نكون أو لا نكون

تاريخ الإضافة الإثنين 2 آذار 2009 - 6:33 م    عدد الزيارات 1334    التعليقات 0

        

حضر عون فأخفى غياب الماكينة
لم يشهد لقاء إطلاق ماكينة التيار الوطني الحر الانتخابيّة انطلاقاً عملياً للماكينة التي تقلق شباب التيار وحلفاءه. وفي المقابل، شهد اللقاء تكريساً لخطة عمل عونيّة يبدو أنها ستكون إيجابية رغم خطورتها

غسان سعود
منذ أسابيع يترقّب أنصار التيار الوطني الحر وحلفاؤه بدء عمل الماكينة العونيّة، والقلق يسكنهم نتيجة ما يسمعونه ويشاهدونه: في المتن يعتكف المسؤول يوماً ويزاول نشاطه في اليوم التالي، بعد أن يؤكد له النائب ميشال عون أن لا أحد سيتدخل في عمله، وفي الوقت نفسه تعجز ماكينات جرّوج ـــــ حكيّم ـــــ صقر عن ملء الفراغ. في جبيل، الماكينة موزعة على 3 ماكينات لكلّ منها مرشح، في بعبدا لا مرجع يُسأل عن حال الماكينة، و«التعتير» مستشر ولا أحد يتصل بالشباب المعنيين بإدارة المعركة الانتخابيّة. في عاليه، مسؤول الماكينة والمرشح المفترض متخاصمان،
في البترون، تعجز الماكينة عن اللحاق بالوزير جبران باسيل الذي لو وجد مواكبة تياريّة لأدائه الوزاري لحسم الفوز باكراً. في كسروان، النشاط الجدّي معلّق. في عكار، لا ماكينة ولا من يحزنون. في الزهراني، لا يحتاج مرشح التيار إلى ماكينة، إذ يردد أنه قام خلال 3 سنوات بأكثر من خمسة آلاف زيارة (لا حاجة إلى احتساب معدّله اليومي منها). في الشوف، يكفي ذكر اسم أحد المرشحين العونيين كي تتبخّر الماكينة ومعها هيئة قضاء الشوف. أما في جزين، فقد لقّنت ماكينة الرئيس نبيه بري قبل 3 أسابيع ماكينة التيّار درساً في العمل الانتخابي. وفي الأشرفيّة، هناك من هو مستعد ليراهن على قدرة عون على إقناع أحد المرشحين المغمورين بتقبّل واقع استحالة ترشيحه والانضواء في الماكينة بدلاً من التخريب عليها كلما سنحت له فرصة.
وهذه «اللاماكينة»، كانت تقلق الحلفاء ـــــ الخبراء في العمل الانتخابي، الذين يعرفون أن الزمّور والطبل والعلم والشعارات تخدم معركة عاديّة فتخلق جواً إيجابياً يشجع الناس على الوفود إلى صناديق الاقتراع، ويكون لها تأثير إيجابي حتماً في أي معركة، لكنها لا تكفي أبداً للفوز في انتخابات يصفها العماد عون بأنها عالمية. وتشير التقارير الموجودة لدى التيار إلى أن إعداد الأكثرية لها يتكامل يوماً بعد يوم، ويأخذ في الحسبان كل اسم يرد في لوائح الشطب، فتُعدّ لاستنهاض الأموات الواردة أسماؤهم في اللوائح، وتحجز الطائرات لنقل مغتربين طال اغترابهم، وتحكي مع الشركات لمراقبة موظفيها، ولا تترك وسيلة ضغط بمنأى عن استخدامها.
وكانت «اللاماكينة» تستفزّ بعض شباب التيّار أيضاً: يتحدث شاب كسرواني بحسرة عن اتصال القوات اللبنانية بشقيقته في مدينة دبي لتنسيق زيارتها للبنان في 7 حزيران، فيما لا أحد من المسؤولين العونيين يجيبه في محاولاته المتكررة للاتصال بهم. ويروي ناشط آخر عن شعار عوني جديد يتبنّاه معظم المسؤولين، وهو «إذا ما عجبك، فل». واللامبالاة التي كانت قد بدأت تتغلغل قبل أشهر في الجسد العوني، صارت حالة شبه عامة. ويشرح مؤيّدون كثر أنهم ملّوا استخدامهم في الحشد والتصفيق، فيما يهمّشون حتى على مستوى أصغر القرارات.
