الفاتيكان الخائف يشكو من «المثلث» ... والموارنة يسألون عن مصلحة قادتهم بالمصالحة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 4 تشرين الثاني 2008 - 11:24 ص    عدد الزيارات 1720    التعليقات 0

        

كتب المحرر السياسي:

مع لقاء المصالحة المرتقب بين الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله ورئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، يكتمل سياسيا، مسلسل »المصالحات الاسلامية« الذي دشنّه النائب وليد جنبلاط بعد السابع من ايار على الصعيد الدرزي الدرزي أولا ومن ثم بينه وبين »حزب الله« وحركة »أمل«.
عمليا، لن تنهي هذه المصالحات جبل الخلافات السياسية، لكنها ستكون كفيلة بتنظيم ادارة الصراع بطريقة سلمية، أخذا في الاعتبار، أن الانتخابات النيابية في المثلث السني الشيعي الدرزي، قد انتهت قبل أن تبدأ في معظم الأقضية، ما يعني أن فتيل الاشتباك ضمن الانتخابات نفسها قد سحب، لكن ثمة معضلات أخرى تواجه الطرفين، ابرزها ما يتعلق بالنظرة الى الموقع الاقليمي للبنان وقضية سلاح المقاومة والتوازنات الداخلية، ولعل النقطة الأقرب الى السخونة بينهما، تلك المتصلة بتوسيع مروحة المشاركين في مؤتمر الحوار، في ظل تمسك »حزب الله« باشراك حلفائه في مناقشة قضية الاستراتيجية الدفاعية... ربما الى حد الاشتراط بأن المشاركة في الحوار ستكون رهن التوسيع!
واذا كان الانقسام بين المسيحيين شبيها بالانقسام بين المسلمين، أي أنه سياسي بامتياز، الا أن الفارق الجوهري، هو اكتمال النصاب السياسي لكل طائفة من الطوائف الاسلامية، أو بالأحرى أن الطائفية قد بلغت طاقتها القصوى، بحيث يكاد التنوع السياسي بحده الأدنى ينتفي لمصلحة وحدانية الزعامة، ولو بفوارق معينة، بينما نجد عند المسيحيين أن الانقسام ليس بين مذهب وآخر، بل ضمن الموارنة أنفسهم، وعبر هذا الانقسام نفسه يزداد ضعف الموقع المسيحي العام ولو أن الكثيرين من علماء السياسة والاجتماع يعتبرون أن احد ضمانات عدم الانزلاق بالبلد الى الحرب الأهلية هو التنوع السياسي الموجود عند المسيحيين.. والا لو يصيبهم ما أصاب غيرهم، فان ذلك يشكل عمليا، وصول النظام الطائفي الى ذروة عجزه، وبالتالي وضع البلد أمام احتمالات أكثرها تفاؤلا التوافق السياسي الطوعي على تعديل الدستور وأكثرها تشاؤما الذهاب الى حرب أهلية تنتج موازين قوى جديدة.
بعد اتفاق الدوحة، تحقق »حلم« معظم القادة المسيحيين، سياسيين وروحيين، وذلك مع استحضار »قانون الستين« راعيا للعملية الانتخابية في العام ،٢٠٠٩ وذلك بعد تهميش للمشاركة المسيحية، على مدى الدورات الانتخابية التي شهدها لبنان بعد الطائف وصولا لأول انتخابات بعد الانسحاب العسكري السوري في العام .٢٠٠٥
هذه هي المعضلة اليوم. القانون الانتخابي مطلب مسيحي، لكنه سيقود المسيحيين الى اشتباك سياسي، ربما لا يكون هناك مثيل له في تاريخ لبنان، سعيا لانتاج سلطة سياسية جديدة ستحكم لبنان من العام ٢٠٠٩ وحتى العام .٢٠١٣
لا يوجد مسيحيون عمليا خارج معادلة الموالاة والمعارضة، الا رئيس الجمهورية ومحاولات التموضع الوسطية التي تقوم بها شخصيات مسيحية من حوله، مثل آل المر، لكن الواقع يقول أنه مع احتدام المعركة الانتخابية، لن يكون هناك موقع للوسطية، ثم أن رئيس الجمهورية، يدرس الأمور من زاوية كلفة معركة انتخابية تأتي له بعدد من النواب لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة بينما يخسر في المقابل، صورته وهيبته لبنانيا ومسيحيا، ولذلك، قد يكون من الأفضل، أن يراكم وصولا الى خوض انتخابات ،٢٠١٣ عشية انتهاء الولاية الرئاسية... الأولى!
