لبنان.....الحريات والاقتصاد آخر ميزات لبنان المهددة......الجمهورية....لا تأكيدات لودائع عربية.. والإصلاحات خطوة الى الأمام وإثنتان الى الخلف......لبنان أمام تحدّي شقّ «ممر آمِن» للنجاة من «الورطة المالية» ..«حزب الله» يهدّد الأوروبيين بالنازحين... قد نقلب الطاولة...اقتراح بري لتعديل قانون الانتخاب على نار حامية في مجلس النواب...بري: اللبنانيون يعيشون الترددات السلبية لقانون الانتخابات الحالي...

تاريخ الإضافة الخميس 10 تشرين الأول 2019 - 6:31 ص    عدد الزيارات 2712    القسم محلية

        


الجمهورية....لا تأكيدات لودائع عربية.. والإصلاحات خطوة الى الأمام وإثنتان الى الخلف...

الباقي من عمر المهلة الدستورية لإحالة الحكومة مشروع موازنة 2020 قبل 15 تشرين الاول الجاري، 5 أيام. وكان يفترض ان يكون الاسبوع الجاري هو الاسبوع الاخير ليسلك هذا المشروع طريقه من مجلس الوزراء الى مجلس النواب، لكنّ الثابت حتى الآن انّ الوعد الذي أطلقته الحكومة بالالتزام بهذه المهلة، يبدو انه سينضَمّ الى عشرات الوعود التي ذهبت كلها أدراج الرياح، ولم تجد طريقها الى النفاذ، وهو الأمر الذي يطرح من جديد علامات استفهام وتشكيك بجدية السلطة في مقاربة الامور الاساسية. وفيما تَظَهّر على الخط السياسي الانقسام الحاد مجدداً على السطح الداخلي حول القانون الانتخابي، وهو ما عكسته المداخلات المتصادمة بين القوى السياسية خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس، كان خط الازمة الاقتصادية يشهد اعتصاماً للعسكريين المتقاعدين في وسط بيروت احتجاجاً على الازمة الاقتصادية، وعدم دفع مستحقات نهاية الخدمة للمُسرّحين الجدد والمساعدات المدرسية والمرضية، بالتوازي مع تحضيرات لتحركات تحذيرية حيث تنفذ الهيئات الاقتصادية اليوم إضراباً لساعة من الوقت رفضاً لأيّ زيادة في الضرائب، ويتواكَب ذلك مع أزمتين تبدوان مرشحتين للتفاعل والتصعيد في الايام القليلة المقبلة: الرغيف والدواء. حتى الآن، ما زالت الحكومة تؤكد انها ستحيل مشروع الموازنة في ضمن المهلة الدستورية، الّا انّ مواكبة بعض الوزراء المعنيين بأمر الموازنة تؤكّد انّ الامر يتطلّب معجزة خلال الايام الخمسة الفاصلة عن موعد 15 تشرين الاول، لتخرج الموازنة من السجن الحكومي.

تحذيرات

وبحسب المصادر الوزارية، فإنّ هذه الموازنة ليست عالقة فقط في حسابات الارقام وتقديرات الواردات والنفقات وتحديد نسبة العجز، بل في نقاش ضمني بين النافذين في هذه السلطة، حول كيفية إيجاد الطريقة التي تُرفِق فيها ما تسمّيه "سلة الاصلاحات والخطوات الصعبة"، والتي تخفي في طيّاتها سلة ضرائب ورسوم. وكشفت المصادر عن تحذيرات لقطاعات عمالية واقتصادية ونقابية تَرِد الى الجانب الحكومي، من إمعان السلطة في اللجوء الى التغطية على عجزها وتقصيرها، بالذهاب الى اسهل الحلول بمَد اليد على جيوب الناس، بدل الذهاب الى القرارات الاصلاحية الجريئة، إن كان ذلك حول القطاعات التي تشكل جرحاً نازفاً للخزينة وسببا اساسيا لتفاقم العجز، كالكهرباء على سبيل المثال، او حول محميّات الهدر والفساد، التي يبدو انها اقوى من السلطة، او شريكة معها؟

3 خيارات

وفي هذا المجال، علمت "الجمهورية" انّ نقاشاً يجري على مستويات وزارية ونيابية تشارك فيه مختلف القوى السياسية، يتمحور حول المفاضلة بين 3 خيارات:

الاول، إحالة مشروع موازنة 2020 الى مجلس النواب، كموازنة رقمية تحدد حجم النفقات والواردات.

الثاني، إحالة الاصلاحات المُلحّة والمطلوبة، عبر مجموعة مشاريع قوانين، تتناول كل قطاع محدد للاصلاح، وتُحال بالتوازي مع الموزانة الى مجلس النواب.

الثالث، إحالة موازنة شاملة للارقام والرؤية الاصلاحية.

وبحسب المصادر، فإنّ الخيارات الثلاثة ما زالت خاضعة للنقاش من دون حسم. ذلك انّ الخيار الاول قد يرسل رسالة سلبية الى المجتمع الدولي، الذي أكد ضمن مستوياته كافة، على موازنة كاملة وفاعلة وبرؤية إصلاحية ضرورية.

امّا الخيار الثاني، فإنّ عدم تضمين الموازنة الرؤية الاصلاحية، معناه انّ تأجيل الخطوات الاصلاحية الى ما بعد إقرار الموازنة، التي في حال أحيلت من الآن وحتى آخر الشهر الجاري الى المجلس النيابي، فإنها ستأخذ ما يزيد عن الشهر في اللجنة النيابية للمال والموازنة، اي انها قد تقرّ أواخر كانون الاول المقبل. الّا اذا أرسلت الحكومة مشاريع القوانين الاصلاحية في القريب العاجل، فيمكن إقرارها في جلسة تشريعية تُعقد في موازاة عمل اللجنة المالية في دراسة الموازنة، الّا انّ إعداد هذه المشاريع متعذّر حالياً، فدونه عقبات كبرى سياسية وغير سياسية.

