أخبار لبنان..إسرائيل تكشف عن «مسار إيراني» لتمويل «حزب الله» بتهريب الذهب..تحريض مسيحي على «تسوية فرنجية - سلام»..وعكار تخنق الفتنة..الراعي: البرص السياسي يشوّه كرامة السلطة ويشكّل خطراً على كيان الدولة..هواجس مسيحيّي لبنان تتفاقم في ظل الشغور الرئاسي..عدد المسيحيين في لبنان..رقم سرّي!..مساعي الخارج يحرّكها تهديد نصر الله بعد فشل لقاء باريس: وقائع من الحصار الأميركي..حزب الله والرئاسة: التوقيت قبل هوية الرئيس..حكاية قاضية «مثيرة للجدل» في لبنان..

تاريخ الإضافة الإثنين 27 شباط 2023 - 4:26 ص    عدد الزيارات 651    القسم محلية

        


إسرائيل تكشف عن «مسار إيراني» لتمويل «حزب الله» بتهريب الذهب..

الجيش أفصح عن أسماء متورطة يقودها رجل أعمال إيراني

تل أبيب: «الشرق الأوسط»...أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أمراً بكشف «المسار السري الذي تتبعه إيران لتمويل (حزب الله) اللبناني بالالتفاف على منظومة العقوبات»، ويدعي فيه أن عشرات الكيلوغرامات من الذهب وصلت من فنزويلا إلى أوروبا وسوريا، وبيعت، وذهب ثمنها إلى بيروت. وجاء في الوثيقة التي صدرت في تل أبيب (الأحد)، أن «مسار الذهب» المذكور كُشف بعملية مشتركة من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والطاقم الذي تأسس في وزارة الدفاع منذ سنة 2018 لمكافحة الإرهاب اقتصادياً، وبدعم من الشرطة الإسرائيلية ومصلحة الضرائب وسلطة مكافحة تبييض الأموال لتمويل الإرهاب. ونشرت الوثيقة أسماء عدد من الشخصيات المتورطة في عملية التهريب، في مقدمتهم رجل الأعمال الإيراني بدر الدين نعيمي موسوي، صاحب شركتي عقارات مسجلتين في بريطانيا هما «لوتوس يونيفرسال» (Lotus Universal) و«Strattonview Properties Limited»، وشركة التجارة الدولية «Trading Acs» المسجلة في دبي. وتعتبر الوثيقة الإسرائيلية موسوي عنصراً مركزياً في الجهود الإيرانية لجعل عدة دول في أميركا اللاتينية مصدراً لخرق العقوبات وتمويل الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط. وذكرت معه اسم حميد عبرنزاد، المدير العام لشركة الطيران الإيرانية «ماهان إير». كما نشرت أسماء مسؤولين كبار في «حزب الله»، بينهم علي قصير مندوب مكتب الشؤون الاقتصادية في طهران، ومحمد قصير رئيس دائرة الشؤون التقنية في «حزب الله» (المسماة الوحدة 4400)، الذي يدير عملية نقل الأموال من إيران. وحسب الوثيقة، فإن إيران تبيع لفنزويلا النفط لتلتف على العقوبات الأميركية والأوروبية والدولية، ويدفع الثمن بسبائك الذهب. ويقوم «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» بإرسال الذهب بطريقة غير مشروعة من فنزويلا إلى إيران لتمويل أنشطة الميليشيات المدعومة من طهران في لبنان. وحسب الوثيقة، فإن إيران تتلقى سبائك الذهب عن طريق «الحرس الثوري» و«حزب الله»، مقابل المنتجات النفطية التي تمنحها لفنزويلا. وبعد وصولها إلى إيران، يتم تحويلها إلى أموال في تركيا، وربما دول أخرى في أوروبا الشرقية، وأيضاً في سوريا، وتذهب الأموال التي تنتج من هذه الصفقة السوداء إلى «حزب الله» اللبناني. ويقدر الإسرائيليون هذه الأموال بملايين الدولارات، تضاف إلى ملايين أخرى تصل بطرق أخرى. يذكر أن بعضاً من هذه المعلومات نشرت في أوساط سنة 2022، عندما تم توقيف طائرة إيرانية في الأرجنتين لشبهة قيامها بنقل الذهب، والجديد أن المخابرات الإسرائيلية هي التي تقف وراء الكشف عن المعلومات. وحسب هذا النشر، فإن الطائرة مسجلة بالاسم التجاري لشركة «امتراسور»، المملوكة للحكومة الفنزويلية، لكنها في الواقع مملوكة لشركة «ماهان إير»، التي تخضع لعقوبات دولية، وتم منحها لفنزويلا لغرض استخدامها بالالتفاف على العقوبات. وقد قامت بست رحلات على الأقل بين كاراكاس وطهران، وموسكو وطهران، بين الشتاء والربيع الماضيين. وقد أمرت محكمة في واشنطن، في يونيو (حزيران) الماضي، بمصادرة الطائرة التي احتجزت في الأرجنتين، ولكن هناك طائرات أخرى تستخدمها إيران للغرض نفسه.

تحريض مسيحي على «تسوية فرنجية - سلام»..وعكار تخنق الفتنة...

سلامة يرفض سعر صيرفة متدنٍ للقطاع العام.. وعودة المصارف علی محك إجراءات القضاء

اللواء.... فيما فشلت محاولات إحداث فتنة جديدة عبر الاستثمار في جريمة خطف وغدر امام مسجد بلدة القرقف العكارية الشيخ احمد الرفاعي على يد اقرباء له في البلد، كشفها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، أحدثت المعلومات التي نشرتها «اللواء» في عددها الصادر السبت الماضي 25/2/2023 ارتجاجاً في الاوساط النيابية المسيحية المعادية لوصول مرشح مدعوم من «الثنائي الشيعي» وقوى 8 آذار، ضمن تسوية تقضي بوصول القاضي والدبلوماسي نواف سلام الى رئاسة الحكومة من ضمن تسوية تلعب فرنسا دور «المحرك» لها، على خلفية المداولات التي جرت في لقاء باريس الخماسي اوائل الشهر الجاري. وبدا الارباك حاضراً لدى الكتلتين المسيحيتين الاكبر في البرلمان: تكتل لبنان القوي الذي يقف على رأسه النائب جبران باسيل، وكتلة الجمهورية القوية التي تعمل بتدبير من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ففيما سارعت «القوات» الى نفي معلومات «اللواء» عن التسوية لجهة ان حزب جعجع سيؤمن النصاب لانتخاب فرنجية، جازمة بأن موقفها رافض نهائياً ولا يقبل الرجوع، لأي مرشح رئاسي لحزب الله، مشددة على ان موقفها هذا يسري على مرشح الممانعة السيد سليمان فرنجية. وجاء هذا الموقف بمنزلة فرصة نادرة لتيار باسيل، الذي بدا انه ينتظر جعجع على الكوع، محرضاً اياه على عدم التراجع، استناداً الى وقائع تاريخية بدءاً من اتفاق الطائف الى مفاوضات انتخاب العماد ميشال عون رئيساً عام 2016. وللذاكرة فقط، فمصادر قواتية نقلت عن كتلة «الجمهورية القوية» انها لن تعطل نصاب جلسة انتخاب النائب فرنجية ولن تعطل البلد (24/1/2023). بالتزامن، تعقد حكومة تصريف الاعمال جلسة رابعة قبل ظهر اليوم، بجدول اعمال مالي، يؤمل معه فك اضراب الادارة العامة والقطاع التعليمي الرسمي، مع بدء العد التنازلي لمخاطر فعلية تهدد العام الدراسي والامتحانات الرسمية، ما لم يتوقف الاضراب، الذي تأمل الروابط في المرحلتين الابتدائية والثانوية في ان يتوقف، مطالبين مجلس الوزراء بانصاف القطاع التعليمي، ولا سيما لجهة تثبيت سعر صيرفة على 20 او 30 الفاً، ليتمكن هؤلاء من قبض رواتبهم بما يسهل معالجة لاحقة لاعادة النظر بالرواتب، في ضوء فقدان الليرة ما يزيد عن 90% من قدرتها الشرائية. وحسب معلومات «اللواء» فإن هذا المطلب يتعذر الأخذ به، نظراً للوضع المالي الصعب لمصرف لبنان، حيث ابلغ الحاكم رياض سلامة من يعنيه الأمر، سواء وزير المال او رئيس الحكومة، انه ليس بوارد القبول بهذا المطلب وأن السحوبات بالدولار لرواتب المعلمين والعسكريين وسائر موظفي القطاع العام لن تكون الا على سعر صيرفة، من دون اي تعهد او ضمانة بعدم ارتفاعه الى عتبة الـ50 الفاً، مما يفقد الموظف، بالحد الادنى، ما لا يقل عن 100 دولار شهرياً. وعلى سيرة الرواتب والمساعدات التي تحول دفعة واحدة الى المصارف بدءا من يوم غد 28 شباط (آخر الشهر) للعسكريين والمدنيين والمتقاعدين في الاسلاك كافة، فان الانظار تتجه الى معاودة البنوك عملها، ولو على نحو مؤقت، لدفع الرواتب، واختبار مدى التعهد بامكان وضع حد لتصرفات ودعاوى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون ضد المصارف بتهمة مختلفة، اخطرها تهمة «تبييض الاموال»، الأمر الذي يهدد دورها كأداة وصل بين لبنان المقيم والمغترب على صعيد التحويلات المالية. اذا الجلسة الحكومية تنعقد في ظل اجواء مصرفية محفوفة بالترقب، واجواء تربوية وادارية توحي بأن الاضراب مرشح للاستمرار، وان كانت المكاتب التربوية تضغط لفك اضراب الثانويات والمتوسطيات، من أجل توفير فرصة لتلامذة المدرسة الرسمية من التقدم الى امتحانات الشهادة المتوسطة والشهادة الثانوية بفروعها الاربعة. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الجلسة ستقر اليوم بدل الانتاجية والنقل لموظفي القطاع العام وأساتذة التعليم الرسمي من دون معرفة ما اذا كانت هذه البنود قد تشكل مدخلاً لترتيب تسوية تتصل بمطالب موظفي هذه الادارة والاساتذة، ولا سيما ان الواقع المالي للدولة اللبنانية وفق الدراسات الموضوعية قد لا يسمح بالقفز فوق ارقام محددة على ان المطالبة باعتماد منصة صيرفة لرواتب الاساتذة تعد اساسية بالنسبة لهم. وتوقعت المصادر ان تمر هذه البنود بسلاسة في الجلسة من دون التطرق الى ملفات اخرى، مشيرة الى مخاوف من رفض قرارات الحكومة مما يعني مواصلة الاضراب، داعية الى انتظار ما قد يخرج عن الجلسة وردود الفعل عليها. على الصعيد السياسي، ثمة إجماع على ان لا حلول قريبة مرتقبة برغم الحديث عن مساعٍ سياسية مستجدة قد يقوم بها الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وفرنسا، لتليين المواقف والتوافق على مخارج للازمات. ومع ذلك فالحراك السياسي لم يتوقف على امل التوصل الى شيء ما، ويُرتقب ان يشهد الاسبوع الحالي والذي يليه حركة اتصالات ولقاءات جديدة حول الاستحقاق الرئاسي، وحول معالجة بعض الازمات الطارئة كإضراب المصارف والدعاوى القضائية وخفض سعر الدولار الاسود وضبط السوق ولو بحدود دنيا، وتلبية بعض المطالب النقابية. وهوما سيظهر لاحقاً في حركة الحكومة المرتقب ان تعقد جلسة لها صباح اليوم ، وفي حركة مجلس النواب سواء على صعيد هيئة مكتب المجلس التي تبحث اليوم امكانية عقد جلسة تشريعية، او اللجان النيابية التي ستواصل درس مشاريع واقتراحات القوانين الاصلاحية المرتبطة بشكل مباشر بقانون الكابيتال كونترول، مثل قانون هيكلة المصارف وإعادة تصحيح الوضع المالي للدولة... وسواها من قوانين. اما النتائج المرتقبة لهذا الحراك السياسي والحكومي والنيابي فلا يمكن التكهن بها، بل ان التشاؤم يسيطر على التوقعات من ان تنتج ايجابيات سريعة، طالما ثمة من يرفض عقد اي جلسة تشريعية للمجلس قبل انتخاب رئيس الجمهورية، برغم علمه بصعوبة إن لم يكن إستحالة ذلك في هذه الاجواء، عدا عن ان الحراك الخارجي عبر لقاءات باريس لم يتوصل الى نتيجة حاسمة او الى اي توافق على عناوين الحلول اللبنانية، وبخاصة حول انتخاب رئيس للجمهورية يكون المدخل للخطوات الاخرى المطلوبة، بغض النظر عمّن يتقدم في سباق المرشحين الذين باتوا محصورين بأسماء قليلة يجري التداول بها، منها المعروف ومنها المجهول القابع في الظل. لكن مصادر اخرى تعتبر ان الحلول قد تأتي فجأة، في حال تصاعدت الازمة المعيشية وانفلت الوضع اللبناني اكثر وتحرك الشارع بشكل يثير اضطرابات يصعب السيطرة عليها، ما قد يؤدي الى حال من الفوضى الشاملة، وهو امر لا يخدم توجهات دولية واقليمية تعتبر استقرار لبنان اولوية.

