قانون الانتخاب يحوي ثغرات تسيء إلى الشفافية وسرية الاقتراع ويتطلب تعديلاً

تاريخ الإضافة الثلاثاء 16 كانون الأول 2008 - 8:23 ص    عدد الزيارات 1310    التعليقات 0

        

مارلين خليفة

يبدو ان قانون الانتخابات سيكون عرضة لتعديلات جديدة ضرورية كونه يحوي ثغرا هامّة تؤثر سلبا على شفافية الاستحقاق الانتخابي المقبل. وإذا كان الإصلاح الانتخابي عنوانا كبيرا رفع في أروقة المجلس النيابي إلا أن النقاشات التي دارت صاخبة بين أعضاء البرلمان لم تترجم بنودا إصلاحية على الورق، في مهزلة تشريعية غير مسبوقة. بالأمس عين مجلس الوزراء هيئة الاشراف على الانتخابات، لكن في ظلّ الثغرات الخطرة التي يحويها القانون تبدو الرقابة العتيدة بدورها عنوانا فارغا، لأن ما بين سطور القانون هو من سيفرض الممارسة الانتخابية غير السوية ، وبشهادة خبير انتخابي ووزير وقانوني ونائب شارك في النقاشات.
قراءة معمّقة للقانون أجراها مدير مكتب الإحصاء والتوثيق كمال فغالي مكتشفا ثغرات خطرة تجعل القانون الجديد »الأسوأ من حيث الشفافية وسرية الاقتراع« بحسب تعبيره. أما الوزير السابق والنائب بهيج طبارة فيؤكد »أنه يجب إدخال تعديلات جديدة على القانون فيعاد الى مجلس النواب لإعادة النظر فيه، وخصوصا إذا أصرّ الوزير زياد بارود على عدم إجراء الانتخاب في يوم واحد، عندها ستكون مناسبة للتعديلات الأخرى«. أما النائب عباس الهاشم فيثير هذه الثغر متسائلا لماذا لم يتم تعديلها من قبل الدوائر المختصة في وزارة الداخلية.
في التفاصيل التي استقتها »السفير« من مدير مكتب الإحصاء والتوثيق كمال فغالي يظهر ما يأتي:
تراجع معايير الشفافية
إنّ إلغاء المادّة التي كانت تشتمل على علامات تعريف (من بينها الألقاب) يسهّل آليات بيع الأصوات وشرائها، وبالتالي ثمة تراجع للآليات الضامنة لسرية الاقتراع.
هذه المادّة تحمل الرقم ٥٦ في القانون السابق، وإلغاؤها من القانون الحالي يلغي أبرز عناصر ضبط عمليات البيع والشراء.
مادّة ثانية في القانون السابق ألغيت من القانون الحالي تتعلق بحرق أوراق الاقتراع. فقد ألغى القانون الجديد في آلية الاقتراع حرق الأوراق فورا ما يسيء الى سرية الاقتراع، لأن إحراق الأوراق المكتوبة يمنع تسرّبها ووصولها الى أي شخص للتدقيق فيها.
نقل عشوائي لأوراق الاقتراع
أفسح القانون الجديد مجالا للتزوير والتلاعب بالنتائج بإتاحته نقل أوراق اقتراع الموظفين قبل أيام من يوم الانتخاب من دون فرزها ونقل اوراق الاقتراع العام بعد فرزها بدون توفير شروط الحماية لها، وذلك بالحدّ من دور مندوبي وممثلي المرشحين الذين كانت آليات الاقتراع في القوانين السابقة توفّر لهم حق المشاركة بالعملية الانتخابية من بدايتها الى نهايتها. لكن القانون الحالي ينهي دورهم عند انتهاء أعمال الفرز في القلم، ويتيح نقل أوراق الاقتراع الى لجنة القيد بدون مواكبة هؤلاء ليتم تسليمها الى وزارة الداخلية ومنها الى المصرف المركزي بدون مواكبة ايضا. كذلك لحظ إمكان إرسالها الى المجلس الدستوري بلا مواكبة ايضا.
لا توازن في التمويل والإعلان
تضمّن القانون الجديد إصلاحات قيّمة لا سيما في مجال تحديد سقف الانفاق الانتخابي وتنظيم الإعلام والإعلان الانتخابيين، إلا أن هذين الأمرين تشوبهما عيوب كثيرة أبرزها:
