سياسات جديدة لتطويع الإعلام في إيران: وكالة أنباء تابعة للحرس الثوري وشرطة لقمع الأنترنت

تاريخ الإضافة الإثنين 16 تشرين الثاني 2009 - 6:45 ص    عدد الزيارات 948    التعليقات 0

        

 

طارق نجم ::
 
يمثل الحرس الثوري الإيراني نخبة القوات العسكرية الإيرانية ويضطلع إلى جانب ذلك بمهام اقتصادية وسياسية وتصنيعية، وهو الآن في طور الدخول إلى مجال جديد: وسائل الإعلام.
 
الحرس الثوري ، الذي أنشىء بعد فترة قصيرة من الثورة الاسلامية عام 1979 ، زاد نفوذه بشكل ملحوظ منذ عام 2005 خلال عهد الرئيس أحمدي نجاد، الذي كان هو نفسه عضوا في الحرس. كما أنّ الحكومة الحالية مؤلفة من وزراء الحكومة، وحكام المقاطعات، وسفراء ونواب هم في الأصل اعضاء سابقون أو قادة في الحرس.
 
ويسيطر الحرس الثوري الايراني على صناعة الصواريخ بعيدة المدى وله حيازات في مجال الأعمال التجارية وفي قطاعات النفط والغاز وفي البناء والشحن البحري والاتصالات السلكية واللاسلكية.
 
وعندما اندلعت الاضطرابات في انحاء ايران بعد اعادة انتخاب أحمدي نجاد في شهر حزيران، كان الحرس هم المسؤولون عن حملة قمع المعارضة في الشارع.
 
صوت المعارضة ورغم تعرضه للقمع بشتى الوسائل, إلا انه لم يصمت, ويدين بذلك لوسائل الإعلام المتعددة ووكالات الأنباء وخصوصاً مواقع وصفحات الأنترنت على أنواعها والتي أعطت للمعارضين مساحات مهمة للتعبير الأمر الذي أثار حنق الحرس الثوري الإيراني الذي يزمع إنشاء وكالة أنباء تدين له بالولاء التام بالإضافة إلى ضرب المتنفس الإعلامي الوحيد للمعارضة المتمثل بشبكة الأنترنت من خلال إنشاء وحدة أمنية لمراقبة الشبكة العنكبوتية.
 
وكالة جديدة للإنباء بخدمة الحرس
 
فقد وضع الحرس الثوري بحلول شهر آذار المنصرم، خطة لإطلاق أطلس، وهي وكالة انباء خاصة به تقدم خدمات على غرار وكالة اسوشيتد برس وهيئة الاذاعة البريطانية، وفقاً لمواقع الانباء الايرانية شبه الرسمية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيها سيطرة الحرس على وكالة أنباء فارس المحافظة ، التي أصبحت لسان حال النظام الايراني.
 
ولكن خطة إنشاء الوكالة لم تسلك طرق التنفيذ نتيجة الإحتجاجات التي عمت إيران إثر الإنتخابات الرئاسية والتي لا زالت تتفاعل حتى الآن. غير أن هذه الأحداث أظهرت للحرس الثوري ضرورة أن يحظى الحرس بوكالة أنباء تابعة له بعد أن أثبت الإعلام أنه عنصر حاسم في المعركة ضد الإصلاحيين المعارضين، حيث إستخدمه هؤلاء ببراعة وأستطاعوا إيصال حقيقة ما يجري إلى الخارج والإستعانة به لتنظيم صفوفهم، فعاد مشروع أطلس للظهور من جديد.
في الاسبوع الماضي، أعلن جنرال محمد رضا نقدي، قائد الباسيج (متطوعو الحرس الثوري)، عمّا سماه "حقبة جديدة لإطلاق قوة إعلامية عظمى"، وفقا لوكالات الانباء الرسمية الايرانية.
 