الراعي: لماذا الانتظار؟

وحذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من المس بالنظام المصرفي وأموال الشعب، وتساءل: لماذا الانتظار، مع علم الاطراف ان الانتخابات الرئاسية ستجري طال زمن الشغور، شهور او سنوات من خلال آلية الاقتراع في المجلس. واعتبر ان «المشكلة هي ان كل فريق يرفض اي تنازل لتسهيل انتخاب الرئيس لانه يظن نفسه هو الذي سينتصر من خلال «خارج الدستور» والمؤتمرات. وحين يظن الجميع ان كلهم منتصرون يعني ان كلهم مهزومون، والخاسر هو لبنان وشعبه. هناك انتصارات وهمية لها طعم الهزائم اكثر من الهزائم الفعلية. إذا استمر هذا المنطق، الخالي من روح المسؤولية ومن صوت الضمير ومن نداء الواجب الوطني، نخشى ان تطول مدة الشغور الرئاسي كما تشير غالبية المعطيات. وفي وقت علقت المصارف اضرابها لمدة اسبوع تجاوبا مع المساعي والخطوات الحكومية، جدد الرئيس نجيب ميقاتي دعوة السلطات القضائية المختصة «الى الاسراع في معالجة ما اعترى المسار القضائي من تجاوزات وشطط، تأمينا لحُسن سَير العدالة». وقال أمام زواره امس الاول السبت: ليكن واضحا للجميع، أن الموقف الذي اتخذته، عبر الكتاب الموجّه الى وزير الداخلية بسام مولوي، كان الهدف منه وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبدا حماية أحد او تأمين الغطاء لمخالفات أحد. وهذا الموقف الواضح أبلغته لوفد جمعية المصارف عندما جاءني الاسبوع الفائت لعرض أسباب الاضراب الذي نفذه القطاع المصرفي. أضاف: هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وليس حماية اي مصرفي او اي مصرف يخالف القوانين. ومن خلال ما نعمل عليه ايضا فاننا نضع اولوية أساسية قبل اي أمر آخر، وهي اعادة أموال المودعين ووقف التحايل عليهم باجراءات تخالف القوانين والنظم ذات الصلة. وقال رداً على سؤال: ليس صحيحا أننا نأخذ طرف المصارف على حساب المودع، وما نقوم به من اجراءات وخطوات بالتعاون مع مجلس النواب وصندوق النقد الدولي،هدفه الاساس اعادة حقوق الناس ضمن خطة واضحة ومبرمجة. ومن هنا، فاننا نجدد الدعوة الى وقف التشويش السياسي واقتناع الجميع بأن لا حل الا بالتعاون بين مختلف المكوّنات السياسية للنهوض بهذا الوطن. وحول تشدده في موضوع مخالفات القاضية غادة عون وتساهله مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال: هذا الكلام غير صحيح، فأنا ادعو الى تطبيق القوانين على الجميع، وليقل القضاء كلمته في كل الملفات، والقانون هو الحكم. في موضوع مصرف لبنان هناك اصول تحدد كيفية التعيين والاعفاء واتخاذ القرارات داخل المجلس المركزي للمصرف. وفي الواقع الجديد الذي استجد بموضوع الادعاء القضائي على الحاكم، هناك قواعد قانونية واضحة سيجري اتباعها حتماً. وسُئل عن موقف مجلس القضاء الاعلى المُعترض على كتابه الموجه الى وزير الداخلية؟ فقال: مع احترامي الشديد للمجلس واعضائه، على المجلس ان يقوم بدوره الكامل في معالجة الوضع القضائي لاحقاق الحق والعدالة على الجميع، ووقف الشطط والمخالفات التي تحصل والبت بالمراجعات الكثيرة التي تقدم بها متضررون. وعلى كل معترض ان يقرأ نص كتابي بحرفيته، قبل اطلاق الاعتراضات والمواقف بخلفيات سياسية.

عون تدَّعي على حواط

وكشفت القاضية عون انها ستدعي على النائب زياد حواط مشيرة الى انها سبق وادعت على اشخاص في التيار الوطني الحر. وكان حواط قال في «الأحد مع ماريو» على محطة L.B.C.I انه لا يمكن ابقاء النظام المصرفي برمته تحت رحمة مزاجية قاضية، ونحن مع التحقيق مع المصارف من قبل قضاء عادل ونزيه، مشيرا الى ان المخالفات التي تقوم بها عون في موضوع المصارف ستدمر المصارف.

جلسة سلامة والمعلومات السويسرية

قضائياً، وعشية تحديد قاضي التحقيق الاول في بيروت شربل ابو سمرا موعدا لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ملف الـ 300 مليون دولار اميركي التي يشتبه باختلاسها من المصرف المركزي.يتزامن الموعد المنتظر مع معلومات نشرتها صحيفة «زونتاغستسايتونغ» الاسبوعية السويسرية، بأن جزءاً كبيراً من مبلغ 300 الى 500 مليون دولار، يتهم حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، باختلاسه، اودع حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً. ووفق الصحيفة، فقد تم ايداع 250 مليون دولار في حساب رجا سلامة (شقيق رياض) الشخصي لدى فرع «اتش اس بي سي» في جنيف. واودعت مبالغ اخرى في «يو بي اس» و»كريدي سويس» و»جوليوس باير» و»اي اف جي» و»بيكتيت» وفقاً للصحيفة. وتجري السلطة الضابطة لاسواق المال (فينما) تحقيقات اولية «منذ عدة اشهر» مع 12 مصرفاً سويسرياً. يذكر ان القضاء اللبناني طلب مساعدة من النائب العام السويسري في التحقيقات حول حركة اموال تفوق 320 مليون يتهم سلامة وشقيقه رجا بالضلوع بها.

عكار تتجاوز قطوع الفتنة

وتمكن الشمال وعكار وعموم المسلمين من احتواء الجريمة البشعة والمخيفة التي ادت الى مقتل الشيخ احمد الرفاعي بعد كشف خيوط الجريمة وتوقيف المتورطين، ولعب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان دوراً حاسماً في تهدئة الخواطر وإفساح المجال امام العمل الجاد لقوى الامن، ولا سيما فرع المعلومات لكشف الجناة، وهذا ما حصل، مما افسح في المجال لمعالجة هادئة وموضوعية للوضع الخطير، الذي اعقب عملية الاختطاف ثم الاغتيال.

قضية الشيخ الرفاعي

عُثر فجر امس، على جثة الشيخ أحمد الرفاعي مدفونة على عمق 3 أمتار تحت كومة من التراب بالقرب من مكان ترمى فيه النفايات في منطقة تقع فوق عيون السمك وقريبة من بلدة القرقف ، وتردد ايضا ان الجثة كانت مدفونة تحت شلال النهر البارد. ونحو الثالثة والربع فجراً ، سحبت القوى الأمنية الجثة بعد استقدام جرافة للمساعدة في الحفر، وعملت فرق الإسعاف على نقلها إلى المستشفى الحكومي. وقبيل تشييع الشيخ الراحل الرفاعي عصرا في بلدته وسط حشد شعبي كبير، أصدرت عائلته الرفاعي بياناً، نعته فيه وناشدت الجميع عدم إطلاق الرصاص كي لا يتعرّض أي أحدٍ لأذى. كذلك، فقد دعت العائلة الجميع إلى التحلّي بروح الصبر وعدم الإنجرار وراء الفتنة وردات الفعل الجاهلية، شاكرة المسؤولين والقوى الأمنية على جهودهم في كشف الحقيقة وتوقيف الجناة والفاعلين. وكانت المعلومات قد افادت عن تمكّن شعبة المعلومات من كشف كافة ملابسات القضية بالاستناد على معطيين أساسيين:

الاول: تتبع حركة الاتصالات وتنقل هاتف الضحية منذ خروجه منذ منزله في بلدة القرقف حيث رُصد هاتفه بداية في مستشفى حلبا بعد تقديمه مساعدة مالية لأحد المرضى، لينتقل بعدها إلى مسجد البركة في البداوي حيث أدى صلاة المغرب لينتقل بعدها الى شارع الميناء في طرابلس خلف مبنى الجامعة العربية في تمام الساعة 6:40 مساء ثم تكون الوجهة التالية منطقة البحصاص عند مدخل مدينة طرابلس في تمام الساعة 6:45 مساء، قبل الانتقال الى منطقة رأس مسقا في الكورة وتحديداً عند وادي هاب الذي يصل الكورة بمنطقة أبي سمراء.

