خلاف لبناني على النصر.. وخطابان متباعدان لعون ونصر الله..الحريري لإعلان الحداد الوطني على شهداء الجيش.. وقوافل مسلحي داعش إلى «البوكمال» بحماية النظام...لبنان في مرمى صفقة «حزب الله» - «داعش» ... انتصارٌ أم خديعة؟....أهالي العسكريين متمسكون بالأمل... «والتاريخ سيحاسب المسؤولين»..ومصدر في «الحر» يروي معطيات عن قتل العسكريين..المستقبل: لغة نصرالله تخصه ولن تثنينا عن التزاماتنا تجاه الدولة ومؤسساتها الشرعية..سليمان: هل منَع أحد «حزب الله» من تطهير الجرود عام 2014؟...بعد «فجر الجرود»... بيروت تستقطب وفوداً عسكرية وديبلوماسية..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 29 آب 2017 - 7:42 ص    عدد الزيارات 2564    القسم محلية

        


خلاف لبناني على النصر.. وخطابان متباعدان لعون ونصر الله...

الحريري لإعلان الحداد الوطني على شهداء الجيش.. وقوافل مسلحي داعش إلى «البوكمال» بحماية النظام...

اللواء... 28 آب، قوافل مسلحي تنظيم «داعش» واسرهم تغادر الأراضي اللبنانية، بمواكبة قوة من الجيش السوري، معلنين استسلامهم وتسليمهم بهزيمة نكراء، غير مسبوقة، لا شكلاً ولا مضموناً. الحدث، هو ان مسلحي التنظيم انسحبوا من جرود رأس بعلبك، وجرود القاع، بعدما قتل منهم من قتل، واسر من أسر، وجرح من جرح، جرّاء المعارك البطولية التي خاضها الجيش اللبناني داخل الأراضي اللبنانية، وبالتزامن مع معارك مماثلة خاضها حزب الله والجيش السوري على امتداد جبهة مشتركة حدودية بين لبنان وسوريا من الشرق. وقضى الاتفاق الذي يسمح بخروج ما تبقى من مقاتلين وعددهم (وفق الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله) 665 شخصاً، ويشمل 331 مدنياً و308 مسلحين و26 مصاباً بجروح، وهي المرة الأولى التي يوافق تنظيم «داعش» علناً فيها، على الانسحاب مجبراً من اراضٍ كان يسيطر عليها، بخروج مئات المسلحين مع عائلاتهم من جانبي الحدود على متن حافلات تقلهم إلى محافظة دير الزور شرق سوريا الواقعة تحت سيطرة «داعش». ومساءً غادرت القوافل من منطقة قارة السورية في القلمون الغربي باتجاه البوكمال في محافظة دير الزور، ولم يعد للتنظيم أي وجود في الجرود، سواء اللبنانية أو السورية.

إطلالة نصر الله

وشكلت إطلالة السيّد نصر الله مساء أمس للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام، فرصة لتجدد السجال حول النصر، ومعركة الجرود، التي كشف الأمين العام ان الحزب قدّم خلالها «11 شهيداً و7 للجيش السوري» قبل ان يلقي أمين عام حزب الله خطاباً في احتفال دعا إليه في مرجة بعلبك الخميس 31 آب الجاري (وهو التاريخ الذي عادة ما تحتفل فيه حركة «أمل» من كل عام بذكرى اختطاف مؤسسها الامام السيّد موسى الصدر)، للاحتفال بالنصر على الإرهاب، أو «التحرير الثاني» وفقاً لأدبيات حزب الله. وسارع تيّار المستقبل، على نحو ما فعل في الإطلالة السابقة للسيد نصر الله إلى إصدار بيان، فنّد فيه ما أعلنه، واصفاً كلامه بأنه «تعكير للمناخ الوطني، وللسباق على قطف النتائج السياسية وتوزيع المغانم المذهبية والطائفية على المناطق اللبنانية»، معرباً عن اعتذاره من أهالي الشهداء «لاضطراره لدخول حلبة السجال السياسي في هذه اللحظة، التي يفترض ان تكون لحظة توافق وتلاق وطني لا لحظة افتراق وسجال». ودعا «المستقبل» إلى التزام الخطاب العقلاني في مقاربة القضايا الوطنية الحسّاسة، معرباً عن أسفه للدعوة التي وجهت «لتعديل وجهة الانتقام إلى الداخل، رداً على بعض المواقف التي احتجت على نتائج الصفقة مع «داعش». ونأى التيار بنفسه عن «موقع من يريد تلطيخ هذه المعركة ونتائجها عبر الاتهام والشكوك، وأن هناك مجموعة من الشباب اللبناني سقط فيها وأن المسؤولية الأخلاقية تفترض التعاطف مع الأهالي المفجوعين وتجنب الإساءة إلى مشاعرهم أو اخضاعها للمزايدات السياسية». وأكد التيار ان التضحيات التي قدمها الجيش اللبناني والإعلان عن استشهاد العسكريين الذين خطفهم وقتلهم غدراً تنظيم «داعش» الإرهابي، يجب ان تشكل مناسبة لاجتماع اللبنانيين بكل اطيافهم السياسية والطائفية، حول الدولة ومؤسساتها الشرعية، والتوقف عن تقديم الخدمات المجانية للنظام السوري، واعتبار لبنان منصة لتقديم المصالح الخارجية على المصلحة اللبنانية.

