المتن ساحة مفتوحة منذ 2000 والنتائج مرهونة بالتزام اللائحة كاملة

تاريخ الإضافة الجمعة 22 أيار 2009 - 6:42 ص    عدد الزيارات 1361    التعليقات 0

        

ثمة أقضية ودوائر انتخابية لا يمكن القفز فوقها عشية الانتخابات النيابية من دون التوقف عندها مليا. دوائر حساسة بتاريخها وانقساماتها وعائلاتها السياسية ولوائحها بين المعارضة والاكثرية والخلافات داخل البيت الواحد. من بين 26 دائرة انتخابية ثمة اقضية لا يحلو الحديث عن الانتخابات من دون الكتابة عنها، نظرا الى تقاطعاتها المذهبية والطائفية والصوت التفضيلي فيها وواقعها الجغرافي الذي يقع على تماس بين الماضي والحاضر.
تمهيدا للانتخابات النيابية، نقرأ في واقع بعض هذه الاقضية استنادا الى معطيات وجداول احصائية اعدها الباحث يوسف شهيد الدويهي لـ"النهار" حول اتجاهات الناخبين سابقا وحاضرا، وتوزع القوى الطائفية والمذهبية في قرى الاقضية وبلداتها التي نلقي الضوء عليها تباعا. بما يقدم صورة تفصيلية عن الدوائر التي ستكون في 7 حزيران على موعد مع صندوق الاقتراع، لتحدث فرقا جوهريا في العملية الانتخابية والمسار السياسي في لبنان.

 

الحلقة الثالثة: المتن الشمالي
 

تحلو الكتابة عن المتن الشمالي. هو ليس دائرة بعلبك - الهرمل وليس حكما قضاء عكار. فيه تلتقي عناصر المعركة الديموقراطية ايا تكن اتجاهات القائمين بها والنتائج التي تفرزها. في المتن الشمالي تختمر كل العناصر السياسية في بوتقة طائفية تختزل الواقع المسيحي بكل اتجاهاته وفئاته المذهبية، فلا يوجد مذهب مسيحي الا له "مرقد عنزة" في المتن.
في القضاء الذي ينام في شخروبه ناسكه ميخائيل نعيمه، ترشح كميل شمعون حين حاول المكتب الثاني الاطباق عليه عام 1960. وفيه اسس البر مخيبر مكانة لا يمكن ان تمحى. ومنه اطلق الشيخ بيار الجميل حزب الكتائب، واطلق انطون سعاده حزبه السوري القومي الاجتماعي، وترأس جورج حاوي زعامة الحزب الشيوعي. وفيه انطلقت عائلات وزعامات متنية متنوعة المشارب السياسية كعائلتي لبكي ولحود في بعبدات والمر في بتغرين.
والقضاء الرحب الذي يبدأ في المتوسط وينتهي في صنين، هو بمثابة بلاد ما بين النهرين، نهر بيروت ونهر الكلب، وعلى ارضه دارت بعد انتهاء الحرب صولات وجولات عبرت عن دينامية متأججة، فاجأت حتى قادة المتن انفسهم. فالعادة جرت ان تكون بعبدا او كسروان عرين المسيحيين. لم يحسب احد حساب المتن الذي ظنه زعماؤه انه ينام ويفيق على وقع العصبيات العائلية والحزبية الدائرة في فلك العائلات.
على مدى 19 عاما اعقبت الحرب، تفاوتت التطورات السياسية في المتن، الذي تزعمه لدورتين انتخابيتين عام 1992 و1996 النائب ميشال المر، قبل ان تأتي انتخابات عام 2000 حاملة معها اولى بوادر التغيير بانتخاب البر مخيبر نائبا بعد مقاطعته الانتخابات، وانتخاب بيار امين الجميل عن المتن في غياب والده في باريس.
وللعلاقة بين المر ومخيبر حكاية تستحق التوقف عندها. عام 1964 ترشح المر وخسر امام مخيبر، اذ نال 17379 صوتا ونال مخيبر 18054 صوتا. مع العلم ان المر كان سبق الفائز موريس الجميل الذي نال 17318 صوتا.
عام 1968 فاز المر بـ24748 صوتا وخسر مخيبر الذي نال 15729 صوتا. ثم خسر المر مجددا امام مخيبر عام 1972 اذ نال 21032 صوتا، في مقابل 22011 لمخيبر.

