لبنان....."الجمهورية": محاولات حثيثة لإقناع الحريري... وفارنو ينصح باستعجال التأليف......اللواء.....حماية مُفرِطة لقصر بعبدا... ومأزق التكليف يهدِّد بسقوط الدولة!.. فارنو يُحذِّر الرؤساء وحزب الله من تأخير الحكومة.. ورصاص باسيلي على متظاهرين في جلّ الديب....نداء الوطن....كلّنا علاء ... قصر بعبدا مطوّق بالأسلاك....الاخبار....الحراك المخطوف: كيف يتدخل الداخل والخارج؟....اتفاق الحريري ـ باسيل: البحث عن رئيس لحكومة «تكنو ــ سياسية»....عضّ أصابع بين أهل السلطة حول الحكومة فمَن يتراجع أولاً؟....عون أبلغ الموفد الفرنسي تفضيله حكومة «تكنوسياسية».. باسيل أكد أن تشكيلها «مسألة داخلية»...

تاريخ الإضافة الخميس 14 تشرين الثاني 2019 - 4:22 ص    عدد الزيارات 2149    القسم محلية

        


"الجمهورية": محاولات حثيثة لإقناع الحريري... وفارنو ينصح باستعجال التأليف...

بات المشهد الداخلي أسير العبث الذي يستنزف أي فرصة لإنقاذه، وصار يتطلب قدرات خارقة تلامس المعجزة، التي يدرك الجميع انّ زمنها قد ولّى. كأنّ هناك خياراً مشتركاً بين القوى المتصارعة، ليس نحو الذهاب الى تسوية شاملة، او حتى تسوية موضعية تُخرج البلد من مستنقع الازمة التي يتخبّط بها بأقل الاضرار الممكنة، بل منح اللبنانيين بكل فئاتهم، جواز سفر الى المجهول، فيما بلدهم يُساق عن قصد او غير قصد، الى أزمة لا يتعافى منها ومستعصية على كل المستويات، تهدده بدفع فاتورة باهظة الكلفة في أمنه وسلامه، لا بل بمصيره الذي يحجبه غبار المواقف المتناكدة ودخان الاطارات المشتعلة في الشارع.

إسقاط الهيكل

ما يحصل، وكما تراه الشريحة الواسعة من اللبنانيين، يشبه محاولة متعمدة لإسقاط الهيكل اللبناني فوق رؤوس أبنائه، ومشاهد الساعات الاخيرة حملت معها جملة من عناصر الخوف، معززة بالشحن المتورّم على ضفتي الأزمة التي تعكس المواقف المتصادمة التي تنفخ في نارها، وكأن لا سقف لاستعصائها وتصاعدها، علماً انّ الحقيقة الماثلة امام اللبنانيين خلاصتها انه عندما يسقط الهيكل لن ينفع ندم ولا لوم، ولا بكاء على أطلال سياسية وغير سياسية.

ولعل السؤال الخطير الذي يُطرح على ألسنة كل اللبنانيين، وهم في الاساس ضحايا الأزمة: من يلعب بدم البلد؟ ولمصلحة من؟

الواضح منذ انطلاق انتفاضة 17 تشرين الاول وحتى اليوم، انه لم يحصل اي تبدّل في الصورة، لا بل جلّ ما حصل هو إلقاء البلد في حلبة يصارع فيها نفسه بحثاً عن مخارج مفقودة، ومراوحة في مربع المواجهة الاول، فالسلطة تعيش مأزقها السياسي الكبير، ولم تقدم لتجاوز هذا المأزق، سوى الهروب الى الامام بشعارات ووعود وتأكيدات على توجهها لإعادة بناء ثقة مفقودة بينها وبين الناس، والرهان من خلال ذلك على تعب المحتجّين، ولا المحتجون في المقابل تقدّموا في حركتهم الاعتراضية ضد السلطة، ولو بضع سنتيمترات عن شعاراتهم ذاتها ضد الفساد والفاسدين والمفسدين المقرونة بإحراق اطارات السيارات وقطع الطرقات على الناس.

قضم أصابع

والواضح ايضاً، منذ انطلاق انتفاضة 17 تشرين الاول، انّ السلطة والمحتجّين بكل تلاوينهم دخلوا في لعبة قضم اصابع قاسية تحت عنوان «من يصرخ أولاً»، الّا انّ الثابت الوحيد حتى الآن هو انّ الناس هي التي تعبت وبدأت تصرخ بأعلى وجعها. وامّا البلد فأضحى بين متراسين، متراس سلطة متمسّكة بنفسها وامتيازاتها، ومتراس حراك شعبي ماضٍ قدماً في التصعيد في وجهها لإسقاطها. وأخطر ما بين المتراسين هو انّ السلاح بدأ يظهر بمشاهد مرعبة هنا وهناك!

إرتدادات

في السياسة، تحكمت ارتدادات المقابلة التلفزيونية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وما أطلقه فيها من مواقف، بالمشهد السياسي، ولم ينجح التوضيح الرئاسي للجملة الملتبسة التي اطلقها، في تخفيف غضب الساحات التي ركزت تصويبها بالأمس على بعبدا، بالتزامن مع قطع شبه شامل للطرقات في بيروت والمناطق، صاحَبته تشنجات وعراكات في أكثر من نقطة بين المواطنين والمحتجين. وعلى وجه الخصوص في منطقة جل الديب، حيث فوجىء المحتجون بظهور مسلحين حاولوا فتح الطريق بالقوة، عمد أحدهم خلال ذلك الى إطلاق النار في اتجاه جموع المحتشدين، الأمر الذي أدى الى فوضى عارمة في المنطقة وهرج ومرج، قبل ان تأتي قوة كبيرة من الجيش اللبناني الى المنطقة وتُخرج المسلحين منها. غداة مقابلة عون تفاعلت سياسياً، مع موجة اعتراضية، حملة عنيفة من أطراف الحراك ضد رئيس الجمهورية، مع تسيير تظاهرات حاشدة في اتجاه القصر الجمهوري، وهو الامر الذي دفع الجيش اللبناني الى اتخاذ اجراءات امنية بالغة الشدة في منطقة بعبدا، وإقفال كل الطرقات المؤدية الى القصر الجمهوري. علماً انّ رئيس الجمهورية أرسل من جديد طلباً الى المحتجّين لانتداب وفد منه للقاء به، الّا انّ المحتجين رفضوا ذلك.

حملة مفتعلة

الى ذلك، استغربت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية ما وصفتها «الحملة المفتعلة على الرئيس عون، وتعمّد تحريف مواقفه التي أدلى بها في مقابلته التلفزيونية، وتفسيرها على غير معناها الحقيقي ووضعها في غير مقصدها». وتلاقي مصادر حليفة للتيار الوطني الحر ذلك، بالقول «انّ النزول الى الشارع كان محضّراً له قبل مقابلة رئيس الجمهورية، فحتى ولو قال انّ اللبن أبيض كانوا سينزلون الى الشارع ليقولوا انّ اللبن أسود»، مشيرة في هذا السياق الى «التجمّعات المنظّمة» التي اقيمت أثناء المقابلة، في مناطق نفوذ «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، اضافة الى نزول شبّان الى منطقة الكولا قدوماً من الطريق الجديدة التي يحظى تيار المستقبل بنفوذ كبير فيها والتعاطي بعدوانية ضد الجيش اللبناني في المنطقة».

«التيّار»

وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: إنّ الأجواء السلبية التي سادت اعتباراً من ليل امس الاول، لم تكن وليدة مقابلة الرئيس عون التلفزيونية، بل كانت مهيّأة قبلها، وتأكّد ذلك من خلال رسائل عبر «الواتساب» حول تحركات في أماكن محددة فور انتهاء كلمة الرئيس، وعبر تقارير أمنية عن تجمعات يُحضّر لها في اماكن الاحتجاجات، وكل ذلك يندرج في سياق مخطط واضح للنيل من رئيس الحمهورية ووضع الحراك في وجهه». وسألت المصادر عن «السر الكامن خلف رفض اليد الممدودة من قبل رئيس الجمهورية الى المحتجين، مشيرة الى انّ رفض تَلقّف مبادرة رئيس الجمهورية يلقي ظلالاً من الشك، ما يدفع الى اعتباره رفضاً غير بريء وموحى به من أطراف تدير هذا الحراك».

المعارضة

الّا انّ مصادر معارضة اكدت لـ«الجمهورية» انه «بعد موجة الحراك المتصاعدة منذ 17 تشرين الأول، صار من الضروري دفع الثمن من قبل السلطة الى المحتجين، ليس عبر محاولة رشوتهم بتوزيرهم في الحكومة، بل بخطوات جوهرية تلاقي مطالبهم وتلبّي طموحهم في دولة نظيفة بلا فساد ومفسدين، وتبعد عن الحكومة كل الوجوه المستفزة، والشركاء في تقاسم السرقات والصفقات طيلة السنوات الماضية». واشارت المصادر الى «انّ اللبنانيين انتظروا من رئيس الجمهورية مبادرات نوعية تستوعب حركة الناس وتتناغم معها، الّا انّ الرئيس صَدمهم، وفاجأهم بمواقف استفزازية على شاكلة التمسّك بإبقاء الوزير باسيل في الحكومة، متجاهلاً بذلك المطلب الاساس للحراك. وايضاً على شاكلة الاصرار على حكومة تكنوسياسية تشبه حكومات المحاصصة السابقة، وهذا معناه استمرار الازمة وتعقيدها اكثر، علماً انّ إبقاء القديم على قدمه في ما خَص الحكومة، معناه انه يقدّم عود ثقاب الى المحتجين لإعادة اشعال تحركاتهم الاحتجاجية من جديد.

