أخبار لبنان....نتنياهو يُحدِّد وجهة التوظيف بعد تفجير المرفأ: مخازن حزب الله وصواريخه....عون ينتقل إلى الخطة "ب": استشارات "مشرذمة" تقصي الحريري....تحذير إسلامي وطني من تكرار تجارب أزمات السبعينيات الحكومية....تمرّد تجاري على الإقفال بدءاً من الغد.. وحملة عونية شعواء على وزير التربية....الحسيني: الرئيسان مُلزمان مهلاً مقيِّدة....مشاورات التكليف: فرنسا تسمّي الحريري!.... ماكرون لم يحسم بعد مسألة زيارته الثانية إلى بيروت....هل ينفجر المسار الـ «مُفَخَّخ» لتشكيل الحكومة اللبنانية؟..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 25 آب 2020 - 5:00 ص    عدد الزيارات 2415    القسم محلية

        


هل ينفجر المسار الـ «مُفَخَّخ» لتشكيل الحكومة اللبنانية؟.... ماكرون إلى احتفالية «المئوية» بمعزل عن مآل التكليف والتأليف.....

الراي.... الكاتب:بيروت - من وسام أبو حرفوش,بيروت - من ليندا عازار ..... ليس من واقعٍ «سوريالي» أكثر من أن تحلّ مئويةُ «لبنان الكبير» بعد أسبوع فيما «بلاد الأرز» تواجه السقوطَ الكبيرَ، للدولة ومؤسساتها وماليتها واقتصادها وعملتها ومصرفها، وحتى لمستشفاها... أما الشعب فبالكاد «نجا» من «بيروتشيما» التي حُفرت في سجّلات الانفجارات الأكثر قوّة على مستوى العالم والتي «طُمر» فيها قسمٌ من العاصمة تحت ركام الإهمال والتقصير وربما... الخافي أعظم. وأيّ مفارقة أن يحضر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون احتفالية المئوية في قصر الصنوبر، هو الذي كان بدا إبان زيارة التضامن مع «الشعب اللبناني» غداة انفجار مرفأ بيروت وكأنه «يرثو» صيغةَ أداء ونظام سلوكٍ وربما أكثر، في إطلالةٍ أرادَها على 100 سنة جديدة من عمرِ هذا الكيان الصغير الذي يواجه أعتى الأزمات على وقع النيران المشتعلة في أكثر من ساحة في المحيط. وليس أدلّ على المخاطر التي يجد لبنان نفسه في عيْنها من كون طبقته السياسية ولا سيما السلطة تستنزف الاحتضان الدولي المستعاد على وهج كارثة المرفأ في ما يبدو أنه لعبة شراء وقتٍ مألوفة تجترّ ألاعيب باتت مكشوفة لإبقاء القديم على قدمه، بما يعكس من جهةٍ إدارة ظهْرٍ للتحديات المصيرية التي تواجه البلاد وذلك لاعتباراتٍ سُلْطوية، ومن جهة أخرى إمعاناً في استرهان «بقايا الدولة» لصراعات المنطقة ومَحاورها. ولم تتوانَ أوساط واسعة الاطلاع عن الإشارة عبر «الراي» إلى أن المنحى الذي يسْلكه ملف تأليف الحكومة الجديدة صار يُنْذِر بأن يتحوّل «برميل بارود» بفتائل سياسية وطائفية ومذهبية فيما الهاجس الأمني عاد ليقتحم المشهد المتخمَ بالدوائر المقفلة التي يُخشى أن تكون بدأت الأرضيات تُهَّيأ لكل السيناريوهات لمحاولة كسْرها على البارد أو الساخن بما يُلاقي مقتضيات منْع إعادة عقارب التوازنات، بمعناها وامتدادها الاستراتيجي، إلى ما قبل النجاح في تطويعها تباعاً خصوصاً منذ 2005. وفي حين تَقاطَعَتْ معطياتٌ أمس، عند أن ماكرون سيزور بيروت للمشاركة في احتفالية الأول من سبتمبر بصرف النظر عما إذا كانت الأيام القليلة المقبلة أفضتْ إلى تكليف رئيس للحكومة أم لا، رغم الإشارة البالغة السلبية التي سيشكّلها عدم حصول ذلك - وهو المُتَوَقَّع - فإن الأوساط المطلعة استوقفها صعود مناخ الاستياء في الشارع السني من أخْذ عملية التكليف التي تتم عبر استشاراتٍ نيابية مُلْزمة يدعو إليها رئيس الجمهورية، رهينة توافق على مسار التأليف الذي يُفترض أن يقودَه الرئيس المكلف وصولاً إلى تشكيلةٍ تحظى بموافقة رئيس البلاد الذي يتعيّن عليه توقيع مرسومها. وإذ صدرتْ مواقف مباشرة أعلنت رفْضها «هذا الخروج عن الدستور» وتكريس الأعراف الذي كان بدأ خصوصاً إبان تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة (منذ 15 يوماً) وصولاً إلى تظهير تَحَكُّم مكوّن (غير السنّة) باختيار رئيس الوزراء، كان الأكثر تعبيراً عن هذا «الغضب المتنامي» رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط الذي أبلغ إلى «وكالة الأنباء المركزية» أن الرئيس ميشال عون «يتصرّف وفق عقلية فرعون لبنان ومن غير المسموح أن يتعامل مع المسلمين السنّة بهذه الطريقة»، متحدّثاً عن «خطوات قد يتم اتّخاذها اذا استمر عون بمخالفة الدستور والطائف». وفيما كان يُنتظر صدور موقف من «العيار نفسه» لرؤساء الحكومة السابقين الذي اجتمعوا أمس، نقل عن عون «ان الدعوة لإجراء الاستشارات الملزمة لن تتجاوز نهاية الأسبوع الجاري على الأرجح»، ولكن مع إشارته إلى «أن هدف المشاورات (قبل التكليف) توفير حد أدنى من الاتفاق لأن الظرف دقيق ويفرض حكومة غير تقليدية». وجاء هذا الكلام بعد مواقف نُقلت عن قريبين من عون وفيها أنه برفْضه لخيار الحريري رئيساً للحكومة يستند إلى أن الأخير «يفتقر في آن واحد الى دعم الجزء الأكبر من الحراك المدني، وغالبية المكونات السياسية الأساسية، وكذلك القوى الخارجية المؤثّرة»، كاشفاً أنه يميل إلى حكومة تكنو- سياسية برئاسة قاضٍ من بين القضاة السنّة الذين يملكون الصدقية والنزاهة. وفي حين كان مجمل هذا المناخ، معطوفاً على إطفاء رئيس البرلمان نبيه بري محركاته «رافعاً العشرة» أقله حتى إشعار بعدما أُحبط مسعاه لتكليف الحريري، وعلى وقع تقديراتٍ لم تُسِقِط من الحساب أن يكون الائتلاف الحاكم لا يمانع أن يستمرّ تصريف الأعمال إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية إذا كان ثمن تشكيل الحكومة تنازلاتٍ من النوع الذي رسمت واشنطن خطوطه العريضة ويضع في رأس الأولويات تقويض نفوذ «حزب الله» داخلياً وإقليمياً، توقّفت دوائر سياسية عند موقف أطلقه السفير المصري ياسر علوي، وأكد فيه أن القاهرة تتمنى «أن يتم التحرك سريعاً بالمشاورات لتكليف رئيس الحكومة ومن ثم تأليفها كي يتسنى الانتقال من مرحلة الدعم الإنساني الى مرحلة الدعم الاقتصادي السياسي وخروج لبنان من أزمته»، معتبراً «أن الشرط الرئيسي لذاك الدعم هو الحكومة»، موضحاً «أن اللبنانيين ليسوا بحاجة لمن يقول لهم كيف يشكلون حكومة، فالدستور ينظم طريقة محددة جداً لاختيار الحكومة». في موازاة ذلك، بقيت بيروت محور اهتمامٍ خارجي عبّرت عنه زيارة وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غوريني على ان يحط غداً وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباين، من دون أن تحجب هذه الإحاطة الدولية الأنظار عن تطورين:

* الأوّل الردّ العنيف من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام على صحيفة «الأخبار» القريبة من «حزب الله» التي اتهمت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بـ«التماهي مع الدعاية الإسرائيلية التي تتهم حزب الله بتخزين السلاح في ‏الأحياء السكنية»، ووضعت مواقفه في عظة الأحد في إطار «السعي المدروس لشيطنة الحزب من باب انفجار المرفأ».

ولم تتوانَ اللجنة الأسقفية عن انتقاد «العناوين الحاقدة والجائرة التي صدرت بها الصحيفة»، ناصحة إياها «بالتدقيق والاستقصاء عمّن يخزّن الأسلحة والمتفجّرات في الأحياء السكنية لأنه هو نفسه مَن يتماهى مع العدو، ويستخدم المدنيين الأبرياء دروعاً بشرية في حروبه ويستدرج العدو لقصف هذه الأحياء»، ومعتبرة «أن حياة الناس أهمّ من كل المعادلات التي لم تجلب الى الوطن سوى الخراب».

* جريمة كفتون (شمال لبنان) التي ذهب ضحيتها 3 شبان ليل الجمعة، والتي شهدت أمس استكمال عمليات الدهم لتوقيف كل المتورطين، والتي شملت «الإغارة» على غرفة لأحد السوريين في محلة العامرية - البيرة (عكار) المدعو يوسف.خ. 40 من القوة الأمنية الضاربة في شعبة المعلومات، وهو ما تخلله سماع دوي انفجار اعتُقد بداية أنه ناجم عن تفجير المطلوب (لم يُقبض عليه) نفسه.

وأشارت تقارير إلى ان يوسف كان موقوفاً بتهمة التعامل مع مجموعات إرهابية، وإلى أنه تمت مصادرة جهازي كمبيوتر محمولين من مكان سكنه، كما جرى توقيف عدد من الأشخاص نتيجة عمليات الدهم في العديد من مخيمات النازحين، في خراج بلدات الكواشرة والبيرة وخربة داوود.

سَقَطَ تعديلُ مهمة «اليونيفيل» ولم ينجح مشروع تحويل لبنان... «دولة فاشلة»

الراي.... الكاتب:ايليا ج. مغناير .... كانت الولايات المتحدة - التي تساهم في الميزانية السنوية لـ«اليونيفيل» بمبلغ 135 مليون دولار (تمثّل 27 في المئة من مجموع الاحتياجات السنوية) - تهدّد بسحب هذا التمويل، إذا لم تُعدَّل مهمة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، وتأخذ دور الباحث عن أي مستودع سلاح وقدرات عسكرية منتشرة على طول الحدود اللبنانية، خصوصاً الحافة الأمامية المجابهة لإسرائيل. إلا أن تعديل مهمة «اليونيفيل» لم يَعُدْ مطروحاً بقوة، بل ضعفت اندفاعته بعد صدور قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والذي اعتبره العديد من اللبنانيين مُخَيِّباً للآمال، خصوصاً أن الساحة اللبنانية كانت تُحضَّر لانقلابٍ على الحكومة - التي سقطت - وعلى البرلمان لإسقاط عهد الرئيس ميشال عون... فما هو مصير «اليونيفيل» في لبنان؟

