أخبار لبنان...الحرس الثوري: إذا أخطأت إسرائيل تجاهنا سنسويها بالأرض انطلاقاً من لبنان...«الطبقة المفلسة» تلعب على حافة الإنهيار الكبير!... الإتصالات الرئاسية متوقفة....الحريري ـ باسيل: من يصمد أكثر؟.....«حزب الله» يتوقّع أن تطول الأزمة الحكومية شهراً أو شهرين...نبوءة السلطة... "سنجرفكم في لحظة لا تتوقعونها"....الأمطار تحوّل بيروت أنهراً ومستنقعات وبحيرات...فرنسا تستضيف مؤتمراً دولياً بشأن لبنان الأربعاء.....ملفات بري والحريري وباسيل وجنبلاط.. رائحة نتنة في لبنان...محتجو جنوب لبنان يتحدون الاعتداءات والتهديدات...«حزب الله» يحذّر المراهنين على عزله...

تاريخ الإضافة الثلاثاء 10 كانون الأول 2019 - 4:52 ص    عدد الزيارات 2388    القسم محلية

        


الحرس الثوري: إذا أخطأت إسرائيل تجاهنا سنسويها بالأرض انطلاقاً من لبنان...

الجمهورية...أكد مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء مرتضى قرباني أنه "في حال ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، فسنسوي تل أبيب بالتراب انطلاقاً من لبنان". وأضاف لوكالة أنباء "ميزان"، رداً على تصريحات إسرائيلية بشن عمل عسكري ضد طهران: "إيران لا تسعى لحيازة السلاح النووي وإسرائيل أصغر من أن ترتكب أي خطأ تجاه إيران. يد مقاتلينا على الزناد بأمر من المرشد الأعلى. إذا أمر المرشد بشن هجوم صاروخي على إسرائيل، سيرفع جميع الصهاينة أيديهم مستسلمين وسنقطع آذانهم إرباً، ونحن لا نخشى من جراثيم الفساد". وتابع: "قلوب وأرواح شعوب اليمن وسوريا ولبنان والعراق مع إيران، والأحداث الأخيرة في لبنان والعراق وإيران تهدف إلى ضرب وحدة جبهة المقاومة بما فيها الجمهورية الإسلامية". وكان وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت قد هدد يوم الأحد، بجعل سوريا فيتناما بالنسبة لإيران، متعهدا بمنع التمركز العسكري الإيراني في الأراضي السورية، داعيا للانتقال من الردع إلى الهجوم.

اللواء... «الطبقة المفلسة» تلعب على حافة الإنهيار الكبير!... الإتصالات الرئاسية متوقفة.. وباريس تربط المساهمة بالإنقاذ بحكومة سريعة...

غرقت الطبقة السياسية مرّة أخرى في فيضانات المياه، التي تحوّلت إلى بحيرات عائمة من الكوستا برافا إلى الشمال مروراً بشوارع العاصمة، حتى المساكن الخشبية المسقوفة «بألواح الزنكو والتنك» في محلة الجناح، من دون ان يرف لأحد جفن، وإذا بهؤلاء على مستوى الوزراء، والنواب ورؤساء البلديات يتصرفون بترف الإقتراحات، والانتظار والتذكير بلفت النظر إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات، في ذهول غير مسبوق حول ما يجري، ويهدد بـ«انهيار اقتصادي ومالي محتمل» (وفقاً لما تحدثت عنه صراحة مقدمة O.T.V، الناطقة بلسان التيار الوطني الحر).. أخطر ما في المشهد ان لا اتصال ولا لقاءات بين الرؤساء، لا سيما رئيسي الجمهورية والحكومة، اللذين يتسابقان على إدارة ملف لبنان في مؤتمر مجموعة الدعم الدولية في باريس غداً، فالرئيس ميشال عون أبلغ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بان كوبيتش، خلال استقباله له في قصر بعبدا قبل ظهر أمس، ويبلغه ان لبنان سيحضر بوفد رسمي، فيما اعتبر المسؤول الأممي ان «الاجتماع سيكون بمثابة إشارة قوية لالتزام دول المجموعة العمل مع لبنان». اما الرئيس سعد الحريري، فأجرى اتصالاً هاتفياً بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وعرض معه المصاعب السياسية والاقتصادية في لبنان، شاكراً له وقوف الكويت الدائم إلى جانب لبنان واللبنانيين.. ووصف دبلوماسي فرنسي استضافة باريس للمؤتمر الدولي غداً حول لبنان بأنه «محاولة تهدف للضغط على بيروت للإسراع في تشكيل حكومة لتحسين الوضع الاقتصادي». وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان اجتماع يوم الأربعاء «يهدف لتحديد الشروط اللازمة واصلاحات لا غنى عنها يجب على السلطات اللبنانية القيام بها حتى يكون المجتمع الدولي قادراً على دعم لبنان». وفي الخلفية، بدت الطبقة السياسية ممعنة في الإفلاس، في أسبوع التأجيل الأوّل، وبعد مرور ستة أسابيع على استقالة الرئيس الحريري، وعشية مؤتمر باريس، وكأن لا حاجة ملحة لمعالجة المشكلة، التي تُهدّد بالمضي في البلد إلى الانهيار الكبير. وقال مصدر رفيع مطلع على موقف حزب الله وحركة أمل المتحالفة معها إنه يجب الآن تسمية الحريري رئيساً للوزراء، مضيفا ان ذلك سيعزز شرعية حكومة تصريف الأعمال التي يقودها الحريري إذا تأجل تشكيل الحكومة الجديدة. وقال: «من غير المفروض ان تتأخر عملية التأليف، وإذا تأخرت يكون في شرعية أكبر لحكومة تصريف الاعمال». ووفقا لمصادر تستقي معلوماتها من التيار الوطني الحر، فإن التيار المذكور يتهم الرئيس الحريري بالسعي إلى «إلغاء الآخرين»، «تنفيذاً لغايات سياسية في الداخل والخارج»! وقالت هذه المصادر، نقلاً عن هذا التيار انه «يرفض ان يكون طرفاً في لعبة سياسية، يراد له ان يكون في موقع شاهد ما شفشي حاجة».

مشاورات على نار هادئة

وفيما يرتقب صدور مواقف سياسية مهمة اليوم من الوضع الحكومي، في ضوء تأجيل الاستشارات النيابية اسبوعاً، بعدما أعلنت القيادات السنيّة الأساسية، سواء دار الفتوى أو رؤساء الحكومة السابقين أو اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، ان لا مرشّح لترؤس الحكومة الجديدة سوى الرئيس سعد الحريري، معطوفة على موقف المرشح المنسحب المهندس سمير الخطيب بتزكية الحريري، فإن الثابت ان الكرة عادت إلى ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيل ميشال عون والحريري الذي أجرى اتصالاً أمس بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في سياق الرسائل التي وجهها إلى رؤساء دول عربية وصديقة للوقوف مع لبنان في مواجهة المصاعب المالية والسياسية التي يشهدها حالياً. وإذا كانت مشاورات التكليف والتأليف عادت إلى النقطة صفر، فإن الاتصالات التي باشرتها القوى السياسية، منذ لحظة إعلان الخطيب اعتذاره عن اكمال المهمة، بقيت على نار هادئة، وان كانت تركزت على معرفة اتجاهات الكتل النيابية من مسألة تكليف الحريري، ومن ثم البحث في عناوين شكل الحكومة وتأليفها، وما إذا كانت هناك أسماء أخرى مرشحة أم لا؟

اشارت المصادر النيابية الى احتمال دخول معادلات جديدة على المسألة الحكومية، ستحدد معالمها المشاورات السياسية القائمة بين المعنيين، ولا يمكن التكهن منذ الان بمسارها ولا بنتائجها. لكن ما يُطمئن ان تأجيل الاستشارات النيابية جاء بحسب المعلومات بعد اتصالات اجراها عون بالحريري، ما يعني موافقة الاخير على اعطاء فسحة جديدة من الاتصالات لحسم المواقف وللتوافق على الموضوع الحكومي، بعدما رست البورصة على تكليف الحريري. وافادت ان على الكتل ان تضع في الاعتبار ان انسحاب الخطيب رتب معطيات جديدة لا بد من التداول معها كما ان ما اعلن من دار الفتوى شكل سابقة لجهة ان رئيس طائفة يحدد من هو رئيس الحكومة وتوقفت عند موقف اللقاء التشاوري واستغراب نوابه ما صدر في هذا المجال.

