لبنان..شركة نفطية تطالب بنكا لبنانيا بمليار دولار.."الجمهورية": يُضيِّعون الوقت بالتباينات المتعمَّدة... والناس يرفضون "الزعران"......اللواء....الأزمة تجنح نحو الإنفراج: دعم أميركي أوروبي - عربي لحكومة إنقاذ إقتصادي!...تراجع حظوظ الخطيب... وسائر المرشحين .. الدولار بـ2300 ليرة: أين الحريري؟...نداء الوطن....الاستشارات معلّقة... و"رسالة عربية" اليوم لمنع "انزلاق البلد".... مشاغَلة بـ «الشغب» لإبقاء الحريري في بيت الطاعة....هل تَأَخّر انفجارُ الوضع اللبناني و... إلى متى؟.. «محور المقاومة» يرى في الحِراك المُحِقّ سلاحاً بيد أعدائه...!!...التوتر يخيم على المناطق اللبنانية... واستنفار أمني لضبط الوضع..«ساحة النور» في طرابلس تستفيق من صدمتها وترمم أضرارها...

تاريخ الإضافة الخميس 28 تشرين الثاني 2019 - 4:05 ص    عدد الزيارات 2802    القسم محلية

        


"الجمهورية": يُضيِّعون الوقت بالتباينات المتعمَّدة... والناس يرفضون "الزعران"...

التطورات الخطيرة التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية في الساعات القليلة الماضية، بدا فيها لبنان وكأنّه على حافة السقوط، وصاغت سؤالاً يؤرق كل اللبنانيين: من هو صاحب الريشة السوداء التي تحاول ان ترسم خريطة الفتنة والفوضى في لبنان؟ ومن يُلقي بهذا البلد في مهبّ مسلسل توتير متنقل بين منطقة وأخرى، ويدحرج كرة النار على الأرجاء اللبنانية، ويضع اللبنانيين بكل فئاتهم بين فكّي مقص يهدّد بقطع الاوصال في ما بينهم ويزرع فيها الغام الطائفية والمذهبية وكل موبقات الصراع السياسي القائم؟..

من جسر الرينغ الى بكفيا الى الكولا الى قصقص الى عين الرمانة والشياح، حلقات متتالية في هذا المسلسل المرعب، الذي يبدو انّه يتغذّى من فتات الصراع المزدوج المحتدم بين الحراك الشعبي والسلطة الحاكمة، وبين شركاء السلطة انفسهم، الذين صنّفوا انفسهم بين ملائكة وشياطين، ومن فلتان يبدو منظّما، لـ«زعران»، إن في الشوارع، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يعيثون في البلد تخويفاً وشحناً وإثارة للنعرات الطائفية والمذهبية.

عفوية

واذا كانت صورة الناس التي تداعت بعفوية امس، الى التلاقي وعلى وجه الخصوص ما بين الشياح وعين الرمانة، هي النقطة البيضاء التي تبدّت في عتمة الأزمة الراهنة، للتعبير عن الخوف من مسلسل الفتنة والفوضىى، والتأكيد على العيش المشترك بين اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، ورفض ما يفرّق بينهم ويعود بهم الى زمن الانقسام الكريه، فإنّها في الوقت نفسه شكّلت إدانة إضافية للقوى السياسية التي غطّت الزعران، وكذلك للسلطة الحاكمة التي يتسلّل هذا المسلسل من تراخيها وانكفائها إلى خلف المسؤولية، وكأنّها تقف على الحياد وغير معنية بما يجري.

شينكر

في السياسة، مراوحة ولا تفاهمات، والحكومة عالقة في متاهة التباينات على كل الخطوط، فيما برز موقف اميركي لافت جاء على لسان مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر، حيث قال في مؤتمر صحافي عُقد في وزارة الخارجية الاميركية: «رأينا إعلان رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري حول عدم تشكيله حكومة جديدة، ورأينا التقارير الصحافية عن حركة «أمل» و«حزب الله»، وموقفنا يبقى نفسه، وهو أنّه لا يجب على أي طرف القيام بأعمال عنف». وقال شينكر في معرض تعليقه على الحراك الشعبي اللبناني، إنّ الولايات المتحدة «تدعم المطالب المشروعة للشعب اللبناني بتشكيل حكومة تقوم بإصلاحات اقتصادية، وتحارب الفساد. وسنرى ما إذا كان الشعب اللبناني سيقبل بحكومة مشابهة للحكومة السابقة التي تظاهر ضدها». وأضاف مساعد وزير الخارجية: «لقد أظهر الشعب اللبناني أنّه طفح الكيل معه، ويريد حكومة جديدة، لكنّ الأمر يتعلق باللبنانيين بالكامل، وسنرى ماذا سيحدث». ونوّه شينكر إلى أنّ الحكومة الأميركية «لا تتخذ موقفاً شخصياً من أحد، وعلى الشعب اللبناني أن يقرّر».

الحكومة ملحة.. ولكن؟

اما في الداخل، فيبدو انّ ثمة محاولات مقصودة لتضييع الوقت، وعدم فتح الآفاق نحو اي حلّ داخلي، يفتح طريق الحكومة المعطلة، وخصوصاً انّ ثمة علامات استفهام مريبة تُطرح حول هذا التصلّب والمواقف المتباينة على الخط الحكومي، والذي يبقي الامور جامدة في النقطة ذاتها، من دون اي خطوة الى الامام. وهو امر يحرّك تساؤلات عمّا اذا كان في خلفية هذا الجمود السلبي، قرار غير مُعلن بانتظار ما ستؤول اليه نتائج «لقاءات خارجية» عُقدت او ستُعقد حول لبنان. وفي الوقائع المتسارعة في لبنان، بدا جلياً انّ الحراك الشعبي، وإن كان يعبّر عن نفسه في بعض المحطات بوتيرة اضعف مما بدأه، صار خلف المشهد. فالأحداث التي نبتت الى جانبه، قفزت أبعد من مطالب شعبيّة وتغييرات وإصلاحات في بعض المواضع، الى حدّ صارت المسألة تتعلّق بمصير بلد مهدّد بالتداعي أمام أعين الجميع، والسقوط في هاوية الندم. على انّ ما يزيد من مستوى القلق، هو ان ليس من أصحاب الحلّ والربط في هذا البلد، وعلى وجه الخصوص من هم معنيون بالملف الحكومي، من هو مصرّ على الاّ يرى أبعد من أنفه ومساحة مصالحه. وهو الامر الذي يصعّب تشكيل حكومة جديدة، بات التعجيل بها أكثر من ضرورة ملحة. وبحسب ما يتسرّب من الغرف السياسية المغلقة، فإنّ الاولوية ليست لتلبية مطالب الحراك الشعبي، بل انّ مقاربتها تتمّ كعنوان عريض يقول بـ«حكومة تراعي المطالب المحقة»، بل انّ الاولوية لدى القوى السياسية المعنية ما زالت تدور في المربّع الاول، حيث يصرّ كل طرف على محاولة تسجيل نقاط على الطرف الآخر والحفاظ على مكاسبه السياسية في الحكومة الجديدة.

اتصالات

وعلمت «الجمهورية»، انّ حركة الاتصالات لم تنقطع في الساعات الماضية، على خط «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، وكذلك على خط بيت الوسط و«الثنائي الشيعي»، وإن بشكل غير مباشر. على انّه لم تؤد هذه الاتصالات الى اي ايجابيات تفضي الى التعجيل بالاستشارات النيابية الملزمة، التي ما زال رئيس الجمهورية ميشال عون يتريّث في تحديد موعدها، ريثما تتوصل المشاورات الجارية الى حسم اسم الشخصية التي سيتمّ تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، وكذلك التوافق على شكل هذه الحكومة، مع التأكيد على الحكومة المختلطة من الاختصاصيين والسياسيين.

التوافق اولاً

وقالت مصادر وزارية معنيّة بحركة الاتصالات لـ«الجمهورية»: «لا شيء حتى الآن يوحي بأنّ الاستشارات باتت قريبة، فثمة اسماء عديدة تمّ تداولها، واحترقت، او بالاحرى أُحرقت جميعها عمداً، ومن هنا يأتي تريث رئيس الجمهورية. ذلك انّ الدعوة الى الاستشارات، بمعزل عن التوافق المسبق بين الكتل النيابية على اسم رئيس الحكومة، يمكن ان تؤدي الى فوضى في هذه الاستشارات، وتعلق في بازار أسماء قد لا يحقق اي منها اكثرية مطلوبة لتكليفه، عندها نكون في مشكلة فنصبح امام مشكلة جديدة، وواضح انّ رئيس الجمهورية يدرك ذلك، ولذلك وجد انّ من الأسلم التريث وعدم الدعوة الى استشارات مسلوقة، الى حين التوافق على رئيس الحكومة». اضافت المصادر: «يُضاف الى ذلك، انّ الظرف الحالي وتعقيداته، لا يتطلب التوافق فقط على اسم رئيس الحكومة بل على شكل الحكومة، وذلك لكي يأتي التكليف والتأليف متزامنين، أو يفصل بينهما وقت قصير جداً لا يتعدّى اياماً معدودة، وهذا ما لم يحصل حتى الآن». على انّه في اجواء الانسداد الحكومي، و»شواية» حرق اسماء المرشحين لرئاسة الحكومة، قال عاملون على خط الاتصالات لـ«الجمهورية»: «انّ الرئيس سعد الحريري لم يخرج من نادي المرشحين لإعادة تشكيل الحكومة الجديدة، بل أنّه على الرغم من بيانه الاخير، فإنّه لا يزال المرشح الأوحد والاقوى حتى الآن. ويؤكّد ذلك نواب من كتلة تيار «المستقبل»، الذين قال بعضهم علناً امس، ان ليس لدى كتلة «المستقبل» سوى مرشح وحيد هو الرئيس الحريري». وينقل هؤلاء العاملون على خط الاتصالات عمّن سمّوها «اجواء عميقة» في بيت الوسط، تفيد بأنّ الحريري لم يسبق له ان سمّى كبدائل له سوى اسمين، الاول نواف سلام والثاني سمير حمود، وكل ما طُرح من اسماء اخرى لا علاقة له بها. وبحسب معلومات هؤلاء العاملين، فإنّ بعض من تردّدت اسماؤهم في الساعات الاخيرة، لم يوفّقوا في الاستحصال على موعد للقاء رئيس الحكومة المستقيل، لمحاولة الحصول على دعمه وتغطيته السياسية والسنّية لهم. وتفيد المعلومات، انّ الرئيس الحريري على موقفه واشتراطه بترؤس حكومة اختصاصيين، تلاقي مطالب الحراك الشعبي وتنفّذ خطة انقاذية سريعة للاوضاع المالية والاقتصادية، الّا انّ هذه «الاجواء العميقة» عكست امكان حصول ليونة لدى رئيس الحكومة المستقيل حول القبول بحكومة تكنوسياسية، إذا كانت لن تضمّ بعض الاسماء المستفزة للحراك الشعبي. وما زال يتردّد في هذا الاطار اسم الوزير جبران باسيل. علماً انّ الحريري يؤكّد ان لا شيء شخصياً بينه وبين وزير الخارجية.

