لبنان..مَنْ يُقحِم المأزق الحكومي في معركة إدلب؟..إجماع إسلامي على رفض المسّ بصلاحيات الحريري.. ونفي الرواية الأميركية عن المطار..الصيغة المرفوضة تُفجِّر «حرب صلاحيات»... وتحذير دولي من تحويل وجهة المساعدات...رؤساء حكومات سابقون يرفضون وضع رئيس الجمهورية «معايير» تشكيل الحكومة...«فيتو» أميركي على «ترقية حزب الله» حكومياً... وتلويح بعقوبات...

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 أيلول 2018 - 7:41 ص    عدد الزيارات 2589    القسم محلية

        


مَنْ يُقحِم المأزق الحكومي في معركة إدلب؟..

إجماع إسلامي على رفض المسّ بصلاحيات الحريري.. ونفي الرواية الأميركية عن المطار..

اللواء.. السؤال المشروع: ماذا وراء صيغة الثلاثين؟ لماذا رفضها الرئيس ميشال عون؟ وإلام سيسير مسار التأليف؟ المشهد، بعد مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري، بعبدا، عاد إلى الاستقطاب، أو ما يشبه الانقسام، وسط إشارات ذات دلالات، أبرزها الذهاب بعيداً عن جادة البحث في الملاحظات أو المخارج. فتح التيار الوطني الحر، عبر اجتماع تكتل «لبنان القوي» الذي يتزعمه الوزير جبران باسيل النار على صيغة الرئيس الحريري، ووصفها بأنها لرفع العتب، مع حرصه على الإشارة إلى انه يريد حكومة، ولكن غير مستعد ليكون شاهد زور دستورياً وديمقراطياً. والمثير للانتباه، ما نسبته محطة O.T.V، الناطقة باسم التيار العوني، من ان النائب إلياس أبو صعب، بصفته «المستشار الرئاسي» قوله ان «رئيس الجمهورية الذي سبق وحدد الأوّل من ايلول حداً فاصلاً، أعلن (أي الرئيس) انه لن يرضى المماطلة، وإلى ان الاتجاه هو نحو البدء بعدد من الخطوات في هذا الاتجاه»، أي رفض المماطلة. بدا المشهد الحكومي كأنه في مأزق، أو مقبل على مأزق، وسط انشغال لبناني بما يجري من تحضيرات عسكرية لمعركة ادلب، تحضّر لها روسيا ومعها حليفها النظام السوري، وحليفه الإيراني، فضلاً عن حزب الله، ومن تحذيرات أميركية من مغبة الهجوم، الذي حدّده دي ميستورا الموفد الأممي إلى دمشق في العاشر من الشهر الجاري، أي بعد 5 أيام.. وما زاد المخاوف، تصاعد لهجة التهديد الأميركية على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكل من دمشق وطهران وموسكو بأن الهجوم على أدلب عمل متهوّر.. والقصف الإسرائيلي على أهداف في سوريا، من بينها جسر الشغور، وما بثته محطة «فوكس نيوز» الأميركية، التي بثت خبراً نقلاً عن مصادر استخباراتية خاصة، مفاده ان إيران تقوم بنقل أسلحة لحزب الله، عبر شركة جوية مدنية إيرانية من طهران إلى مطار بيروت. وسارعت المديرية العامة للطيران المدني إلى نفي ما اوردته fox news بتهريب أسلحة إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وكشفت المديرية عن أسماء الشركتين اللتين تقدمتا بطلبين إلى المديرية لتسيير رحلتي شحن جوي ما بين مطارات طهران - دمشق - بيروت – الدوحة...وتتساءل مصادر سياسية، لمصلحة مَنْ إقحام لبنان بما يجري على الجبهة السورية، من باب معركة ادلب البالغة الاستراتيجية في وقت تتركز فيه الجهود على تأليف الحكومة العتيدة.. وإلآم ترمي قوى 8 آذار، من وراء إقحام المأزق الحكومي بمعركة ادلب؟