ليس هناك أدنى شك لدى العديد من المراقبين، أن اغتيال الحريري أعقبه وَضْعٌ داخلي انقلب على «محور المقاومة» وأَنْتَجَ خروجَ القوات السورية من لبنان ومهّد لحرب يوليو 2006 الثانية التي فشلتْ في تحقيق أهدافها. وبعد فشل سحْب سلاح «حزب الله» جرت محاولةٌ أخرى لإضعافه باغتيال قائده العسكري ونائب المجلس الجهادي العسكري العام الذي يترأسه الأمين العام السيد حسن نصرالله، الحاج عماد مغنية في فبراير 2008. إلا أن اغتيال قادة التنظيمات الجهادية لم يكن يوماً طريقاً مناسباً لإضعاف «حزب الله». لكن المُوالين لأميركا في لبنان اتخذوا قراراً آخَر يقضي بنزْع وسائل الاتصالات الخاصة التي يستخدمها «حزب الله» والتي تمثّل عَصَبَ «القيادة والسيطرة» لكشف أسرار الحزب وإعمائه في حال نشوب حرب أخرى . وقد أثبت الحزب أثناء حرب 2006 قدرتَه على التواصل رغم السيطرة الإسرائيلية على الاتصالات اللبنانية الخلوية ووصولها إلى التنصت على الخطوط الأرضية. وهذه السيطرة كان من شأنها أن تحدّد أماكن الاتصال وتالياً تضرب جميع مكاتب ومخازن وقادة وأفراد «حزب الله» وتقضي عليهم. وردّ «حزب الله» في 7 مايو 2008 بـ«السيطرة» على مدينة بيروت وثبّت فيها «خطوطَه الحمر»، بعدما كان حذّر من أن المساس بها يُعتبر بمثابة «إعلان حرب»، كما أظهرتْه وثائق المراسلات بين السفارة الأميركية في لبنان وواشنطن والتي كشف عنها موقع «ويكيليكس». ولم تتوقف المحاولةُ الدولية لحشْر «حزب الله» أو سحْب سلاحِه الذي تَضاعَفَتْ كميّتُه وقدرتُه الصاروخية وأصبح يمثّل خطراً حقيقياً على إسرائيل. فبدأت الحربُ السورية العام 2011 التي وَعَدَت فيها المعارضة منذ الأيام الأولى بأن وجْهتها المقبلة هي لبنان وقطْع الطريق على تمويل «حزب الله» الذي يمرّ عبر مطار ومرافئ سورية. وكان القرار 1701 الذي صَدَرَ العام 2006 يعطي الصلاحية لـ «اليونيفيل»، بمؤازرة الجيش اللبناني وحكومته، للاطلاع على محتويات الحاويات والشحنات التي تصل إلى لبنان للتأكد من أنها لا تحمل سلاحاً أو ذخائر لـ«حزب الله». وتالياً لم يعد للحزب إلا تَسَلُّم دعْمه عن طريق سورية، الرئة الوحيدة المتبقية، وفَشِلَ قرارُ تحويل سورية «دولةً فاشلة». وبالتالي لم يبقَ سوى العقوبات الاقتصادية على إيران - مصدر الدعم الرئيسي لـ «حزب الله» - وعلى لبنان لإضعافه واتهام التنظيم بأنه السبب وراء أزمة «بلاد الأرز». إلا أن عقوداً من الفساد والعقوبات الأميركية كشفتْ للعلن أن لبنان بحاجة إلى عشرات المليارات من الدولارات التي لم يعد يملكها ما سيؤدي به إلى أحضان التصنيف كـ«دولة فاشلة» في الأشهر أو السنة المقبلة، ما لم تتدارك الدول هذا الخطر الآتي. فلبنان لم يعد يملك ما يكفيه من العملة الأجنبية لدعم الدواء والغذاء حتى أواخر هذه السنة ولا يستطيع دفع ديونه الخارجية ويبلغ عجزه عشرات المليارات من الدولارات. وقد أقرّ السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان في شهادته أمام لجنة الكونغرس الأميركي العام 2010 بأن دولتَه أنفقت 500 مليون دولار لضرْب صورة «حزب الله» من دون أن يؤدي ذلك إلى النتيجة المرجوّة. إلا أن الإنفاق الأميركي ودعْمه لكل مَن تطوّع بالوقوف ضد «حزب الله» في الداخل قد أثمر بعض النتائج وأَحْدَثَ شرْخاً في لبنان لم يعُد يخفى على أحد. وأتى انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس - الذي نَتَجَ عن إهمال وتَقاذُف المسؤولية بين الأمنيين والقضاء - ليقدّم فرصة أخرى للمعسكر الأميركي في لبنان. فتوجّهت الاتهامات إلى «حزب الله» قبل التحقيق الرسمي وذهبتْ الأمور إلى إفشال دور الحكومة واحتلال وزارات الخارجية والاقتصاد والبيئة، وبدأت استقالات بعض النواب بإظهار خطة أخرى لإسقاط مجلس النواب. وبرز العميد المتقاعد جورج نادر، الذي تلا بيانه الرقم واحد من وزارة الخارجية. إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل الذريع والسريع، بعد بضع ساعات فقط، ليبقى الأمل بإسقاط لبنان على يد «اليونيفيل» وتطوير مهماتها وعلى قرار المحكمة الدولية التي أرجئ حُكْمُها من 7 إلى 18 أغسطس. إلا أن حُكْم المحكمة - التي أنفقت أقلّ من مليار دولار و15 عاماً من التحقيقات - أصاب كل المعوّلين عليها بالصدمة بعدما أعطتْ البراءة للحزب وسورية في صفحاتها الـ 2638 واعتبرتْهما غير مسؤولين عن الجريمة. ولم تذكر المحكمة شهود الزور اللبنانيين والسوريين الـ 15 ولا تضليل التحقيق طوال هذه السنوات. وحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان من دون تفويض - ولكن بتنسيق واضح - أميركي في محاولةٍ لمنع سقوط البلاد في يد الصين وإيران وروسيا لإعادة إعمارها. واجتمع - للمرة الأولى بتاريخ أي رئيس فرنسي - أوروبي - مع رئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية على انفراد مرتين «ليؤكد له ضرورة مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة ومساعدة لبنان على الخروج من أزمته من خلال التعاون مع جميع الفرقاء السياسيين»، كما قالت مصادر مطلعة لـ «الراي». إلا أن استقالة الحكومة لن تولد حكومة أخرى بهذه السهولة ولا بحلول بداية سبتمبر المقبل، كما تمنى ماكرون، ولكن ستزيد الشرخ بين اللبنانيين الذين يَبدون مشرذَمين أكثر من أي وقت. وهكذا فشل الانقلاب السياسي ولم يعد التعويل على توسيع صلاحية «اليونيفيل» كخطة بديلة ناجحة، لأن هذه الصلاحية كان من المفترض أن تأتي ضمن مجموعة تدابير لإسقاط لبنان. إلا أنها كلها فشلت كما سيفشل التجديد المشروط للقوات الدولية وستبقى الأمور كما هي حتى آخِر هذا الشهر، موعد التجديد لها. وإذا أرادت أميركا سحْب هذه القوة، سترفض إسرائيل ذلك وتقْنعها بعكس ذلك لأنها بحاجة إلى قوة دولية على المقلب الآخر من الحدود، وبالتالي فإن بقاءها أفضل من لا شيء. وهكذا يبقى لبنان في مهب الريح ينتظر خطوات أخرى لنزْع الأكثرية البرلمانية عن «محور المقاومة» وحلفائه ليصار إلى اتخاذ خطوات أخرى من شأنها قلب الطاولة لمصلحة أميركا. إلا أن المقلب الآخَر المعادي للولايات المتحدة من الصعب أن يقف متفرّجاً.

انتقادات لعون بسبب التأخر بالدعوة لاستشارات نيابية لتكليف رئيس للحكومة.... المشنوق: التأليف قبل التكليف غير مقبول

الشرق الاوسط....بيروت: إيناس شري..... يتعرض الرئيس اللبناني ميشال عون لعدم دعوته إلى استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، لانتقادات واسعة من قبل قوى سياسية رأت في هذا التأخير محاولة لـ«تأليف الحكومة قبل تكليف رئيس لها»، كما قال النائب نهاد المشنوق. ومنذ أسبوعين على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، لم يدعُ رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ورغم أنّ الدستور لا يلزم رئيس الجمهورية بمهلة زمنية محدّدة يدعو خلالها لهذه الاستشارات، تضع بعض القوى السياسية التأخر في إطار «التأليف قبل التكليف». واعتبر المشنوق بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان أن «مسألة التأليف قبل التكليف غير مقبولة»، مطالباً عون بالدعوة للاستشارات كما يقول الدستور. وتنسحب الاعتراضات على «الحزب التقدمي الاشتراكي»، إذ رأى عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب فيصل الصايغ أنّ عون «يحاول تكريس عرف جديد مورس لأوّل مرة قبل تشكيل حكومة دياب»، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ ما يحصل حالياً يوحي و«كأنّ من صلاحيات رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة وليس التوقيع أو عدمه على مرسوم تشكيلها كما ينص الدستور». وذكّر الصايغ بأنّ الدستور «ينصّ على أن يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة، ورئيس مجلس الوزراء يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها». واعتبر الصايغ أنه «للمرة الثانية يحاول هذا العهد تكريس صلاحية جديدة للرئيس، تماما كما فعل عند تشكيل حكومة دياب»ـ الأمر الذي «يكشف تحكم رئيس الجمهورية، فهو يريد الاتفاق على الوزراء قبل الدعوة للاستشارات، وكأنه يقول إنه هو من يشكل الحكومة وليس الرئيس المكلف». وفي حين رأى الصايغ أنّه «لا توجد بوادر توحي بقرب تشكيل الحكومة» ولا سيما أنّ «العهد يتصرف وكأن لا مشاكل اقتصادية واجتماعية في لبنان تتطلب الإسراع في تشكيل الحكومة»، أسف «لأن يكون الشعب في مكان والسلطة في مكان آخر مشغولة بالمحاصصة». وأكّد الصايغ أنّ الحزب «التقدمي الاشتراكي» سيبقى في صفوف المعارضة ولن يُشارك في أي حكومة في عهد عون، وبالتالي لن يُشارك في الحكومة العتيدة بغض النظر عمن يترأسها. وفي السياق نفسه، وجه النائب أنور الخليل (كتلة رئيس البرلمان نبيه بري) رسالة إلى رئيس الجمهورية رأى فيها أنه كلّ مرة يتعاطى عون مع واجب التكليف «يُصار إلى تأخير غير معقول» وأنّ «الأوضاع الاستثنائية الراهنة التي لم يمر بها لبنان منذ تاريخ نشأته تفرض اهتماما استثنائيا بعدم الاستمهال في تعيين تاريخ للاستشارات النيابية». واعتبر الخليل أنّ في «التأخير محاولة لتكريس بدعة التأليف قبل التكليف، وذلك مخالفة فاضحة للدستور». وطالب الخليل عون بأن «يسمح للكتل النيابية بأن تتحمل مسؤولياتها، وذلك بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن، لتسم هذه الكتل من تشاء ويذهب التكليف إلى الاسم الذي تنتقيه غالبية النواب». ولا يعني عدم ذكر الدستور اللبناني مدة محدّدة تلزم رئيس الجمهورية بالدعوة إلى استشارات نيابية «أنّه بإمكان الرئيس التأخر في الدعوة» بحسب ما يرى المحامي والوزير الأسبق رشيد درباس، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ «المسكوت عنه في النص الدستوري، أي تحديد مهلة زمنية، مسكوت عنه لأنه ليس بحاجة لأن يُكتب، فبحكم الدستور على رئيس الجمهورية أن يدعو إلى استشارات نيابية بمجرد استقالة الحكومة لأنّ من مسؤولياته عدم حصول الفراغ». وانطلاقاً مما تقدّم، يرى درباس أنّ رئيس الجمهورية وبتأخره في الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة «يرتكب مخالفتين دستوريتين واضحتين: الأولى تتمثل في الامتناع عن تسيير مرفق عام، أي الحكومة، والاستثمار بغير وجه حق بما سُكت عنه في الدستور». أما المخالفة الثانية بحسب درباس، فتكمن «بتصرف رئيس الجمهورية بطريقة تلغي دور رئيس الوزراء المكلف. فالرئيس ينشط ليشكّل الوزارة ضمناً قبل الدعوة إلى الاستشارات». وبعيداً من المخالفات الدستورية يرى درباس أنّ لبنان «فَقد المعيارية»؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه طرف معين برئيس قوي للجمهورية «يريد المجيء برئيس بلا ثقل سياسي للحكومة»، مضيفاً: «هذا ما هو حاصل حالياً. فتأخر الدعوة إلى الاستشارات سببه عدم قدرة توصل الحركة النشطة بين الطرف الواحد إلى اسم رئيس حكومة يُصار إلى تكليفه. ففي حين يرفض الرئيس وفريقه السياسي تسمية سعد الحريري لا يزال الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة امل) متمسكاً به باعتباره الأقوى في طائفته»....