امّا الخيار الثالث، فتشير المصادر الى تَهَيّب في إحالة موازنة شاملة للارقام والاصلاحات. فالمشكلة ليست في الارقام، بل في "عدم جرأة" اي طرف سياسي حتى الآن في مقاربة باب الاصلاحات. واللافت هنا انّ كل طرف يرمي هذه الكرة عنه وينتظر أن يلقيها الطرف الآخر، خصوصاً انّ الاصلاحات المحكي عنها تستوجب في معظمها فرض رسوم وضرائب، وإجراءات تتناول القطاع العام.

مراوحة سلبية

الى ذلك، وفي موازاة زحمة الاجتماعات الوزارية التي يترأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، كشفت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" انّ الامور في هذه الاجتماعات في حالٍ تشبه المراوحة السلبية. وقالت المصادر: الصورة اننا نخطو خطوة الى الامام، لكننا نخطو اثنتين الى الخلف، فبقدر ما نحن نقترب من الحلول بقدر ما نبتعد. فالقضايا كلها مطروحة مع بعضها البعض، ولكن ينقصها الحسم بسبب آليّات المتابعة الضعيفة وسوء الإدارة في تحديد الأولويات وتقدير الوقت. واشتكَت المصادر من تَداخل الأوقات والمواعيد ببعضها البعض لجلسات الحكومة وعمل اللجان، لكنها أكدت في المقابل التزام المواعيد الدستورية لرفع الموازنة العامة الى مجلس النواب، باعتبار انّ هذا القرار هو الوحيد المتّفق عليه من دون مماطلة بين الرؤساء الثلاثة وامام المجتمع الدولي ولا إمكانية للتراجع عنه، امّا باقي الملفات فهي على هِمّة الشباب. على صعيد آخر، وفيما عُقد لقاء مسائي امس في بيت الوسط بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، علمت "الجمهورية" انّ سلّة التعيينات الجديدة المُزمَع إدراجها على جدول اعمال مجلس الوزراء المقبل لم تنضج بعد، وهي لا تزال ضمن اللقاءات الثنائية الضيّقة، ولم تخضع بعد للتشاور بين القوى السياسية.

المؤسسات الدولية

الأزمة الراهنة تتفاقم منذ اشهر، والمريب انّ هذه السلطة، وعلى رغم المنحى الانحداري الذي تسلكه الازمة في هذه الفترة، وعلى رغم المناشدات الداخلية والخارجية، وعلى وجه الخصوص من المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف، لم تقم بأيّ خطوة او اي إجراء احتوائِي طفيف، في اي مجال، حتى ولو من باب حفظ ماء الوجه. وعلمت "الجمهورية" انّ البنك الدولي، وغداة البيان التوضيحي الذي أصدره قبل ايام، وحَضّ فيه على إصلاح قطاع الكهرباء، عادَ وأكّد، بشكل مباشر عبر كبار المسؤولين فيه، للمسؤولين اللبنانيين أهمية الشروع فوراً بالخطوات الاصلاحية المطلوبة. ومفتاح هذا الاصلاح هو معالجة الكهرباء، مشدداً على تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين مجلس ادارة مؤسسة الكهرباء، ومعتبراً انه من دون هذا الاصلاح لقطاع يسبّب 30 في المئة من العجز، فإنّ اي جهود لإصلاحات ستكون بلا اي معنى. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإنّ نصائح البنك الدولي المتكررة، تواكبت مع تحذيرات جدية من قبل مؤسسات دولية اقتصادية ونقدية كبرى. خلاصتها انّ العالم ما زال حريصاً على لبنان، وراغِب في تقديم المساعدة له للخروج من أزمته، والمؤسسات الدولية تقدّم النصائح للبنان، منذ وقت طويل جداً. ووصلَ بها الأمر الى حد ممارسة الضغط المُتتالي على لبنان لكي يتجاوب مع النصائح الدولية، لكنّ المستغرب هو إحجام السلطة اللبنانية عن هذا التجاوب وعدم القيام بأي خطوة، وهذا التصرف لم تقم به أي دولة في العالم في تعاطيها مع المؤسسات الدولية. ولفتت المصادر الى انّ المسؤولين اللبنانيين سمعوا من المسؤولين الدوليين ما يمكن اعتباره نصيحة عالية النبرة، تفيد بأنّ الفرصة ما زالت متاحة امام لبنان، الّا انّها قد تنفد إن لم يتلقّفها لبنان كما يجب. وعلى ما تكشف المصادر فإنّ مسؤولاً كبيراً في احدى المؤسسات المالية الدولية الكبرى، عبّر امام اعضاء في الهيئات الاقتصادية اللبنانية، عن بالغ امتعاضه ممّا وَصفه "التهرّب غير المفهوم من قبل السلطات اللبنانية من محاولة إنقاذ بلدها. سنوات ونحن نعبّر عن استعدادنا لمساعدة لبنان، ومع الأسف لم نلمس حتى الآن أي استجابة، نحن لا نملك السبب، بل انّ السبب هو لدى اللبنانيين. ولا نكشف سراً اننا وَجّهنا انتقادات مباشرة لمسؤولين لبنانيين، وقلنا لهم اننا نخشى بحق انّ اللبنانيين لا يريدون ان يُنقذوا بلدهم". وبحسب المصادر، فإنّ المسؤول المذكور، لم يؤكد او ينفِ إمكان حصول لبنان على ودائع من قبل بعض الدول العربية، بل اكتفى بالقول انها يمكن ان تكون مفيدة. لكنه استدرك قائلاً: إذا وصلت هذه الودائع الى لبنان، فليس معناه ان يُحجِم عن سلوك المسار الاصلاحي الذي يتوجّب عليه سلوكه. فما ينبغي على اللبنانيين أن يعرفوه، هو انّ اكبر إساءة للبنان ولمسيرة الاصلاح فيه، إذا اتت اي وديعة، واعتبرها اللبنانيون هي الحل لأزمته، وتُصرِفهُم عن القيام بأيّ خطة إصلاحية. فمن شأن مثل هذه الخطوة - وأكرّر إذا حصلت - أن تكون محطة تخديرية لا تتضمن العلاج المطلوب، وبعدما ينتهي مفعولها تكون الفرصة المُتاحة اليوم من قبل المؤسسات الدولية، وفي مقدمها البنك الدولي، قد ضاعت.

