انتخابات بين منطقي الخدمات والخيارات السياسية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 11 تشرين الثاني 2008 - 7:43 ص    عدد الزيارات 1786    التعليقات 0

        

كتب بيار عطاالله:
اذا سارت الامور في شكل هادئ ومن دون مشكلات فستشهد دائرة البقاع الغربي - راشيا انتخابات نيابية شبه محسومة النتائج في ظل تفاهمات اخذت تلوح بوادرها على امتداد مساحة البقاع الغربي السياسية، ومنها الى دائرة حاصبيا – مرجعيون جنوباً، لكن هذا الاتفاق الهادئ في هذه الدائرة البقاعية لا يعني ان المعركة انتهت قبل ان تبدأ، فثمة تحضيرات واسعة للانتخابات من جميع الاطراف خصوصاً ان نتائج هذه الدورة ستحدد احجام قوى وزعامات على مستوى الوطن ككل لتصبح بذلك اصوات الناخبين في اقلام الاقتراع الموزعة على البلدات والقرى الواقعة غرب مجرى نهر الليطاني وشرقه من الاكثر اهمية في تاريخ الانتخابات التي عرفتها تلك المنطقة، التي تختلط فيها كل الطوائف والمذاهب والاحزاب وتتعايش وتتنافر وتتخاصم وتتصالح في اطار سياسة واضحة ومحددة المعالم.
الجميع يعلن انه يريدها انتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة. والدروز والشيعة يخوضونها شبه موحدين حول قياداتهم التقليدية في الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة "امل" و"حزب الله"، الى جانب استثناءات وحالات خاصة، في حين تجتمع غالبية الطائفة السنية حول "تيار المستقبل" مع جناح معارض يتزعمه مناوئون لآل الحريري ويعد العدة لمواجهتهم انتخابياً وسياسياً وخدماتياً، اما المسيحيون ثاني اكبر كتلة ناخبة في المنطقة والذين ينتشرون بكثافة الى الغرب من مجرى الليطاني ويقيمون حزاماً من البلدات والقرى يمتد من نهاية مشغرة جنوباً الى قب الياس شمالاً قريباً من مدخل قضاء زحلة فمنقسمون ويتوزعون احزاباً وتيارات اسوة بالوضع المسيحي العام.
وفي لغة الاعداد شارك عام 2005 من السنة نحو 20257 ناخباً، تلاهم المسيحيون بـ 8237 ناخباً توزعوا على الشكل الآتي: 4236 مارونيا، 2178 كاثوليكياً و1723 ارثوذكسياً، ثم 8191 درزياً و6156 شيعياً وعدد ضئيل من المعمدانيين والاقليات. اما التوزيع المتوقع لناخبي 2009 في البقاع الغربي وراشيا فهو على الشكل الآتي: 59824 سنياً، يليهم المسيحيون بـ 31027 ناخباً يتوزعون كالآتي: 10154 ارثوذكسياً، 10835 كاثوليكياً و10038 مارونياً. ثم 19020 درزياً، 18394 شيعياً. يتنافسون على مقعدين للسنة ومقعد درزي واخر ماروني وثالث ارثوذكسي.