الاتصالات ليلاً

امّا على صعيد حركة الاتصالات، فالمعلومات التي توافرت لـ«الجمهورية» تعكس انّ الساعات المقبلة حاسمة على صعيد الحسم في الملف الحكومي، وتحديد وجهة موقف الرئيس الحريري إمّا لناحية قبوله ترؤس الحكومة الجديدة، وإمّا لناحية تكليف شخصية بديلة. على انّ الجامع المشترك بين القوى السياسية العاملة على خط الاتصالات هو انّ الاولوية هي لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، وإن تعذر ذلك فتسمية شخصية بديلة بالتوافق معه، خصوصاً انّ المكونات السياسية وعلى وجه الخصوص «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» و«حزب الله» ترفض الذهاب الى تشكيل حكومة تعتبر حكومة مواجهة للحريري او للحراك الشعبي. وعلم مساء أن الحريري أبلغ مساء أمس مفاوضيه موافقته على تسمية شخصية ثانية بديلة لرئاسة الحكومة الجديدة على أن يحسم التوافق على الشخصية خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة، على أن يلي ذلك تحيديد موعد الإستشارات الملزمة من قبل رئيس الجمهورية في مدى أقصاه نهاية الأسبوع الجاري. وعلمت «الجمهورية» انّ اتصالات كانت جرت في الساعات الماضية على خط «بيت الوسط» وحركة «أمل» و«حزب الله»، وانّ هذا التواصل بقيَ شبه متواصل حتى مساء أمس، بين الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل. مكلّفاً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وبحسب المعلومات، فإنّ الأمور ما زالت تراوح عند نقطة الفشل في إحراز تقدم يؤشّر الى استجابة الحريري لطلب الثنائي الشيعي ترؤس حكومة تكنوسياسية. أضافت المعلومات: انّ الحريري عاد وكرر موقفه الذي سبق وأبلغه الى الوزير خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، الذي يربط فيه عودته الى رئاسة الحكومة بشرط تشكيل حكومة تكنوقراط لا سياسية، تأخذ في الاعتبار المتغيرات التي طرأت على المشهد الداخلي جرّاء التحرّك الشعبي الذي بدأ في 17 تشرين الاول الماضي. وهو الأمر الذي يحاول «الثنائي الشيعي» ان يقنع الحريري بتجاوزه والقبول بترؤس حكومة مختلطة بين سياسيين واختصاصيين تكون قادرة على إدارة شؤون البلد، ومحصّنة سياسياً ومحصنة أيضاً بالكفاءات وأصحاب الاختصاص.

نقطة الصفر

وإذ جزمت مصادر مشاركة في الاتصالات على خط الحريري بأنّ الامور ما زالت عند نقطة الصفر، لم تؤكد في المقابل ما تردد عن بدء البحث الجدي باسم شخصية بديلة للحريري، وقالت لـ«الجمهورية»: هذا الامر لم يحصل بعد خلافاً لكل ما يقال، علماً انّ الحريري في المفاوضات معه، سواء مع الوزير باسيل او مع «الخليلين»، عَبّر غير مرة انه على استعداد لدعم حكومة جديدة برئاسة غيره، وطرح عدة أسماء لترؤس هذه الحكومة، وهي طروحات ما زالت تعتبر غير جدية. واشارت الى انه رغم الجو المقفل حالياً، لا يمكن القول انّ البحث في الاسماء البديلة للحريري قد بدأ، بل يمكن القول انّ حبل التفاوض مع الحريري لم ينقطع بعد، وهناك إصرار على إقناعه بالعودة الى رئاسة الحكومة، والمحاولات مستمرة في هذا الاتجاه من قبل الرئيس نبيه بري على وجه الخصوص. وقالت المصادر انّ الامور تعقدت اكثر بعد المقابلة التلفزيونية لرئيس الجمهورية وإصراره على حكومة تكنوسياسية، وكذلك اعتراضه على إبعاد الوزير جبران باسيل عن الحكومة الجديدة. واشارت المصادر إلى أنّ وَقع الكلام الرئاسي هذا كان سلبياً في بيت الوسط، وهو الامر الذي زاد من تمسّك الحريري بإصراره على حكومة بلا باسيل، إن كان سيكلّف تشكيل الحكومة الجديدة، ذلك انّ حكومة تكنوسياسية يكون باسيل من ضمن تشكيلتها، معناها دفع الحراك الشعبي الى البقاء في الشارع والاحتجاج اكثر.

التفاهم صعب

وفي بعبدا، قالت مصادر مطلعة على نتائج الإتصالات الجارية لـ«الجمهورية»: التفاهم مع الرئيس الحريري على مجريات المرحلة المقبلة ما زال صعباً. وان لم يبتّ بالأمر خلال الساعات المقبلة فسيكون البحث قد بدأ عن بديل عنه من بين لائحة من الأسماء المرشحة لتسميتها في الإستشارات الجارية بالتنسيق والتفاهم مع الرئيس الحريري، إن شاء ذلك، حرصاً من رئيس الجمهورية على ميثاقية موقع رئيس الحكومة. يتقاطع ذلك، مع ما أشاعه الاعلام القريب من فريق رئيس الجمهورية بالامس من «انّ الافق مسدود تماماً، وانّ هناك تباعداً بين وجهتي نظر الرئيسين عون والحريري، مرجّحاً انّ الحريري سيتجه الى الاعتذار عن تشكيل الحكومة».

بيت الوسط

بدورها، اكدت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» ايضاً «أنّ اي خرق لم يتحقق»، وقالت: الحريري ما زال يصرّ على حكومة من الاختصاصيين التي عليها ان تشكّل صدمة حقيقية وتحيي الثقة بالمؤسسات، والحكومة واحدة منها. ويمكنها ان تبدأ بمعالجة الملف النقدي والاقتصادي لاستعادة الاستقرار الذي نَعمت به البلاد منذ ثلاثة عقود من الزمن وفي فترة وجيزة تمتد لبضعة أشهر يمكن برمجتها من خلال بعض الإجراءات الممكنة، وبمساعدة المجتمعين العربي والدولي والمؤسسات المانحة التي تنتظر من اللبنانيين إجراءات مطلوبة بإلحاح لإحياء الحديث عن إمكانية تسييل بعض المليارات من مؤتمر سيدر، عَدا عن استعداد عدد من الدول لدعم لبنان. وحول التسريبات التي تحدثت عن اعتذار الحريري عن مهمة التأليف، قالت المصادر: ...وهل عليه أن يعتذر عن التأليف قبل التكليف»؟

وبعدما أكدت استعداده للتعاون في اختيار من يخلفه في المهمة متى بدأت هذه المرحلة، قالت انه يرفض أن يترأس حكومة تُستنسخ من سابقاتها وتمضي ايامها بالمناكفات ومشاريع فرض الحلول، لكن ما اقترحه ما زال يصطدم بإصرار على تجاهل كل ما حصل من قبل الأطراف الأخرى، ولاسيما «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر»، وكلها أمور باتت معلنة وليس هناك من سر يكشف عنه.

فارنو

على صعيد مهمة الموفد الفرنسي مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، ولقاءاته التي شملت أمس الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري، فقد أبلغت شخصيات رسمية وحزبية التقَته، «الجمهورية»، قولها «انه حمل مجموعة من الرسائل القصيرة ولائحة أطول من الأسئلة الاستكشافية والإستطلاعية. في الرسائل القصيرة، وبعدما نقل رسالة خاصة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرئيس عون، شدّد على انّ باريس لم ولن تتردد في دعم لبنان وفق أولويات اللبنانيين ومدى تَفهّم فرنسا لحاجتهم، مشدداً على أهمية الإسراع بالإصلاحات لتنفيذ ما تقرر في مؤتمر «سيدر» وتسييل بعض المليارات الجاهزة لمجموعة من المشاريع الحيوية. كما نصح باستعجال تأليف الحكومة العتيدة للتواصل مع مرجع رسمي يُحيي الثقة بها وبالمؤسسات اللبنانية لتعافي الاقتصاد في أسرع وقت ممكن. الّا انه لم يدخل في اي توصيف للحكومة، فهي قضية من شأن اللبنانيين. وفي الوقت الذي سأل فيه فارنو عن قراءة اللبنانيين لِما تريده الإنتفاضة اللبنانية، شدّد على أهمية رعاية هذه الظاهرة التي عبّر عنها اللبنانيون بعنفوان قل نظيره، وحماية الشباب اللبناني الذين شكّلوا بعنفوانهم حركة وطنية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق اللبنانية كافة. وتوسّع الموفد الفرنسي في أسئلته عمّا يعيق التشكيلة الحكومية الجديدة، وعن المشاريع التي تنوي الحكومة القيام بها لمواجهة الاوضاع من جوانبها المختلفة وملاقاة الانتفاضة الشعبية بالحد الأدنى الذي يرضيها.

تواصل هاتفي

الى ذلك، كشفت مصادر الوفد الفرنسي مساء أمس، أنه تعذّر على الموفد الفرنسي اللقاء برئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية بسبب الوضع على الأرض. فاستعيض عنه باتصال هاتفي بينهما، تناول مختلف التطورات من جوانبها المختلفة.

اللواء.....حماية مُفرِطة لقصر بعبدا... ومأزق التكليف يهدِّد بسقوط الدولة!.. فارنو يُحذِّر الرؤساء وحزب الله من تأخير الحكومة.. ورصاص باسيلي على متظاهرين في جلّ الديب....