وبما أن المسيحيين باتوا اليوم لا يخافون على أنفسهم من شريكهم المسلم، بل من ذاتهم المسيحية أولا، انبرت محاولة لمّ شملهم ومصالحتهم، في أكثر من مرة، ولكن كانت محاولة الرابطة المارونية ورئيسها جوزف طربيه هي الأكثر جدية، سعيا الى تنظيم قواعد الاختلاف السياسي، عبر نبذ العنف واعتماد الخطاب الحضاري واعادة الاعتبار لميثاق الشرف الذي ينظم العلاقات المسيحية المسيحية برعاية بكركي.
ولكن ما هي الانطباعات التي خرجت بها الرابطــة، التي ستجمع اليوم النواب الموارنة، قبل أن تجمّد مساعيها، مع سفر البطريرك الماروني نصر الله صفير اليوم، الى الفاتيكان لأكثر من أسبوعين؟
لا مصلحة فعلية لدى أي من القيادات المسيحية في انجاز المصالحة المسيحية المسيحية ولكل أسبابه ومعطياته. هل يتقدم ويتعزز موقع الرئاسة الأولى مسيحيا اذا انجز الوفاق المسيحي وهل يجوز طرح السؤال نفسه على بكركي، خاصة وأن هناك من صار يعتبرها طرفا في النزاع المسيحي المسيحي، واين هي مصلحة القوى المسيحية الموالية أو المعارضة في المصالحة، بينما كل واحد منها يراهن على شد عصب جماعته وجمهوره، في عز موسم التحضير للانتخابات؟
لعل أكثر العارفين ببواطن الواقع المســـيحي، ممثل الفاتيكان في لبنان، الذي صار يوجه انتقادات علنية للمثلث الكنسي العوني القواتي، محملا اياه مسؤولية انتكاسة الواقع المسيحي وعدم التــقاط الرســـالة الجديدة للمسيحيين، وأي دور ينتظرهم في لبنان والمشرق، وهل يمكن أن يعودوا الى رسالتهم التاريخية بوصفهم الجسر وليس الحاجز؟
يقول رئيس الرابطة المارونية انه سيأتي اليوم الذي يسمي فيه الأشياء بأسمائها، فهل سيمتلك جرأة أن لا يوفر أحدا من قادة المسيحيين ومن سيتحمل مسؤولية »بصرما ٢« أو »بصرما ٣« أو أن يحاول فتح جرح مسيحي شيعي كما حصل مؤخرا في لاسا في بلاد جبيل، ولأهداف متصلة باضعاف طرف مسيحي انتخابيا، وليس الدفاع عن مصالح الكنيسة التاريخية العقارية أو غير العقارية؟
بهذا المعنى، يمكن تفسير المهرجان الأخير لـ»القوات«، وبهذا المعنى، ستفسر معظم المهرجانات الانتخابية المقبلة، خاصة في ظل بروز ملامح يأس من جانب حلفاء سمير جعجع، حول قدرته ومعه كل فريق مسيحيي الرابع عشر من آذار، على تشكيل نواة قوة جدية منافسة لميشال عون مسيحيا، ولذلك انبرى من يهمس في المجالس الخاصة لقادة الموالاة، حول وجوب تشجيع كل الشخصيات المسيحية التي تنطبق عليها مواصفات »المستقلة« بحيث يمكن أن تشكل راس حربة في المعركة مع ميشال عون؟
لذلك، قرر سمير جعجع أن يكون مهرجان جونية (»شهداء القوات«) موجها للحلفاء قبل الخصوم بهدف »عرض العضلات« منعاً للاستخفاف بالجمهور »القواتي«. غير أن الرسالة على مستوى الحشد، جاءت مخيبة للآمال، اذ أن تقديرات الأجهزة اللبنانية المتفائلة ذهبت الى حد ضرب عدد المقاعد الاثني عشر ألفا برقم اثنين (٢٤ ألفا)، أما في المضمون، فان »الانجاز اليتيم« أن يوافق وليد جنبلاط »مبدئيا«، على أخذ جورج عدوان في لائحة الشوف، الا اذا برز تطور في اللحظة الأخيرة يضع عدوان خارج اللائحة الجنبلاطية.