الخطوط الرئاسية

الى ذلك، فإنّ الحقيقة المرّة التي أفرزتها هذه الازمة وتعاطي السلطة معها، تَتبدّى في انّ الشكوى منها لم تعد تقتصر على الفئات الشعبية، بل بدأت تتعالى على لسان كبار المسؤولين من رؤساء ووزراء، وهنا السؤال: اذا كان المسؤول يَشكو فلمَن يشكو الناس أمرهم؟ في هذا السياق، علمت "الجمهورية" انّ الخطوط الرئاسية شهدت في الايام الاخيرة نقاشاً حول ما آل اليه الوضع، خلاصته:

- التعبير عن الامتعاض ممّا وصف الهروب غير المبرّر، من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في بعبدا، والذي لو بوشِر بتنفيذ أيّ من الخطوات الاصلاحية التي اتّفق عليها، لكان وقع الازمة أخف، ولَما كانت الأمور وصلت الى ما وصلت إليه.

 

- أمر جيد ان يعزّز لبنان علاقاته مع اشقائه العرب، وامر جيد ان يسمح للاشقاء العرب بالسفر الى لبنان، ولكن لا يوجد اي تأكيد واضح حول حصول لبنان، أكان ذلك في الوقت الراهن او في المدى المنظور وحتى البعيد، على أي مساعدة مالية من أي دولة عربية، أكانت على شكل وديعة او حتى على شكل دين بفائدة مرتفعة. الّا اذا كان الاخوة العرب سيحضّرون مفاجأة للبنان بحسب توقيتهم.

- الأداء الحكومي، وإن كان قد شَهد بعض التفعيل في الآونة الاخيرة من خلال الاجتماعات المتلاحقة للجان الوزارية، لكنه لم يرقَ بعد الى حجم الازمة. وانّ هذه الاجتماعات تتحول في الكثير من الاحيان الى بازار سياسي تتضارَب فيه مواقف الاطراف وتتناقض الرؤى حول امور كثيرة، فلكل طرف نظرته، ولكل فريق أفكاره للمعالجة ولا يقبل غيرها، وهو الامر الذي يصعّب الوصول الى قواسم مشتركة. والاهم من كل ذلك انّ كل الافكار والاوراق المطروحة للعلاج قد لا تكون بحجم الازمة.

إمتعاض

وتِبعا ًلذلك، وبحسب المصادر الموثوقة، فإنّ أجواء احد الرؤساء تعكس امتعاضاً شديداً من أداء السلطة، وتساؤلات اتهامية لها:

متى سيعترفون بوجود أزمة كهرباء تستنزف 3000 مليار ليرة؟ البنك الدولي حدّد مَكمّن العلّة، فهل سيتوقفون عن تعطيل تعيين الهيئة الناظمة ومجلس الادارة؟

هل يعقل انّ بلداً يعاني ازمة خانقة اقتصاديا وماليا وازمة دولار، ومنذ آذار وحتى اليوم لم يُعيّن نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة ولا مفوّض الحكومة لدى المجلس المركزي؟

أصوات في الحكومة وغير الحكومة تصوّر النفط اللبناني الموجود في البحر كحلم ورديّ للبنانيين، وانه خشبة خلاصهم من أزمتهم الاقتصادية، فلماذا يُبقي أصحاب هذه الاصوات أنفسهم، هيئة ادارة النفط مُعطّلة منذ ما يزيد عن شهرين ونصف، بعدما انتهت مدة تعيين الاعضاء الستة في هيئة ادارة النفط، ولم يتم تعيين بدلاء عنهم حتى الآن؟

لبنان أمام تحدّي شقّ «ممر آمِن» للنجاة من «الورطة المالية» ..«حزب الله» يهدّد الأوروبيين بالنازحين... قد نقلب الطاولة