والثاني: العثور على قناع وقفازات يد عليها اثار دماء خلف الجامعة العربية واكتشاف مصدرها.

بناء على هذين المعطيين تحرّكت القوة الضاربة في فرع المعلومات باتجاه بلدة القرقف منتصف ليل الجمعة، حيث داهمت منزل رئيس البلدية الشيخ يحيى الرفاعي، وأوقفته هو وابنه محمد وابن شقيقه عبد الكريم محمد الرفاعي. ثم تمكّن فرع المعلومات من توقيف نجل يحيى الرفاعي المدعو علي في بلدة ببنين، حيث تمّ نقل الجميع للتحقيق، فأفرج مساء عن رئيس البلدية قبل أن يعود ويتم توقيفه صباح السبت. خلال التحقيقات اعترف علي الرفاعي بقيامه بقتل الشيخ أحمد بمعاونة ابن عمه عبد الكريم، لتتواصل معهم التحقيقات لمعرفة مكان الجثة، وهو ما استلزم بعض الوقت خاصة مع محاولة علي عرقلة التحقيق بداية عبر الارشاد الى مكان سيارة الشيخ أحمد، والتي وجدت قرب مستشفى هيكل في الكورة، ثم عبر محاولة التراجع عن افادته صباح السبت ليعود بعد ذلك الى الاقرار بكافة التفاصيل، ومنها مكان وجود الجثة في عيون السمك، وهو أمرٌ نفته مصادر أخرى، مشيرة إلى أنّ الجثة تمّ رميها بالقرب من مخيم نهر البارد. وامس، أعلنت الشعبة عن توقيف جميع المتورطين، وعددهم 5 أشخاص، جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار في ما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف الشيخ (ي. ر.) ونجله (ع. ر.) بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ نحو الشهر، بعدها تمت الاستعانة بـ3 أشقاء من أقاربهما، وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف. وتبيّن أن باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم اخلاء سبيلهم بناء على اشارة القضاء المختص. وبعد تفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات نوع (إي أن إي)، تمت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص، وفق ما أفادت قوى الأمن الداخلي. وترددت معلومات امس، أن إمرأة إستدرجت المغدور الشيخ أحمد الرفاعي، حيث قامت بالاتصال به طلباً لمساعدة اجتماعية ملحّة وطارئة، محدّدة له الشارع الخلفي لمبنى الجامعة العربية على أوتوستراد الميناء مكاناً للقائه كي يسلّمها المساعدة المطلوبة، وعندما حضر كان علي وعبد الكريم الرفاعي وشخص ثالث بانتظاره، فانهالوا عليه بالضرب وقاموا بتكبيله ونقله بسيارته إلى رأسمسقا في الكورة، حيث أطلقوا عليه النار ففارق الحياة، وبعدئذ وضعوا سيارته بالقرب من مستشفى "الهيكلية”، فيما نقلوا الجثة الى منطقة "القيطع الميتة” في قضاء عكار بمساعدة آخرين. وبناء على هذه الاعترافات التي قدمها رئيس بلدية القرقف يحيى الرفاعي، عمدت شعبة المعلومات إلى توقيف كلّ المشاركين في الجريمة، سواء المرأة التي استدرجته بالاتصال الهاتفي أو من ساعدوا على نقل الجثّة وإخفائها. هذا وكانت قد حصلت مخابرات الجيش اللبناني على تسجيل بصوت الشيخ أحمد الرفاعي، يذكر فيه أن تهديدات بالقتل قد وُجهت اليه من بعض الموقوفين قبل أيام من الجريمة.

حذّر من المسّ بأموال الشعب والنظام المصرفي

الراعي: البرص السياسي يشوّه كرامة السلطة ويشكّل خطراً على كيان الدولة

نداء الوطن...المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام.... ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان سمير مظلوم وحنا علوان، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان - حريصا الأب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي عماد الأشقر، المدير العام في مجلس النواب هادي عفيف، رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي بيار فرنسيس، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، جامعة آل حنين في لبنان والمهجر برئاسة مرسال حنين، وفد من اساتذة الجامعة اللبنانية الحاليين والمتقاعدين، وفد من روابط التعليم الرسمي الثانوي والمهني الأساسي، مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية برئاسة الدكتور الياس صفير، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك، وحشد من الفاعليات والمؤمنين. بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة قداس "أحد الابرص" بعنوان "اذا شئت، فأنت قادر ان تطهرني"، وقال فيها: "ذاك الأبرص المحكوم عليه من شريعة موسى أن يعيش في البريّة بعيداً عن الناس لكي لا يلمسه أحد ولا ينقل العدوى إليهم من جسمه الذي تتآكله القروح وتشوّهه (راجع أحبار 13: 11 و 45-46)، تجاسر وتعدّى الشريعة، وأتى إلى يسوع المحاط بالجموع، وجثى أمامه وسأله بكلّ تواضع وإيمان: "إذا شئت، فأنت قادرٌ أن تطهّرني" (مر 1: 40). فلمسه يسوع متحدّياً الشريعة، وقال له: "لقد شئت فاطهر!" فزال برصه للحال (مر 1: 40). لم تنتقل عدوى البرص إلى يسوع، بل انتقلت منه إلى الأبرص نعمة الشفاء. بتحدّي الأبرص شريعة موسى، آتيا إلى يسوع بين الجمع، وبتحدّي يسوع لها بلمسه، انكشف معنى كلمة الربّ في مناسبة أخرى: "السبت للإنسان، لا الإنسان للسبت" (مر 2: 27)، ليقول اليوم: "الشريعة للإنسان، لا الإنسان للشريعة"!. .... واضاف: "يسعدنا أن نحتفل معاً بهذه الليتورجيا الإلهيّة، فيما الكنيسة تتأمّل بآية شفاء الأبرص وبرموزه الروحيّة وأبعادها في حياتنا. ويطيب لي أن أرحّب بكم جميعًا موجّهاً تحيّةً خاصّة مع دعاء ونداء إلى كلٍّ من: جامعة آل حنين في لبنان والمهجر. فنرحب برئيسها الأستاذ مرسال حنين، وبأعضائها الحاضرين. لقد تأسست هذه الرابطة العائلية في اوائل تسعينات القرن الماضي لتحتضن أبناءها في لبنان وبلدان الإنتشار، ولتوحّد جهودهم في سبيل خدمة المحبة والرعاية الإجتماعية، تجاه المحتاجين من مرضى وطلاب وأيتام وأرامل. إنها تجسد تعليم الكنيسة الإجتماعي وتترجمه بالأفعال". وتابع الراعي: "ونرحّب بالوفد من أساتذة الجامعة اللبنانيّة المتقاعدين لبلوغهم السنّ القانونيّة وهم 18 دكتوراً لم يتمّ إدخالهم في الملاك خلافاً لما ينصّ عليه القانون 278 الصادر عن مجلس النواب في 7 آذار 2022. وها هم من دون راتب شهريّ تقاعديّ ومن دون تغطية صحيّة منذ خمس سنوات. إنّهم يطالبون مجلس الوزراء بإنصافهم وتنفيذ قانون مجلس النوّاب المذكور. الوفد الآخر من أساتذة الجامعة مطالبين بتعيينهم متفرّغين في الجامعة بحكم القانون المذكور. الوفد من روابط التعليم الرسميّ الثانويّ والمهنيّ والأساسيّ التي تضمّ أكثر من 40000 معلّم وأستاذ وتحتضن أكثر من 350000 تلميذ، طالبوا ويطلبون الحكومة ووزارة التربية، لكي يستطيعوا العيش والعودة إلى عملهم التربويّ لأجيالنا الطالعة، بأمرين:

الأوّل، تأمين الإستشفاء والطبابة لكي يعيشوا بأمن صحّي وسلام بعيداً عن العوز والوقوف أمام المستشفيات بمذلّة.

الثاني، إعتماد منصّة صيرفة خاصّة بالمعلّمين على سعر محدّد وثابت، لكي يحارب المعلّم الدولار وغلاء الأسعار الفاحش.