باريس تدفع باتجاه التركيز أولاً على معالجة الملفات الإعمارية والمالية والاقتصادية.... ماكرون لم يحسم بعد مسألة زيارته الثانية إلى بيروت

باريس: ميشال أبونجم.... علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن الرئاسة الفرنسية «لم تتخذ بعد قراراً بالنسبة للزيارة الثانية» التي وعد الرئيس إيمانويل ماكرون القيام بها إلى لبنان في الأول من شهر سبتمبر (أيلول) القادم، عقب زيارته إلى لبنان بعد الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من الشهر الجاري. وتعزو الأوساط المشار إليها التردد إلى وجود رأيين: الأول، يرى أن الزيارة لن تكون ذات معنى إذا عاد ماكرون إلى بيروت فيما مناحرات المسؤولين السياسيين على أشدها، وفي غياب حكومة جديدة أو على الأقل تكليف شخصية يتم التوافق حولها لتشكيلها. والحال، أنه بعد مرور أسبوعين على استقالة حكومة حسان دياب، لم يعمد رئيس الجمهورية (ميشال عون) بعد إلى تعيين موعد الاستشارات الملزمة لتسمية رئيس جديد، كما أن الشروط والشروط المضادة التي تضعها الأطراف لا تنبئ بأن شيئاً كهذا يمكن أن يحصل في القريب العاجل. أما الرأي الثاني فيعتبر أن وجود ماكرون في بيروت يمكن أن يشكل عامل ضغط على المسوؤلين السياسيين لملء الفراغ المؤسساتي، كما أن زيارته الأولى سرعت في إسقاط حكومة دياب. بيد أن نقطة التلاقي بين الطرفين هي «النظر بكثير من الأسى» لما هو حاصل في لبنان، حيث يريان أن السياسيين «يتصرفون كأن لا كارثة جديدة ضربت بلدهم أو أن أوضاعهم الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية في أفضل حال». وتضيف هذه الأوساط أنه «سيكون أمراً مأساوياً أن يهدر اللبنانيون الفرصة الفريدة المتاحة لهم والمتمثلة باهتمام العالم بهم ورغبته بمساعدتهم»، مذكرة بأن ماكرون كان «سباقاً» في التوجه إلى بيروت بعد أقل من 48 ساعة على كارثة المرفأ. وتبدو باريس مقتنعة أن المبادرة الفرنسية لعبت دور «المحرك» للأطراف الأخرى عربياً وإقليمياً ودولياً لمد يد العون للبنان. وترى باريس اليوم أن الوضع السياسي في لبنان «جامد ومجمد»، وأن الاستمرار على هذا المنوال ستكون من نتائجه «تراخي الدعم الدولي»، وهي تعزو السبب في ذلك إلى أن السلطات والمسؤولين السياسيين يعتبرون أنهم «نجحوا في امتصاص الصدمة» وعادوا للتصرف، كأن أمامهم الوقت الكافي وربما اللامحدود لترتيب مصالحهم وفق «التقليد» اللبناني المعروف. وبهذا الصدد، يذهب تركيز باريس، وفق المصادر المشار إليها، إلى «الدعوة للاهتمام بالملفات الاقتصادية والمالية وترك السياسة في هذه المرحلة جانباً» بانتظار الانتخابات القادمة، أكانت مبكرة في مواعيدها العادية. ولذا، فإن الاهتمام اليوم منصب على شخصية سنية ذات خبرة مرموقة في شؤون الاقتصاد، تحظى بدعم سني وبقبول ودعم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري «حتى لا تتكرر تجربة حسان دياب». والمعضلة مع الحريري أنه، حتى اليوم، «لم يحظَ بالدعم المطلوب» لا محلياً ولا عربياً، فيما أطراف كثيرة لا تريده مجدداً في السرايا الحكومية. يضاف إلى ذلك أن الحريري «لا يرغب في حرق نفسه» وتكرار تجربته الماضية إذا جاء بحكومة شبيهة بالحكومة التي استقالت تحت ضغط الشارع. لا تتوقف ملاحظات باريس عند هذا الحد. فإذا كان ماكرون قد شدد على ضرورة القيام بإصلاحات، فقد أشار إليها كعناوين كبيرة. إلا أن الدوائر الفرنسية عملت على «تفصيلها»، بحيث يمكن أن تشكل أساساً لما تريده الأسرة الدولية من لبنان. ووفق ما اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، فإن «الورقة الإصلاحية» الفرنسية (إذا جازت تسميتها بهذا الشكل) تتضمن ستة بنود، اثنان منها لا يفترض أن يحصل اختلاف بصددهما بين اللبنانيين؛ وهما، من جهة، تمكين الحكومة والقطاع الصحي من مواجهة التفشي المتصاعد لوباء الكورونا فيروس بشكل يثير القلق. أما البند الثاني بالغ الإلحاح، فيتناول إعادة بناء وإعمار ما هدمه الانفجار الأخير. وترى باريس أنه بصدد هذين الأمرين، يتعين توافر «وحدة موقف» بين الجميع. أما المقترحات الإصلاحية فتتناول أربعة قطاعات والقطاع الأهم والأكبر فيها عنوانه الطاقة والملف الأكبر فيها هو الكهرباء المسؤولة عما لا يقل عن 40 بالمائة من الديون. ويلي الطاقة قطاع الاتصالات الذي يفترض أن تغلب عليه أيضاً الشفافية الضائعة، بحيث إن القطاع الأول يمكن أن يخفف عن الدولة أعباء مالية فيما الثاني يستطيع مدها بإمكانات مالية جديدة. وفي المقام الثالث يحل الشق المالي بما يتطلبه من الحاجة لتدقيق مالي وتحديد الخسائر والعجوزات بشكل علمي كمقدمة لمعاودة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي لا مساعدات خارجية من غير المرور به. وأخيراً، تأتي الإصلاحات بما خص محاربة الفساد والوصول إلى قضاء مستقل وإلى الشفافية في العروض الحكومية والمناقصات وخلافها. ولا تعتبر باريس أن هذه المطالب «فرض من الأطراف الخارجية» على لبنان، بل إنها بالدرجة الأولى المطالب التي رفعها اللبنانيون الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. تبقى مسألة أخيرة ينظر إليها الجانب الفرنسي بكثير من القلق، وهي المعلومات التي تفيد بأن لبنان لم يعد يمتلك القدرات المالية لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية سوى لشهرين أو ثلاثة. فبعد التخلف عن دفع الديون المترتبة على القروض «اليوروبوندز» في يونيو (حزيران) الماضي، وتراجع لبنان لدى مؤسسات التصنيف الدولية، يأتي هذا التخلف، في حال لم يتم تداركه سياسياً واقتصادياً ومالياً ليزيد من أعباء اللبنانيين وليفاقم نقمتهم على دولة لا تضمن لهم الأمن الغذائي، ناهيك بالمالي والاقتصادي والسياسي.

توقيفات جديدة في انفجار المرفأ والمحقق العدلي يلتقي فريق «إف بي آي»

الشرق الاوسط....بيروت: يوسف دياب.... تتسارع وتيرة التحقيقات القضائية التي يجريها المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، سواء باستجواب المزيد المدعى عليهم في الملف، أم عبر الاستنابات التي يسطرها إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية وخبراء المتفجرات الأجانب الذين يستكملون عمليات المسح الميداني لموقع الانفجار، وتحديد أسبابه وخلفياته ونوعية المواد المتفجرة، وما إذا كان ناجماً عن خطأ بشري أو استهداف أمني مدبّر، حيث عقد القاضي صوّان اجتماعاً أمس (الاثنين)، هو الأول من نوعه، مع فريق الـ«إف بي آي»، وجرى تقييم للمرحلة التي بلغتها الأعمال الفنية في المرفأ والوقت الذي يحتاجه الخبراء للانتهاء من أعمالهم. وكشف مصدر رفيع قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن المحقق العدلي «اطلع من خبراء المتفجرات الأميركيين على آخر ما توصلوا إليه في مهمتهم، والانطباع الذي تكوّن لديهم بعد أسبوع من عملهم المتواصل في مرفأ بيروت»، مشيراً إلى أن صوّان «كلّف الفريق الأميركي بموجب استنابة رسمية، بمهام جديدة مرتبطة بطبيعة عمله (الفريق الأميركي)، وطلب أجوبة تقنية وفنية حولها في أسرع وقت، لأن هذه الأجوبة يتوقّف عليها بعض القرارات التي سيتخذها». وفيما لم يتسلّم المحقق العدلي أي تقرير من الخبراء الفرنسيين والروس الذين يشاركون الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية في مهامها، رجّح المصدر القضائي أن «تعقد اجتماعات متلاحقة بين هؤلاء الخبراء والقاضي صوّان، لمعرفة آخر المستجدات على صعيد تحديد أسباب الانفجار التي يتوقّف عليها أمور كثيرة». وكشف المصدر أن صوّان «تلقى اتصالاً من القائم بأعمال السفارة الكندية في لبنان، أبدى خلاله استعداد بلاده لتقديم الدعم الذي يحتاجه القضاء اللبناني، الذي يساهم في جلاء حقيقة ما حصل في المرفأ والكارثة التي أصابت بيروت وكلّ لبنان». أما على صعيد التحقيقات القضائية، فقد استجوب المحقق العدلي أمس، المدير العام السابق للجمارك اللبنانية شفيق مرعي بحضور وكيله المحامي جورج روفايل، كما استجوب المدعى عليه يوسف شبلي وهو متعهد أعمال التلحيم التي حصلت في العنبر رقم 12 قبل ساعات من الانفجار، والموظف في المرفأ مخائيل المرّ بحضور وكيلي الدفاع عنهما، وأصدر مذكرات توقيف بحقهم. وقد حصلت الاستجوابات بحضور المحامي يوسف لحود ممثلاً نقابة المحامين في بيروت، التي اتخذت صفة الادعاء الشخصي نيابة عن كلّ أهالي الضحايا والمصابين والمتضررين جراء هذا الانفجار، ليرتفع بذلك عدد الموقوفين قضائياً في كارثة المرفأ إلى تسعة أشخاص أبرزهم شفيق مرعي ومدير عام الجمارك الحالي بدري ضاهر ومدير مرفأ بيروت المهندس حسن قريطم، بالإضافة إلى مهندسين وموظفين كبار في موقع المسؤولية. ويبقى على قائمة الاستجواب 10 موقوفين على ذمة التحقيق، وستة مدعى عليهم غير موقوفين، على أن يبدأ بعدها استجواب وزراء الأشغال والمال الحاليين والسابقين حول هذا الموضوع ومسؤوليتهم عن إبقاء مادة نترات الأمونيوم في المرفأ طيلة هذه السنوات. وفيما ينتظر القضاء اللبناني إذناً من السلطات القبرصية، يسمح بإيفاد فريق أمني إلى لارنكا لاستجواب قبطان الباخرة «روسوس» التي نقلت شحنة «نترات الأمونيوم» إلى بيروت، تواصل النيابة العامة التمييزية تحقيقاتها في مضمون الوثيقة التي تلقتها، وتبيّن أسباب رسوّ الباخرة المذكورة في مرفأ بيروت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، والتي كان هدفها نقل شاحنات للحفر وآليات للمسح الجيولوجي إلى ميناء العقبة في الأردن، كانت وزارة الطاقة اللبنانية استقدمتها بطلب من وزير الطاقة آنذاك جبران باسيل، لصالح شركة «سبكتروم» الروسية، لإجراء مسح زلزالي وإجراء دراسات عن وجود حقول للنفط والغاز في منطقة البترون (شمال لبنان). وبتكليف من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، يغادر اليوم (الثلاثاء) وفد من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي إلى تركيا، لاستجواب الوسيط الذي توسّط مع قبطان الباخرة «روسوس» للمجيء إلى مرفأ بيروت، لنقل المعدات والآليات المذكورة بناء على طلب وزارة الطاقة. وفي سياق استكمال المسح الميداني، كشف الجيش اللبناني عن ضبط مستوعبات جديدة في مرفأ بيروت تحتوي على مواد كيميائية خطيرة. وقال الجيش في بيان أصدره أمس: «تتواصل الإجراءات الاحترازية وعمليات المسح الشامل التي تقوم بها الفرق المتخصصة التابعة لفوج الهندسة في الجيش بالتعاون مع فريق من الخبراء الفرنسيين في منطقة المرفأ». وأضاف: «خلال الفترة الممتدة ما بين 14-8-2020 و22-8-2020، تم الكشف على 25 مستوعباً يحتوي كل منها مادة حمض الهيدريك، وكذلك على 54 مستوعباً تحتوي مواد أخرى، قد يشكل تسربها من المستوعبات خطراً»، مؤكداً أنه «تمت معالجة تلك المواد بوسائل علمية وطرق آمنة، وتجري متابعة هذه الأعمال بالتنسيق مع الإدارات المعنية العاملة ضمن المرفأ».....