السنة اكثرية موالية

لكن تشريح الوضع الانتخابي في دائرة البقاع الغربي – راشيا ليس بالامر السهل، فهناك عوامل كثيرة يجب الاخذ بها وفي مقدمها غلبة الطائفة السنية العددية على الطوائف الاخرى وحضورها الكبير اقتصادياً واجتماعياً وديموغرافياً وحركيتها الواسعة مما يجعلها تتحكم في دفة الميزان في المعادلة السياسة وتالياً الانتخابية، علماً ان المنطقة شكلت خط مساندة اساسي في الصراع الذي اندلع في منطقة البقاع الاوسط منذ فترة وشكلت خزاناً بشرياً في القتال الذي جرى في سعدنايل وتعلبايا، وهي نزلت بشيبها وشبابها الى بيروت في اثناء تظاهرات 2005 تأييداً لآل الحريري، وتمحضهم دعمها ومساندتها في شكل كبير. وفي حسابات الاكثرية ان المعركة محسومة النتائج، وان حوادث 7 ايار في بيروت وبعض الجبل والبقاع الاوسط حسم خيارات الرأي العام في المنطقة وابعد منطق الخدمات لمصلحة الخيارات السياسية السيادية لدى "تيار المستقبل" وحلفائه الدروز والمسيحيين على رغم ان المعارضة تحاول النفاذ من خلال الخصوصيات العائلية والنزاعات المحلية التقليدية بين الاهالي لمحاولة الفوز بعدد من الاصوات وخرق لائحة "14 اذار" وانصارها، لكن الاهم بالنسبة الى الموالين ان المناقشة حالياً ليست على الفوز شبه المحسوم النتائج بل على اختيار اسماء المرشحين الى خوض المعركة.
في المقابل يرى معارضو "14 اذار" ان ثمة تراجعاً على مستوى حضور الاكثرية في المنطقة نتيجة عدم ايلاء مسألة التوازنات المناطقية والعائلية الاهتمام الكافي من جانب قيادة "تيار المستقبل". ويؤكد النائب السابق الياس الفرزلي انه حصل في دورة 2005 على رغم كل المؤثرات على نسبة 30 في المئة من اصوات الطائفة السنية، وان هذه النسبة كبرت مع الايام بفضل سياسة الخدمات التي يقدمها وما يصفه بالتعاطي المباشر الناس في انحاء المنطقة. لكن الفرزلي لا ينفي تأثير الخلاف المذهبي على العصبيات الطائفية في المنطقة والنفوذ الكبير الذي يتمتع به رجال الدين المسلمون في انتخابات البقاع الغربي- راشيا وتحديداً مفتي البقاع الشيخ خليل الميس الذي يحدد في رأيه قواعد اللعبة السياسية في البقاع ويعطي الشرعية للوائح المرشحين.
وباستثناء "الجماعة الاسلامية" التي تملك حضوراً لا بأس به على امتداد التجمعات السنية تبدو الحركة السلفية بعيدة عن ان تكون حركة جماهيرية تستقطب تاييداً واسعاً في المنطقة التي اشتهرت بالعيش المشترك والاختلاط الطائفي الكبير.
اما لائحة المرشحين السنة الى المقعدين المخصصين للطائفة فطويلة جداً وهناك الى النائبين الحاليين جمال الجراح واحمد فتوح منافسهما التقليدي النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي يجهد في حشد مناصريه وتقديم الخدمات المختلفة، الى جانب مرشح محتمل عن "الجماعة الاسلامية" واخر عن "حركة لبنان العربي" التي يرأسها الضابط السابق احمد الخطيب ومجموعات من المرشحين عن العائلات والافخاذ والعشائر.