محاولات تهدئة

سياسياً، يمكن القول ان الأجواء التي أعقبت رفع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، صيغته الجديدة للتشكيلة الحكومية، غير إيجابية بين الرئاستين الأولى والثالثة، بالرغم من محاولة الرئيس الحريري امتصاص ردود الفعل السلبية التي صدرت من فريق العهد، سواء من قبل أوساط بعبدا، أو من «تكتل لبنان القوي» الذي اعتبر التشكيلة «رفع عتب» و«محاولة لاجهاض نتائج الانتخابات النيابية»، في وقت فجر بيان رئاسة الجمهورية، عن الملاحظات التي ابداها رئيس الجمهورية ميشال عون على الصيغة، استناداً إلى الأسس والمعايير التي سبق ان حددها لتشكيل الحكومة، أزمة جديدة حول تنازع الصلاحيات بين الرئاستين، ما دفع رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة، نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة إلى إصدار بيان وصف بأنه لدعم موقف الرئيس الحريري في موضوع الصلاحيات، اعتبر المعايير التي تحدث عنها الرئيس عون إشارة في غير محلها وليست موجودة في النصوص الدستورية». لكن الرئيس الحريري، وفي إطار جهده للملمة الخلافات أو الحد منها، نفى ان يكون له علاقة ببيان الرؤساء الثلاثة، غير انه أكّد ان «صلاحياته واضحة في الدستور ونقطة على السطر»، معتبراً ان هذا الأمر لا يجب ان يكون موضع نقاش، بل تشكيل الحكومة وكيفية إخراج البلد من مأزقه الاقتصادي، وتأمين الكهرباء والمياه والاستشفاء والموازنة وتطبيق مقررات مؤتمر «سيدر». وحرص الرئيس الحريري، في دردشة مع الصحافيين أعقبت ترؤسه اجتماعاً مشتركاً لكتلة «المستقبل» النيابية والمجلس المركزي لتيار «المستقبل» في بيت الوسط، على دعوة الجميع الى التهدئة، مشدداً على ان الصيغة التي قدمها للرئيس عون «جدية» وليست لرمي الكرة في ملعب أحد، وانه «كتبها بخط يده لكي لا يطلع عليها أحد سوى الرئيس عون، ولا أحد ثالث بيننا»، وقال انه لا يفهم من أين أتى الآخرون بكل التحليلات التي اصدروها، في إشارة إلى بيان «تكتل لبنان القوي» الذي وصف الصيغة بأنها «رفع عتب». وشدّد الحريري على انه «مقتنع بهذه الصيغة التي قدمها». وقال: «إذا كانت لدى البعض ملاحظات على بعض الحقائب فليعلنها، لكني لا افهم لماذا كل هذه التحليلات والصعود والهبوط»، مؤكداً انه «ما زال في مرحلة التشاور»، نافياً ان يكون الوضع عاد إلى المربع الأوّل، مشيراً إلى انه ما زال ينتظر المزيد من التشاور مع رئيس الجمهورية، معتبراً ان الخلاف على الحقائب لا طائل منه، وانه «اذا اعتقد أي فريق سياسي انه أكبر من البلد أو من مصلحة البلد، فهنا تكمن المشكلة». وقال ان الجميع في الصيغة التي قدمها يقدم تضحيات، وأنا على رأسهم، ومن هذا المنطلق فالصيغة لا خاسر فيها ولا رابح وتترجم في الوقت نفسه نتائج الانتخابات النيابية. وإذ أبدى الحريري استعداده لمناقشة الملاحظات التي تحدث عنها بيان بعبدا، اعتبر ان المشكلة تكمن في ان هناك من ينطلق دائماً من الأمور السلبية فيما يجب ان نرى نصف الكوب الملآن، مؤكداً ان الحكومة ستتشكل في النهاية، وان كل الصيغ التي يتم التداول فيها بالاعلام غير صحيحة». وكان الرئيس الحريري، قد أبلغ الاجتماع المشترك لكتلة «المستقبل» والمجلس المركزي لتيار «المستقبل»، والذي كان مقررا قبل التطورات الحكومية الأخيرة، بأن الصيغة التي يعمل عليها ليس فيها منتصر أو مهزوم، وهي تراعي صفات الائتلاف الوطني وتمثيل القوى الرئيسية والبرلمان، وتؤسس لفتح صفحة جديدة بين أطراف السلطة التنفيذية من شأنها ان تعطي دفعاً لمسيرة الإصلاح والاستقرار. وأكّد، بحسب البيان الذي اذاعه النائب السابق عمار حوري على ان معايير تشكيل الحكومات يحددها الدستور والقواعد المنصوص عنها في اتفاق الطائف، وان أي رأي خلاف ذلك يبقى في إطار وجهات النظر السياسية والمواقف التي توضع في تصرف الرئيس المكلف، وعليه ليس هناك من داعٍ لإثارة الالتباس والجدل من جديد حول أمور تتعلق بالصلاحيات الدستورية سيما وان الرئيس الحريري، كما قال، متوافق مع رئيس الجمهورية على الآليات المعتمدة وفقاً لما حدده الدستور. وأكّد الحريري، ودائماً بحسب بيان الكتلة، على انه لن يفقد الأمل بالوصول إلى اتفاق حول الصيغة الجاري العمل عليها، ويعتبر ان المسؤولية شاملة في هذا الشأن، وان الجميع محكوم بتقديم التنازلات وتدوير الزوايا وتوفير الشروط المطلوبة لولادة الحكومة». والموقف من الحفاظ على صلاحيات رئيس الحكومة، أكّد عليه مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، الذي زار دار الفتوى علىرأس وفد كبير من العلماء ضم: الشيخ ناصر الصالح، الشيخ محمّد امام، ورئيس دائرة طرابلس وشيوخ قرائها ومدرسي الفتوى وأئمة وخطباء طرابلس. وبعد اللقاء قال المفتي الشعار: «ان تتواصل طرابلس وعلماؤها مع دار الفتوى ومفتي الجمهورية اللبنانية هذا أمر طبيعي، وهو أمر يمثل في حياتنا اصلا من أصول وجودنا الإسلامي، الا اننا في هذا اليوم اغتنمنا فرصة عودة مفتي الجمهورية من أداء فريضة الحج لنبارك له اولاً، ولنعلن معلنين تأييدنا الكامل لمواقف مفتي الجمهورية اللبنانية، مؤكدين اننا نتبنى سائر المواقف، وخاصة تلكم التي يدندن حولها دائما الحفاظ على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، اتينا لدار الفتوى لتأكيد هذه المعاني مع الولاء، ونأمل ان يلتقى اللبنانيون جميعاً على كلمة سواء».