حداد وطني

ووصف الرئيس سعد الحريري يوم أمس بأنه يوم «لانتصار لبنان على الإرهاب وطرد تنظيماته، موجهاً التحية للجيش اللبناني، وكشف ان الحكومة اللبنانية ستعلن يوم حداد وطني فور التأكد من نتائج فحص الحمض النووي للجثامين الثمانية العائدة لشهداء الجيش الذين اختطفهم داعش، وذلك بعد التداول مع الرئيس ميشال عون. ولم تستبعد مصادر رسمية عبر «اللواء» ان يكون لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقف بعد الاعلان الرسمي عن مصير العسكريين المخطوفين والاجراءات اللاحقة بما في ذلك من اعلان وفاة ومأتم وطني وإعلان حداد. ولفتت المصادر انه قبل ذلك ما من شيء مرتقب صدوره. اما في ما خص عملية المفاوضات، فاوضحت المصادر ان المعنيين بالموضوع يتولون القيام بالشرح اللازم. إلا أن مصادر أخرى أكدت ان كلمة لرئيس الجمهورية ستكون في احتفال سيقام وسط بيروت، وفي ساحة الشهداء، في ذكرى إعلان لبنان الكبير. وكان الرئيس عون تابع أمس التطورات الميدانية في جرود بعلبك والقاع بعد تحريرها من تنظيم «داعش» الارهابي، وما تقوم به وحدات الجيش لتنظيف المنطقة المحررة والتمركز فيها. ونظمت قيادة الجيش جولة لوسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية في جرود عرسال والفاكهة والقاع ورأس بعلبك، بدأت من مركز قيادة العمليات في رأس بعلبك.. قبل ان ينطلق الوفد الإعلامي إلى الجرود والمراكز المتقدمة على الحدود اللبنانية – السورية عند معبر مرطبيا والتلال المقابلة لحليمة قارة. وشرح أحد الضباط الميدانيين «كيفية ضرب الارهابيين والالتفاف حول مراكزهم بهدف شل حركتهم تماما»، لافتاً إلى «أننا واجهنا عدوا شرسا وفككنا عبوات ناسفة كان قد زرعها الارهابيون على الطرقات وقامت وحداتنا بشق الطرقات تفاديا لمرور الآليات على الطرقات بسبب التفجيرات والتفخيخات». وأكد «أننا كنا على جهوزية تامة لتنفيذ المرحلة الرابعة الاخيرة للهجوم على الارهابيين وجاءت الاوامر من القيادة لوقف اطلاق النار من أجل عملية التفاوض».