عون يدعو وزير الدفاع الإيطالي إلى تسهيل إعادة النازحين السوريين

بيروت: «الشرق الأوسط».... قال الرئيس اللبناني ميشال عون إنّ لبنان يواجه عدداً من التحديات التي يعمل على معالجتها، والتي «تتوزع بين أزمته الاقتصادية والمالية، وتداعيات وباء كورونا، والنزوح السوري إلى لبنان»، إضافة إلى «وضع اللاجئين الفلسطينيين على أرضه». ودعا عون خلال استقباله وزير الدفاع الإيطالي لورنزو غويريني أمس (الاثنين)، إيطاليا إلى «العمل على مساعدة لبنان على تسهيل إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، خصوصا بعدما حل الاستقرار في مناطق واسعة من سوريا». وفي حين شكر عون «الدعم الذي قدمته إيطاليا للبنان في هذا الظرف الدقيق»، نوه بـ«المشاركة الإيطالية في قوات اليونيفيل في الجنوب لحفظ الأمن والاستقرار تنفيذاً للقرار 1701». وعرض عون مع غويريني «الصعوبات التي واجهت لبنان ولا تزال»، والتي «لم تعد تقتصر فقط على الأولويات الأربع التي حددها مؤتمر باريس في القطاعات الطبية والصحية والتربوية والغذائية، إضافة إلى إعادة تأهيل مدينة بيروت». من جانبه، أكد الوزير الإيطالي «وقوف إيطاليا إلى جانب الشعب اللبناني في المحنة الجديدة التي واجهته»، عارضاً «المساعدات التي قدمتها إيطاليا من خلال عملية (طوارئ الأرز) التي نفذتها سفينة عسكرية تابعة للبحرية الإيطالية والجيش الإيطالي والتي حملت على متنها مستشفى ميدانياً مع وحدة لرفع الأنقاض في فوج الهندسة، إضافة إلى وحدة من المتخصصين في الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية». ولفت غويريني إلى أن رئيس الوزراء الإيطالي جيوسوبي كونتي سيزور لبنان في الأيام القليلة المقبلة. وعلى خط المساعدات التي يتواصل إرسالها إلى لبنان، وفي موازاة وصول طائرة مساعدات أميركية إلى المطار، أعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه، في بيان، استمرار وصول المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة إلى بيروت، وفي هذا الإطار حطّت في مطار رفيق الحريري الدولي أمس ثلاث طائرات محمّلة بالمساعدات الغذائية والطبية، اثنتان منها من مصر والثالثة من اليونان. كذلك، وصلت إلى مرفأ بيروت باخرة إيطالية محمّلة بمساعدات طبية.

لبنان يوقع «التحقيق المالي الجنائي» خلال أيام

بيروت: «الشرق الأوسط».... سلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، أمس (الاثنين)، الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا، النسخة النهائية لاتفاقية التحقيق المالي الجنائي. وفي حين شدد عون على «ضرورة أن يتم التوقيع في أقرب وقت»، رجح وزني أن يكون خلال اليومين المقبلين. وكان مجلس الوزراء قد وافق في وقت سابق على التعاقد مع شركة «Alvarez & Marsal» للتدقيق الجنائي ومع شركتي «kpmg» و«oliver wayman» للتدقيق المحاسبي. وتبحث آلية «التدقيق الجنائي التشريحي» فيما إذا كانت العمليات المالية أجريت في الإطار السليم دون أي مخالفات. وسيبدأ التدقيق بموجب قرار مجلس الوزراء في «مصرف لبنان»، مما يتيح لشركة التدقيق الجنائي الولوج إلى العمليات المصرفية والتحويلات، قبل أن يتوسع إلى مؤسسات أخرى في الدولة. وقال وزني بعد لقائه عون إن هذا العقد بالنسبة إلى عون، «خطوة إصلاحية أساسية، وموضع اهتمام من قبله؛ نظراً إلى أهميته الكبيرة جداَ، خصوصاً أنه مطلب خارجي من قبل صندوق النقد الدولي والدول المانحة، وهو مطلب مهم من قبل المجتمع الدولي في إجراء أوّلي للإصلاح». وأوضح أن «تنفيذ عملية التدقيق الجنائي يبدأ فوراً بعد توقيع العقد بفترة 4 أو 5 أيام، وعلى الشركة المعنية أن تكون موجودة في بيروت للبدء بهذه العملية». ويتكوّن فريق التدقيق بشكل عام من 16 شخصاً، إلا إن الفريق الدائم والمعني بعملية التدقيق يتألف من 9 أشخاص. ولفت وزني إلى أنه «يجب خلال فترة 10 أسابيع من تاريخ إنجاز العقد أن يكون التقرير الأولي للتدقيق الجنائي جاهزاً». وقال إن مطلب الرئيس عون من التدقيق «هو إصلاحي وليس الهدف منه فقط التدقيق الجنائي فيما يتعلق بموضوع (مصرف لبنان)؛ بل يجب أن يطال هذا الإصلاح أيضاً جميع المؤسسات العامة؛ كما الوزارات»، لافتاً إلى أن وجهة نظر عون «أوسع من أن يقتصر هذا التدقيق على حسابات (مصرف لبنان)». وقالت وزيرة المهجرين في حكومة تصريف الأعمال غادة شريم إن التوقيع المنتظر على التدقيق الجنائي «يأتي ليحيي بعض الأمل فينا. مطلب إصلاحي لكل الدول المانحة أقرّته الحكومة المستقيلة رغم كل المعوقات»، عادّةً أن «تسخيفه والتلميح إلى عرقلته لن يثنيانا عن الإصرار عليه».....

مشاورات التكليف: فرنسا تسمّي الحريري!

الاخبار.... الاستشارات النيابية في نهاية الأسبوع الجاري على ما تؤكده مصادر بعبدا؛ يحصل ذلك في ظل عدم توافق الكتل النيابية الكبرى على مرشح لرئاسة الحكومة. وحده رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الميدان لكن تحول دون عودته مجموعة لاءات داخلية وخارجية... على الرغم من رفع رئيس مجلس النواب يديه من مساعي التوفيق بين القوى السياسية الكبرى لإعادة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، ما أدّى الى توقف المشاورات بشكل شبه كلّي، سيدعو رئيس الجمهورية ميشال عون الى استشارات نيابية ما بين يومي الخميس والسبت المقبلين. وقد أكدت مصادر بعبدا أن الوقت متاح للاتفاق قبيل ذلك، لكن، وحتى في حال عدمه، فإن الرئيس متمسك بهذه الدعوة. وحتى مساء أمس، لم يكن قد سجّل أي خرق في المشهد السياسي الداخلي، باستثناء تداول الفرنسيين مجدداً باسم الحريري كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، بعد تيقنهم من أن لا مرشح آخر في الأفق يمكنه تأليف حكومة توافقية. فالفرنسيون، وعلى لسان رئيسهم إيمانويل ماكرون، سبق أن طالبوا بحكومة «وحدة وطنية»، ثم تراجعوا عنها تحت الضغط الأميركي، ليطالبوا بحكومة محايدة برئاسة السفير السابق نواف سلام. وبعد فيتو ثنائي حزب الله وحركة أمل على الأخير، عاد ماكرون إلى مرشحه الاول، أي الحريري. وفيما يعد ماكرون بتأمين توافق خارجي على عودة رئيس المستقبل إلى رئاسة الحكومة، لا تزال السعودية مصرة على موقفها، ليس بإشهار الفيتو بوجه الحريري، لكن بالتعامل مع مسألة ترشيحه كما لو أنها لا تعني الرياض بتاتاً. وتلك طريق سبق أن اعتمدها السعوديون حين جرى عقد التسوية الرئاسية عام 2016. على أن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع يمثّلان الاستطلاع الأبرز لمزاج وليد العهد السعودي محمد بن سلمان. وما رفضهما للحريري سوى بإشارة من الرياض نفسها، كما نتيجة رغبتهما في ترك التيار الوطني الحر يتسلّم حكومة يريان أنها «ستفشل حتماً وتقضي على آمال جبران باسيل المستقبلية». فالموفد الجنبلاطي الى عين التينة يوم السبت الماضي، النائب وائل أبو فاعور، أبلغ بري عدم سير زعيم المختارة برئيس الحكومة السابق مرة أخرى، وهو ما دفع رئيس مجلس النواب الى وقف مبادرته للحل. وتأتي زيارة جنبلاط الى منزل الحريري مساء أمس، كمحاولة لترطيب الأجواء بين الطرفين، بعد التوتر الذي حصل بينهما على خلفية الرسالة السلبية التي حملها أبو فاعور. أما جعجع، فيبدو أكثر حدة في موقفه الرافض للتداول باسم الحريري نهائياً، وهنا تكمن العقبة الأكبر. امتناع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن التعاون مجدداً مع الحريري معطوفاً على الفيتو القواتي، يرفعان الغطاء المسيحي عنه. وقد سبق للحريري أن رفض تسميته سابقاً عقب قرار الحزبين مقاطعته، وبالتالي سيكون أمامه خيار من اثنين: تجاهل القوتين المسيحيتين والاستعاضة عنهما بحزب المردة وبعض النواب المستقلين، أو تكرار السيناريو السابق نفسه. مساء أمس، بدأت المشاورات في بيت الوسط عبر اجتماع ضمّ الى الحريري رؤساء الحكومة​ السابقين، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام. لم يخرج المجتمعون بأي بيان، تاركين اجتماعاتهم مفتوحة. وقد علمت «الأخبار» أن اجتماعاً آخر سيعقد، وسيضمّنه رؤساء الحكومة السابقون موقفاً حاداً نتيجة تأخر مشاورات التكليف.

الرياض تتعامل مع مسألة ترشيح الحريري كما لو أنها لا تعنيها

في سياق آخر، يكاد «التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان يسلك طريقه النهائي بانتظار توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون عليه في الأيام القليلة المقبلة. وتسلم عون المسودة الأولية للعقد مع شركة التدقيق من وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الذي لفت الى أن «العقد ينقصه بعض النقاط التي لا تعد جوهرية، وستتم معالجتها»، على أن يتم «التنفيذ فوراً بعد التوقيع، ليبدأ بعد 4 أو 5 أيام». وأوضح أن «الفريق الذي سيعمل في لبنان يفوق عدده 16 شخصاً، في حين أن الفريق الدائم يتألف من 9 أشخاص». ووفقاً للعقد، يجب أن يكون التقرير الأولي للتدقيق الجنائي جاهزاً خلال 10 أسابيع. وأشار وزني الى أن «مطلب عون إصلاحي وليس هدفه التدقيق الجنائي بما يتعلق بمصرف لبنان فقط، بل سيطال جميع المؤسسات العامة والوزارات». من جهة أخرى، وقّع وزير الداخلية محمد فهمي مرسوم الدعوة الى انتخابات نيابية فرعية وأرسله الى رئاسة الحكومة.