عشية اكتمال هلال ثورة الشعب اللبناني ضد طبقته السياسية الفاسدة، بدا عضد الجماهير التي زحفت إلى الشوارع والساحات قوياً، وكأن الحركة الاحتجاجية في بدايتها، تحت وطأة اشتداد الضغوط السياسية والاقتصادية وترنح الوضع الاقتصادي، وارتفاع الأسعار وشح النقود من العملة الوطنية إلى الدولار، في الاتفاق الضمني داخل جمعية المصارف وموظفي المصارف على استمرار اقفال البنوك، الأمر الذي يُفاقم أزمة السيولة النقدية، وشل الأعمال، ويهدد العاملين والموظفين والأجراء في رواتبهم ومعاشاتهم. كل ذلك، وسط عقم الحراك الحكومي، ومراوحة الاقتراحات داخل خيارين: حكومة اخصائيين بلا أحزاب وسياسيين، كما يطالب الرئيس سعد الحريري، وحكومة تكنو-سياسية يتفق على دعمها حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر ويتمسك بها الرئيس ميشال عون. وكشفت مصادر واسعة الاطلاع ان مساعي تشكيل الحكومة الجديدة الجارية وراء الكواليس وقبل اجراء استشارات نيابية ملزمة، حسب الدستور تدور في حلقة مفرغة لتاريخه. واستندت المصادر إلى ان العقدة المركزية تتعلق بعدم استعداد أطراف الأزمة لا سيما التيار الوطني الحر للتنازل عن مواقعهم في أية تركيبة وزارية جديدة.. ولاحظت المصادر ان لا إمكانية لابتزاز الرئيس الحريري، وبالتالي فإن الضغوط عليه لتسميةمرشح آخر لتأليف الحكومة لا تأثير لها على قراره. وكشفت ان فريق بعبدا وحزب الله ما يزالان متمسكين بتوزير الوزير جبران باسيل مجدداً. وروجت مصادر في ثنائي حزب الله، التيار الوطني الحر لكلام منسوب إلى وزير الخارجية الروسي، ​سيرغي لافروف​ اعتبر فيه ان «فكرة تشكيل حكومة تكنوقرط في ​لبنان​ هي أمر غير واقعي». وشدد لافروف خلال منتدى السلام في ​باريس​، على ان «روسيا​ تدعم محاولات رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​ ​تشكيل الحكومة​، وحسبما أفهم، فإن فكرة تتمحور في تشكيل حكومة تكنوقراط، أعتقد أن هذا أمر غير واقعي في لبنان». وكانت الاتصالات والمشاروات بين قصر بعبدا وعين التينة وبيت الوسط استمرت، وسط تسريبات تبين انها غير صحيحة، عن ان الرئيس سعد الحريري ابلغ الوزير علي حسن خليل والحاج حسين خليل باعتذاره عن تشكيل الحكومة، حيث ذكرت مصادر بيت الوسط أن الحريري أبلغ «الخليلين» تمسّكه بحكومة اختصاصيين فقط وهو لم يُكلَّف بعد رسميا ليعتذراو يقبل التكليف. اضافت المصادر ان الحريري لم يتلق حتى هذه الساعة جوابا ايجابيا حول ما يطرحه من تشكيل حكومة اختصاصيين، فيما ذكرت مصادر اخرى ان حكومة التكنوقراط لازالت مرفوضة من قبل ثنائي امل وحزب الله والتيار الحر وقوى سياسية اخرى، ما يُرجح فرضية اعتذار الحريري ولكن على ان يقترح هواسماً يتم التوافق عليه، واذا تم اختيار شخصية من دون التشاور معه لن يكون ملزماً بتغطيته. وافادت معلومات المتابعين للاتصالات ان المعنيين يقومون بغربلة عدد من الاسماء المرشحة لتولي التكليف، ومنها اسم مستشار الحريري للشؤون الاقتصادية وليد علم الدين ام ممثل الحراك الشعبي ابراهيم منيمنة الذي سبق وترشح للانتخابات النيابية عن المجتمع المدني في دائرة بيروت الثانية.وذكرت المعلومات ان الساعات المقبلة ستكون حاسمة على صعيداتخاذ القرار بحيث يقبل الحريري او يعتذر ما يدفع الرئيس عون في الحالتين الى تحديد موعد للاستشارت النيابية الملزمة. وكشف مصدر معني أن هناك أكثر من فكرة يتم تداولها وعندما تصل إلى نتيجة يتم تحديد موعد الاستشارات.

مهمة فارنو

وفي السياق، كشفت مصادر دبلوماسية تواكب زيارة الموفد الفرنسي كريستوف فارنو الى لبنان لـ«اللواء» أن مهمته تتركز على ابلاغ قلق فرنسا من تدهور الأوضاع السائدة في لبنان ونقل رغبة الرئيس ماكرون بضرورة اتفاق الساسة اللبنانيين على الاسراع بتشكيل حكومة جديدة تلبي تطلعات الشعب اللبناني والمطالب المحقة للمتظاهرين السلميين، مؤكدا دعم فرنسا لاستقرار وسيادة واستقلال لبنان واستمرارها في مد يد المساعدة اللازمة لاسيما على الصعيد الإقتصادي، من خلال مؤتمر سيدر وغيره لكي يتمكن لبنان من التعافي الاقتصادي وتجاوز ما يمر به من صعوبات. ولفت الموفد الفرنسي الى اتصالات تجريها فرنسا مع العديد من حلفائها وأصدقائها في العالم ومن ضمنهم الذين يتمتعون بنفوذ في لبنان لتسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة. واشارت مصادر مطلعة الى ان فارنو استوضح بعض النقاط حول موضوع الحراك وان رئيس الجمهورية اكد له انه عرض على المتظاهرين الحوار ولم يلق اي تجاوب. وكشفت انه ابلغ رئيس الجمهورية تمنيات بلاده ان تسفر الاتصالات الجارية عن تأليف حكومة فاعلة تعيد الأستقرار وتكون قادرة على تنفيذ الأصلاحات والخطة الاقتصادية ولفتت الى ان المسؤول الفرنسي الذي لم يدخل في تفاصيل الحكومة وشكلها أعلن ان فرنسا ترحب بأي صيغة يتفق عليها اللبنانيون مبديا جهوزية بلاده في الألتزام بمؤتمر سيدر ومساعدة الحكومة الجديدة في هذا السياق. ولفتت الى ان الرئيس عون اشار أمام ضيفه الى ان الأوضاع الاقتصادية تشكل اولوية وان الخطة الاصلاحية ستلتزم الحكومة الجديدة في تطبيقها وان المهم ان تكون النيات طيبة وتحدث عن بدء تنفيذ التنقيب عن النفط في لبنان ومشاركة شركة توتال فيه ما يساعد على تعزيز الأقتصاد اللبناني. وتوقف الموفد الفرنسي عند اهمية منع التدهور في لبنان املا ان تؤدي جهود الرئيس عون الى نتيجة وان فرنسا ستدعم كل جهد يقوم به معلنا ان دور الرئيس عون هو المفتاح واعرب عن امله في ان يحصل تطور إيجابي في الأيام القليلة المقبلة. وخلال اللقاء بين الموفد الفرنسي والرئيس نبيه بري، عرض بري مع فارنو البدء بالتنقيب عن النفط في «البلوك الرقم4» قبل نهاية السنة وضرورة البدء بـ «البلوك رقم 9» قبل نهاية العام 2020. ووعد فارنو بنقل هذه الرغبة الى ادارة شركة «توتال». كما زار المسؤول الفرنسي بيت الوسط، حيث التقى الرئيس الحريري في حضور الوزير السابق غطاس خوري. كذلك زار فارنو قصر بسترس، حيث التقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي شكر لفرنسا ورئيسها «اهتمامهما بلبنان وعلى الجهود المبذولة للحفاظ على استقراره ومنع انزلاقه الى الفوضى او الى الإنهيار المالي». وحالت الظروف الأمنية دون لقاء فارنو مع النائب السابق سليمان فرنجية واستعيض عنه باتصال هاتفي. وليلاً التقى مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي، وجرى عرض الجهود التي تبذل لتسمية شخصية تتمكن من تأليف حكومة ذات ثقة، وذلك بناء على طلب الموفد الفرنسي. وكان فارتو التقى قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون.

على الأرض

ميدانياً، وفي يوميات الحراك الشعبي، تراجع المحتجون ليلاً عن بناء جدار اسمنتي على اوتوستراد نهر الكلب، وآخر على اوتوستراد الناعمة بهدف قطع الطريق نهائياً ما يؤشر إلى احتمال حصول ردود فعل سلبية من قبل العابرين لا سيما على طريق الجنوب. فيما استمرت حالة من الكر والفر بين المتظاهرين وعناصر مكافحة الشغب على طريق القصر الجمهوري بعد الاعتصام الذي تمّ تنفيذه ظهرا امام مفرق القصر عند اوتوستراد الحازمية- الصياد، ودفع وحدات الحرس الجمهوري إلى اقفال الطرقات المؤدية إلى القصر بالاسلاك الشائكة من منتصف الجسر لجهة الضاحية الجنوبية وصولا إلى المدرسة الحربية. ولاحقا، أعلن الحزب التقدمي الاشتراكي ان لا علاقة له بقطع طريق الناعمة، كذلك فعلت «القوات اللبنانية» في ما يتعلق بوضع اسمنت عند اوتوستراد نهر الكلب. وفي وقت لاحق، هدم المتظاهرون في نفق نهر الكلب الجدار الاسمنتي الذي بنوه داخل النفق مساء أمس. وكان المعتصمون استقدموا كمية من حجارة الخفان والاسمنت، وبنوا جدارا داخل النفق منعا لمرور السيّارات. وسجل انقطاع التيار الكهربائي عند نفق نهر الكلب ومحيطه، وعمد المحتجون إلى وضع مصابيح كهربائية فوق مدخله، تحسبا لوقوع أي حادث. وكانت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا ردّدت ان هناك معلومات مؤكدة تُشير إلى انه تمّ التحضير لاجواء سلبية مهما كان سيقوله رئيس الجمهورية وعزز ذلك اولا رسائل الواتساب التي حول التحضير للتحرك في مناطق فور انتهاء كلمة رئيس الجمهورية بصرف النظر عمّا كان سيقوله. وقالت المصادر ان المؤسف هو انه ما بعد التوضيحات واذاعة النص في هذا المجال عن كلام الرئيس عون في المقابلة التلفزيونية بقي التركيز للنيل من رئيس الجمهورية ووضع الحراك في وجهه. وكان الرئيس عون قد طلب من المعتصمين امام محيط القصرالجمهوري تشكيل وفد منهم يضم 10 أشخاص للقاء به الا انهم رفضوا ذلك. وليلا، سحب الناشط خلدون جابر من بين المتظاهرين في محيط قصر بعبدا. ولاحظ شهود عيان انه جرى توسيع المنطقة الأمنية المحيطة بالقصر الجمهوري في بعبدا إلى مساحات إضافية لافتة وواسعة جدا وصلت إلى حدود منطقة الحدث من جهة وإلى منطقة الحازمية كاجراء احتياطي لمواجهة تظاهرات الحراك الشعبي المرتقبة.