موقف «التنمية والتحرير»

وبالنسبة للمواقف المرتقب صدورها اليوم، فإن أبرزها سيكون لتكتل «لبنان القوي» الذي سيعاود اجتماعاته الأسبوعية كل يوم الثلاثاء، واكتفت مصادره بالقول لـ «اللواء» «ترقبوا موقفا سياسيا من التكتل»، من دون ان تكشف عن مضمونه، ولم يعرف ما إذا كانت كتلة «المستقبل النيابية» ستجتمع بدورها اليوم، في حين ان كتلة «الوفاء للمقاومة» تجتمع عادة كل خميس. اما كتلة «التحرير والتنمية» التي أجتمعت برئاسة الرئيس نبيه برّي في عين التينة، فقد أكدت على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة وملاقاة الأجواء الايجابية الدولية بالاستعداد للمساعدة والمؤازرة والتركيز على معالجة الوضع المعيشي والأمن الغذائي والصحي والوضع المالي والمصرفي، وهذا ما يستوجب تحمل حكومة تصريف الأعمال مسؤولياتها الكاملة إلى حين قيام الحكومة الجديدة». وأوضح أحد نواب الكتلة في اتصال مع «اللواء» ان البحث تناول ملف تأليف الحكومة من مختلف جوانبه، حيث كان يؤمل ان تنطلق الاستشارات أمس الاثنين لكن حدث ما حدث. ولفت إلى انه جرى في الاجتماع التشديد على موقف الكتلة المؤيد لتكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة، وقد سبق ان أعلن رئيس الكتلة الرئيس برّي مراراً وتكراراً هذا الموقف. وقال النائب المذكور: ان الرئيس برّي أكّد في الاجتماع ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة، وقال إذا كان الخارج يريد مساعدتنا فلماذا لا نقوم نحن بمساعدة انفسنا؟. وكشف المصدر النيابي ان الكتلة ستعود إلى الاجتماع الاثنين المقبل لاتخاذ الخيار النهائي قبل الصعود إلى قصر بعبدا والمشاركة في الاستشارات النيابية. وكانت الكتلة كشفت في بيان عن اعتداء إسرائيلي تعرض له البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة جنوباً، من خلال دخول باخرة للمسح الهيدروغرافي ترفع علم بنما إلى مسافة خمسة اميال بحريةمن هذه المنطقة، وبقيت فيها لمدة سبع ساعات وثماني عشرة دقيقة بتاريخ 27 تشرين الثاني الماضي. وادانت الكتلة هذا الاعتداء الفاضح وطالبت الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها ازاءه، خاصة ان قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب «اليونيفل» لم تقم بما يتوجّب عليها من تعامل مع السفينة المعادية، رغم توثيق القوات البحرية اللبنانية هذه الاحداثيات.

«الوفاء للمقاومة»

وفي انتظار الموقف الذي سيصدر عن كتلة «الوفاء للمقاومة» الخميس، ألمح رئيس الكتلة النائب محمّد رعد ان «حزب الله» لم يفاجأ بانسحاب المرشح الخطيب من السباق الحكومي، كاشفا «اننا لم نعش للحظة ان الأمور ستسير بشكل جيد وان سمير الخطيب هو سيتكلف وهو سيشكل الحكومة، لأنه في أحسن الحالات كانوا سيسمحون له ان يتكلف ثم يتعذر التأليف فيأتي الحريري، وقال: «لم يسمحوا له ان يصل (المقصود الخطيب) وابقوه عشية الاستشارات، الا ان رعد لم يوضح من هم هؤلاء، وان قال: «اننا الآن امام معطيات جديدة»، لكنه شدّد على انه في النهاية سنجد حلا لموضوع الحكومة، وان طال هذا الحل شهراً أو شهرين.

مجموعة الدعم

إلى ذلك ويضم الوفد إلى باريس إلى جانب شميطلي مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، ومستشارة الرئيس الحريري هازار كركلا والمصرفي رجا ابوعسلي. وعشية الاجتماع، كشفت وزارة الخارجية الفرنسية ان «الهدف من المؤتمر دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول للصحافيين: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبر عنها الشعب اللبناني». الجدير ذكره ان المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش زار اليوم قصر بعبدا (امس) واطلع رئيس الجمهورية ميشال عون على الترتيبات المتخذة لانعقاد اجتماع مجموعة الدعم والذي ستتخلله جلسات عدة لعرض الوضع في لبنان وسبل دعمه، معتبرا ان الاجتماع سيكون بمثابة اشارة قوية لالتزام دول المجموعة العمل مع لبنان. وقد ابدى عون ارتياحه لانعقاد الاجتماع شاكرًا الاهتمام الذي أبدته فرنسا في المبادرة الى الدعوة بالتنسيق مع الامم المتحدة، وابلغ كوبيش ان لبنان سيحضر الاجتماع بوفد رسمي، متمنيًا ان تسفر عنه نتائج تُترجم عمليا الدعم الذي تظهره الدول الاعضاء في المجموعة حيال لبنان، خصوصا في الظروف الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد. ومن المقرّر ان يبدأ اجتماع باريس بخلوة بين الدول الأعضاء، ثم اجتماع رسمي موسع بحضور الوفد اللبناني ثم يترأس وزير خارجية فرنسا الجلسة الافتتاحية وافيد انه تم التحضير لمشاركة واسعة له من اعضاء المجموعة بحضور دول خليجية أبرزها المملكة العربية السعودية والامارات، لأن الاجتماع مخصص لمساعدة لبنان في ضوء الازمة الاقتصادية التي يمر بها ما يدلل على ان لبنان في سلم اولويات هذه الدول خلافا لأي كلام عن ان لبنان متروك دوليا.

الحراك على مفترق

وبالنسبة للحراك الشعبي الذي يقف امام مفترق طرق، بعدما باتت معركته في وجه السلطة «عالمكشوف»، خصوصاً بالنسبة لتسمية الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، وانعكس هذا الارتباك على أسلوب الحراك في التعاطي مع الشارع أمس، إذ اقتصر التحرّك على التجمع عند جسر «الرينغ» قرب برج الغزال، من دون اقفال الطريق. وعلى الرغم من السلمية التي تميز بها هذا التحرّك، فقد حصلت عمليات كر وفر بين المتظاهرين والقوى الأمنية، التي أقامت حاجزاًلمنعهم من قطع الطريق، الامر الذي استنفر المتظاهرين، فحصل تدافع، أسفر عن توقيف الناشط (ج.ر) حيث تمّ نقله إلى ثكنة الحلو، وتقوم لجنة المحامين بمتابعة الموضوع، في حين قامت مجموعات أخرى بتنظيم مسيرات إلى داخل منطقة الجميزة والصيفي، تخللها اقفال الطرقات التي مروا بها بكل ما كانوا يجدونه في طريقهم من عوائق مثل مستوعبات النفايات واحجار البناء التابعة للورش وحواجز الحديد. أما في طرابلس، التي وصفت جمعية تجارها العهد بأنه الأسوأ على المدينة، فقد اتخذ التحرّك طابعاً صدامياً أعنف، سقط فيه نحو 40 جريحاً، بحسب جهاز الطوارئ والاغاثة، تردد ان أحدهم توفي متأثراً بجراحه، وذلك على اثر تظاهرة امام منزل النائب فيصل كرامي، تخللها اشتباك بين المتظاهرين ومرافقي النائب المذكور، استخدم فيها الطرفان الحجارة والعصي، بعدما قام بعض المتظاهرين برمي اكياس النفايات امام مدخل المبنى الذي يسكن فيه كرامي، وتطور الاشكال إلى تدافع، ما استدعى تدخل عناصر الجيش للفصل بين الفريقين، أطلق خلاله جنود الجيش القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين كانوا تظاهروا قبل ذلك امام منازل بعض السياسيين وبينهم الوزير السابق اشرف ريفي، الذي غرد عبر «تويتر» مؤكدا ان طرابلس ستحبط مخطط مجموعات التخريب في ليلة الفوضى والشغب، وستقطع الطريق على كل من يُسيء إليها مدفوعاً باهدافه المشبوه. اما كرامي الذي سيعقد اليوم مؤتمراً صحفياً للرد على ما حصل، فقد أكّد في تغريدة ان «مصلحة وأمن طرابلس وأهلها ستبقى اولوية عنده ومن أجلها تهون كل المصاعب».