الحسيني: الرئيسان مُلزمان مهلاً مقيِّدة

الاخبار.... نقولا ناصيف .... في كل مرة تستقيل حكومة تشكو البلاد من ازمة دستورية مزدوجة ومتلازمة: اجراء استشارات نيابية ملزمة وتأليف حكومة جديدة. ما تنص عليه المادة 53 عنهما واضحة وصريحة. يوماً بعد آخر تفرّخ اعراف تحيل تطبيق المادة تلك مشكلة عويصة .... ليس سرّاً ان تطبيق المادة 53 في الدستور، في الحقبة السورية، كان اسهل الخيارات لسبب وحيد، هو ان دمشق تقرر مَن يكون رئيس الحكومة، وترسل اليه لائحتها الجديدة ما خلا بضع خانات قليلة فارغة، يملأها رئيس الجمهورية او الرئيس المكلف بأسماء مرشحيهما. لم يتعدَّ وزراء هذا وذاك مرة الثلث +1. لا ترضى بهم دمشق الا لأنها تعرفهم او تطمئن اليهم. ليس اكثر ولا اقل. على مر الحكومات المتعاقبة بين عامي 1989 و2004، كانت ارقام المواعيد سهلة القراءة: المدّة الاقصر ما بين تكليف رئيس للحكومة وتأليف الحكومة الجديدة يومان مع حكومة الرئيس رفيق الحريري عام 2003، والمدّة الاطول له ايضاً وهي 14 يوماً في حكومة 1996. بينهما ترجحت الارقام ما بين 3 ايام و9 ايام. اما تكليف الخلف حينذاك، فلا يتأخر حصوله اكثر من ثلاثة ايام ما ان يستقيل السلف. منذ اتفاق الدوحة عام 2008، لم يعد الامر كذلك. انتقل قرار التكليف والتأليف برمته الى الافرقاء اللبنانيين وحدهم، فأخفقوا تدريجاً في احترام المادة 53 التي لم تحظَ في الاصل باحترام السوريين الا في الظاهر. لأنهم ارادوا دائماً النصاب الموصوف في الحكومة، اياً يكن رئيسها، احالوا المادة 53 عربة توصلهم الى ذلك النصاب. بعد اتفاق الدوحة الذي طوى فعلياً اتفاق الطائف ودفنه ربما، اضحت المادة الدستورية سبباً لأزمة نظام تتكرّر استحقاقاً بعد آخر، من جراء الاعراف التي راحت تحوط بتطبيقها. بعد اعتبار الرئيس المكلف ان لا مهلة مقيِّدة له لتأليف الحكومة، صار لرئيس الجمهورية ان يقول ان لا مهلة مقيِّدة له للدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة. بذلك تساويا في استخدام فيتو سلبي لكليهما، يتيح لصلاحية كل منهما ان تكون عصا في وجه الآخر. اتى هذان العُرفان كي يُضافا الى تلك المنبثقة من اتفاق الدوحة، غير المتفق عليها في وثيقة الطائف وغير الواردة في متن الدستور المنبثق منها: النصاب المعطل، تقاسم الحقائب وتوزيعها على الافرقاء على نحو يحيلها ملكاً للحزب او التيار الذي يحوزها واحياناً تصير ملك طائفته، اختيار اسماء الوزراء في معزل عن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. يحدث ذلك باسم المادة 53، فيما الواقع يتكرّر باسم الاعراف الناشئة عن اتفاق الدوحة. في حكومة 2020، أخّر رئيس الجمهورية الدعوة الى استشارات نيابية ملزمة 50 يوماً. هو الموعد الرابع بعدما كان حدّد موعداً اول في 9 كانون الاول، ثم موعداً ثانياً في 16 كانون الاول، ثم موعداً ثالثاً في 19 كانون الاول بناء على طلب الرئيس سعد الحريري بسبب افتقاره الى اصوات المسيحيين. قبل عون فعل سلفه الرئيس ميشال سليمان الامر نفسه مع حكومة 2011، بمدّة اقل، لكنه انشأ السابقة: ارجأ استشارات نيابية ملزمة اسبوعاً بعدما حدّد موعدها في 17 كانون الثاني ثم صار في 24 كانون الثاني بذريعة «تأمين المصلحة الوطنية». ما بين سليمان وعون اضحت مدّة الدعوة الى الاستشارات الملزمة مفتوحة، وصلاحية دستورية بين يدي رئيس الجمهورية يجبه بها حجة الرئيس المكلف ان لا مهلة ملزمة له لتأليف الحكومة. بذلك بدت هاتان الصلاحيتان ملك طائفتي الرئيسين لا تُمس. لم يكن الامر كذلك ابان الولايتين الطويلتين للرئيسين الياس هراوي واميل لحود. كلاهما حكم في ظل الحقبة السورية كحليفين قويين لها، ما اتاح لكل منهما الاجتهاد اكثر من مرة في لعبتي التكليف والتأليف، كما في لعبة التواطؤ لاسقاط الحكومة: الاول اسقط حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1992 كي يخلفه الحريري الاب، والثاني اسقط تكليف الحريري الاب مرتين عامي 1998 و2004 كي يخلفه الرئيس سليم الحص وكرامي. مع ذلك لم يستنبطا اعرافاً غير مسبوقة. ما يواجهه تأخير الاستشارات النيابية الملزمة اليوم، سيُرَد عليه - ما ان يحصل التكليف - بتأخير تأليف الحكومة الى ان يستقر الرئيس المكلف مع الافرقاء المعنيين - الشركاء الفعليين في التأليف منذ اتفاق الدوحة - على تقاسم الحصص. كان يحصل ذلك في حكومة الوحدة الوطنية (2008 و2009 و2014 و2016 و2019)، وحكومة الفريق الواحد سياسيين او تكنوقراط (2011 و2020).

عندما يُسأل الرئيس حسين الحسيني عن عُرف المدد المفتوحة لكلي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، يجيب ان اتفاق الطائف قيَّدهما بمهل لا يسع اياً منهما الخروج عليها: على رئيس الجمهورية فور استقالة الحكومة المبادرة الى الدعوة الى استشارات نيابية ملزمة لتسمية الرئيس المكلف الذي يقتضي به تأليف الحكومة في اربعة اسابيع او يعتذر. يقول الحسيني ان هذين البندين نوقشا في مداولات الطائف عام 1989، استناداً الى وثيقة اصلاحات اعدّها هو والبطريرك الماروني الراحل مارنصرالله بطرس صفير في بضع جولات حوار بينهما، بدأت في روما عام 1987، واستكملت حتى عام 1989 على جولات في الديمان. لهذه الوثيقة ثلاث نسخ: اولى احتفظ بها الحسيني، وثانية صفير، وثالثة الرئيس حافظ الاسد الذي كان يطلع على تطورات صيغتها يوماً بيوم الى ان وافق عليها. في ما تضمّنته الورقة تلك، وناقشها البرلمانيون في الطائف، في الفقرة هاء في باب تشكيل الحكومة:

«1 - يجري رئيس الجمهورية استشارات نيابية ملزمة في حضور رئيس مجلس النواب، ويصدر في نتيجتها كتاباً يسمي فيه رئيس الحكومة المكلف.

2 - يجري رئيس الحكومة المكلف استشاراته لتشكيل الحكومة خلال مهلة اربعة اسابيع من تاريخ تكليفه.

3 - في حال اعتذار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، يعمد رئيس الجمهورية الى استشارات جديدة وفقاً لما ورد في البند (1) اعلاه.

4 - تصدر مراسيم تشكيل الحكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

5 - في حال عدم اصدار مراسيم تشكيل الحكومة بعد انقضاء مهلتي التكليف، ينعقد مجلس النواب من دون تأخير بدعوة من رئيسه، فينتخب رئيساً للحكومة يقوم بتشكيلها في مهلة اسبوعين:

أ - يتقدم الى مجلس النواب بخطة عمل الحكومة، وتعتبر ثقة المجلس بالحكومة كافية بنسبة 55% من مجموع الاعضاء المؤلف منهم مجلس النواب.

ب - في حال اعتذار الرئيس المنتخب او عدم قدرته على تشكيل الحكومة، او عدم نيلها ثقة مجلس النواب، يبادر المجلس مجدّداً الى انتخاب رئيس للحكومة يقوم بتشكيلها وفقاً لما تقدّم».

عندما طُرح هذا الجزء من وثيقة الاصلاحات - يروي الحسيني - اعترض النائب بطرس حرب على حضور رئيس المجلس الاستشارات النيابية الملزمة، وعدّها سوء ائتمان لرئيس الجمهورية او قلة ثقة، فصُوِّب النص بأن يُطلع رئيس الجمهورية رئيس المجلس على نتائج الاستشارات تلك بعد حصولها. وهو ما اوردته المادة 53.

الحسيني: وضعنا آلية تأليف الحكومة بمهلة مقيِّدة وفق قاعدة الطلاق عند المسلمين

عندما طُرحت مهلة الاربعة الاسابيع للتأليف، قوبلت ايضاً باعتراضات زعماء السنّة من بين النواب، ولم يكن الحريري بعيداً منهم في غرفة مجاورة لقاعة المؤتمر، خصوصاً بعد مناقشة صلاحيات نائب رئيس الحكومة. ارتؤي عندئذ وضع الآلية المقيِّدة لتأليف الحكومة في نظام اعمال مجلس الوزراء عندما يصير لاحقاً الى اعداده، خصوصاً ان صلاحيات نائب رئيس مجلس النواب منصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس النواب، ما يقتضي وضع صلاحيات نائب رئيس الحكومة في نظام داخلي لمجلس الوزراء. وفق الرئيس السابق للبرلمان، لم تسقط في مداولات الطائف المهلة المقيِّدة للرئيس المكلف، واتفق على ابقائها مهلة اربعة اسابيع تبعاً للآلية التي يقول الحسيني انها مستمدّة من قاعدة الطلاق عند المسلمين: بعد ان يُطلق الزوج ثلاث مرات، لا يسترجع زوجته الا بعد زواجها من آخر. على نحو مطابق، يُسمّي رئيس الجمهورية الرئيس المكلف - المقيَّد بمهلة - مرتين، فاذا اخفق انتقلت الصلاحية الى زوج آخر هو مجلس النواب.

تحذير إسلامي وطني من تكرار تجارب أزمات السبعينيات الحكومية

تمرّد تجاري على الإقفال بدءاً من الغد.. وحملة عونية شعواء على وزير التربية

اللواء.... أثارت الأجواء التي نشرتها «اللواء» أمس حول الغليان في الشارع السنّي إهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية وهيئات المجتمع المدني التي طالبت بإحترام أحكام الدستور، والحفاظ على مبادئ الميثاق الوطني التي كرست قواعد الشراكة بين اللبنانيين. وأعادت الأوساط الإسلامية إلى الذاكرة تجارب الأزمات المماثلة التي شهدها لبنان منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، حيث كانت المرجعيات الروحية تتصدى للإختلالات في المعادلة الداخلية، من خلال إجتماعات تجمع النخب والقيادات الفاعلة، وتتخذ القرارات المناسبة لإعادة التوازنات الحساسة إلى وضعها الطبيعي. فشغور مركز رئاسة الجمهورية دفع البطريركية المارونية إلى عقد إجتماعات موسعة في بكركي، كانت تخرج في معظم الأحيان بلوائح ترشح أسماء شخصيات لملء الفراغ الرئاسي. وكان آخر هذه الإجتماعات ما حصل إبان الشغور الرئاسي عام ٢٠١٤، وضم الشخصيات المتنافسة على الرئاسة الأولى بمن فيهم العماد ميشال عون. وقامت دار الفتوى بدور مشابه في المراحل العصيبة، حيث حالت دون تجاوز إرادة الطائفة في إختيار رئيس الحكومة في وقت الأزمات، مثل ما جرى عند تعيين الرئيس أمين الحافظ رئيساً للوزراء من قبل رئيس الجمهورية بعد رفض رؤساء الحكومات السابقين هذه المهمة، فكان أن تم سحب الغطاء السياسي والروحي عنه، فلم تتمكن حكومته من نيل الثقة. وتكرر المشهد مع رئيس الحكومة العسكرية اللواء نور الدين الرفاعي الذي قدم إستقالته بعد فترة وجيزة من إعلان حكومته. وإعتبرت هذه الأوساط أن الأزمة السياسية الراهنة لا تقل خطورة عن تلك الأزمات، التي إستدعت إتخاذ خطوات غير عادية من قبل المرجعية الروحية في عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، ومعه قيادات سياسية في تلك المرحلة، بهدف الحد من شطط بعض أطراف السلطة، والحفاظ على أسس التوازن في المعادلة الوطنية. وفي الوقائع اليومية، سبعة أيام فقط، قبل 1 أيلول، وهو موعد مقرر سلفاً لاحتفالية إعلان دولة لبنان الكبير في 1 أيلول 1920 من قبل الجنرال الفرنسي غورو، حيث لا يزال مجيء الرئيس ايمانويل ماكرون ثابتاً، ما إن تطرأ على الموقف تعديلات، في ضوء الانزعاج الفرنسي من تباطؤ حركة تأليف الحكومة الجديدة، والخشية من إضاعة فرصة الدعم الدولي للبنان. هذا الدعم المرتبط بحزمة الإصلاحات من الكهرباء إلى هيكلة القطاع العام والقطاعين الاقتصادي والمصرفي..