نصر الله

ولم تخل إطلالة السيّد نصر الله التلفزيونية، مساء أمس من تصعيد سياسي ضد تيّار «المستقبل» وضد الحكومة السابقة التي كانت تتولى مسؤولية القرار السياسي عند اختطاف العسكريين في احداث عرسال في آب من العام 2014، في سياق الدفاع عن المفاوضات التي خاضها «حزب الله» مع تنظيم «داعش» لكشف مصير العسكريين المخطوفين وتحرير كامل الحدود الشرقية مع سوريا. وفي سياق الرد على «المستقبل» والذي استهل به كلمته، نفى نصر الله ان يكون يبتز الحكومة أو الشعب اللبناني بدعوة الدولة إلى التفاوض بشرط طلب ذلك من القيادة السورية، موضحاً ان هذا الكلام جاء في سياق شرح الموقف بأننا امام خيارين، اما ان تفاوض الدولة أو ان يفاوض حزب الله، من دون طلب ذلك إلى الحكومة اللبنانية. واتهم كل الذين اتهموا الحزب بابتزاز اللبنانيين بأنهم «أما جهلة باللغة العربية أو أنهم لئام عديمو الأخلاق». ورد نصر الله على دعوات الانتقام من مسلحي «داعش» الذين تسببوا في استشهاد العسكريين، بالتأكيد على أن هذه المعركة لم تكن معركة العين بالعين والسن بالسن، متهماً أصحاب هذه الدعوات بتشويه صورة المعركة وأنه كان يجب عليهم الطلب رسمياً بفتح تحقيق عن كيفية تسليم العسكريين، ومن منع الجيش اللبناني من فك أسر هؤلاء، مع انه كان قادراً على ذلك، واصفاً القرار السياسي بتحرير العسكريين «بالجبان والتخاذل». واعتبر السيّد نصر الله، ان معركة الجرود، سواء من جانبها اللبناني التي خاضها الجيش اللبناني، أو الجهة السورية التي خاضها حزب الله مع الجيش السوري بأنها حققت كامل أهدافها، وهي إخراج «داعش» من الأراضي اللبنانية، وكشف مصير العسكريين وتأمين الحدود اللبنانية – السورية، كاشفا بأن عدد شهداء الحزب في هذه المعركة كان 11 شهيدا، فيما سقط للجيش السوري 8 شهداء، أي ان المجموع كان 18 شهيدا عدا عن الجرحى. وكشف ايضا ان المرحلة الأخيرة من اتفاق وقف النار مع داعش، تضمن تبادلاً بين وصول الحافلات إلى منطقة بوكمال السورية والاسير أحمد منير معتوق واجساد الشهداء الخمسة. كما كشف ان لدى الحزب اسيرا من داعش سلم نفسه، وانه يحتفظ به حيّن العثور على جثمان الشهيد عباس مدلج، بحسب ما أبلغ والده بذلك، عبر وفد ارسله إليه. واعتبر ان أحد أسباب بطء المعركة في ايامها الأخيرة كان بهدف كشف مصير العسكريين. وانه كان يمكن ان يقتل الكثيرون من مدنيين واطفال لو ذهبنا إلى الخيار العسكري النهائي، ولسقط ايضا المزيد من الشهداء من الجيش اللبناني والسوري والمقاومة، ولكان ملف العسكريين بقي غامضا، ولكان النصر الذي حصل منقوصاً. وشدّد نصر الله، في القسم الثاني من كلمته على اننا امام نصر كبير جداً، والحدود اللبنانية باتت آمنة عسكرياً، واصفاً يوم 28 آب 2017 بأنه يوم التحرير الثاني، لأنه لم يعد يوجد أي إرهابي أو «داعشي» فوق أية حبة تراب أو تلة لبنانية، لكنه أوضح انه سواء اعترفت الحكومة اللبنانية بهذا اليوم التاريخي أم لم تعترف فهذا شيء يعود إليها، خاتماً بالدعوة إلى احتفال سيقيمه الحزب للمناسبة عصر يوم الخميس المقبل في مدينة بعلبك، حيث سيتحدث فيه مجدداً، رغم انه سيكون يوم وقفة عيد الأضحى الذي يصادف يوم الجمعة.

لبنان في مرمى صفقة «حزب الله» - «داعش» ... انتصارٌ أم خديعة؟.... باصاتُ ترحيلٍ وفحوص DNA وانتفاضة إلكترونية وإطلالة لنصرالله

بيروت - «الراي» .. انتهتْ المعركة العسكرية ولم تنتهِ تَفاعُلاتها السياسية... هكذا بدا المشهد في لبنان غداة «الصفقة» بين «حزب الله» و«داعش» التي وضعتْ حداً للمعركة في جرود القلمون الغربي السوري وجرود رأس بعلبك والقاع بإخراج التنظيم الإرهابي، بعد «جبهة النصرة»، من آخر البقع الجغرافية التي كان يتواجد فيها على الحدود اللبنانية - السورية. ولم يكن انجلى غبارُ المعركة التي خاضها الجيش اللبناني بحرفيةٍ عالية على المقلب اللبناني (على مدى نحو أسبوع) والعملية المتزامنة التي انخرط فيها «حزب الله» بمؤازرة الجيش السوري في المقلب السوري (قارة والجراجير) حتى اندفعتْ إلى الواجهة مقارباتٌ عدة للمسارِ الذي أفضى إلى الخاتمة التي راوحتْ القراءة لها بين اعتبارها انتصاراً وبين التعاطي معه على أنها «خديعة».

وتَوزّع المشهد في لبنان، أمس، على 3 عناوين:

* الأوّل: اكتمال مراحل الصفقة بين «حزب الله» و«داعش» التي وافق عليها النظام السوري وطالت مفاعيلها المقلب اللبناني وقضتْ جولتها الثالثة والأخيرة أمس بانتقال نحو 350 من إرهابيي «داعش» مع عائلاتهم (وبينها نحو 40 عائلة تقيم في مخيمات النازحين في عرسال) من جرود قارة السورية إلى البوكمال في دير الزور عند الحدود مع العراق، وذلك في حافلاتٍ رافقتْها سيارات إسعاف لنقْل 25 جريحاً من التنظيم.