فلا يمكن أن تتغفّل الحكومة ووزارة التربية عن الخسارة الجسيمة التي تلحق بطلّاب التعليم الرسميّ، تعليمًا وتربيةً، والمدارس مقفلة منذ ما يقارب الأربعين يوماً بسبب إضراب المعلّمين". وأضاف: "آلمنا جدًّا حادث السير المروّع الذي أودى بحياة ثلاثة طلّاب من جامعة البلمند قرب نفق حامات. والضحايا هم ميريلّا عزّ الدين، وداريا مكتبي، ومحمّد رحّال، مع جريحين بإصابة خطرة. إنّنا نصلّي لراحة نفوس الضحايا، وعزاء أهلهم، وشفاء الجريحين. ونأمل أن توقف القوى الأمنية الجاني مع انزال أقسى عقوبة به. كما آلمنا أيضاً اختطاف واغتيال الشيخ أحمد الرفاعي، رغم سهر الأجهزة الأمنيّة عليه. إنّنا نصلّي لراحة نفسه، ونعزّي عائلته ودار الإفتاء. فلا يمكن متابعة العيش في هذا الجوّ من الفلتان الأمنيّ". وتابع: "البرص الخلقيّ يطال كرامة الشخص البشريّ بعاداته وأفعاله المنحرفة، وبتحجّر ضميره وقلبه، بالسرقة، والرشوة، والغشّ في التجارة، ورفع الأسعار بغية جني الأرباح، واستلاب أموال الدولة بشتّى الطرق، والتزوير في تأدية الضرائب والسندات والبيانات الماليّة". واعتبر الراعي اننا سياسيّاً "نشهد برصًا يشوّه كرامة السلطة السياسيّة، فتنحرف عن مبرّر وجودها، أي خدمة الخير العامّ الذي يؤدّي إلى خير كلّ إنسان وكلّ الانسان. هذا البرص يتآكل روح المسؤوليّة والضمير، ويصل بالمواطنين إلى أوخم النتائج: إلى العوز الاقتصاديّ والبؤس الاجتماعيّ، وإلى امتهان كرامتهم وقهرهم بحرمانهم حقوقهم. إنّ البرص السياسيّ عندنا في لبنان يصبح أكثر فأكثر خطراً على الهويّة اللبنانيّة والكيان، والسبب الأساسيّ هو ضرب رأس الدولة برفض المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهوريّة ضنًّا بالمصالح الفرديّة والفئويّة، وحفاظاً على مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليميّةِ والدولية. فلا يأتي الرئيس الجديد تعبيراً عن إرادةِ الشعب اللبناني، إنما تعبيراً عن مشاريعَ متناثرةٍ في الشرقِ الأوسط الذي لا يَعرف أحدٌ حقيقتَها وأين ستستقِرّ رغم جميع المفاوضاتِ بشأنه منذ ثلاثين سنة. هذا هو الخطر الكبير على مصير الأمّةِ اللبنانيّة ودولةِ لبنان. ونأمل أن تُثمُرَ المفاوضاتُ الجاريةُ في هذه الأثناء بين أصدقاءِ لبنان عن حلٍّ يأخذُ مصلحةَ لبنان بشكلٍّ مستقلٍ عن تسوياتِ الشرق الأوسط". وسأل: "لماذا يسعى الأطرافُ اللبنانيّون إلى آليّات غيرِ دستوريّةٍ وغيرِ لبنانيّةٍ طالما لدينا آليةٌ دستوريّةٌ تُغنينا عن أبحاثٍ لا طائلَ منها؟ فمهما طالَ زمنُ الشغورِ الرئاسي، شهورًا أو سنواتٍ، لا بد من أن تجري العمليّةِ الانتخابيّةِ لرئاسةِ الجُمهوريّة من خلال آليّةِ الاقتراع في المجلس النيابي. فلماذا الانتظار؟ المشكلةُ هي أنَّ كلَّ فريقٍ يَرفض أيَّ تنازلٍ لتسهيلِ انتخابِ الرئيس لأنه يَظنُّ نفسَه هو الذي سينتصرُ من خلال "خارج الدستور" والمؤتمرات. وحين يَظنُّ الجميعُ أنَّ كلَّهم منتصرون يَعني أنَّ كلَّهم مهزومون، والخاسرُ هو لبنان وشعبه. هناك انتصاراتُ وهميّةٌ لها طعمُ الهزائمِ أكثر من الهزائم الفعليّةِ. إذا استمر هذا المنطقِ، الخالي من روحِ المسؤوليّةِ ومن صوتِ الضميرِ ومن نداءِ الواجبِ الوطنيِّ، نخشى أن تطولَ مدّةُ الشغورِ الرئاسي كما تُشير غالِبيّةُ المعطيات. إنّ المجتمعاتِ الدوليّةِ تعجب من الوضعِ اللبناني. فهي ترى شعباً قويّاً مثقّفاً قد وَضعَ أوَّل نظامٍ ديمقراطي منذ مئة سنة، وانتخب أوّلَ رئيسٍ للجُمهوريّةِ في الشرق، ويعيدُ اليومَ بناءَ ذاته من دونِ دولة. إنّ الجماعة السياسيّةَ ليست لهذا الشعبِ الحيِّ ولهذا النظامِ الديمقراطيِّ، بل إنّ هذين الشعب والنظام ليسا لهذه الجماعة". وقال: "هناك وجه آخر من البرص السياسيّ بادٍ في طريقة معالجة موضوعي المصارف والمودِعين في ظلِّ الصراعات الشخصيِّة والسياسيّة التي تنذر بنتائجَ عكسيّةٍ تُطيحُ بالأخضرِ واليابسِ في نظامِ المصارف وتَقضي على سُمعةِ لبنان النقديّةِ الخارجيّة، فيصبح لبنان دولةً خارجَ النظامِ الماليِّ العالمي، وحينها لا فائدةَ من أيِّ علاج. فالشعوبيّةُ والحِقدُ أخطرُ سلاحين في وضعِنا الماليِّ الحالي. لذلك نُحذِّرُ مِن المسِ من جهةٍ بأموالِ الشعب، ومن جهة أخرى بالنظامِ المصرفي اللبناني، لاسيّما مصرفِ لبنان المركزيّ الذي هو الرابط بين لبنان والنظام المالي الدوليّ. إنَّ موضوعًا بهذه الأهميّةِ لا يُعالج بمثلِ هذه الظروف حيث لا يُعرفُ الخيطُ القضائيُّ من الخيطِ السياسيِّ ومن الخيطِّ الشخصي". وختم الراعي: "البرص الإجتماعيّ بادٍ كذلك في الأزمة الاجتماعية والمعيشية والطبيّة، إنَّ غالِبيّةَ الموادّ التي يُدّعى أنها مفقودة ويُعمَلُ على استيرادها، موجودة في لبنان وقيدَ الحجز لدى العديد من المستوردين ولا يوزعوها على الأسواق إلا مع رفعِ الدعم عنها وارتفاعِ سعر الدولار. لذلك ننتظر تحرّكًا سريعاً من أجهزة الدولة لأن هناك أناساً يموتون، بكل معنى الكلمة، بسبب حجب هذه الموادّ عنهم، وبخاصةٍ المواد الطبيّة. فهل الضميرُ مفقودٌ لدى جميعِ المعنيّين بكلِّ قطاعاتِ الحياة في لبنان؟ كم نحن والجميع بحاجة لإدراك البرص الذّي يصيبنا، ونذهب يإيمان ذاك الأبرص إلى يسوع، ونقول له بتواضع: "إن شئت، فأنت قادرٌ أن تطهّرني" (مر 1: 40). لله كلّ مجد وشكر وتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين".

هواجس مسيحيّي لبنان تتفاقم في ظل الشغور الرئاسي

استياء عارم من تقرير تحدث عن تراجع نسبتهم إلى 19.4 %

الشرق الاوسط...بيروت: بولا أسطيح... أثار تعليق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على تقرير، قيل إن البطريركية المارونية قد تلقته عن أعداد المسيحيين في لبنان، موجة من ردود الفعل، في ظل خشية من تداعيات الفراغ في الموقع المسيحي الأول في البلاد، أي منصب رئيس الجمهورية. ورغم أن اتفاق «الطائف» أو ما يُعرف أيضاً بـ«وثيقة الوفاق الوطني اللبناني»، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان عام 1989، نصّ بوضوح على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس النواب ووظائف الفئة الأولى، فإن المسيحيين يخشون باستمرار على دورهم ومصيرهم في البلد، مع تراجع أعدادهم نتيجة هجرة قسم كبير منهم، كما أبناء الطوائف الأخرى، مع اندلاع الأزمة المالية عام 2019، وبعدها انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى دمار العاصمة، صيف العام 2020. وأطل ميقاتي قبل 5 أيام في مقابلة تلفزيونية طويلة، سئل فيها عن أمور كثيرة، ومنها السؤال الآتي؛ ثمة قضية مهمة، وهي أن لدى البطريركية المارونية تقريراً، فهمت أن جزءاً منه وصلك، يفيد بأن إحصاءً موثوقاً كشف أن المسيحيين الذين كانوا يشكلون 23 في المائة من سكان لبنان قبل انفجار المرفأ باتوا يشكلون حالياً ما نسبته 19.4 في المائة، هل هذا صحيح؟ فأجاب ميقاتي: «إذا كان هذا الإحصاء صحيحاً فإنه أمر مؤسف جداً. ولكن أنا لا أقول إن المسيحي وحده يغادر (لبنان) بل كل شخص تتوافر له فرصة للمغادرة يغادر في هذا الوضع الصعب. أما بالنسبة إلى المسيحيين فأنا أؤكد أننا متمسكون بالعيش الواحد وبوحدة الوطن». وسئل؛ لكن قيل إن البطريركية أرسلت لك التقرير، هل هذا صحيح؟ أجاب: «نعم وصل التقرير. لكن هل هو مؤكد؟ أكيد لا. لكنني بعد قراءته وقراءة تقارير عن واقع المسيحيين في الأردن وسوريا ومصر، ولاحظت تغيراً ديموغرافياً، فطلبت موعداً من البابا وحدد لي لقاء الشهر المقبل، وسأذهب إليه وأشرح له هذا الواقع، الواقع المسيحي في الشرق كله. لا أتدخل في شؤون غيري، لكن هذا جرس إنذار، وأتمنى أن يكون غلطاً، وواجب علينا جميعاً أن نتمسك بالوجود المسيحي»، مشيراً إلى أنه سيبحث أيضاً تعثر الانتخابات الرئاسية التي كرر الدعوة لإجرائها مرات كثيرة لـ«تستقيم الأمور في البلد». ولفت ميقاتي إلى أنه أيضاً سيلتقي البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناقشة الأمر قبل سفره إلى الفاتيكان. وسارعت البطريركية المارونية، في بيان، إلى استغراب «إثارة الموضوع المتعلق بالعدد في لبنان، طالما أنه قد تم تجاوزه في متن الدستور، وبإجماع اللبنانيين على قاعدة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين»، معتبرة أن «ما يثير الاستغراب أكثر وأكثر هو توقيت هذا الكلام وطرح هذه المسألة الوطنية في هذه المرحلة التي تقتضي مزيداً من الالتزام بموجبات الدستور والميثاق الوطني، على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين». وأكد البيان أن «البطريركية المارونية تلتقي مع الرئيس ميقاتي حول التشكيك بصحة هذا التقرير، وتؤكد أن أعداد المسيحيين في لبنان هي أكبر من النسبة المغلوطة التي نسبت إلى التقرير المزعوم». ورغم ذلك، لم يمر كلام ميقاتي مرور الكرام، بل وظّف في السجال السياسي، إذ تساءلت «المؤسسة المارونية للانتشار» عن «سبب اهتمام ميقاتي بعدد المسيحيين بدلاً من أن يصبّ جهوده على الأمور التي تخفف من نزيف الهجرة، الذي طال جميع اللبنانيين، ولا سيما بؤر البؤس، حيث يدفع الناس أموالاً طائلة لركوب زوارق الموت». من جهتها، نفت شركة «الدولية للمعلومات» علاقتها بالتقرير الذي كان سبب السجال، وأشارت إلى أن نسبة مسيحيي لبنان تتجاوز 30 في المائة، وليست 19.4 في المائة، وذلك بالاستناد إلى عدد الناخبين المسجلين في انتخابات عام 2022. وقدرت الشركة النسبة الصحيحة بأنها قريبة من نسبة المسيحيين الذين اقترعوا في انتخابات 2022، والتي بلغت 31.9 في المائة. ولا ينفي رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم أن يكون «عدد المسيحيين تقلص فعلاً منذ بدء الحرب في لبنان، في العام 1975، ولكن ذلك لا يعني أن عددهم قد تناقص إلى الحد الذي تحدث عنه التقرير الذي استند إليه الرئيس نجيب ميقاتي خلال إطلالته التلفزيونية الأخيرة»، لافتاً إلى أن «مرسوم التجنيس الصادر في العام 1994 الذي طعنت فيه الرابطة المارونية أمام القضاء المختص في حينه، هو الذي شكل الخطر الأكبر، والأكثر تأثيراً على ديموغرافية لبنان، وضرب التوازن النسبي الذي كان قائماً في تلك الفترة». ويشير كرم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الشغور في سدة رئاسة الجمهورية المترافق مع شلل مؤسسات الدولة، أو معظمها، يدفعنا إلى طرح علامات استفهام كثيرة، خصوصاً أن ثمة نغمة في بعض الأوساط أن المواقع التي يشغلها المسيحيون لا تتناسب مع واقع عددهم الحالي». ويلفت كرم إلى أنه «بعد انفجار مرفأ بيروت شهد لبنان موجة هجرة كثيفة، ليس من المسيحيين فحسب، بل سائر المكونات اللبنانية. ولو أن المسيحيين مثلوا الشريحة الكبرى»، موضحاً أن «الكنائس المسيحية التي تتبع التقويمين الشرقي والغربي تستشعر هذا الخطر منذ وقت طويل، وتسعى للتصدي له، وكذلك الهيئات المارونية المدنية كالرابطة المارونية. ومع أن هذا الملف هو ملف وطني لا ينحصر بطائفة، فإن المسيحيين هم الأكثر تأثراً به، لذلك يحتاج إلى استراتيجية وطنية متكاملة، وحسن قراءة للواقع، من أفق وطني، لا طائفي، ولا فئوي، لأن لبنان من دون الوجود المسيحي القوي والفاعل، لن تكتب له الحياة، وسيكون على هامش الأوطان بعد سقوط نموذجه الإنساني في الحوار الحضاري». ويؤكد كرم أن «الفرقاء المسيحيين لم يطالبوا بالخروج من اتفاق الطائف»، و«يريدون أن يعيد الجميع قراءته بتمعنٍ، وأن يطبق نصاً وروحاً، لاكتشاف ما يعتوره من نقاط ملتبسة، وتلمس الثغر، ومن ثم الاتفاق على النقاط التي ينبغي تعديلها من أجل أن تتوازن السلطات وتزال الالتباسات». ولفت مؤخراً خروج القيادات المسيحية بوقت واحد لانتقاد الوضعية الحالية والمطالبة بتغييرها. ففيما اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه من الضروري «إعادة النظر بالتركيبة اللبنانية إذا تمكن (حزب الله) من الإتيان برئيس كما يريد»، أطلق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مواقف عالية النبرة اعتراضاً على تغطية «حزب الله» جلسات مجلس الوزراء، التي يعتبرها غير دستورية وغير شرعية، في ظل شغور سدة الرئاسة، وأبرزها قوله: «مش ماشي الحال أبداً، ويجب البدء جدياً باللامركزية الموسعة، إن لم يكن بالقانون بعد 30 سنة من الطائف، نبدأها على الأرض».

