لمــــاذا على الغــرب التكلــم مع إيــــران ؟

تاريخ الإضافة السبت 5 كانون الأول 2009 - 8:09 ص    عدد الزيارات 790    التعليقات 0

        

منذ الإفراج عني من سجن إيفين الذائع الصيت في طهران الشهر الماضي، لم تبارحني هذه الأسئلة: هل ما زال بإمكاننا التكلم مع هؤلاء الناس؟ هل يجب أن تنخرط إدارة أوباما في حوار مع إيران؟ ماذا يجب أن يفعل الغرب في المفاوضات النووية؟ بعد سجني واستجوابي وتعرضي للضرب على يد الحرس الثوري طوال 118 يوماً لأنني نقلت بصدق ما يدور بشأن الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها التي أجريت في 12 حزيران، غالباً ما يُتوقَّع مني أن أعارض أي حوار مع إيران. لكن الغرب لا يزال بحاجة إلى إيران ويجب أن يستمر في التكلم معها – بغض النظر عما فعلته بأشخاص مثلي.
أرغمونني داخل سجن إيفين على الاعتراف بأنني جزء من مؤامرة إعلامية غربية ماكرة لإطاحة النظام. وأُرغِمت على الاعتذار للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله خامنئي. وقد أخلي سبيلي فجأة تماماً كما اعتُقِلت فجأة، من دون تفسير. غير أن المحقق الذي استجوبني طلب مني أن أوجّه رسالة للعالم: "نحن قوة عظمى. قوة أميركا تضمحل، وسوف نتغلّب عليها قريباً. الآن وقد أطلق الأميركيون هذه الحرب ضدنا، لن نتركهم بسلام". توقف، ربما لأنه أدرك أنه يبدو دفاعياً. كنت صحافياً مسجوناً معصوب العينين وليس جاسوسا. (لست أميركياً حتى). واستعمل بدلاً من ذلك عبارة حرب "ناعمة" التي تشير من خلالها طهران إلى حرب وهمية تقول إن الإعلام يروّجها ضد "الحكومة المقدّسة للجمهورية الإسلامية". وأضاف "سوف نردّ على هجماتهم بكامل جبروتنا".
الحرس الثوري زمرة مصابة بانفصام الشخصية ترزح تحت وطأة شعور قوي بعدم الأمان وعقدة تفوّق. يطمحون إلى السيطرة على الحكومة وتوسيع امبراطورية البيزنس التي يملكونها في إيران. وفي الوقت نفسه، يخافون كثيراً من الأفراد والمجموعات الذين يشكّكون في قبضتهم على السلطة. الحرس الثوري هم قاعدة النفوذ الحقيقية لخامنئي. وهم الداعمون الأساسيون لزعمه بأنه ممثّل الله على الأرض. كانت إحدى أخطر التهم التي وُجِّهت إليّ إهانة خامنئي. كنت قد تساءلت في رسالة خاصة بالبريد الإلكتروني إذا كانت السلطة قد أعمت خامنئي وجعلته يفقد الاتصال مع شعبه، وإذا كانت السبب وراء تعامله بهمجية مع مطالب شعبه السلمية. كان هذا كافياً ليرفسني المحقق ويلكمني طوال أيام ويهدّدني بالإعدام.
في مثلّث السلطة الإيراني – الحرس وخامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد – يصبح الحرس أقوى من الرئيس والمرشد الأعلى. جزء من الحرس موالٍ لخامنئي لأسباب دينية، غير أن كثراً يستخدمون منصبه كقائد ديني من أجل إضفاء شرعية على ممارساتهم. ويستعملون أيضاً أحمدي نجاد، العضو السابق في الحرس الثوري، لزيادة نفوذهم السياسي. يملك الحرس سلاحاً ومالاً. إنهم المتعاقِدون الصناعيون الأكبر في إيران. لديهم شركات وهمية في مختلف أنحاء المنطقة وفي الغرب، كما أنهم متورّطون في تهريب البضائع من إيران وإليها. وهم مسؤولون فقط أمام خامنئي.