عون

الى ذلك، كانت التطورات الاخيرة وما حصل من اشكالات في الساعات الاخيرة، محل متابعة من قِبل رئيس الجمهورية، الذي شدّد على تدخّل الجيش ومنع التعدّيات على الأفراد والممتلكات، مؤكّداً انّه لن يسمح بتكرار ما حصل بالأمس والعودة إلى ما عشناه في خلال حرب السنتين. لافتاً الى أنّ هذه الأمور ولّت إلى غير رجعة. واللافت في بعبدا، الموقف البابوي الذي تبلّغه رئيس الجمهورية من عميد السلك الدبلوماسي في لبنان السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري، وعكس فيه دعم الكرسي الرسولي «للجهود المبذولة لمعالجة المشاكل الراهنة، والتضامن الذي يبديه الاب الاقدس البابا فرنسيس تجاه اللبنانيين، ولاسيما اولئك الذين يعانون من ظروف اقتصادية قاسية». واعرب سبيتري عن «امل الكرسي الرسولي بالاسراع في تشكيل حكومة تنصرف الى الاهتمام بالاوضاع في البلاد، ولاسيما منها الوضع الاقتصادي ورعاية المواطنين، ومشجعاً على استمرار الحوار بحثاً عن حلول مرضية».

بري

في السياق ذاته، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام نواب الاربعاء امس، أنّ الأمر بمنتهى الخطورة ولا مجال للترف. مستغرباً عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها. سائلاً: «ألّا تفرض الضرورات إجتماع الحكومة لتسيير امور البلاد والعباد بدلاً من أن تبقى معلقةً في الهواء الطلق»، مطالباً بعودة اموال البنوك الى لبنان التي أُرسلت الى الخارج والتي تقدّر بمليارات الدولارات، مؤكّداً انّ الوضع الإقتصادي قابل للتحسّن بمجرد وجود حكومة.

واكّد بري انّه يحق لرئيس الجمهورية دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإنعقاد، لأنّ الشأن الإجتماعي والإقتصادي خطير، «وماذا تنتظرون في عدم تشكيل لجنة مالية للتواصل مع المؤسسات الدولية، وكأنّ المؤامرة من داخلنا على أنفسنا، فالمطلوب العودة الى المؤسسات واولها الحكومة وبأسرع وقت». وردّ مصدر مقرّب من الحريري على بري بالقول: «حكومة تصريف الاعمال تقوم بواجباتها وفقاً لما ينصّ عليه الدستور وبعيداً عن الضجيج الاعلامي ومحاولات استفزاز التحرّكات الشعبية. وما هو أهم عدم تعليق الوضع الحكومي بالهواء وبدء الاستشارات الملزمة وتشكيل حكومة تتصدّى للمشكلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم والوضع يتحسن، كما قال الرئيس بري، بمجرد وجود حكومة». الى ذلك، اكّدت مصادر سياسية انّ موضوع دعوة المجلس الاعلى للدفاع الى الانعقاد، تمّت مناقشته، الّا انّ رئيس الحكومة المستقيل لم يبد حماسة لحضور هذا الاجتماع.

إضراب لم يبدأ

شكّل سقوط الاضراب العام لمدة ثلاثة أيام، الذي أعلنته الهيئات الاقتصادية، وكان يُفترض أن يبدأ اليوم، مفاجأة من العيار الثقيل، تفرّعت عنها تأويلات وتفسيرات متعددة، من ابرزها ما يلي:

اولاً- قرار الاضراب اتُخذ بالاجماع، ليتبيّن منذ بعد ظهر امس انّ المواقف بدأت تتفاوت بين قطاع وآخر، وبدأت سبحة الانسحابات تتوالى بذرائع متعددة.

ثانياً - انّ المصارف التي قيل في السابق انّها تقف في الواقع وراء الاضراب، كانت سبّاقة الى اعلان عدم مشاركتها فيه، واعتبارها ايام الخميس، الجمعة والسبت ايام عمل عادية.

ثالثاً- كانت ذريعة الوضع الصعب الذي قد يزيد الأضرار في حال الاضراب، هي الراجحة في العلن. لكن البعض تساءل، لماذا لم يلاحظ اصحاب القرار هذا الأمر عندما قرّروا الاضراب قبل حوالى الاسبوع؟

رابعاً- اعتبر البعض ان هناك رائحة تدخّلات سياسية في فرط الاضراب. وكان لافتاً انّ الاتحاد العمالي العام أصدر بياناً اعتبر فيه انّ اضراب الهيئات مثل قطع الطرقات يضرب الاقتصاد.

في النتيجة، رضخت الهيئات للوضع المستجد، وفي سبيل تحاشي التشرذم والظهور في مظهر العاجز عن تنفيذ إضراب كامل، أصدرت الهيئات بياناً اعلنت فيه رسمياً تعليق الاضراب.

عودة أزمة المحروقات

واذا كان فرط إضراب الهيئات الاقتصادية شكّل مفاجأة، فانّ بدء الاضراب المفتوح الذي اعلنته محطات الوقود، شكّل بدوره مفاجأة من العيار الثقيل. خصوصاً انّ هذا الاضراب جاء مباغتاً، بعدما كان يسود اعتقاد انّ اضراب الهيئات لن يشمل المحطات.

وفي هذا السياق، اوضح جورج البراكس، باسم محطات المحروقات لـ«الجمهورية»، انّ «الاضراب سيكون مفتوحاً ولن يقتصر على ثلاثة ايام فقط نتيجة الاوضاع التي وصلنا اليها، اذ لا يجوز انّ جعالة المحطات، والتي هي 1900 ليرة، بتنا ومع فرق سعر صرف الدولار نخسر منها ما يفوق الـ1800 ليرة، بما يعني ان جعالتنا طارت وعملنا بات خسارة بخسارة».

شركة نفطية تطالب بنكا لبنانيا بمليار دولار...

وكالات – أبوظبي... أظهرت وثائق قضائية أن شركة لتجارة النفط أقامت دعوى قضائية بحق بنك البحر المتوسط اللبناني في ولاية نيويورك الأميركية، متهمة إياه بعدم رد وديعة بمليار دولار حين طلبتها. وقال الرئيس التنفيذي لشركة (آي.إم.إم.إس) مرتضى لاخاني، الذي يتاجر في النفط والمنتجات النفطية الأوروبية والشرق أوسطية والآسيوية، إنه لن يعلق خارج نطاق القضية، المقامة أمام المحكمة العليا لولاية نيويورك بتاريخ 22 نوفمبر. وقال بنك البحر المتوسط في بيان "وديعة المليار دولار إنما هي وديعة مقيدة بتعليمات من آي.إم.إم.إس ويحل أجلها خلال عامين تقريبا من الآن". وأضاف البنك أنه اكتشف "مخالفات مادية للاتفاق ومحاولات من جانب آي.إم.إم.إس لتوجيه أموال مستحقة لبنك البحر المتوسط في الخارج" بين 30 أكتوبر و12 نوفمبر 2019. ولم يخض في التفاصيل. وجاء في البيان أيضا "بنك البحر المتوسط رفض محاولات آي.إم.إم.إس تلك واتخذ الإجراءات المناسبة". والقضية على ما يبدو من باكورة التحديات الرئيسية للقيود التي بدأت البنوك اللبنانية فرضها على التحويلات والسحب مع مكابدتها نقصا في العملة الصعبة ومخاوف من نزوح الأموال. وأدت الاحتجاجات التي تجتاح لبنان منذ 17 أكتوبر إلى تنامي الضغوط على النظام المالي في البلاد واشتداد أزمة العملة الصعبة وهو ما دفع البنوك التجارية إلى وضع قيود على السحب بالعملة الأجنبية وعلى جميع التحويلات إلى الخارج تقريبا. وقالت آي.إم.إم.إس، المسجلة في بيليز ولها مكاتب في لندن وسنغافورة، في دعواها إنها طلبت من بنك البحر المتوسط استرداد وديعة بمليار دولار في الثامن من نوفمبر 2019. ورد البنك في 12 نوفمبر أنه أنهى جميع التسهيلات الائتمانية للشركة "نظرا للتغير الجوهري المعاكس في الوضع الاقتصادي للبنان والسوق المالية اللبنانية"، بحسب وثيقة المحكمة. وفي الوقت نفسه، رفض بنك البحر المتوسط الإفراج عن وديعة المليار دولار، مما دفع آي.إم.إم.إس لإقامة الدعوى في الولايات المتحدة في 22 نوفمبر ، بحسب الوثيقة. كانت ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية قالت في 14 نوفمبر إنها خفضت تصنيف بنك البحر المتوسط ليدخل على نحو أعمق في النطاق عالي المخاطر، متعللة بتنامي ضغوط السيولة نظرا للتآكل السريع للودائع. وتصنف الوكالة البنك الآن عند CCC وقالت إنه عرضة لمزيد من الخفض. وبدأت آي.إم.إم.إس تعاملاتها مع بنك البحر المتوسط في نوفمبر 2017 بودائع قصيرة الأجل تصل إلى تسعة أشهر بأسعار فائدة سنوية تصل إلى 6.5 بالمئة.

اللواء....الأزمة تجنح نحو الإنفراج: دعم أميركي أوروبي - عربي لحكومة إنقاذ إقتصادي!...

