منتظري: منعوني من زيارة الخميني وتعزية أرملته(1)

تاريخ الإضافة السبت 26 كانون الأول 2009 - 6:13 ص    عدد الزيارات 835    التعليقات 0

        

مقتطفات من مذكرات آية الله منتظري (1)\"\"

 إعداد : عدنان ابو زيد

إيلاف: أعادت مواقع الإصلاحيين الإيرانيين نشر مذكرات آية الله منتظري، التي سبق أن تداولها الإعلام ونشرتها وسائل إعلام عربية وإيرانية على مدى الأعوام الماضية، وما يثير في نشر المذكرات تلك النبوءات التي أطلقها منتظري بشأن مستقبل الحكم في إيران وأساليب إبعاده عن هرم السلطة بطريقة تعسفية، ولعله في هذا يذكر بما يردده الإصلاحيين اليوم من محاولات إبعادهم عن مركز القرار واتهامهم بعدم الولاء والخيانة. "إيلاف" تعيد نشر عبر أربع حلقات، نقاطا بارزة في مذكرات آية الله منتظري.

 آية الله حسين علي منتظري كان قاب قوسين أو أدنى من خلافة آية الله الخميني، خاصة وأن آية الله مطهري رئيس مجلس قيادة الثورة اغتيل في الأسابيع الأولى من انتصار الثورة على يد المتشددين الدينيين في أبريل/نيسان 1979، لكن انتقاداته لولاية الفقيه التي يستمد منها النظام الحاكم في إيران شرعيته، وموقفه الذي وصفه المحافظون باللين فيما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان، كانت مبررا لأن يجرده آية الله الخميني من مناصبه ثم يعزله عام 1988، وقد اضطهد أتباعه وأقاربه وتعرض العديد منهم للاغتيالات.

 عاش آية الله منتظري تحت الإقامة الجبرية في منزله بمدينة قم العلمية، وأصبح مجرد ذكر اسمه ضمن مقالة أو صحيفة مدعاة للعقوبة، ونشر آية الله منتظري مذكراته التي تتضمن كشفا للاتصالات السرية بين رموز المحافظين الإيرانيين وكل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بغرض شراء الأسلحة في حربهم مع العراق، ويوجه انتقاداته لنظام الحكم في إيران وبالأخص لمسألة حقوق الإنسان.

صدر حكم بالإعدام على آية الله منتظري عام 1975 لكنه لم ينفذ، بل وأطلق سراحه بعد ذلك بثلاثة أعوام، وأصبح عضوا في المجلس الثوري.

يعتبر آية الله منتظري واحدا من أكبر المرجعيات الدينية للشيعة وقد أكسبته مواقفه السياسية المستقلة مزيدا من الصلابة والشعبية في آن واحد.

توفي منتظري في مدينة قم يوم السبت 19 ديسمبر/كانون الأول 2009 عن عمر ناهز 87 عاما بسبب أزمة قلبية، بعد أن ظل يعاني طوال سنوات من مرض السكري ويستخدم الأنسولين إضافة إلى معاناته من الربو ومشاكل في الرئة.


\"\"الولادة وزيارة قم

ولدت في بيت صغير بمدينة نجف آباد القريبة من أصفهان. والدي كان فلاحا، ورغم امتلاكه مزرعة وحديقة، غير انه كان يعمل مزارعا لأحد المالكين. وفي ذلك الحين، أي قبل أكثر من سبعين عاما، كان في مدينتنا احد علماء الدين المحترمين، اسمه الحاج شيخ احمد حججي الذي خلافا لأقرانه، كان يختلط مع الناس وينصحهم بتعلم العلوم والدروس الدينية. ووالدي مثل العديد من أبناء نجف آباد كان يحضر دروس الشيخ احمد وتعلم فيها مقدمات اللغة العربية والعلوم الدينية، كما كان حافظا للقرآن. وحتى أواخر عمره كان يخطب ويقيم صلاة الجماعة إلى جانب عمله في المزرعة.
وفي البداية تتلمذت عليه، كما ذهبت الى المدارس القديمة (الكتاتيب)، غير أنني تركت المدرسة بعد ان تعرضت الى الجلد على ايدي احد المعلمين. وبعد فترة، أرسلني والدي الى اصفهان حيث حضرت دروس الشيخ منصور في الادب.
وفي عام 1314 الشمسي (1937 الميلادي) وبعد بلوغي سن الـ13 عاما، جئت إلى مدينة قم حيث كان الحاج شيخ عبد الكريم حائري يزدي المرجع الكبير يرأس الحوزة. ونظرا إلى أن الحكومة في ذلك الحين كانت تجري امتحانا للراغبين في الانضمام الى المدارس الدينية في الحوزة وممن كانوا يريدون ارتداء العمامة، فأنني شاركت في الامتحان ونجحت. وقد مضى أكثر من عشرة شهور على إقامتي في مدينة قم دون أن اقبض "الشهرية".
وكان والدي يعطيني نصف ريال ولم يكن هذا المبلغ يكفي لشراء الغذاء، ناهيك عن بقية الاشياء. \"\"

