تهريب الأسلحة يزيد المخاوف بشأن إيران

تاريخ الإضافة الثلاثاء 8 كانون الأول 2009 - 10:41 ص    عدد الزيارات 771    التعليقات 0

        

جوبي واريك، Washington Post، الاثنين 7 كانون الأول 2009
\"\"
 

الشارقة، الإمارات العربية المتحدة: جاء الإنذار متأخراً نوعاً ما، حيث كانت سفينة الشحن ANL Australia قد انطلقت في رحلة السبعين ميلا باتّجاه إيران، عندما تلقى عناصر الجمارك إنذاراً باحتمال وجود أسلحة على متنها.

فسارع بعض المفتشين من الإمارات العربية المتحدة إلى مداهمة متن السفينة واكتشفوا أنها تحتوي على حاوية بحجم شاحنة مليئة بأسلحة خفيفة من صنع كوريا الشمالية. ولكن الاكتشاف الفعلي والأهم كان قابعاً في قعر السفينة وهو كناية عن مئات الصناديق القفصية التي تحتوي على عتاد عسكري ومسحوق رمادي لون كريه الرائحة ومواد تفجير لصنع آلاف الصواريخ قصيرة المدى.

وقد تحدّث عنها مسؤولون ومحللون في الإمارات العربية المتحدة وواشنطن للمرة الأولى عن طبيعة هذه الشحنة التي تم مصادرتها في تموز، في سياق مقابلات أُجريت معهم، الأمر الذي رفع المخاوف من الجهود المتزايدة التي تبذلها إيران لتسليح نفسها والميليشيات التابعة لها في الشرق الأوسط. في وقت حذّر المسؤولون الإسرائيليون من احتمال لجوئهم إلى القوة لمنع إيران من تطوير الأسلحة النووية.

تجدر الإشارة إلى أن سفينة الشحن التي تم اعتراضها في هذا المرفأ كانت من بين البواخر الخمس التي تم ضبطها هذا العام وهي تنقل كميات سرية كبيرة من الأسلحة كانت، على ما يبدو، مُرسلة إلى "حزب الله" اللبناني و"حركة حماس" الفلسطينية أو "قوات القدس"، وهو جناج من الحرس الثوري الإيراني الذي يدعم المتمرّدين في العراق، على حدّ تعبير المسؤولين والمحللين الإستخباراتيين في الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وتضمنت السلع المُهرّبة، في ثلاث حالات، مواد مصدرها كوريا الشمالية أو الصين لصناعة صواريخ الغراد من عيار 122 ملم التي يمكن أن يبلغ مداها 25 ميلاً والتي سبق أن أطلقتها "حماس" و"حزب الله" على إسرائيل.

من بين الأسلحة التي تم ضبطها على متن سفينة ANL Australia، 2,030 مفجّر خاص بصواريخ من عيار 122 ملم ومجموعة من المعدات الكهربائية ذات الصلة وكمية كبيرة من دواسر الوقود الصلب، حسبما ورد في تقرير قدّمه مسؤولون في الإمارات العربية المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وقد أُحضرت المواد من كوريا الشمالية وشُحنت نصف المسافة عبر العالم، في حاويات مختومة، مصنّفة على أنها إمدادات لحفر آبار نفط، وقد نجحت في تجاوز سلسلة من سفن الشحن والموانئ. 

في هذا السياق، ذُكر أنه تم شنّ غارة إسرائيلية الشهر الماضي على سفينة في شرق البحر المتوسط وعُثر خلالها على مئات من الصواريخ الإضافية من عيار 122 ملم. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن السفينة كانت متّجهة نحو سوريا وكانت تحمل 500 طنّ من الأسلحة المعدّة للإرسال إلى "حزب الله". كما تم العثور على مخابئ مماثلة هذا العام في ميناء في قبرص وعلى متن سفن شحن روسية وألمانية خضعت لتفتيش من قبل فرق من القوات البحرية الأميركية.

ووفق مسؤولٍ استخباراتي أميركي على اطّلاع بالشحنة التي صودرت في الإمارات، فإنّ عناصر في الاستخبارات الأميركيّة قد "لعبوا دوراً أساسيّاً" في تعقّب السفينة ولكنّه رفض الإفصاح عن المزيد من المعلومات.

إن فورة عمليات التهريب تأتي كتحدٍّ مباشر لمجلس الأمن الذي يعقد جلسةً خاصةً هذا الشهر للنظر في ما ارتكبته إيران من انتهاكات للقرارات الدولية التي تمنع مثل عمليات شحن الأسلحة هذه. ويقول المسؤولون في الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن العقوبات التي تعتمدها الهيئة الدولية ضد إيران يبدو أنها ذات أثر ضئيل، فيما لا يزال القادة الإيرانيون يدافعون عن حقهم في مساعدة مجموعات يصفون عناصرها بأنهم "مقاتلون في سبيل الله"... "إننا نفتخر في الدفاع عن "حماس" و"حزب الله" ونحن لا نحاول إخفاء ذلك الأمر"، على حدّ تعبير علي لارجاني، رئيس البرلمان في إيران، خلال مؤتمر صحافي كان عقده في أيار.