الطوفان

ولم يمضِ أسبوع على مشهد طوفان الناعمة وخلدة حتى تكرر المشهد في أكثر من اوتوستراد وطريق، ولم تسلم منه الوزارات والمرافق العامة والانفاق والمنازل وليدفع المواطنون ثمن إهمال المعنيين للتدابير الواجب اتخاذها لبقاء شبكات صرف المياه في جهوزية تامة رغم ان موسم الأمطار في بدايته مما يطرح مخاوف جدية من تكرار المشاهد مع كل «شتوة». فقد كشفت الأمطار الغزيرة التي تساقطت أمس الفشل الذريع للدولة فمياه الأمطار اغرقت لبنان مجدداً رغم ان توقعات الأرصاد الجوية ومنذ أسبوع أعلنت عن قدوم عاصفة تطال بأمطارها لبنان ورغم ذلك لم يتغيّر شيء، وكما حصل يوم الخميس الفائت، ومع هطول الأمطار الموسمية المتوقعة تحولت الاوتسترادات والشوارع والساحات والمستديرات الى بحيرات هائلة تسببت بسجن عشرات آلاف المواطنين وسجنهم لساعات طويلة ابتداء من الحادية عشرة ظهراً من دون ان يبلغوا مرادهم، فتقطعت أوصال البلاد جنوباً وشمالاً وجبلاً وساحلاً، وفي العاصمة ومحيطها، وهو الأمر عينه الذي عاد وتكرر في ساعات بعد الظهر مع عشرات آلاف العابرين من تلامذة وموظفين وغيرهم في طريق عودتهم الى المنازل. والمشهد المأساوي، كان فاضحاً وفاقعاً وصارخاً على الاوتستراد الساحلي من صيدا الى بيروت وخصوصًا ما بين الناعمة وخلدة وطريق المطار والأوزاعي ومحيط المدينة الرياضية وأمام وداخل مطار بيروت. ومثله، في مناطق الجبل، والبقاع الأوسط وزحلة، والبقاع الشمالي، ومداخل طرابلس، والضنية وعكار، جبلاً وسهلاً. ولم يقتصر الأمر على ماء السماء إذ فاضت المجاري الصحية والمجارير وأخرجت مكنوناتها فزادت الطين «قرفاً» وكارثية.

الاخبار....الحريري ـ باسيل: من يصمد أكثر؟... هل يُشكّل الحريري حكومة من دون العونيين؟

لم يعد في الميدان سوى سعد الحريري. في الجولة الأخيرة أنهى مرحلة البدائل. من يُرد أن يشكّل الحكومة عليه أن يرضخ لشروطه. لكن ذلك ليس موقف رئاسة الجمهورية. في بعبدا إصرار على تحمّل الحريري مسؤولية أفعاله. من استقال عليه أن يتفاوض مع الكتل النيابية للوصول إلى تشكيل الحكومة. وفي حال أراد استبعاد جبران باسيل، فإن لذلك كلفة سياسية عليه أن يتحمّلها يوم استيعاب الصدمة كان أمس. لا تواصل جدياً بين أي من الأطراف. لكن مع ذلك، فإن الجميع تصرّف على قاعدة أن التكليف أنجز، ويبقى التأليف، الذي يفترض أن يبتّ قبل الإثنين المقبل. سعد الحريري صار رئيساً مكلفاً، قبل الاستشارات النيابية. سبق للرئيس نبيه بري أن أعلن أن الحريري هو مرشّحه الوحيد لرئاسة الحكومة، أما حزب الله فلطالما نُقل عنه أنه يفضّل الأصيل على الوكيل. لكن الأصيل كانت حساباته مختلفة. تلاعب بالجميع على قاعدة «ليس أنا بل أحد غيري»، ثم وضع الألغام في طريق كل من رُشّح ليكون «غيري». المرشح الأخير، أي سمير الخطيب، خرج من دار الفتوى مبشّراً بأن قيادات وفعاليات الطائفة السنية سمّت الحريري لرئاسة الحكومة. ببساطة، ولىّ زمن اقتراح أسماء بديلة. وهذا يعني أن الخيارات ضاقت كثيراً أمام رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. لا بد من الحريري ولو طال الزمن، لكن ذلك لن يكون سهلاً. عودته إلى السراي الحكومي، مرهونة بإيجاد مخرج لمسألة مشاركة الوزير جبران باسيل في الحكومة، في ظل إصرار الحريري على استبعاده. باسيل من جهته كان وافق على الخروج شرط خروج الحريري معه. أي أمر آخر ما زال مرفوضاً حتى اليوم. في الأساس، سبق أن طرح الوزير غطاس خوري على رئيس الجمهورية تشكيلة حكومية يترأسها الحريري ولا تضم باسيل. لكن لم يتأخر عون في رفضها، وإعادة فرض قاعدة إما الحريري وباسيل خارج الحكومة معاً وإما داخلها معاً. يُنقل عن عون أنه هدّد بعدم ترؤس اجتماعات مجلس الوزراء إذا وصل الحريري إلى رئاسة الحكومة. وهذا يعني أن المشكلة بين الطرفين طويلة الأمد. لكن في المقابل، يتردد أن عون حاسم في رفضه التام لتأجيل الاستشارات مرة جديدة. في الأساس، هو كان يريد تأجيلها حتى الخميس فقط وليس الإثنين. يعتقد أن الحريري الذي أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه باستقالته، عليه أن يتحمّل مسؤولية الحل. وهذا يعني أن لا خيار أمام الأخير سوى السعي إلى الوصول لتفاهمات قبل الإثنين المقبل. أي أمر آخر، سيعني وصوله إلى رئاسة الحكومة، مجرداً من دعم الأكثرية. العونيون، على الأرجح سينتقلون إلى المعارضة، ورئيس الجمهورية لن يسهّل له عمله. صحيح أنه يصعب الحصول على إجابة بشأن موقف ثنائي حركة أمل وحزب الله من الحكومة في حال خروج العونيين منها، لكن حتى مع افتراض مشاركتهم في الحكومة، فإنهما لن يكونا إلى جانب الحريري. كل ذلك يشير إلى أن تسمية الخطيب كانت فرصة جدية للخروج من النفق الحالي. وهذا يقود إلى السؤال التالي: هل الحريري حصراً هو من أطاح الخطيب؟ ماذا عن دور باسيل؟ هل صحيح أنه أبلغ حلفاءه يوم الجمعة أنه لن يسير بالخطيب رئيساً للحكومة؟ مصادر متابعة تؤكد ذلك، وتشير إلى أنه قرن موقفه هذا بالتهديد بعدم المشاركة في المشاورات. ولأن ذلك يعني تلقائياً أنه لن يُشارك أكثر من 40 نائباً في الاستشارات، لم يجد الخطيب أفضل من دار الفتوى ليلجأ إليها معلناً انسحابه. لكن لماذا تراجع باسيل؟ ثمة من يعتبر أن الأخير حسبها جيداً ووجد أن خروجه من الحكومة لن تكون له سوى انعكاسات سلبية على مستقبله السياسي. وبالرغم من أن الاتفاق يقضي بأن لا تستمر الحكومة لأكثر من تسعة أشهر، إلا أنه في المقابل لا أحد يضمن ألا تبقى حتى نهاية العهد، بما يعنيه ذلك من قضاء على حظوظ باسيل الرئاسية، وربما مستقبله السياسي، فكان أن أعاد الأمور إلى النقطة الصفر. وقد تلقّف الحريري ذلك، خاصة أنه وافق على الخطيب على مضض. ثمة من يشير إلى أن زيارة الخطيب إلى دار الفتوى بعد ظهر الأحد، بالرغم من أن أمر انسحابه كان حسم باكراً، إنما هدفت إلى إرباك رئاسة الجمهورية في مسألة الاستشارات. حجة الحريري في الإصرار على رفض إعادة توزير باسيل، هي الإشارة إلى رفضه توزير أسماء مستفزة للناس المنتفضين منذ 17 تشرين الأول. يضع جبران باسيل على رأس اللائحة، ثم يضم إليها علي حسن خليل وآخرين، مستثنياً نفسه، ومتوهّماً أنه الأنظف كفاً بين الجميع. وصل به الأمر إلى حد اعتبار أنه والسيد حسن نصر الله هما الوحيدان اللذان يريدان مكافحة الفساد في البلد.