الراي...الكاتب:بيروت - من ليندا عازار ... رغم الإيجابيات الكبيرة التي حققتْها زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لأبوظبي، وانعقاد مؤتمر الاستثمار اللبناني - الإماراتي وخصوصاً على صعيد معاودة مدّ «جسور الوصْل» مع العالم العربي، وتأكيد استمرار «بوليصة التأمين» الخليجية للواقع في «بلاد الأرز»، فإنّ ذلك لم يقلّل من وطأة «المخاض» الذي يتعيّن على بيروت أن تمرّ به في الطريق إلى القيام «بما يلْزم» لتأكيد جدّيتها في «إعادة تأهيل» بنيتها المالية والاقتصادية والإدارية والقِطاعية وفق إصلاحاتٍ لا مفرّ منها لتلقي «جرعات الإنعاش» الخارجية والتي تقتضي أيضاً بعضاً من «استعادة الوزن» على مستوى الموقف السياسي الرسمي وإحياء «خطوط الفصل» بين الدولة و«حزب الله». وفي غمرة وقوف المنطقة على مَشارف تحوّلات كبرى على امتداد «قوس الجبهات الساخنة» من سورية إلى اليمن، مروراً بالعراق وليس انتهاءً بآفاق المواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها وبين إيران، يكتسب استقطابُ الأزمة المالية في لبنان اهتماماً خليجياً وأوروبياً أهميةً بالغةً تفسّرها، وفق أوساط سياسية، التداعياتُ السياسية بامتداداتها «الإقليمية» التي سيشكّلها أي انهيارٍ كامل للوضع في «بلاد الأرز» لجهة استفادة الطرف الأقْوى داخلياً أي «حزب الله» من ذلك وتالياً تكريس سقوط لبنان في المحور الإيراني وربما تحويل مثل هذا الانهيار مدخلاً لـ«هدْم» النظام بتوازناته الطائفية المكرّسة بحسب اتفاق الطائف وإعادة بنائه على قاعدة «موازين القوى» وتوزيع «كعكة السلطة» على أساسها. وبمعزل عن «الاطمئنان» الذي يوفّره تبلْورٌ واضح لـ«عدم التخلي» الخليجي عن لبنان، وهو ما سيتكرّس أيضاً في زيارة متوقَّعة للحريري إلى الرياض في الأسابيع الثلاثة المقبلة، وذلك بملاقاة محاولة رئيس الحكومة استنهاض دعم أوروبي إضافي عبر محطته المرتقبة في برلين وإعطاء دينامية جديدة لمؤتمر «سيدر» من خلال زيارته لباريس منتصف نوفمبر المقبل، فإنّ هذا المناخ «الآمِن» سياسياً و«دفْترياً» لا يبدّد الصعوبات التي «تقبض» على الواقع اللبناني في حمأة السباق المحتدم بين بدء ارتسام مظاهر «التشققات» المالية وفق ما عبّرت عنه أزمة شحّ الدولار ابتداءً من الأسبوعين الأخيريْن، وبين مساعي إنجاز موازنة 2020، وإحالتها على البرلمان في الموعد الدستوري (قبل 15 الجاري) وإقرار الإصلاحات «الشَرْطية» للاستفادة من مخصصات «سيدر» كما «الوعود الاستثمارية» الإماراتية، وهو السباق الذي يجري على وهج احتقان في الشارع «المتحرّك» ضدّ أي إجراءاتٍ اقتطاعية أو ضريبية جديدة والذي شهد أمس اعتصاماً للعسكريين المتقاعدين أمام مبنى الـ «TVA». وفيما كان كلام الحريري أمس أمام وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو عن «تمسك لبنان بالقرار 1701 والتزام الحكومة بسياسة النأي بالنفس، ورفْض كل ما من شأنه جرّ لبنان إلى صراعات المحاور أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية»، وتأكيده «على إنجاز الإصلاحات الإدارية والقطاعية والمالية» بالتوازي مع الجهود لإطلاق مؤتمر «سيدر» يؤشّر لإدراك رئيس الحكومة ضرورة «حماية» مسار محاولة الخروج من «الورطة» المالية - الاقتصادية عبر إعادة الاعتبار لعنوان النأي بالنفس كموقف رسمي، فإنّ إشاراتٍ داخلية عدة لم تعكس أن كل الأطراف اللبنانيين «على موجة واحدة» في ما خص ما تتطلّبه المرحلة على صعيد سحب فتائل أي ملفات خلافية أو استحداث «جبهات» مع الخارج لحساب أجندات إقليمية.

وفي هذا الإطار توقفت الأوساط السياسية عند مجموعة نقاط أبرزها:

* خلفيات ما نُقل من كواليس مؤتمر الاستثمار اللبناني - الإماراتي عن وديعة إماراتية مرتقبة ولكن مشروطة بفائدة 13 في المئة أو بضمانة ‏ذهبية، وهو ما تسبَّب بانزعاجٍ أبوظبي على قاعدة أن الإمارات لم يسبق أن طرحت شروطاً لمساعدة لبنان، وبنفي متكرر من مصادر الحريري التي عاودت أمس تأكيد أن موضوع الوديعة لم يُبحث أساساً خلال زيارة رئيس الحكومة وأن الجانب الإماراتي عرض استثمارات في قطاعات محددة قد تشمل استثمارات مالية على أن يحدّد هذا الجانب أي محفظة مالية يمكن أن يدخلوا فيها، ومعربة عن تفاؤل في هذا السياق.

* التداعيات التي يمكن أن تترتّب على جلسة تلاوة ومناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول تفسير المادة 95 من الدستور (حول إلغاء الطائفية السياسية والمرحلة الانتقالية وخصوصاً لجهة طائفية الوظائف والمناصَفة فيها)، نحو استقطابات سياسية وطائفية أو فتْح الطريق أمام اجتهادات ذات صلة بالنظام وتوازناته، وسط سقوط المحاولة التي جرتْ لتأجيل بحث الرسالة تفادياً لمناخات احتقان قد تؤثر في «التركيز» الداخلي على العنوان المالي، ولا سيما في ظلّ التفاعلات السياسية التي تكبر لانطلاق ملاحقات قضائية بحق ناشطين بسبب كتابات اعتُبرت مسيئة لرئيس الجمهورية أو تمس بالاستقرار النقدي، الأمر الذي قوبل بانتقاداتٍ لاذعة من «الحزب التقدمي الاشتراكي» (بزعامة وليد جنبلاط) ومخاوف من التضييق على الحريات.

* مباغتة «حزب الله» الجميع بفتْح جبهة جدية مع أوروبا عبر التهديد بقلْب الطاولة عبر استخدام ورقة النازحين، الذين يتظهّر تباعاً، وفق الأوساط السياسية نفسها، أنهم بمثابة «دروع» يتم استخدامها في اتجاهٍ أو آخَر ومن طرف أو آخَر.