تشييع شهيد الثورة

ويشيع الحزب التقدمي الاشتراكي ومناصرو «الثورة الوطنية اللبنانية» (بتعبير الدعوة للمشاركة بالتشييع) الشهيد علاء أبو فخر في الشويفات. وليلاً، طاف رفاق الشهيد أبو فخر بنعشه في ساحة رياض الصلح إحدى ساحات الحركة الاحتجاجية المتنامية. وكان رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط تلقى سلسلة اتصالات تعزية من الرؤساء الثلاثة عون، برّي والحريري وشخصيات سياسية ووزارية. وكان آلاف اللبنانيين خرجوا إلى الشوارع أمس الأربعاء، وقطعوا الطريق الرئيسية في مختلف المناطق اللبنانية، بينما تجمع المئات على الطريق المؤدية إلى قصر بعبدا وقطع المتظاهرون طرقاً حيوية عبر أجسادهم أو بالسيارات والعوائق والحجارة منذ الصباح في وسط بيروت وعلى مداخلها، وفي نقاط عدة على الطريق المؤدي من بيروت إلى شمال لبنان، وفي طرابلس وعكار شمالاً والبقاع الغربي شرقاً وصيدا جنوباً، وغيرها من المناطق، قبل أن يتم فتح عدد منها ليلاً. وكان المتظاهرون عمدوا منذ أيام الى فتح الطرق، ونظموا تجمعات أمام المرافق العامة والمصارف لمنع موظفيها من الالتحاق بمراكز عملهم. لكن الغضب دفعهم إلى العودة إلى قطع الطرق. ووصل مئات المتظاهرين تباعاً سيراً على الأقدام الى تخوم بعبدا، حيث القصر الرئاسي، منذ ساعات الظهر رافعين الأعلام اللبنانية وسط انتشار كثيف لوحدات الحرس الجمهوري ومكافحة الشغب. وطالبوا برحيل رئيس الجمهورية ثم نصبوا مساء عدداً من الخيم وسط الطريق. واستبق الجيش وصولهم بإقفال كل الطرق المؤدية إلى منطقة بعبدا بالعوائق الحديدية والسياج الشائك، وحصل تدافع محدود إثر محاولة متظاهرين تخطي العوائق. وقالت المهندسة أنجي (47 عاماً)، وهي تحمل العلم اللبناني، لوكالة فرانس برس «وجدنا في كلام الرئيس عون استخفافاً كبيراً بنا» مضيفة «أملنا كبير بلبنان... لكننا لسنا من أولئك الذين يودون الهجرة». وشكل كلام عون خيبة أمل للمتظاهرين. وأصيب أربعة أشخاص بجروح في جل الديب، شرق بيروت، وفق ما أفاد الصليب الأحمر اللبناني، بعد اطلاق مسلح عند نقطة تجمع لمتظاهرين قطعوا الطريق، الرصاص من سلاح حربي بحوزته، وتمكن المتظاهرون من انتزاع السلاح من يده، وتسليمه إلى القوى الأمنية. وصدر عن اللجنة المركزية للاعلام في التيار الوطني الحر ان التيار يرفض الممارسات المخلة بالأمن، ويستنكر حادثة جل الديب، مشيرا إلى ان الشبان المنتسبين إليه كانوا محاصرين داخل المبنى في المنطقة، وان الشخص الذي أطلق النار موقوف لدى الأجهزة الأمنية.

نداء الوطن....كلّنا علاء ... قصر بعبدا مطوّق بالأسلاك

بعكس سير الشارع تسير السلطة متخبطة منفصمة عن الواقع والوقائع تتعالى على الناس وتتجاهل انتفاضتهم العابرة للمناطق والطوائف، وإن قارب أركان الحكم الحقيقة وأقروا بوجود ثورة فمن باب الازدراء والتهكم على افتقارها إلى "Leader" بينما الدولة برمتها باتت على ما يبدو مفتقرة إلى وجود "Leader" فعلي قادر على انتشال البلاد من عنق زجاجة الأزمة التي أخذت خلال الساعات الأخيرة منحى دموياً مع سقوط علاء أبو فخر شهيداً على مذبح الثورة التي كلما تنكروا لها وحاولوا إطفاء وهجها كلما وجدوها أكثر صلابةً وصموداً وتألقاً من أقصى لبنان إلى أقصاه... وما مشهد الالتحام الإسلامي – المسيحي وقرع أجراس الكنائس وإضاءة الشموع ورفع الجداريات والصور للشهيد أبو فخر، من طرابلس مروراً بنهر الكلب وجل الديب والشفروليه وبعبدا وصولاً إلى وسط بيروت سوى رسالة صارخة بوجه صنّاع الفتن وأرباب مدرسة "فرّق تسد" بأنّ زمن الهزائم ولى ولا انكسار للشعب بعد اليوم طالما أنّ نبض الثورة حيّ يُرزق في عروق كل من هتف بالأمس وسيهتف بالغد... كلنا علاء. سالت الدماء في الشويفات وكادت تسيل بالأمس في جل الديب، ولا يزال حبر التكليف جافاً بانتظار انتهاء بازار التفاوض المفتوح على مصراعيه توخياً لمحاصصة سياسية يبصم عليها الرئيس المكلف سلفاً في تركيبة الحكومة المرتقبة. حتى قصر بعبدا بات مطوقاً بالناس يحتمي بالأسلاك الشائكة في مشهد شكّل منعطفاً محورياً في شارع الثورة بعدما قارب الثوار للمرة الأولى المطالبة برحيل رئيس الجمهورية ميشال عون كردة فعل شعبية غاضبة على مضامين مقابلته المتلفزة. لم تسعف الرئيس كل التوضيحات والتعميمات في تهدئة الشارع المنتفض في العاصمة والمناطق وصولاً إلى مداخل القصر من دون أن ينجح القيمون في الرئاسة الأولى بمحاولة امتصاص نقمة الناس إثر الاصطدام برفض الثوار تشكيل وفد منهم لمقابلة رئيس الجمهورية لاعتباره بنظرهم أضحى الخصم والحكم في آن.وفي المعطيات الحكومية، تواصل كرة النار تدحرجها، يرميها رئيس الجمهورية ومعه "حزب الله" في ملعب رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وسرعان ما ترتد إلى ملعبهما من "بيت الوسط" رفضاً من الحريري لحشره في زاوية الاعتذار قبل التكليف ومنعاً لإخضاعه لشروط التأليف قبل التكليف بخلاف منطوق الدستور ومنطق الناس المنتفضين. وفي المحصلة، الكل لا يزال على سلاحه، عون إصبعه على زناد الاستشارات متسلّحاً كما "حزب الله" برفض أي حكومة تكنوقراط منزوعة الصبغة السياسية، والحريري قبضته مستحكمة لا تلين أمام الضغوطات التي يتعرض لها للتراجع عن شرطه تأليف حكومة متخصصين إذا رسا التكليف على تسميته. وأمام هذا الواقع المتأرجح، باتت قوى الثامن من آذار أقرب من أي وقت مضى إلى نقطة المضيّ قدماً نحو الخطة البديلة عن تسمية الحريري، لكنّ أزمتها عادت لتصب في حضن الحريري نفسه باعتبارها تريده ضامناً داعماً للرئيس المكلف البديل عنه تجنباً لاحتراقه وحكومته سنّياً وعربياً ودولياً. وعلى هذا انتقلت خلال الساعات الأخيرة لعبة "الأجوبة والأجوبة المضادة" بين جبهة قصر بعبدا وحارة حريك من جهة، وجبهة بيت الوسط من جهة أخرى، لتشمل رصد رسائل متطايرة على الجبهتين مفادها أنّ الحريري يختار التنحي بشروطه على البقاء بشروط غيره، بينما المطلعون على أجواء الجبهة المقابلة لا يستبعدون ذهاب "حزب الله" مدعوماً من رئيس الجمهورية نحو الإبقاء على خيار استنزاف الشارع في المرحلة الراهنة والتريث في الخوض بغمار تأليف "حكومة مواجهة" إذا تعذر التوصل إلى اتفاق تسووي مبرم مع الحريري حول الشخصية المنوي تكليفها. في الغضون، غابت زيارة الموفد الفرنسي كريستوف فارنو إلى بيروت عن دائرة الضوء والاهتمام الإعلامي تحت وطأة تسارع التطورات الميدانية فضلاً عن كونه جال على اللبنانيين خالي الوفاض إلا من مهمة استطلاعية تجاوزتها الأحداث بعدما لم يعد خافياً على القاصي والداني تأزم المشهد اللبناني بين من يصارع للبقاء على أنقاض السلطة المهشّمة وبين من يكافح للصمود في ساحات الثورة ضد الفاسدين والمفسدين على كراسي الحكم.

الاخبار....الحراك المخطوف: كيف يتدخل الداخل والخارج؟

للحراك الشعبي هوية مفترضة يقول الناشطون إنها تتعلق باستعادة الدولة الحقيقية. المشترك الوحيد الفعلي بين كل من يصرخون في الساحات اليوم هو المطالبة بإسقاط رموز السلطات الحاكمة في لبنان جميعاً. ويجتهد الحقيقيون منهم، وحتى المزوّرون، بالتأكيد أن لا وجود لأجندات أخرى غير المطالبة بتغيير حقيقي في بنى السلطة أو حتى النظام.