باسيل أبلغ الخطيب الجمعة تراجعه عن دعمه

بالنتيجة، لا يريد الحريري لباسيل أن يكون شريكاً على طاولة مجلس الوزراء، وهو الأكثر تعرضاً للهجوم منذ خمسين يوماً. أما باسيل، فيرفض أن يكون كبش محرقة السلطة، كما يطالب الحريري بالتزام التسوية الرئاسية التي تفترض الشراكة في الحكومة لمدة ست سنوات. لكن مع ذلك، ثمة من يترك باباً موارباً للحل. يؤكد أن أياً من الأطراف لم يعلن موقفه علناً. لا الحريري أعلن أنه حاسم في رفضه مشاركة باسيل، ولا الأخير ربط مصيره بمصير الحريري. ولذلك، فإن الرهان يبقى على مخارج متوافرة على الطريقة اللبنانية، أي لا غالب ومغلوب. أما متى يأتي وقت هذه المخارج، فهذا ما لا إجابة عنه. في مقدمة «أو تي في» أمس، إشارة إلى أن مصادر التيار الوطني الحر «ترفض المشاركة في لعبة سياسية مكشوفة يقوم بها سواه، تماماً كرفضه أداء دور الشاهد الزور، لأن ما يحدث يؤذي البلد، ولا يؤدي إلى تحقيق الإصلاح الذي ينشده الناس، بل إلى إلغاء آخرين، تنفيذاً لغايات سياسية في الداخل والخارج». وفي سياق متصل، كان لافتاً قول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «نريد أن نعرف ماذا يريد الحريري»، معتبراً أن «في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة، ولو طال الأمر شهراً أو شهرين». الحريري متّهم من خصومه - شركائه بأمرين، أوّلهما الرضوخ لوصايا غربية جعلته يستقيل، وثانيهما الرضوخ لفيتو أميركي على توزير باسيل. هذا لا يعني تغييب الشق الداخلي للأزمة. الحريري لم يعد قادراً على التعايش مع باسيل، ولذلك سيعمل على خطين في الأيام المقبلة: إبعاد الأسماء المستفزة عن الحكومة، والسعي لحشد الدعم الدولي للبنان، حتى تكون عودته إلى الحكومة مقرونة بالقدرة على مواجهة الأزمة. الإشارة الأولى في هذا الصدد ستكون الاربعاء، حيث تستضيف فرنسا «اجتماع عمل» دولياً «بغية مساعدته (لبنان) على الخروج من الأزمة السياسية»، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية. وجاء في بيان الخارجية الفرنسية إن «اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي تتشارك في رئاسته فرنسا والأمم المتحدة، «يجب أن يتيح للمجتمع الدولي الدعوة إلى تشكيل حكومة فعّالة وذات مصداقية سريعاً، لتتخذ القرارات اللازمة لإنعاش الوضع الاقتصادي وتلبية التطلعات التي يعبّر عنها اللبنانيون». أضاف البيان «أنها مسألة تحديد المطالب والإصلاحات التي لا غنى عنها، المتوقعة من جانب السلطات اللبنانية، حتى يتمكن المجتمع الدولي من مرافقة لبنان».

نداء الوطن...نبوءة السلطة... "سنجرفكم في لحظة لا تتوقعونها"... السيول الجارفة تحتجز المواطنين داخل سياراتهم ..

وفي "اليوم الدولي لمكافحة الفساد"... طافت مجارير السلطة فطفح كيل فسادها على شكل مستنقعات وبحيرات شقت طريقها نحو الأنفاق والتقاطعات والمنازل والمحال التجارية. بجدارة استحق أهل السلطة لقب "قطاع الطرق" بالأمس، بعدما قطّعوا السبل باللبنانيين و"غمروهم" بطوفان من السيول الجارفة تحت وطأة سوء إدارة المضخات وعجزها عن تصريف مياه الأمطار. وكأنها نبوءة السلطة تتحقق في مشهد سريالي، شبّه به أحد المواطنين الغارق بسيارته في نفق الأوزاعي ما حصل أمس بتوعّد الوزير جبران باسيل في خطابه الشهير في 13 تشرين بـ"النهر الجارف"، قائلاً بتهكّم لمراسل "نداء الوطن": "ألم يقل حينها "سنجرفكم في لحظة لا تتوقعونها؟" وها هم قد جرفونا اليوم"! عند كل "شتوة"، تبدو السلطة بمختلف أجهزتها وإداراتها في مظهر المتفاجئ الذي باغتته الأمطار كما لو أنها انهمرت في آب اللهاب وليس في عزّ كانون... مشهدية تتكرر في كل عام ومهزلة تقاذف المسؤوليات والتنصل منها مستمرة لتدل بالجرم المشهود على سلطة فاشلة ودولة مارقة غارقة في الفساد والإفساد تضع أرواح الناس وأرزاقهم ومصالحهم الحيوية في قعر سلّم أولوياتها. ولأنها كذلك، ثارت ثائرة الشعب فانتفض في 17 تشرين على طبقة أطبقت على زمام الحكم وعلى أنفاس اللبنانيين فأفقرتهم وأفرغت خزينتهم العامة بمزاريب الهدر والفساد وتناتش المغانم السلطوية. وبينما كان المواطنون يغرقون أمس في العراء تجرفهم سيول الأمطار على الطرقات، كان أرباب الحكم يحتسون الشاي الساخن في صالوناتهم ويستغرقون في تبادل آخر المعلومات وجديد المستجدات على شريط عملية تقاسم النفوذ الحكومي ورسم خريطة التكليف والتأليف بشكل منفصم عن واقع الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي المتسارع في البلد. وفي جديد المعلومات المتوافرة، اختصرت عبارة "نريد أن نعرف ماذا يريد الحريري" التي قالها "حزب الله"، على لسان رئيس كتلته البرلمانية النائب محمد رعد، عنوان المرحلة الجديدة غداة سقوط ترشيح سمير الخطيب بضربة دار الفتوى القاضية معيدةً بذلك عملية التكليف والتأليف إلى "بيت الطاعة" السنّي في "بيت الوسط". وتحت سقف هذه العبارة، أوضحت مصادر قيادية في قوى 8 آذار لـ"نداء الوطن" أنّ عملية التكليف باتت أمام معطى "قديم جديد" ينتظر ما سيقرره رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، معربةً عن قناعتها بأنّ "الحريري سيكون هو على الأغلب من سيُكلّف تشكيل الحكومة الجديدة وهذا ما كنا نطالب به جهاراً نهاراً منذ لحظة استقالته". وكشفت في هذا السياق عن "اتجاه جدّي نحو تثبيت موعد الاستشارات النيابية الملزمة في موعدها المقرر الاثنين المقبل على أن تفضي بنتيجتها إلى إعادة تكليف الرئيس الحريري بعد حصوله على تسهيلات وضمانات متقدمة تريحه في تأليف حكومة تكنو – سياسية مع تخفيض مستوى التمثيل السياسي فيها". ورداً على سؤال، أجابت: "نعم الحريري سيقبل بحكومة تكنو - سياسية إذا لم يكن مستوى التمثيل السياسي مستفزاً فيها". وإذ يبدو انطلاقاً من مصادرها، أنّ قوى 8 آذار بصدد التجاوب أكثر فأكثر مع طروحات الحريري والمضي قدماً باستبعاد الأسماء السياسية المستفزة، كشفت مصادر واسعة الاطلاع على كواليس المشاورات الجارية أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون الممتعض أساساً من أداء رئيس حكومة تصريف الأعمال بات أيضاً مستاءً من تماهي "حزب الله" مع الحريري وشروطه، موضحةً لـ"نداء الوطن" أنّ هذا الاستياء الرئاسي مرده بشكل أساس إلى ما تناهى إلى أسماع دوائر قصر بعبدا عن اتجاه لدى الحزب "بمعية الرئيس نبيه بري" لإبداء ليونة أكبر إزاء المتطلبات التي يراها الحريري ضرورية لتولي المهمة الحكومية تمهيداً لتعبيد الطريق أمام تكليفه الاثنين المقبل. غير أنّ المصادر لم تخفِ في المقابل توجسها من إمكانية إبداء "التيار الوطني الحر" بشخص رئيسه تصلباً أكبر في المواقف بشكل يدفع رئيس الجمهورية إلى "فرملة" اندفاعة الثنائي الشيعي نحو ترجمة التسهيلات اللازمة لتكليف الحريري. في الغضون، وعلى وقع تشديد ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش من قصر بعبدا على أنّ اجتماع باريس سيكون "بمثابة إشارة قوية لالتزام دول مجموعة الدعم الدولية بالعمل مع لبنان"، يستعد وفد لبنان للمشاركة في الاجتماع غداً برئاسة الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي، الذي عقد أمس اجتماعاً تحضيرياً في قصر بسترس لأعضاء الوفد اللبناني تناول مختلف جوانب الموقف اللبناني عشية المغادرة إلى العاصمة الفرنسية. وعن أجندة اجتماع مجموعة الدعم للبنان برئاسة كل من فرنسا والأمم المتحدة، أعلنت الخارجية الفرنسية أمس أنه "سيتيح للأسرة الدولية أن تدعو إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وفعّالة تتخذ القرارات الضرورية لإعادة تصحيح الوضع الاقتصادي اللبناني وللتجاوب مع متطلبات الشعب اللبناني الذي عبّر عنها"، لافتةً الانتباه إلى أنّ اجتماع باريس "سيحدد الشروط والإصلاحات الضرورية المطلوبة من السلطات اللبنانية كي تواكب الاسرة الدولية لبنان"، مع تجديد وقوف فرنسا "في هذه الظروف الصعبة إلى جانب لبنان واللبنانيين لضمان استقرارهم وأمنهم الأساسي للمنطقة". وبخلاف الحماسة الفرنسية، تبدو واشنطن متريثة في الاندفاع نحو تقديم يد المساعدة للبنان بعدما تفاجأت من أداء السلطة اللبنانية إزاء معالجة الأزمة الحكومية، حسبما نقلت مصادر ديبلوماسية لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنّ مسؤولين أميركيين أعربوا عن انتقادهم بصراحة لتباطؤ المعنيين في الدولة اللبنانية بعملية تشكيل الحكومة الجديدة وتأخير الاستشارات النيابية الآيلة إلى تكليف رئيس جديد للحكومة، وقد أبدوا من هذا المنطلق استغرابهم كيف أنّ العالم يبادر لإبداء استعداده لمساعدة لبنان في هذه المرحلة الخطرة بينما المسؤولون اللبنانيون أنفسهم لا يزالون يتصرفون وكأنهم أمام أزمة حكومية عادية متجاهلين كل النصائح التي أسديت إليهم للحؤول دون انهيار الوضع أكثر.