كل فترة أرقام حمّالة أوجه تَرْفع منسوبَ التوتر السياسي

عدد المسيحيين في لبنان.. رقم سرّي!

بيروت - «الراي»:.... تُطْلقُ وزارة الداخلية كل عام القوائمَ الانتخابية، أي أسماء اللبنانيين الذين بَلَغوا السنّ القانونية للاقتراع في الانتخابات البلدية والنيابية. تُصحّح هذه اللوائح بعد تدقيقِ اللبنانيين بأسمائهم المنشورة عبر الموقع الالكتروني، لتصبح رسميةً ومعروفة باسم قوائم الناخبين. وتشكّل هذه القوائم اللبنةَ الأساسية التي يمكن الاستنادُ إليها جدياً حول عدد اللبنانيين وتَوَزُّعِهم على المَذاهب والطوائف. وهي التي تكوّن القاعدةَ العلمية التي ينطلق منها الباحثون الانتخابيون في قراءة أرقام ونتائج الانتخابات النيابية وتصويت الناخبين. ولأن الأرقامَ رسميةٌ وصادرة عن وزارة الداخلية، وفي غياب أي إحصاء رسمي لعدد سكان لبنان، يتحوّل الرقمُ الذي تعتمده الوزارةُ المرجعَ الموثوق الذي يمكن على أساسه الكلام عن نِسَب المسيحيين والمسلمين. وفق قوائم الناخبين لعام 2022 التي اعتُمدت في الانتخابات النيابية (في مايو الماضي) يَتَبَيَّنَ أن نسبة المسيحيين هي 34.42 في المئة من عدد سكان لبنان (فوق 21 سنة). وهذه هي النسبة الرسمية، وما عدا ذلك هو رقم مشكوك في صحته تماماً. لا شك في أن السجالَ الذي دار بعد حلقةٍ تلفزيونية أطلّ فيها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وسئل فيها عن تقريرٍ حول نسبة المسيحيين في لبنان وأنها تبلغ 19 في المئة، أثارت ردوداً سياسية وأيضاً من بكركي والمؤسسة المارونية للانتشار رافضةً التداول بأعداد مغلوطة، وسط توضيحاتٍ من باحثين ومن مَراكز وجِهات مختصة تعمل دورياً على درس الأعداد الصادرة عن وزارة الداخلية لنفي الرقم الذي قيل عن نسبة الـ 19 في المئة. لكن السجال في خلفيته ليس سجالاً عِلْمياً، بقدر ما أنه سياسي يُخْفي في طياته الخوفَ الدائم من استخدام سلاح العدد في التوازن القائم سياسياً بين المسيحيين والمسلمين كما ينص الدستور اللبناني. ليست المرة الأولى يثار فيها نقاشٌ حول عدد المسيحيين في لبنان وانخفاض نسبتهم، وهو أمرٌ تعترف به المؤسساتُ الكَنَسية ومَراكز الأبحاث التي تعمل على تظهير هذه النِسَب وتَوَزُّعِ المسيحيين في لبنان. وهي ليست المرة الأولى كذلك يتم فيها تَناوُل أسباب انحفاض عدد المسيحيين من زاويةٍ سياسية بحتة. لكن هناك منحى دائم لخفْض نِسَب الوجود المسيحي كما تخفيف أهمية الأسباب التي أدت الى تَقَلُّص أعداد المسيحيين، ليس بسبب الهجرة فحسب، وهو أمر تعانيه كافة المجتمعات المسيحية في دول الشرق الأوسط وَسبَقَ للفاتيكان والمرجعيات الدينية في المنطقة أن حذرت منه. لكن في لبنان أسباباً أخرى سياسية وأمنية واجتماعية تضاف إلى كل العوامل التي يتساوى فيها المسيحيون في منطقةٍ ينخفض فيها وجودُهم تدريجاً. كرّس اتفاق الطائف المناصفةَ بين المسيحيين والمسلمين، ولا سيما في الوظائف الأولى، في وقتٍ حافَظَ لبنان عُرْفاً على التوزّع الطائفي والمذهبي للرئاسات الثلاث كما وظائف الفئة الأولى ومناصب أساسية في المؤسسات العامة. لكن بعد سوء استخدام اتفاق الطائف وتَعَرُّض القيادات المسيحية إما للسجن أو النفي، وما لَحِقَ بالقاعدة المسيحية من اضطهادٍ، تَبَدَّلَتْ الكثيرُ من المعطيات المتعلّقة بالوجود المسيحي في لبنان، وهذا له تبريرات علمية وسياسية معاً. انطلقتْ أولى مقاربات عدد المسيحيين في تصريحٍ لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في إشارة طَمْأَنَةٍ لبكركي بعبارة «أوقفنا العدّ» التي عاد وكرّرها الرئيس سعد الحريري، بمعنى الالتزام بالمناصفة بحسب الدستور بغض النظر عن الأعداد. لكن العبارة في ذاتها اعتُبرت مسيحياً أنها إشارة إلى أن العدد في تَناقُصٍ، الأمر الذي يتحوّل عند أي احتدامٍ سياسي إلى التذكير به. وهو الأمر الذي أَوْجَدَ سجالاً بين الحريري الابن والوزير السابق سليم جريصاتي إبان عهد الرئيس ميشال عون (في 2021 ) الذي ردّ على الحريري، الذي كان يتحدّث في إطار تَمَسُّكِه بالمناصفة، «أن ضمانةً من هذا النوع هي من الميثاق والدستور، أي من الصيغة التي وُجدت جذورها سنة 1920 عند إنشاء لبنان الكبير، وتَكَرَّسَتْ في دستور 1926 وبعد الاستقلال عام 1943 وفي اتفاق الطائف الذي نصّ على المناصفة. وليس لأحد أن يمنّن النصارى بأنه ضمانتهم، وضمانة وجودهم ودورهم». في المقابل، مع تنامي دور «حزب الله» في المعادلة السياسية بعد عام 2005، طُرح مجدداً عدد المسيحيين في لبنان من زاوية طرح المثالثة في الحُكْم، أي بمعنى إعادة توزيع الحُكْم ليس مناصفةً بين المسيحيين والمسلمين إنما من خلال تَقاسُم الحصص بين المسيحيين والسنّة والشيعة، وبهذا إشارة إلى صعود القوة الشيعية وتقزيم الدور المسيحي الى الثلث في معادلةِ المسلمين والمسيحيين. نفى «حزب الله» مراراً أن يكون يهدف إلى المثالثة وتعديل اتفاق الطائف، لكن واقعَ الحال أن القوة الشيعية فرضت إيقاعَها على الحياة السياسية. وما المشكلة التي أثارتْها وتَمَسُّكُها بالتوقيع الشيعي على المراسيم أي توقيع وزير المال، إلى جانب توقيعيْ رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني، وحصْر وزارة المال بالشيعة، سوى أحد نماذج المثالثة بطريقة مقنَّعة. لكن المعضلةَ الأساسية تبقى قائمةً في أن انخفاض عدد المسيحيين أمرٌ مثبت في بلدٍ كانوا يشكّلون فيه الأكثرية عند تأسيس لبنان الكبير عام 1920. ولهذا الانخفاض أسباب موضوعية توافرتْ على مدى سنوات الحرب وما بعدها. لكن مقاربة هذا الملف لا تزال غير عِلْمية، نتيجة ارتفاع مستوى الحساسيات بين المكوّنات اللبنانية. ولذلك يتحول أي كلام عن أرقام وأعداد هذه المكوّنات مُناسَبَةً لزيادة منسوب التوتر ومراجعة العلاقات الداخلية، حتى لو أقرّ الجميعُ بخطأ الأرقام المُتداوَلة.