- حدّد القانون لكلّ مرشح حملة انتخابية خاصّة به، والحملة تبدأ بحسب القانون من تاريخ تقديم الترشيح، هكذا يكون لمرشحين متنافسين في الدائرة عينها فترات غير متوازنة للحملات كونها ترتبط بتاريخ تقديم الترشح.
- تحدّث القانون الجديد عن اللائحة الانتخابية وقارن اللوائح في ما بينها من دون أن يحدّد ماهيّة اللائحة (مكتملة، غير مكتملة، مسجّلة أو غير مسجّلة).
- لم يلحظ القانون دور الأحزاب والقوى المنتشرة على مستوى الوطن، بل ربط الحملة بالمرشح ودائرته. يعطي فغالي مثالا: العماد ميشال عون سيحاسب مثلا وكأنه مرشح في كسروان ، علما أنّ خطابه يخدم ويفيد مختلف الدوائر الانتخابية في لبنان، لأن له فيها مناصرين يتبعون خطابه. في الوقت عينه فإن السيد حسن نصر الله الذي لن يكون مرشحا سيستفيد من الأفق المفتوح له في الخطاب السياسي. الأمر سيان بالنسبة الى الانفاق الانتخابي للأحزاب. لم يلحظ القانون في حال تشكيل حزب ما فريقا لإدارة حملته الانتخابية طريقة لاحتساب الانفاق. فإذا أنفق »تيار المستقبل« مثلا أموالا انتخابية كمساعدات وهبات في منطقة كسروان أو المتن حيث لا مرشحين لديه، فإن القانون الجديد يتيح له ذلك! أما الحل فيكمن في وضع آلية ضبط شاملة لهذه المواضيع كلّها فتحاسب الأحزاب الوطنية وغير المرشحين.
لا تنظيم للإعلان الانتخابي
بالنسبة الى اللوحات الإعلانية لم يوضح القانون تنظيمها إذ أنه ربطها بالسلطات المحلية. ويعلم الجميع أنّ هذه اللوحات يمكن استخدامها في نطاق جغرافي لخدمة دائرة في نطاق آخر. على سبيل المثال يمكن تعليق لوحة إعلانية عن انتخابات الكورة في جونيه. كما يمكن أن تحوي اللوحة دعوة الى انتخاب فريق سياسي معيّن مشارك في الترشيح في أكثر من دائرة.
الى ذلك تحدّث القانون عن منع الدعايات في محيط مركز الاقتراع دون أن يحدّد ما هو المحيط، وحدّد المواد الدعائية وذكر منها الزمامير والموسيقى من دون أن يتطرّق الى اللباس الإعلاني الذي من الممكن أن يحوي مضمونا دعائيا.
أما عن مسؤولية وزارة الداخلية فيقول كمال فغالي: »يمكن معالجة بعض هذه الثغرات باستصدار مراسيم تطبيقية ، أما بعضها الآخر فيتطلّب تعديل القانون كي لا يحصل تراجع في تطبيق الديموقراطية بشروط شفافة«. ويضيف: »إن من يتحمّل مسؤولية هذا القانون هو المجلس النيابي لأنه هو من يشرّع، وأنا واثق أن ثمة خطأ ما لأنني فهمت من عدد كبير من النواب الذين حدّثتهم أنهم قرروا وصوتوا خلافا لبعض هذه المواد وخصوصا في ما يتعلّق بإبطال الأوراق التي تشتمل على علامات تعريف، إذ أكد لي أكثر من نائب أنهم اتفقوا في الجلسة على أن يعاد العمل بالمواد السابقة وإعادة المادتين ٥٦ و٥٧ من القانون القديم المتعلقة بالأوراق الباطلة وبحرق الأوراق«.
هذا الأمر يؤكده عضو تكتّل التغيير والإصلاح النائب عباس الهاشم الذي قال لـ»السفير« انّ »القانون أقرّ بالتعديلات التي طالب بها النواب من دون صياغة على أن تعاد صياغته في دوائر وزارة الداخلية بمفردات القانون السابق«. ومن الأمور التي كان النواب ينتظرون تعديلها على سبيل المثال لا الحصر »أنه بعد الاتفاق على إلغاء كلمة اللائحة أينما وردت في القانون، فإن هذه الكلمة التي لم تحدّد ماهيتها وردت في ٩ مواد من دون التعريف بها. هذه المواد هي الآتية: ،١٩ ،٦١ ،٦٤ ،٦٧ ،٦٨ ،٧٠ ،٧١ ٧٥ و٨٣«.