الأمطار تحوّل بيروت أنهراً ومستنقعات وبحيرات.. باريس تستضيف مؤتمراً لـ«حكومة فاعلة وذات مصداقية» في لبنان

الكاتب:بيروت - «الراي» .. «حزب الله» يتوقّع أن تطول الأزمة الحكومية شهراً أو شهرين...

في الاثنين الذي كان مُعَدّاً له أن يكون يوم الاستشارات النيابية المُلْزِمة لتكليف الرئيس الذي سيتولّى تأليف الحكومة الجديدة في لبنان، لم تُصوَّب العدساتُ على القصر الجمهوري وخيارات الكتل البرلمانية ومُناوراتها بعدما طارتْ هذه الاستشارات في «ربع الساعة الأخير» (ليل الأحد) ورُحِّلت إلى الاثنين المقبل، لتتصدّر الشاشاتِ الكتلةُ الهوائيةُ الباردةُ التي قَبَضَتْ على البلاد، وبدا أمس وكأن لا صوت يعلو فوق صوت المشهد الفضائحي - المأسوي، الذي أطلّ مع شتوةٍ «طبيعية» أغرقتْ الطرقَ وحوّلت الشوارعَ أنهراً والساحات مستنقعات والأنفاق بحيرات. فقد طافت العاصمة اللبنانية، أمس، بمياه الأمطار، وتدفقت المياه إلى داخل صالات مطار بيروت الدولي. وتداول ناشطون مقاطع فيديو وصوراً تظهر السيارات وهي تغرق في المناطق من خلدة إلى الشويفات والأوزاعي - السلطان إبراهيم، في حين عمد البعض إلى استعمال ألواح التزلج المائي للتنقل. وإذ دَخلتْ أحوالُ الطقس على يوميات اللبنانيين المسكونةِ بأهوال الواقع المالي - الاقتصادي وبورصةِ القيود المصرفية وسعر صرْف الدولار وبدء شحّ مواد غذائية، بدتْ «طقوس» استجرارِ الأزمة الحكومية مفتوحةً على المزيد من الألاعيب والكمائن السياسية. وغداة معاودة «تصفير» عدّادات الملف الحكومي بإعلان ثالث المرشحين لتشكيل الحكومة سمير الخطيب انسحابه، في خطوةٍ بدا أن الجميع كانوا يريدونها ولكن أحداً لم يجرؤ على تَحَمُّل وزْر أن يكون المسؤول عنها، ازداد الاقتناعُ بأن الخروج من هذا النفق صار أبعد بأسابيع في ظلّ المؤشراتِ إلى أن لعبة الشروط والشروط المضادّة ستستعيد زخمها في الساعات المقبلة تحت سقف عنوانيْن متقابليْن يختزلان كل الصراع حول الحكومة بأبعاده الداخلية والإقليمية وهما: حكومة تكنوقراط من اختصاصيين مستقلين أو حكومة تكنو - سياسية. وفي رأي أوساط سياسية أن عزوف الخطيب تحت غطاء دار الفتوى وبدفْع منها بالتوازي مع تزكية الطائفة السنية رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري مرشحاً لتأليف الحكومة، لا يعني فقط مجرّد دعْمٍ لزعيم «المستقبل»، بل أيضاً توفير مظلّة للإطار الذي يصرّ عليه لحكومة تكنوقراط لستة أو 8 أشهر بصلاحيات استثنائية يرى أنها يمكن أن تُحْدث الصدمة الايجابية المطلوبة خارجياً ولدى الشارع. وفي رأي الأوساط، أنه رغم أن الحريري لم يعلن صراحةً بعد أنه راغب في العودة إلى مشهد التكليف، فإنّ التغطية غير المألوفة التي وفّرتها له دار الفتوى تجعل من الصعوبة على أي مرشّح آخر القفز فوقها، الأمر الذي يجعل الأيام الفاصلة عن الاثنين المقبل مفتوحة على مشاوراتٍ جديدة تحت سقف الشروط المعروفة لكلٍّ من زعيم «المستقبل» وتحالف فريق رئيس الجمهورية ميشال عون - الثنائي الشيعي. ولا تتوانى هذه الأوساط عن اعتبار أن «المستحيليْن» اللذين يشكّلهما قيام حكومة تكنوقراط صافية، لا يمكن لـ «حزب الله» التسليم بها لما ستعنيه من «إقالةٍ» له من القرار السياسي، كما تشكيل حكومة تكنو - سياسية تعود إليها وجوه مستفزّة ووفق محاصصة حزبية تجعل الحكومة شبه مستنسخة عن تلك التي انفجر بوجهها الشارع، يعنيان أن أي «بارقة تسويةٍ» على قاعدة عودة الحريري لرئاسة الحكومة لا بدّ أن تمرّ عبر نقطة وسطية تقوم على تشكيلة تكنوقراط مطَعّمة بعدد قليل جداً من السياسيين كوزراء دولة، من دون أن يُعرف إذا كان ممكناً تفكيك العقدة المركزية وعنوانها رفْض زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل استبعاده من أي حكومة برئاسة زعيم «المستقبل» وهو ما يدعمه فيه «حزب الله» بقوّة. وفي حين عبّرت مصادر قريبة من فريق عون عن تفاجُئها بطريقة عزوف الخطيب وسابقة دخول دار الفتوى على خط تزكية الحريري، فإنّ لا شيء يشي بأن شيئاً سيتغيّر قبل الاثنين المقبل الذي حدده عون موعداً جديداً لاستشارات مرشّحة للتأجيل مجدداً، وسط توقف الأوساط السياسية عند موقف بالغ الدلالات لرئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد عكس أن الأزمة الحكومية مفتوحة على أخذ وردّ لأسابيع. فقد أعلن رعد «في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة. ممكن أن تطول شهراً أو شهرين لكننا سنجد لها حلاً»، معلناً «لن نناقش بشروط تمس بسيادة البلد. وشروط تجعل لبنان تابعاً لدولة خارجية بسياستها، لا نستطيع أن نتجاوب معها. ونحن مستعدون لتقديم تنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية أبداً». ولم يحجب أسبوع الانتظار الجديد، الأنظار عن الاجتماع الذي تعقده مجموعة الدعم الدولية للبنان غداً في باريس على مستوى الأمناء العامين لوزراء خارجية الدول الأعضاء وسط رصْد لما سيصدر عن هذا اللقاء لجهة «خريطة الطريق» الإصلاحية المطلوبة من الحكومة الجديدة للاستفادة من مخصصات مؤتمر «سيدر» (نحو 11 مليار دولار) وغيرها من المساعدات. وكان لافتاً إعلان وزارة الخارجية الفرنسية أمس، أن اجتماع مجموعة الدعم (بحضور سعودي وإماراتي) «سيشهد دعوة المجتمع الدولي من أجل إقامة حكومة فاعلة وذات صداقية في لبنان»، مؤكدة «أن الهدف منه أن تتخذ الحكومة اللبنانية الجديدة القرارات الضرورية لتحسين الوضع الاقتصادي». وعشية الاجتماع أبدى عون ارتياحه لانعقاده متمنياً «أن تسفر عنه نتائج تُترجِم عمليا الدعم الذي تظهره الدول الأعضاء في المجموعة حيال لبنان، خصوصا في الظروف الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد».

فرنسا تستضيف مؤتمراً دولياً بشأن لبنان الأربعاء..