مساعي الخارج يحرّكها تهديد نصر الله بعد فشل لقاء باريس: وقائع من الحصار الأميركي

الاخبار..ابراهيم الأمين ... فشلت محاولات إحياء الحراك في وجه حزب الله حصراً في الذكرى السنوية الاولى لانفجار المرفأ

في آب 2021، في ذكرى مرور عام على تفجير مرفأ بيروت، فشلت محاولة جادّة للولايات المتحدة وعواصم غربية وعربية لإعادة إشعال الحراك الشعبي، لكن في مواجهة حزب الله حصراً. يومها، خُطّط لكثير من الفعاليات والاحتفالات ولاحتجاجات لاحقة تصبّ غضبها على الحزب وتحمّله مسؤولية التفجير وخراب لبنان. في الرابع من آب 2021، كانت السفارة الأميركية في بيروت تنتظر نتائج البرنامج الذي أُعدّ بالتعاون مع عدد كبير من الجمعيات غير الحكومية والتجمّعات والأطر السياسية التي ولدت على هامش حراك 17 تشرين 2019. لكن العودة الى أرشيف ذلك العام تعيدنا الى الصدمة الكبيرة التي واجهت الأميركيين ومعهم دول أوروبية بارزة وعواصم عربية، نتيجة أمرين:

الأول، أن إحياء الذكرى جُعل حصراً للمسيحيين، ولم يتم إشراك مؤسسات دينية إسلامية في المناسبة.

الثاني، فشل كل حلفاء أميركا في حشد أكثر من ثلاثة آلاف مواطن حضروا لساعات، ثم غادروا الساحات والطرقات وكأنّ شيئاً لم يكن.

عقب المناسبة مباشرة، طلبت السفيرة الأميركية دوروثي شيا من مساعديها استدعاء ممثّلي هذه الجمعيات الى مكتبها. وقامت بعملية توبيخ شهيرة لـ 16 منهم على الأقل، قبل أن تبلغهم أن الرقابة على أعمالهم صارت مسبقة جراء فشلهم، لكنها أكّدت لهم أن المعركة يجب أن تبقى مفتوحة في وجه حزب الله، وأن كل الضغوط على لبنان هدفها تحميل حزب الله المسؤولية، وتخيير الشعب اللبناني بين الخراب والجوع وبين التخلّص من المقاومة وسلاحها. لم يكن الإحباط الأميركي سبباً وراء وصول الرئيس إيمانويل ماكرون الى لبنان، وإطلاق برنامج عمل مكثّف قال الفرنسيون إنه منسّق تماماً مع الأميركيين، وبصورة أقلّ مع السعوديين. ومع انطلاق المحاولة الفرنسية القائمة على «التعامل بواقعية مع عناصر الأزمة اللبنانية»، كان الأميركيون يواصلون برنامجهم الهادف الى مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية والمعنوية على لبنان ومؤسساته. وحتى موعد الانتخابات النيابية، جهد الأميركيون، مع السعودية، لتنظيم جبهة تحصل على غالبية نيابية واضحة في البرلمان تسمح بتشكيل حكومة مختلفة، ثم انتخاب رئيس جديد للبلاد لا يحظى برضى حزب الله. وكان الأميركيون يمارسون كل الضغوط لعزل المقاومة، وعملوا من دون توقف على فك تحالفها مع التيار الوطني الحر، كما رفعوا من سقف السجال مع آخرين مثل وليد جنبلاط وقيادات قريبة من سعد الحريري، وأنفقوا مع السعوديين والإماراتيين مبالغ لا بأس بها لتعزيز الخطاب الخاص بهم إعلامياً، حتى باتوا يسيطرون على القسم الأكبر من المؤسسات الإعلامية بكلّ صنوفها، وساد خطاب شيطنة المقاومة وإلصاق كل موبقات الذين تعاقبوا على الحكم والقوى الحليفة لأميركا بالحزب. وكان الهاجس عندهم أن يسقطوا من وعي الناس أن هناك حصاراً أو ضغطاً أميركياً مباشراً على لبنان. وحتى عندما أحرجتهم المقاومة بقرارها الإتيان بالمازوت من إيران، عمدوا الى أبشع عملية احتيال سوّق لها كل عملائهم من سياسيين وإعلاميين ورجال دين، وأوهموا الجميع بأن المساعدات النفطية ستصل قريباً الى لبنان، من دون أن يلمس أحد شيئاً على الأرض. إلا أن الاستراتيجية الأميركيةاستمرت على حالها، على أساس أن الضغط الاقتصادي على لبنان لا بد أن يصيب حزب الله وبيئته، وينهكه ويجرّه الى تنازلات كبيرة. وكان الأميركيون يرفضون الاستماع حتى الى آراء حلفائهم من اللبنانيين ممّن كانوا يعرضون نتائج الضغط والحصار عليهم وعلى مناصريهم، ويحاولون أن يشرحوا للأميركيين كيف أن حزب الله يقود أكبر عملية تكافل ودعم ساعدته على حفظ دعم بيئته له، وفتحت له الباب للوصول الى قواعد شعبية من خارج بيئته الطائفية أو السياسية. الاميركيون ومعهم أوروبا بمعاونة لبنانيين من داخل الدولة وخارجها نجحوا في تعطيل كافة مؤسسات الخدمات المدنية الرسمية وحصروا الدعم بالجيش وقوى الأمن والاجهزة الامنية ...... بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، حاول الفرنسيون القيام بمقاصّة مع السعودية والولايات المتحدة في سياق محاولة باريس لإبرام صفقة جديدة في لبنان يكون عنوانها الاتفاق على رئيس جديد. لكن الفرنسيين سرعان ما اكتشفوا أن واشنطن والرياض ليستا مهتمّتين بتسوية مع حزب الله، بل تريدان مواصلة الضغط عليه من خلال الضغط على اللبنانيين. وهو ما عطّل محاولة أولى جرت الخريف الماضي، وكانت تهدف الى تسوية تأتي برئيس يمكن اعتباره من حصة حزب الله، مقابل الإتيان برئيس للحكومة يعدّ من حصة خصومه، وهو ما عرف يومها بتسوية سليمان فرنجية - نواف سلام. والمفارقة أن حزب الله لم يعارض مبدأ التسوية، لكنه كان يبحث عن عناصر دعم داخلية أقوى لها، وخصوصاً مع حلفائه، واصطدم سريعاً بموقف التيار الوطني الحرّ الرافض لتولّي سليمان فرنجية رئاسة الجمهورية، ما أفقد الفريق الداعم لفرنجية الغالبية النيابية المطلوبة، وأعاد الأمور الى النقطة الصفر. وهذه النقطة كانت تعني للأميركيين استغلال الخلاف المستجدّ بين الحزب والتيار، لإطاحة فرنجيّة والإتيان بقائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد. وجرت محاولات استمرت أسابيع عدة، انتهت الى الخلاف في اجتماع باريس الأخير بين ممثلي أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وهو خلاف ترافق مع تطورات لبنانية عدة؛ من بينها:

أولاً: اضطرار الأميركيين إلى القبول بالصيغة اللبنانية لتفاهم الحدود البحرية مع العدو. وهو تفاهم تمّ في ظل الضغط المباشر للمقاومة التي هدّدت بشنّ حرب على إسرائيل إذا لزم الأمر.

ثانياً: واصل الأميركيون معارضة وصول أيّ دعم لقطاع الطاقة في لبنان، فواصلوا مع البنك الدولي تعطيل صفقة جرّ الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وهددوا لبنان بعقوبات إن قبل بأيّ دعم نفطي من إيران، ثم منعوا الكويت وقطر والإمارات من تقديم أيّ هبات نفطية للبنان.

ثالثاً: ممارسة نوع مختلف من الضغوط الهادفة الى إسقاط جميع المؤسسات الرسمية في لبنان. وجاء الانهيار المتسارع لسعر صرف الليرة ليزيد مأزق المالية العامة في لبنان، ويعزّز الفوضى في السوق النقدية. وبينما كان يفترض معالجة الأمر عبر تغيير الفريق المسؤول عن السياسة النقدية ممثلاً برياض سلامة وآخرين، عمدت الولايات المتحدة الى توفير الغطاء الكامل له. ولولا أن التحقيقات التي جرت في قضّيته انتقلت من لبنان الى أوروبا ثم عادت الى لبنان، لمنع الأميركيون أحداً من الإتيان على ذكر سلامة بكلمة سوء. وخلال هذه الفترة، واصل الأميركيون الضغط عبر العقوبات من جهة، وعبر التضييق على الشركات المالية من جهة ثانية، ما جعل لبنان معطلاً بصورة كاملة مالياً ونقدياً.

رابعاً: تعزّز التدخل الغربي، الأميركي منه والأوروبي (الألماني على وجه الخصوص) في السلطة القضائية، وجرت، ولا تزال، محاولات لاستخدام القضاء من أجل ترهيب المسؤولين اللبنانيين، وخصوصاً من خلال تسييس التحقيق الجاري في تفجير مرفأ بيروت، أو من خلال ترهيب القضاة أنفسهم بالتهويل عليهم بفرض عقوبات إن هم خالفوا التوجّهات الغربية، وقدّموا مغريات لبعضهم بأنّ حظوظهم في أدوار سياسية أكبر مرتبطة بسلوكهم الآن، وخصوصاً رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود. لكن ما حصل، عند تعطيل التحقيقات في ملف سلامة وبقيّة مصارف لبنان، أضيف الى قيام السلطة الحاكمة بتعطيل أي محاولة قضائية للتحقيقات في المخالفات، من خلال عرقلة التحقيق الجنائي من جهة، أو منع سريان العمل القضائي في ملفات كبيرة، كملف سوليدير الذي لا تقلّ الجريمة والفضيحة فيه عمّا يجري اليوم تناوله في قصّة حاكم مصرف لبنان. وكانت النتيجة تعطيل القضاء.

خامساً: أصرّ الأميركيون ومعهم دول غربية، على التعامل مع الدولة اللبنانية على أنها «دولة فاشلة»، وجاهروا بأنهم لن يتعاملوا مع الدولة في أيّ مشاريع دعم أو تطوير، وفرضوا على لبنان القبول مسبقاً بكامل شروط صندوق النقد الدولي، كما فرضوا رقابة شبه يومية على مؤسسات وإدارات رسمية عدّة، بينما أطلقوا العنان لماكينتهم القائمة على المنظمات غير الحكومية، ومنعوا مساءلة هذه المجموعات عمّا تقوم به. هل يعرف اللبنانيون، مثلاً، الحجم الفعلي للمساعدات التي أتت بعد تفجير المرفأ، وما الذي حلّ بها وأين هي وكيف أنفقت؟

سادساً: انطلاق جماعة أميركا والسعودية في لبنان بخوض معركة الفساد بطريقة مقلوبة، مستغلّين الانهيار من جهة، وحاجة الجمهور الى بطولات من جهة أخرى، وأطلقوا العنان لعمليّات أمنية استهدفت مؤسسات تخصّ شؤون الناس مباشرة، حتى وصلنا خلال شهور قليلة الى نتيجة واحدة مفادها: ننتظر الفرج حتى نحصل على جوازات السفر، تتوقف النافعة عن عملها، ثم تقفل الدوائر العقارية، وتتعطّل حتى الوحدات الخاصة بالضريبة في وزارة المالية، ويترافق ذلك مع توقف التعليم في المدارس الرسمية، وتعثّره في الجامعة اللبنانية، بينما يتولّى مصرف لبنان والمصارف ابتزاز الموظفين في القطاع العام شهرياً.