 

جسر عبور لنداء بكركي
 

بعد انتخابات عام 2000، وعلى مدى تسعة اعوام، وقعت جملة احداث دراماتيكية على المتن جعلت منه ساحة متحركة.
كانت البداية مع النداء الاول لمجلس المطارنة في ايلول عام 2000 الذي فند مطالب المسيحيين من السلطة، وطالب بسحب القوات السورية من لبنان. صحيح ان الشرارة انطلقت من بكركي في قلب كسروان، لكن الاداة التنفيذية للنداء انطلقت من "لقاء قرنة شهوان" في المتن حيث المقر الصيفي لمطرانية انطلياس للموارنة برعاية المطران يوسف بشارة. اعادت القرنة الى المتن روحه المعارضة، التي وضعت اللبنة الاولى لمشروع المعارضة الذي ترجم عام 2005 في "ثورة الارز". وبدأت القرنة تترجم اقوال بكركي افعالا في المتن الذي ينتمي اليه عدد من اعضاء القرنة، فتحول المتن بذلك جسر عبور للنداء الاول محولا اياه من نداء مسيحي الى نداء وطني.
تلقف النائب الراحل البر مخيبر كرة المعارضة التي ما فتئ يتحدث عنها في خطبه وبياناته الاسبوعية. في الثاني من تشرين الثاني عام 2000 وقف "شيخ المعارضة" يسأل الحكومة اللبنانية عن عدم وجود علاقات ديبلوماسية مع دمشق، ويطالبها بدعوة الحكومة السورية الى سحب الجيش السوري من لبنان.
كرت سبحة الحوادث المعارضة وبدأ جبل الجليد ينهار. وتحول المتن تدريجا ساحة للمعارضة تترجم عبره تحركاتها، ليصبح المتن بعد عام 2000 المكان الذي تتحالف فيه التناقضات، والساحة التي ترتفع فيها الاعلام الحزبية الملونة، التي تتبدل مواقعها من ساحة الى اخرى، ومن دورة انتخابية الى اخرى.
عام 2002 حضن المتن اول مؤتمر للمعارضة في ذكرى 7 آب وتحول عامية انطلياس جديدة بدعوة من "التيار الوطني الحر" من اجل حشد قوى المعارضة في وجه السلطة القائمة حينها.
اتت العامية بين مفصلين تركا اثرهما على صفوف المعارضة وكادتا تتركها على "قرنة شهوان"، هما انتخابات المتن الفرعية الاولى واقفال محطة "ام. تي. في". ولعل هنا جوهر المفارقات المتنية. فخصوم تلك الانتخابات الذين دقوا اول مسمار في نعش المجلس الدستوري والحريات يخوضون اليوم المعركة الانتخابية معا على لائحة واحدة. فيما يعادي معارضو الامس زملاءهم في المعارضة وفي العامية على السواء.
مع استحقاق 2005 تكرس دور المتن ساحة للمواجهات التي كانت تدور رحاها سياسيا في العاصمة، اذ جرت فيه محاولة اغتيال الوزير الياس المر في 12 تموز 2005، وفيه اغتيل جبران تويني في 12 كانون الاول 2005، واغتيل بيار الجميل في 21 تشرين الثاني 2006، وانطوان غانم في 20 ايلول 2007.
وفي المتن توالى انفجار العبوات الناسفة عام 2005 في 18 آذار في الجديدة وفي 26 في البوشرية وفي الاول من نيسان في برمانا وفي 22 آب في الزلقا.

 

