استقالةُ الحسيني

استقالةُ الحسيني "انتفاضة" في وجه "الوضع الشيعي".. وإعلان "انسحاب سياسي"

تاريخ الإضافة الخميس 14 آب 2008 - 9:02 ص    عدد الزيارات 5904    القسم محلية

        


رأى عضو كتلة "المستقبل" النائب مصطفى علوش "ان مواقف قيادة "حزب الله" وتصرفات أفراده تؤكد ان سلاح البلطجة هو جزء متكامل مع سياسة هذا الحزب في بسط هيمنته على مختلف أطياف المجتمع اللبناني لفرض استمرار تفلته من السلطة الشرعية وتأمين خدمة سلاحه لمشروع الولي الفقيه".
وقال في تصريح أمس: "تستمر مناقشات البيان الوزاري في مجلس النواب ولا تزال خلفية غزوة "حزب الله" وتوابعه هي الهاجس المهيمن على هذه المناقشات على الرغم من التوافق على الحكومة وعلى بيانها الوزاري والواضح هو ان "حزب الله" يريد القفز على هذه الاحداث وكأن شيئا لم يكن، معتبراً ان ممارسته للقرصنة ما هي إلا جزء لا يتجزأ من عمل يسميه المقاومة".
واعتبر أن "حزب الله" يريد من الجميع ومن الضحايا خصوصا، "ان يتناسوا او ربما ان يشكروه على الاعتداءات التي نفذها، ولكن لا يمكن الانتقال الى مرحلة الاستقرار من دون نقاش ما حدث والتأكد ان الدرس الوحيد الذي تعلمه "حزب الله" هو عدم العودة الى ممارسات مماثلة، ولكن تصاريح قياداته وتصرفات أفراده تؤكد ان سلاح البلطجة هو جزء متكامل مع سياسة هذا الحزب في بسط هيمنته على مختلف أطياف المجتمع اللبناني لفرض استمرار تفلته من السلطة الشرعية وذلك لتأمين خدمة سلاحه لمشروع الولي الفقيه الإقليمي والعالمي".
وأشار الى "ان محاولة هذا الحزب إتهام قوى الاكثرية بأنها تريد التناغم مع المشروع الاميركي ما هو الا محاولة لتهييج الرأي العام المحلي والعربي وتعميته عن الحقيقة الواحدة وهو انه يستخدم القضية الاساسية المركزية "قضية فلسطين" والصراع مع اسرائيل لتمرير مشروع هيمنة الولي الفقيه على العالم الاسلامي".
ولفت الى "ان لبنان لا يزال الجبهة الامامية لمواجهة هذا المشروع وصرح صقر فاخراني سفير ايران السابق في دمشق بأن الحلقة الاولى لسقوط المنطقة في يد الولي الفقيه هي لبنان ومن بعده سوف تتساقط الانظمة الاخرى في يده"، داعياً الدول العربية الى "ان تعي خطورة هذا الوضع وان تدعم لبنان للمحافظة على حريته وسيادته وديموقراطيته وتعدده لمواجهة ديكتاتورية الولي الفقيه".
 مع إنتهاء جلسات مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب أمس، تحضرُ مجموعةُ وقائع ذات دلالات وأبعاد سياسية مهمة.

"حزب الله" يحاول فرض "قانونه"

لدى بدء المناقشات، بدا "حزب الله" ذاهباً اليها بقرار يقضي بـ"تسييج" مساحة الكلام المسموح، محدداً من طرف واحد "قانون" اللعبة البرلمانية، متصرفاً بوصفه من يحلّل ومن يحرّم. ولا شك أنه بقراره هذا، كان ينطلقُ من افتراض ان له هيبةً مكتسبة، معززةً بما جرى منذ ايار الماضي، وان "الآخر" سيتعظ فلا يجرؤ حتى على رميه بوردة فكيف بموقف.