كنت أشتم رائحة الحلويات لعدة اشهر من دون ان اكون قادرا على شراء قطعة منها. ومرة قابلت الحاج شيخ عبد الكريم في حمام خان، وقال له الشيخ إبراهيم: هذا هو الشاب الذي طالبتكم بمنحه "الشهرية". وسألني الشيخ عبد الكريم عن كتاب السيوطي وبعد ان قرأت له شعرا من الكتاب سمح بمنحي عشرة تومانات بالتقسيط. بقيت في قم حوالي عشرة شهور قبل عودتي إلى أصفهان، حيث نزلت بمدرسة «الجدة الكبيرة»، وكان مبلغ الشهرية ريالين، كما أن بعض "الأخيار" كانوا يكرموننا بين الحين والآخر برغيف من الخبز».
ويتحدث آية الله العظمى منتظري بعد ذلك عن سنوات دراسته في «أصفهان» و«قم»، حيث نال إجازة الاجتهاد وهو ما يزال شابا، ويتذكر أساتذته والعلماء الكبار ممن تتلمذ عليهم، كما يشير إلى سنوات حكم رضا شاه بهلوي والد الشاه الأخير محمد رضا بهلوي بمرارة شديدة بسبب قرار رضا شاه بنزع حجاب النساء وفرض ارتداء الزي الغربي (البدلة والبنطلون وربطة العنف والقبعة) على الرجال، ويكشف منتظري انه لم يكن يرتدي العمامة والعباءة في تلك السنوات، اذ أن العلماء الكبار فقط كان مسموحا لهم الظهور بالزى الديني».

وبعد ذلك يتحدث عن سنوات الحرب العالمية الثانية وخروج رضا شاه من البلاد، واستقرار المرجع الشيعي الكبير الراحل آية الله العظمى حسين بروجردي في قم وتتلمذه عليه، وعن العلاقة الوثيقة التي نشأت بينه وبين السيد بروجردي.
ومما يتذكره منتظري عن هذه الفترة: «كنا أنا والمرحوم مرتضى مطهري (عضو مجلس قيادة الثورة الإسلامية عام 1979، استشهد في بداية الثورة على أيدي تنظيم ارهابى متطرف عرف باسم: الفرقان) نرغب في زيارة آية الله بروجردي ومحادثته عن كثب. وفي فصل الصيف ذهب آية الله غلى مسقط رأسه مدينة بروجرد وذهبنا نحن ايضا إلى بروجرد، حيث حضرنا لمدة أربعين يوما دروس بروجردي. ونظرا إلى أن معظم الذين كانوا يحضرون الدروس هم من كبار السن والعلماء المعروفين، فإننا لم نجلس في الصفوف الأمامية».

ويشير منتظري إلى سنوات حكم رئيس الوزراء الوطني الدكتور محمد مصدق، الذي كان البعض من رجال الدين معارضين له بسبب مواقفه السياسية وتسامحه حيال نشاط الأحزاب اليسارية والشيوعية، ويقول «في هذه السنوات، ولدت حركة ثورية إسلامية باسم (فدائيي الإسلام) تحت زعامة رجل شاب، كان قد درس في المعهد الفني قبل التحاقه بالمدارس الدينية، هو نواب صفوي. وكان نواب صفوي متحمسا لفكرة الوحدة الإسلامية وسافر إلى مصر والتقى قادة حركة الأخوان المسلمين وشيوخ الأزهر، وفي الحوزة الدينية بقم كان الطلبة يؤيدون مواقفه وتوجهات نواب صفوي ونائبه حجة الإسلام واحدي، بينما المراجع الكبار اعتبروا ممارسات نواب صفوي وآراءه الثورية الراديكالية مخالفة لمبادئ الشريعة والنظام المطبق في الحوزة.
وآية الله بروجردي الذي تعرض للانتقاد من قبل بعض الطلبة المؤيدين لنواب صفوي في بداية انطلاق حركة (فدائيي الإسلام)، اتخذ موقفا سلبيا تجاه الحركة،