باريس - بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين».. أعلنت فرنسا أنها ستستضيف مؤتمراً دولياً بشأن لبنان، الأربعاء المقبل، مضيفة أن الهدف من المؤتمر هو دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد. ووفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، قالت أنييس فون دير مول، المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، للصحافيين، في إفادة يومية مقتضبة عبر الإنترنت: «ينبغي أن يمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني». وأبدى الرئيس اللبناني، ميشال عون، ارتياحه لانعقاد الاجتماع، متمنياً أن تسفر عنه نتائج عملية، وذلك وسط استمرار الاحتجاجات الشعبية، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وجاء هذا خلال لقاء عون بالمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، يان كوبيتش، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية. وأعرب عون عن شكره للاهتمام الذي أبدته فرنسا و«المبادرة إلى الدعوة بالتنسيق مع الأمم المتحدة». وأبلغ عون المنسق الأممي، أن «لبنان سيحضر الاجتماع بوفد رسمي»، متمنياً أن «تسفر عنه نتائج تُترجم عملياً، خصوصاً في الظروف الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد». من جانبه، عرض كوبيتش على عون الترتيبات المتخذة لانعقاد الاجتماع، معتبراً أن «الاجتماع سيكون بمثابة إشارة قوية لالتزام دول مجموعة العمل مع لبنان». وتواصلت في لبنان الاحتجاجات اليوم ولليوم الـ54 على التوالي للمطالبة بتشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة السياسية. وكان عون أرجأ الليلة الماضية الاستشارات النيابية الملزمة، التي كان من المقرر أن تنطلق اليوم للاتفاق على شخصية لتشكيل الحكومة القادمة، إلى يوم الاثنين المقبل، بعد إعلان المرشح لتولي المنصب المهندس سمير الخطيب اعتذاره عن عدم الاستمرار في الترشح.

الثلوج تغطي مطار بيروت

الراي...غطّت طبقة من الثلوج التي لامست البحر في لبنان، مدرّج مطار بيروت في ظاهرة لافتة أدهشت المسافرين، وفق ما ذكرت محطة «ام تي في» اللبنانية. من جهة ثانية، تم اليوم تداول فيديوهات عديدة تظهر الطرقات والشوارع اللبنانية مغمورة بالماء، نتيجة هطول أمطار كثيفة لم تتوقف منذ الليلة الماضية. وعنونت العديد من الصحف اللبنانية، واصفة المشاهد المطرية في الشوارع اللبنانية بـ"لبنان يغرق". ولم تكن أول عاصفة مطرية شهدها لبنان منذ أسابيع قليلة كافية لتنذرالمعنيين بضرورة الإعداد لمواجهة حالة طقس مماثلة لما شهدته المناطق اللبنانيّة اليوم. وكشفت هذه العاصفة عدم جهوزية البلديات والبنى التحتية لتصريف مياه الأمطار، فغرقت شوارع وأوتوسترادات بكاملها في بيروت ومناطق أخرى كالشوف، الناعمة، خلدة، مجدليا، الشويفات، عكار، الدامور، قبرشمون،عرمون، النبطية ومناطق أخرى. وانسدّت مجاري المياه، وفاضت قنوات الصرف الصحي، وعلق المواطنون لساعات في الطرقات، وغرقت بعض السيارات، فيما اجتاحت السيول بيوت ومحال تجارية، في مناطق أخرى، فاضطّر الكثير من الطلاب للبقاء في بيوتهم، وفقا لـ«سبوتنيك». وتوقّف السير في العديد من طرق وأنفاق لبنان، ووصلت زحمة السير من "خلده إلى صيدا"، ما تسبب بأعطال في عدد من السيارات. ونزل بعض طلاب المدراس من الباصات ذاهبين إلى منازلهم مشيًا على الأقدام.

ملفات بري والحريري وباسيل وجنبلاط.. رائحة نتنة في لبنان

الحرة... شلل سياسي، انهيار اقتصادي، متلازمة نقص الخدمات، ومحسوبيات قائمة على الطائفية والقوى السياسية، ملايين تهدر وشعب يعاني، هكذا وصف تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أوضاع لبنان. ورغم الأزمة التي تعيشها البلاد حاليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إلا أن الأسباب لم تكن وليدة الساعة، وجاءت نتيجة لسنوات من خلل هيكلي جعل من الفساد ركنا أساسيا في البلاد، وحتى أبسط الملفات الخدمية مثل "النفايات" كشفت فسادا أزكم أنوف اللبنانيين، بحسب الصحيفة.

شلل سياسي

وآخر أزمات لبنان دخولها بحالة شلل سياسي بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري بسبب حراك شعبي بدأ في 17 أكتوبر، والاستقالة لم تمنع استمرار الاحتجاجات التي تطالب برحيل الطبقة السياسية مجتمعة، والتي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية التدهور الاقتصادي. ويعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يتخطى معدل البطالة 30 في المئة في صفوف الشباب، ويهدد الانهيار الاقتصادي الحالي بارتفاع هذين المعدلين، وفق البنك الدولي، في غياب حكومة وفق وكالة فرانس برس. وذهب تقرير الصحيفة الأميركية إلى أن ما تعانيه البلاد من عجز عن توفير الخدمات الأساسية مرده إلى اتفاق المحاصصة الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية قبل 30 عاما، والذي أوقف الخلاف السياسي، لكنه وزع السلطة بين 18 طائفة دينية معترف بها داخل البلاد، ما جعل من الفساد يأخذ شكلا مؤسسيا، خاصة وأن كل طرف أصبح يريد الاستحواذ على أكبر المغانم والعقود والخدمات للموالين له. وتتألف الطبقة الحاكمة في لبنان بمعظمها من زعماء كانوا أطرافا في الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد (1975-1990)، ولا يزال أغلبهم في الحكم بعد نحو ثلاثة عقود. ويمثل هؤلاء عموما طائفة أو منطقة معينة.

"طلعت ريحتكم"

"أزمة النفايات"، والتي تسببت بغرق العديد من المدن بالقمامة ومنها بيروت، تعد المثال الأفضل لتكشف عما يحصل في البلاد، وكيف تتسابق القوى السياسية والدينية للحصول على منافع من الدولة.

في العام 2015، تراكمت القمامة في شوارع بيروت وفاحت رائحتها، من دون أن تجد الحكومة حلا مستداما لها، بل عمدت إلى فتح مطمرين جديدين في برج حمود وعلى شاطئ الكوستا برافا القريب من المطار جنوب العاصمة. ومع تراكم النفايات شيئا فشيئا وتحللها تدريجيا، باتت الرائحة تفوح في ضواحي بيروت، وهي أول ما يستنشقه المسافرون القادمون إلى لبنان، لتخرج احتجاجات في البلاد تحت شعار "طلعت ريحتكم". وعلى وقع أزمة النفايات حصل جهاد العرب، وهو شقيق أحد مساعدي رئيس الوزراء سعد الحريري وهو مسلم سني، على عقد لمشروع طمر بقيمة 288 مليون دولار، فيما حصل رجل الأعمال المسيحي داني خوري على عقد آخر قيمته 142 مليون دولار، وخوري يعد أحد المقربين من الزعيم المسيحي رئيس لبنان ميشال عون. وكلا الطرفين الحاصلين على العطاء لم يلتزما بالتخلص من النفايات بالطريقة المثلى، فالأول يضيف الماء لمستوعب النفايات من أجل زيادة الوزن لها وتحصيل نقود أكثر عليها، والثاني يرميها في البحر المتوسط، وهو ما تنفيه الشركتان. بولا يعقوبيان، وهي برلمانية لبنانية مستقلة تقول إن مشاريع البنية التحتية تعد "منجم ذهب للطبقة السياسية"، متسائلة أين تذهب؟ وكيف تنفق الأموال في قطاعي الخدمات والكهرباء من دون أي جدوى؟

وحتى بعيدا عن قطاع الخدمات، وحتى في مجال الاستثمار لم يعد أبناء لبنان يستغربون إذا ما سمعوا أن الشركة المطورة لمنتجع على الشاطئ العام في بيروت يمتلكه ابن نبيه بري أحد زعماء الطائفة الشيعية ورئيس مجلس النواب اللبناني.

عجز متعمد في توليد الكهرباء

ويقول خبير لم تفصح نيويورك تايمز عن اسمه إن السبب الأساسي لعدم تمكن لبنان من إنتاج طاقة كهربائية كافية لساكنيها يعود إلى "لوبي" قوي من ملاك محولات الكهرباء الخاصة، والذين يزودون المنازل بالكهرباء، ناهيك عن أن هذه المحولات تعتبر السوق الرئيسية لمستورد مادة "الديزل" وهو زعيم الأقلية الدرزية وليد جنبلاط. ولا يقف الخلل في قطاع الكهرباء عند هذا الحد، فجبران باسيل، وهو صهر الرئيس عون، عندما كان وزيرا للطاقة دفع باتجاه شراء طاقة كهربائية من باخرة تعد محطة توليد موجودة قرب الشواطئ، ودفعت ملايين الدولارات لها مقابل ذلك، وبعد خمس سنوات اقترح وزير الطاقة في تلك الفترة شراء هذه الباخرة بما قيمته 1.9 مليار دولار، الأمر الذي أثار لغطا حول الأمر برمته. ويذكر التقرير أن مجلس التنمية والتعمير اللبناني يعد أشبه بموزع العقود والعطاءات على الطوائف الدينية والقوى السياسية المختلفة في الدولة، وغالبا ما تكون العقود ناتجة عن منح تدفعها دول غربية ومؤسسات دولية تقدر بمليارات الدولارات. ويؤكد الخبير جاد شعبان من الجامعة الأميركية في بيروت أن عطاءات المستشفيات والطرق والمدارس وغيرها يتم توزيعها على المقاولين المفضلين وفقا للحصص الطائفية بغض النظر عن الضرورة. وأضاف أن العطاءات توزع بطريقة "طائفية"، وأن المؤسسات تتذرع بالطائفية لتمويل شبكات المصالح المرتبطين فيها.

