خطاب ديني لأغراض قومية

تاريخ الإضافة الإثنين 21 كانون الأول 2009 - 7:28 ص    عدد الزيارات 814    التعليقات 0

        

 

حينما رحت اعرض على دبلوماسي روسي رفيع المستوى سابقا نهج السياسة الايرانية في المنطقة من الاستفزاز الى احتلال الاراضي والتدخل بالشأن الداخلي، نظر لي مبتسما وقال ماذا تتوقعون انها ترتبط معكم بشريط حدودي طويل وتجاور دولا عربية اخرى، فهناك مصالح كبيرة لايران لديكم، ورددت بنفسي وربما اطماع. وتساءلت لكن تحقيق المصالح يجب ان يكون بطرق شرعية.

ان المتابع للنهج السياسي لطهران يكتشف انها وفي سبيل تحقيق تلك المصالح/ الاطماع تستخدم شتى السبل، ولكن عكازتها الرئيسة التي اغرت البعض بها او جعلتهم يتخذون موقف الحياد منها، كان هو الخطاب الديني. في بداية الثورة على نظام الشاه مارست سياسة سافرة، وحاولت تصدير " شرارة الثورة لتحرق المنطقة بأسرها". حينها كانت تراهن على جولة سهلة لضم المنطقة " تحت خيمتها". ولكن منظري الثورة الايرانية ادركوا بعد اراقة دماء غزيرة ان عصر تصدير الثورات قد ولى ويجب التعاطي بوسائل اخرى تتجاوب وذهنية العصر الحديث وتوجهات الرأي العام في المنطقة. فجرى الاعتماد على الشعار الديني وتوظيفه لتحقيق الاهداف القومية العريقة، التي تبرهن على ان قيادة " الثورة الاسلامية" لم تتخل عن النزعات الامبراطورية واستعادة الامجاد الغابرة.

وتكشف مواقف ايران الاقليمية والدولية خلال العقود الاخيرة بانها تلجأ شفويا للخطاب الديني وتوظفه لتحقيق اهداف ملموسة وتجر من خلاله هذه القوى او تلك داخلية ام خارجية، ولكنها " تعلقه على المشجب" حينما يمس مصالحها الجيو سياسية وايجاد لها مواقع اقليمية وشركاء او حلفاء. ان طهران ضمن هذا السياق اقامت تحالفا مع ارمينيا " المسيحية" على حساب اذربيجان " المسلمة" بل والشيعية في بعض الحسابات. وحينما اشتعلت الحرب الشيشانية في تسعينات القرن الماضي لاذت ايران بالصمت واتخذت مواقف اللا مبالية من حالة " الاخوة بالدين" والحديث لا يدور طبعا عن دعم الانفصاليين او مباركة الارهاب والعنف كوسيلة فهذا كله مدان ومرفوض بشدة، وانما عن المدنيين العزل الذين راحوا ضحية طاحونة الحرب. فايران لاتريد ان "تعكر صفو علاقاتها" مع روسيا من اجل" الاخوة في الدين" او تقديم الحماية لهم.

وعلى صعيد المنطقة فان النزعة الامبراطورية تتجلى اكثر باصرار طهران على التمسك باحتلال جزر دولة الامارات العربية الثلاث. المعروف ان نظام الشاه هو الذي احتل هذه الجزر ولاهداف معروفة، ونظام الثورة اعلن تصفية تركات نظام الشاه ولكنه ابقى فقط على ما يمكن اعتباره القاسم المشترك مع سياسته الامبراطورية، والجزر الاماراتية المحتلة بالطبع جزء منها.ورغم تبرؤها من تصريحات مسؤول رفيع المستوى عن ان مملكة البحرين جزء لا يتجزأ من الاراضي الايرانية، الا ان اصداء الحدث ما زالت تتردد بالاذان.



موسكو

 


تاريخ النشر 21/12/2009

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,338,115

عدد الزوار: 6,887,170

المتواجدون الآن: 91