الحَراك يطوي صفحة الثلاثاء الأسود.. الهيئات تتراجع عن الإضراب .. والصرّافون عُرضة للملاحقة....

هل يجنح الموقف في لبنان، إلى التسوية، أو الانفراج، بعد عواصف عاتية ضربت استقراره، واقتصاده والعملة الوطنية، وكادت تعيده إلى الوراء، لولا إرادة صلبة، ترفض الاستسلام للاقرار أو المخططات المعادية والمشبوهة؟

المؤشرات والمعلومات توحي بأن خيار الانفراج أصبح الخيار الأكثر تقدماً، بدليل ما آلت إليه الاتصالات الدولية والعربية، فضلاً عن خطوات من شأنها، تصب في هذا الاتجاه. وعلمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الاطلاع ان المشاورات، التي لم تنقطع منذ اندلاع احداث 17 تشرين الأوّل الماضي، بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، والأطراف العربية رست على أن التوجه ينطلق من 4 نقاط جوهرية:

1- تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، على ان يكون برنامجها اقتصادياً فقط، وينهض على خطة إنقاذية.

2- على ان يتضمن البيان الوزاري للحكومة المقترحة خطة اقتصادية للخروج من الأزمة خلال فترة زمنية وجيزة، والابتعاد عن الملفات السياسية والخلافية لا سيما سلاح حزب الله, وابقائه خارج السجالات والمناقشات العقيمة، بما في ذلك الاستراتيجية الدفاعية.

3- لا فيتو على تمثيل حزب الله في الحكومة، بشرط ان يتمثل بشخصية غير حزبية.

4- تقضي التفاهمات الدولية الجارية بتحريك فوري للمساعدات، بما في ذلك مساعدات نقدية عربية، وتأكيد على إطلاق مباشر بعد تأليف الحكومة لمشاريع «سيدر».

وإذا كان المناخ الدولي ماضٍ باتجاه المساعدة على تأليف حكومة سريعاً، برئاسة الرئيس سعد الحريري، فإن انطلاق الاستشارات الملزمة، وفقاً لأوساط بعبدا، بات متوقفاً على مسار موقف الرئيس سعد الحريري، الذي لم يخرج للحظة من مدار النشاط السياسي الآيل للبحث عن تسوية للأزمة، لا سيما بعد احداث عين الرمانة - الشياح وبكفيا وطرابلس. وحضرت التطورات المتسارعة في لبنان في مؤتمر صحافي لمساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر قال فيه ان محادثاته تركزت مع نظيريه الفرنسي والبريطاني في باريس على الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، وجرى الاتفاق على ان هناك حاجة ملحة للقادة السياسيين لتشكيل حكومة قادرةٍ وسريعةِ الاستجابة، تحصل على دعم الشعب اللبناني المصر على تنفيذ الإصلاحات وإنهاء الفساد المستشري. وردا على سؤال عن «عدائية بعض مناصري حزب الله وحركة أمل تجاه المتظاهرين السلميين»، قال شينكر «انه لا ينبغي لأي طرف أن يرتكب أعمال عنف ضد أطراف أخرى، ونحن ندعم ما تبقى من المطالب المشروعة للشعب اللبناني بأن تكون هناك حكومة تنفذ اصلاحات اقتصادية وتحارب الفساد». وعن المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، قال شينكر ان «هناك مراجعة جارية، ولكن في الوقت نفسه، لم يجر تأخير وصول أي معدات أو أسلحة أو ذخيرة كان من المفترض أن تصل إلى الجيش اللبناني بأي طريقة»، مؤكدا ان أموالاً خُصصت لذلك. ومن المؤشرات الإيجابية، تراجع الهيئات الاقتصادية عن الإضراب الذي كانت دعت إليه أيام الخميس والجمعة والسبت، بعد ما وصفته بالمراجعات الكثيرة وتجنباً لحصول نتائج معاكسة للأهداف المرسومة للاضراب على الرغم من ان أصحاب محطات الوقود اعلنوا الإضراب المفتوح بدءاً من اليوم. أما جمعية المصارف، فأعلنت ان اليوم لن تقفل البنوك أبوابها، فاليوم عمل عادي، على الرغم من ان الدولار جرى تداوله بـ2150 ليرة لبنانية في السوق السوداء، بعدما خسرت الليرة 40٪ من قيمتها. ميدانياً، تحرّكت الأمهات والنسوة بين منطقتي عين الرمانة والشياح، لإظهار الوحدة والعيش المشترك ورفض العودة إلى الحرب، احتجاجاً على ما حصل ليل أمس الأوّل من توتر بين المنطقتين، الأمر الذي جعل القيادات الأمنية تحذّر القيادات السياسية من «اللعب بالشارع» واصفة ذلك «بالخطير للغاية خاصة إذا بقيت الأمور السياسية دون حلّ». في الوقائع، عرض الرئيس عون في قصر بعبدا امس الاوضاع في لبنان والملابسات التي ترافق التطورات السياسية والامنية مع عميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري الذي نقل «دعم الفاتيكان للجهود المبذولة لمعالجة المشاكل الراهنة، والتضامن الذي يبديه البابا فرنسيس تجاه اللبنانيين، لا سيما اولئك الذين يعانون ظروفا اقتصادية قاسية. وأعرب عن الامل في الإسراع في تشكيل حكومة تنصرف الى الاهتمام بالاوضاع في البلاد لا سيما منها الوضع الاقتصادي ورعاية المواطنين وخصوصا منهم ذوي الدخل المحدود، ومشجعا على استمرار الحوار بحثا عن حلول مرضية. وقالت مصادر مطلعة عن قرب على الوضع الحكومي لـ«اللواء»: هناك بعض التفاصيل التي تنتظر حسم بعض الكتل لموقفها نهائيا والامر يتبلور خلال الساعات المقبلة، بحيث يمكن ان تجري الاستشارات النيابية يوم السبت في حال حصل التوافق. واضافت: لا تراجع عن النية في الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة حتى لو انه جرى استئخار الدعوة لفترة 48 ساعة وقالت ان التشاور بين الكتل النيابية حول اسم الرئيس المكلف هو السبب في هذا التأجيل التقني مع العلم ان الواضح هو ان ما من اسم محدد يعمل على توفير توافق نيابي حوله حتى وان كان سمير الخطيب لا يزال من ضمن الأسماء المرشحة. ولفتت المصادر الى انه ربما تكون هناك مشكلة تتصل بإنقطاع التواصل مع الرئيس الحريري الذي تم الأتفاق معه في وقت سابق على ان الشخصية البديلة تكون مقربة منه. وعلمت اللواء ان هناك استياء من الحريري نفسه وقالت المصادر نفسها ان بيانه لم يوضح ما اذا كان راغبا في ان تتولى امرأة رئاسة الحكومه او انه يريد تمثيل نسائي في الحكومة مع العلم ان الحكومة ضمت قبل استقالتها 4 وزيرات. وكشفت المصادر ان رئيس الجمهورية لن يوقع على حكومة لا تؤمن مصلحة البلد مشيرة الى ان الظرف استثنائي ويتطلب حكومة استثنائية. وقالت ان المطلوب من الحكومة إجراءات واعادة انتظام البلد ومكافحة الفساد ومكافحة تهريب الأموال. واستغرب الرئيس نبيه برّي عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها بالرغم من ان ماهية الحكومة المستقيلة تفرض ذلك». وسأل: «ألا تفرض الضرورات ان تجتمع الحكومة وتسير امور البلاد والعباد بدلا من ان تبقى معلقة في الهواء الطلق؟». وأكد انه «يحق لرئيس الجمهورية دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الإنعقاد لأن الشأن الإجتماعي والإقتصادي خطير، وماذا تنتظرون في عدم تشكيل لجنة مالية للتواصل مع المؤسسات الدولية وكأن المؤامرة من داخلنا على أنفسنا، فالمطلوب العودة الى المؤسسات واولها الحكومة وبأسرع وقت». ودعا الى «عودة اموال المصارف الى لبنان والتي كانت ارسلت الى الخارج والمقدرة بمليارات الدولارات»، مؤكدا ان «الوضع الإقتصادي والمالي قابل للتحسن بمجرد وجود حكومة، وأمامنا أسابيع وليس أشهر». ونقل عن الرئيس بري قوله للنواب، وهو يسمي الأشياء باسمائها في عملية حرق اسماء المرشحين المحتملين لرئاسة الحكومة: «استروا ما سمعتوا منا»، كاشفاً عن ان بهيج طباره اتفق عليه ثم ضُرب، وان سمير الخطيب عندما زاره في عين التينة، قال له «انا صحبة مع الحريري» فأجابه الرئيس بري:» هذا الكلام لا ينفع روح تفاهم معه». واكد بري ان «امل» و»حزب الله» قدما فعلا» لبن العصفور للحريري ليترأس الحكومة، وقال : تمت الموافقة للحريري على صيغة حكومة من ٢٠ وزيراً بينها فقط ستة سياسيين من ضمنهم الحريري ويكونوا وزراء دولة في مقابل ١٤ وزيراً تكنوقراط يحملون الحقائب. وقال الرئيس بري للنواب إنه لا يمكن حماية الحكومة وتأمين الغطاء السياسي لها ما لم تكن ممثلة في المجلس النيابي «والله بينتفوها بالمجلس» فالأمثلة كثيرة ومنها «حكومة الشباب» التي شكلها الرئيس الراحل صائب سلام وطار منها وزيران عالطريق قبل وصولها الى المجلسرداً على سؤال حول استغراب الرئيس نبيه بري عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها اجاب مصدر مقرب من الرئيس سعد الحريري بالقول؛ حكومة تصريف الاعمال تقوم بواجباتها بمتابعة الملفات الاقتصادية والأمنية واحصاء الاضرار التي نجمت عن حوادث بيروت وطرابلس وسواهما وفقاً لما ينص عليه الدستور وبعيداً عن الضجيج الاعلامي ومحاولات استفزاز التحركات الشعبية وكأن شيئاً لم يكن في البلاد منذ ١٧ تشرين. وما هو أهم من كل ذلك عدم تعليق الوضع الحكومي بالهواء الى ما لا نهاية وبدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس وتشكيل حكومة جديدة تتصدى للمشكلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم والوضع يتحسن، كما قال الرئيس بري ، بمجرد وجود حكومة. الى ذلك علمت اللواء ان وزيري العمل كميل ابو سليمان وشؤون الأستثمار والتكتولوجيا عادل افيوني يحضران ما يشكل تحفيزا للمؤسسات والشركات تفاديا لأي قرار منها لصرف الموظفين ويتصل ذلك بأعفائها من تكاليف الأشتراك في الضمان الأمر الذي يخفف عليها دفوعات مالية كما ان هناك حوافز اخرى يعمل عليها كي لا تضطر هذه الشركات الى صرف موظفيها.