إذاً هل يمكن الغرب، وفي شكل خاص الولايات المتحدة، إجراء حوار مع هؤلاء الأشخاص؟ أجل. لأنه ليس هناك خيار آخر. يجب أن يتفاوض الغرب مع إيران حول البرنامج النووي واستقرار العراق وأفغانستان. عدم التكلم مع طهران لا ينجح: فالخطاب والممارسات العدوانية التي انتهجتها إدارة بوش، حتى ضد حكومة محمد خاتمي الإصلاحية، ساعدت المتشدّدين على ترسيخ سلطتهم. وحده الانخراط، ولو كان مع نظام أكثر راديكالية، يتيح للغرب إرغام طهران على قياس تكاليف التعامل مع العالم الخارجي ومنافعه.
لا أعرف بالضبط لماذا أُفرِج عني، لكنني أستطيع أن أخمّن. طوال أربعة أشهر، شنّ أصدقائي وزملائي في مجلة "نيوزويك" وأماكن أخرى حملة عامة وخاصة مكثّفة من أجل إخلاء سبيلي. عندما كانت إيران جالسة في جنيف لمناقشة البرنامج النووي، بدأت أوضاعي داخل سجن إيفين تتحسّن. قال لي مسؤول إيراني لاحقاً إنني "أصبحت عائقاً أكثر مني ورقة رابحة في السجن". لا تزال بعض عناصر النظام على الأقل تجري حسابات عقلانية.
إذاً ماذا يجب أن تفعل الولايات المتحدة؟ أولاً، يجب عدم القبول بإيران نووية. على الرغم من أنني أعتقد أن إيران لن تبدأ بمهاجمة بلدان أخرى فور صنع القنبلة النووية، غير أن امتلاك القنبلة سوف يمنح الحرس الثوري الجرأة لتكثيف القمع داخل البلاد وزيادة التوسع الإقليمي. يتعيّن على الحكومة الأميركية استخدام كل مواردها، بما في ذلك سحر الرئيس أوباما، لإقناع الحلفاء، ولا سيما الصين وروسيا، بالعمل معها من أجل فرض عقوبات ذكية تستهدف فقط البرنامج النووي الإيراني ولا تؤثّر في الإيرانيين العاديين.
في الوقت عينه، يجدر بالغرب أن يفصل المفاوضات النووية عن المحادثات حول العراق وأفغانستان. تدرك طهران أن انعدام الأمن في هذين البلدين يضرّ بها كما بالولايات المتحدة. وسوف ترغب إيران كثيراً في أن تربط استعدادها للمساعدة بصفقة كبرى مع الغرب تضمن أمن النظام وبقاءه، وتبقي على برنامجها النووي. غير أن المسار الأفضل هو استعمال التعاون حول هذين البلدين من أجل بناء الثقة في المفاوضات.
كانت النظرة السائدة بين أصدقائي الأميركيين "إذا دعم الأميركيون مجموعة معينة في إيران، فسوف يصبح من الأسهل على النظام اضطهادها". ربما كان هذا صحيحاً من قبل. لكن إيران دخلت مرحلة جديدة. اتُّهِم ناشطون معارضون من مختلف مشارب الحياة بأنهم عملاء للغرب. فقد اتّهموني بأنني أعمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) لمجرد أنني أكتب في مجلة أميركية. الشائعة التي تنتشر حالياً في إيران هي أن أوباما والحرس الثوري يعملان من أجل التوصّل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات في مقابل تغاضي أميركا عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. من هنا شعار المعارضة "أوباما، إما معهم وإما معنا". لقد تحرّكت الولايات المتحدة ضد مصالح الشعب الإيراني في الماضي. ومن شأن تكرار ذلك الخطأ لتحقيق مكاسب تكتيكية أن يشكّل الخطأ الأكبر لإدارة أوباما.
أما بالنسبة إلى الشعب الإيراني، الضحية الأكثر فورية للنظام الهمجي، فيجدر به التفكير في المدى الطويل. يجب أن يتسامى غضبنا ويتحوّل شيئاً أكثر إيجابية. لقد تعرّضنا للتعنيف بحيث بتنا نرى العالم بالأسود والأبيض. يمكن أن تكون رؤية درجات الرمادي سلاحنا الأقوى ضد من يسجوننا ويضربوننا ويعذّبوننا.
 

"واشنطن بوست"
ترجمة ن. ن.

مازيار باهاري      
(معدّ أفلام كندي ومراسل لمجلة "نيوزويك". أُفرِج عنه من سجن إيفين في 17 تشرين الأول)

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,008,984

عدد الزوار: 6,929,644

المتواجدون الآن: 70