وفيما شخصتْ الأنظار ابتداءً من بعد ظهر أمس إلى قارة ترقُّباً لانطلاق الحافلات، فإن الجانب الآخر من الرصد تركّز على الثمن المقابل المتمثّل بإطلاق «داعش» (عند وصول الحافلات) أسيراً من «حزب الله» كان وقع في قبضته قبل نحو 3 أشهر (أحمد معتوق) وتسليم 3 جثامين لعناصره سبق أن سقطوا في معارك البادية، وسط تقارير في بيروت عن أن الصفقة تشمل عنصراً من «الحرس الثوري» الايراني كان أعلن «داعش» أنه أعدمه قبل فترة قصيرة.

وكانت المرحلتان الأوليان من الصفقة اشتملتا اول من امس على تسليم «داعش» الى «حزب الله» 5 جثامين لمقاتلين له، ثم كشْف مصير العسكريين اللبنانيين التسعة الأسرى لدى التنظيم الارهابي منذ 2 اغسطس 2014 (أحدهم كان التحق بعد الأسْر بـ(داعش) وربما يكون سقط خلال معارك) والذين تبلّغ الجانب اللبناني بمكان دفْنهم، قبل أن يتم انتشال رفات تعود لثمانية أشخاص من حفرة في وادي الدب (جرود عرسال) جزم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم المكلف بمتابعة هذا الملف بأنها تعود الى العسكريين، بانتظار أن تحسم ذلك علمياً فحوص الـ «دي ان آي»، مؤكداً ان الجنود اللبنانيين تمت تصفيتهم أوائل العام 2015.

* العنوان الثاني: فحوص الـ DNA لتأكيد هوية الجثامين وتالياً الطيّ الرسمي لصفحة العسكريين. وإذ عُلم أن نتائج هذه الفحوص ربما تظهر غداً، برزت ملامح «أمل» أصرّ ذوو العسكريين على التمسّك به متكئين على صورٍ سُربت لهم للرفات وقالوا انها تُظهِر وجود طفل بينهم إضافة الى اعتبارهم ان انتعال الأشخاص الذين عُثر عليها «رانجرات» عكسرية ليس دليلاً كافياً على أنهم الجنود اللبنانيون، لا سيما ان هؤلاء كانوا أطلوا في آخر ظهور لهم بثياب رياضية (بيجامات)، ناهيك عن معلومات اعلنوا انهم سبق ان تلقوها بشأن عدم جود أبنائهم بالأسْر في مجموعة واحدة.

* أما العنوان الثالث والأكثر إثارة فيتمثّل في ملامح الانقسام السياسي حيال معركة الجرود ونتائجها ومسار إنهائها. وفي هذا السياق برزتْ مقاربةٌ رأتْ في ما جرى «خديعةً» تمّ استدراج الجيش اللبناني إليها من خلال ما وصفه الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان بـ «المشهد المقزز وغير المسبوق في تاريخ لبنان الذي تلتقي فيه جثامين الشهداء بموكب القتلة العائد إلى سورية بسلام»، في إشارة الى ترْك إرهابيي «داعش» يغادرون من ضمن صفقة أبرمها «حزب الله» وألزمتْ الجيش بنتائجها من دون أن يكون قادراً على رسم نهاية مغايرة تقوم على الاقتصاص من قتَلة العسكريين الثمانية. وهذا البُعد حضر في مواقف عدة بينها لوزير «القوات اللبنانية» ملحم الرياشي الذي سأل: «أين الحكمة من إطلاق (داعش) بعد اكتشاف مصير عسكريينا؟!» ليجيب: «الحكمة في الأسر والمحاكمة والقضاء عليهم»، وهو ما لاح أيضاً عبر ما يشبه «الانتفاضة» على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال بيانٍ صدر عن أهالي بلدة القاع التي سبق أن تعرّضتْ لهجمات انتحارية من التنظيم الإرهابي أودتْ بالعديد من أبنائها. وفيما استوقف دوائر سياسية كيف أن معركةً كان يفترض أن تُتوَّج بإعلان نهايتها يوم نصرٍ فإذ بها ستكون يوم حداد وطني، برزت قراءة أخرى اعتبرت ما جرى انتصاراً كبيراً للبنان الذي حرر أرضه بالكامل من التنظيمات الارهابية، وهو ما عبّر عنه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في إطلالته ليل أمس حيث أعلن أن ما حصل هو «التحرير الثاني» (بعد تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي)، منوّهاً بتضحياتِ الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة ومعيداً التركيز على معادلة «شعب وجيش ومقاومة وجيش عربي سوري». ورغم أن نصر الله تحدّث عن انتصار خياراته، فإن أوساطاً واسعة الاطلاع في بيروت لاحظتْ أن الأمين العام لـ «حزب الله» اضطُرّ لمماشاة الحكومة اللبنانية، برفْض أي تنسيق علني مع الحكومة السورية وحزبه، وذلك انسجاماً مع التزاماتها تجاه المجتمع الدولي، خصوصاً أن الولايات المتحدة وبريطانيا لعبتا دوراً كبيراً في دعم الجيش في معركته ضدّ «داعش».