اللجان النيابية

نيابياً، وفي اول اجتماع لها بعد تعطيل عمل المجلس جاءت جلسة اللجان النيابية المشتركة بحضور نيابي متنوع من كل الكتل النيابية، والتي حملت ثلاثة اقتراحات تتعلق بالسرية المصرفية واسترداد الاموال المنهوبة، كاول غيث للوصول الى الهيئة العامة ، بالإضافة الى الإقتراحات التي حولها رئيس المجلس ايضا الى اللجان وتتعلق بما كان ادرج على جدول اعمال الجلسة العامة ومعظمها يحمل صفة العجلة، لجهة تعنى بمكافحة الفساد وتشكيل الهيئة الوطنية ومحكمة الجرائم المالية ومقاضاة الموظفين، وضمان الشيخوخة وقانون العفو، والتي ستبحثها اللجان تباعا، لتوحيد الصيغة من هذه الإقتراحات، وهو ما اجمع عليه معظم النواب خلال النقاش العام، حول الفساد والهدر ورفع الحصانات واستقلالية القضاء. وعلى هذه القاعدة تم التوصل الى تشكيل لجنة فرعية، اعطيت مهلة شهر كحد اقصى للعودة بنظرة موحدة الى اللجان الام، والاستعانة بمصرف لبنان وجمعية المصارف ونقابتي محامي بيروت وطرابلس والشمال، و النواب مقدمي اقتراحات القوانين.

لملمة احداث الثلاثاء

في هذا الوقت، تكثفت الاتصالات والاجتماعات، لاحتواء احداث الثلاثاء الماضي، وعلم ان عون طلب في لحظة وقوع الأحداث اول من امس من الجيش والقوى الأمنية التدخل لمنع اي اعتداء على الأشخاص والممتلكات وهناك اجراءات ميدانية اخرى تتخذ لتفادي تكرار ما جرى علما ان الجيش احبط كل المحاولات لأشعال مشكلة تتطور الى فتنة. وفهم من مصادر بعبدا ان عون لن يسمح بعودة عقارب الساعه الى الوراء وبالتالي فان مشاهد حرب السنتين ولت الى غير رجعة وقالت ان رئيس الجمهورية عمل منذ انتخابه على ترسيخ السلام والأستقرار وان المطالب الحياتية لها اولوية لكن الأمن قبل كل شيء. وفي السياق، المحافظة على الاستقرار توجه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في بيان إلى جماهير المقاومة قائلاً من موقع المسؤولية ادعوكم إلى وجوب ضبط النفوس والتصرف بكامل الوعي والحذر في هذه الظروف الصعبة متمنياً على الجميع عدم النزول إلى الشارع في أي ظرف كان وتحت أي عنوان وحتى يلزم الأمر بالنزول اشارتنا ستكون واضحة ومعلنة امام الجميع وهنا يكمن حبكم للقادة وولاؤكم للوطن العزيز. وفي مجال متصل، يتوقع ان تتفاعل مهاجمة الوزير باسيل في مؤتمر بودابست الذي يدور حول (التصعيد للاضطهاد الديني).. والذي استغل فيه فرصة وجوده في المؤتمر وهاجم فيه الثورة والثوار ومنعتها بالعبثية والفوضوية والظلامية والعنصرية، الأمر الذي لاقى انتقاداً من الحضور. عودة الروح إلى ساحة النور في طرابلس بعد ليل «الحرائق الغوغائية» (تصوير: حسام الحسن)

السوق السوداء

إلى ذلك، وفي سياق اقتصادي، يتعلق بفوضى سعر صرف الدولار في السوق السوداء، نفت مصادر مصرف لبنان التعميم المنسوب لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والذي جاء فيه: «سحب رخص الصرافين الذين تداولوا بسعر صرف الدولار فوق الـ ١٥١٨وبالتالي دفع غرامة عشرين مليون وتسحب منه رخصته، وفي حال التكرار يسجن من سنة الى ثلاث سنوات عمم». واكد احد الخبراء الاقتصاديين لموقع الـ LBCI ان «لجنة الرقابة حولت عدداً من الصيارفة المرخصين على القضاء بسبب المخالفات التي ارتكبوها الا انهم لم يحاسبوا بسبب الفساد بالقضاء»، على حدّ قوله. وشدد على ان «الصيارفة الذين يعملون من دون تراخيص يتصرفون في السوق وفق اهوائهم»، مشيرا الى ان «مصيرهم سيكون الاقفال لو كانت الحكومة تقوم بدورها في هذا الاطار». واوضح ان «هناك ٣٠٠ صراف يعملون وفق تراخيص في لبنان»، لافتا الى أن هؤلاء يخضعون للجنة الرقابة على المصارف».

أولوية سلامة الدائنون لا المودعون!

محمد وهبة ... علمت «الأخبار» أن مصرف لبنان سدّد كامل قيمة سندات اليوروبوندز التي تستحق اليوم بقيمة إجمالية مع فوائد تبلغ 1.58 مليار دولار. وتبيّن أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أوعز بسحب هذه المبالغ من احتياطاته بالعملات الأجنبية، ما أثار الكثير من استغراب المتابعين بشأن جدوى القيام بخطوة من هذا النوع، فيما يعاني اللبنانيون من امتناع المصارف عن تسديد قيمة ودائعهم بذريعة أنه ليس لدى المصارف سيولة بالدولار؛ فهل أصبح لدى مصرف لبنان سيولة بالدولار يمنحها لحاملي سندات اليوروبوندز التي يبلغ معدل قيمتها السوقية 45 سنتاً مقابل كل دولار؟ وهل أصبحت أولوية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التسديد للدائنين الأجانب والمصارف بدلاً من دفع الودائع لأصحابها؟

بحسب المعلومات، فإن 35% من أصل هذا الإصدار يحمله أجانب، فيما يحمل مصرف لبنان 40% منه، وتحمل المصارف اللبنانية النسبة الباقية. وتشير «بلومبرغ» إلى أن سعر إقفال هذا السند كان 98.6 دولاراً للسند الواحد، رغم أنه كان يفترض أن يصل إلى سعره الاسمي يوم الإقفال، أي 100 دولار لكل سند. هذا يعني أن السوق كانت ترتقب حصول عملية إعادة هيكلة لم تقم بها الدولة اللبنانية، بل فضّلت أن تدفع لهؤلاء الدائنين بالتحديد مبلغاً ضخماً يوازي 4% من الاحتياطات الإجمالية المعلنة لمصرف لبنان ويوازي 15% من قيمة الحدّ الأعلى من الاحتياطات بالعملات الأجنبية القابلة للاستعمال بحسب «موديز» والبالغة 10 مليارات دولار. وفي حسابات المتابعين المتخصصين، فإن قيمة هذا الاستحقاق توازي قيمة استيراد أدوية ومستلزمات طبية لسنة كاملة، ما يعني أن مصرف لبنان أعطى أفضلية التسديد للدائنين، رغم الصعوبات المالية وشحّ الدولارات في السوق وامتناع المصارف عن تسديد ودائع المودعين، وفرض عليهم قيوداً قاسية جداً على التحويل والسحب. بعض المصارف خفضت سحب الدولارات النقدية من السوق إلى 300 دولار وبعضها إلى 200 دولار أسبوعياً، كما خفض سقف السحب الأسبوعي على الليرة اللبنانية أيضاً، ولا تزال المصارف تمتنع عن سداد أموال المودعين إلا بشيكات مصرفية لا يمكن تداولها إلا بين المصارف ولا يمكن تحويلها إلى الخارج ولم تعد مقبولة من كل الأطراف بعدما تحوّلت معظم التعاملات التجارية الكبيرة والصغيرة إلى عمليات نقدية، أي أن الشيك المصرفي لا معنى له في ظل الظروف الحالية الضاغطة التي تجبر المواطنين على تخزين أموالهم في المنازل خوفاً عليها من انهيار في القطاع المصرفي.

سداد هذه السندات يعني أن مصرف لبنان وزّع هدايا على حاملي السندات بقيمة تصل إلى نحو 20 مليون دولا

سداد هذه السندات يعني أن مصرف لبنان وزّع هدايا على حاملي السندات بقيمة تصل إلى نحو 20 مليون دولار. فكل من اشترى هذا السند أمس بقيمته السوقية، أي 98.6 دولاراً سيقبض قيمته الاسمية اليوم 100 دولار، يضاف إليها جزء من الفائدة أو الفائدة كلّها بحسب نوع العملية التي قام بها. السندات التي استحقت أمس، تنقسم إلى ثلاث شرائح، قيمتها الإجمالية 1.5 مليار دولار وفائدتها 5.45%. هناك قسم منها أصدر في 2011 وقسم آخر أصدر في 2013، وهو الاستحقاق الأخير لهذه السنة. وفي عام 2020، تستحق ثلاثة سندات تتوزّع كالآتي: 1.2 مليار دولار في آذار، و700 مليون دولار في نيسان، و600 مليون دولار في حزيران.

