الحركة تتحدى شرعية النظام الإيراني.

لكن غادار يؤكد على أن الاضطرابات الداخلية لا تعد التحدي الوحيد الذي يواجه النظام الإيراني، حيث يوجد عديدٌ من تحديات أخرى الداخلية والخارجية، فإيران تواجه صعوبات اقتصادية، تتمثل في البطالة ونقص الاستثمارات الأجنبية وحتى الداخلية، كما أنها في حاجة إلى التكنولوجيا لتطوير صناعاتها، خاصة في قطاع الغاز والنفط.

وتعاني إيران أيضًا من تبعات الهجرة الأفغانية غير الشرعية، وقضية المخدرات (15% من الأفيون الأفغاني يستهلك في إيران). وفي الوقت الذي تسعى إيران للعب دور إقليمي خاصة في النواحي الاستراتيجية والاقتصادية، يواجه النظام تحديًّا كبيرًا من قبل رجال دين وعلمانيين. وأصبح من الواضح - كما يقول غادار- أن الحرس الثوري وقوات الباسيج هما دعامة النظام الرئيسة لإبقاء السكان تحت السيطرة.

وينتقد غادار الخيارات التقليدية المطروحة أمام صانع القرار الأمريكي والمتمثلة في الحل العسكري أو العقوبات، على اعتبار أن هذين الخيارين يعبران عن فشل واشنطن في إدراك أن المستقبل يكمن في الشعب الإيراني وليس مع النظام الإيراني. كما أنهما يتناقضان مع مبدأ "الاستقلال" المترسخ في العقل الإيراني. "فالهجوم العسكري سيثير الشعب الإيراني ضد المعتدين، ولن يؤخر التقدم على صعيد البرنامج النووي الإيراني إلا لوقت قليل، كما سيشجع المتشددين على الاستمرار في برنامجهم النووي، ويعطي للنظام مبررًا في تكثيف قمعه تجاه أي معارضة محتملة".

أما فلسفة العقوبات فتقوم على افتراض أنها ستؤدي إلى إضعاف النظام الإيراني الذي يحتاج للواردات والاستثمارات الغربية. لكن "غادار" يرى أن هذه الافتراضات غير صحيحة، "فالعقوبات تفيد النظام، وتحرم الجمهور الإيراني من النمو الاقتصادي، وتقلل من دور القطاع الخاص في مقابل تدعيم دور الحرس الثوري".

وبدلاً من ذلك، يجب على واشنطن - كما يقول غادار- أن تدعم الديمقراطية في إيران دون أن تفقد الإيرانيين إحساسهم بالاستقلال، وذلك من خلال تبني استراتيجية تقوم على عدة أمور، أهمها:

استمرار وسائل الإعلام العالمية في التركيز على سوء الإدارة والفساد الموجودين في النظام الإيراني.

يجب على المجتمع الدولي ووسائل الإعلام العالمية أن تنشر معدلات أداء الاقتصاد الإيراني في شكل مقارن مع الدول المجاورة لإيران. وعلى سبيل المثال تمتلك إيران وتركيا اقتصاديات متشابهة، لكن متوسط دخل الفرد في إيران قد شهد انخفاضًا حادًّا في العقد الأخير مقارنة بتركيا رغم الاحتياطي الكبير الذي تتمتع بها إيران من النفط والغاز. كما أن أداء الاقتصاد ليس سيئًا فقط مقارنة بتركيا، بل مقارنة أيضًا بجيران إيران جنوب الخليج العربي وفي منطقة بحر قزوين.

تناول استمرار النظام الإيراني في استخدام الأساليب الوحشية ضد مواطنيه، من خلال وسائل الإعلام والمؤتمرات والندوات.

إلقاء الضوء على كيفية تمكن الحرس الثوري من "سرقة" الاقتصاد الإيراني، والأماكن التي يرسل إليها قادته أموالهم.

إلقاء الضوء على الممتلكات التي اشتراها "القادة الإيرانيون الفاسدون" في الخارج، ومقارنة أماكن إقامتهم في طهران بالمدن الإيرانية الأخرى.

استهداف استثمارات الحرس الثوري الإيراني وحساباته الدولية.