وعشية هذا الاستحقاق كيف بدا الموقف؟

1- في بعبدا، تعترف المصادر الرئاسية، ان خرقا ما لم يحصل على صعيد الملف الحكومي.

تسارع المصادر إلى ترجيح ان تكون دعوة الرئيس ميشال عون (وهي صلاحية دستورية) إلى الاستشارات الملزمة في موعد زمني لا يتعدى نهاية الأسبوع الجاري.. تبرر المصادر الرئاسية التأخير في توفير حدّ أدنى من الإجماع على هوية رئيس الحكومة. الحكومة التي يريدها الرئيس عون تكنو-سياسية، فالاصلاح يحتاج إلى وجوه من خارج التركيبة التقليدية للحكومة.. وهذا - حسب المصادر نفسها - ينسجم مع مطلب الإصلاحات الذي يشترطه المجتمع الدولي للمساعدة، فضلاً عن الحاجة، لتمثيل المجتمع المدني.. وتنفي مصادر بعبدا أي أسباب إقليمية - دولية للتأخير، معتبرة ان التأخير الحاصل مرده اعتبارات وأسباب داخلية صرف..

عين التينة: ترقب

الترقبُّ سيّد الموقف في عين التينة، بعد ان اوقف الرئيس نبيه برّي اتصالاته ومساعيه اثر اصطدام مبادرته بالتعنت الذي ابداه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إزاء التعاون مع الرئيس سعد الحريري في حكومة جديدة.. لكن ذلك، لم يمنع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من زيارة عين التينة، والتداول مع الرئيس برّي في ما يمكن فعله، في ضوء التوجه الرئاسي لحسم قريب لموعد الاستشارات النيابية الملزمة. وإذا ما بقي الوضع على تعثره لغاية 31 آب أي الاثنين المقبل، فمن غير المستبعد ان يضمن الرئيس برّي كلمته لمناسبة إخفاء الامام السيّد موسى الصدر كلاماً مباشراً حول خطورة تأخير الاستشارات، والتقاط الفرصة الدولية التي أتيحت بقوة بعد انفجار مرفأ بيروت لمساعدة لبنان، وانتشاله من الأزمة الاقتصادية القاتلة.

بيت الوسط: اجتماعات مفتوحة

في ضوء الغليان في الشارع السني، من تمادي العبث بموقع رئاسة مجلس الوزراء التي اعطاها اتفاق الطائف حجر الزاوية في السلطة الاجرائية، التي حدّد الدستور صلاحياتها في المادة 65، ومنها: وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها، والسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة، والاشراف على أعمال كل أجهزة الدولة، من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء. وابقى رؤساء الحكومات السابقين بعد اجتماعهم مساء أمس في دارة الرئيس سعد الحريري على اجتماعاتهم مفتوحة. وكان الرؤساء نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، والحريري وتمام سلام التقوا وتداولوا في آخر التطورات الراهنة في البلاد، بما فيها مسألة الاستشارات الملزمة. وجرى البحث، حسب معلومات «اللواء» في كل التطورات التي حصلت مؤخراً، من انفجار المرفأ ونتائجه إلى حكم المحكمة الدولية، وصولاً إلى الوضع الحكومي والتأخر في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة، وقرر الرؤساء ابقاء اجتماعاتهم مفتوحة، على ان يصدر عنهم موقف مهم من الملف الحكومي. وسط معلومات تفيد ان الرئيس الحريري لن يسمي اي شخصية لترؤس الحكومة إلا خلال الاستشارات النيابية الملزمة. ودخل النائب السابق وليد جنبلاط على خط الطروحات المتعلقة بتسمية الرئيس الحريري، من عدمها، فزاره مساء أمس، يرافقه النائب وائل أبو فاعور وراجع الموقف مع رئيس تيّار المستقبل بحضور الوزير السابق غطاس خوري. وشرح جنبلاط للرئيس الحريري الأسباب التي تحول دون تسميته اياه كرئيس لتأليف حكومة جديدة، من زاوية فشل تجرية الحكومة السابقة، بالنظر لممارسات العهد وفريقه، وكي لا تتكرر التجربة الفاشلة مرّة ثانية (وفقاً لمصادر المعلومات على ما دار في اللقاء).

فماذا في الأفق؟

المعلومات تتحدث عن لقاء خلال 48 ساعة بين وزير المال السابق علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل مع النائب جبران باسيل، لإعادة تنشيط المساعي. وقالت مصادر مطلعة ان الرئيس برّي استأنف اتصالاته، للحؤول دون تصعيد إسلامي في ضوء الغليان السني بوجه محاولات فرض مرشّح لرئاسة الحكومة، على نحو ما حصل مع حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة. وحسب المصادر فإن الرئيس برّي يعمل على احتواء أي توتر إضافي، على ان تحدد في الأيام القليلة المقبلة مسألة مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة. وفي سياق متصل، وردا على المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام عدة عن أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «يطرح أسماء جديدة لترؤس الحكومة المقبلة، فيما يلتقي العهد والتيار على رفض عودة الرئيس الحريري إلى السراي»، أعلن المكتب الاعلامي لباسيل، في بيان، أن «بعض ‏وسائل الإعلام المعروفة الانتماءات والغايات ‏تشن حملة مركزة مفادها ان ‏ باسيل يطرح اسماءً لرئاسة الحكومة، وفي كل مرة يتم اختلاق اسم جديد. والحقيقة ان النائب باسيل لم يطرح اي اسم اطلاقاً، وجلّ ما يهمّه هو قيام حكومة منتجة، فاعلة واصلاحية ‏برئيسها ووزرائها، تلتزم بتنفيذ برنامج اصلاحات مفصّل بنوداً ومحدّد زمنيّاً. وقال: وعلى هذا الاساس يقرّر التيار الوطني الحرّ اذا كان سيشارك في الحكومة او يمنحها الثقة، أو لا، مع التأكيد مسبقاً على عدم رغبة التيار في المشاركة بأي حكومة الّا من باب الإسهام في تحمّل مسؤولية الانقاذ الوطني في حال وجود الارادة السياسية الاصلاحية الواضحة عند الحكومة العتيدة. وموقفه هذا معلن وقد أبلغه الى من تشاور معه من مرجعيات لبنانية ودولية.

من دار الفتوى

ومن دار الفتوى، أعلن النائب نهاد المشنوق ان التأليف قبل التكليف تجاوز للميثاقية. وأكّد بعد لقاء المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان: هذا أمر لا نقبل به.. وقال: «ليسمح لنا فخامة الرئيس وغير فخامة الرئيس، مجلس النواب هو الذي يقرر». أضاف: «صحيح أن لا نص دستوريا يلزم الرئيس أن يقوم بالاستشارات في وقت محدد، لكن أيضا لا نص دستوريا يسمح له أو لغيره بأن يشكل حكومة أو أن يتحدث في تأليفها قبل تكليف رئيس الحكومة. هذه واجباته تجاه المجلس النيابي المنتخب من الشعب بصرف النظر عن رأي الشعب هذه الأيام بالطبقة السياسية. فرئيس الحكومة المكلف هو الذي يشكل وهو الذي يزور رئيس الجمهورية ويبلغه بما توصل إليه». وردا على سؤال حول «طلب انعقاد اجتماع موسع في دار الفتوى برعاية مفتي الجمهورية وبحضور رؤساء الحكومات السابقين والنواب الحاليين وأعضاء المجلس الشرعي ومفتي المحافظات لوضع حد لهذه المسألة التي ينتهجها البعض لاختيار رئيس الحكومة وشكل الحكومة»، قال المشنوق: «تشاورت مع سماحة المفتي بهذا الموضوع وهو يقوم بجهد جدي في هذا الاتجاه سواء يأخذ هذا الشكل أو أكثر أو أقل. لكن سماحته لن يقبل ولا للحظة باستمرار هذه المهزلة وسيتحمل مسؤوليته بكونه زعيما دينيا لأهل السنة. وأعتقد أن هناك أشكالا عديدة مطروحة لهذا الاجتماع وسماحته يقرر خلال 72 ساعة كحد أقصى ما الشكل الذي سيأخذه. ونتائجه معروفة وهي الاعتراض على ما يحدث والإمساك بالقرار باعتبار رئيس الحكومة المكلف هو الذي يشكل الحكومة وليس أحد آخر». وطالب المشنوق بتسمية الدكتور نواف سلام لرئاسة الحكومة.

العقد الجنائي

مالياً، وكإجراء إصلاحي اولي، سلم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني في قصر بعبدا، الرئيس عون نسخة عن العقد مع شركة «الفاريس ومارسال» Alvarez & Marsal التي ستتولى التدقيق المالي الجنائي في الحسابات في مصرف لبنان، انطلاقاً من الاصلاحات التي تقررت. وقد طلب الرئيس عون من الوزير وزني الاسراع في توقيع العقد لتتمكن الشركة من بدء التدقيق في اسرع وقت ممكن، نظراً لأهمية هذه الخطوة في المسار الاصلاحي ومكافحة الفساد. وبعد اللقاء تحدث الوزير وزني للصحافيين فقال: «إن الهدف من زيارتي للرئيس عون هو لاطلاعه على المسودّة الاولية لعقد التدقيق الجنائي forensic audit مع شركة Alvarez & Marsal. وقد زودنا فخامة الرئيس بالتعليمات والتوجيهات التي يجب أن نأخذها في الاعتبار في الايام المقبلة، ومن المرجح ان يتم التوقيع على هذا العقد خلال اليومين او الثلاثة القادمين بشكل نهائي». وكشفت مصادر بعبدا ان التدقيق يشمل الحسابات من العام 2014، وهدفه معرفة الخلل في المالية العامة، وتحديد مكامن الخلل، وهو يندرج في إطار الإصلاحات وهو مطلب محلي ودولي. وقالت ان التدقيق قد يتشعب ليشمل إدارات ومؤسسات اخرى بعضها من القطاع العام وبعضها مملوك من القطاع العام ووصفت الخطوة بإنها الأولى في مسيرة الألف ميل وتتجاوب مع مطالب المنتفضين مشيرة الى ان رئيس الجمهورية مصر على الأصلاح الذي تعذر تحقيقه في السنوات الماضية. الى ذلك نفت المصادر ان تكون زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان في مطلع ايلول المقبل ملغاة او معلقة او مرجأة وبالتالي لم يتبلغ الرسميون في لبنان اي امر اخر.