هكذا، كان حلفاء التيار وناسه يترقّبون إطلاق الماكينة الانتخابيّة العونيّة أمس. لكنّ اللقاء الذي كان يفترض أن يكون مناسبة حراك عوني شامل يطمئن الأقربين والأبعدين، خيّب بعض الآمال.
ففي الشكل، غابت الماكينة التي كان يفترض انطلاقها، إذ حضرت المجموعة العونية الناشطة منذ سنتين مطعّمة بعشرات المرشحين الذين لم تُعجب بعضهم طريقة توزيع الكراسي، وبالتالي عدم التقاط الكاميرات لحضراتهم. وهؤلاء لا يحتاجون أصلاً إلى حفل إطلاق، لأنهم لا يفوّتون فرصة لاستعراض ربطات العنق، فيما غابت غالبية الناشطين الذين يفترض أن تخصص لهم المساحة هذه الأيام لتحفيزهم على عدم النوم خلال المئة يوم الآتية. مع العلم أن هؤلاء، أو «جيل عون»، كما سمّاهم أمين سر التيّار أنطوان مخيبر في كلمته أمس، مقتبساً عن المنسّق العام للتيار بيار رفول، شبه معتكفين يمارسون انتماءهم إلى التيار عبر حفلات قهوة وتبصير في مقاه تغصّ بهم، فيما تفتقدهم مكاتب هيئاتهم. والمطّلع بين هؤلاء لا يعرف في السياسة معلومة تضاف إلى ما يقوله العماد عون أو أحد نوابه على شاشة التلفزيون، وبعضهم لا يعرف هو نفسه اسم المرشح المعتمد من التيار في دائرته ولا أين سيقترع.
وغاب أيضاً عن حفل إطلاق الماكينة رؤساء المجالس البلدية المقرّبون من التيار وأعضاء هذه المجالس ومسؤولو الروابط العائلية والمخاتير ورجال الدين و«المفاتيح»، ربما انسجاماً مع اعتقاد بعض العونيين أن لا قيمة لهؤلاء إلا في حسابات السياسيين التقليديين، فيما التيار تجديدي لا يراعي هؤلاء ولا يحسب حساباً لحراكهم الانتخابي.
وبغضب يقول أحد حلفاء التيار، بعد أن يختم مكالمته الهاتفية مع مقرّب إليه كان في الحفل العوني، إن المناسبة أكدت ما نخشاه، مشيراً إلى تحدّث حزبه مرات عدّة في الأسابيع القليلة الماضية مع العماد عون بشأن الماكينة الانتخابية، مبدين قلقهم من وجود أشخاص في قيادة الماكينة لا يملكون أيّ خبرة انتخابيّة، وبعضهم يشارك في العملية الانتخابية للمرة الأولى. وبحسب المحازب الحليف للتيّار، فإن قيادة حزبه الذي يملك واحدة من أهم الماكينات الانتخابية في لبنان لا تفهم على الماكينة العونيّة التي يتلهّى مسؤولوها بالكلام عن «عمل مركزي» ينبثق عنه تنسيق مع المناطق، فيما لا نرى أمامنا إلا شباباً غير مدرّبين يريدون «أن يحملوا عشر بطيخات في يد واحدة»، متوقعاً أن يلمس عون قريباً الفضائح وعدم الكفاءة، فيبدأ خطوات جديّة لإطلاق ماكينة فاعلة، ولو من دون «ضجّة» إعلاميّة.
في المقابل، يُسجّل للقاء أمس أو «خطاب الأحد»، التأكيد أنّ العماد عون قادر، إلى حدٍّ كبير، على أن يملأ فراغ الماكينات ويسدّ ثقوب الإعلام، ولا يمكن المرور بالمحتشدين في قاعة فندق «لو رويال» من دون ملاحظة الشباب يصفّقون «من قلبهم»، ويتحمّسون لمهاتفة رفاقهم في المناطق، منبئين بأن بعض الإطلالات العونيّة المشابهة لإطلالة أمس تكفي لإنعاش الحالة العونيّة ووضعها على السكّة الانتخابيّة الصحيحة، بغض النظر عن حالة التيار. وفي هذا السياق، ثمّة وجهة نظر تقول إن العونيين الذين انتخبوا عون زعيماً لهم نهاية الثمانينيات إنما فعلوا ذلك من دون ماكينة تذكر (مع أخذ دور مكتب التنسيق الوطني بعين الاعتبار)، والاقتراع الحاشد لمرشح التيّار حكمت ديب عام 2003 تم من دون ماكينة جديّة أيضاً، فيما تحقق «التسونامي البرتقالي» عام 2005 في ظل ماكينة الحد الأدنى.