تراجع حظوظ الخطيب... وسائر المرشحين .. الدولار بـ2300 ليرة: أين الحريري؟

الأخبار ... تتسارع الأحداث الأمنية والاقتصادية والنقدية بشكل دراماتيكي في البلاد، فيما يتعامل أهل السلطة مع ما يجري كما لو أنه أزمة عادية. يبدو أن تشكيل الحكومة الجديدة قد يحتاج إلى أشهر، فيما كل يوم تأخير للحل يرفع من أسهم الانهيار... باتَ صعباً التكهّن بالمستقبل الذي تتجه البلاد نحوه. حسمَ رئيس الوزراء المُستقيل سعد الحريري قراره بعدم ترؤس حكومة جديدة، فيما لم يحدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد موعداً للاستشارات النيابية المُلزمة، وسطَ المخاطر الأمنية المرتفعة التي تجلّت في الاشتباكات المتنقلة، والاعتداءات، بين بيروت وبعلبك وصور والشمال. لكن الأخطر هو مظاهر الانهيار المالي - النقدي - الاقتصادي الذي بدأ منذ ما قبل انتفاضة 17 تشرين الأول، وتعود جذوره إلى سنوات خلت. القلق من تعمّق الأزمة السياسية، يوازي القلق من الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار الذي وصل أمس في السوق الموازية إلى 2300 ليرة، وعجز الناس عن سحب أموالهم من المصارف. لا مؤشر حتى الآن على استقرار سعر الصرف في ظل استقالة مصرف لبنان من دوره، إذ يتعامل على قاعدة أنه معني حصراً بالسعر الرسمي بينه وبين المصارف. وليسَ مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة وحدهما من يتصرفان وكأنهما غير معنيين بكل ما يحصل. رئيس الحكومة سعد الحريري أخرج «مصادره» أمس لترّد على تساؤل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن عدم اجتماع الحكومة لتسيير أمور البلاد، فقالت المصادر إن «الحكومة تقوم بواجباتها». تصريح يؤكد أن الحريري يعيش في كوكب آخر. فحكومته من قبل الاستقالة وانطلاق الحراك، لم تقُم بأي إجراء جدّي لمواجهة انهيار سعر صرف الليرة، والذي نتجت عنه أزمتا المحروقات والخبز وغيرهما. ومع أن لا أفق حتى الآن يبشّر بقرب ولادة الحكومة الجديدة، لا يجِد الحريري نفسه معنيّاً بالمبادرة والدعوة إلى عقد أي لقاء أو اجتماع للبحث عن حل للكارثة النقدية. والسؤال الكبير الذي يضجّ الآن هو كيف ستُكمل البلاد، فيما يزداد الوضع سوءاً، ويزداد معه فقدان ثقة اللبنانيين ليس بالمصارِف والسلطة فحسب، وإنما بمفهوم الدولة ككلّ. فوقَ ذلك كلّه، تستمر القوى السياسية التي تتفاوض من أجل تشكيل حكومة في سياسة الإنكار والتجاهل واستخدام الأدوات القديمة التي تعود إلى زمن ما قبل بداية ظهور مؤشرات الانهيار، فتتصرف وكأن لا وجود لحراك شعبي في الشارع، ولا وجود لأزمة اقتصادية - مالية - نقدية. لا تزال هذه القوى تتبع الآليات ذاتها التي كانت تعتمدها سابقاً في تأليف الحكومات، فتبحث عن غطاء سني من هنا، وتحذّر من فيتو شيعي هناك، وتحفّظ مسيحي من جهة أخرى، من دون محاولة جدية للبحث عن حلول تُخرج البلد من أزمته المستفحلة. وليس أدلّ على سياسة «استخدام أدوات ما قبل الأزمة» مما قاله رئيس مجلس النواب أمس، عن أن الوضع الاقتصادي قابل للتحسن بمجرد وجود حكومة. هذه السياسة تتجاهل أن أزمة تراجع التحويلات تعود إلى عام 2011، ولم يساعد في حلها لا تأليف حكومات ولا إنجاز موازنات ولا انتخاب رئيس للجمهورية. ففقدان الثقة يرتبط أولاً ببنية الاقتصاد اللبناني.

تراجعت حظوظ الخطيب كما حظوظ أي اسم آخر من المرشّحين

وبعدَ يومين من مشاهد الاعتداءات والمناوشات المتنقلة، عادت إلى الواجهة أمس أزمة المحروقات مع إعلان نقابة أصحاب محطات المحروقات الإضراب المفتوح بدءاً من اليوم، ما أدى إلى ازدحام المحطات بعدما سارع المواطنون إلى تعبئة خزانات سياراتهم بالوقود. وبرّرت النقابة إضرابها بأنه يعود «الى حجم الخسائر المتمادية التي لحقت بالقطاع، نتيجة وجود دولارين في السوق اللبنانية وعدم التزام طرفي الاتفاق، مصرف لبنان والشركات المستوردة للمشتقات النفطية، بما قال به الاتفاق، فكان أصحاب محطات المحروقات من اولى الضحايا». بينما قررت جمعية المصارف تعليق إضرابها، معلنة أيام الخميس والجمعة والسبت أيام عمل عادية، وذلك لتأمين الخدمات المصرفية للمواطنين، وخصوصاً قبض الرواتب والأجور مع حلول نهاية الشهر. وأكدت الجمعية، في بيان، ضرورة الخروج من حالة عدم الاستقرار الراهنة عبر تشكيل حكومة تعيد الثقة إلى البلاد وتتفرّغ فوراً لمعالجة الملف الاقتصادي والمالي والمعيشي. حكومياً، وبعد التداول باسم المهندس سمير الخطيب (المدير العام لشركة «خطيب وعلمي») باعتباره الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة، تراجعت يومَ أمس حظوظ الرجل كما حظوظ أي اسم آخر من المرشحين المحتملين الذين يشترطون الحصول على دعم علني من الحريري كما من رؤساء الحكومة السابقين ودار الفتوى وهذا ما لم يتوافر حتى الآن. وأكدت مصادر سياسية أن «الأمور لا تزال في دائرة المراوحة»، خصوصاً أن «الحريري الذي أعلن انسحابه من سباق التكليف لا يزال غير متعاون، إذ لم يظهر أي نية لتغطية أي مرشح، كما لم يؤكّد مشاركته في الحكومة من عدمها، وهذا ما دفع رئيس الجمهورية الى تأجيل موعد الإستشارات».

جمعية المصارف تعلن تعليق إضرابها

أما على المستوى الأمني، وبعد حالة الفلتان التي اجتاحت المناطق في الأيام الماضية، وتحديداً على خط عين الرمانة - الشياح، حصل تنسيق بين حزب الله وحركة أمل من جهة، ومخابرات الجيش من جهة أخرى لمعالجة موضوع مسيرات الدراجات النارية التي جابت شوارع العاصمة يوم الإثنين مطلقة عبارات طائفية. وجرى البحث في ضرورة اتخاذ اجراءات لمنع تكرار هذا المشهد. فيما عقد اجتماع أمني أول من أمس في مكتب قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة، حضره كل من مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وتناول الاجتماع الأوضاع في البلاد في ضوء التطورات الأمنية التي تشهدها الساحة اللبنانية. وأصدر المجتمعون بياناً أكدوا فيه «احترام حرية التظاهر في الساحات العامة، مع التحذير من مغبة التعرض للممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرقات الذي يقيد حرية التنقل».

نداء الوطن....الاستشارات معلّقة... و"رسالة عربية" اليوم لمنع "انزلاق البلد".. 8 آذار للحريري... "وَرَاك وَرَاك"..