بعبدا

على جبهة بعبدا، اشارت مصادر سياسية لصحيفة اللواء الى ان ملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول الصيغة التي رفعها اليه رئيس الحكومة المكلف انما هي تتصل بافتقارها الى عدالة التمثيل وما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية على اساس النسبية فضلا عن ان هناك مكونات جرى تهميشها. وقالت ان الوضع الحكومي امام واقع يستدعي عودة المشاورات لترتيب الصيغة الحالية لجهة توزيع الحقائب. ولفتت الى ان الملاحظات التي وصلت صداها الى بيت الوسط هي ملاحظات جوهرية ولا عودة عنها وان اي صيغة جديدة تحمل المعايير التي حددها الرئيس عون ستحظى بالتأييد. واعتبرت ان كلام الحريري امس يعطي الانطباع ان هناك إمكانية لإجراء تعديل في الصيغة الحكومية تمهيدا لتقديمها مجددا الى الرئيس عون الذي يتعاطى وفق ما نص عليه الدستور . وأوضحت ان الرئيس عون حدّد ملاحظاته على الصيغة باعتباره شريكا اساسياً في تأليف الحكومة بحسب الدستور، كما ان الحكومة التي يعمل على تشكيلها ستكون قائمة في عهده، ولذلك كان من الطبيعي إبداء هذه الملاحظات والدعوة إلى الالتزام بمعايير التأليف، وأكدت ان الرئيس عون لم يرفض الصيغة، لأنه لو فعل لقال ذلك، لكنه كانت لديه وجهة نظر من خلال ملاحظات تركزت على خلو الصيغة من المعايير التي تحدث عنها في خطاب عيد الجيش لجهة عدالة التمثيل وعدم التهميش وان تكون حكومة وفاق وطني تعكس نتائج الانتخابات النيابية فضلا عن احترام الاحجام. ومن دون ان توافق المصادر على توزيع نص الصيغة الجديدة، كشفت ان التركيبة لم تراع عدالة التمثيل وغابت المساواة في توزيع الحقائب الخدماتية، اذ لحظت منح حقيبة واحدة (الطاقة والمياه) لتكتل «لبنان القوي»، وحقيبتين (التربية والعدل) لتكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية)، علماً ان حقيبة العدل كانت من حصة رئيس الجمهورية انتزعت منه لتمنح إلى «القوات»، وان كتلا نيابية كبرى لم تعط وزارات خدماتية من بينها حركة «امل». وكشفت ايضا ان جميع الكتل الأساسية تمثلت بوزراء دولة، باستثناء حزب «القوات»، كما انه تمّ حصر التمثيل الدرزي بفريق واحد هو الحزب التقدمي الاشتراكي، في حين تمّ تغييب الفريق الدرزي الآخر الذي يمثله النائب طلال أرسلان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفريق السنّي الآخر (خارج كتلة «المستقبل») والذي لم يتمثل في الصيغة، وعليه، فإن ما قدمه الرئيس الحريري لا يعبر حقيقة عن حكومة وفاق وطني لأنه يفتقر إلى غياب المكونات الممثلة في المجلس، علما ان التوزيع الوارد فيها للكتل لم يعكس ما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية التي قامت على النسبية واوصلت اشخاصا جددا إلى الندوة البرلمانية. وأكدت المصادر انه على الرغم من هذه الملاحظات والتي وصل صداها إلى «بيت الوسط»، فإن التشاور سيبقى سيّد الموقف من أجل العمل على إزالة القسم الأكبر من الثغرات، مكررة القول بأن الصيغة مبدئية وقابلة للتطور. وتوقعت ان يجري الرئيس المكلف، انطلاقاً من هذه الملاحظات اتصالاته من أجل إعادة ترتيب الصيغة والاتيان بأخرى إلى رئيس الجمهورية الذي يملك الحق في إبداء رأيه، ومن هنا استغربت المصادر ما صدر، من كلام عن عدم صلاحية رئيس الجمهورية في تقديم ملاحظاته، معتبرة ان هذا الكلام صدر عن أشخاص لا يُدركون ما ينص عليه الدستور الذي يعطي الحق للرئيس بأن يكون شريكاً في السلطة التنفيذية، علماً ان الدستور، ينص على أن رئيس الجمهورية يلي الاحكام ولا يحكم.

تصعيد «قواتي»

وفيما نفى الرئيس نبيه برّي امام زواره علمه بأي شيء يخص التشكيلة الحكومية التي قدمها الحريري للرئيس عون، مشددا على ان الأجواء المتلبدة في لبنان والمنطقة تقتضي تعاون الجميع، وان يتنازلوا جميعا لصالح الوطن، صعدت «القوات اللبنانية» مواقفها بعدما لمست رفضا رئاسيا لحصولها على 4 وزارات وازنة في الحكومة العتيدة، فأكد رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان، على هامش اجتماع اللجنة أمس، ان «القوات» نزلت إلى الحد الأدنى من حقوقها، فظن البعض انه «بازار»، ولكن بعدما حدث سنعود إلى مطلبنا بأن يكون لدينا خمسة وزراء مع حقيبة سيادية، مشددا على ان ما حدث لا يضر الا بالعهد. يُشار إلى ان الرئيس الحريري التقى مساء أمس الوزير ملحم رياشي موفدا من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع للوقوف منه على حقيقة تفاصيل الصيغة الحكومية ومكمن العقدة الأساس وتأكيد موقف «القوات» بعدما قدمت أقصى ما يُمكن، وهي لم تعد مستعدة لتقديم المزيد، مشيرا إلى ان طريقة تعاطي الطرف الآخر تؤشر إلى ان لا نية جدية في التفاوض أو توليد حكومة. والتقى الحريري ايضا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، الذي أكّد بدوره ان الحزب الاشتراكي لا زال عند مطلبه بشأن الحصة الدرزية.

التشكيلة

أمّا التشكيلة التي سبق لـ«اللواء» ان نشرت القسم الأكبر منها، فقد أوردها موقع «ليبانون ديبايت» كما يلي:

{ رئاسة الجمهورية والتيّار الوطني الحر: الخارجية والمغتربين - سيادية, الدفاع الوطني - سيادية, الطاقة والمياه - خدماتية اساسية, المهجرين - خدماتية اساسية, السياحة - خدماتية ثانوية, الإقتصاد والتجارة - عادية, التنمية الإدارية - عادية, البيئة - عادية, وزارة دولة عدد 2.

{ تيّار المستقبل: رئاسة مجلس الوزراء, الداخلية - سيادية, الاتصالات - خدماتية اساسية, الثقافة - عادية, وزارة دولة عدد 2.