واذا التزمت الحكومة بما نص عليه القانون الانتخابي الجديد لجهة اجراء الانتخابات كلها في يوم واحد، فهذا يعني أن القرار بالحسم في يوم واحد قد يستوجب اغراق الأقضية المسيحية بالمال السياسي الانتخابي، بحيث سيكون الصوت المسيحي الأغلى في تاريخ الانتخابات اللبنانية، من دون اهمال عناصر أخرى تؤثر في مسار الاستحقاق الانتخابي في الساحة المسيحية.
ويجوز وصف الانتخابات المقبلة، بأنها عبارة عن »مرحلة انتقالية« بين نتائج انتخابات العام ٢٠٠٥ التي أُقصي فيها الطرف المسيحي الأبرز (ميشال عون) عن »التحالف الرباعي« فأحرج الآخرين بالنتائج »التسونامية« التي حققها، وبين انتخابات العام ٢٠١٣ التي ستكون »رئاسية« بامتياز مع تسجيل متغيرات »جذرية« قد تطرأ على التركيبة الحزبية لهذه البيئة.
ويمكن اختصار العوامل المؤثرة على الشكل الآتي:
ـ سعي الجناح المسيحي المعارض إلى الحفاظ أولاً على »المكتسبات« التي منحه إياها الاستحقاق الماضي (٧٠ ٪)، والعمل على »التمدّد« داخل »الحدود« المسيحية (الانتقال من جبل لبنان الى المناطق)، وتالياً إبعاد »الخصوم«، لاحتكار »النفوذ« في هذه الساحة، من خلال تجميع قواها »الثلاثية الأضلاع«: ميشال عون، سليمان فرنجية والياس سكاف.
ـ سعي مسيحيي قوى الرابع عشر من آذار إلى تخفيف الأضرار قدر الإمكان، لا سيما وأنهم يعون جيداً أن رياح »تقسيمات الدوحة« لن تجري وفق ما تشتهيه سفنهم، لا بل قدمتهم »اضحية« على »مذبح التوافق« الاسلامي الاسلامي.
ـ موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي لم »يوضّح« موقفه من الاستحقاق النيابي، بل ترك الغموض يلفه منذ أن لمّح إلى وجود شخصيات تؤيده وتطمح إلى دخول الندوة البرلمانية، من دون أن يحسم الخيار بالوقوف على الحياد أم الدخول فريقاً في الانتخابات.
في هذه الأثناء، تشهد الخريطة الانتخابية »تخمة« ترشيحات في كلا »الضفتين«، منها ما هو جديّ ويفيض عن الحدّ المطلوب، ومنها ما هو تمهيد لاستحقاق العام ،٢٠١٣ وتصح الحالة الأولى عند الفريق المعارض أكثر من غيره، لا سيما وأن الكثيرين ممن يدورون في »الفلك المعارض« سبق أن سحبوا ترشيحاتهم في العام ٢٠٠٥ لصالح العماد عون وهم اليوم يطالبون بـ»أحقيتهم« بتبني هذا الفريق لترشيحهم، إلى جانب »الكوادر« الحزبية لا سيما من جانب »التيار الوطني الحر« التي تعطي لنفسها »المقام الأول« في الترشيحات، فضلاً عن »الأصدقاء« لا سيما من القوى التقليدية الذين يطالبون بدور لهم.