المسيحيون: قاسم مشترك

تتوزع اصوات الكتلة المسيحية غرب البقاع ديموقراطياً اسوة بانقسام الرأي العام المسيحي في لبنان مع ارجحية كبيرة للناخبين المستقلين. وعام 2005 حاز النائب روبير غانم على نصف اصوات الناخبين المسيحيين في حين توزعت الأصوات الاخرى على "القواتيين" و"العونيين" والمستقلين، علماً ان البلدات والقرى المسيحية في المنطقة تشهد انتشاراً لجميع القوى والتنظيمات المسيحية ومهرجاناتها وهي تتمتع بحرية العمل السياسي نقيض الاطراف الآخرين. وفي حسابات المعارضة انه يمكن دفع المزيد من الناخبين المسيحيين الى صناديق الاقتراع ومحاولة تحقيق تكافؤ مع المرشحين المنافسين. وبرأي الفرزلي هناك 2500 ناخب عوني امتنعوا عن التصويت عام 2005 احتجاجاً على "التحالف الرباعي"، ويمكن تحقيق فارق كبير بواسطتهم اذا تحركت الماكينة العونية في شكل فاعل. لكن الفرزلي يغفل عن مسألة مهمة وهي التحولات التي قد تكون اصابت الرأي العام المسيحي الذي وقف بجانب العونيين عام 2005 على قاعدة مواجهة "الحلف الرباعي"، ومن الاكيد ان ثمة تبدلاً ما جرى لدى هؤلاء المسيحيين الذي سيقترعون لمصلحة من يقنعهم وهم في غالبيتهم من السياديين وانصار منطق الدولة والجيش، علماً ان نسبة كبيرة من مسيحيي المنطقة ينتسبون بطريقة او بأخرى الى المؤسسات العسكرية الشرعية وفي مقدمها الجيش. ثم ان هناك عاملا آخر هو رغبة "التيار الوطني الحر" المعلنة في الفوز بتمثيل مسيحيي الاطراف. وهناك مرشحان عونيان تتداول الاوساط المعنية اسمهما هما: جورجيت حداد وربيع معلولي. وفي رأي النائب روبير غانم ان من المهم جداً ان يمارس المسيحيون عموماً والموارنة خصوصاً الدور الجامع والمستقل بين مختلف الاطراف في كل لبنان، فكيف اذا كان الامر في البقاع الغربي. وهو يؤكد انه حافظ على استقلاليته انطلاقاً من هذه الرؤية التي تعتبر المسيحي قاسماً مشتركاً يوحد الوطن والطوائف لا طرفاً، "وهذه رسالة المسيحي ان يحفظ هذه الاستقلالية في لبنان".
تطول لائحة المرشحين المسيحيين الى المقعدين الماروني والارثوذكسي، ولكن من ابرزهم النائبان الحاليان غانم وانطون سعد، ثم النائب السابق ايلي الفرزلي والنائب السابق المبطلة ولايته هنري شديد ومجموعة كبيرة من الاسماء منها ترشيحات غير معلنة لمسؤولين كتائبيين و"قواتيين" ومستقلين كثر.

الدروز والشيعة محسومة

الملفان الدرزي والشيعي شبه محسومان فالحزب التقدمي الاشتراكي يملك تنظيماً كبيراً في اوساط الطائفة الدرزية، على رغم حضور منافسه التقليدي النائب السابق فيصل الداود. واصبح معروفاً ان نائب المنطقة الوزير وائل ابو فاعور يبذل جهداً مضاعفاً لحفظ رصيد حزبه وتعزيز قاعدته التاريخية التي يعتبرها الدروز ظهيراً لدائرتي الشوف وعاليه والباب الخلفي الى الجبل. اما على المستوى الشيعي فقرار الثنائية الشيعية حركة "امل" و"حزب الله" قادر على حسم امر الترشح الى المقعد الشيعي الوحيد ودفع نحو 18 الفاً من الناخبين الشيعة الى صناديق الاقتراع.
وترى اوساط في الاكثرية ان الاتجاه هو الى تجنيب المنطقة اي توتر مذهبي او طائفي وتالياً تحييد المقعد الشيعي، لا بل انتخاب من تختاره الثنائية الشيعية. في حين تتحدث معلومات اخرى عن امكان قيام توافق على احتفاظ النائب ناصر نصرالله بالمقعد الشيعي عن الدائرة في مقابل دعم مرشح قريب من "تيار المستقبل" عن المقعد السني في دائرة حاصبيا – مرجعيون اسوة بالتوافق الذي قد يحصل في دائرتي بيروت الثانية والثالثة.
وفي انتظار تشكيل اللوائح وابعاد اسماء معينة وادراج اخرى جديدة، تبدو التحالفات واضحة جدا وهناك منطقان الاول يشدد على الخدمات والثاني يرى المعركة سياسية بامتياز على الخيارات التي سيسير عليها لبنان خلال الفترة المقبلة وفي رأي الجميع ان المعركة هي على رفع نسبة المشاركة ودفع المزيد من الناخبين السنة والمسيحيين الى اقلام الاقتراع وعند ذلك ستتعدل امور كثيرة. 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,622,112

عدد الزوار: 6,904,451

المتواجدون الآن: 115