مناقشات في كواليس الأحزاب المسيحية

محورها "مسؤولية الفشل" و"ثمرة النجاح"

تاريخ الإضافة الأحد 12 تموز 2009 - 6:14 ص    عدد الزيارات 3676    القسم محلية

        


انتهت الانتخابات النيباية لكن المناقشات داخل الاحزاب المسيحية لم تنته بعد، بل هي الى تصاعد مستمر، وكل الكوادر والقياديين والمسؤولين واعضاء اللجان يبحثون في ما جرى ويسألون عمّن يتحمل مسؤولية الفشل ومن يقطف ثمرة النجاح؟ وماذا كان من أمر هذه الفئة او تلك؟
تسير الأمور بوتيرة متصاعدة من الحوارات، لكن ما يتسرب من داخل الاحزاب وعلى ألسنة الحزبيين في المحافل الاجتماعية والصالونات والمقاهي يشي بأن ثمة حاجة الى وضع الامور في نصابها، خصوصاً ان الاحزاب المصنفة مسيحية عادت بقوة الى العمل السياسي الوطني، بعدما امدتها نتائج الانتخابات النيابية بجرعة غير مسبوقة من الدعم المعنوي والجماهيري الذي افتقدته هذه الاحزاب في عزّ نشاطها قبل 20 عاماً، وقبل أن تقبض عليها سلطات نظام الوصاية وتعمل على تدمير مؤسساتها وبناها وتهجير كوادرها وضرب حضورها السياسي والشعبي بمختلف الطرق والوسائل التي افضت الى التنكيل بكوادر الناشطين الحزبيين المسيحيين والسعي الى إسكاتهم وتعطيلهم عن العمل بمختلف الوسائل التي وصلت الى درجة القتل، كما جرى مع شهيدي حزب "القوات" سلام الراسي ورمزي عيراني ومن بعدهما مجموعة كبيرة من الناشطين.
يحتل "التيار الوطني الحر" وناشطوه المرتبة الاولى في سلم الاحزاب التي يخوض مناصروها غمار الجدل والنقاش حول نتائج الانتخابات ومسبباتها. فمعظم مناصري "التيار" كانوا ينتظرون فوزاً مدوياً يمكّنهم من تحقيق ما وعدوا به من تغيير واصلاح ومحاربة فساد، الى آخر الشعارات التعبوية التي رفعها التيار في أوسع حملة دعائية عرفها لبنان. لكن ذلك لا يعني ان جميع مناصري "التيار" كانوا ممن يتوقعون الانتصار، بل كانت هناك مجموعة لا بأس بها من الناشطين الذين توقعوا الاسوأ وحاولوا انذار القيادة العونية او تحذيرها من مغبة الافراط في التفاؤل والاستهانة بقدرات المنافسين. وقدّم هؤلاء المعترضون جملة أسباب تبرر حذرهم وعدم افراطهم في التفاؤل. وبالفعل، اتت نتائج الانتخابات النيابية لتثبت صحة ما ذهب اليه "المعترضون". ويشاع اليوم في دوائر التيار وبين ناشطيه ان ثمة دعوات كثيرة الى مراجعة الامور واعادة تقويم ما جرى قبل الانتخابات النيابية وخلالها، للبحث في أسباب تراجع حضور "التيار الوطني" في انحاء عدة ومعه مشروع التغيير الذي حمله.
وفي حسابات احد كبار المعترضين ان الامور يجب ألا تستمر على هذا المنوال داخل "التيار"، إن على المستوى التنظيمي او على مستوى الخيارات السياسية التي يجب اعادة مراجعتها والنظر فيها دون المس بالثوابت الاساسية التي كانت في صلب التفاف الرأي العام المسيحي حول خط التيار وزعيمه في انتخابات 2005. وفي رأي القيادي المعترض ان الامور لا يمكن ان تستمر على ما هي لأنها ستفضي في نهاية المطاف الى اضمحلال دور "التيار الوطني الحر" وضمور شعبيته تدريجاً، وان طرح اعادة النظر في ما يحصل يجب ألا يشكل احراجاً لأي طرف، بل يجب ان يكون مدخلاً لإعادة تفعيل التيار وتقويم الامور وتصحيح المسارات التنظيمية والسياسية.
على الطرف الآخر، او على مقلب الاكثرية واحزابها المسيحية، لا يبدو حزبا الكتائب و"القوات" في وضع مريح تماماً، على رغم نجاحهما في ايصال عدد لا بأس به من النواب الى الندوة البرلمانية. وليس خافياً ان المناقشات تستعر بدورها في حلقات الحزبين ودوائرهما المختلفة.