مرسوم دعوة الهيئات الناخبة؟

انتخابياً، اصدر وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي امس، وكما ذكرت «اللواء» في عددها امس، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى الانتخابات الفرعية في ست دوائر انتخابية لملء الشواغر في المقاعد التي شغرت باستقالة ثمانية نواب، وذلك خلال المهلة المحددة في القانون والدستور، واحاله الى رئاسة مجلس الوزراء حسب الاصول لكنه لم يحدد موعداً لإجرائها، بانتظار موافقة وتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة عليه، وسط تقديرات متناقضة حول إمكانية إجرائها او تأجيلها، تبعاً للظروف السياسية اولا، ولتطورات تفشي جائحة كورونا التي تزداد ضراوة بسبب تفلت المواطنين والقطاعات من إجراءات الوقاية، عدا الكلفة المالية وتعقيدات القضايا اللوجستية والادارية المتعلقة بالعملية الانتخابية، من تحضير لوائح الشطب وتصحيحها ومراكز والاقلام الاقتراع ولجان القيد العليا والمراقبين وسوى ذلك. لكن ثمة من رجحان أن تجري الانتخابات وان يكون موعدها اواخر ايلول المقبل، اي قبل انتهاء المهلة الدستورية في 13 تشرين الاول. اما في السياسة، فلم تتضح بعد اتجاهات القوى السياسية في خوض المعارك الانتخابية لا سيما في الدوائر المسيحية، كبيروت الاولى والمتن وكسروان وزغرتا، والمقعد الماروني في عاليه، عدا المقعد الدرزي في الشوف. حيث يفترض إجراء الانتخابات لملء مقاعد النواب المستقيلين: سامي الجميل والياس حنكش في المتن. ونديم الجميل وبولا يعقوبيان في بيروت الاولى. ومروان حمادة في الشوف، وهنري حلو في عاليه. ونعمت فرام في كسروان. وميشال معوض في زغرتا.علماً ان الانتخابات ستجري على اساس النظام الاكثري لا النسبي. ويشير منطق الامور الى ان المعركة ستكون في اغلبها في المناطق المسيحية وبين القوى المسيحية، باستثناء المقعد الدرزي في الشوف، ما يعني ان القوى السياسية المسيحية الاساسية التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب وتيار المردة والاحزاب الارمنية، ستخوض هذه الانتخابات - لو جرت- لتحسين مواقعها وزيادة عدد نوابها في البرلمان. وستتكل على تحالفاتها مع القوى الاخرى لتشكيل كتل ناخبة كبيرة تتيح لها الفوز في المقعد الشاغر. لكن النائب الكتائبي المستقل الياس حنكش، استبعد اجراء انتخابات فرعية، مذكراً بخارطة الطريق: حكومة مستقلين، يعطيها مجلس النواب الثقة تحت الضغط الشعبي، ثم اجراء انتخابات نيابية.

3155 حالة

صحياً، سجلت وزارة الصحة، إصابة 457 حالة بالفايروس ليصبح العدد التراكمي 3155 حالة. وعلى خط كورونا، سجّلت خروق لافتة لقرار التعبئة العامة حيث شهدت الطرق زحمات سير وفتحت محال تجارية ابوابها سيما في صيدا. وليس بعيدا، أكد رئيس تجار بيروت نقولا شماس ان «هناك خيبة من المجتمع الدولي لأن انفجار بيروت الضخم لم يحرك أموال العالم». وأعلن شماس في اجتماع طارئ لنقابات القطاعات التجارية في لبنان اننا «سنعيد فتح محلاتنا الاربعاء ونقول للدولة ان القرار الظالم بالاقفال لا يمكن أن يستمر بعد اليوم على القطاع التجاري ونحن نلتزم بالبروتوكول المتبع للوقاية من كورونا». وتابع: «آلاف المحال والمؤسسات التجارية تدمرت كليا او جزئيا جراء انفجار بيروت». ودعا الى «تشكيل حكومة انقاذ وطني واختيار سيدات ورجال دولة ولا نريد مبتدئين او هواة لأن اللبنانيين ليسوا حقل تجارب».

الإجراءات الاستباقية

ميدانياً، أعلنت قيادة الجيش ان «تتواصل الإجراءات الاحترازية الاستباقية وعمليات المسح الشامل التي تقوم بها الفرق المتخصصة التابعة لفوج الهندسة في الجيش بالتعاون مع فريق من الخبراء الفرنسيين في منطقة المرفأ. وخلال الفترة الممتدة ما بين 14/8/2020 و22/8/2020، تم الكشف على 25 مستوعبا يحتوي كل منها مادة حمض الهيدريك، كذلك على 54 مستوعبا تحتوي مواد أخرى، قد يشكل تسربها من المستوعبات خطرا. وقد تمت معالجة تلك المواد بوسائل علمية وطرق آمنة، وتجري متابعة هذه الأعمال بالتنسيق مع الادارات المعنية العاملة ضمن المرفأ».

الأمن.. وضبط السلاح

أمنياً، بقي الاهتمام مركزاً على التحقيقات الجارية في جريمة كفتون، والعمل على ضبط السلاح المتفلت في الشوارع والازقة ووضع الخطط لمداهمة أماكنه ومصادرته. وعلى صعيد كفتون، تمت مصادرة جهازي كومبيوتر محمولين في مكان الانفجار في العامرية، حيث فرضت القوة الضاربة في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي طوقا أمنيا في مسرح العمليات ومحيطه. وتم توقيف عدد من الاشخاص نتيجة عمليات الدهم في العديد من مخيمات النازحين، في خراج بلدات الكواشرة والبيرة وخربة داوود. وكانت قوة من شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي في بيروت، دهمت في وقت مبكر من صباح اليوم، غرفة معزولة لاحد النازحين السوريين في محلة العامرية - والبيرة، وذلك على خلفية جريمة كفتون الكورة. وأفيد أن المطلوب  واسمه يوسف.خ. 40 عاما، واجه القوة الامنية، ما اضطرها الى التعامل معه بالنار، حيث سمع اثر ذلك دوي انفجار. وتبين ان القوى الأمنية لم تعثر على يوسف في المنزل الذي كان فارغاً بعدما فجّرت حائطه الخلفي بغية مباغتته. واشارت «الجديد» الى ان المطلوب يوسف خ. استأجر المنزل من عسكري متقاعد مستخدماً اسماً وهمياً، ورجحت المعلومات ان يكون هو السائق الذي كان يقود سيارة الهوندا التي استخدمت في الجريمة  وهو كان موقوفاً في سجن رومية بتهمة التعامل مع مجموعات إرهابية. ولا يزال هناك تكتم كبير حول ما اذا كان من مطلوبين اخرين قد تم توقيفهم خلال المداهمة، بانتظار تقرير قوى الامن الداخلي لايضاح صورة وحقيقة ما حصل.

هبة عينية من مركز الملك سلمان

اغاثياً، تسلم مستشفى رفيق الحريري الجامعي هبة عينية من مركز الملك سلمان للاغاثة والأعمال الإنسانية، بالتعاون مع الهيئة العليا للإغاثة في لبنان، في حضور الأمين العام للهيئة اللواء محمد خير ورئيس مجلس إدارة - مدير عام المستشفى الدكتور فراس الأبيض ومدير مكتب المركز في لبنان السيد فهد القناص، إضافة إلى رؤساء دوائر وأقسام إدارية وطبية وتمريضية. تشتمل هذه الهبة على الاحتياجات الأساسية من مستلزمات طبية طارئة إثر الأوضاع الصحية المستجدة في لبنان، أهمها أجهزة تنفس اصطناعي، أدوات معالجة حروق، أجهزة مراقبة للعناية الفائقة والمركزة وأيضا الأدوية والمحاليل الوريدية. وشكر اللواء خير خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على المساعدات التي أتت بها المملكة العربية السعودية إلى لبنان. ولفت الى «أن ما يميز هذه المساعدات هي نوعية المواد والمستلزمات الطبية التي يحتاج إليها المستشفى في هذه المحنة الكبيرة التي يتعرض لها لبنان».

القناص

من جهته، تحدث القناص عن «أهمية مستشفى الشهيد رفيق الحريري»، معتبرا أن «هذا المستشفى هو القلب النابض لبيروت، وهو أول مستشفى استقبل حالات كورونا بالإضافة الى استقباله للجرحى المصابين جراء الحادث الأليم الذي أصاب مدينة بيروت في الرابع من آب. وقد خصصت له أجهزة ومعدات طبية خاصة يحتاجها المستشفى أهمها جهاز خاص بمعالجة الحريق وأجهزة مراقبة للعناية المركزة (Monitors) وأجهزة تنفس اصطناعية، إضافة إلى المستلزمات الطبية الطارئة والأدوية». (راجع ص4)

حملة عونية على المجذوب

تربوياً، تفاعلت إقالة رئيسة المركز التربوي الدكتورة ندى العويجان، والتي تغادر مكتبها في المركز التربوي اليوم، فأصدر المكتب التربوي في التيار الوطني الحر بياناً ليل أمس، هاجم فيه بقوة وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، ووصفه «بالوزير الفاشل» داعياً التفتيش المركزي لوضع يده على الملف. ودعا المكتب التربوي مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ هذا القرار الاعتباطي.. ودفاعاً عن المؤسسات بوجه التزوير والفساد.. واصفاً العويجان بأنها من أكفأ الوجوه التي مرّت بتاريخ وزارة التربية، واصفاً الوزير «بالرعونة والكيدية والفشل». وغرد الوزير المجذوب على حسابه عبر تويتر قائلاً: «هل يكون التزوير إلغاء تكليف موظّف، ما كان يوما على قدر المسؤولية؟ التزوير هو تكليف موظف زورًا وتعديل قراره لاحقًا لا لسبب إلا قرابته بمن عيّنه وإبقائه في مركزه لخمس سنوات بدون إنتاج يذكر مع الكثير من المحسوبيات! وللحديث تتمة». وكان المجذوب قد أصدر قرارًا قضى بإقالة الدكتورة ندى عويجان من مهامها بإدراة المركز التربوي للبحوث والانماء.

جنبلاط في بيت الوسط "منعاً للاصطياد بالماء العكر"... والقوات لن تعوّم "الثنائية"