وتواجه قوى الرابع عشر من آذار مشكلة من نوع آخر، فهي بصدد البحث عن »معيار« جديد لاختيار المرشحين، يقيها شر »الوزن الزائد« الذي قد تشكله بعض القوى الحزبية الحليفة، وخاصة »القوات«، لا سيما وأنها تعي أنها في حال سلكت خيار المواجهة المباشرة مع العماد عون وبواسطة مرشحين حزبيين فستحوّل خصمها إلى »ضحية« قادرة على استقطاب الرأي العام بشكل قوي، نظراً لأن التجاذب الحاد يولّد عصبية ستنتهي حكماً لصالح الخصم.
لهذا فإن هذا الفريق الموالي، يسعى إلى تجنيد »الأصدقاء« ليكونوا في واجهة المعركة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، رؤساء البلديات المطروحون للترشيح، بهدف، »قضم« الأصوات من أمام مرشحي المعارضة، وتالياً »كسر« أحادية الزعامة »العونية« للشارع المسيحي، من خلال نسف مقولة »السبعين بالمئة«. ومن هنا أيضاً قد يلجأ البعض من هذا الفريق إلى التخفيف من لهجة خطابه من باب الاعتدال والتخفيف من الحدّية المضرة.
وتسعى الموالاة الى اختبار قدرتها على التماسك في مواجهة الطامحين وتعدد الترشيحات وخير دليل مسارعة النائب السابق غطاس خوري الى اعلان ترشيحه عن مسقط رأسه في الشوف (فقد الأمل نهائيا في بيروت الأولى)، في محاولة منه لفرض نفسه على النائب وليد جنبلاط وقطع الطريق أمام أي مرشح آخر محتمل.
ويعتبر ذلك نموذجا على عدم التنسيق بين قوى الموالاة وخاصة بين »تيار المستقبل« والنائب جنبلاط حول توزيع المقاعد المشتركة بشكل عام، كما أن هناك معضلة تتمثل في القدرة على التنسيق بين مسيحيي هذا الفريق وتحديداً الكتائب و»القوات« في ظل ضيق الخيارات في الدوائر المسيحية.
وما ينطبق على ١٤ آذار يسحب نفسه على المعارضة، لجهة ضعف »التنسيق« بين »الأجنحة الحليفة«، لتوحيد الترشيحات. ولذلك لا يمكن قراءة الإعلان المبكر لرئيس »تيار المردة« سليمان فرنجية عن لائحته الزغرتاوية، إلا من باب قطع الطريق أولاً أمام أي ترشيح »عوني« في منطقته، وتوجيه رسالة إلى حلفائه ثانياً مفادها أن الشمال »خط أحمر«، وطمأنتهم ثالثاً أن لا تحالف من تحت الطاولة مع النائبة نائلة معوض.
أما التشاور الانتخابي بين العماد عون والحزب السوري القومي الاجتماعي فانه يستمر »على الخفيف«، خصوصا في مناطق التماس الانتخابي، كالكورة والمتن الشمالي، حيث أصبح يمثل »حاجة ماسة« لتحقيق النجاح للطرفين أو لأحدهما.
ويريد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يحافظ على حجم كتلته النيابية كمّاً ونوعاً، الأمر الذي قد يسبب تضارباً في النفوذ بينه وبين العماد عون الذي يسعى إلى »التمدد« جنوباً وتحديداً نحو جزين والزهراني... وقد بدأت تباشير ذلك تلوح عبر الاعلام...
ولا يجوز اغفال الواقع التنظيمي الداخلي في »التيار الوطني الحر«، وهو واقع ينبئ بصعوبات قد لا تصل الى حد الانشقاقات، لكنها تعيد طرح السؤال المركزي: هل يريد ميشال عون تحويل تياره السياسي الى مؤسسة أم أنه يرغب في الاحتكام الى الآليات التقليدية المؤدية الى التوريث السياسي؟ 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,095,762

عدد الزوار: 6,752,459

المتواجدون الآن: 102