فرئيس كتلة نواب «حزب الله» وفي معرض كلامه عن «الحصار الاقتصادي على لبنان» وعن «اللعب بسعر صرف الليرة الذي هو نتيجة التحكّم والتعاون القائم بين من يريد تنفيذ السياسات الأميركية ومَن يزحف لرضا البيت الأبيض»، قال في ما بدا رسالة ضمنية ذات صلة بالعقوبات الأميركية على الحزب والتي قد تتدحرج في اتجاه حلفاء له: «العالم كلّه اليوم يحاصرنا، يكفي أن نلوّح بورقة النازحين السوريين حتى تأتي كل دول أوروبا راكعة أمام إرادتنا، هم لم يستطيعوا استقبال عشرة آلاف نازح ويريدون أن نستقبل مليونا ونصف المليون نازح، هم لا يدْعمون ويلقون أعباء رعاية كل هؤلاء على وطنٍ فقير ليس فيه اقتصاد قوي (...) الأمر إن استمر على هذه الشاكلة سنتصرّف بما يُضطَرّ الأوروبيون لأن يتحملوا مسؤولياتهم وأن يدفعوا المتوجّب عليهم».

اقتراح بري لتعديل قانون الانتخاب على نار حامية في مجلس النواب

الشرق الاوسط....بيروت: سناء الجاك.. عقدت اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني، أمس (الأربعاء)، جلستها الثانية لمناقشة اقتراح قانون الانتخاب المقدّم من كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وينصّ اقتراح القانون على اعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبيّة. وأوضحت الكتلة في جولاتها على الكتل النيابية الأخرى قبل أشهر لشرح اقتراح القانون، أن «نتائج الانتخابات النيابية بموجب القانون النافذ، أظهرت تراجع الروابط الوطنية، وتنامي العصبيات المذهبية والطائفية، وأثّرت كثيراً على الحياة السياسية اللبنانية». في المقابل، رأى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أنه «لا يفهم أسباب طرح قانون جديد وإلغاء القانون الحالي الذي أتى بعد مخاض استمر عشر سنوات في وضع حرج، ما يزيد من حراجته»، مشدداً على أن «البلد لا يمكن أن تتحرك فيه إلا التكتلات الكبيرة». ويرفض النائب في كتلة «التنمية والتحرير» أيوب حميد، أي قراءات مبنية على المبالغات. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «اقتراح الكتلة يستبق الموعد النهائي لولاية المجلس، وطرحه جاء نتيجة الشوائب التي ظهرت في القانون الذي أُجريت على أساسه الانتخابات النيابية الأخيرة (2018)، والتي تحتاج إلى تصويب، وتم إقراره في اللحظات الأخيرة، وإلا كنا أمام خيارين، إما العودة إلى قانون الستين وإما تأجيل إجراء الانتخابات. وبحث قانون جديد قبل أن يداهمنا الاستحقاق المقبل للانتخابات، يعطي فرصة للكتل النيابية للإدلاء باقتراحاتها بما يراعي الواقع اللبناني ويؤمّن المناصفة والمشاركة والاستقرار السياسي». ويشدد على أن «اقتراح القانون لا يستهدف إبعاد أحد أو الانتقاص من موقع أحد. والتلطي خلف الطائفة والمذهب لرفضه لا يعكس مصلحة لبنان، ليعكس قلق الأشخاص وليس قلق الطائفة». نافياً أن «يتعارض مع وثيقة اتفاق الطائف الذي يحرِّض على ردم الهوة بين الدوائر الانتخابية بطريقة أفضل مما هي عليه اليوم». ويضيف: «قبل نحو الأسبوعين عُقدت جلسة المناقشة الأولى لمشروع القانون، وتداول النواب آراءهم بشأن الواقع الانتخابي. وكان واضحاً موقف نواب كتلة القوات اللبنانية، الذين تمنوا إرجاء البحث في الموضوع لأن الوقت ليس مناسباً. لا أعرف متى يكون الوقت مناسباً أكثر لسماع كل الاقتراحات والوصول إلى خلاصة نهائية بعد إشباع الموضوع نقاشا؟». من جهته يقول النائب في كتلة «الجمهورية القوية» جورج عقيص، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبدأ يقضي بالحرص على استقرار التشريعات. لذا لا تتغير القوانين التي تُقرّ بعد فترة وجيزة. يجب أن تأخذ وقتها وتنتج مفاعيلها. فالعمل بقانون الستين استمر أكثر من خمسين عاماً. ولبنان الآن في ظرف دقيق على مختلف الأصعدة الجيوبوليتيكية والاقتصادية والأمنية، ولا يُعقل أن يصار إلى تغيير قانون انتخاب استهلك جهداً، يناقض المبدأ العام للاستقرار التشريعي بعد عامين من إقراره. من جهة أخرى لم نسمع شكوى لأي جهة من نتائج الانتخابات التي حافظت على الأحجام السياسية الأساسية في البلد». ويشير عقيص إلى أن «القانون الحالي للانتخابات أفضل للمسيحيين لأنه صحح الخلل السابق وأنتج تمثيلاً صحيحاً وحافظ على تمثيل المسلمين. بالتالي أزال الشكوى السابقة بأن نواب المسيحيين كانوا يأتون بأصوات المسلمين ولا يمثلون بيئتهم، ما يسبب غبناً يُنتج أجواءً سلبية تؤثر على مصلحة الدولة العليا. أما بموجب هذا القانون فقد أصبح السواد الأعظم من النواب يمثلون بيئاتهم». ويشير حميد إلى أن «القانون النافذ حمل الكثير من التنافس غير الصحي في البيت الواحد من خلال الصوت التفضيلي. كذلك هناك شوائب لها علاقة بآلية الانتخاب. إذ يُفترض أن ينتقل الناخبون من منطقة إلى أخرى للتصويت، الأمر الذي أثّر على نسب المشاركة في الانتخابات. بالإضافة إلى الشوائب المتعلقة بالعملية الانتخابية في الخارج لجهة بُعد أمكنة الاقتراع عن أمكنة سكن المغتربين». ويرى حميد أن «الموضوع يحتمل الأخذ والرد للتوصل إلى قانون أقرب إلى الواقع اللبناني»، في حين يرى عقيص أن «الحاجة الكبرى الملحّة إلى تغيير هذا القانون غير موجودة. والقوات وتكتلها النيابي ليست ضد فتح النقاش بل تقييم التجربة الانتخابية وإقرار ضوابط بغية تحسين القانون الحالي وتطويره. ولا مشكلة في فتح النقاش حوله باكراً قبل الوصول إلى استحقاق عام 2022، أما الإتيان بقانون جديد فنحن نرفضه». ويشدد عقيص على أن «تغيير القانون لا يطمْئن الوجود المسيحي. وتكبير الدائرة الانتخابية وجعل لبنان دائرة واحدة يعيدنا إلى منطق المحادل والأكثريات العددية. ونحن نوافق على التحسين وليس البحث بصيغ أخرى تنسف القانون الحالي وتعيدنا إلى قانون غير منصف. وقد لمسنا في الجلسة الأولى تناغماً بين القوى المسيحية الممثلة في البرلمان. ولسنا مستعدين للتراجع عن موقفنا. والمطلوب اليوم هو التصدي للوضع الاقتصادي والحياتي وليس المشاريع السجالية فهي تضر بالاستقرار. ونحن لا نتمنى أن نصل إلى هذه الحالة التي تكرس واقعاً انقسامياً على أساس طائفي، ما يريح اليوم هو أن الخلافات سياسية وليست طائفية. والانقسام الطائفي يعيدنا إلى الوراء».