{ القّوات اللبنانيّة: العدل - خدماتية اساسية, التربية - خدماتية ثانوية, الشؤون الاجتماعية - خدماتية ثانوية, الإعلام - عادية.

{ حزب الله: الصحّة - خدماتية اساسية, الصناعة - خدماتية ثانوية, وزير دولة.

{ حركة أمل:, الماليّة - سيادية, الشباب والرياضة - عادية, وزير دولة.

{ الحزب التقدمي الاشتراكي:, العمل - خدماتية اساسية , الزراعة - خدماتية ثانوية, وزير دولة.

{ تيّار المردة: الأشغال - خدماتية أساسية

الصيغة المرفوضة تُفجِّر «حرب صلاحيات»... وتحذير دولي من تحويل وجهة المساعدات

الجمهورية...  غداة اللقاء الفاشل في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بدا انّ الاستحقاق الحكومي ماضٍ الى مزيد من التعقيد، وبالتالي التأخير في إنجازه قريباً ما لم يبادر الافرقاء المعنيون الى تقديم تنازلات متبادلة على مستوى ما يطرحونه من شروط ومطالب، في وقت لم يعرف ما اذا كانت التشكيلة الوزارية التي قدمها الحريري لعون قابلة للنقاش والتعديل اذا استدعى الامر، ام انها رُدّت كلياً وبات على الرئيس المكلف تقديم تشكيلة جديدة، علماً انّ ما رشح من قصر بعبدا واوساط سياسية يفيد انّ عون رفض هذه التشكيلة برمّتها. وهذا الواقع دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري «المتشائل»، حسبما قال في بعلبك اخيراً، الى التعبير عن عدم ارتياحه، وقال: «بات مطلوباً من الجميع بلا استثناء التضحية والعمل لمصلحة البلد». وأكد انه ما زال عند إصراره على «ان يعمل مجلس النواب بمعزل عن موضوع تأليف الحكومة». وفي ظل هذه الاجواء تبلغت المراجع المعنية بالتأليف أمس أنّ الدستور اذا كان لا ينصّ على مهلة محددة لتأليف الحكومة، فإنّ وضع لبنان اصبح خارج المهل لإنقاذه. وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» انّ مراجع ديبلوماسية مهمة أبلغت الى بعض المسؤولين هاتفياً انزعاج الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأميركية وحتى الأمم المتحدة من الوضع اللبناني السائد، وانه في حال استمرار الجمود الحكومي فمن المرجّح ان تحوّل المساعدات التي رُصدت للبنان الى دول أخرى. بدلاً من أن توجد الصيغة الحكومية التي سلّمها الحريري لعون حلاً لـ«حرب الاحجام» الدائرة بين الاحزاب والتيارات السياسية الراغبة المشاركة في الحكومة العتيدة، فإنها فجّرت حرب مواقع وصلاحيات بين رئاستي الجمهورية والحكومة، مذكرة بسنين قديمة لتبدو معها البلاد وكأنها عادت الى مرحلة ما قبل «اتفاق الطائف»، علماً ان مصادر رسمية عليا تعتقد أن تطبيق هذا «الطائف» في السنين الماضية كان خاطئاً وقد حان الوقت لتطبيقه بنحو متوازن، فإذا كان قد حدّ من صلاحيات رئيس الجمهورية فإنه لم يعدمها نهائياً. ومن هنا، ستبدأ في الايام المقبلة اتصالات لتحديد مفهوم الدستور المنبثق من «اتفاق الطائف» انطلاقاً من الاشكالية التي يثيرها تأليف الحكومة المتعثر.

الحريري

وكرر الحريري امس تأكيده ان التشكيلة الوزارية التي يعمل عليها «ليس فيها منتصر أو مهزوم، وهي تراعي صفات الإئتلاف الوطني وتمثيل القوى الرئيسة في مجلس النواب، وتؤسس لفتح صفحة جديدة بين أطراف السلطة التنفيذية، من شأنها أن تعطي دفعاً لمسيرة الاصلاح والاستقرار». وشدد على «انّ معايير تأليف الحكومات يحددها الدستور والقواعد المنصوص عنها في «اتفاق الطائف»، وأيّ رأي خلاف ذلك يبقى في إطار وجهات النظر السياسية والمواقف التي توضع في تصرّف الرئيس المكلف. وأكد ان «لا داعي لإثارة الالتباس والجدل مجدداً حول امور تتعلق بالصلاحيات الدستورية، خصوصاً انني متوافق مع رئيس الجمهورية على الآليات المعتمدة وفقاً لما يحدده الدستور»، مشيراً الى «انّ معايير تأليف الحكومات يحددها الدستور والقواعد المنصوص عنها في «اتفاق الطائف». وأكد على انه لن يفقد الأمل بالوصول الى اتفاق حول الصيغة الجاري العمل عليها، ويعتبر انّ المسؤولية شاملة في هذا الشأن، وانّ الجميع محكومون بتقديم التنازلات وتدوير الزوايا وتوفير الشروط المطلوبة لولادة الحكومة. ولكن ما لم يقله الحريري علناً وفي وجه عون، قاله على ما يبدو الرؤساء السابقون للحكومة: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام (والأخيران من فريق الحريري). حيث اكد هؤلاء، في بيان رداً على البيان الصادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بعد تسلّم عون التشكيلة الحكومية من الحريري، انّ إشارة بيان الرئاسة الى الأسس والمعايير التي كان قد حدّدها رئيس الجمهورية لشكل الحكومة «إنّما هي إشارة في غير محلها لأنها تستند الى مفهوم غير موجود في النصوص الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومات في لبنان».

