قراءة في تظاهرة 14 شباط

الـجـمــهــــوريــة الـمـطــلـــوبــة

تاريخ الإضافة الأحد 14 شباط 2010 - 4:56 ص    عدد الزيارات 3293    القسم محلية

        


الـجـمــهــــوريــة الـمـطــلـــوبــة
بقلم سناء الجاك

ساحة الحرية
النازلون الى ساحة الحرية، اليوم 14 شباط، مهما يكن عددهم فليسوا ابناء الجمهورية المطلوبة. هم بقايا المارقين الذين لم يرتدعوا حتى تاريخه ولا يزالون يجددون رفضهم الاغتيالات وادانتها ويطالبون بمعاقبة من ارتكبوها، لا فقط الحصول على وعد بوقفها مقابل تسوية تكرّس الغالب والمغلوب بمعزل عن اي ارادة شعبية تفرزها صناديق اقتراع. المراحل المقبلة تكفل إبادة هؤلاء المارقين اذا لم ينقلبوا هم على أنفسهم كما فعل غيرهم ليلتحق بالركب.
لا يهم كثيراً او قليلاً ربط الدعوة الى المشاركة بالحرص على الاعتدال والبعد عن الاستفزاز والتلميح الى ان الشعارات المرفوعة لا تستهدف احداً، بل تصب في الاهتمامات الاقتصادية والسياحية والرياضية، مع الترويج لإنجازات الانماء والاعمار واستقطاب السائحين والثقافة والكتاب والألعاب الاولمبية. وكي لا يقال ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري قضى بحادث سير، كانت الاشارة السياسية اليتيمة في "حلم لبنان" الى المحكمة الدولية.

الجمهورية المخطوفة
لكن ذلك كله لا يمنع من ان تكون الجمهورية المطلوبة التي لا بديل منها مهما يطل الزمن، هي الجمهورية المخطوفة المبنية على فعل الارغام، والمفخخة بعبوات وقنابل ساحتها جبل محسن مقابل 450 الف ليرة لكل عبوة او قنبلة تُدفع الى قاصر. هي الجمهورية المخطوفة، المنتهكة بالاستنابات القضائية، وصولات "أبو موسى" وجولاته، ومؤتمرات تعيد لبنان "ساحة" فالتة لكل الديناصورات، والرسائل التي تمر عبر سايمون هيرتش سابقاً وحاضراً ومستقبلاً. الأهم، وقبل كل أمر آخر، زهق الرمق الأخير لهيكلية "14 آذار" الهشة بعد تشظي قواها وانكفاء قادتها الى الحظائر الطائفية تحت وطأة الفجّار الذين أكلوا الأخضر واليابس.
واذا راود الشك نفساً تبحث عن النصف الملآن من الكوب، فإننا نحيلها على الجلسات القاحلة والعاجزة لمجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، وعلى عقم كل محاولة لتعديل قانون الانتخابات البلدية وتطويره او انجاز التعيينات. هذا كله، من دون اغفال الاعلان صراحة عن انتفاء الجدوى من عقد طاولة حوار لبحث الاستراتيجيا الدفاعية.
فالجمهورية المطلوبة واضحة معالمها. فإما جميعكم تحت الوصاية وإما بلاكم. وسنرينّكم البلاء بأشكال وألوان مبتكرة حتى تنصاعوا.
وسيعلم النازلون الى ساحة الحرية اليوم في 14 شباط ان ذنبهم كبير، لأنهم لم يفهموا الدرس ولا يزالون مصرين على الانتماء الى "14 آذار" نكاية حتى بزعماء "14 آذار" الذين يحاولون تزويج الواقعية السياسية بأحلام ثورة الارز. دمهم ثقيل وذهنهم غليظ. فالمطلوب ان تتحول ذكرى 14 شباط مناسبة وطنية جامعة، يعني مجوّفة ومفرغة من سبب وجودها، وذلك منعاً للتشويه الفئوي لها على يد فريق "14 آذار".