لماذا ينقسم النظام بين مؤيّد ومعارض للمتظاهرين؟

ابراهيم الأمين الخميس

وقائع اجتماعات «المنظمات غير الحكومية».. برامج الحكم البديل والتمويل... ومن التقى كوشنير؟

للحراك الشعبي هوية مفترضة يقول الناشطون إنها تتعلق باستعادة الدولة الحقيقية. المشترك الوحيد الفعلي بين كل من يصرخون في الساحات اليوم هو المطالبة بإسقاط رموز السلطات الحاكمة في لبنان جميعاً. ويجتهد الحقيقيون منهم، وحتى المزوّرون، بالتأكيد أن لا وجود لأجندات أخرى غير المطالبة بتغيير حقيقي في بنى السلطة أو حتى النظام. ولكن، لدى التدقيق، يمكن التمييز بين مطالب ذات طابع فئوي، وأخرى لمجموعات تطالب بإنتاج آليات جديدة لقيام سلطة تمنع القهر بكل أشكاله السياسية والاجتماعية والإنسانية. أما ما يصرخ به الجمهور لجهة عدم الحاجة إلى قيادة أو ناطقين أو ممثلين يفاوضون باسمهم، فلا يعبّر بدقة عمّن يمكن تسميتهم بـ«الوجوه المعبّرة» عن تطلعات قسم كبير من المشاركين في الاحتجاجات. وهؤلاء يسردون وقائع كثيرة تراكمت حتى لامست حدّ الانفجار الكبير، قبل أن يصمتوا عندما يُسألون: كيف يتم التغيير السلمي؟ وعبر مَن؟ وبواسطة مَن؟

لنعد إلى البداية.

لا يحتاج عاقل في لبنان إلى معرفة طبيعة الانقسام القائم حول آلية إدارة الدولة. وهو انقسام له خلفية طائفية ومذهبية ومصلحية. وقد أدت التسويات بين أركان القوى النافذة إلى تعميق الخلل على صعيد البنية الإجمالية للنظام، ما جعله مُنهَكاً حتى وصلنا إلى مرحلة الموت. وهذه الحقيقة التي يعاند أركان الصيغة في رفضها. وبما أن الانهيار حاصل حتماً، فإن الغضب الشعبي الذي كان يقوم مرات بصورة قطاعية، تجمع هذه المرة على شكل احتجاج عام، شارك فيه قسم كبير من اللبنانيين، سواء من نزلوا إلى الشوارع أو الساحات أم من لازموا منازلهم. لكن الحقيقة الأكيدة أن اللبنانيين أعلنوا، هذه المرة، أن الصيغة القائمة سقطت. إلا أن أحداً لم يتحدث عن بديل جاذب لغالبية لبنانية جديدة تُتيح بناء الجديد.

لكن، ماذا عن التدخلات في الحراك القائم، قبل اندلاعه وبعده؟ وهل صرنا في وقت مسموح فيه السؤال عن بعض الأمور وعرض بعض التفاصيل التي تفيد في الإجابة عن أسئلة كثيرة حول هوية المستفيدين والمستغلّين؟ وكذلك حول قدرة أهل الحراك على حمايته من الخطف أو الأخذ صوب مواجهات تخدم أركان الصيغة الساقطة أو رعاتهم الخارجيّين؟ وطالما يصعب توقع تفاهمات وطنية كبيرة على صيغة جديدة قريباً، فإن البلاد أمام خيارين: إما ترميم الحكم الحالي في انتظار لحظة تغيير جذرية تحتاج إلى عناصر جديدة؛ وإما الاستمرار في حال الفراغ القائمة على صعيد الحكم، مع ما يصاحبها من مخاطر الفوضى وما هو أكثر (بالمناسبة، هل كنا نحن خلف الفوضى القائمة عندما حذّرنا منها باكراً؟).

عند هذه النقطة، يبدأ الانقسام الكبير في المقاربات مع من يعتقدون، واهمين، أن المسألة محلية مئة في المئة، ويتماهون مع شعراء الكبة النية والتبولة وفخر الصناعة اللبنانية والوحدة الوطنية وبقية الزجل السخيف! لا بأس، هنا، من الحديث بصراحة عن التدخلات. داخلياً، هناك قوى وجهات مختلفة صاحبة مصلحة في استخدام الاحتجاج لإحداث تغييرات تصبّ في مصلحتها، أبرزها قوى 14 آذار التي خسرت الكثير منذ عام 2005. وهي لم تخسر محلياً فقط، بل خسرت كل عناصر الدعم النوعي في الإقليم والعالم، وتشعر بوهن كبير نتيجة التراجع الذي أصاب المحور الإقليمي - الدولي الذي تنتمي إليه. هذه القوى تريد نسف التسوية الرئاسية التي قامت في الأعوام القليلة الماضية، لكنها لا تريد نسف النظام لأنها، تاريخياً، من المستفيدين منه. وهذه حال وليد جنبلاط وسمير جعجع وفريقهما، كما هي حال قوى وشخصيات «خرجت من المولد بلا حمص» رغم انخراطها في الصراع الداخلي. ويضاف إلى هؤلاء خليط من الشخصيات التي يمكن أن تُطلق عليها تسميات كـ«التكنوقراط» و«الاختصاصيين» ممن ينتشرون في كل مفاصل لبنان تحت عناوين المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني وتوابعهما. وهؤلاء، باتوا اليوم في صلب الحركة السياسية الطامحة إلى امتلاك مواقع في السلطة. وهم يقولون، صراحة، إن عجزهم عن إنتاج أحزاب سياسية يجعلهم أكثر حرية في العمل ضمن أطر ذات بُعد مهني أو قطاعي أو مدني. اليوم، يمكن أيّ مواطن الانتباه إلى أن كل من مرّ على قوى 14 آذار لا يشعر بالذعر جراء ما يحصل في الشارع، وإلى أن يتصرف على أنه جزء من الحراك الشعبي. وحتى من يتجنبون الظهور مباشرة في الساحات، ولو بغير رضى، لا يتصرفون كما لو أن ما يجري يستهدفهم. بل يتصرفون من موقع الداعم. وفي كل مرة يُتاح لهم التحدث، يعلنون «تبني مطالب الناس». وهو لسان حال كل من في هذا الفريق. كما تجدر ملاحظة أن كل من له علاقات جيدة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وأميركا وفرنسا وبريطانيا، يتصرف براحة وفرح إزاء ما يحصل في الشارع. وهؤلاء ليسوا سياسيين فقط، بل بينهم أيضاً اقتصاديون وإعلاميون وناشطون وناشطات وخبراء! في المقابل، يمكن أيّ مواطن الانتباه إلى أن كل خصوم 14 آذار، من حزب الله إلى حركة أمل والتيار الوطني الحر وكل من هو في موقع الحليف للمقاومة، يتصرفون بقلق كبير إزاء الحراك. ويمكن من دون جهد كبير ملاحظة أن الشعارات والهتافات التي سيطرت على المشهد الإعلامي الخارج من الساحات، ركّزت - ولا تزال - على هذا الفريق ورموزه، كما يمكن بسهولة ملاحظة حال القلق، بل وحتى الذعر، التي تسود لدى جمهور هذه القوى في الشارع. ويمكن، أيضاً، ملاحظة أن الناس العاديين الذين يقفون إلى جانب المقاومة، والذين بكّروا في النزول إلى الساحات للمشاركة في الاحتجاجات، خرجوا منها تباعاً بمجرد أن سمعوا ملاحظات مقلقة من السيد حسن نصرالله حيال ما يجري وما يُخطَّط له. كذلك يمكن، من دون جهد استثنائي، ملاحظة أن وسائل الإعلام والإعلاميين الذين بنوا امبراطورياتهم وشركاتهم الموازية عبر الاستفادة من هذا النظام ومن كل من تعاقب على الحكم فيه، ومعهم جيش من رجال الأعمال العاملين في لبنان وخارجه، يقفون إلى جانب الحراك، بل يتغنون به بلا تردّد. ويفاخرون بحروبهم ضد الفساد، وهم الذين استغلوا كل أنواع التسهيلات المصرفية والإعلانية والقانونية للحصول على مكتسبات لا يمكنهم الحصول عليها في ظروف طبيعية.

اجتماعات لغالبية الجمعيات غير الحكومية في مكاتب للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والوكالة الأميركية

خارجياً، لم تبق جهة تعادي المقاومة إلا ورحبت بما يجري، من دون أي استثناء. من عواصم سياسية ومؤسسات اقتصادية أو إعلامية أو خلافها. ويذهب كثيرون في المحور السعودي – الأميركي إلى اعتبار ما يجري على أنه مرحلة الانتفاضة ضد النفوذ الإيراني في لبنان (اقرأ حزب الله وسلاح المقاومة). بينما كانت روسيا، ومعها الصين وإيران، تبدي خشية سابقة (نشرت «الأخبار» مقابلة مع السفير الروسي في بيروت قبل اندلاع الحراك حذّر فيها من فوضى تعد لها أميركا في لبنان). ببساطة، يمكن قراءة ما يعتقده الأطراف من نتائج لهذا الحراك. وهذا ما يجعلهم يرحبون به أو يحذرون منه، من دون أن يعني ذلك أن النتائج ستصيب في نهاية المطاف ما يريده كل منهم. وهذا رهن أداء الأكثر حضوراً ونفوذاً في الساحات، ومدى قدرتهم على تنظيف صفوفهم من اللصوص.