بعبدا ترد

وردّت مصادر وزارية قريبة من قصر بعبدا على مضمون بيان رؤساء الحكومات السابقين، فقالت لـ«الجمهورية» انّ «البيان اشار الى مواد دستورية مهمة وصريحة، لكنه تجاهل مواد أخرى بارزة وتوازيها أهمية. وهي تتصل بطريقة تأليف الحكومة وتلك التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية، وتحديداً المواد 49 و50 و53. فهي مواد لا يمكن لأحد التنكّر لمضمونها، خصوصا لجهة وضوحها بحيث انه لا يمكن تقديم اكثر من تفسير واحد لها على غرار بعض المواد التي تحتمل اكثر من تفسير». واضافت: «الدستور أعطى رئيس الجمهورية صفة رمز وحدة البلاد وحامي الدستور وهو الوحيد الذي يُقسِم على الدستور من بين المسؤولين وفق ما تقول به المادتان 49 و50، وبالتالي فهو شريك ايضاً في عملية التأليف ويرأس جلسات مجلس الوزراء عندما يشاء ويحق له وحده طرح اي موضوع على الجلسة من خارج جدول الأعمال الذي يضعه رئيس الحكومة بالتنسيق معه، كذلك هو الوحيد المفوض والمسؤول تجاه اي مفاوضات او معاهدات دولية. ومن يقرأ الدستور يرى انّ كل هذه الملاحظات لا تحتمل سوى تفسير واحد ولا تخضع لأي نقاش، خصوصاً إذا ما اضيف اليها انّ رئيس الجمهورية يصدر مرسوم قبول استقالة الحكومة وتكليف رئيس الحكومة الجديدة وهو من يوقّع مراسيم تشكيل الحكومة وتسمية الوزراء بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولذلك، فهما شريكان أساسيان في هذه المهمة، وهو ما تقول به المادة 53 من الدستور التي أعطت الرئيس ايضاً حق رد كل المراسيم والقوانين. وبالتالي، فإنّ من يعتبر انّ توقيعه لها شكلي فهو مخطىء». وتعليقاً على بعض التسريبات التني تناولت ملاحظات رئيس الجمهورية على تشكيلة الحريري والقول انه أقفل اي نقاش فيها، قالت المصادر «انّ رئيس الجمهورية كان امس الاول على توافق مع ما قاله الرئيس المكلف نفسه، فهما اعتبرا انّ ما رفعه الحريري هو تشكيلة مبدئية قابلة للبحث في ضوء الملاحظات التي عبّر عنها رئيس الجمهورية، وهي ستبقى قيد البحث ولم يقفل الباب امام اي تعديل يمكن ان يطرأ في ضوء المشاورات والاتصالات المنتظرة». وأكدت المصادر نفسها «انّ للملاحظات التي أبداها عون أسساً واضحة وصريحة وليست من عدم، ويمكن إدراجها تحت سقف سلسلة من العناوين أبرزها العدالة والتوازن ورفض التهميش، وعدم طغيان فئة على أخرى لتعكس بنحو واضح نتائج الإنتخابات التي جرت على أساس النظام النسبي للمرة الأولى». وفي التفاصيل ـ أضافت المصادر ـ انّ التشكيلة افتقدت الى التوازن في توزيع حقائب الخدمات، فأعطت كتلة «الجمهورية القوية» حقيبتين وكتلة «لبنان القوي» حقيبة واحدة على رغم انها تنتشر بنوابها على 15 دائرة انتخابية وتنتشر الأولى على 12 دائرة، وأعطت حقيبة خدماتية لكتلة «المردة» وهي من 3 نواب وواحدة لـ«المستقبل» التي تجمع 19 نائباً. وحرمت كتلة «التنمية والتحرير» من حقيبة خدماتية وأعطتها واحدة سيادية على رغم من انها تجمع 17 نائباً، ولم تعط كتلة «الوفاء للمقاومة»» حقيبة خدماتية على رغم انها تجمع 13 نائباً. وعلى مستوى «وزارات الدولة» فقد تم توزيع 3 منها على كل من السنّة والشيعة والدروز، وأعطت الوزارات المسيحية الثلاث لـ«لبنان القوي» ورئيس الجمهورية وحجبتها عن تكتل «الجمهورية القوية»، وهو ما يعبّر عن حجم اللاتوازن فيها. ولا يخفى على احد انها حصرت الحقائب الدرزية الثلاث بطرف واحد هو الحزب التقدمي الإشتراكي وحجبت الحقائب نهائياً عن السنّة من خارج «المستقبل». وسألت المصادر: «هل تكفي كل هذه الحقائق لتأكيد أهمية الملاحظات التي أبداها الرئيس وواقعيتها في ظل اعتماد اكثر من معيار للتمثيل وافتقارها الى العدالة والتمثيل الحقيقي؟».