ويتذكر منتظري في هذا الفصل من مذكراته: «نحن كنا متعاطفين في قلوبنا مع نواب صفوي ورفاقه بسبب حملاتهم ضد الشاه ورجال الحكم. لقد ذهب بعض المشايخ في الحوزة إلى بروجردي وقالوا له أن الإمام الخميني و الشهيد مطهري من حماة نواب صفوي. هكذا كان الوضع في قم في بداية انطلاق حركة تأميم النفط وثورة مصدق.
وقد ذهب نواب صفوي من قم إلى طهران وانضم إلى آية الله كاشاني الذي عمل في البداية مع مصدق وسانده ووصل لفترة الى رئاسة مجلس الشورى الوطني».

ويروي منتظري كيفية تعامل الحوزة مع إنشاء إسرائيل والحرب الأولى بين العرب واليهود في جزء آخر من مذكراته، ويقول: «لقد احتل اليهود ارض فلسطين وطردوا المسلمين من وطنهم، وقيل آنذاك، أن إيران بصدد الاعتراف بإسرائيل. لقد كان آية الله العظمى محمد تقي خونساري من المراجع الكبار، الذين تعاونوا مع آية الله كاشاني في تعبئة الرأي العام ضد إسرائيل ولصالح الشعب الفلسطيني. \"\"
وممن لعبوا دورا مهما في هذا الصدد لا بد أن اذكر المرحوم العلامة رضا الصدر شقيق الإمام موسى الصدر ونجل المرجع الراحل آية الله العظمى الصدر. وفي اجتماع عقدناه في قم تحدث السيد رضا الصدر والسيد جواد حسيني عن الطلبة المتحمسين للقضية الفلسطينية، قال حسيني: في هذه اللحظات يواصل اليهود ذبح المسلمين، ونحن صامتون. لا بد أن نتطوع للقتال ضد اليهود وسأذهب أنا غدا وأسجل اسمي للجهاد. وفتح بعد ذلك دفترا في مدرسة الفيضية لتسجيل أسماء المتطوعين. وكان الطلبة يأتون لتسجيل أسمائهم للذهاب إلى فلسطين. كيف؟ وبأي وسيلة؟ والطالب منا لم تتجاوز دخله 15 ريالا شهريا ؟.. على أية حال ذهبنا جميعا إلى بيت بروجردي، لإعلان استعدادنا للقتال، وحركتنا هذه أثارت الخوف والذعر لدى الحكومة، فأرسل رئيس الوزراء مدير الشرطة العميد ايزدي إلى قم وهو شقيق آية الله ايزدي، وقد طمأن العميد ايزدي بروجردي على ان الحكومة لن تعترف بإسرائيل، ليوقف المسيرات التي تنطلق في قم.

 

منتظري: منعوني من زيارة الخميني بالمستشفى ومن تعزية أرملته

تغيير بنود الدستور كان عملا غير شرعي وغير قانوني

أحدثت وفاة الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني عام 1989 صدمة لتلميذه ونائبه وخليفته السابق آية الله حسين علي منتظري الذي كان مشتاقاً لزيارة أستاذه في المستشفى، لكن أتضح له، كما يقول في مذكراته المحظور التي نشرها في إيران ونشرتها وسائل الإعلام، أن من حاصروا الخميني في أخريات أيامه لن يسمحوا له بأن يزوره وان يلقي النظرة الأخيرة عليه.

يوضح منتظري تلك الظروف قائلاً: «لقد كنت في نجف آباد بسبب وفاة والدي عندما سمعت من الإذاعة بأن الإمام (الخميني) نقل إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية، واقترح بعض الأشخاص علي أن ابعث ببرقية إلى الإمام في المستشفى، فقلت لهم أن هؤلاء (المحيطين بالخميني) لم يبعثوا لي حتى ببرقية واحدة للتعزية بوفاة والدي. مع ذلك فقد بعثت ببرقية إلى الإمام في المستشفى. وعندما رجعت إلى قم عزمت على الذهاب إلى الإمام لزيارته لكن الشيخ درّي نجف ابادي قال لي بأنهم (موظفي مكتب الخميني وابنه احمد) لا يحبذون أن اذهب لزيارة الإمام. وكنت على يقين بأنهم لن يسمحوا لي بالدخول إذا ذهبت إلى المستشفى. وعندما توفي الإمام بعثت ببرقية وأرسلت ابني احمد والشيخ نجف ابادي وايزدي إلى جمران (مقر إقامة الخميني) للتعزية.