ومن «لو رويال» إلى الأشرفية مروراً بالمتن، بدت الحالة العونية كأنها تستعيد أنفاسها. فقد ركّز العماد عون البوصلة على تطلّعات لبنانيين كثر في حديثه عن الانتخاب ـــــ الفرصة لدخوِل عالم حديث، «نبني فيه وطناً، أو تبقينا في غياهب الماضي البعيد منه والقريب، وكلاهما مليء بجرائم القتل والفساد والعمالة، والحرمان الاجتماعي». واعترض على «إلغاء الطبقة الوسطى في لبنان وتشريدها في مختلف أصقاع الأرض»، محمّلاً المسؤولية للفئة المتنفّذة التي تحكّمت بالوطن وحوّلته إلى شركة مساهمة تعامِل المواطنين فيه كزبائنَ تجني منهم الأرباح.
وقال عون إن المستفيدين من الفساد يجتمعون ضد التيّار وحلفائه، معتمدين أسماء جديدة متعددة لنفوس قديمة مهترئة، ويذكّروننا بذلك الإعرابي الذي صاد هراً ولم يعرفه، فالتقاه رجل وسأله: ما هذا السنّور؟ ولقي آخر سأله: ما هذا الهر؟ وآخر سأله: ما هذا الضَيْوَن؟ وآخر: ما هذا الخَيدع؟ وآخر: ما هذا الخَيطل؟ ولما كان من عادة العرب أن تعدّد الأسماء لشيء واحد، فكّر الأعرابي: «أحمله وأبيعه لعلّ الله يجعل لي فيه مالاً كثيراً»، ولكن، لمّا أتى به إلى السوق، لم يتجاوز السائلون في تسعيره الدرهم الواحد، فنظر الرجل إلى الهر غاضباً وقال: «قاتلك الله ما أكثر أسماءك وما أقل قدرك وأبخس ثمنك»، ثم رماه في السوق.
إن قصة الإعرابي والهر وما يتردد من تسميات متعددة لخطوط سياسية، تشبه تماماً ما يحدث اليوم في مواسمنا الانتخابية. فالأسماء متعدّدة والمسمّى واحد، ومضمونه واحد، وقيمته واحدة، وهدفه واحد، ألا وهو تفتيت الوضع السياسي المسيحي، مقدمةً لتفتيت الوضع اللبناني الوطني، مستغرباً الدعوة إلى اللغة الوسطية ممن يدّعي حق التوجيه والإرشاد، فيسمح لنفسه باستعمال تعابير تحمي الكاذب من تسميته كاذباً والسارق من تسميته سارقاً. ورأى في هذا السياق أن نيّة المرشدين إصلاح المجتمع توجب عليهم إيقاظ القضاء المختص من قيلولته الدائمة، معلناً عدم الإصغاء بعد الآن إلى من يبشّر بالعفة ولا يمارسها، لأن القدوة هي في الممارسة لا في التبشير. ولفت عون إلى أن «الحقائق في طبيعتها لا تقبل الوسطية، فإما أن تكون أو لا تكون».
وبالانتقال إلى موضوع الترشيح وتأليف اللوائح الانتخابية، قال عون: «إننا شجّعنا الذين يطمحون إلى تمثيل مواطنيهم أن ينشطوا في مناطقهم بغية كسب التأييد في هذه المرحلة الإعدادية للانتخابات، معتمدين الديموقراطية في مقاربة اختيار المرشحين»، قبل أن يشير إلى أن اختيار المرشح سيكون حصيلة حضوره أوّلاً، وتراكم عمله السياسي ثانياً، ونشاطه الاجتماعي ثالثاً، وأدائه الإعلامي رابعاً، مع أخذ حركته على صعيد الاغتراب بعين الاعتبار أيضاً، مبدياً اعتقاده أن «مستيقظي الساعات الأخيرة لن تكون لهم الحظوظ الكبرى».
في النتيجة، بدا واضحاً، أمس، بحسب أحد نواب التغيير والإصلاح، أن الوقت مرَّ على تأسيس ماكينة انتخابية تحاكي تطلّعات العونيين وحلفائهم. والحل، وفق النائب، سيكون بدور انتخابي أكبر للعماد عون القادر وحده على ملء الارتباك التنظيمي والفراغ الحزبي. والمطلوب ليس أكثر من ماكينة الحد الأدنى التي تضبط قدر المستطاع مياه التسونامي البرتقالي، الذي أثبت الجنرال في خطابه أمس أنه قادر على إحداثه حين تدعو الحاجة.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,703,798

عدد الزوار: 6,909,415

المتواجدون الآن: 109