المؤسسة الدينية الايرانية وتعاطيها مع أزمة الانتخابات

تاريخ الإضافة الأربعاء 6 كانون الثاني 2010 - 5:36 ص    عدد الزيارات 709    التعليقات 0

        

طهران – محمد صالح صدقيان
Related Nodes: 

لا يختلف اثنان في إيران حول تأثر المؤسسة الدينية بالأحداث والتطورات التي شهدتها البلاد بعد الانتخابات الرئاسية في 12 حزيران (يونيو) الماضي.

تداعيات هذه الأحداث انعكست في شكل واضح علی هذه المؤسسة التي تتخذ مدينة قم مقراً مركزياً لها، وكذلك في سائر المدن الايرانية حيث تنتشر الحوزات.

ويشير عارفون بتاريخ هذه المؤسسة الى ان المرجع آية الله بروجردي المتوفى عام 1962، نجح في جعل الحوزة الدينية مؤسسة اجتماعية ذات نفوذ وتنظيم دقيقين، استفاد منها في ما بعد المراجع اللاحقون لتوظيفها في الاهداف السياسية، أمثال آيات الله كاظم شريعتمداري ومحمد باقر كلبايكاني وشهاب الدين مرعشي نجفي وروح الله الخميني.

وسعی بروجردي الی تجنب اقحام الحوزة الدينية في مواجهة مع الأجهزة الحكومية والنزاعات السياسية، إذ حرص على تعزيز قوة هذه المؤسسة، ما انعكس في شكل واضح على موقفه من تأميم النفط في عهد رئيس الوزراء محمد مصدق عام 1953، كما انه لم يدعم منظمة «فدائيي الاسلام» بزعامة الثائر نواب صفوي، او آية الله كاشاني الذي حاول مساندة مصدق في خطوته لتأميم النفط.

لكن انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 بقيادة الامام الخميني، أحدث تحولاً أساسياً في البنی التحتية للحوزة الدينية التي وجدت نفسها في خضم العمل السياسي، إذ دفعتها الحشود التي ضاقت بهم الشوارع مؤيدة الثورة الاسلامية، الى اتخاذ مواقف داعمة للنظام السياسي الجديد، لتكون – شاءت أم أبت – في خضم التطورات والاحداث التي شهدتها إيران خلال العقود الثلاثة الماضية.

وعلی رغم إقرار مبدأ «ولاية الفقيه» في الدستور الإيراني الذي اتاح لمرجع ديني الجلوس علی أعلی سلم الهرم السياسي في البلاد، الا ان الحوزة الدينية حاولت – من خلال مراجعها – الحفاظ علی استقلاليتها، وفصلها عن الاجهزة الحكومية، مفضلة مواصلة دورها في الإشراف والمراقبة، ليس علی مستوی أداء البرامج الحكومية فحسب، بل في مجال تعاطيها مع التعاليم والقيم الاسلامية، والحفاظ علی حالة الأسلمة في المناحي المختلفة للحياة.

وعمد علماء دين ثوريون الى ايجاد اطر تنظيمية لقيادة الحوزة الدينية التي اخذت في الاتساع بعد قيام الثورة، لتشمل اكثر من مليون طالب يدرسون العلوم الدينية في مختلف المناطق الايرانية. وبذلك شُكّلت اللجنة العليا للحوزة (شوراى عالی حوزة) وجمعية التدريسيين في الحوزة العلمية بقم (جامعة مدرسين حوزة علمية) وجمعيات عدة نظمت شؤون علماء الدين لاتساع مهماتهم وواجباتهم، سواء علی مستوى امامة المساجد او الخطباء، أو علی مستوی الذين انخرطوا في المؤسسة التي يشرف عليها ولي الفقيه وهي «ممثليات الولي الفقيه» في المؤسسات العسكرية والحكومية والسياسية.