سابعاً: اعتبار عملية الضغط ناجحة، وبدء إعداد العدّة لاحتمال حصول انفجار اجتماعي كبير، وحصول توترات أمنية في مناطق مختلفة من البلاد. ومع إدراك الأميركيين أنّ واقع لبنان لا يسمح بقيام قوة قادرة على مواجهة المقاومة أو جرّها الى حرب أهلية، وإزاء تعطّل خيار الحرب الإسرائيلية أو الأميركية على المقاومة في لبنان، كان لا بدّ من استراتيجية جديدة تقوم على تحييد القوى العسكرية والأمنية عن عمليات التدمير الممنهج لبقية مؤسات الدولة.

وفي هذا السياق، طُلب من القطريين، مثلاً، إهمال ملف دعم الجامعة اللبنانية والتعليم المدرسي الرسمي، وتخصيص ملايين لدعم مصلحة الجيش اللبناني، وعمد الأميركيون أنفسهم الى فتح حسابات خاصة للجيش اللبناني تغذّى بالدولارات من دون علم الحكومة أو وزارة الدفاع، وترك لقائد الجيش حصراً حرية التصرف بها، ليتبيّن لاحقاً أنّ الدعم المالي والعسكري للجيش وقوى الأمن هدفه إبقاء هذه المؤسسات وحدها العاملة، بعد إخضاع قياداتها لإمرة جديدة. وفي هذا السياق، فتح مسؤول الاستخبارات العسكرية الأميركية في لبنان خزائنه في سفارة عوكر، وصرف ملايين الدولارات على الأجهزة الأمنية كافة، ضمن برنامج مساعدات للمساعدة على الصمود. ووصل الأمر مع الوقت إلى أن تسلّم الأميركيون، ومعهم دول أخرى، داتا العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية لتلبية دعمهم بالمال المقطّر مباشرة، وجعلهم رهائن هذه «المكرمة الشهرية» التي لا تتجاوز المئة دولار!.... ثامناً: العودة الى خوض معركة توطين النازحين السوريين في لبنان، واعتمد الأميركيون، ومعهم الأمم المتحدة والدول الأوروبية وحتى العربية، الضغط المباشر على الحكومة لمنع أيّ تنسيق عملاني مع الحكومة السورية. ثم طالبوا لبنان رسمياً (فعل ذلك السفير الألماني بكل صفاقة) بمنح هؤلاء حقوق الإقامة الدائمة في لبنان على غرار ما فعلته بلاده مع نحو مليون سوري هاجروا إليها خلال العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، تولّت المنظمات والجمعيات غير الحكومية الناهبة لحقوق لبنان والنازحين على حدّ سواء، مهمة ترهيب هؤلاء النازحين، وإقناعهم بأن عودتهم الى سوريا غير آمنة، وأنهم سيعانون الجوع الى جانب القهر إن عادوا الى دولة منهارة، ثم قدّموا روايات من نسج الخيال عن عائدين سجنوا أو تعرّضوا للاضطهاد من قبل الدولة السورية بعد عودتهم الطوعية الى قراهم. إلى جانب كل ما سبق، يواصل الأميركيون تهديد اللبنانيين بأنّهم إن لم يقرّوا بطلبهم الثورة على حزب الله، فإن موجات الضغط ستزداد يوماً بعد يوم. وكل المؤشرات الاقتصادية والمالية تشير الى ذلك، وأن مداولات باريس السابقة أو اللاحقة على الاجتماع الرسمي تشير الى أن فرنسا تحاول من جديد إعادة تعويم مبادرتها الأولى بمقايضة رئاسة الجمهورية برئاسة الحكومة. لكن الفكرة لم تلقَ قبولاً سعودياً أو قطرياً، ولم تباركها الولايات المتحدة التي يبدو أنها تواصل من أبواب أخرى العمل على ممارسة نوع جديد من الضغوط لإجبار حزب الله على التراجع. وقد تمّ جمع الكثير من المعطيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تقود الى موجة أقصى من الضغوط على لبنان، ولعلّ هذا ما يفسّر الغضب الكبير الذي اعترى وجه السيد حسن نصر الله وهو يحذّر الأميركيين (وأتباعهم في لبنان) من أن الذهاب نحو الفوضى بقصد فرض قائد الجيش رئيساً، أو جرّ حزب الله الى حرب أهلية، دونه الأهوال التي تنتظر الأميركيين وعملاءهم في لبنان، ونار تلهب إسرائيل... وهو تحذير بدأ يؤتي مفعوله....... مرة جديدة، لنصبر وننتظر!

حزب الله والرئاسة: التوقيت قبل هوية الرئيس

الاخبار..تقرير هيام القصيفي ... رغم أن الصورة العامة هي البحث عن هوية الرئيس العتيد، لكن توقيت الانتخاب ربطاً بالحدث المحلي والإقليمي قد يكون مفتاح السؤال عن مصير رئاسة الجمهورية. حتى الآن لا يزال حزب الله وحده يمتلك موعد الانتخابات... تتعامل قوى سياسية فاعلة بواقعية مع أمرين: دقة الوضع الداخلي الذي يقارب حد المواجهة، واعتبار أن الانتخابات الرئاسية صارت أبعد مما كان يتوقعها الجميع، بغض النظر عن الترشيحات المعلنة وغير المعلنة والحملات الترويجية لأي من المرشحين. لذا، قد يكون من المنطقي أكثر من السؤال عن هوية رئيس الجمهورية، السؤال عن توقيت انتخابه، لأن على هذا التوقيت سيبنى الكثير من قراءة الوضع المستقبلي للبنان. وفق هذه المعادلة يصبح النظر إلى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأنه رسم طريق رئاسة الجمهورية من مكان آخر. فقد رفع نصرالله في خطابه الذي لا يزال محور نقاش مستفيض حول خلفياته وتأويلات ما ربط به ملف الوضع الداخلي بالخارج، السقف السياسي تحت عنوان الرئاسيات والأزمة الاقتصادية، مبعداً المواجهة عن الصدام الداخلي ليضعها مع الولايات المتحدة. وهو بذلك أرسل رسائل عدة ووضع إطاراً جديداً لانتخاب رئيس الجمهورية بدأ يتبلور تباعاً. حدد الحزب بوضوح شروطه للانتخابات أمام من يعنيهم الأمر، وفتح الباب للكلام معه حول الانتخابات كسلّة متكاملة وليس الرئيس فقط، إذا كان هناك من يريد بدء الحوار لإجراء الانتخابات. وهو كان واضحاً في إظهاره أنه يمتلك توقيت الانتخابات قبل أن يصل إلى نقاش هوية الرئيس ومفاعيل الحوار الداخلي والخارجي حوله. فالموعد المعروف محدد دستورياً بمهلة الشهرين قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية. أما وقد انتهت المهلة من دون انتخاب خلف للرئيس ميشال عون، فلم يعد يمكن لأي طرف آخر غير الحزب الإفراج عن موعد إجراء الانتخابات. وهنا، شرّع الحزب الباب للعروض الداخلية والخارجية معه، لأن له مصالح تتعدى التوقيت اللبناني للحدث الرئاسي، لا سيما بعد التطورات التي أحاطت بسوريا إثر الزلزال الذي أصابها، وانفتاح دول عربية على دمشق التي تلقفت هذا الانفتاح والمساعدات المرتبطة بها. وفي انتظار تبيان كلفة هذا الانفتاح على التقاطع بين النظام الذي كان مطوقاً ومحتاجاً إلى طهران، وبين محاولة إخراجه من عزلته، لا يمكن التسرع في ذهاب لبنان إلى قرارات بحجم تغير أساسي من خلال انتخابات رئاسية بتوافق داخلي فحسب، رغم الحث الغربي على لبننة الاستحقاق. وهذا الأمر يحتسب إقليمياً من بوابة سوريا، كما يمكن قراءة تأثيراته على الوضع اللبناني من خلال نظرة طهران إلى كل الساحات التي يحاول خصومها إعادة فرض إيقاعهم فيها وتحييدها عن النفوذ الإيراني.

رسم حزب الله خريطة طريق مواجهة عالية السقف مع الولايات المتحدة لإبعاد المواجهة عن الداخل

في موازاة ذلك، يظهر حزب الله برسمه خريطة طريق المواجهة العالية السقف مع الولايات المتحدة، أنه أبعد المواجهة عن الداخل في اتجاهها، لأن كافة القوى على بينة من خطورة ما يجري داخلياً وكلفة الإشكالات الحالية والخطاب الطائفي والسياسي الذي بدأت تنتهجه القوى السياسية تجاه بعضها البعض، ما من شأنه أن يفاقم التوتر القائم على خلفيات حكومية ودستورية وسياسية، ويجعله ينحدر أكثر إلى أمكنة غير مسبوقة. وهذا ليس أمراً يسيراً في حسابات الحزب الذي يتعامل مع القوى المعارضة، وليس المسيحية فقط، على قدر من التحسب لردود فعلها. وقياساً إلى ما جرى في الأشهر الطويلة التي سبقت انتخاب عون فإن الوضع الحالي مختلف سواء بالنسبة إلى الحزب أو وضع القوى المعارضة أو التي كانت حليفة له. حينها، وضع الحزب قرار اختيار عون في جيبه لكنه ترك لطرفين قيادة المواجهة: الرئيس سعد الحريري من جهة وعون نفسه الذي كان يقف معه كفريق مسيحي قوي، وتولى تسويق الإطار الانتخابي تدريجاً قبل الوصول إلى التسوية الكبرى. وهذان القطبان السني والمسيحي عطلا أي مواجهة داخلية. وهذا ليس هو واقع الحال اليوم. ومن الصعب على الحزب أو أي طرف آخر، التقليل من خطورة أي صراع داخلي في مرحلة التجاذبات في كافة الملفات. فرغم أن هذه القوى تفتقد القدرة على إجراء الانتخابات في توقيتها وبحسب الشخصية التي تختارها، لكن في استطاعتها في الوقت نفسه أخذ المواجهة إلى نقطة اللاعودة. والطرفان اللذان حافظ معهما على وضعية التهدئة في انتظار الإفراج عن الانتخابات باتا في مكانين منفصلين. الحريري مبعد عن الساحة السياسية ولا يملك الدالة التي يفترض أن تكون له على الأصوات التي يحتاجها الحزب، والتيار الوطني الحر ممثلاً بالنائب جبران باسيل على خصومة شديدة لا تحتاج إلى مزيد من الصدام معها. من هنا يصبح أمام الحزب خيار ربط الانتخابات بالخارج بما يشكل مجالاً أوسع لتطبيع الوضع الداخلي، في انتظار ما يسمح له بالإفراج عن إجراء الانتخابات في موعد ملائم لنوعية حركته وحركة إيران إقليمياً. آنذاك يصبح اسم الرئيس ترجمة للمسار الذي ستفرزه طبيعة المرحلة الجديدة.