سؤال إلى الكتل

وكان الحريري قد وجّه سؤالاً إلى كل الكتل السياسية في لبنان: «هل البلد أهم منّا جميعاً؟ أم نحن أهم من البلد؟». ورداً على وصف «لبنان القوي» الصيغة التي قدّمها إلى عون بأنها «رفع عتب»، فقال: «الصيغة عند رئيس الجمهورية، وأنا من وضعها، وأعطيتها إلى فخامته، ولا أحد ثالث بيننا، ولا أفهم من أين أتى الآخرون بكل التحليلات التي يصدرونها، أيّاً كانوا؟». وقال: «إذا كانت لدى البعض ملاحظات على بعض الحقائب، فليعلنها، لكنني لا أفهم لماذا كل هذه التحليلات والصعود والهبوط؟ أكاد أقول انني كتبتُ هذه الصيغة بيدي لكي لا يطّلع عليها أحد، فقط لأنني قلت انّ الأمر من صلاحياتي وصلاحيات فخامة الرئيس، نتشاور ونتعاون ونتحدث». أضاف: «صلاحياتي واضحة في الدستور، ونقطة على السطر. هذا، لا يجب أن يكون موضع نقاش، بل تشكيل الحكومة وطريقة إخراج البلد من المأزق الاقتصادي. أمّا الخلاف على الحقائب ففي رأيي لا طائل منه، وإذا اعتقدَ أيّ فريق سياسي أنه أكبر من البلد أو مصلحة البلد، فهنا تكمن المشكلة». ورداً على ما ورد في بيان بعبدا من وجود ملاحظات على الصيغة، قال الحريري: «إذا كانت الملاحظات قابلة للنقاش نتحدث في شأنها، لكن المشكلة أن هناك من ينطلق دائماً في البلد من الأمور السلبية، فيما أرى أنه لا بد من أن ننطلق من الأمور الإيجابية وعلينا أن نرى النصف الملآن من الكوب، وعلى هذا الأساس نتحدث، ويجب أن نهدأ قليلاً». ونفى أن يكون هناك خلاف بين «لبنان القوي» و«المستقبل»، وقال: «المشكلة ليست بين حصصي وحصص التكتل، هذه الصيغة قدمتها إلى فخامته لكي نتشاور معاً فيها، فإذا ببعض الناس يخرجون وكأنهم يعرفون الصيغة، فعلى أي أساس يكون ذلك؟».

«لبنان القوي»

وكان تكتل «لبنان القوي» قد اعتبر أنّ نصف التشكيلة التي قدمها الحريري هي تشكيلة «رفع العتب»، ورفض «الاحتكار» في تمثيل الطوائف، معتبراً أنها محاولة لإجهاض نتائج الانتخابات وعدم احترامها. وأكد أنه «لا يريد البقاء بلا حكومة، ولكنه ليس على استعداد لأن يكون شاهد زور دستورياً وديموقراطياً»، مؤكداً «احترام صلاحيات كل المؤسسات الدستورية».

«القوات»

بدورها، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «مع ولادة الحكومة وفق الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف وهي صيغة متوازنة جداً، وبدل الذهاب نحو انفراج سياسي، شهدنا تدحرجاً سياسياً لا نتمنّاه إطلاقاً وهو كان متوقعاً، لأنّ رفض الصيغة سيأخذ البلاد الى مزيد من الانكشاف السياسي في ظل غياب اي تصور لطريقة ولادة الحكومة. فصيغة الحريري أتت نتيجة مشاورات مكثفة وهي تعكس نتائج الانتخابات وواقع الحال السياسي، فيما رفضها يعيد الامور الى المربّع الاول الذي كانت عليه، اي محاولة تحجيم الحزب «التقدمي الاشتراكي» و«القوات»، وقد أظهرت هذه السياسة على مدى الاشهر الثلاثة السابقة انها لن تؤدي الى ولادة الحكومة. وبالتالي، الاستمرار في النهج نفسه لن يؤدي الى التشكيل، بل ستبقى الامور على ما هي عليه، لأنّ من يظن انّ في استطاعته تحجيم «القوات» او إحراجها لإخراجها هو مخطئ، ومن يظن ان في استطاعته دفع الحريري الى تأليف حكومة من دون الأخذ بوجهة نظر «القوات» و«الاشتراكي» مخطىء، ومن يعتقد انّ في استطاعته جَرّ الحريري الى «حكومة أمر واقع» أو دفعه الى الاعتذار مخطىء أيضاً. لذلك، امام كل هذه الوقائع وتجنّباً لانتقال الأزمة من أزمة تأليف الى ازمة كيانية وطنية يجب ان يبادر فخامة الرئيس الى وضع حد لكل النقاش الدائر، وان يوافق على الصيغة التي قدمها الحريري وهي صيغة تعكس واقع الحال السياسي والتوازنات والاستفادة من الدينامية الانتخابية التي أفرزتها الانتخابات، لكننا للأسف نفوّت الفرصة تلو الأخرى. لكن اليوم وصلت الامور الى حائط مسدود، ويمكن ان يستمر الوضع على هذا المنوال لأشهر، لأنه لا يوجد اي حل، ومن يراهن على الوقت لا نعتقد انه سيصبّ في مصلحته لأنّ الامور مقفلة وكل السياسات التحجيمية جرّبت وأصابها فشل ذريع ولن تؤدي الى اي مكان. المطلوب هو الاقلاع عن محاولة تأليف حكومة «امر واقع» وحكومة «غالب ومغلوب»، والاتجاه الى حكومة شراكة حقيقية وفق الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف. و«القوات» لا يمكنها تقديم اكثر مما قدمته وفق المعروض في الصيغة الحالية، وبالتالي يجب تلقّف فرصة ما وصلت إليه «القوات»، واي محاولة اضافية للضغط عليها ستدفعها الى مراجعة حساباتها بالعودة الى المربّع الاول، بالمطالبة بما يحق لها فعلياً من 5 وزراء وحقيبة سيادية».

شريط المشاورات

وكان الحريري تابع مشاوراته لحل العقدتين «القواتية» والدرزية، فالتقى الوزير ملحم الرياشي، ثم رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور. واكتفى جنبلاط بالقول: «لا زلنا عند مطلبنا في شأن الحصة الدرزية في الحكومة».