"كلّن يعني كلّن" يدورون في فلك المراوحة والمراوغة والهروب إلى الأمام. لا يزالون يعيشون في عالم المحاصصة والتحاصص وتقطيع "قالب" السلطة على حساب الناس واحتياجاتها المطلبية. يمتهنون فنّ المراوغة ويبدعون في حرق الوقت والمراحل والأسماء وجديد البدع السلطوية تعليق ملف الاستشارات النيابية "الملزمة" وتعويم حكومة تصريف الأعمال حتى إشعار آخر بانتظار الاتفاق على توزيع المغانم الحكومية في تشكيلة "إدارة التفليسة" المرتقبة. إستقال سعد الحريري من رئاسة الحكومة وأعلن عزوفه عن الترشح لتشكيل حكومة من غير الاختصاصيين، فتنفس شارع الثورة الصعداء ظناً منه أنّ قصر بعبدا سرعان ما سيفتح أبوابه أمام النواب لإجراء استشارات التكليف، لكنّ الظنّ سرعان ما خاب وعادت الأمور إلى مربعها الأول تحت وطأة "المطاردة" المستمرة بين قوى الثامن من آذار والحريري على قاعدة "وراك وراك والزمن طويل" فإما أن يقبل بدفتر شروط التكليف الذي وضعته هذه القوى أو أن يزكّي أحد المرشحين لخلافته يكون جاهزاً للبصم على هذا الدفتر. إذاً، حسمت مصادر مقربة من قصر بعبدا أمس لـ"نداء الوطن" عدم الاتجاه إلى تحديد موعد للاستشارات النيابية هذا الأسبوع مبررة ذلك بأنّ الحريري "لم يعطِ موافقته بعد على إسم آخر لرئاسة الحكومة" بينما جاء كلام عضو كتلة "المستقبل" النائب سمير الجسر عن أنّ الكتلة لديها مرشح واحد لرئاسة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري ليزيد "الطين بلة" في الملف الحكومي، بعدما اتخذت قوى الثامن من آذار هذا التصريح مطيّة جديدة للتصويب على الحريري وإعادته مخفوراً إلى خانة العرقلة انطلاقاً من تهمة "أنا أو لا أحد". وإذ شددت المصادر القريبة من بعبدا على أنّ "رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريد للأزمة أن تطول لكن يبدو أنّ هناك من يريد ذلك"، لفتت إلى أنّ "عدم تحديد موعد الاستشارات يعود إلى وجود بعض العقد التي لا تزال تحتاج إلى حلحلة"، موضحةً في هذا المجال أنّ عون لا يرغب في "تخطّي موقف الطائفة السنيّة أو الإجماع السنّي ويفرض مرشحاً لرئاسة الحكومة، وأساساً لم يكن قصر بعبدا مَن طرح إسم رجل الاعمال سمير الخطيب لتولي رئاسة الحكومة بل بعض الكتل وتبيّن أنّ الأمر يحتاج إلى مزيد من الحوار للتوافق على إسم المرشح". على خط موازٍ، وبينما لوحظت نبرة التحامل واضحة على الحريري في موقف "حزب الله" الذي عبرت عنه قناة "المنار" محملةً إياه دون أن تسمّيه في مقدمة نشرتها المسائية مسؤولية تعطيل انعقاد حكومة تصريف الأعمال، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري على الموجة نفسها يتساءل مستغرباً خلال لقاء الأربعاء النيابي "عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها لتسيير أمور البلاد" فجاءه الرد سريعاً على لسان مصدر مقرب من الحريري بالتأكيد عبر "مستقبل ويب" على أنّ حكومة تصريف الأعمال تقوم بواجباتها، مع إشارة لا تخلو من "الغمز واللمز" حول قيام الحكومة بـ"إحصاء الأضرار التي نجمت عن حوادث بيروت وطرابلس ومحاولات استفزاز التحركات الشعبية وكأن شيئاً لم يكن في البلاد منذ 17تشرين". وعلى وقع هذا التجاذب الحكومي، رأت مصادر رفيعة في قوى 8 آذار أنّ "الأزمة ستطول على ما يبدو وبالتالي يجب إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال"، محملةً المسؤولية في عدم التقدم باتجاه إجراء الاستشارات النيابية إلى الحريري وقالت لـ"نداء الوطن": "أولاً كاد اسم بهيج طبارة أن يمرّ ولكن الحريري تراجع عن القبول به وحرق الإسم كما فعل أيضاً مع محمد الصفدي، وسمير الخطيب الذي طُرح أخيراً لم ينل مباركة الحريري وحين قال الخطيب لبري عندما زاره "أنا أصحاب مع الحريري" أجابه بري "الصحبة وحدها ما بتكفي" فهو حتى الساعة لا يبدو أنه تمكن من الاستحصال على أي من الإيضاحات والإجابات التي كان من المفترض أن يستحصل عليها لتغطية ترشيحه". وتختصر المصادر الموقف بالقول: "نحن كقوى 8آذار نريد إما الاتفاق على الحريري رئيساً أو الاتفاق مع الحريري على رئيس للحكومة، ولكنه لم يتجاوب معنا في النقطة الأولى وحتى اللحظة لا يتجاوب معنا في النقطة الثانية"، مضيفةً رداً على سؤال: "لا بديل عن الحكومة التكنو - سياسية وأي حكومة خالية من السياسيين لن تمر في مجلس النواب". في الغضون وأمام اشتداد الأزمة السياسية في لبنان والمخاطر الاقتصادية الوشيكة المحدقة بالبلد، كلّف الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الأمين العام المساعد السفير حسام زكي بالتوجه الى بيروت موفداً شخصياً من قبله بهدف اللقاء مع القيادات اللبنانية، ومن المنتظر أن يبدأ موفد الجامعة اتصالاته اليوم في بيروت حيث يلتقي كلاً من الرؤساء الثلاثة، وكذلك قائد الجيش العماد جوزيف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالإضافة إلى بعض اللقاءات الأخرى مع قيادات سياسية وفعاليات للتعرف على صورة الوضع الحالي بدقة. وقالت مصادر مطلعة على الزيارة لـ"نداء الوطن" إنّ زكي سيبلغ الرؤساء الثلاثة "رسالة شفهية من أبو الغيط تؤكد وقوف الجامعة العربية إلى جانب لبنان في هذا الظرف الدقيق، واستعدادها للقيام بما يساعد اللبنانيين على تجاوزه في أقرب وقت وبأقل خسائر". في حين علمت "نداء الوطن" أن الرسالة تتضمن "حرص الجامعة العربية على استقرار لبنان والسلم الأهلي فيه، وحثه على ضرورة معالجة الأزمة السياسية على نحوٍ يُلبي التطلعات المُحقة للشعب اللبناني، بشكل يحول في الوقت نفسه دون انزلاق البلد إلى أوضاع سياسية واقتصادية خطيرة خصوصاً إذا طال أمدُ الأزمة من دون مخرج".

لبنان... مشاغَلة بـ «الشغب» لإبقاء الحريري في بيت الطاعة

تريُّث عون في الدعوة للاستشارات يعكس استمرار الدوران في المأزق

الراي....الكاتب:بيروت - من وسام أبو حرفوش وليندا عازار ... لم تصمد طويلاً اندفاعةُ رئيس الجمهورية ميشال عون في اتجاه تحديد موعدٍ كان مقَرَّراً اليوم أو غداً للاستشارات النيابية المُلْزِمة لتكليف رئيس للحكومة العتيدة، ليعود المأزقُ الذي تعيشه البلاد إلى "الدوران في مكانه" وسط ارتباكٍ كبير لأطراف السلطة (تحالف فريق عون - "حزب الله" وحركة "أمل") في مقاربةِ الأزمةِ التي يُخشى أن تكون باقيةً وتتمدَّد، بما يضع لبنان أمام سيناريواتٍ قاتمة في سياق محاولاتٍ بدأتْ لـ "كسْر شوكة" ثورة 17 أكتوبر عبر "الليالي التوتيرية" وأخرى تفوح منها رائحةُ اتجاهاتٍ لتطويع ممانعة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري السير بتشكيلة بشروط الآخَرين (حكومة تكنو - سياسية) واقتياده إلى الخيار الذي لا يريده. ولم يكن صعباً "تفكيكُ شيفرةِ" الانقلاب في المناخ الذي كان رُوِّج له أول من أمس، بعيد إعلان الحريري عزوفه عن قبول أي تكليفٍ له لتشكيل الحكومة الجديدة، حول إعلانٍ وشيك سيصدر من "القصر" ويحدد موعد الاستشارات الملزمة (الخميس أو الجمعة) مع إيحاء بأن الدعوة إليها صارت "قيد الطبع" على أن تُفْضي إلى تكليف رئيسٍ غير زعيم "تيار المستقبل" وذلك بالتوافق معه أو من دونه. وفي هذا الإطار، بدا واضحاً أن موقف القصر الجمهوري في "ثلاثاء العزوف" كان أقرب إلى "ردّ الفعل" على خطوة الحريري الذي أعطى إشارة "تَحرُّر" من محاولات تقييده بالشروط وتحميله مسؤولية العجز عن تشكيل الحكومة بعد شهر من إعلان استقاله استجابةً لمطلب الانتفاضة الشعبية، وهي "الحرب الناعمة" التي احتُجز معها التكليف والتأليف معاً من ضمن حرص تحالف فريق عون - الثنائي الشيعي على الإبقاء على ورقة التكليف "في الجيْب" للضغط عبرها لانتزاع المواصفات المطلوبة لحكومةٍ تُلاقي بالحدّ الممكن الثورة الشعبية وتحْفظ في الوقت نفسه التوازنات السياسية التي أرستْها الانتخابات النيابية (فاز فيها هذا التحالف) بما لها من أبعاد إقليمية لا يمكن إغفالها. وبحسب أوساط سياسية، فإنّ "حزب الله" خصوصاً لم يتراجع عن تَمَسُّكه بالحريري لرئاسة الحكومة التكنو - سياسية أو أقلّه أن يغطّي الأخير الشخصية التي قد تُكلَّف لتشكيلها على أن يشارك "تيار المستقبل" فيها، وهو الهدف المركزي للحزب الذي يرفض أن يقفز الحريري من "المركب" المالي - الاقتصادي الذي يغرق لترْك فريق 8 آذار يتدبّر أمر "كرة النار" بين يديه، والذي يصرّ أيضاً على أن يكون زعيم "المستقبل" شريكاً في توفير غطاء سياسي له في مواجهة العقوبات الأميركية، ناهيك عن إدراكه مخاطر الانزلاق نحو "حكومة اللون الواحد" (بحال عدم مشاركة "المستقبل" بعد "القوات اللبنانية" و"التقدمي الاشتراكي في الحكومة العتيدة) التي من شأنها أن تضعه وجهاً لوجه مع المجتمع الدولي فتزداد عزلته ومعه لبنان. وفيما كانت مصادر قريبة من القصر الجمهوري تعزو تأخير موعد الاستشارات لنحو 48 ساعة إلى "التشاور حول اسم الرئيس المكلف بالإضافة إلى الاتصالات مع الكتل حول الترتيبات اللوجستية"، لافتة الى "أن التأخير له فائدة في توضيح الصورة في ما خصّ خيارات الكتل النيابية حول تسمية الشخصية"، كان بارزاً غمْزها من إصرار على أنّ الأسماء البديلة عن الحريري لرئاسة الحكومة تكون بالتشاور والتوافق معه، وسط تأكيد قناة "او تي في" (تابعة للتيار الوطني الحر - حزب عون) "أنّ الاسم الاكثر ترجيحاً لرئاسة الحكومة لا يزال سمير الخطيب (المدير العام لشركة "خطيب وعلمي) وأن هناك بعض التفاصيل التي تنتظر حسم بعض الكتل لموقفها نهائياً والأمر يتبلور خلال الساعات المقبلة". وعَكَس هذا الجوّ المتريّث أن الملف الحكومي ما زال يدور في "حلقة مفرغة"، في ظلّ أن الحريري لم يكتفِ بإعلان "ليس أنا بل أحد آخَر لرئاسة الحكومة" بل ذهب إلى حد تأكيد أنه لن يعلن اسم مرشحه لرئاسة الحكومة إلا في الاستشارات النيابية رافعاً الغطاء الذي جرى الإيحاء بأنه أعطاه للخطيب وسواه (بينهم وليد علم الدين وفؤاد مخزومي)، وسط معطياتٍ إلى أن التعقيدات التي اصطدمت بها جولات تفاوض ما قبل العزوف لم تتغيّر، سواء لجهة محاولات "جذْب" زعيم "المستقبل" لترؤس حكومةٍ تكنو - سياسية ولو بشروط اعتبر رئيس البرلمان نبيه بري أنها أقرب إلى "لبن العصفور" بالنسبة إلى فريق 8 آذار، أو لناحية إقناعه بتغطية مثل هذه الحكومة والمشارَكة فيها. وفي حين تقاطعتْ تسريباتٌ أمس عند الكشف عن أن آخِر الصيغ التي عُرضت على الحريري في سياق الحكومة التكنو - سياسية، كانت تقضي بأن يكون هناك 4 وزراء يمثلون القوى السياسية و 14 أو 16 وزيراً تكنوقراط ومن الحراك الشعبي، ولكن الخلاف كان قائما حول هوية التكنوقراط وهل يُسمون من الأحزاب أم من خارجها، تأكّد وجود قطب مخفية أخرى كانت أشارت اليها "الراي" أول من أمس وأهمّها الإصرار على توزير رئيس "التيار الحر" جبران باسيل، وهو ما سبق للحريري أن أبدى رفْضه القاطع له سواء كان الأمر يتعلّق بحكومة يترأسها (تكنوقراط) أو بحكومة يمكن أن يغطّيها. وظهّر هذا الأمر بوضوح مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري الذي أكد (لـ "النهار") ان "قرار الحريري عدم ترؤس الحكومة المقبلة يعود الى أن هناك رفضاً كاملاً لحكومة التكنوقراط وإصراراً على حكومة تكنو ـ سياسية مشكَّلة من شخصيات كانت في الحكومة السابقة وفي طليعتها الوزير جبران باسيل، ونحن لا نريد أن تعود الحكومة السابقة مع بعض "الرتوش". وفيما أعطى الثنائي الشيعي "حزب الله" - أمل إشاراتٍ إلى عدم ممانعته الدخول في وضعيةِ انتظار طويلة عبر الدعوة لتفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال بدليل تساؤل بري عن سبب "عدم قيام الحكومة المستقيلة بواحباتها" وهو ما ردّ عليه الحريري عبر مصدر قريب منه مؤكداً "أن حكومة تصريف الأعمال تقوم بواجباتها (...) والأهمّ عدم تعليق الوضع الحكومي بالهواء الى ما لا نهاية"، تساءلت أوساط مطلعة عما إذا كان الضغط على الحريري لتشكيل حكومة - سياسية أو تغطيتها يمكن أن يصل إلى حد استخدام "الورقة الأمنية" بما يكبح في الوقت نفسه جماح الانتفاضة و"يحمي" الخيار الحكومي للسلطة. وإذ استوقف هذه الأوساط الكلام الذي اعتُبر تهويلياً لباسيل من بودابست وقوله "تخيلوا أنهم يعِدون اللبنانيين بربيع آخر وهم يحضّرون لهم شتاءً آخر في ظل إنتفاضةٍ محقّة بدأت ملونةً وقد تنتهي سوداء إذا استمرّ النفخ فيها حقداً وتحريضًا وتقطيعاً لأوصال الوطن"، أشارت إلى الدلالات المخيفة للمشهد الذي ارتسم ليل الثلاثاء - الأربعاء مع تكريس معادلة "الشارع مقابل شارع" التي بدأها مناصرو "حزب الله" و"امل" في بيروت وصور وبعلبك بوجه الثوار، واستُكملها "التيار الحر" في بكفيا حيث توجّه موكبٌ إلى المنطقة مطْلقاً هتافاتٍ ضدّ الرئيس السابق أمين الجميل وتصدّى له مناصرو حزب الكتائب ومنعوه من التوجّه الى أمام منزل الأخير مع تسجيل مواجهات وتكسير سيارات وسقوط 8 جرحى من الجيش اللبناني. وفي الوقت نفسه، كان "خط التماس" الشهير الذي انطلقت منه "بوسطة" الحرب الأهلية وهو عين الرمانة - الشياح يشهد مواجهاتٍ بين مناصرين للثنائي الشيعي وآخَرين لـ "القوات اللبنانية" و"الكتائب" انتهت بفصْل الجيش بين المتواجهين وجرْح 10 عسكريين جراء التراشق بالحجارة (بين الطرفين)، وذلك قبل أن يتمدّد مشهد الشغب الذي اعتُبر مفتعلاً إلى "قلب الثورة" طرابلس حيث قامت مجموعة من الشبان بمحاولة إقتحام مكتب التيار الحر في شارع الجميزات بهدف إنزال العلم الحزبي المرفوع عليه، فتصدت لهم قوة من الجيش اللبناني ما أدى الى وقوع مواجهات عنيفة أدت إلى جرح 33 عسكرياً وعدد من المتظاهرين قبل أن ينْدفع الشبان لتكسير واجهات المصارف ومحال تجارية والاعتداء على أملاك خاصة وإحراق صراف آلي.