هل من خطة غربية؟

إلى جانب كل ما سبق، وبرغم الحساسية المُبالغ فيها عند مشاركين أو ناشطين في الحراك إزاء الحديث عن استغلال لهم أو وجود مؤامرة، صار من الواجب ذكر العديد من العناصر التي لا يرغب كثيرون في سماعها، ومنها:

أولاً، ما إن انطلق الحراك حتى انطلقت ماكينة عمل فريق الخبراء والناشطين والاختصاصيين المرشحين لتولي مناصب حكومية بديلة. وبعد مرور نحو شهر على الحراك، خرجت الأحاديث إلى العلن، عن اجتماعات عقدت في مكاتب هؤلاء، بحضور ممثلين عن «الجمعية الدولية للمدراء الماليين اللبنانيين -LIFE»، وناشطين ممن كانوا منضوين في مجموعة «بيروت مدينتي» التي خاضت الانتخابات البلدية الأخيرة في العاصمة، إضافة إلى ممثلين عن حزب الكتلة الوطنية بقيادته الجديدة وناشطين عادوا وانضووا في تجمعات مثل «وطني» الذي تتصرّف النائبة بولا يعقوبيان كما لو أنها قائدته، وممثلة عن جمعية «كلنا إرادة» التي تعرّف عن نفسها بأنها مجموعة من الشخصيات اللبنانية العاملة في القطاع الخاص خارج لبنان، وتهتم بأن تشكل «مجموعة ضغط» من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي في لبنان.

قوى 14 آذار تريد نسف التسوية الرئاسية لا النظام لأنها تاريخياً من المستفيدين منه

ولم يكن قد مرّ وقت طويل على انطلاق التجمعات الكبيرة في الساحات، حتى انعقدت الاجتماعات بصورة مختلفة، وأكثر كثافة، بمشاركة غالبية الجمعيات والمنظمات غير الحكومية أو التي يحب روّادها تسمية أنفسهم بالحراك المدني. وكان بعض الاجتماعات يُعقد في مكاتب تخص ممثليات للاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الجهات التي تموّل غالبية هذه الجمعيات. ويحضر اللقاءات إلى جانب ممثلي هذه الجمعيات، موظفون من المؤسسات الغربية والدولية، وفي بعض الاجتماعات حضر دبلوماسيون من رتب متدنية. خارج لبنان، كانت الحركة تدبّ في ثلاث عواصم رئيسية. في واشنطن، دعت مراكز دراسات أميركية إلى عقد ندوات حول الأزمة اللبنانية، وإرسال رسائل إلى الإدارة الأميركية والكونغرس، إضافة إلى لقاءات عقدها ناشطون من قوى سياسية، بينهم فريق التقى صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير الذي وعد بنقل الصورة إلى الرئيس دونالد ترامب. وقد تم جمع الوفد اللبناني الذي التقاه من عدة ولايات أميركية. أما في باريس، فإلى جانب التحركات الشعبية التي قامت دعماً للحراك في لبنان، عُقدت سلسلة اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الخارجية، وأخرى مع المعنيين بملف لبنان والشرق الأوسط في جهاز الاستخبارات الفرنسية الخارجية الذي يديره السفير الفرنسي الأسبق في لبنان برنارد إيمييه. أما المدينة العربية التي تحسّست حكومتها من النشاط العلني، فكانت إمارة دبي التي رفضت إعطاء الإذن لمجموعة لبنانية بالتظاهر تضامناً مع الحراك الشعبي، ثم نبّهت الحكومة هناك «المتبرعين» من تحويل أي أموال عبر المصارف العاملة في الإمارة إلى لبنان، مع إبراز خشية أن تكون الأموال ذاهبة عن طريق الخطأ إلى جهات معادية. اللافت للأمر أن مجموعة «life» كانت حاضرة في غالبية هذه الاجتماعات والتحركات. لكن الأهم، هنا، هو أن ممثلي هذه المجموعة سارعوا، منذ اليوم الأول، إلى الحديث عن الحكم البديل. في بيروت أثارت مندوبة «كلنا إرادة»، وآخرون من «بيروت مدينتي»، إمكان الشروع فوراً في خطة لتنظيم إطار تنسيقي، والإعداد لورقة عمل تحت عنوان «حكومة الإنقاذ البديلة». وفشلت مساعي هذه المجموعة في جذب شخصيات وقوى وجماعات مشاركة في الحراك. بينما تعمّدت إبعاد مجموعات أخرى، لا سيما من هم أقرب إلى الحزب الشيوعي. والحجة الدائمة، هي نفسها التي استُخدمت مع الفرنسيين أثناء التحضير لزيارة الموفد الفرنسي، بأن الشيوعيين ليسوا أصحاب نفوذ قوي، وأنه يمكن الاستعانة بشخصيات مدنية واقتصادية تمثلهم، ويكون هؤلاء من أصحاب وجهات النظر الأقل تطرفاً تجاه التغيير الجذري في النظام الاقتصادي.

اتفاق الحريري ـ باسيل: البحث عن رئيس لحكومة «تكنو ــ سياسية»

الأخبار ... للمرة الأولى، يخرج الدخان الأبيض من مدخنة أهل السلطة. أمس، انتشرت معلومات عن اتفاق بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل على تأليف حكومة لا يكونان فيها. باسيل سبق أن أبلغ حلفاءه وخصومه / شركاءه بأنه لن يشارك في الحكومة المقبلة، وأنه يوافق على حكومة تكنوقراط. وأمام تمسّك حلفائه بالتمثيل السياسي، وافق على أن يكون في الحكومة «سياسيون غير مستفزين». في المقابل، كان الحريري يصرّ على ترؤس «حكومة أؤلفها كما أريد، أو اختاروا غيري رئيساً لمجلس الوزراء». الجديد هو أن الحريري وافق على المشاركة في تسمية رئيس حكومة، على أن يكون مجلس الوزراء «مختلطاً» بين التكنوقراط والسياسيين. وبحسب المعلومات، اتفق الحريري وباسيل أول من أمس على لائحة أولية تضم ستة أسماء، سيعرضها رئيس التيار الوطني الحر على حلفائه لاختيار واحد منها لتسميته رئيساً للحكومة. حتى ليل أمس، كان عدد من شركاء الائتلاف الحكومي السابق لا يزالون متشكّكين في إمكان وصول هذه المبادرة إلى نتائج ملموسة. إذ لا يزال بعضهم يعتقد أن الحريري «سيغيّر رأيه»، ليعود مطالباً برئاسة الحكومة لنفسه. وقالت مصادر في فريق 8 آذار لـ«الأخبار» إنّ «لا مجال للانتظار أكثر قبل انطلاق المشاورات النيابية الملزمة، والمفترض أن يُحسم الموعد في الساعات المقبلة. صار موقف الحريري واضحاً ولا مجال للانتظار أكثر». في الموازاة استمر مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية، كريستوف فارنو، بلقاءاته مع عدد من ممثلي القوى السياسية، ساعياً إلى مقابلة ممثلين عن الحراك. في المعلومات، لم يحمِل الزائِر الفرنسي أي طرح، بل أتى بحسب مصادر سياسية «لاستطلاع آراء من التقاهم عن مدى إمكانية تشكيل حكومة مقبولة من الجميع». ولمّح الزائر الفرنسي أمام من التقاهم إلى «أن لا خوف على سيدر وأمواله والمشاريع المرتبطة به، فهي ستكون مؤمّنة لأي حكومة مقبولة وتناسِب الأزمة اللبنانية»، من دون أي إشارة الى تمسّك فرنسا بأن يكون الحريري رئيساً للحكومة.

كلام الفرنسيين يُوحي بأنهم لا يكترثون لشكل الحكومة: تكنوقراط أم سياسية أم تكنو-سياسية

«لا يطرح الفرنسيون مبادرة»، بحسب مصادر سياسية وصفت جولة فارنو «بالدعم والاستطلاع، يومان من الاجتماعات المُكثفة من أجل التوصّل في النهاية إلى التمكن من توصيف الوضع وتحديد الخطوات التي من الممكن القيام بها». وسيرفع الموفد الفرنسي تقريراً إلى الرئاسة الفرنسية، يتضمن خلاصة جولته. وتقول المصادر إن الموفد الفرنسي عبّر عن «تمنيات» لما يمكن أن يكون عليه الوضع. وتُختصر هذه «التمنيات» بـ«تأليف حكومة، بأسرع وقت، حتى تتمكن من القيام بالإصلاحات الضرورية ويتمكن البلد من الاستفادة من قروض سيدر». وبحسب المصادر، «لا يهم الفرنسيين شكلُ الحكومة أكانت تكنوقراط أم سياسية أم تكنو -سياسية»، لكن الموفد الفرنسي «تمنى أن يبقى الجو السلمي مُسيطراً، ناقلاً تحيات الرئيس إيمانويل ماكرون واتكاله على حكمة الرئيس ميشال عون». فارنو الذي التقى أمس الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية وقائد الجيش العماد جوزف عون ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي، كان من المفترض أن يجتمِع برئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، لكن قطع الطرقات حالَ دون ذلك، فاقتصر الأمر على اتصال هاتفي بينهما.