رؤساء حكومات سابقون يرفضون وضع رئيس الجمهورية «معايير» تشكيل الحكومة

بيروت: «الشرق الأوسط».. رفض رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية بعد تسلم الرئيس من رئيس الحكومة المكلف (سعد الحريري) صيغة للتشكيلة الحكومية، وفيه أن رئيس الجمهورية أبدى بعض الملاحظات على هذه الصيغة استنادا إلى ما سماه البيان «الأسس والمعايير التي حددها لشكل الحكومة التي تقتضيها مصلحة لبنان». وناشد رؤساء الحكومات السابقون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يضع حدا لـ«المسار الذي يؤدي إلى الإساءة للعهد وإعاقة ورشة التنمية والنهوض التي ينتظرها اللبنانيون». وقالوا في بيان أصدروه أمس «سمعنا في الأسابيع الماضية، طروحات سياسية وهرطقات دستورية تتعلق بتشكيل الحكومات وبصلاحيات الرئيس المكلف وصلاحيات رئيس الجمهورية وتشكل كلها اعتداء صريحا على أحكام الدستور وخروجا على مبادئ النظام الديمقراطي البرلماني الذي حددت طبيعته في مقدمة الدستور، وتهدف جميعها إلى فرض أعراف دستورية جديدة». واعتبروا أن إشارة هذا البيان إلى الأسس والمعايير التي كان حددها رئيس الجمهورية لشكل الحكومة إنما هي إشارة في غير محلها، لأنها تستند إلى مفهوم غير موجود في النصوص الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومات في لبنان، إذ نص الدستور في مادته الثالثة والخمسين، على أن رئيس الجمهورية يسمي رئيس الحكومة المكلف استنادا إلى استشارات نيابية ملزمة، ويُصدِر بالاتفاق معه مرسوم تشكيل الحكومة. ولم يتحدث الدستور عن أي معيار خلاف ذلك.

«فيتو» أميركي على «ترقية حزب الله» حكومياً... وتلويح بعقوبات

الحريري عول على تحرك لرئيس الجمهورية يعطي وزارة العدل لـ«القوات»

الشرق الاوسط...بيروت: ثائر عباس.. أثارت الانتكاسة الحكومية التي حصلت أول من أمس، برفض الرئيس اللبناني ميشال عون تشكيلة وزارية قدمها إليه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مخاوف من ارتدادات سلبية على الواقع السياسي اللبناني، في حين تبين أن ثمة عوائق أخرى أمام عملية التأليف الحكومية قد تكون أخطر من العقدتين «المسيحية» و«الدرزية» اللتين تعوقان الحريري في عملية تأليف الحكومة بعد أكثر من 100 يوم على تكليفه تأليفها. وقالت مصادر لبنانية متطابقة إن العقدتين المعلنتين، وهما عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يرأسه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، قد لا تكونان سوى رأس جبل الجليد في ضوء «فيتو» أميركي حاسم حول زيادة حصة «حزب الله» الحكومية، كماً ونوعاً. وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مسؤولين أميركيين أبلغوا قيادات لبنانية أن أي زيادة لنفوذ الحزب في الحكومة سوف تواجه بمقاطعة أميركية شاملة وبعقوبات على المؤسسات التي يتزايد فيها نفوذ الحزب، ووقف للمساعدات المقررة للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى. ويطالب «حزب الله» علنا بالحصول على وزارة الصحة ووزارة أخرى خدماتية، لكن التحذيرات الأميركية قد تكون عائقا أمام حصوله على مبتغاه، وبالتالي سيكون أمام خيارين، إما القبول بالحصة التي ينالها في الحكومة الحالية (وزارتي الصناعة، والشباب والرياضة) أو الرفض، ما يعني عمليا عرقلة تأليف الحكومة. وقالت المصادر إن الضغوط الأميركية ستؤدي تلقائيا إلى وقف مساعدات لوزارة الصحة قيمتها نحو 150 مليون دولار، كما قد تؤدي إلى ضغوط أميركية على دول غربية ومنظمات دولية لوقف أي تعاون مع الوزارة. وفيما لم يصدر عن السفارة الأميركية أي تعليقات بهذا الشأن، تقول مصادر لبنانية إن موقف السفارة الرسمي الذي تم إبلاغه للمسؤولين اللبنانيين لم يتغير عن الحكومات السابقة، وهو أن الأميركيين سوف يوقفون تلقائيا التعاون مع أي وزارة يشغلها عضو من «حزب الله» المصنف إرهابيا في الولايات المتحدة. وكانت عملية تأليف الحكومة اللبنانية قد تعثرت، بعد «ملاحظات» أبداها الرئيس عون على التشكيلة التي حملها إليه الحريري، معتبرا أنها لم تراعِ «الأسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان». وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات الحكومية، إن الحريري كان يراهن على مبادرة من عون تقضي على الجمود الذي يلف عملية تأليف الحكومة. وتشير إلى أن المعادلة القائمة التي جمع الحريري معالمها من لقاءاته مع القيادات اللبنانية المرشحة للدخول إلى الحكومة، تقضي بضرورة تأمين بديل فعلي لـ«القوات» التي يمكن أن تتخلى عن مطالبتها بمنصب نائب رئيس الحكومة ووزارة سيادية، يكون بحصولها على 4 وزارات، من بينها وزارة مهمة، وتحديدا وزارة الطاقة، التي يرفض التيار الوطني الحر بشدة التخلي عنها، أو وزارة الأشغال التي يتمسك بها «حزب الله» من حصة حليفه تيار «المردة». وكان الحريري يأمل بتعويض «القوات» بوزارة العدل مع وزارة التربية ووزارة خدماتية أخرى، على أن يعطي «القوات» وزارة رابعة من حصته الشخصية، ينال بدلا منها وزارة دولة شؤون مجلس الوزراء، غير أن «ملاحظات» رئيس الجمهورية أوحت برفضه التدخل كما كان الحريري و«القوات» يأملان، مقابل استمرار تشدد وزير الخارجية جبران باسيل في عدم التخلي عن أي وزارة من حصة «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه حاليا. أما العقدة الدرزية، فما تزال مؤجلة أيضا في ظل تفرغ الحريري للعقدة المسيحية حاليا. ويطالب النائب السابق جنبلاط بـ3 حقائب وزارية عائدة للدروز، لكونه يمتلك الغالبية الكبرى من المقاعد الدرزية في البرلمان. وكانت شائعات راجت عن إمكانية توزير سني (النائب بلال عبد الله) من حصة جنبلاط، على أن يكون المقعد الدرزي الثالث بالتفاهم بين جنبلاط والحريري، لكن الحريري لم يتحمس للطرح لصعوبة تنفيذه. ولا يبدو جنبلاط منغلقا على الحلول، بانتظار اقتراحات فعلية تقدم له، لكنه ما يزال متمسكا بموقفه حتى اللحظة، رغم استعداده لتسهيل تأليف الحكومة، كما تقول مصادر قريبة منه. وواصل الحريري، أمس، مشاوراته غداة تقديم مسودته الحكومية إلى عون، إذ استقبل وزير الإعلام ملحم الرياشي موفدا من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وجرى عرض لآخر المستجدات والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة. وشن «التيار الوطني الحر» حملة انتقادات لمتهميه بعرقلة تأليف الحكومة، إذ لفت النائب إبراهيم كنعان إلى أن «نصف التشكيلة التي قدمها الحريري أمس (الأول) تشكيلة (رفع العتب)»، مشددا على «أننا نرفض الاحتكار بتمثيل الطوائف ونراه محاولة لإجهاض نتائج الانتخابات وعدم احترامها». وشدد كنعان، بعد تلاوة بيان اجتماع «تكتل لبنان القوي» الأسبوعي، على أن «هناك التفافا على دور رئيس الجمهورية». وأضاف: «نحترم صلاحيات كل المؤسسات الدستورية، وما سمعناه عقب بيان بعبدا غير مقبول، والرئيس عون مؤتمن على شراكة فعلية وحقيقية». وقال كنعان: «لا نريد البقاء بلا حكومة، ولكن لسنا على استعداد لأن نكون شهود زور دستوريا وديمقراطيا». لكن «القوات» تلقي باللائمة على «التيار الوطني الحر»، ولوحت أمس مجددا بالتصعيد، إذ أكد رئيس لجنة الإدارة والعدل عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان أن «(القوات) نزلت إلى الحدّ الأدنى من حقوقها فظنّ البعض أنه (بازار)، وبعد ما حدث سنعود إلى مطلبنا بـ5 وزراء مع حقيبة سيادية، وما حدث لا يضر إلا بالعهد». وقال: «عملية التسهيل التي قدمتها (القوات) هي للتسهيل والبعض الذي لم يقبل الدور الذي لعبته (القوات) يعلم أن المتضرر الأول من تأخير الحكومة هو العهد، وآن الأوان لـ(التيار) أن يتنازل للتشكيل». بدوره، اعتبر أمين سر «تكتل الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم أن ملف التشكيل عاد إلى نقطة الصفر مع السلبيات. ولفت كرم إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون، أوصى الرئيس المكلف سعد الحريري بإنهاء موضوع التشكيل مع باسيل، والأخير رفض العرض المقدم قبل أن يصل إلى فخامة الرئيس، مضيفاً: «محاولة حشر الرئيس المكلف ووضعه أمام مهل غير دستورية هي محاولة ضغط عليه ومحاولة لإحراجه إلا أنها فشلت في ظل عدم إمكانية أحد عزله».