 واقع المتن الانتخابي
 

97 بلدة متنية على موعد في 7 حزيران المقبل مع الانتخابات النيابية، وهي التي تعيش منذ عام 2000 على وقع الانتخابات كل عامين تقريبا: انتخابات المتن الفرعية عام 2002، الانتخابات البلدية عام 2004، والانتخابات النيابية عام 2005، ثم الانتخابات الفرعية عام 2007، وتستعد اليوم لانتخابات 2009.
97 بلدة تشكل قضاء المتن الذي يخوض الانتخابات منذ عام 1960 دائرة انتخابية مستقلة، ولم يتأثر ببدع التقسيمات الانتخابية التي اعتمدت خلال الوجود السوري في لبنان.
والبلدات تتوزع على قسمين: المتن الشمالي الادنى، اي الساحلي المؤلف من 28 بلدة، والمتن الشمالي الاعلى المؤلف من 69 بلدة.
يبلغ عدد ناخبي المتن 170735 ناخبا، (الجدول رقم 1) يشكل المسيحيون فيه الغالبية بنسبة 93,62 في المئة اي 159839 ناخبا، والمسلمون 5,89 في المئة اي 10063 ناخبا.
يحتل الموارنة المرتبة الاولى في عدد ناخبي المتن، بـ74633 ناخبا، يليهم الارمن الارثوذكس بـ25676 ناخبا والارثوذكس بـ25420 ناخبا، ثم الكاثوليك بـ16605 ناخبين.
ويظهر الجدول توزع القوى المذهبية بين المتنين الاعلى والادنى. فالموارنة يتركزون في بلدات المتن الاعلى بـ46556 ناخبا، في مقابل 28077 ناخبا في المتن الادنى. ويتوزع الموارنة في بلدات بيت شباب بـ5064 ناحبا، وبسكنتا 4209 ناخبين، وبكفيا بـ3379 ناخبا وعينطورة بـ3048 ناخبا، وبرج حمود ساحلا بـ2343 ناخبا.
والارثوذكس ينقسمون تقريبا بين المتنين، ففي الادنى يشكلون 12680 ناخبا، وفي الاعلى 12740 ناخبا. وكذلك الامر بالنسبة الى الكاثوليك الذين يبلغ عدد ناخبيهم في المتن الاعلى 8790 ناخبا، في حين يبلغ عدد الناخبين الكاثوليك في المتن الادنى بـ7815 ناخبا.
ويتركز الناخبون الارثوذكس في برج حمود ساحلا باعلى نسبة ناخبين اي 2838 ناخبا، ومن ثم الشوير 205 ناخبين، وبتغرين 1943 ناخبا، وبسكنتا 1777 ناخبا والمنصوريه 1130 ناخبا.
ويتركز الناخبون الكاثوليك في الخنشارة حيث هناك 812 ناخبا، وبرج حمود 1442ناخبا والشوير 1256 ناخبا.
اما العنصر الابرز فهو الارمن الارثوذكس الذين يتمركزون في المتن الادنى بمجمل قوتهم، اي 24884 ناخبا، فيما لا يبلغ عدد ناخبيهم في المتن الاعلى الا 792.

المفارقات الانتخابية
 

عام 1960، عند اقرار قانون الانتخاب، كان للمتن خمسة مقاعد، واحد للارثوذكس واحد للارمن الارثوذكس و3 للموارنة.
عام 1992، ومع رفع عدد نواب المجلس الى 128، اضيف الى المتن ثلاثة مقاعد ماروني وكاثوليكي وارثوذكسي. وعين شاهي برصوميان نائبا بدلا من آرا يارونيان، الذي توفي عام 1990، ومنير الحاج بدلا من امين الجميل الذي انتخب رئيسا عام 1982، ونسيب لحود بدلا من فؤاد لحود الذي توفي عام 1987.
توفي البر مخيبر. واتجه المتن نحو انتخابات فرعية عام 2002، وتوجهت انظار اللبنانيين الى المتن حيث كان الصراع السياسي يترجم في اوجه بمرشحين يقف وراء كل منهما فريق سياسي. الاول غبريال المر مدعوما من "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"قرنة شهوان" والكتائب وحلفائهم... والكنيسة، في مقابل ميرنا المر مدعومة من ميشال المر والطاشناق وحلفائهما، والثالث غسان مخيبر.
اسفرت المعركة عن تعادل بالاصوات اذ نالت المر 34711 صوتا ونال المر 34746 صوتا ( اعطاه الموارنة 63 في المئة من اصواتهم).
وحكاية تلك الانتخابات لا تزال حية. اذ ابطل المجلس الدستوري نيابة غبريال المر واعلن مخيبر نائبا بـ1765 صوتا.
بقيت ترددات المتن الفرعية تتفاعل الى حين حصول انتخابات عام 2005.
 وظلت الانعكاسات السياسية ترخي بثقلها على هذه الساحة منذ الحديث عن التمديد للرئيس اميل لحود ابن المتن، الى حين اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لم يتأثر المتن بالنقاش السياسي حول اي قانون انتخابي سيعتمد، لانه في قانون الالفين او 1960 ظل محافظا على استقلاليته كقضاء.
وقع الخلاف بين عون و14 آذار. عون تحالف مع المر والطاشناق وشكل لائحة غير مكتملة من سبعة مرشحين. كان المتن بالنسبة اليه محاولة لاستكشاف الشارع المتني وجس نبضه، وردود فعله حيال التحالف الرباعي. ابقي المقعد الماروني فارغا، لسببين، اولا لان عون اراد اتقاء شر القاعدة القومية التي لم يقبل بضم مرشحها الى لائحته، وثانيا لان قاعدتي المر والكتائب تتقاطعان وترك مقعد فارغ لا يفسح المجال للتشطيب العشوائي.
في المقابل، اعلنت 14 آذار لائحتها المقفلة. ودارت معركة انتخابية عالية ارتفع فيها منسوب الحدة السياسية. جاءت النتائج مدوية حتى لعون. (الجدول رقم 2) زاد التصويت عن عام 2000 بنسبة 7,80 في المئة، وبلغت نسبة التصويت للائحة كاملة لدى الفريقين اكثر من 90 في المئة، وكأن عدوى الطاشناق الانتخابية اصابت المتن كله.