مشاورات الحكومة اللبنانية تركز على شروط الحريري.. «حزب الله» يحذّر المراهنين على عزله... وتعويل على دور له بين «المستقبل» و«الوطني الحر»

بيروت: «الشرق الأوسط»... شرعت القوى السياسية اللبنانية بجولة جديدة من المشاورات لتذليل عقبات تحُول دون الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، بعد تطورات أقصت منافسي رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، من سباق رئاسة الحكومة، وثبتته مرشحاً شبه وحيد، وهو ما يعطيه دفعاً جديداً للتفاهم بشروطه للعودة إلى المنصب. وقالت مصادر سياسية مواكبة للتطورات الأخيرة إن جولة المشاورات الجديدة ستكون حاسمة هذه المرة، وهو ما دفع رئاسة الجمهورية لمنحها وقتاً حتى الاثنين المقبل، وهو موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري «منفتح على التشاور»، مشددة على أن «موقفه معروف، وهو لا يزال مصراً على تشكيل حكومة إنقاذية من الاختصاصيين في حال جرت تسميته لرئاسة الحكومة». ولفتت إلى أنه سيتواصل خلال هذا الأسبوع مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي لم يلتقه منذ الأسبوع الماضي. وأشارت إلى أن «الحريري هو الأوفر حظاً لترؤس الحكومة بعد التطورات الأخيرة، ومن ضمنها انسحاب مرشحين اثنين، واحتراق أسماء أخرى قبل تبني ترشيحها فعلياً». وترتفع تلك الحظوظ بفعل عوامل عدة، بينها بيان المهندس سمير الخطيب من «دار الفتوى» الذي أشار إلى إجماع سُنّي على الحريري، فضلاً عن اجتماع باريس المزمع عقده الخميس المقبل، «مع أن الاجتماع تنسيقي، ولا نتائج فورية له لحل الأزمة الاقتصادية، لكنه يعطيه دفعاً قوياً في مؤشر على الثقة الدولية بالحريري وبعلاقاته التي يمكن استثمارها لإنقاذ الوضع الاقتصادي من التأزم». وتُضاف تلك العوامل، حسب المصادر، إلى عامل آخر يتمثل بتقلص حظوظ تأليف حكومة مواجهة من لون واحد، على الأقل بالمدى المنظور، وهي حكومة لا يرغب فيها «الثنائي الشيعي»، حركة «أمل» و«حزب الله». وتوقفت المصادر عند تجربة «المساكنة السياسية» بين الحريري و«الثنائي الشيعي» في الحكومتين الأخيرتين اللتين ترأسهما، إذ لم تكن لمشاركة «حزب الله» في الحكومة تبعات على فعالية الحكومة وإنتاجيتها، ولم تشهد اشتباكات في مجلس الوزراء ولا سجالات مع الحريري، بل جرى القفز فوق القضايا الخلافية منعاً لتفجر الحكومة. وإذ دعت المصادر إلى الانتظار لمعرفة كيفية تعاطي «التيار الوطني الحر» مع المعطيات الجديدة، كشفت عن رهان على دور لـ«حزب الله» في تذليل العُقد بين الحريري و«التيار الوطني الحر» بهدف التوصل إلى تفاهم ينتج عنه تشكيل للحكومة العتيدة، لافتة إلى أن كل الأطراف «شغلت محركاتها للتواصل والتشاور». ولم تظهر ملامح شكل الحكومة بعد، رغم أن المعلومات الأولى تفيد بأنه «ليس من المطروح أن تتشكل حكومة تكنوسياسية» حتى هذه المرحلة على الأقل، رغم أن «حزب الله» يصر على تشكيل حكومة مطعمة بوجود سياسي. وتشير تقديرات أخرى إلى أن الحكومة لن تكون فضفاضة، بل ستكون حكومة متوسطة تتراوح بين 20 و24 وزيراً. وتحدثت معلومات لـ«الشرق الأوسط» عن أن هناك مقترحاً بأن تضم أربعة وزراء دولة يمثلون القوى الرئيسية في البلاد، في حال كانت تتألف من عشرين وزيراً، فيما يكون الوزراء الآخرون بأكملهم من التكنوقراط، من غير الولوج بعد بالحصص والحقائب والجهات التي تسميها. وأكد «حزب الله» على لسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد، أمس، «أننا الآن أمام معطيات جديدة». وقال: «بتقديري، في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة. ممكن أن تطول شهراً أو شهرين لكننا سنجد لها حلاً. ليست المشكلة في تشكيل الحكومة وعدم تشكيل الحكومة بل الوضع الاقتصادي مع الناس. ما العمل به؟ سعر صرف الدولار الذي اختلف ما العمل به؟». وأضاف: «لن نناقش شروطاً تمس بسيادة البلد، وشروطاً تجعل لبنان تابعاً لدولة خارجية بسياستها، لا نستطيع أن نتجاوب معها. ونحن مستعدون لتقديم تنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية أبداً». واعتبر عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق في لقاء سياسي أن «الخطوة الأولى اللازمة لإنقاذ البلد تكمن في تشكيل حكومة موثوقة قادرة على إنقاذ البلد من الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وتنال ثقة الناس قبل ثقة المجلس النيابي، ولا تستجيب لإملاءات ديفيد شينكر ولا (دونالد) ترمب، لأن إملاءات أميركا هي وصفة للفتنة». وحذر «الذين يراهنون على عزل (حزب الله) داخلياً»، مشيراً إلى أنهم «يجب أن يعلموا أن (حزب الله) أكبر من أن يُعزل، وهو أقوى من أن يحاصَر، وما زلنا في موقع القوة والاقتدار أمام العدو الخارجي، وفي موقع متقدم في حماية الوطن من مشاريع الفتنة». وقال إن «البلد لا يحتمل إلغاء ولا كسر أحد، وإنما يحتمل الذهاب إلى تكليف رئيس حكومة يحظى بموافقة الكتل النيابية الأساسية، لأنه لا يمكن الذهاب برئيس ترفضه أكبر كتلة سنية أو مسيحية، وهذا غير واقعي، وهو وصفة تؤدي إلى وقوع المشكلات». واعتبر أن «إطالة أمد الأزمة ليس لصالح الوطن أو لأي أحد في لبنان، ونحن حريصون جداً على تسريع تشكيل حكومة تنقذ الوطن، ولكن لا نريد أن نحل مشكلة ونوجد مشكلة أكبر، لأن الخلافات والانقسامات السياسية عميقة جداً جداً، ومعوقات تشكيل الحكومة بأسباب داخلية ليست أقل أهمية من أي سبب خارجي». واعتبر عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، أن «الأزمة عادت إلى المربع الأول». وقال: «لأنهم يكابرون ويرفضون التنازل لشعبهم، لأنهم ضربوا عرض الحائط بالدستور، لأنهم حاولوا تأليف الحكومة قبل التكليف، لأنهم غلّبوا المصالح الفئوية على الوطنية، لأنهم ما زالوا يتقاسمون الحصص والمراكز، لأنهم يمارسون الترف السياسي من دون حق، شكراً لجهودكم. البلد ينهار. عدنا للمربع الأول».