ويقول محللون ان الحرس يهدف من خلال وكالة الأنباء الجديدة إلى التحكم في الرواية الرسمية للأحداث القادمة على ايران ويقدم روايات مختلفة وتقارير مغايرة لتلك التي تنشرها وسائل الإعلام المستقلة والاصلاحية.
 
كما أن الحرس الثوري "يريد السيطرة على تدفق المعلومات ، ليكون هو من يقوم بإبلاغ العالم عما يجري في ايران"، كما قال أميد معماريان، صحافي معارض يعيش الآن في الولايات المتحدة وقد سبق له أن خدم في صفوف الحرس.
 
وتمهيداً لإطلاق السياسة الإعلامية الجديدة، قامت وحدة التجارة والأعمال التابعة للحرس الثوري في تشرين الأول بالإستحواذ على 51٪ من أسهم شركة الاتصالات الايرانية من الحكومة مقابل 8 مليارات دولار، مما يؤمن على نحو فعال سيطرة الحرس على الخطوط الهاتفية الأرضية، مقدمي خدمات الإنترنت واثنين من شركات الهاتف النقال.
 
كما عمدت الحكومة الإيرانية الأسبوع الماضي، إلى منح وكالة فارس المركز الأول لأفضل وكالة أنباء بين وسائل الاعلام الايرانية خلال معرض الإعلام السنوي.
 
وفي نفس الوقت، قام النظام بإغلاق بعض الصحف والمواقع الاصلاحية على شبكة الإنترنت، ومن بينها صحيفة سارامايا المتخصصة بالإعمال والتجارة، وذلك لإنتقادها سياسات محمود أحمدي نجاد الاقتصادية. وقد علقت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (إيرنا) أن الصحيفة اليومية أغلقت بسبب محتواها الذي إبتعد عن الموضوعات الإقتصادية والتجارية.
 
وحدة أمنية للقمع الإلكتروني
 
وعلى مستوى الأنترنت ووسائل التعبير الحرّ المرتبطة به، قال مسؤول كبير في الشرطة الايرانية ان وحدة جديدة للشرطة قد تم تشكيلها لمكافحة ما يسميه "جرائم الإنترنت". وقد رأى محللون أن تفسير هذه الخطوة تعني من جانب الح
كومة تضييق الخناق على المعارضة التي تستخدم شبكة الإنترنت بشكل كبير للتواصل بين أفرادها ونشر بياناتها.
فقد أعلن قائد كبير في الشرطة الإيرانية، العميد اسماعيل احمدي مقدم، أنّ الشرطة قد أنشأت "قسم الشرطة الألكترونية" لمكافحة ما أسماه "جرائم الإنترنت".
 
وقد أشارت وكالة فارس للأنباء أن أحمدي مقدم رأى "أن جرائم الإنترنت في إزدياد لذا على الشرطة الإيرانية أن تزيد من قدراتها على مواجهة هذه التهديدات"، على حد قوله. أما العقيد في الشرطة مهرداد أوميدي، الذي يدير قسم مكافحة جرائم الإنترنت, وفي تصريح له نقلته البي بي سي يوم السبت، فقد أعلن انه سيحارب ما يسميه "الشتم ونشر الأكاذيب". كما أشار إلى أن القسم قد خصص 12 عنصراً للتعاطي مع "المسائل السياسية على شبكة الانترنت". وأصر العقيد أوميدي على أنّ السلطات الحكومية الايرانية لن تتدخل في الشؤون السياسية على شبكة الإنترنت إذا لم يتم إرتكاب أي عمل غير قانوني.
 
ولكن الواقع يثبت عكس ذلك لأنه من الجدير الإشارة إليه أنّ القانون الإيراني يخلط بين جرائم السرقة، والخداع، والتزوير وبين النشاطات السياسية المعارضة حيث يضعها جميعاً ضمن "التشهير والأذى". فجميع المواقع الإلكترونية التابعة للمعارضة الايرانية أصبحت محظورة وغير قانونية، بما في ذلك تلك الناطقة بلسان كبار القادة أمثال مير حسين موسوي، وآية الله مهدي كروبي.
 