لبنان... عضّ أصابع بين أهل السلطة حول الحكومة فمَن يتراجع أولاً؟

إطلالة عون التلفزيونية ألهبتْ الشارع بوجهه والانتفاضة صار لها... شهيدها

الراي.....الكاتب:بيروت - من ليندا عازار,بيروت - من وسام أبو حرفوش

بدا لبنان عشية طيّ ثورة 17 أكتوبر شهرَها الأوّل في قلْبِ عاصفةٍ شعبيةٍ - سياسيةٍ - مالية بدأت تطلّ على مخاوف من «كمائن» أمنية أو انزلاقاتٍ نحو توتراتٍ قد يجري «استثمارُها» إما في سياق «الحرب الباردة» بين أطراف السلطة على كيفية احتواء الانتفاضة والسقف الممكن لملاقاة «دفتر شروطها» وإما في إطار السعي لإخماد الحِراك الذي يستمرّ بوتيرةٍ تصاعُدية منذ 29 يوماً بعدما نَجَحَ في تَجاوُز العديد من «الأفخاخ» التي انطوتْ على محاولاتٍ لتفجيره من داخله بتطييفه أو تسييسه. وفيما كانت الانتفاضةُ تشهد أمس يوم تَضامُنٍ كبير مع «شهيد الثورة» عضو بلدية الشويفات (أمين سر وكالة داخلية الشويفات في الحزب التقدمي الاشتراكي) علاء أبو فخر الذي قُتل برصاص أحد عناصر مخابرات الجيش ليل الثلاثاء تحت جسر خلدة جنوب بيروت، ارتسمتْ بوضوح ملامح دخول الثورة مرحلةً جديدة من «المواجهة الناعمة» مع السلطة، في موازاة اشتداد «عضّ الأصابع» بين مكوّنات الائتلاف الحاكم على تخوم ملف تشكيل الحكومة الجديدة وفوق «برميل بارودٍ» بات يشكّله الواقع المالي - النقدي - الاقتصادي.

ولم يكن أدلّ على هذا الواقع المُسْتَجِد من عودة الانتفاضة للعب «ورقة» قطْع الطرق الرئيسية في غالبية المناطق بعدما فجّرتْ الإطلالةُ التلفزيونيةُ للرئيس ميشال عون ليل الثلاثاء غضبةً كبيرة على خلفية مواقف اعتبرها المتظاهرون إدارةً للظهر لهم في نقاط عدة أبرزها: مطْلبهم الرئيسي بتحديد موعدٍ لاستشارات نيابية مُلْزمة لتكليف رئيسٍ للحكومة الجديدة (بعد 17 يوماً على استقالة الرئيس سعد الحريري) التي يريدها هؤلاء من اختصاصيين مستقلين تمهّد لانتخابات نيابية مبكرة، إذ تَمَسَّك عون بتشكيلة تكنو - سياسية مع عدم حسْمه مصير مشاركة الوزير جبران باسيل في أي تشكيلة جديدة (رغم إعطائه إشارات إلى أنه يفضّل حكومة لا تجمْع بين النيابة والوزارة ما يعني ضمناً استبعاد باسيل)، وصولاً إلى كلامه الذي فُسِّر (رغم التوضيح الذي أصدره القصر الجمهوري) على أنه دعوة للمُنتفضين لأن «يهاجروا» إذا كانوا يرون أن ليس هناك «أوادم» في لبنان، وما اعتبروه تحذيراً ضمنياً من قمْعهم إذا بقوا في الشارع وواصلوا قطْع الطرق وتحميلهم مسؤولية «النكبة» التي ستصيب البلاد جراء ذلك، وليس انتهاءً بقوله «أخذنا بالاعتبار ما يريده الناس وسننفذه، واذا لم يكونوا يريدون تصديقنا فإنهم يضربون الوطن بالخنجر (...) بالثورة نحن لن نذهب». وعلى وهج «الغليان» الذي سادَ الساحات منذ ليل الثلاثاء، لاحتْ مؤشراتٌ إلى أن «بقعةَ الدم» التي غرق فيها أبو فخر خلال محاولة قطْع طريق خلدة (بعيد المقابلة التلفزيونية لعون) على مرأى من زوجته وابنه (12 عاماً) تنذر بأن تتمدّد في اتجاهيْن: الأوّل شعبياً في ظلّ الزخم الذي استعاده الشارع منذ التداول بفيديوات للحظة مقتل أبو فخر والمَشاهد المُفْجِعة لصراخِ نجْله «بابا بابا» و«انفجار» شريكة حياته بكاءً، وهو ما تَكرَّس أمس بتقطيع أوصال المناطق والتجمّع في ميادين الانتفاضة.

والثاني سياسياً وسط اندفاعة غير مسبوقة من المنتفضين نحو المطالبة برحيل عون، وصولاً إلى تنظيم تظاهرة في اتجاه قصر بعبدا وقفت على بُعد نحو كيلومترين منه بفعل الإجراءات الأمنية. ولم يحجب «أربعاء الغضب» علاماتِ الاستفهام حول خلفيات مقتْل أبو فخر، الذي أعلنه الثوار «أيقونة» ورفعوا صوره في الساحات وأقاموا نصباً له في مناطق عدة وأبرزها عند نقطة مقتله التي «زنرّتْها» شموع في شكل خريطة لبنان «حرستْها» الورود والعلم اللبناني، وسط ملاحظة دوائر سياسية أن احتجاجات يوم أمس تخللتْها احتكاكات «بين شارعيْن» في محلّة جل الديب (ساحل المتن) ما أدى الى وقوع جرحى. وإذ لاحظتْ هذه الدوائر أن زعيم «التقدمي» وليد جنبلاط حرص على النزول على الأرض شخصياً ليل الثلاثاء لمنْع انزلاق الأمور نحو أي ردّات فعل، وهو توجّه مع نجله تيمور إلى المستشفى الذي نُقل إليه أبو فخر داعياً إلى التهدئة والاحتكام إلى «الدولة وحدها»، في ظلّ توجُّه في الشارع لتحويل تشييع ابو فخر (اليوم) محطة شعبية في الشويفات وساحة الشهداء (وسط بيروت)، كثرت الأسئلة حيال سبل الخروج من المأزق الكبير الذي يُخشى أن يتحوّل «جاذبة صواعق» في ظلّ تضارُب الحسابات والاعتبارات التي تتحكّم خصوصاً بمقاربة أطراف السلطة للملف الحكومي والحلول الممكنة له. وبدا مع العدّ التنازلي للمهلة الافتراضية التي أوحى عون أنها قد تكون غداً أو بعد غد للدعوة إلى إجراء الاستشارات النيابية المُلْزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، أن عملية «مَن يصرخ أولاً» بين اللاعبين ازدادتْ شراسةً وكأنهم أمام جولة حاسمة وأخيرة من كباش يدور بلا هوادة لـ «ليّ الأذرع» فوق حلبةٍ من خياريْن في شأن الحكومة العتيدة هما:

* الحكومة التكنو - السياسية التي يريدها وبإصرار فريق عون والثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل» بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري على أن تكون برئاسة الحريري الذي ترغب هذه الأطراف وبقوة في بقائه على رأس الحكومة كونه الأكثر ملاءمة في التعاطي مع المجتمعيْن العربي والدولي.

* حكومة التكنوقراط من وزراء اختصاصيين ومستقلين يشترطها الحريري كممرّ وحيد لاحتواء الانهيار المالي - الاقتصادي، وهو ما يطالب به أيضاً حزبا «القوات اللبنانية» و«الاشتراكي».

ومن خلف الأجواء الدراماتيكية التي ألقتْ بثقلها على البلاد بعيْد الحوار التلفزيوني، اشتعلتْ حرب تسريبات أمس على جبهة ملف تشكيل الحكومة وركّزت على أن الحريري «اعتذر» عن تشكيل الحكومة العتيدة.

وتجلت موجة الاشاعات في أمريْن:

* الإيحاء من فريقيْ عون و«حزب الله» بأن القرار اتُّخذ بتشكيل حكومة تكنو - سياسية تحظى بثقة البرلمان.

* إشاعة أجواء عن أن البحث جارٍ عن شخصية سنية يوافق عليها الحريري أو تكون بديلاً منه لترؤس الحكومة.

ورأت أوساط سياسية أن الكلام المتعمّد عن اعتذار الحريري والاتجاه الحاسم لتشكيل الـ «تكنو - سياسية» بدا أقرب إلى مناورة ربع الساعة الأخير لانتزاع تنازلاتٍ من الحريري الذي يتمسك به خصومه رئيساً وحيداً للحكومة العتيدة. ولم تستبعد الأوساط إمكان خفْض «حزب الله» شروطه أو تراجُعه خطوة الى الخلف عبر القبول بحكومة تكنوقراط يترأسها الحريري. وكان هذا الاستقطاب وخصوصاً بين قصر بعبدا و«بيت الوسط» (دارة الحريري) تجلى مع إبلاغ عون إلى الموفد الفرنسي كريستوف فارنو، الذي زار بيروت بتكليف من الرئيس ايمانويل ماكرون، أن خيارَه للحكومة الجديدة يقوم على أن تكون «مؤلّفة من سياسيين وتكنوقراط لتأمين التغطية السياسية اللازمة كي تتمكن من نيل ثقة الكتل النيابية إضافة الى ثقة الشعب». وترافق ذلك مع إصرار الحريري على الردّ عبر مصادره على التسريبات حول اعتذاره، مؤكداً أن موقفه معروف وجرى إبلاغه لكل الشركاء وهو يقضي بتشكيل حكومة اختصاصيين تتصدى لمعالجة الملف الاقتصادي والمالي وفقاً لأجندة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر «لكن هذا الاقتراح اصطدم بمعارضة جهات سياسية أخرى بينها قصر بعبدا والتيار الوطني الحرّ»، ومعتبراً أن التكليف لم يحصل بعد كي يعتذر.