محتجو جنوب لبنان يتحدون الاعتداءات والتهديدات

الشرق الاوسط....صور (جنوب لبنان): حنان حمدان... قبل 5 سنوات، لم يجد المختار السابق لبلدة القليلة في جنوب لبنان محمود صالح، من يتكفل بعلاجه عندما أصيب بمرض سرطان الكلى، فتكبّد فوق طاقته كلفة عملية استئصال إحدى كليتيه، التي بلغت 18 ألف دولار آنذاك. تلك المعاناة تمثل أحد أبرز الأسباب التي دفعته للاستمرار بالتظاهر منذ 54 يوماً. وحال المختار صالح يشبه حال كثيرين في مدينة صور وضواحيها، واظبوا على الاعتصام في ساحة العلم، مطالبين بأبسط حقوقهم المعيشية، إلى جانب المطالب الموحدة التي تتلاقى مع مطالب جميع الساحات، وأهمها في الوقت الراهن تشكيل حكومة من اختصاصيين لإنقاذ البلد من الانهيار الاقتصادي. وتوصف مدينة صور بأنها مدينة التنوع الطائفي والسياسي وتحظى العائلات الكبيرة فيها بنفوذ، وتحيط بها قرى وبلدات يحظى فيها الثنائي الشيعي بأغلبية. ومع ذلك، ركن بعض المعتصمين من المدينة والقرى المحيطة الولاءات السياسية جانباً، وتظاهروا مطالبين بحقوقهم الاجتماعية. ويقول المختار صالح لـ«الشرق الأوسط»: «نزلنا إلى الساحة بسبب الوجع والضيقة الاقتصادية التي نعيشها بفضل السياسيين في لبنان. وما زلنا في الساحات لأنهم لم يبادروا إلى تحقيق أي طلب من مطالب الناس المحقة»، لافتاً إلى أن «المسؤولين في السلطة الذين جلسوا على كراسيهم منذ سنوات طويلة، لم يفكروا بإعطائنا أبسط حقوقنا، أقله في الطبابة وضمان الشيخوخة، وعوضاً عن ذلك أغرقونا بالديون، رغم أننا خرجنا من الحرب الأهلية من دون أي دين عام». وأضاف: «نحن باقون في الساحات حتى تحقيق مطالبنا التي أوجعتنا على مدى الأعوام الماضية». منذ اليوم الأول للتحركات الاحتجاجية في لبنان، شارك المحتجون في مدينة صور في جنوب لبنان بفاعلية، وتعرضوا لمضايقات أبرزها الاعتداءات عليهم من قبل مناصرين حزبيين، وتكسير خيامهم في مرحلة لاحقة في ساحة العلم. ويشير أحد المعتصمين إلى أن صور مدينة صغيرة، والناس يعرف بعضهم بعضاً، وعلى دراية بما آلت إليه الأوضاع المعيشية من تدهور لدى غالبية الناس هناك. ورغم ذلك ما زال البعض يزعجه انتفاضة الناس من أجل تحصيل حقوقهم، في حين يواظب المعتصمون على الاحتجاج في الساحة بعد مرور أكثر من 50 يوماً على بدء الانتفاضة الشعبية. ويقول محمد حيدر إن «الضغط الحاصل علينا غربل الناس المترددة التي خرجت من الساحة، وهكذا بات الخطاب أكثر نضجاً. والباقون يستحيل أن يتركونها لسبب أساسي، هو أنهم لن يقبلوا بمثل هذه الهزيمة ولا يمكن أن نتخلى عن ثورتنا ببساطة. يمكن أن نختلف على آلية التغيير لكن المطالب تبقى واحدة». ويضيف: «أتنقل يومياً بين عملي والساحة التي أعطيها أولوية أكثر. وغيري كثر. سنبقى ورقة ضغط قوية حتى تحقيق أهدافنا، لا سيّما في ظل لا مبالاة أهل السلطة، وقد أثبت الحراك إمكانية التغيير في أكثر من أمر». في المقابل، لم يتبدل مشهد الساحة في الأيام الماضية، بفارق وحيد، هو زيادة عدد الخيم الموجودة هناك. إذ تمّ تشييد خيمة كبيرة تقي من أمطار الشتاء، لتمكن المعتصمين من المبيت واستكمال اللقاءات الحوارية والنقاشات في الساحة. وتحتوي الخيمة على مقاعد بلاستيكية وبعض الأسرة المتنقلة، وموقد غاز صغير لتحضير القهوة والشاي. ويقول لـ«الشرق الأوسط» حسن درويش، وهو أحد الشبان الذين يوجدون باستمرار في الساحة، إن «الانتفاضة في صور لا تزال على حالها، وهمة الناس أيضاً لم تضعف»، مشيراً إلى أن «أهل صور لن يتركوا الساحة ببساطة وسيكملون حتى تحقيق المطالب». ويستدل درويش على ذلك بندوات الحوار الداخلية التي لا تزال تعقد يومياً في الخيم، وتتناول مواضيع من صلب مطالب الناس، بينها الواقع الصحي والاقتصادي والطبابة وشكل حكومة التكنوقراط، فضلاً عن تحركات متنقلة أمام الدوائر الرسمية. إضافة إلى ذلك، لم تتوقف المبادرات المدنية، فقد انطلقت السبت الماضي «قافلة الثورة» التي «بدأنا العمل عليها قبل نحو 25 يوماً، وجابت كل ساحات الثورة من الجنوب إلى الشمال»، بحسب ما يقول درويش، لافتاً إلى أن «هدفنا من خلالها كسر الحاجز الطائفي والقول إن ساحات لبنان واحدة، فمثلما استقبلنا في صور زواراً كثيرين من اعتصامات طرابلس والنبطية وبيروت وكفررمان، أتوا ليدعمونا، نحن اليوم من خلال هذه القافلة قمنا برد الزيارة والدعم». ويشير حسن إلى خيمة سيتم افتتاحها قريباً في قلب الساحة، «دعماً لكل محتاج وستكون مفتوحة للجميع، تحتوي ألبسة ومواد غذائية». وأوضح أن «الفكرة الأساسية منها أنها من كل بيت ولكل الناس... فكرنا بهذه المبادرة انطلاقاً من الوضع المعيشي المزري الذي وصل إليه البعض في صور، إذ يبلغ متوسط الدخل نحو 600 ألف ليرة لبنانية ليس أكثر، لا يمكن أن تكفي لتلبية حاجات الناس الأساسية». عند ساعات الصباح الأولى، بدا لافتاً في الأيام القليلة الماضية، خلو الخيم إلّا من بعض المارة الذين يلقون التحية على من في الخيمة. ويقول المعتصمون إن أعداد الناس تتزايد في ساعات ما بعد الظهر، وينجز الناس أعمالهم اليومية قبل النزول إلى الساحة. ويقول نبيل، وهو أحد المشاركين في الساحة منذ بداية التحركات، إن «مطالب المعتصمين في صور لا تزال على حالها، وفي مقدمتها مكافحة الفساد»، لافتاً إلى أن «الناس نزلت إلى ساحات الاعتصام بسبب الفقر المتفشي والبطالة المرتفعة وتردي الوضع المعيشي... البعض يتّهمنا بأنّنا السبب وراء أزمة النقد والدولار، في حين نحن نزلنا إلى الشارع لتحسين الواقع الاقتصادي، والحقيقة أن سبب الأزمة هو نظام المصارف وسياسة مصرف لبنان». وأضاف: «لن نترك الساحة. ربما تضرر عملي في الوقت الراهن، لكن يوجد ما هو أهم اليوم، وهو التغيير وتحسين الاقتصاد». ولفت إلى «أهمية إعادة تفعيل الحراك لجهة التوجه نحو مؤسسات الدولة، أي بمعنى تطوير العمل الاحتجاجي». ويعبر علي، وهو أحد المعتصمين الذين يبيتون لياليهم في الساحة، عن امتعاضه مما آلت إليه الأمور في السياسة أخيراً، رغم وجود الناس في الشارع. وتساءل: «لماذا لم يتم تشكيل حكومة من اختصاصيين؟ ولماذا لم يسقط المسؤولون بعد؟ لا تراهنوا على تعبنا مع مرور الوقت، فالنفس لا يزال طويلاً».



السابق

أخبار وتقارير...ناشطو العراق في مرمى الغدر.. ملثمون واعتقالات واغتيال....ماذا ربحتْ أميركا والحِراك اللبناني ضدّ إيران وحلفائها؟..إيران تواجه لحظة الحقيقة..أتباعها في العراق سئموا استخدامهم كأدوات .....بينيت يهدد إيران بـ «فيتنام سوريّة».. ترامب للأميركيين اليهود: عليكم التصويت لي لحماية ثروتكم....رئيس غواتيمالا المنتخب يتعهد باعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية...العدو «يستكشف» النفط في لبنان!.. اليونيفيل حرس حدود لاسرائيل؟..تفاصيل برامج تدريب العسكريين السعوديين في الولايات المتحدة...ترمب يحذر الزعيم الكوري من خسارة «كل شيء»..فنلندا تنتخب أصغر رئيسة وزراء في تاريخها...

التالي

أخبار العراق..مفوضية حقوق الإنسان في العراق توثق الانتهاكات والاختفاء القسري...مؤشرات إلى إمكانية اندلاع مواجهة مسلحة بين سرايا السلام وميليشيات موالية لإيران....الرئيس العراقي: الحكومة المقبلة ستكون مؤقتة....أرض الخوف والرعب.. "إرهاب جديد" يهدد العراق..."العصائب" تلوح بأكبر عدد من القتلى بمظاهرات العراق غداً....

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,101,676

عدد الزوار: 6,752,772

المتواجدون الآن: 110