هل تَأَخّر انفجارُ الوضع اللبناني و... إلى متى؟.. «محور المقاومة» يرى في الحِراك المُحِقّ سلاحاً بيد أعدائه...!!

الراي.....الكاتب:ايليا ج. مغناير ... تشعر أوروبا بالقلق من الأزمة السياسية اللبنانية وإمكان تَمَدُّدِها إلى مواجهةٍ أهلية، حتى ولو كانت الأهداف الأوروبية الإستراتيجية لا تختلف كثيراً عن الأميركية، لأن أي حرب في لبنان ستؤدي إلى تدفّق النازحين إلى القارة الأوروبية، ومع ذلك فإن التوصل إلى اتفاقٍ في شأن شكل الحكومة المقبلة ليس بالأمر السهل. وتعتقد مصادر مطلعة في بيروت، أن تشكيل الحكومة الجديدة قد يحتاج لأشهر كما حدَث مع الحكومات السابقة، من دون أن تُخْفي بعض الأطراف انه ليس بالأمر السيئ انتظار نتائج الانتخابات الأميركية ومغادرة الرئيس دونالد ترامب وإدارته أولاً. ولربما تحتاج الولادة القيصرية للحكومة، والكلام للمصادر عيْنها، إلى حدَث أمني كبير! فكل المؤشرات ترجّح احتمال حدوث مواجهة أهلية محتملة في ظل غياب حكومةٍ مركزية قوية تتولى أمن البلاد وتدفعها بعيداً عن الحرب الأهلية.

والسؤال الكبير الذي يضجّ الآن في بيروت هو، هل سينجح لبنان في تَجَنُّب المواجهة الأهلية؟

في تقدير مصادر قريبة من «محور المقاومة»، أن إغلاق الطرق الرئيسية وعدم الكفاءة المتعمّدة للقوى الأمنية لم يعد سلوكاً مفاجئاً لأن مردّه إلى الطلب الأميركي من القيادة الأمنية اتخاذ وضعية المُتَفَرّج. فالطرق الرئيسية التي يجري قطْعها هي طرق انتقائية للغاية: الطرق التي تربط جنوب لبنان ببيروت وطريق بيروت - بعلبك - دمشق، وهي الأكثر استخداماً من الشيعة، حيث تغلق من جماعاتٍ في مناطق معينة ومعلومة تابعة لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري وحليفه النائب وليد جنبلاط. أما إغلاق الطرق الأخرى في ضبية (شمال بيروت) على يد - حليف الحريري وجنبلاط - رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إضافة إلى طرق أخرى في طرابلس، تعتبرها هذه المصادر مجرّد حرف نظر عن الهدف الرئيسي المتمثّل في تحدي «حزب الله» وجذْبه إلى الشارع. وتقول إن الهدف هو إثارة شيعة لبنان الذين يمثلون المجتمع الذي يحمي «حزب الله» بحيث تضغط بيئة الحزب لينزل إلى الشارع. وهذا الخيار تُدْرِكه قيادة الحزب وتتجنّبه رغم الاستفزازات، فهي تعلم أن المطلوب هو دفعها إلى توجيه السلاح ضد المواطنين تماماً كما حصل في الخامس من مايو 2008 قبل السابع من الشهر نفسه. وتذكّر المصادر بأنه في مايو 2008 حاولت الحكومة المدعومة آنذاك من الولايات المتحدة وقْف نظام «حزب الله» الاتصالي الخاص المتصل بألياف بصرية في دورة مغلقة تربط كل مراكز الحزب المدنية والعسكرية ببعضها البعض. وهو النظام الذي يشكل العصَب الأساسي للقيادة والاتصالات والسيطرة في أوقات السلم والحرب. وبعدما فشل الحزب في التنبيه إلى خطورة ما تطلبه الحكومة، ذهب إلى السيطرة على العاصمة بيروت خلال ساعات قليلة وسيطر على كل المسلّحين الذين كانوا داخل مراكز محدّدة في العاصمة، وكان من المفترض أن يخرجوا لمواجهة الحزب الذي كان أسرع منهم. وذهبتْ تالياً ملايين الدولارات التي أُنفقت لهذا الغرض أدراج الرياح. أما اليوم، فالمطلوب أن يندفع «حزب الله» كي يواجِهَهُ تَحَرُّك للأمم المتحدة بما يعطي ضوءاً أخضر لتدخل إقليمي - دولي، بحسب المصادر نفسها، والهدف ليس هزيمة «حزب الله» عسكرياً لأن الجميع يدركون مدى قوته النارية وتدريبه وخبرته القتالية التي تخشاها إسرائيل نفسها، بل المطلوب دفْعه إلى الشارع ليخسر شرعيّته الداخلية ويدفع ثمن انتصاره في سورية والعراق ودعْمه للفلسطينيين، وفق هذه المصادر. يدرك اللبنانيون مدى خطورة الوضع وحساسيته خصوصاً في ظل عدم تدخل القوى الأمنية والجيش لمنع قطع الطرق الرئيسية. فالحِراك الحقيقي لديه أجندة محلية وقد استطاع تحقيق إنجازات ضخمة بعبوره الاصطفافات الطائفية وبحمْله علَم الفقر والتوحّد خلف المطالبة بإصلاحات حقيقية ومحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، وبأن يتحمل القضاء مسؤوليته والعمل على أخذ البلاد نحو العلمانية. وفي اعتقاد المصادر، أن التدخل الخارجي يتكئ على المطالب المُحِقة ليُطْلِق المواجهة ضد «حزب الله». إذ يعتمد على جماعات طائفية لإشعال الشارع، ولا عجب في ذلك لأن لبنان منصة مفتوحة لكل الدول الحاضرة وبقوّة ضد «محور المقاومة». وقد حذّر قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي هذه الدول إذا «تجاوزتْ الخط الأحمر». فإيران - التي اقترحت مشروع «الأمل» للمصالحة الإقليمية والتزمتْ بأمن الشرق الأوسط بعيداً عن التدخل الأميركي - فازت على المجتمع الدولي بمنع سقوط حكومة دمشق العام 2011 ومنْع إسرائيل من تحقيق أهدافها في لبنان العام 2006 ومنْع تقسيم العراق العام 2014. وها هي الآن تواجه مع حلفائها مشروعا من نوع آخر وربما أقوى: سلاح «الحراك» الذي يحمل في طياته مطالب محقة ولكنه يسمح أيضاً للقوى الخارجية بإيجاد الثغر لاستغلاله على حساب حرْق الدول المعنية، أي لبنان والعراق. لقد فشل الحراك في تقديم خطة موحدة ويحاول الحريري أن ينتزع من البرلمان ما لا يحقّ له، أي إزالة خصومه السياسيين الذين يملكون الغالبية ليتربع على رأس حكومة غير سياسية وهو رئيس حزب سياسي بامتياز. وثمة خلاصة تستنتجها هذه المصادر بقولها: لقد وصل لبنان إلى مفترق طرق لم يعد فيه تبادُل إطلاق النار بين سكانه مستبعداً، وسقوط الضحايا قد بدأ. وعلى ما يبدو فإن الدلائل تشير إلى أن لبنان يسير بخطى سريعة نحو تدمير نفسه بنفسه.