بري: اللبنانيون يعيشون الترددات السلبية لقانون الانتخابات الحالي

بيروت: «الشرق الأوسط»... شدّد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أهمية اقتراح قانون الانتخابات الجديد المقدم من كتلة التنمية والتحرير، معتبراً أن هذا الاقتراح قابل للنقاش وللتعديل بكل مواده ومحتوياته، لافتاً إلى أن الجهة الوحيدة التي ترده هي الهيئة العامة. وقال بري في لقاء الأربعاء النيابي في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، إن «قانون الانتخابات الحالي هو عبارة عن ميني أرثوذكسي، ونعيش الآن كلبنانيين تردداته السلبية». وتطرق بري إلى مرحلة تأسيس لبنان، لافتاً إلى أنه «حينها كان الشعور بأن إلغاء الطائفية سيتم خلال أيام»، مشدداً على أن «الطائفية هي سمّ النظام وحاميته في آنٍ معاً، ولكن إلى متى؟». وأضاف أنه «يُسجّل للمجلس النيابي تأكيد حقه في تفسير الدستور ولذلك عينت الجلسة في الدورة العادية كي لا نقع في مخالفة دستورية إذا ما حصل أي مساس بالدستور». وتطرق بري إلى الموازنة سائلاً: «أين أصبحت بعد سلسلة اللقاءات والاجتماعات التي حصلت؟». وفي العلاقات الاقتصادية أكد رئيس المجلس ضرورة احترام قيام هذه العلاقات من دولة إلى دولة. وبعد الظهر، ترأس بري اجتماع كتلة التنمية والتحرير النيابية التي يرأسها، وبعد الاجتماع تلا أمين عام الكتلة النائب أنور الخليل بياناً أعلن فيه أن الكتلة تطرقت إلى الشأنين الاقتصادي والمالي. وجددت الكتلة «انحيازها إلى جانب الناس في الدفاع عن لقمة عيشهم واستقرارهم الاجتماعي بجميع الأشكال والوسائل الديمقراطية التي كفلها القانون والدستور بما لا يؤثر على الانتظام العام ولا يعكر صفو السلم الأهلي». وثمّنت الكتلة الجهود التي بُذلت على مختلف المستويات الرئاسية منها والمصرفية والنقابية والتي نجحت إلى حدٍّ ما في لجم التدهور والتخبط في الأسواق المالية، إلا أن كتلة التنمية والتحرير رأت أن هذه الإجراءات على أهميتها وضرورتها في مثل هكذا أوضاع، «هي بالتأكيد لا تؤمّن المناعة المطلوبة لنظامنا المالي واقتصادنا الوطني بما يجنّبهما تكرار ذلك الكابوس مرة أخرى».