 

الكتائب وإعادة التأهيل

القياديون في الكتائب، يقولون ان مرحلة ما بعد الانتخابات تختلف تماماً عما قبلها، وان نجاح الحزب في ايصال خمسة نواب الى البرلمان لا يعني ان الامور بألف خير. وتقول أوساط قيادية ان النتائج كان يمكن ان تكون افضل بكثير في مناطق أخرى وخصوصاً في الشمال والبقاع والجنوب وحتى في المتن. وان ما تحقق يعود الفضل فيه الى ما قام به الوزير بيار الجميل قبل مدة من استشهاده، لكن ذلك في رأيها لا يكفي للاستمرار، اذ ان مرحلة الشهيد بيار الجميل وفرت جرعة قوية للحزب او ما يصطلح على تسميته "إعادة التأسيس الثانية للكتائب" كما يصفها الرئيس امين الجميل. وهذا يحتاج في رأيها الى إعادة تفعيل شاملة، فمؤسسات الحزب برمتها وعلى ما يقول احد قيادييه يجب ان تخضع لعملية اعادة تأهيل تبدأ من المستويات العليا وصولا الى الكوادر الوسطية على قاعدة المحاسبة والاختبار، ويحدّد فترة سنة لانجاز مشروع اعادة التأهيل. وينتظر الكتائبيون في هذا الاطار اطلاق دفعة من الورش الحزبية التي تبدأ بانشاء مدرسة التأهيل الحزبي التي سيمر من خلالها مختلف المنضوين في حزب الكتائب لاعادة تظهير ما يسمّى الافكار الحزبية ورؤية الحزب لمختلف القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية، وخصوصاً مسائل اللامركزية الادارية والانماء الشامل، وهو ما يصطلح الحزبيون على الاشارة اليه تحت عنوان "عقد للاستقرار" او مشروع الكتائب الانتخابي. ويعول الكتائبيون في هذا الاطار على عنصر الشباب الذي يراد لاعداده ان تكون المحرك الرئيس لنحو 17 الفا من الحزبيين. كما يعد الحزب لاطلاق اذاعة جديدة حصل على رخصتها قبل حين في موازاة الدعاية التي تقوم بها جريدة "العمل".
لكن كل هذه الامور لا تنفي احتدام الجدل بين منظري الكتائب حول افضليات الخطاب السياسي بين الانحياز بالكامل الى خط 14 آذار واطلاق مشروع كتائبي متمايز يسعى وراء وحدة الصف المسيحي واستعادة الحضور في مؤسسات الدولة على قاعدة التفاهم مع مختلف المكونات الحزبية المسيحية، وبين هذا الامر وذاك تستمر النقاشات بين جيل حزبي شاب متحرر من اعباء الماضي ويحمل افكارا تقدمية تلقى صدى في نفوس الشباب المسيحي، ويطمح الى استعادة دور "الحزب الطليعي لدى المسيحيين".
والفصل بين الموقفين او التوفيق بينهما سيكون على عاتق الرئيس الاعلى امين الجميل حافظ فكرة الميثاق والصيغة، والمؤتمر العام للحزب الذي يفاخر الكتائبيون بأنهم سيعملون على تنظيمه سنويا على قاعدة ورشة عمل سنوية للمحاسبة واعادة التفكير.

 

"القوات" والحزب الطليعي

"القواتيون" وعلى رغم الفوز الذي تحقق، تخوض كوادرهم مناقشات صاخبة بحثا في اسباب النجاح الذي تحقق في مناطق، والفشل الذي أصاب مناطق اخرى، خصوصا ان "القواتيين" يتملّكهم شعور بأنهم الحزب الطليعي لدى المسيحيين الذي يحمل هويتهم وقضاياهم ويتنكّب مسؤولية الدفاع عنهم. وانطلاقا من هذه الفرضية المبالغ فيها ربما، ينطلق بعض القياديين الى تشريح ما تحقق في الانتخابات النيابية وارجاع مسؤولية الخلل في بعض الدوائر الى اسباب عدة بعضها داخلي تنظيمي وبعضها خارجي ناجم عن طبيعة التحالفات بين قوى 14 آذار.
في الشأن الداخلي ينتظر "القواتيون" المؤتمر العام للحزب والذي يشدد عدد كبير من الكوادر على انهم تلقوا وعودا قاطعة من القيادة بأن موعده لن يتأخر كثيرا، علما أن أسباب عدم عقد المؤتمر العام سابقا كانت تراوح بين عدم الانتهاء من مرحلة اعادة التنظيم بعد خروج الدكتور سمير جعجع من السجن والظروف السياسية والامنية الضاغطة التي كانت تمنع التحضير الجدي للمؤتمر، انتهاء بالانتخابات النيابية التي صرفت "القوات" كل جهودها وكوادرها ومواردها، الى الاهتمام بالاعداد لها من اجل تأمين اسباب انجاحها. لكن مجمل هذه المعطيات انتهت والاسئلة المتراكمة لدى مجموعة كبيرة من الكوادر تحتاج الى المؤتمر العام للاجابة عنها. وثمة اسئلة كبيرة تطرح عن آلية هذا المؤتمر وعما اذا كان سيتحول مجرد احتفل خطابي او منبرا ديموقراطيا ومؤسساتيا للبحث في شؤون حزب "القوات" ومساره.
ويجزم عدد من كوادر "القوات" الناشطين ان انفلاش حزبهم على مساحة الديموغرافيا المسيحية ونجاحه في استقطاب مزيد من عناصر الشباب، يحتاج الى مؤسسة حزبية حقيقية قادرة على استيعابهم والتعامل معهم على قدر طموحاتهم، اضافة الى تأمين اجابات عما يطرحونه من اسئلة واشكالات على الصعيد الوطني، والتي يجب ان يوفر لها الخطاب السياسي لدى "القوات" مادة شافية ومقنعة.
 

بيار عطاالله     


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,175,483

عدد الزوار: 6,758,978

المتواجدون الآن: 110