عودة 650 نازحا من لبنان إلى سورية من قرى في الجنوب والشمال والبقاع ومحيط بيروت

بيروت - «الراي» .. من خلف جدارِ التعقيدات السياسة التي تصطدم بها المبادرة الروسية وما زالت تحول دون ترجمتها الى استراتيجية عملانية، تستمر العودة التدريجية الطوعية لمئاتِ اللاجئين من لبنان عبر الآلية التي يُشْرِف عليها «الأمن العام» وتستند الى لوائح اسمية يتولى هذا الجهاز تسوية أوراق أصحابها مع السلطات السورية. وحملت الدفعة التاسعة من العودة المتدرّجة انتقال 650 نازحاً من مناطق لبنانية عدة اليوم، وتحديداً من شبعا والبقاعين الاوسط والغربي وقرى في النبطية (الجنوب) ومن طرابلس (الشمال) وبرج حمود (شمال بيروت) الى قرى في أرياف حلب ودمشق ودرعا والزبداني، إضافة الى حمص. وتمت العودة التي واكبها «الأمن العام» وعايَنها فريق من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في حافلات عبرت نقطتيْ المصنع الحدودية بقاعاً كما نقطة العبودية شمالاً.



السابق

مصر وإفريقيا..اشتباكات طائفية في مصر بسبب بناء كنيسة بدون ترخيص..توقيف إرهابي انفجرت «حقيبته» قرب سفارة واشنطن في القاهرة...المعارك في العاصمة الليبية تتسبب بنزوح الآلاف..هدنة أممية لوقف النار في طرابلس... وإيطاليا تستبعد التدخل العسكري..تونس: «النداء» يهدد بسحب وزرائه من حكومة الشاهد...

التالي

أخبار وتقارير...ترمب يدير جلسة لمجلس الأمن حول إيران في أواخر سبتمبر...واشنطن تطلب من رعاياها تجنّب السفر إلى لبنان..تسع مدن تحت قناع غروزني «السوفياتي» و «الإسلامي»..استبداد في نيكاراغوا وراء قناع يساري..إطلاق حركة يسارية في ألمانيا لمواجهة اليمين المتطرف..ماكرون يجري تعديلاً حكومياً ويتخذ قراراً حول الضريبة..مناورات عسكرية أوكرانية - «أطلسية»..دول أميركا اللاتينية تبحث أزمة المهاجرين الفنزويليين...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,261,693

عدد الزوار: 6,942,645

المتواجدون الآن: 135