14 آذار ردّت.. وبرّي "استسلم"

أناط "حزب الله" تنفيذ هذا القرار بعضو كتلته علي عمار الذي يُتقن "فنون" القبضنة و"مشتقاتها"، فراح يقاطع ويشتم ويهدّد. إستغل عمار "تفسير" الرئيس نبيه بري للنظام الداخلي الذي بحسب رئيس المجلس يمنع أي نائب من تناول نائب آخر أو حزب ممثل في الندوة ولو حتى سياسياً. بيد انّ نواب 14 آذار في تناوبهم على المنبر رفضوا الرضوخ لهذا "التحريم" لأن للمشكلة إسماً وعنواناً، ولأن الأشياء تسمّى بأسمائها من ضمن "الآداب البرلمانية". "إستسلم" الرئيس بري حيال هذا الإصرار الـ14 اذاري.. وفي لحظة "يأس" من تكرار عبارة تُشطب من المحضر"، قرأ بري المادة المقصودة في النظام الداخلي فإذا بها تنصّ على منع النائب من تناول نائب آخر أو جهة ممثلة في المجلس بـ"عبارات نابية"، أي انها لا تمنع النقاش السياسي حتى الاتهامي. والأهم انّ "حزب الله" أدرك انّ الترهيب لن يجدي فقام بـ"سحب" نائبه خارج المجلس.. ولم يعد إليه.

إنتفاضة تمحو 7 أيار

ما حصل في مجلس النواب ليس مجرّد "حادثة" أو "مناقرات". ما حصل بالضبط هو إنتفاضة لنواب الأكثرية في وجه "العنف" السياسي الحزب اللهي، أعادت الإعتبار إلى الأكثرية وإلى مؤسسة المجلس النيابي و"كرامتها" وإلى قواعد الديموقراطية البرلمانية. ولمّا كانت هذه الانتفاضة حصلت، في أول جلسة نيابية بعد 22 شهراً من إقفال البرلمان، وفي أول جلسة بعد 7 أيار تاريخ الانقلاب بالسلاح لفرض معادلات سياسية مختلفة، فهي ـ أي الانتفاضة ـ ردٌ على 7 أيار، وعودة بالوضع إلى ما قبل 7 أيار. ما قبل 7 أيار بمعنى "الحقّ المتساوي" في الصراع مواقفَ و"وسائل". غير انّ الوضع عاد إلى ما قبل 7 أيار بمعنى سياسي "كبير" أيضاً.

"الدوحة" والتسوية الهشة في البيان الوزاري

بين 7 أيار وجلسات مناقشة البيان الوزاري، كان "إتفاق الدوحة". وهذا الإتفاق لا يتضمن فقط إنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل "حكومة وحدة وطنية" وإعتماد قانون 1960 للانتخابات النيابية، لكنّه يؤسّس لتسوية تحت سقف سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وحصرية الأدوار السيادية في يدها. وإنطلاقاً من "إتفاق الدوحة" إحتوى البيان الوزاري تسويةً "إنتقالية" تؤكد على مرجعية الدولة وسيادتها لكنها لا تحسمها بشكل نهائي. في جلسات المناقشة النيابية، تبيّن بما لا يدعُ مجالاً للشكّ انّ التسوية في البيان الوزاري "هشّة" جداً. فمداخلة رئيس الكتلة النيابية لـ"حزب الله" محمد رعد حملت تأكيده على الثنائية بين الدولة والمقاومة، بل على المساكنة بينهما، وقوله إنّ من يريد نتائج سريعة فما عليه إلا أن ينتظر طويلاً.

مرحلة إنتقالية "ضمن" الصراع

الوضعُ السياسي يعود إلى ما قبل 7 أيار: فمن جانب ألغت 14 آذار بانتفاضتها النيابية المفعول السياسي للجوء "حزب الله" إلى السلاح، ومن جانب آخر يعود الوضع إلى ما قبل تسويتَي الدوحة والبيان الوزاري. وهذا كلّه يعني انّ البلد يدخل مرحلة إنتقالية جديدة من الصراع السياسي، أي لا ينتقل من تسوية إنتقالية إلى تسوية نهائية بل من صراع إلى صراع. "يجب" ألا يخطئ أحد التقدير في هذا المجال.

إنتفاضة الحسيني..والمفاجأة

وبما انّ المقدّمات السابقة تطرّقت إلى إنتفاضة نواب الأكثرية، فإن إنتفاضةً أخرى مهمّة شهدتها ساحة النجمة أمس، هي إنتفاضة الرئيس حسين الحسيني التي ترجمها إستقالةً من المجلس النيابي.