أهالي العسكريين متمسكون بالأمل... «والتاريخ سيحاسب المسؤولين»

بيروت: «الشرق الأوسط».... لا تزال صور العسكريين اللبنانيين تزيّن خيمة أهاليهم، التي تحوّلت إلى ما يشبه المنزل الجامع لهم ولمصيبتهم منذ أكثر من سنتين. هذه الصور الصامدة كما صمود الآباء والأمهات شاهدة على الأشهر الطويلة التي انتظروا خلالها خبراً صغيراً يثلج قلوبهم، رافضين القبول بموتهم. ورغم تبلغهم بخبر الوفاة رسمياً يوم أول من أمس، لا يزال الأهالي المنتظرين في الخيمة يترقبون نتائج فحص الحمض النووي، متمسكين بالقليل من الأمل، ومسلمين بالقدر في الوقت عينه. أجواء من الحزن والخيبة تخيم على هذه الخيمة في وسط بيروت، حيث ينتظر بعض الأهالي هنا، رافضين المغادرة قبل الحصول على النتيجة النهائية، محاطين بالأقارب والأصدقاء، ليطلقوا تارة الاتهامات، وطوراً الحمد والشكر، كونهم أهالي شهداء يعتز بهم الوطن، سائلين في الوقت عينه: «لو حصلت هذه المفاوضات في عام 2014، أما كان أبناؤنا عادوا إلينا سالمين؟». فها هو حسين يوسف يحمل صورة ابنه محمد، مؤكداً أنه لا يزال يعتبر ابنه مخطوفاً حتى صدور نتائج الفحوصات لتحديد هوية الجثث التي تم العثور عليها يوم أول من أمس، في محلة وادي الدب، في جرود عرسال، بناء على اعترافات أدلى بها عناصر من «داعش» سلموا أنفسهم لـ«حزب الله»، مع العلم بأن بعض المعلومات أشارت إلى أن نتائج الحمض النووي قد تتطلب أكثر من أسبوع، نظراً إلى تحلل الجثث والرفات. ويقول يوسف، المتحدث باسم أهالي العسكريين، لـ«الشرق الأوسط» والدموع تملأ عينيه: «التاريخ سيحاسب السياسيين الذين لعبوا بدماء العسكريين الشرفاء، والشعب اللبناني كله يعرف من هم. أملنا بالوطن لن يخيب»، واتهم القوى السياسية بعدم الاهتمام بملف أبنائهم بشكل جدي، سائلاً: «كيف يسمح لإرهابيين مجرمين سفاكي دماء، بعد 3 سنوات من خطف العسكريين، ومن ثم إعدامهم، أن يخرجوا وكأن شيئاً لم يكن؟ متهماً الدولة بالمساومة عليهم، وإفلات المجرم من دون عقاب أو محاسبة». ورأى أن هناك قطبة مخفية في كل ما حصل لم تطلعهم عليها السلطات، خصوصاً أن لديهم معلومات تفيد بأن العسكريين الثمانية لم يكونوا كلهم معاً. وأمام كل هذه التساؤلات، والانتظار الثقيل، يحاول الأهالي التخفيف عن أنفسهم، بالتأكيد على أنهم «فخورون بكونهم أهالي شهداء، ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن، واختاروا الموت على الانشقاق عن الجيش، والانضمام إلى تنظيم داعش». وكانت الخيمة، مساء أمس، محط وقفة تضامنية مع أهالي العسكريين، لرفع الصوت عالياً، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين بملف العسكريين، بحسب ما أعلنته «حملة بدنا نحاسب».

«دواعش» الجرود اللبنانية ينضمون إلى قافلة المغادرين ومصدر في «الحر» يروي معطيات عن قتل العسكريين