 

انتخابات 2007

اغتيل بيار الجميل. لم يتجه المتن مباشرة الى الانتخابات الفرعية بحجة ان لحود لم يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في الموعد المحدد.
اغتيل وليد عيدو. لم يوقع لحود ايضا مرسوم دعوة الهيئة الناخبة. لكن الحكومة ابتدعت "فتوى" قانونية اجازت بموجبها اجراء الانتخابات في المتن وبيروت. وجرت الانتخابات على رغم مخالفتي رئيس الجمهورية والحكومة للدستور.
بقيت التحالفات نفسها، لكن مع حماسة اقل للمر في خوضها. لم تفلح الوساطات والمبادرات التي قامت بها الكنيسة والقيادات السياسية، في ابعاد كأس الانتخابات المرة عن المتن مرة جديدة. وذهب المتنيون مرة اخرى الى صناديق الاقتراع للاختيار بين مرشح "التيار" وحلفائه، كميل خوري، وامين الجميل. سجلت المشاركة نسبة عالية قياسا الى انتخابات فرعية، اذ بلغت 47,17 في المئة، اي 79164 مقترعا. وفاز بنتيجتها الخوري بـ39607 صوتا في مقابل 39063 صوتا للجميل.
وتجدرالاشارة الى ان موارنة الساحل اعطوا الجميل 53,80 في المئة من اصواتهم وموارنة الوسط والجرد 61,14 في المئة. اي انهم اعطوه 58,52 في المئة في المتن كله. في حين حصل الخوري على 40,84 في المئة.
اما الارثوذكس فاعطوا الخوري في الساحل 50,03 في المئة، واعطوه في الوسط والجرد 62,10 في المئة، وفي الدائرة كلها 57,23 في المئة. ونال الجميل عند الارثوذكس في الدائرة كلها 42,18 في المئة. (الجدول رقم 3).

 

انتخابات 2009
ما هي معطيات سنة 2009؟
 

يتوقع تصويت 87 الف ناخب من اصل 170735. نائب ارمني ارثوذكسي هو آغوب بقرادونيان فاز بالتزكية، والمعارضة والاكثرية تخوضان الانتخابات بلائحتين مكتملتين، والطاشناق باق على تحالفه مع عون ويصوت للمر، والقومي دخل لائحة عون.
تتحدد نتائج المعركة بحسب نسبة التزام الناخبين بالتصويت للائحة كاملة. علما انه، في ظل النظام الانتخابي الحالي وفي قضاء يرتفع فيه عدد مقاعد الى ثمانية، من الصعب الى حد كبير ان يتكرر سيناريو عام 2005 وترتفع نسبة التزام اللوائح، لا بل قد نكون امام احتمال ان ترتفع نسبة الذين يشكلون لوائحهم الخاصة من اللائحتين المتنافستين. وتساهم في تعزيز هذا الاحتمال القراءة التفصيلية لنتائج الانتخابات الفرعية عام 2007.
ولا ننسى اخيرا القطبة المخفية في المتن: مجنسو مرسوم 1994 الذين نقلوا مكان قيدهم الى المتن في الاعوام العشرة الاخيرة، ويبلغ عددهم تقريبا 22500 ناخب.

.

 

هيام القصيفي     

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,160,711

عدد الزوار: 6,758,011

المتواجدون الآن: 136