أعمال نصب في عرض البحار

كان من الصعب تعقّب السبيل الذي اختارته كوريا الشمالية لتسليم المواد الصاروخية التي عثر عليها مسؤولون في الإمارات العربية المتحدة. وبحسب بيانات الشحن، غادرت باخرة من كوريا الشمالية ميناء نامبو في الثلاثين من أيار وعلى متنها عشر حاويات شحن كبيرة. وبعد يومين، نُقلت هذه الحاويات إلى سفينة صينية في ميناء مدينة داليان، شمال الصين.
ومن هناك، شُحنت الحاويات إلى شانغاي حيث نُقلت في 13 حزيران إلى سفينة شحن ثالثة، هي ANL Australia تحمل راية باهامية وتعود ملكيتها إلى اتّحاد فرنسي. ويقول ناطقون باسم مالك سفينة الشحن وقبطانها إنهم استلموا حاويات شحن مختومة، ومصحوبة ببيانات الشحن التي أدرجت المحتويات على أنها معدات خاصة بآبار النفط.

قرابة منتصف حزيران الماضي، غادرت الشحنة شانغاي على متن سفينة ANL Australia التي سلكت سبيلاً ملتوياً عبر شرق وجنوب شرق آسيا، وتوقفت في منتصف تموز في إمارة دبي المعروفة بأن لديها أحد أكبر المرافئ في العالم. ثم انطلقت بعدها في الجزء الأخير من رحلتها باتّجاه شهيد رجاي، عند شواطئ مضيق هرمز في إيران.

وبسبب العقوبات الدولية، أُرغمت إيران وكوريا الشمالية على شراء وبيع أدوات تكنولوجية عسكرية عبر أساليب سرّية. واعتمدت إيران، في وجه خاص، استرتيجية تقضي بعقد صفقات شراء وافرة مع بائعين متعددين، لافتراضها أنه سيتم اكتشاف وتوقيف بعض شحناتها، بحسب ما أفاد دايفد أولبرايت، مفتش نووي سابق لدى الأمم المتحدة ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي (مؤسسة أبحاث لا تبتغي الربح في واشنطن". وقد تمكنت إيران، من خلال استخدام هذه المخططات واستغلال شبكة من الشركات الصورية، من اكتساب الأساليب والمعدات التكنولوجية الرئيسية لتصنيع صواريخ متطورة ولتطوير برنامج نووي متقدّم.
وقال أولبرايت في هذا الإطار:" انتشرت هذه الشبكات على غرار الانترنت وكلما توسّعت، كلما أصبح من الصعب تدميرها. إنهم يستخدمون التغطيات للحصول على شتّى أنواع الأساليب التكنولوجية من شركات توريد كبرى، بما في ذلك أوروبا وروسيا والصين والولايات المتحدة".

الإجراءات الصارمة التي تتّخذها دول الخليج

كانت دبي مركزاً مناسباً لشبكات التوريد غير الشرعية لإيران، طوال سنوات. ولكن يقرّ بعض المسؤولين الأميركيين بأن الإمارات العربية المتحدة قد بدأت منذ سنتين، بتنفيذ إجراءات صارمة ضد عمليات التهريب الإيرانية في مجال التكنولوجيا العسكرية؛ إذ أصدرت الحكومة ضوابط صارمة لمراقبة الصادرات، وحدّت من إصدار تأشيرات العمل إلى الإيرانيين، كما أقفلت عدداً من الشركات الصورية المشتبه بها، وفق مسؤولين في الإمارات العربية المتحدة ومسؤولين استخباراتيين غربيّين ومحلّلين مستقلّين.

إلا أنّ المسؤولين والمحللّين الرسميين في الحكومة الإماراتية أقروا بأن قدرة الإمارات على إحباط عمليات التهريب لا تزال قيد التطوير، مع العلم أن نسبة كبيرة من عمليات الاتجار غير القانونية في المنطقة تنطوي على معاملات مدفوعة قبل الاستلام يكون كشفها وضبطها أكثر صعوبة.

رغم ذلك، لا تأتي هذه الإجراءات الصارمة بدون ثمن. فالإمارات العربية المتحدة التي تعقد صفقات تبلغ قيمتها حوالي 15 مليار دولار سنوياً مع إيران، قد تلقّت عدة شكاوى حول ما اعتبرته إيران تدخّلاً غير مُبرّر من قبل المسؤولين الإماراتيين. ومع ذلك، يصرّ هؤلاء على أنهم يتصرفون لمصلحتهم الخاصة، وليس ردًّا على ضغوطات من الولايات المتحدة أو غيرها.

وقد صرّح مسؤول إماراتي في هذا الإطار قائلاً: "لا يجوز لأحد أن يمنعنا من عقد صفقات تجارية شرعية. ولكن الوضع أوصلنا إلى موقف حرج أرغمنا على القيام بخيار، لأجل صون الأمن القومي: فإما الاجتهاد على توقيف عمليات التهريب هذه وإما الاستعداد للعيش مع إيران كدولة نووية".

هذا وقد واجه المسؤولون الإماراتيون معضلة مماثلة في 22 تموز عندما تم تحذيرهم من  احتمال وجود أسلحة مهربة على متن السفينة المتجهة نحو إيران، حسبما ذكر المسؤول. وبعد أن تم تفريغ الحاويات التي تحمل الأسلحة والمواد الصاروخية، أّفرج عن سفينة الشحن ANL Australia لكي تتابع رحلتها، لكن أبقي على الداسر في الإمارات، وقد قدّمت لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، إثر ذلك، استجواباً رسميا إلى كوريا الشمالية، بقي بدون ردّ.

هذا في حين يقول المسؤولون الإماراتيون إنهم بانتظار وصول شهود من الأمم المتحدة لبدء عملية إتلاف الوقود.

· ساهم في إعداد هذا التقرير كلّ من كولم لينش (مراسل لدى الأمم المتحدة) وجولي تايل (باحثة في واشنطن).

\"\"

 
\"\"
\"\"

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,122,199

عدد الزوار: 6,754,622

المتواجدون الآن: 98