الحياة...بيروت - ناجية الحصري .. انسحب من تبقى من مسلحي تنظيم «داعش» امس، من جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة اللبنانية للانضمام الى القوافل المغادرة الى العمق السوري مع مسلحين من امثالهم في الجرود السورية، وذلك تنفيذاً لاتفاق وقف النار والمبادلة الذي توصل اليه «حزب الله» مع «داعش». وتقضي مرحلة الاتفاق الاخيرة باطلاق «داعش» أسيراً للحزب وتسليم جثتي مقاتلَين منه قضيا في البادية السورية بعد وصول قافلة المنسحبين الى منطقة دير الزور. وكان نحو مئة امرأة وطفل خرجوا من مخيمات عرسال للنازحين السوريين للانضمام الى المنسحبين من الجرود اللبنانية. ونقل اعلاميون لبنانيون ادخلهم «حزب الله» الى الجرود السورية ان عدد المسلحين المنسحبين لا يتجاوز 200 مسلح. وكان 50 مسلحاً في اليوم الاول لمعركة «فجر الجرود» انسحبوا من الجرود السورية الى الداخل السوري بمواكبة من «حزب الله» والجيش السوري وبمرافقة عائلاتهم وقال أحدهم في حينه للكاميرات عن سبب انسحابه: «اننا خلصنا». وفيما انحصرت التغطية الاعلامية لحدث التبادل بالجانب السوري من الجرود وتحديداً حيث يتواجد مسلحو «حزب الله» وعسكريو الجيش السوري، نظم الجيش اللبناني جولة اعلامية لمحطات التلفزة المحلية والاجنبية الى الجرود اللبنانية التي أخلاها المسلحون.

مصدر عسكري

وجدد مصدر عسكري لبناني التأكيد لـ «الحياة» ان «لبنان لم يفاوض ولم ينسق مع الجانب السوري، نحن مارسنا القصف العنيف ما سرع عملية استسلامهم». واعتبر المصدر نفسه ان «من المؤكد ان مفاوضات مسبقة كانت جارية بين حزب الله وداعش وانتهت الى وضع ترتيبات الانسحاب ولا يمكن أن يحصل الامر خلال ساعتين او ثلاثة اي بين الثانية والنصف بعد منتصف ليل السبت- الاحد وبين السابعة صباح الاحد موعد اعلان وقف النار». وقال المصدر ان «المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كلفته الحكومة اللبنانية متابعة ما تم الاتفاق عليه بين حزب الله والداوعش». وعن السجال الحاصل في شأن «لو نفذ الجيش اللبناني عمليته في العام 2014»، قال المصدر العسكري: «لو كان هناك قرار سياسي كنا جربنا، لكنهم لم يتركوا لنا مجالاً كي نجرب»، ولفت الى «ان الجانب السوري لم يقدم على هذه العملية من جهته علماً ان الدواعش جاؤوا من الجانب السوري وتمددوا الى الجرود اللبنانية». وعن العسكريين المخطوفين، لفت المصدر الى ان الجيش اللبناني ومن خلال مخابراته كانت لديه معطيات ان العسكريين جرت تصفيتهم منذ زمان وكانت لدينا معلومات عن انهم مدفونون في البقعة التي تم العثور عليهم فيها لكن لم يكن بالامكان الوصول اليها». ولفت الى ان «حزب الله» كان دخل هذه البقعة في اليوم الاول من معركة جرود عرسال، الى وادي الدب ومنه الى وادي الزمراني، اي ان العسكريين كانوا في بقعة يتواجد فيها الحزب منذ اليوم الاول للمعركة وبالتالي لم تكن هناك حاجة للتفاوض مع احد. وعن مصير الجرود في ضوء الانسحاب الداعشي منها، قال المصدر ان هناك كميات كبيرة من الالغام في الممرات وفي المراكز التي اخلاها المسلحون ونعمل على تمهيد الارض للدخول في مرحلة الانتشار. وذكر الإعلام الحربي المركزي للحزب، أنّ «مسلحي ​داعش​ يحرقون نقاطهم وآليّاتهم في أماكن تواجدهم في ​جرود القلمون​ الغربي». وتحدث عن ادخال «11 سيارة إسعاف للهلال الأحمر السوري من معبر الشيخ علي - الروميات إلى المربع الّذي يتواجد فيه مسلحو داعش في جرود القلمون الغربي لاجلاء الجرحى منهم». وغادر من عرسال عشرات النساء والاطفال من عائلات مسلحي «داعش» في فانات صغيرة جرى تأمينها الى البلدة اللبنانية لاجلاء هذه العائلات وغادرت في العاشرة والنصف صباحاً للانضمام الى قافلة المسلحين حيث تتجمع القافلة برمتها في بلدة قارة السورية ومنها تنطلق الى العمق السوري.