لكن المرجعية الدينية بقيت في وضعها التقليدي المحافظ، من خلال اتصالها بفئات الشعب المختلفة علی أساس مبدأ «التقليد الشرعي» الذي يؤمن به الفقه الشيعي والذي يُلزم الفرد الشيعي اتباع أحد المراجع المعروفين باجتهادهم في المسائل الشرعية المرتبطة بفروع الدين، وليس بأصوله، مثل الصلاة والصوم والحج والجهاد...

وعلی رغم ان عدداً من المراجع لا يؤمنون بمبدأ «ولاية الفقيه الشرعية» مثل آية الله السيستاني، إلا ان كل المراجع لا يعارضون هذا المبدأ في مجاله السياسي، كونه «نصاً قانونياً» يستلزم الايمان به لاعتبارات تتعلق بصيغته الدستورية التي اتفقت عليها كل مكونات الشعب الإيراني، وفقاً للاستفتاء الشعبي الذي أُجري نهاية عام 1979، كما أن أحداً من المراجع في إيران لا يعارض ولاية آية الله علي خامنئي أو قيادته أو وجوده في منصب «ولاية الفقيه».

وبناءً علی ذلك، انحصر ارتباط مراجع الدين بالشعب، في الفتاوى الدينية من دون التدخل في الشؤون السياسية التي تُركت للولي الفقيه الذي يرعاها، إضافة الی دوره بصفته مرجعاً ومجتهداً في الامور الدينية الاخری.

وحاولت المرجعية الدينية التعاطي مع ازمة الانتخابات الرئاسية، في حذر شديد، لتفادي التقاطعات المحتملة مع الولي الفقيه الذي اخذ علی عاتقه معالجة هذه الازمة، بما يملك من إمكانات دستورية وشرعية.

لكن ذلك لا يعني ان تكون المرجعية في الحوزة الدينية في قم علی اتفاق في قراءتها للأزمة الراهنة، إذ برزت اتجاهات عدة. فبعض المراجع وقف الی جانب الرئيس محمود أحمدي نجاد مثل آية الله مصباح يزدي وآية الله نوري همداني، فيما انحاز آخرون الی المرشحين الاصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، مثل آيات الله يوسف صانعي وزنجاني وموسوي اردبيلي والراحل حسين علي منتظري، في وقت اتخذت مراجع اخری موقف «الحياد الإيجابي» مفضّلين ممارسة «دور الناصح» لتفعيل المصالحة الوطنية، مثل آيات الله مكارم شيرازي وصافي كلبايكاني وجوادي املي، كما فضل عدد آخر من المراجع عدم التدخل في الازمة التي اعتبروها «فتنة يجب الابتعاد عنها وعدم الوقوع في شراكها»، مثل الوحيد الخراساني.

وبطبيعة الحال \"010614b.jpg\" انعكست هذه المواقف علی الشرائح المختلفة، وانسحبت علی الحوزات الدينية في بقية المناطق الايرانية، خصوصاً الشرائح المتدينة التي تعتقد بشرعية ارتباطها مع هذه المراجع، مثل التجار والصناعيين واصحاب الحرف الصغيرة والموظفين وشرائح من الطبقة العاملة.

لكن هذه المراجع لا ترتبط بقوة بالطبقات الشابة والجامعية التي اضحت الآلة التي تسيّر التظاهرات والاحتجاجات المناوئة لحكومة نجاد، بل باتت عناصر هذه الطبقات تبحث عن مرجعيات دينية تنسجم مع تطلعاتها السياسية، مثل تفاعلها مع منتظري، وإن كانت لا تعرف كثيراً من تاريخه أو آرائه الفقهية والشرعية.

وثمة اعتقاد أن الاحزاب السياسية المعارضة للحكومة، تأخذ في الوقت الحاضر زمام تحريك الشارع لتحقيق اهدافها في شكل لا تجرؤ معه المرجعيات الدينية على الوقوف أمام هذه النشاطات، خصوصاً ان عدداً من المرجعيات يدعم هذه الاحزاب وأهدافها ومعارضتها لحكومة نجاد.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,060,573

عدد الزوار: 6,932,733

المتواجدون الآن: 87