حكاية قاضية «مثيرة للجدل» في لبنان

بيروت - «الراي»:.... في 12 أكتوبر 2017، وفي مرسوم رقمه 1570 أصبحتْ القاضية غادة عون نائبة عامة في جبل لبنان. ومنذ تلك اللحظة بات اسمها مُرادِفاً لملفات كثيرة ولإشكالات أكثر، وصار يتردد على لسان العامة والخاصة، كما لم يُتَح إلا لقلةٍ من القضاة والمدّعين العامين أن يكونوا. ابنة الدامور، بلدة شوفية ساحلية اشتهرتْ بسياسييها وبصحافييها، وبأنها عَرفت مأساةَ الهجير على وقع الحرب اللبنانية التي دمّرت تاريخاً طويلاً فيها. درستْ عون القانون في جامعة القديس يوسف – اليسوعية، ومن ثم معهد العلوم القضائية، ودخلتْ سلك القضاء وتَدَرَّجَتْ وتَنَقَّلَتْ في عددٍ من المَناصب والمَحاكم، قبل أن تتاح لها الفرصة لأن تكون من ضمن التشكيلات القضائية التي صَدَرَتْ بعد طول انتظارٍ في عهد الرئيس ميشال عون. لا يُعرف الكثيرُ عن غادة عون بالمعنى المباشر. ما يُعرف عنها ينقله قضاةٌ إما أَحَبوها أو ناصبوها العداء. ولذا تراوح سيرتُها الذاتية بين أوصافِ مَن يدافع عنها ومَن عمل معها في سلك القضاء، وفيها أنها قاضيةٌ مُحْتَرِفَةٌ ودقيقةٌ في عَملها ولا توجد عليها أي شائبة شخصية او مسلكية ولا مسّها فساد ولا شبهة مالية، وبين مَن يرى فيها قاضية تتعدى صلاحياتها فترتكب أخطاء مميتة تُراكِمها على أخطاء، وأنها أولاً وآخراً تنتمي الى «التيار العوني» وليس الى «التيار الوطني الحر» (أسسه الرئيس عون) كإطار تنظيمي. ليست كنية عائلة عون الدامورية هي التي تربطها بالرئيس السابق للجمهورية ابن حارة حريك، بل ان القاضية رأتْ منذ التسعينات أن «الجنرال» على حق. وبعد عودته من باريس (مايو 2005)، نامت عون على وعدٍ بأن تكون امرأة القضاء كما كان غيرها من القضاة موعودين بمناصب قضائية، ضَمَنَها لهم جنرال الرابية في إطار المحاصصاتِ والتعيينات في الحكومات المتعاقبة منذ 2005. وجاءتْها الفرصةُ الاستثنائيةُ من ضمن تشكيلات عام 2017، بعد ان انتُخب عون رئيساً للجمهورية، وقد استفاد من تعيين قضاةٍ محسوبين عليه في هذه التشكيلات. نُظر اليها منذ تلك اللحظة على أنها المُدافِع الأول عن العهد وانها الناطقة باسمه قضائياً وخصوصاً بعدما بدأ بعض القضاة الذين سماهم العهد يتخلّصون من عبء التركة ويمارسون استقلاليتهم. إلا عون التي يناصرها «التيار الوطني الحر» والتي تحولت بالنسبة إلى القاعدة العونية المرأة الشفافة والقاضية العادلة والتي تُحارِب وحدها كل ملفات الفساد في لبنان. وهي لم توافر مُناسَبةً إلا وأشادت برئيس الجمهورية السابق وكتبتْ عنه يوم مَنَحَها وسام الاستحقاق اللبناني المذهب «يا أنزه وأشرف الناس. يا مَن أنقذتَ البلد من أبشع عصابة إرهابية وجعلتَ من لبنان دول نفطية. شكراً لأنك كنتَ دائماً أميناً للقسَم. فناضلتَ ضد الفساد وتَمَسّكْتَ بالتدقيق الجنائي رغم كل التجني، ودعمتَ كل قاضٍ قرّر التضحيةَ بكل شيء في سبيل نصرة العدالة ومحاربة الفساد». يمكن أن يكون الإعلامُ التلفزيوني ساهَمَ في تظهير صورةٍ متناقضة لعون، ولا سيما في عملية الدهْم التي قامتْ بها لمكاتب شركة الراحل ميشال مكتف. وبغض النظر عن ثقافتها القضائية أو شجاعتها، كما يَحلو لمُناصريها وصْفها، فإن ما قامت به وبُث على شاشات التلفزيون من عراضة إعلامية برفقة مناصري «التيار الوطني» و«الحرس القديم»، أعطى لها صورةً بشعة فاستغلّها مُعارِضوها شكلاً ومضموناً، ولا سيما حين ظهرتْ تَدْفَعُ أبوابَ الشركة وتَصْرخ في الحرس وبشعرٍ أشعث تحوّل مادة تَهَكُّم. لكن عون لم تلتفت الى كل ما تَعَرَّضَتْ له من هجمات شخصية وسياسية. وحتى حين توفّي مكتف لاحقاً ولاحقتْها الاتهاماتُ بأنها كانت وراء موته بذبحة قلبية، كان تعليقها «القاضي النزيه المؤمن برسالته ما عندو أعداء. هو يقوم فقط بواجبه احتراماً لقَسَمه بتطبيق القانون وملاحقة المُرْتَكِب حمايةً للمجتمع. ولذلك كل استثمارٍ رخيص لحادثةِ موتٍ مُفْجِعة هو فقط انحطاطٌ أخلاقي». تتمسك عون بأنها دائماً على حق، هي التي «اشتهرتْ» أيضاً بما يشبه لعبة «القط والفأر» مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي لم تتردّد الصيف الماضي، في سياق «البحثِ» عنه، في دهْم مقرّ «المركزي» (في الحمراء) وتفتيشه «غرفة غرفة» قبل أن تُردّ على أعقابها من أمام مكتبه لأنها تعدّت نطاق اختصاصها الجغرافي. وقد تكون الآية الانجيلية التي تستخدمها كعنوان لـ «تويتر» الخاص بها معبّرة جداً «الرب نوري وخلاصي فممن أخاف، الرب حصن حياتي فممن أفزع». فهذه علامتها على أنها لا تخاف ولا تتراجع. وتعبّر كتاباتها على «تويتر» عن آرائها القضائية ومسلكيتها في مقاربة الملفات التي تتسلّمها. تهاجم وتنتقد وتدافع عن ملفات تقول إنها لا تتراجع عنها. وفي سلوكها ما بعد خروج الرئيس عون من قصر بعبدا، استمرّت تُجاهِر برغبتها في الوصول إلى حقائق تراها غير قابلة للمساومة. فتشنّ معارك مصرفية وسياسية وتفتعل إشكالاتٍ، وتردّ على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتتّهمه بالتدخل بالقضاء، وتهاجم وزير الداخلية بسام مولوي بصفته قاضياً، وتناشد العواصم الأوروبية حماية ملفاتها ضدّ المصارف وفي مكافحة تبييض الأموال. ولا شك في أن حملتها ضدّ المصارف تواجه نوعيْن من التعاطف. الأول تَعاطُف نهائي بصفتها مؤيّدة للرئيس عون وللتيار الوطني الحر في معركتهما ضد البنوك وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والثاني مُتعاطِف مع معركةٍ مُطْلَقة ضدّ المصارف كونها مسؤولة عن فقدان اللبنانيين مدخراتهم، ولكن من دون التعاطف مع القاضية عون سياسياً. في المقابل، الفريق الذي يؤيّد المصارف ويناهض التيار الوطني الحر سياسياً يرى أن ما تقوم به من ادعاءاتٍ وملاحقاتٍ هو استهداف للقطاع المصرفي وضرْبٌ له. ويؤخذ عليها أنها «تفتح على حسابها»، وترفض تبلُّغ طلبات الرد بحقّها، وتخرق موجب التحفظ لدى القضاة، وهي مخالفات شكّلت حيثيات إحالتها على التفتيش القضائي والمجلس التأديبي. إلى هذا الحد أوجدتْ عون هذا الاختلاف في النظرة إليها، حتى في ملفٍ مكتمل العناصر. إلا أن طريقتها وأداءها يولّدان هذا الكمّ من العدائية فتتحول شخصاً مستهدَفاً على الدوام من جانب خصومها داخل الجسم القضائي وخارجه، سياسياً وإعلامياً وأمنياً. حتى الآن، لم تتمكّن غادة عون إلا من إيجاد عداوات لها. فقضائياً تعثّرت ملفاتُها وتجمّدت، وأثارتْ سجالات سياسية وقضائية. وكل فترة تُحْدِث صدمةً جديدة وتفتعل إشكالاً إضافياً. في المقابل لا تزال يداها مكبلتين، نتيجة نظام المحاصصة والتوزيعات السياسية التي تجعل من الصعب عليها تَجاوُز الجميع لتحقيق ما تراه عادلاً. والعدالة ليست تماماً ما تنادي به عون.



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا.. روسيا تتهم الغرب بـ"زعزعة استقرار" قمة مجموعة العشرين..بوتين يظهر على طابع بريد أوكراني..وهذه دلالته..أوروبا تعاقب قادة في فاغنر..وتتعهد بتكثيف الضغط على روسيا..الاتحاد الأوروبي يفرض عاشر حزمة عقوبات على روسيا.."ليست حربنا".. آلاف يحتجون في برلين على تسليح أوكرانيا..قديروف: واجبي مقدس ولا يمكنني المغادرة إلا بإذن رئيس روسيا والشعب..روسيا ترحب بـ «مبادرة الصين»..وتشترط قبول كييف بـ«الواقع الجديد»..بايدن يشكك في خطة السلام الصينية ويستبعد تزويد أوكرانيا بـ «إف ـ 16»..الصين تدفع بوساطتها في أوكرانيا وتستقبل لوكاشينكو وماكرون..موقف فرنسي واضح بالترحيب بورقة المقترحات الصينية..آلاف المتظاهرين في لشبونة احتجاجاً على غلاء المعيشة..سجن مرعب لرجال العصابات في السلفادور..

التالي

أخبار سوريا..«البرلماني العربي» يُنعش آمال عودة سوريا إلى «الجامعة»..وصول طائرتي مساعدات من الاتحاد الأوروبي إلى دمشق ..مصدر بالحكومة السورية: وزير الخارجية المصري يزور دمشق غداً..ترتيبات لاجتماع بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,729,975

عدد الزوار: 6,910,839

المتواجدون الآن: 115