اللواء إبراهيم

وكان اللواء ابراهيم رد على الاصوات التي ارتفعت عن عدم توقيف قتلة العسكريين بل انه تم انسحابهم في باصات مكيفة، وقال للاذاعة اللبنانية الرسمية: «نحن دولة لا تمارس القتل والانتقام ولبنان يلتزم مقتضيات القانون الدولي»، موضحاً ان «الجيش عندما انطلق في مهمته كان لهدفين: تحرير الجرود وكل التراب اللبناني وكشف مصير العسكريين المفقودين التسعة، ولم تكن مهمته القتل». وأشار الى انه «على مدى 3 سنوات كانت الامور صعبة ومعقدة جداً، وفي الاشهر الثلاثة الاولى بعد خطف العسكريين كان هناك مجال للتفاوض، وأرسلت داعش وسيطاً للتفاوض لكنه اختفى فجأة، وما لبث ان تبعه 13 وسيطاً لكنهم جميعا لم يتمتعوا بالصدقية». وقال: «من يقع بين يدي داعش لا بد أنه سيسقط شهيداً، لأن مدرستهم هي مدرسة الاجرام والقتل، وهذا ما حصل منذ شباط 2015 مع عسكريينا الابطال الشهداء. ايقنت في تلك اللحظة وحصلت على معلومة مؤكدة وموثقة بأن هؤلاء قد استشهدوا وكنا ننتظر اللحظة المناسبة لاعادتهم الى احضان الوطن بكرامة وعزة». وقال انه «لمح لأهالي العسكريين عن استشهاد ابنائهم منذ نحو سنة وابلغتهم في ذاك الوقت، انه مهما كانت نتيجة هذا الملف يجب اقفاله، ولاحظت ان نظراتهم تلاقت وأنهم ضمناً رفضوا هذا التلميح وتصديقه، حتى أنهم رفضوه عندما أبلغتهم به يوم أمس. انا لا الومهم، وانا اتقبل لومهم لي بكل محبة اذا كانوا يلومونني». ولفت الى أن «المصدر الذي أرشدنا بدقة الى مكان العسكريين الثمانية، أكد لنا هروب العسكري التاسع مع داعش، وبالنسبة الينا هذه المعلومة بحاجة الى التأكيد». وقال: «ليل السبت- الاحد لم أنم ولا دقيقة ولم ادع احداً ينام، من رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش جوزيف عون، ومدير المخابرات وضباط الامن العام، واستمررت بالعمل». وعن مصير المصور الصحافي سمير كساب والمطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، أكد ابراهيم أنهم «كانوا من ضمن بنود التفاوض الاخير، ولكن داعش أكد أنهم ليسوا لديه وأنه لا يملك المعلومات حول مصيرهم وليس هو من خطفهم، الآن نحن في اطار مراجعة هذا الملف من بداياته لتحديد الجهة الخاطفة. أنا أصدق داعش لأنه كان في حال انهيار وتحت ضغط الاستسلام، وبالتالي لا يمكنه إخفاء شيء». وطمأن الجميع الى «أننا نملك الكثير من الاوراق للتفاوض في اي ملف وستثبت الايام ذلك. حققنا هدفين: تحرير الارض وتحرير جثامين شهدائنا».

رواية من «الجيش الحر»

أحد مسلحي «سرايا اهل الشام» (الجيش الحر) تابع عملية استسلام «دواعش» الى حزب الله من اليوم الاول لمعركة «فجر الجرود» وصعودهم امس الحافلات للمغادَرة. وقال لـ «الحياة»: «اننا مصدومون، كيف يمكن اطلاق سراح قتلة العسكريين ونحن في الجرود خلال السنوات الماضية تردنا روايات التعذيب والقتل الذي مارسوه يحق العسكريين المخطوفين وصولاً الى قتلهم». وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه خشية التعرض له إن «احمد وحيد العبد الملقب بـ «ابو براء»، هو حاكم شرعي تصدر عنه فتاوى القتل وهو من امر بقتل العسكريين. ورأينا صوره في اليوم الاول لاستسلام الدواعش يظهر بلحيته وشعره الطويل ويلف رأسه بغطاء رأس، وهو كان سلم جرد المال وجرد الزمراني الى حزب الله من اليوم الاول». وكشف المصدر الذي يقول «ان رواياته كان يتناقلها كل من كان يقيم في الجرود حيث لا شيء يمكن التكتم عليه»، ان «الدواعش قتلوا بداية 3 عسكريين: الاول تم طعنه برقبته وتصويره، والثاني قتل خلال محاولته الهرب بواسطة بيك آب بواسطة الرصاص وواحد قتل ذبحاً». وأشار الى ان طفلاً عمره 14 سنة، وكان حاول الهرب من الدواعش للانضمام الى جبهة النصرة، كان جزاؤه القتل من الدواعش الذين اتهموه بالخيانة وقتل بطريقة بشعة جداً وجرى دفنه الى جانب العسكريين الثلاثة في حينه». وقال المصدر نفسه من «الجيش الحر»: «وبقي 5 عسكريين جرى استغلالهم في تأمين الحطب للوقود من قبل المدعو حسام طراد الملقب بـ «ابوبكر قارة»، واتخذ قرار قتلهم بأمر من احمد وحيد العبد ونفذه «ابو بلقيس» وهو كان جاء الى الجرود من الرقة بأمر من البغدادي مع ابو وليد الشرعي وابوعبدالله العراقي وذلك بعد معركة عرسال بنحو خمسة اشهر. وجرت تصفيتهم لان ابو بلقيس يريد العودة الى الرقة ولا يريد ممن خلفه الدخول في مفاوضات لاطلاقهم، خوفاً من كشف معلومات كثيرة». واشار المصدر نفسه الى ان باسل عبد القادر الملقب بـ «أبو انس السحلي» واحد من الدواعش الذين اسروا العسكريين عند حاجز وادي الحصن، وهو في قبضة مخابرات الجيش منذ عشرة ايام، اذ انه كان موجودا في مخيمات عرسال». يذكر ان «الجيش الحر» و «سرايا اهل الشام» كانا تعرضا لهجوم من «داعش» في القلمون لطردهم من عدد من المناطق خلال السنتين الماضيتين.