يعلّق فغالي أنه »لا يجوز إجراء انتخابات ٢٠٠٩ من دون تعديل القانون، ومن المؤكد أن وزير الداخلية زياد بارود لن يقبل بإجراء الانتخابات وفق قانون لا يحترم معايير الشفافية وسرية الاقتراع التي طالما عمل من أجلها من خلال المجتمع المدني، وبالتالي من المؤكد أن الوزير سيقدّم مشروع تعديل للقانون لتوفير الحد الأقصى من الشفافية أو أقلّه ليؤمّن ما كان موجودا في القانون السابق«.
وأضاف فغالي أن ثمة ثغرا أخرى في القانون أبرزها ضرورة اعتبار الأوراق البيض تصويتًا صحيحًا وعدم احتسابها من ضمن الأوراق الباطلة لانها خيار انتخابي.
رأي طبارة
من جهته يقول النائب بهيج طبارة »إن المشروع الذي أحيل الى الهيئة العامة، كما اقرته لجنة الادارة والعدل، كان يحتوي على مواد تتعلق بورقة الاقتراع الرسمية المعدَّة من قبل وزارة الداخلية والتي لا يحق للناخب اعتماد اوراق سواها. وبنتيجة المناقشة في الهيئة العامة تقرر صرف النظر عن ورقة الاقتراع الرسمية والعودة بهذا الخصوص الى احكام قانون الانتخاب السابق. لذلك ألغيت المواد المشار اليها اعلاه واستبدلت بالمواد التي كان معمولاً بها سابقاً«.
وفي سياق عملية الاستبدال، سقطت بعض الاحكام ومنها:
١ ـ اعتبار ان الاوراق التي تشتمل على علامات تعـــريف باطلة، وكذلك الاوراق التي تشتمل على عبــارات مهينة للمرشحين او الموجــودة ضـــمن غلافات تحمل مثل هذه الاشارات.
٢ ـ التوضيح بأنه لا تعتبر باطلة اسماء المرشحين التي تختلف في كتابتها عما هو متعارف عليه اذا كانت تدل دلالة كافية على اصحابها.
٣ ـ ان الورقة التي تحتوي على اسمين لمرشحين متـــشابهين لا يمكن التمييز بينهما تُضـــم مع الاوراق الباطلة الى المحضر مع ذكـــر الاسباب الداعية الى الضــم.
٤ ـ ان اوراق الاقتراع تُحرق في قلم الاقتراع بعد اعـــلان النتيجة المؤقتة باستثناء الاوراق التي اعتبرت باطلة او التي ينــص القانون على وجوب ضمها الى المحضر.
وعلى هذا الاساس، فإن المادة ٩٨ من قانون الانتخاب التي توجب ضم جميع اوراق الاقتراع الى المحضر والمادة ١٠١ التي تفرض حفظ اوراق الاقتراع لدى مصرف لبنان لمدة ثلاثة اشهر تكون متناقضة مع احكام القانون السابق«.
يضيف طبارة أن الأسئلة التي قدّمها مدير مكتب الإحصاء والتوثيق كمال فغالي بالنسبة الى المادة ٦٨ »هي في محــــلها، وان مهمة الهيئة سوف تكون صعبة جداً، ان لم تكن مستحيلة، بالنسبة لتـــأمين التوازن بين المرشـــحين في الظــهور الاعلامي«.
ويتطرق طبارة الى المادّة ٦١ شارحا »ان المقصود بالفترة الانتخابية هو فترة الحملة الانتخابية كما تحددت في المادة ٥٤ من القانون، أي من تاريخ تقديم الترشيح لحين اقفال صناديق الاقتراع«. ويقول: بالنسبة الى المادّة ٥٧ فانّ مهمة الهيئة بالنسبة لطريقة احتساب النفقات سوف تكون صعبة جداً.
أما الـــمادّة ٧٢ فيقول عنها طبارة انه »يمكن تحـــديد المقصود بعبارة »محيط مركز الاقتراع« بمراسيم بناء لاقتراح وزير الداخلية عملاً بالمادة ١١٥ من القانون«.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,027,560

عدد الزوار: 6,931,073

المتواجدون الآن: 72