عون ينتقل إلى الخطة "ب": استشارات "مشرذمة" تقصي الحريري

نداء الوطن.... بالمختصر المفيد، لن يُعدم رئيس الجمهورية ميشال عون وسيلةً لوأد أي حلحلة في مفاصل الأزمة ما لم تكن حقوق جبران باسيل محفوظة فيها، وكل الباقي تفاصيل. هكذا كان في الرابية وهكذا سيبقى في بعبدا، و"كرمال عيون صهر الجنرال عمرها ما تكون لا حكومة وعمرو ما يكون بلد" وفق قناعة ثابتة عبّرت عنها مصادر سياسية رفيعة لـ"نداء الوطن"، مؤكدةً أنّ "بيت الداء والدواء لا يزال هو نفسه في مقاربة عون لكل الملفات والاستحقاقات من زاوية ما يحقق وما لا يحقق شروط باسيل"، وأبرز هذه الشروط في المرحلة الراهنة "إقصاء سعد الحريري عن سدة الرئاسة الثالثة"، ولأنّ عون استشعر أنّ المراوحة في تحديد موعد الاستشارات بات من جهة يضع الرئاسة الأولى في موقع المسؤولية المباشرة عن إجهاض مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن جهة أخرى قد يمنح رئيس المجلس النيابي نبيه بري مزيداً من الوقت لتعبيد الطريق الداخلي أمام عودة الحريري "بشروطه" إلى السراي، سارع رئيس الجمهورية للانتقال إلى الخطة "ب" حسبما وصفتها المصادر، والتي تقضي بتعجيله الاستشارات ومباغتة الكتل النيابية عبر تحديد موعد سريع لها هذا الأسبوع، بهدف استثمار عنصر المواقف "المشرذمة" راهناً إزاء عملية التكليف والتأليف، بما يفضي تالياً إلى تحقيق نتيجة تقصي الحريري بحكم عدم حيازته على أكثرية نيابية صريحة تصب في صالح تكليفه. وإذ بات معلوماً أنّ عون يتسلّح في خطته هذه بموقف كتلتي "الجمهورية القوية" و"اللقاء الديمقراطي" إزاء مسألة تسمية الحريري، فإنّه يعتزم من خلال تسريع موعد الاستشارات استباق أي تبدل في المواقف والمعطيات مع اقتراب موعد عودة ماكرون إلى بيروت بما يفضي إلى إنضاج صيغة حكومية تغلّب كفة شروط تكليف رئيس "تيار المستقبل" بتشكيل حكومة تكنوقراطية تحظى بموافقة الثنائي الشيعي ولا يعترض عليها حزبا "القوات" و"الاشتراكي" إن هي أتت بتركيبتها منزهة عن الودائع الحزبية والمحاصصات السياسية، لا سيما وأنّ مصادر قواتية أكدت لـ"نداء الوطن" أنّ موقف "الجمهورية القوية" المبدئي حيال الملف الحكومي يتعلق بشق التأليف أكثر مما يتعلق بشق التكليف، بمعنى أنّ الكتلة لا تعترض على تسمية سعد الحريري بالذات لترؤس الحكومة إنما هي ترفض المساهمة في تشكيل حكومة تعوّم ثنائية ميشال عون و"حزب الله" الحاكمة وتؤمّن الغطاء السياسي والوطني لها، بغض النظر عن الشخص الذي يرأس هكذا حكومة، سواءً كان الحريري أو غير الحريري، مشددةً في هذا السياق على أن "القوات" أساساً ليست في وارد الخروج عن دائرة التنسيق مع الحريري بما يمثل نيابياً وسنياً حول مسألة التسمية في الاستشارات، إنما هي في موقفها هذا تنطلق من قناعة راسخة لديها بأنّه "طالما ثنائية عون – حزب الله حاكمة فلن يصطلح حال الحكومة والمؤسسات والبلد". وكما في معراب، كذلك في كليمنصو، المبدأ نفسه يتحكم بالموقف الاشتراكي إزاء عملية التكليف والتأليف، بحيث لفتت أمس زيارة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط إلى بيت الوسط "قطعاً للطريق على محاولات البعض الضرب على وتر العلاقة مع الحريري ومنعاً للاصطياد في الماء العكر على خلفية الموقف من تسمية الرئيس المكلف"، وفق ما أكدت مصادر اشتراكية لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنّ ذلك كان الهدف الأساس من وراء زيارة جنبلاط للحريري تأكيداً على متانة العلاقة وعدم وجود أي اعتراض على تسمية "سعد كسعد" لترؤس الحكومة بل رفضاً لإعادة إنتاج صيغ حكومية عاجزة عن تقديم الحلول سواءً كانت على شاكلة حكومة حسان دياب أو على نسق الحكومات السابقة التي "أغرقتنا نحن والحريري والبلد كله في مستنقع من التعطيل والفشل". المصادر التي لفتت إلى أنّ العقد الحكومية معروفة المصدر "فهي كانت ولا تزال تدور في فلك الفريق الحاكم"، أشارت إلى أنّ الانهيار الذي بلغه الوضع اللبناني بات يوجب "تحديد البوصلة والتصويب مباشرةً على مكمن العطل والدلالة بالإصبع على المعطّل الفعلي"، مشددةً في هذا الإطار على أنّ "نقطة الانطلاق في المسار الدستوري لعملية تشكيل الحكومات هي من قصر بعبدا، فليتحمل رئيس الجمهورية مسؤوليته التي ينص عليها الدستور وليدعُ إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ولنحتكم جميعاً لهذا المسار وما سيفضي إليه، وعندها فلتقرر الكتل وتحدد خياراتها وليتحمّل من يرفض تشكيل حكومة مستقلة إنقاذية للبلد مسؤوليته أمام التاريخ والناس". وفي الغضون، عبّرت مصادر نيابية معارضة لـ"نداء الوطن" عن هواجسها من أن فريق السلطة لن يتوانى عن "هدم الهيكل" فوق رؤوس الجميع في حال استشعر خطراً محدقاً بمصالحه، وتوقعت من هذا المنطلق أنّ تزيد المواجهة التي يخوضها عون وباسيل ضراوةً في مواجهة أي إمكانية لتشكيل حكومة غير خاضعة لسطوة "التيار الوطني" كما كان الحال في حكومة دياب، لافتةً إلى أنّ ما يعزز هذا الانطباع هو أنّ "عون بدأ يعدّ أيام عهده عداً عكسياً ولن يقبل أن ينتهي "مكسوراً"، وباسيل أيضاً لم يعد لديه ما يخسره بعدما أصبح شعبياً منبوذاً، وسياسياً "مضعضعاً"، ودولياً مدرجاً اسمه على قائمة المرشحين لدخول لائحة العقوبات".

نتنياهو يُحدِّد وجهة التوظيف بعد تفجير المرفأ: مخازن حزب الله وصواريخه

الاخبار....علي حيدر .... منذ اللحظة الاولى لانفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب، شخَّصت «إسرائيل» وجود فرصة يمكن الرهان عليها - بحسب تقديرها - من أجل حرف وجهة الغضب الشعبي عبر استثمار هذا المستجد للتصويب على القدرات الصاروخية لحزب الله التي تعتبرها التهديد التقليدي الاول على أمنها القومي. قررت قيادتها السياسية والامنية بشكل صريح ومباشر وعلني، توجيه الرأي العام اللبناني والعالمي في اتجاهات مرسومة ومدروسة، في رهان على محاولة استغلال المخاوف التي نتجت عن تفجير المرفأ، والترويج لمقولة أن وجود مخازن وصواريخ يمثّل خطراً على المدنيين. لم يتمظهر هذا التوظيف على ألسنة معلقين وخبراء فقط، بل شمل أيضاً رأس الهرم السياسي ومروحة من القيادات العليا الى جانب كبار الخبراء من ذوي المناصب الامنية السابقة. محاولة التوظيف الأبرز والاكثر مباشرة كانت على لسان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، (مكتب رئيس حكومة العدو، /11/8/2020) حين أوضح له، من ضمن مواقف أخرى، أنه «من أجل تفادي وقوع مآس مماثلة لانفجار مرفأ بيروت، يجب إبعاد المتفجرات والصواريخ التي قام بها حزب الله بتخزينها في جميع المناطق المأهولة في لبنان». اللافت أن مكتب نتنياهو اختار هذه الفقرة التحريضية على حزب الله تحت عنوان الصواريخ، من ضمن فقرات محدودة تضمنتها المحادثة التي كان لها سياق سياسي مُحدَّد في أعقاب زيارة ماكرون الاخيرة للبنان، لنقلها الى الرأي العام. وبالتأكيد لا يعود ذلك الى أن رئيس وزراء العدو يخاف على أمن اللبنانيين، بل كان واضحاً جداً أنه يُحدِّد بذلك وجهة التوظيف للجهات السياسية والاعلامية والامنية حول ضرورة التصويب على قدرات حزب الله الصاروخية، تحت شعار المخاوف من تكرار تفجير المرفأ. ولتظهير هذا المفهوم الذي ينبغي أن يتحول الى شعارٍ لمرحلة ما بعد تفجير المرفأ، اختار نتيناهو القناة الفرنسية، (كجزء من القنوات الدولية المؤثرة في الواقع اللبناني)، بهدف الدفع في هذا الاتجاه، على أمل أن ينعكس ذلك في الواقع اللبناني. مع ذلك، لدى التدقيق في المضمون الذي أورده نتنياهو، فقد كان مُحْكَماً على مستوى الشعار والهدف والرهان وتحديد المطلوب. ولأجل ذلك، تدخل في تفاصيل التوظيف، فحدَّد الشعار في فقرة «من أجل تفادي وقوع مآس مماثلة...»، وحاول بذلك أن يضفي عليه طابعاً انسانياً، كجزء من عدة الشغل. وكشف ايضاً عن رهانه باستغلال حادثة المرفأ، عبر ربطه المباشر بها. وحدَّد المطلب الاسرائيلي بالاستناد الى ما تقدم بضرورة «إبعاد المتفجرات والصواريخ التي قام حزب الله بتخزينها في جميع المناطق المأهولة في لبنان»، كما يزعم. وهكذا يصبح جلياً أن الهدف من ذلك، إثارة البيئة الحاضنة للمقاومة من خلال محاولة قلب الصورة، عبر الايحاء بأن ما هو مصدر قوة لبنان وحمايته، هو مصدر الخطر عليه. ولأن القضية ليست موقفاً عابراً، بل تعبير عن سياسة مدروسة وهادفة، أتى في الاطار نفسه حديث وزير الامن الإسرائيلي بني غانتس، امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، التي عادة ما تكون جلساتها سرية. ومع ذلك، فقد سُمح بنشر بعض مما يتصل بالفقرات المتصلة بالتحريض على مخازن حزب الله وصواريخه، فتناول غانتس في سياق حديثه عن تفجير المرفأ ما سمّاه تخزين حزب الله للوسائل القتالية داخل البلدات والقرى اللبنانية... عَكَسَ هذا التصويب على لسان نتنياهو ووزير الأمن، وجود خطة رسمية تبلورت من قبل مؤسسة القرار للدفع باتجاه هذا التوظيف. فتعددت مناسبات وأساليب تظهيره، وتكررت إثارة المفاهيم والشعارات نفسها، عبر أكثر من جهة إعلامية وسياسية. وفي هذا السياق، تصدى ايضاً لهذا الترويج بعض كبار خبراء اسرائيل الامنيين، من أمثال اللواء عاموس يادلين، رئيس معهد ابحاث الامن القومي، والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، الذي رأى أن «الانفجار في مرفأ بيروت يوضح مخاطر تخزين مواد قابلة للانفجار في محيط مدني». هذا إضافة الى العديد من المعلقين الاسرائيليين الذين تساوقوا مع الخطاب التوظيفي ومحاولة إنتاج جو إعلامي يدفع نحو إثارة هذه القضية الاستراتيجية بمعايير الامن القومي الاسرائيلي. مع ذلك، ينبغي ألا يكون مفاجئاً هذا المستوى من التوظيف. فهو ينسجم مع استراتيجية اسرائيلية معلنة، تتمحور حول ما يطلق عليه في السياق الاسرائيلي «الحرب على الوعي». وهي بذلك تأتي امتداداً للحروب التي تحاول تل أبيب فيها استغلال كل محطة اقتصادية أو سياسية أو أمنية بما يخدم أولويات أمنها القومي. وضمن هذا الاطار، يأتي أيضاً ما سبق أن روَّج له نتنياهو من على منبر الامم المتحدة قبل سنوات، والذي هدف في حينه ايضاً الى التحريض على قدرات حزب الله التي عجزت إسرائيل عن منع تراكمها وتطورها، فلجأت كجزء من خيارات بديلة وموازية في آن واحد، الى تحريض البيئة الحاضنة للمقاومة. وبهذا المعنى، لا يوجد جديد على مستوى المفهوم في هذه السياسة التحريضية إلا بكونها مصداقاً جديداً من مصاديق الحرب على الوعي، ولكونها تستند الى استغلال حدث أمني خطير جداً.

يراهن العدو على أن تؤدي «الحرب على الوعي» - ولو لاحقاً - الى نتائج مرجوّة

مع أن هذه المحاولة المتجددة تأتي بعد فشل مساعي مماثلة في أكثر من محطة سابقة، إلا أنها من منظور إسرائيلي خطوة في مسار تراكمي يراهنون في كيان العدو على أن يؤدي - ولو لاحقاً - الى نتائج مرجوة، أو على الاقل أن يكون جزءاً من الجهود المساعدة لخيارات أخرى، كما تنص على ذلك استراتيجيته في مقاربتها للحرب على الوعي. وبعيداً عن صدقية العدو في تقديره لأسباب الانفجار، بأي اتجاه كان، اللافت أن الاجهزة الامنية الاسرائيلية، بحسب معلقين عسكريين، وبالرغم من أنها خلصت الى أن التفجير ناتج عن حادث عرَضي (خلل)، فإنها أضافت أن حزب الله يبقى متهماً! وهي بذلك تؤكد أنه أياً كانت الاسباب والجهات والنتائج، ينبغي في كل الاحوال توظيف أي مستجد اقتصادي أو مالي أو سياسي أو أمني للتصويب على حزب الله، ولو كان على قاعدة «عنزة ولو طارت».....



السابق

أخبار وتقارير....مسؤولون أميركيون إلى المنطقة لمتابعة الاتفاق الإماراتي ـ الإسرائيلي... احتجاجات حاشدة ضد لوكاشينكو عشية تلويحه بالقوة...أنقرة تستفز أثينا وباريس بمناورات بحرية وجوية....إقالة قائد شرطة كابل مع زيادة الهجمات...أميركا تشارك تايوان في إحياء ذكرى معركة مع الصين

التالي

أخبار سوريا......تعليق المحادثات حول الدستور السوري في جنيف بعد ظهور 3 إصابات بـ «كوفيد-19»....«عمل إرهابي» يقطع كهرباء سورية... استهدف خط غاز رئيسياً...قريب لمبعوث سوريا بالأمم المتحدة احتال على 4600 سوري...واشنطن و«التحالف» على خط أزمة المياه في الحسكة...صندوق شكاوى لامتصاص غضب عناصر النظام السوري...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,239,086

عدد الزوار: 6,941,708

المتواجدون الآن: 154