الحريات والاقتصاد آخر ميزات لبنان المهددة

الشرق الاوسط...حسام عيتاني... يترافق تخبط وارتباك الإجراءات التي تحاول الحكومة اللبنانية بها السيطرة على التدهور الاقتصادي المتمادي، مع موجة جديدة من استدعاءات الناشطين السياسيين إلى التحقيق لدى الجهات الأمنية ورفع الدعاوى على أصحاب المدونات والمعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي وصدور أحكام زجرية بحقهم إضافة إلى التلويح بمزيد من الخطوات القمعية بحقهم. بكلمات ثانية، يخسر لبنان في وقت واحد ميزتين من آخر ميزاته عن دول الجوار: الحرية الاقتصادية، وحرية التعبير النسبية عن الرأي، بسبب انعدام رؤية النظام الحاكم لكيفية إدارة البلاد وإخراجها من أزماتها الهيكلية من جهة؛ وبسبب محاولة دفع لبنان إلى تحمل وطأة العقوبات الدولية المفروضة على نظام بشار الأسد والمساهمة في مد أنابيب الهواء إلى الحكم المختنق في سوريا؛ من جهة أخرى. وإذا كانت هجمة التحالف الحاكم على الحريات العامة هي أول ما يُرى من جبل جليد الأزمة الحالية نظراً إلى المقاومة السريعة التي يبديها من تبقى من ناشطين وحقوقيين مصرّين على الدفاع عن أنفسهم وعمّا يعتقد كثر من اللبنانيين أنه من أسس الكيان السياسي اللبناني، أي حرية القول والنشر والتظاهر والاعتراض وتشكيل الجمعيات، وهي كلها أمور يكفلها الدستور، فإن الجزء الغاطس من جبل الجليد الذي يختفي تحت المياه الداكنة يشهد محاولات حثيثة لتكريس الغلبة التي حققها المحور الإيراني في لبنان والتي أضحت واقعاً سياسياً منذ «التسوية» التي أنهت إلى غير رجعة ما كان يُعرف بـ«التيار السيادي» وجاء بموجبها ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. ويتعين القول إن اضمحلال أوهام إعادة بناء سوريا التي راودت المشاركةُ في جني الأرباح منها بعضَ السياسيين اللبنانيين، قد دفع بحلفاء إيران وسوريا إلى البحث عن مخارج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة عن طريق استغلال القنوات الخلفية اللبنانية. الأرقام المتداولة لتهريب المشتقات النفطية من لبنان عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، والتي تسيطر عليها جميعاً قوى الأمر الواقع، تكاد تصل إلى ضعف الاستهلاك اللبناني المعتاد، من دون أن يظهر من يفسر أو يفند أو يدحض هذه الظاهرة. وما هذا إلا جانب واحد من الضغط الذي يتعرض له الاقتصاد اللبناني الموضوع تحت المراقبة اللصيقة للأجهزة المالية الأميركية التي لا تتوقف عن توجيه التحذيرات من مغبة خرق العقوبات الدولية على النظام السوري. وهي تحذيرات تقابل بتذاكي وتشاطر الوزراء اللبنانيين الذين يظنون أن بمقدورهم الإفلات بأفعالهم المفيدة لهم على المستويين السياسي والشخصي، من دون عواقب. وتتكرر أمام هذا الواقع المأساة اللبنانية المزمنة المتمثلة في انقسام لا شفاء منه للرأي العام المقيد بانقساماته الطائفية على نحو يحول دون اتخاذ الامتعاض أو الاستياء الاقتصادي والاجتماعي شكل الاعتراض السياسي. ولا تضاهي سرعة عودة اللبنانيين إلى معازلهم الطائفية وقوقعاتهم الآمنة أي سرعة؛ ما إن يشعروا بأن المطالبة بحرية التعبير، على سبيل المثال، ستقترب من مساءلة زعيمهم الطائفي الذي يعرفون مسبقاً فساده وسطحية آرائه ومشاريعه. وبينما يتسارع استدعاء الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى المقرات الأمنية ورفع مزيد من الدعاوى ضدهم وتهديدهم بإسكات أصواتهم بكل الطرق المتاحة، وبعد موت الصحافة اللبنانية التي كانت تشكل متنفساً للتعبير عن الرأي، يعجز المعترضون والرافضون للواقع الحالي عن تجميع أنفسهم وعن صوغ آليات مقاومة لوقف القضم البطيء لكن المستمر لمساحات الحريات المتناقصة. ولعل لبنان لم يشهد منذ عقود طويلة وحدة بين الأطراف الرئيسية في رأس الحكم مثل تلك التي يعيشها الآن. لكن خلافاً لنماذج سابقة، قد يكون أبرزها عهد الرئيس فؤاد شهاب الذي طرح مشروعاً إصلاحياً تحتل الدولة ومؤسساتها مكان المركز فيه في ستينات القرن الماضي، يشكل تفكيك الدولة وتقاسمها كغنائم وأسلاب جوهر المشروع السياسي للمجموعة القابضة على أزِمّة السلطة في لبنان اليوم. وتسقط الحريات بكل أوجهها ضحية التوافق الطائفي العريض على تدمير ما قد يشكل في المستقبل أسس عيش اللبنانيين بعضهم مع بعض. عليه؛ تبدو انتظارات الحاكمين لحزمات من قروض أو مساعدات تأتي تنفيذاً لمؤتمر «سيدر» الذي لن ترى مقرراته النور، أو لِهِبة من هنا ووديعة مالية من هناك، مجرد مهدئات لمرض عضال هم أول وأخطر عوارضه.

إلغاء «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان» مادة سجال جديدة بين «الاشتراكي» و«التيار»

بيروت: «الشرق الأوسط»... فتح إلغاء «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان» سجالاً آخر بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«التيار الوطني الحر» أمس، يضاف إلى السجال الذي بدأ أول من أمس، على خلفية التوقيفات بحق الناشطين الذي انتقدوا سياسات العهد في مواقع التواصل الاجتماعي. وغرّد رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: «تحت شعار التوفير وبشحطة قلم قرروا إلغاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان. يا له من قرار أرعن يدلّ على عدم اكتراثهم لحالة السجناء مثلاً وممارسة التعذيب عند بعض الأجهزة وغيرها من القضايا التي تتعلق بكرامة الإنسان. كل ما يهمّهم الحفاظ على امتيازاتهم في التهرب الضريبي في البواخر والاتصالات». ولاحقاً ردّ وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي عبر «تويتر» بالقول: «نحن كنا وراء إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ومن ضمنها اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب، وقد أقسم أعضاؤها اليمين أمام فخامة الرئيس، ونحن مَن اقترحنا تعويضات أعضائها بمشروع مرسوم أحلْناه إلى مجلس الوزراء ونحن من أصر على لحظ اعتماداتها في الموازنة. فتّش عن صاحب القرار الأرعن».