"إيقاظ الضمير المشرقي"
لكن هذه الغيرة على الذكرى وشهيدها الكبير، لا تحول دون خطف مناسبة وطنية كانت جامعة حتى انتبه اليها منتهزو الفرص. هكذا وُضعت اليد على عيد مار مارون من لبنان للعودة به 1600 عام الى الوراء ولإعادة اكتشاف ماهية استثماره في المشروع المزمن والمستمر، ليصير الاحتفال به في لبنان حركة فئوية لفريق وليس مناسبة وطنية جامعة، لأن فريقاً آخر يتسم بـ"الوطنية" قرر ان يتنافس على خدمة المصالح السورية. وهذه المصالح تقضي بأن يظهر مسيحيو لبنان انقساماتهم ليطيحوا رأس الكنيسة المارونية ويسحبوا من تحت قدميه مجد لبنان وانطاكيا وسائر المشرق الذي اعطي له، ليدعوا بأنهم يملكون مجد "إيقاظ الضمير المشرقي".
المريع في البراءة المصطنعة لهذه الفذلكة انها تكمن في ان اختطاف مناسبة مسيحية في ظاهرها يمس عمق الحرية والسيادة والاستقلال في مضمونه، ويخترق الطوائف التي رضي زعماء "14 آذار" بالإنضواء تحت لوائها في انتظار معجزة ما تحرر اعناقهم من نير الواقعية السياسية التي تفرضها المتغيرات الاقليمية.
ذلك ان "الجمهورية اللبنانية الاخرى" التي لا توفر فرصة لتمعن نهشاً في "الجمهورية اللبنانية الحالية"، وبمعزل عن تصويبها الكيدي على البطريرك صفير لأسباب أكثر من معلومة، لا يعجبها احياء ذكرى في حضور ممثلي مؤسسات رسمية لبنانية. لذا لم تفوّت الفرصة لتبادر الى التلويح لرئيس الجمهورية بأن لديها ثلاثة رؤساء محتملين، حاضرين ناضرين يلتمسون الرضا. ولا لزوم للحديث عن الديموقراطية التعددية، لأن التلويح بالحرب الاهلية اسرع، والدواء تغيير النظام من اساسه. لكن على أي أساس؟

مساهمة
... أما ان يتمنى البطريرك نصر الله صفير ان "تحمل المناسبة في الاعوام المقبلة أياماً تكون خيراً من هذه الأيام التي يعيشها لبنان"، وينادي بـ"العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين ولا سيما على أرض لبنان"، فله بالمرصاد من يعتبر المساهمة في تقويض موقعه ومكانته دفعةً على الحساب، حتى لو كان الثمن التماس الحماية من الوصاية وليس التماس دولة المؤسسات من داخل الوطن. وعوضاً من خدمة المصلحة العامة، نشهد "ذاتية مضخمة" لا تجد ضيراً في خدمة الارادة الواضحة لإبراز قوة الوصاية ومدى تأثيرها في السياسة الداخلية اللبنانية في ذكرى 14 شباط بكل دلالات هذا التاريخ. ما يعني بالعربي الفصيح ان البطريرك ومن لفّ لفّه، لا علاقة لهم بالضمير المشرقي. هم اتباع الغرب. واذا تكلموا عن الانفتاح فهم مدانون بخيانتهم جذورهم العربية.
على فكرة، الجذور العربية في قاموسهم لم تعد تتجاوز بعدها السوري المتعاطف والحميم مع الحلفاء الاوفياء الذين يعتبرون الشرخ الذي يحدثونه مشهداً مليئاً بالدلالات الدينامية.
على فكرة ثانية، النازلون الى ساحة الحرية اليوم في 14 شباط يعرفون كل هذه الاشكاليات ويواصلون السعي الى حلمهم اللبناني بدولة القانون والمؤسسات التي تبدو مستحيلة. كما انهم لا يعوّلون على ما بعد 15 شباط، ويزعجهم الاكتفاء بالانتظار من دون تحصين الجمهورية المخطوفة. يقولون انهم تعبوا من التسليف. الا انهم لا يملكون الا هذا الحلم.
رجاءً عزِّزوا لهم أرصدة الوطن ¶

 


المصدر: جريدة النهار

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,624,558

عدد الزوار: 7,035,655

المتواجدون الآن: 68