الإهتمام بانتفاضة الحسيني له أسباب عدّة. فـ"الرجل" يمكن وصفُه بأنّه بعيدٌ عن السمع وعن الكلام منذ فترة طويلة، بل منذ نحو ثلاث سنوات، وقليلاً ما كانت له آراء في ما يحصل في البلد منذ العام 2005، بالرغم من ان العام 2005 شكّل منعطفاً تاريخياً في حياة لبنان. وشهد البلد ولا يزال صراعاً حاداً لا "يمكن" لأحد أن يكون "محايداً" حياله أو أن لا يسعى إلى إختراق "خطوط التماس" فيه أو أن لا يقدّم تصوّراً "ما" تصدّياً له.

إذاً، إن مصدر الإهتمام بانتفاضة الحسيني هو التفاجؤ بها حيث بدت ـ للأسف ـ من دون مقدّمات أو من دون تراكمات سبقتها، ولو كان المرء يستطيع أن يقدّر انّ "السيّد" أمضى السنوات الماضية "متألماً".

أمّا مداخلته في المجلس أمس، فهي ككل مداخلاته عادةً جيدة. وإستقالته من نيابته هي إحتجاج "في وجه" الجميع من دون استثناء. وسيمضي بعض الوقت قبل التعرف إلى "المستهدفين" أكثر بإحتجاجه.

البُعد الشيعي في سطور مداخلته

لكن.. بما انّه إحتجاج في وجه الجميع وضدّ الجميع، فقد يكون لافتاً لمن يحاول القراءة بين السطور انّ "الوضع الشيعي" في دائرة إحتجاجه هذا. ذلك ما "تحتمله" قراءةٌ في نصّ الرئيس الحسيني تعتبر ـ هذه القراءة ـ انّه يذكّر بالإمام المغيّب موسى الصدر والإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين، وقد كان أقرب المقرّبين إليهما، وبوثيقة الثوابت الإسلامية، ويعيد الإعتبار إلى حقيقة انّ الطائفة الشيعية تؤمن بلبنان الواحد الموحّد بحدوده الحاضرة سيداً حراً مستقلاً عربياً، وانّها تؤمن انّ لبنان وطن نهائي بحدوده الحالية سيداً حراً مستقلاً. وبكلام آخر، إنّ الاستقالة بالتوازي مع تأكيد لبنانية الشيعة، ذات دلالة قد لا يشاء الحسيني إبرازها "الآن" لكنّها دلالةٌ "عميقة" بالفعل.. أي أنه ينعى مرحلة سابقة من تاريخ الطائفة الشيعية. على انّ إستقالة الرئيس السابق للمجلس من نيابته إذ تحصل على تقاطع تطوّرات إقليميّة، قد تشكّل إضافةً إلى الدلالات الآنفة مؤشراً معيناً. وليس خافياً انّ هناك "إختلافاً" سوريّاً ـ إيرانياً قائماً، ولم يعد سرّاً انّ المسار السوريّ ـ الايرانيّ صار مسارَين منفصلَين سواء في نظر المجتمع الدولي إليهما أو في تعاطي كلّ منهما مع القضايا الإقليميّة. ولعلّ الرئيس الحسيني المتابع جيّداً للتطوّرات يخشى من أن تكون لـ"الإختلاف" ـ عندما يترسّخ ـ تبعات على شيعة لبنان، فيدقّ ناقوس الخطر سلفاً بإستقالته الاحتجاجيّة هذه.

في جميع الأحوال، إنّ الرئيس الحسيني هو آخر رجالات "الشيعيّة السياسية" ميثاقية ولبنانية ودستورية بعد أن آلت هذه "الشيعيّة السياسية" إلى ما آلت إليه مع "ثنائيتها". ومع انّ كثيرين شيعة ولبنانيين يلومونه على "الغياب" في المرحلة السابقة ولا يجدون له "عذراً"، فانّ إنتفاضته لا بدّ أن ترمي حجراً في بعض المياه الراكدة..وللبحث صلة.. ولو أن الاستقالة تكتسب معنى الانسحاب.
 


المصدر: جريدة المستقبل - العدد 3046

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,709,319

عدد الزوار: 6,909,714

المتواجدون الآن: 101