الدولار بـ1610 ليرات... ومصرف لبنان لا يتدخّل

الأخبار ... بالرغم من انخفاض مستوى القلق عند الناس، وبالتالي انخفاض الهجمة على شراء الدولار، إلا أن العملة الأميركية حافظت على أسعار مرتفعة مقابل الليرة اللبنانية، في محالّ الصرّافة. فقد سجّل أمس تداول للدولار عند الصرافين ما بين 1600 و1610 ليرات. وبالرغم من أن السوق كانت تفتتح بـ1540 ليرة، إلا أن هذا السعر بدا وهمياً لأنه كان يقترن بالإشارة إلى عدم توفر الدولارات، التي لم تظهر إلا بعد وصول السعر إلى 1600 ليرة، في أداء «عكسيّ» للسوق. وتأتي هذه الأسعار، في ظل استمرار مصرف لبنان في تجاهل هذا الموضوع والابتعاد عن لعب أي دور مع الصرافين، تأكيداً منه على ما أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسبوع الماضي عن أن ارتفاع سعر الصرف هو مشكلة بين الصرّافين والشركات لن يتدخل المصرف المركزي فيها. علماً أن المصرف استمر في تأمين الدولارات للمصارف، بالسعر الرسمي (1507 ليرات) التي استعملتها إما لتغطية عمليات الاستيراد أو لتمويل تحويلات كبار المودعين من الليرة إلى الدولار. على ضفة الحكومة، بدا جلياً أمس أن لا همّ يعلو على همّ تحويل الموازنة إلى مجلس النواب في المهلة الدستورية التي لم تُحترم منذ ما قبل عام 2005. الحماسة لهذه الخطوة ليست مرتبطة تماماً باحترام الدستور، ثمة من يرى أهميتها من باب احترام المطالب الدولية. يصل أرباب السلطة إلى حد الاقتناع بأن مجرد إقرار موازنة في موعدها، حتى لو كانت خالية من أي إصلاح، كفيل بكسب الرضا الدولي، ولاسيما رضا القيّمين على «سيدر». ولذلك، تحوّلت لجنة الإصلاحات إلى لجنة لمناقشة الموازنة، بإصلاحاتها وإيراداتها ونفقاتها، على أن يستكمل أعضاؤها النقاش في مجلس الوزراء اليوم. ينصّ الدستور على تحويل مشروع الموازنة إلى مجلس النواب يوم الثلاثاء الذي يلي 15 تشرين الأول. ولأن هذا التاريخ يصادف يوم ثلاثاء، فقد حصلت اللجنة أمس على فتوى دستورية، تعتبر أن المهلة تنتهي عملياً يوم الثلاثاء في 22 تشرين الأول. وفيما سبق وأعلن وزراء القوات أنهم لن يصوّتوا على الموازنة إذا لم يتم الاتفاق على الإصلاحات، فإن الوتيرة الحالية في نقاشات اللجنة، إذا ما استمرت، ستعني إقرار الموازنة مع تحفظ القوات. فاللجنة لم تقارب «الإصلاحات» المطلوبة من القوات، إن كان في مسألة ضبط الجمارك أو تعيين الهيئات الناظمة أو حتى النقاش في الاقتراحات المتعلقة ببيع أصول الدولة. بعد اجتماع لجنة الإصلاحات، عقدت لجنة الكهرباء اجتماعاً وُصف بأنه كان منتجاً، بعد الاتفاق على معظم بنود دفتر الشروط. وعملياً، لم يبق إلا ثلاث نقاط عالقة يتوقع أن يتفق عليها قريباً: مسألة الأرض التي يُبنى عليها معمل سلعاتا، حيث يشهد اقتراح وزيرة الطاقة التخلي عن بناء المعمل على الأرض التي تملكها كهرباء لبنان معارضة كبيرة.

دفتر شروط الكهرباء... من دون حلّ مؤقّت في الزهراني

- المرحلة المؤقتة، التي زادت احتمالات تعديلها لناحية توزيع المعامل المؤقتة وكمية الطاقة. فثنائي أمل وحزب الله يصرّ على عدم إدخال الزهراني في تلك المرحلة، مقابل البدء مباشرة ببناء المعمل الدائم، ووضع كل المجموعات التي تُنجز تباعاً في الخدمة. لكن لأن هكذا خطوة يمكن أن تؤثّر على خطط زيادة التغذية بالتيار إلى 24 على 24، وبالتالي عدم القدرة على رفع التعرفة، أعلن وزراء أمل وحزب الله استعدادهم للموافقة على رفع التعرفة في حال وصلت التغذية إلى 20 ساعة يومياً. وعليه، فقد طلبت وزيرة الطاقة بعض الوقت لتبحث في إمكانية حصر المرحلة المؤقتة بمنطقة الشمال، ولتبيان إمكانية أن تكفي الطاقة المنتجة هناك لتأمين التغذية 20 على 24 لكل لبنان.

- التخلي عن ربط سعر الطاقة بالتضخم في لبنان وفي أميركا، وهو الاقتراح الذي عرضه الوزير كميل أبو سليمان ووافقت الوزيرة ندى بستاني عليه.



السابق

مصر وإفريقيا...مصر: دخلنا الفقر المائي وملتزمون بحقنا التاريخي في النيل...«الوسيط الدولي» يعمّق الخلاف المصري ـ الإثيوبي حول مفاوضات «سد النهضة»....«الحملات الانتخابية»... الغائب الأكبر في الدور الثاني من «رئاسيات» تونس....العاهل المغربي يعيّن حكومة جديدة من 24 وزيراً بدل 39 وتضم 4 سيدات...حمدوك يتعهد بإصلاحات جذرية لجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية...

التالي

أخبار وتقارير......5 عوامل سهّلت العملية التركية...«نبع السلام» التركي يتدفق نيراناً..قتلى في إطلاق نارعلى كنيس يهودي في ألمانيا لدوافع يمينية متطرفة...فرنسا تسعى لتحالف أوروبي - دولي ضد خطط تركيا...250 مليون «متوسّطي» معرضون لـ«الفقر المائي» خلال 20 عاماً...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,261,768

عدد الزوار: 6,942,650

المتواجدون الآن: 139