من جهته أعلن رضا معيني، وهو ناشط حقوقي في جمعية مراسلون بلا حدود غير الحكومية والتي تتخذ من باريس مقرا لها، أن الحرس الثوري الايراني يعمد بشكل متزايد إلى زيادة الرقابة على شبكة الانترنت مقارنة بوكالات حكومية أخرى.
 
وقد ذكر معيني في حديث لإذاعة صوت أميركا، أنه بعد إقرار البرلمان الإيراني لقانون الإنترنت، أصبح هناك العديد من المؤسسات المسؤولة عن الرقابة وبينها قوات الأمن خصوصاً أن حركة المعارضة مستمرة بلا هوادة، في حين أنّ النظام غدا أكثر قلقاً من أن يستمر الانترنت بلعب دوره الرئيسي في توعية الناس ونشر المعلومات. وعندما يشير القانون إلى قوات الأمن فإنه يعني الحرس الثوري الذي يعمل على نحو متزايد لمحاولة الامساك بزمام المبادرة بعد أن بدا أنّ الشرطة وباقي الأجهزة غير قادرين على ذلك.
 
من جهتها، عمدت وزارة المخابرات الايرانية منذ الإنتخابات الرئاسية الماضية إلى خنق وقطع الإنترنت والاتصالات على الهاتف المحمول أثناء المظاهرات المعارضة لتعطيل الاتصالات. وكان نشطاء المعارضة قد بدأوا بالشكوى من أن شبكة الانترنت قد حولت عن قصد الى أدنى مستويات قوتها وقدرتها على تحميل وتنزيل المعلومات(DOWNLOAD–UPLOAD)، وأنهم أجبروا على استخدام PROXY للحؤول دون إكتشاف عناوينهم الإلكترونية.
 
وعلى الرغم من كل هذه الجهود، لا يزال العديد من مواقع المعارضة، مثل صفحة مير حسين موسوي على الفيسبوك، تتلقى مئات الآلاف من الزوار يومياً، وتضع نشرات دقيقة حول أنشطة المعارضة. كما ذكر رضا معيني ان هناك مجموعة من نشطاء الانترنت قد تمّ القبض عليهم من قبل الحكومة، و يقبعون حالياً في السجون.العديد من المثقفين والنشطاء من المعارضين الايرانيين ظلوا على اتصال مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي من خلال نشر تعليقات ومعلومات عن أنشطتهم في مواقع الانترنت داخل وخارج ايران. ويشتكي أكثرهم من أنهم يعيشون حالة من الخوف من أن يتم اكتشافهم من قبل الحكومة، وإلقاء القبض عليهم.
 
وكانت مصادر إيرانية مطلعة قريبة من منظمة مجاهدي خلق المعارضة، أشارت أن هذه الإجرآت الإعلامية تأتي ضمن سياق إعادة تشكيل لأجهزة الاستخبارات الإيرانية وقد أمر بذلك المرشد الأعلى لإيران على خامنئي. وقد قضت أوامر المرشد أنشاء استخبارات جديدة تتبع له وللحرس الثوري مباشرة ، تسمى ”منظمة مخابرات فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، وتضم 7 أجهزة مخابرات وقوات أمنية معا، ومن بينها قوة المخابرات التابعة لخامنئي نفسه والمعروفة باسم القسم 101 ووحدة ضبط أمني للإنترنت، وعملاء مدنيين وقوة متطوعي الباسيج وقوات أمن. ويبدو أن هذه الإجرآت تهدف إلى توفير السيطرة النهائية للحرس الثوري على وجه التحديد بعد أن فقد المرشد ثقته إلى حدّ كبير بباقي الأجهزة والمؤسسات الحكومية الأخرى.
المصدر : خاص موقع 14 آذار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,755,790

عدد الزوار: 6,913,129

المتواجدون الآن: 104