عون أبلغ الموفد الفرنسي تفضيله حكومة «تكنوسياسية».. باسيل أكد أن تشكيلها «مسألة داخلية»

الشرق الاوسط...بيروت: كارولين عاكوم... جدّد رئيس الجمهورية ميشال عون التأكيد على تمسكه بتشكيل حكومة «تكنوسياسية» خلال لقائه مدير «دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، الذي نقل إليه رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تؤكد اهتمام فرنسا بالوضع في لبنان واستعدادها لمساعدته في الظروف الراهنة، فيما كانت رسالة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل للموفد الفرنسي رفض التدخل الخارجي مؤكداً أن تشكيل الحكومة شأن لبناني. واختصرت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية زيارة الموفد الفرنسي بـ«رسالة دعم واستماع». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحمل مبادرة محددة؛ إنما أتى في زيارة تضامن واستطلاع (على) ما يحصل في لبنان، والاستماع إلى وجهات نظر الأطراف وحول أفق تشكيل الحكومة وموعد الاستشارات النيابية». وتضيف: «لم يطرحوا حلاً ولا يريدون التدخل بالشؤون اللبنانية؛ إنما كان التركيز على وقوف باريس إلى جانب لبنان وتضامنها معه، كما أنه يهمها عودة الهدوء وتشكيل حكومة فاعلة تلتزم الإصلاحات التي وضعتها الحكومة السابقة ومقررات (مؤتمر سيدر) التي من شأنها أن تعيد الثقة بلبنان ليعود بذلك المجتمع الدولي ويتعاون معه». وكان الموفد الفرنسي، الذي وصل مساء أول من أمس إلى بيروت مستهلاً لقاءاته باجتماع عقده مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، التقى أمس الرئيس عون ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل. وأبلغ عون السفير كريستوف فارنو أن «الحكومة العتيدة ستلتزم تنفيذ الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة السابقة، إضافة إلى عدد من القوانين التي يفترض أن يقرها مجلس النواب في سياق مكافحة الفساد وملاحقة سارقي المال العام بعد رفع الحصانة عنهم». وأشار عون إلى أن «التحركات الشعبية القائمة حالياً رفعت شعارات إصلاحية هي نفسها التي التزم رئيس الجمهورية تحقيقها، ولكن الحوار مع معنيين في هذا الحراك الشعبي ما يزال متعذراً على رغم الدعوات المتكررة التي وجهها رئيس الجمهورية إليهم». وشدد عون، خلال اللقاء الذي حضره السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، على أنه سيواصل اتصالاته لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، معرباً عن أمله في أن يتحقق ذلك في وقت قريب، مكرراً خياره بأن تكون «الحكومة الجديدة مؤلفة من سياسيين وتكنوقراط لتأمين التغطية السياسية اللازمة كي تتمكن من نيل ثقة الكتل النيابية إضافة إلى ثقة الشعب». من جهة أخرى، شكر الوزير باسيل فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون على «اهتمامهما بلبنان، وعلى الجهود المبذولة للحفاظ على استقراره ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو إلى الانهيار المالي». وبحسب بيان الخارجية، أبلغ باسيل الموفد الفرنسي «وجوب عدم دخول أي طرف خارجي على خط الأزمة اللبنانية واستغلالها»، مؤكداً أن «مسألة تشكيل الحكومة هي مسألة داخلية، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة وإيجابية».

انتشار أمني في الضاحية وقرار منع إقفال الطرق في الجنوب نُفّذ أمس..

موقع النشرة...محمد علوش... أمس، قلنا أن العودة الى ضغط الشارع بات واردا جدا، وهكذا حصل. كان ​لبنان​ بالليلة الماضية يغلي على وقع التحركات في الشارع و​قطع الطرقات​ وإحراق الإطارات ورفع السواتر الترابية والبلوكات الإسمنتية، وجاء دم الشهيد علاء ابو فخر لصبّ الزيت على نار الشارع، وتحوّل محيط المدينة الرياضية في ​بيروت​ الى ساحة حرب بين ​الجيش اللبناني​ والمتظاهرين، وحاول متظاهرون في الجنوب وتحديدا في ​كفررمان​ وحبّوش إقفال الطرق وفشلوا. من بيروت نبدأ، فعلى بُعد كيلومتر واحد من معارك الحجارة على المدينة الرياضية، تقع ​السفارة الكويتية​ التي تُعلن من مركزها عن دخول ​الضاحية الجنوبية​، ودخول الهدوء الحذر في الوقت نفسه، اذ تكشف مصادر متابعة أن "​​حزب الله​​ بدأ منذ أسبوع تقريبا اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في ​الضاحية الجنوبية​ تتمثل بدوريات ​سيارة​ تجوب المنطقة وآليات وسيارات رباعية الدفع متمركزة تحت الجسور وعلى بعض التقاطعات، وذلك تحسّباً لما يُخطط للبنان​"، مشيرة إلى أن "عناصر الحزب يتوزعون على ما يقارب الـ200 نقطة داخل الضاحية وهم يتحضّرون للبقاء مهما احتاج الأمر لضمان ​الأمن​ ولمنع أي مشروع يحضّر من الخارج". وتضيف المصادر عبر "النشرة": "رؤية الحزب في موضوع الحراك واضحة، عزل الموضوع والمؤامرات الخارجية عن ما يحصل في الشارع هو سذاجة كما أن نسيان أوجاع الناس في الطرقات والتركيز على موضوع المؤامرة هو أيضاً سذاجة واستخفاف بآلامهم"، مشيرة إلى أن تاريخ 12 تشرين ثاني كان مفصليا لناحية تأكيد هذه الرؤية، رغم أن الممعن بالنظر جيدا كان سيدرك هذه الحقيقة من قبل. من هنا، وبحسب المصادر يوجد ضرورة للتمييز بين الشارع المحزّب وبين الشارع المطلبي، وبين المعارك السياسية والمعارك المطلبية. بعد ورود العديد من التقارير والاتصالات داخلياً وخارجياً، بنى حزب الله صورة عما يحضّر للبنان والذي لا يُفصل عما يحصل في ​العراق​، وما يحصل في ​فلسطين​ من استهداف للجهاد الإسلامي وهو الفصيل المحسوب على ​ايران​ في فلسطين، فالمطلوب لي أذرع المقاومة في المنطقة، سواء بالاغتيال أو بالإخراج من ​السلطة​ أو بخلق الفوضى في البيئات الشعبية. من هنا بدأ الحزب استعداداته لمواجهة أي مؤامرة خارجية اضافة لاستعداده لوأد الفتنة عبر خطوات عديدة قام بها في بعض المناطق، منها الضاحية حيث التركيز الأول لأنها المنطقة المفتوحة على محيط متعدد الانتماءات، إذ من جهة يحيطها ​مخيم شاتيلا​ وصبرا اضافة لمنطقة قصقص و​الطريق الجديدة​ (المعروفة الانتماء الحزبي)، ومن جهة أخرى يحيط الضاحية منطقة ​عين الرمانة​ (المحسوبة حزبيا على فريق معين)، وهذا الواقع الجغرافي يحتم على الحزب أخذ كل الاحتياطات لعدم السماح بأي اجراء يمكن ان يؤدي إلى تفلّت شارعه، وانتقال ما يجري في الشوارع الى داخل الضاحية، وبنفس الوقت منع صدام اهل الضاحية مع من هم خارجها لان في أحيان كثيرة يكون هذا الأمر هو الهدف الأول لكثيرين. أما في الجنوب، وهو المنطقة التي تعتبر أكثر سهولة في عملية الضبط من الضاحية و​البقاع​ أيضاً، فإن الاجراءات موجودة لكن بطريقة أقل إلا أن الخوف هو على الطريق الدولية التي تربط بيروت بالجنوب أو بالبقاع، من هنا كانت التعاميم بالطلب من المحزبين بعدم سلوك هذه الطرقات الا للضرورة، والتواصل مع ​قيادة الجيش​ مرارا لاجل فتحها، نظرا لاهميتها لدى الفريق الشيعي. كذلك في الجنوب، كان لافتا أمس بحسب ما علمت "النشرة" وجود قرار حزبي من الفريق الشيعي بمنع إقفال الطرق العامة، لأن ما يجري على صعيد لبنان لم يعد تعبيرا عن رأي بل بات حربا سياسية سقط فيها "الدمّ" وتقطيعا لأوصال الدولة، ولن يُسمح لاحد بنقل التجربة جنوبا، لذلك كانت المجموعات الحزبية قد انتشرت في نقاط محددة ومنعت أكثر من محاولة لإقفال الطرقات. الى جانب الإجراءات الأمنية، هناك إجراءات "إعلامية" اتخذت بالتنسيق بين المكتب الإعلامي المركزي ل​حركة أمل​ والعلاقات الإعلامية في حزب الله، والهدف رفع مستوى التنسيق لمواجهة مخطط خارجي يهدف لزعزعة استقرار البيئة الشيعية الشعبية للفريقين. بتنا أمام انقسام سياسي مجددا بين فريقي 8 و​14 آذار​، مع إضافة جديدة هي الحراك، ما يعني أننا بمواجهة سياسية مطلبية شارعية، ولا يمكن الوصول الى حلول دون "مخاض" صعب نمرّ به حاليا.



السابق

أخبار وتقارير.....غارات إسرائيلية على قطاع غزة.. وارتفاع عدد القتلى لـ22.....بيان لقاء سيدة الجبل.....الجمهورية....في اليوم الـ28.. اليكم الطرقات المقطوعة في لبنان....غارات جديدة على قطاع غزة.. وصفارات إنذار بمشارف القدس.......إحداثيات جديدة لـ 182 معسكرا لاعتقال المسلمين الإيغور في الصين....إردوغان في واشنطن بأجندة مشحونة بقضايا حساسة تعترض العلاقات مع أميركا.....إردوغان يعد بمواصلة إعادة مقاتلي «داعش» إلى بلدانهم الأصلية....صهرا ترمب وإردوغان... القنوات الخلفية للتساهل الأميركي تجاه أنقرة...الصين تشدد على ضرورة وقف العنف في هونغ كونغ وسط قلق غربي...

التالي

العراق... تعزيزات أمنية لقضاء الغراف للسيطرة على الأوضاع....محتجو العراق يحشدون لـ«جمعة الصمود»... بغداد ومحافظات الوسط والجنوب تغص بالمتظاهرين مجدداً....بارزاني في بغداد لمناقشة مخاوف الأكراد من تغيير النظام...عبدالمهدي: استخدمنا الذخيرة الحية 10 أيام فقط....الصدر يشيد بالمظاهرات ويدعو البرلمان لإقرار إصلاحات جذرية...

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,636,502

عدد الزوار: 6,905,614

المتواجدون الآن: 106