إزالة العقوبات التي تستهدف الشعب الإيراني، مثل العقوبات التي تمنع من إصلاح الطائرات المدنية.

فرض عقوبات على الشركات التي تزود النظم الإيرانية بالقدرة التكنولوجية لقمع المعارضين.

إزالة العقبات أمام سفر الإيرانيين إلى الولايات المتحدة، والسماح للإيرانيين بالدراسة في جامعات الولايات المتحدة.

السماح للشركات الأمريكية والغربية بالاستثمار مع القطاع الخاص الإيراني في مجالات تنفع الشعب الإيراني وليس الحرس الثوري.

مطالب المعارضة من واشنطن

لا يختلف الطرح الذي قدمه "جينياف عبدو" Geneive Abdo، كثيرًا عن الطرحين السابقين، فهو يرى أن الانقسام الحادث داخل دهاليز السلطة في إيران هو غير مسبوق، فجانب كبير من النخبة السياسية التي ساعدت في إنشاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد انضمت إلى الحركة الخضراء وتقف الآن في معارضة مع الدولة، كما أنه من المحتجين قد أصبحوا أكثر تحديدًا لأهدافهم وأكثر عنفًا، وأكثر استعدادًا للتضحية بحياتهم من أجل التغيير.

والأكثر دلالة - كما يرى الكاتب - هو أن الأزمة الراهنة قد كسرت قداسة المرشد الأعلى للجمهورية على خامنئي، فهو لم يعد قائدًا سياسيًّا يحظى بالاحترام، ولا قائدًا دينيًّا يمتلك المؤهلات الكافية. بل إن مصطلح "ولاية الفقيه" أصبح ينظر إليه على أنه مرادف للحكم المطلق".

ورغم أن الكاتب يرى أن النظام سينجح في تجاوز الأزمة الحالية بفعل قوى الحرس الثوري الإيراني والباسيج، فإنه يقدم مجموعة من المقترحات للولايات المتحدة مبنية على حديثه مع قادة المعارضة، وكذلك بياناتهم التي نشرت في المصادر الفارسية.

وتتمثل أهم هذه المقترحات في:

يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على النظام فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، إن لم يكن بصورة مباشرة فمن خلال الأمم المتحدة. ويقترح البعض أن تشكل الأمم المتحدة لجنة للتحقيق في تهم التعذيب وجرائم القتل التي تعرض لها المتظاهرون. مثل هذا التحقيق، كما يقول الكاتب، سيشوه سمعة النظام الإيراني، ليس فقط في أعين المجتمع الدولي لكن داخل إيران أيضًا. ويشير الكاتب هنا إلى أن المعارضين الإيرانيين يخشون من أن الولايات المتحدة تهتم فقط بالأمن الإقليمي أكثر من حقوق الإنسان، ومن ثم فهي لن تخاطر بإغضاب النظام الإيراني وإبعاده من المفاوضات النووية من خلال طرح حقوق الإنسان على أجندة المحادثات.

تعتمد حركة المعارضة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي سواء للتواصل مع الإيرانيين داخل إيران أو خارجها. ومن ثم يريد المتظاهرون من الولايات المتحدة توفير مساعدة تقنية لكي يمكنهم من الاتصال عند قيام النظام بإغلاق مواقع الإنترنت.

يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على شركات الاتصال الأجنبية مثل نوكيا وسيمنر، من أجل منعها من بيع تكنولوجيا الاتصالات لإيران، وكذلك منع شحن التكنولوجيا التي بيعت بالفعل.

ويخلص الكاتب إلى أن الحركة الخضراء في إيران لا تبحث عن دعم كبير من واشنطن، "لكن بعض الخطوات المعتدلة سوف تعطي المعارضة شرعية داخل المجتمع الإيراني. وفي المقابل قد يكون المتشددين أكثر ميلاً للتوصل إلى تسوية تاريخية ستكون أضرارها أكثر من منافعها خاصة مع وجود ديكتاتورية عسكرية تحت حكم الحرس الثوري الإيراني".

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,160,190

عدد الزوار: 6,937,508

المتواجدون الآن: 114