وبعد ذلك بأيام توجهت وولديّ احمد وسعيد الى ضريحه لقراءة الفاتحة، ومن هناك ذهبنا إلى جمران. كان ذلك في الصباح الباكر والجو كان ممطراً. وعند البوابة قالوا لنا بأن علينا الانتظار لأن احمد (الخميني) نائم. وبعد ذلك نصحونا بأن نذهب إلى مكتب الشيخ توسلي للانتظار. لقد عرفت من ذلك أنهم كانوا يريدونني أن ارجع، فعدنا الى قم. وبعدها سمعت بأنهم اخبروا الشيخ هاشمي رفسنجاني بما جرى لنا فأعرب عن أسفه لما فعله أولئك الأشخاص. وبعدها قلت للسيد طاهري خرم آبادي أن يبلغ الشيخ رفسنجاني بأنني أحب أن اذهب إلى بيت الإمام لأعزي أرملته بصفتي تلميذاً للإمام ولا دخل للسياسة في هذه الأمور. وقلت أيضا أنني لا أريد أن ينشر خبر الزيارة في وسائل الإعلام، وإذا أرادوا النشر، فعليهم أن يطلعوني مسبقاً على نص الخبر قبل إذاعته لأنني كنت اعرف أنهم سيذيعون الخبر على أساس أن منتظري زار بيت الإمام ليتوب ويطلب العفو ويعترف بأنه هو السبب في وفاة الإمام. وبعد ذلك اخبرني السيد طاهري خرم آبادي أن الشيخ رفسنجاني قال انه ينظر في الأمر. لكنه بعد ذلك ذهب إلى موسكو، والسيد احمد (الخميني) قال انه ليس محبذاً مجيء \"\"الشيخ (منتظري) إلى البيت، فقلت: لقد سقط التكليف عني».

ويتحدث منتظري في مذكراته عن موضوع خلافة الخميني التي حُسمت في مجلس الخبراء بعد فشل الأعضاء المؤيدين لفكرة إنشاء مجلس قيادة من ثلاثة أو خمسة أشخاص في الحصول على أصوات الأغلبية، مما مهد الأرضية لتدخل هاشمي رفسنجاني كي يزعم ان الخميني كان نفسه قد أشار مراراً إلى خامنئي باعتباره أفضل خليفة له. ومما أورده منتظري في مذكراته: «لقد شعرت انه من مصلحة البلاد والثورة أن أرسل ببرقية تهنئة إلى خامنئي لأعبر فيها عن حرصي على وحدة الكلمة في البلاد، ولإزالة قلقهم حول أهدافي. غير أنهم لم يذيعوا نص البرقية في الإذاعة والتلفزيون، كما أن خامنئي لم يرد عليها، وعندما سئل عن سبب عدم الرد قال انه استخار القرآن الكريم فلم تكن الاستخارة لصالح الرد على برقية منتظري».

وكان منتظري قد ركز في برقيته على نقطتين رئيسيتين:

1 ـ يتعين على خامنئي ان يأخذ المشورة من العلماء والمراجع والشخصيات المخلصة في البلاد.

2 ـ ان خامنئي ليس مؤهلاً لخلافة الخميني، غير ان مصلحة البلاد تأتي فوق جميع المصالح، واذا سعى خامنئي لاعادة الثقة بالنظام الى قلوب المواطنين والعمل بالدستور فانه لن تكون هناك معارضة لقيادته.

وبعث منتظري مرة اخرى ببرقية الى خامنئي بمناسبة وفاة والدته، ولم يرد مرشد الثورة عليها. كما ارسل منتظري رسالة اليه بعد تعرض بيته ومكتبه وحسينيته لهجوم من عناصر «أنصار حزب الله» ورجال الأمن، ولم يأته هذه المرة ايضاً الرد..

ومن المؤاخذات الرئيسية لمنتظري على رفسنجاني وأحمد الخميني، كما توضح مذكراته، وهو اقدامهما على تعديل بعض بنود الدستور. وهو يقول ان التعديلات التي اجريت وأسفرت عن الغاء منصب رئيس الوزراء وتوسيع سلطات وصلاحيات الولي الفقيه (مرشد الثورة)، كانت غير ضرورية.

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 156,169,983

عدد الزوار: 7,017,840

المتواجدون الآن: 69