التوتر يخيم على المناطق اللبنانية... واستنفار أمني لضبط الوضع

الشرق الاوسط....بيروت: بولا أسطيح... لا يشبه «شارع صنين» الذي يفصل منطقتي عين الرمانة ذات الأكثرية المسيحية والشياح ذات الأكثرية الشيعية خلال ساعات الظهيرة، يوم أمس (الأربعاء)، بشيء ما كان عليه ليل الثلاثاء - الأربعاء، حين تحول إلى ساحة تراشق بالحجارة بين أبناء المنطقتين؛ فالتوتر الأمني الذي أصبح يتنقل بين مختلف المناطق اللبنانية في ساعات المساء والليل وصل إلى الشياح وعين الرمانة اللتين كانت شوارعهما الرئيسية خطوط تماس خلال الحرب الأهلية التي انفجرت أصلاً انطلاقاً من تلك المنطقة، بسبب ما يُعرف بـ«بوسطة عين الرمانة». ولا توحي زحمة السير الخانقة، كما الحركة الناشطة في المحال التجارية في «صنين»، بأن المنطقة كادت تنزلق مجدداً إلى مواجهات طائفية دامية، إذ يؤكد السكان أن ما حصل عابر وتم احتواؤه بحكمة القيادات الحزبية وبوعي شباب المنطقتين. ويقول أحد سكان منطقة الشياح لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل هو أن «أخباراً وصلت لأبناء المنطقة تقول بانتشار شبان في عين الرمانة وقسم كبير منهم أتى من خارجها محملين بالعصي والحجارة، بالتزامن مع تعميم فيديو قديم لمجموعة كبيرة تشتم أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ما استدعى تجمعاً في الشياح أدى لتراشق بالحجارة بين أبناء المنطقتين، بينما قام الجيش بالفصل بينهما منعاً للتصادم». وكما هو متوقَّع، تتضارب روايتا أبناء المنطقتين، بحيث يتحدث أحد أبناء عين الرمانة لـ«الشرق الأوسط» عن أن «مجموعة من المخربين من الشياح هي التي حاولت اقتحام منطقتهم، في إطار الحملات التي تُشنّ في معظم المناطق اللبنانية لنشر الفوضى وإنهاء الحراك الشعبي الصامد»، وهو ما تؤكد عليه مصادر حزب «القوات اللبنانية»، لافتة إلى أن «الاشتباك الذي حصل في عين الرمانة - الشياح كما في بكفيا وغيرها من المناطق هو بين أبناء هذه المناطق ومجموعات المخربين التي تسعى لضرب الحراك»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤيدين لـ(القوات) هم من أبناء هذه المناطق، وبالتالي المشكل لم يكن بتاتاً حزبياً مع (أمل) و(حزب الله)، كما يحاول البعض أن يصور بأن للموضوع خلفيات حزبية أو طائفية». أما مصادر «أمل»، فتؤكد أن ما حصل قد تم احتواؤه سريعاً، وقد عادت الأمور إلى طبيعتها، شارحة أن «كوادر الحركة لعبوا دور الإطفائي، من منطلق أن التعايش بالنسبة لنا خط أحمر لا يمكن المساس به تحت أي عنوان من العناوين»، مضيفة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن ما شهدته منطقتا عين الرمانة - الشياح أشكالاً بين أمل والقوات على الإطلاق، إنما هو إشكال بين شارعين قد تمت معالجته بتحكيم لغة العقل والحوار». وفي محاولة للتأكيد على حرص أبناء المنطقتين على عدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، تجمعت عشرات الأمهات، يوم أمس، في الشارع الذي شهد مواجهات بالحجارة، وبالتحديد أمام محمصة صنين «رفضاً لمحاولات التقسيم والتخويف». ورفعت المشاركات الأعلام اللبنانية، وأضأن الشموع وسرن في مسيرات في الشوارع الداخلية، وشددن على أنه لا رغبة لدى أي من الأطراف في العودة إلى الحرب الأهلية، وبأن أبناء عين الرمانة والشياح هم بالنهاية أبناء منطقة واحدة. وكان عشرات المناصرين لـ«التيار الوطني الحر» توجهوا مساء الثلاثاء بموكب سيّار ضخم إلى منطقة بكفيا، التي يؤيد معظم أهاليها حزب «الكتائب اللبنانية»، بهدف التظاهر أمام منزل رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، فتصدى لهم أبناء المنطقة، وقاموا بتكسير عدد من السيارات قبل أن يتدخل الجيش لفرض الأمن. وقال أحد أبناء المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن «العشرات من الكتائبيين الذين يعيشون في بيروت توجهوا إلى بكفيا عند سماعهم خبر توجه موكب من التيار إلى المنطقة التي شهدت حالة استنفار غير مسبوقة»، لافتاً إلى أنه لولا تدخل الجيش لكانت الفتنة وقعت نتيجة التصرفات الاستفزازية لقيادة وجمهور (التيار)». أما العونيون ففسروا تحركهم بحقهم بالتظاهر السلمي ورداً على المظاهرة التي قالوا إن كتائبيين نظموها أمام منزل رئيس «التيار»، جبران باسيل، في وقت سابق.

«ساحة النور» في طرابلس تستفيق من صدمتها وترمم أضرارها

مجموعة دراجة يراها المنتفضون للمرة الأولى تهاجم المكان

الشرق الاوسط...بيروت: سوسن الأبطح.. استفاقت طرابلس على صدمتها صباح أمس. «ساحة النور» التي عرفت بـ«عروس الثورة» اللبنانية، بدت شاحبة وشبه مهجورة. غالبية الباعة الذين يرابطون هنا، كانوا حتى الظهيرة لا يزالون يتقاعسون عن الحضور. بعض الخيم كسرها المخربون، ولم يبقَ منها سوى أعمدتها المعدنية. أما الصامدة على جوانب الساحة، فهجرها أصحابها إلا القليل منهم. ليل الثلاثاء لم يكن كما قبله، تعرضت ساحة الاعتصام الأشهر، التي صمدت أربعين يوماً، من دون أي حادثة مخلة، وعرفت بانتظامها ورحابة أجوائها، لأحداث عنف وترهيب، جعلت من يرابطون هنا يشعرون بأن ثمة شيئاً تغير. يقول الشبان الجالسون في إحدى الخيم في الساحة، ويتحادثون حول ما شاهدوه، إنهم في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، وكان كل شيء هادئاً، غزا الساحة عشرات الشبان على دراجات نارية، لا يعرفون وجوههم من قبل، وسادت حالة من الهرج والمرج، لم يعد بمقدورهم التمييز بين من يهاجمهم ومن يواليهم. وكانت مجموعة من المنتفضين قد أصرت على نزع علم «التيار الوطني الحر» عن مبنى حزبي قريب من الساحة واصطدمت مع الجيش؛ لكن كل هذا ترافق وحضور المجموعات الدراجة، التي قامت بأعمال شغب كبيرة؛ حيث تم تحطيم واجهات زجاجية لعدد من البنوك، وأُجهز على صرافات آلية، وأُحرقت محال تجارية، وسيارة واحدة على الأقل. وقال الصليب الأحمر إنه نقل 7 إصابات إلى المستشفيات، بينما عالج 17 إصابة ميدانياً، بينما جاء في بيان للجيش اللبناني أنه في طرابلس، وخلال هذه الأحداث «تم إلقاء قنبلة يدوية لم تنفجر، وقنابل مولوتوف باتجاه العسكريين، ورشقهم بالحجارة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة وثلاثين عسكرياً، كما تمت مصادرة عدد من الدراجات النارية التي تركها أصحابها ولاذوا بالفرار». واضطر الجيش أثناء هذه المواجهات إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، كما ألقى القبض على عدد من الأشخاص. ولم يكن غريباً رغم تخوف كثيرين من العودة إلى الساحة صباح أمس، أن يكون طلاب الجامعات أول الحاضرين إلى خيامهم. يتحدث الطلاب عن إصرارهم على البقاء. منهم من يقولون إنهم يحضرون حتى دون إعلام أهلهم الذين يظنونهم في دوامهم الدراسي. بدأ الحديث عن إجراءات تنظيمية جديدة، وعن ضرورة ترتيب الأولويات، والاتفاق على إجراءات. يقول الناس إنهم بوغتوا بقدوم مجموعة دراجة من الشارع الخلفي، وسادت فوضى، جعلت تعاونهم لصد الهجوم غير ممكن. يقولون أيضاً إن الجيش طارد المخربين حتى مسافات بعيدة في شوارع متفرعة من الساحة، وإن رقعة الاشتباك امتدت وكبرت. وبعد ظهر أمس، تفقد اللواء محمد خير، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، الأضرار والخسائر، ووعد بتعويض المتضررين، وبرفع دعوى ضد المتسببين في الأذى. يرفض الشبان المعتصمون أن يغيروا مكان اجتماعهم طلباً للأمن. ويصرون على أنهم باقون حتى تحقيق مطالبهم. ؛ لأن الأمر يتعلق بمستقبلهم. ورغم الحذر الذي ساد الساحة خلال النهار، كانت مظاهرة جلها من النساء، قد جابت شوارع طرابلس بعد ظهر أمس، وهي تهتف للجيش، وتوزع على جنوده الورود، رافضة العنف والطائفية والعودة إلى منطق الحرب، ووصلت إلى «ساحة النور» لتدب الحياة من جديد في مكان كان قد شهد نزالاً حقيقياً.

 

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,122,376

عدد الزوار: 6,754,635

المتواجدون الآن: 95