المستقبل: لغة نصرالله تخصه ولن تثنينا عن التزاماتنا تجاه الدولة ومؤسساتها الشرعية

اللواء...صدر عن “تيار المستقبل”، مساء اليوم، البيان الآتي :

يأسف “تيار المستقبل” أن تتحول مناسبة تحرير الجرود البقاعية، والانتصار الذي حققه الجيش اللبناني على تنظيم “داعش” الإرهابي، والنهاية التي آل اليها مصير العسكريين المخطوفين، الى ميدانٍ لتعكير المناخ الوطني وللسباق على قطف النتائج السياسية وتوزيع المغانم المذهبية والطائفية على المناطق اللبنانية . ويعتذر التيار من اللبنانيين عموماً، ومن أهالي الشهداء خصوصاً، عن اضطراره لدخول حلبة السجال السياسي في هذه اللحظة، التي يفترض أن تكون لحظة توافقٍ وتلاقٍ وطني لا لحظة افتراق وسجال، وذلك في ضوء ما سمعناه جميعاً من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هذه الليلة .

يريد الأمين العام لـ”حزب الله” أن يحاسب القوى السياسية على مواقفها المبدئية من دعوته للتواصل مع الحكومة السورية، وتفرد الحزب في اتخاذ قرارات تتصل بأمور السلم والحرب بمعزل عن الدولة ومؤسساتها الدستورية .

فما الجديد الذي طرأ على الواقع السياسي في لبنان، عندما تجمع القيادات والشخصيات والأحزاب المعارضة لسياسات “حزب الله”، على رفض دعواته الاخيرة، والامتناع عن تقديم اَي شكل من أشكال التغطية الوطنية والشرعية ، لحروب الحزب ومعاركه في الداخل والخارج ؟

وما الداعي لمثل هذا القدر من التوتر في اطلاق الاوصاف والاتهامات على جهات وأحزاب وتيارات، لا تحتاج لشهادات حسن سلوك وطني من أحد ؟

وهل يستوي الشعور بتحقيق انتصار كبير على قوى الاٍرهاب في جرود البقاع، مع الشعور بوجود فئة كبيرة من الشعب اللبناني، ترفض تجيير هذا الانتصار لمصلحة اجندات إقليمية، وتحديداً لمصلحة نظام بشار الأسد، المسؤول الاول والاخير عن توريط سوريا في مذابح أهلية لا مثيل لها في التاريخ العربي؟...

إن اللغة التي استمع اليها اللبنانيون هذه الليلة، هي لغة تخص صاحبها، لكنها لن تثني “تيار المستقبل” عن التزاماته المبدئية تجاه الدولة ومؤسساتها الشرعية، بل هي تشكل بالنسبة للتيار حافزاً اضافياً للتمسك برفض استخدام لبنان وحكومته جسراً لتقديم شهادات حسن سلوك للنظام السوري ، والتزام حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الرسمية . إن مسؤولية مواجهة الارهاب ومنعه من التسلل الى لبنان، تقع على اللبنانيين جميعا، ولا تنحصر بفئة او طائفة او حزب. وهذا أمر لا تصح ترجمته، الا بالتأكيد على اعتبار الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية، الجهة الصالحة لتحمل هذه المسؤولية . واذا كان لـ”حزب الله” أن يفاخر بالمعركة التي نظمها في جرود عرسال ، وبالمفاوضات التي اجراها مع “داعش”، ويضعها في خانة الانتصارات التي يحققها على أعداء لبنان فإننا بدورنا وبكل صراحة ومسؤولية، لسنا في موقع من يريد تلطيخ هذه المعركة ونتائجها بحبر الاتهامات والشكوك، خصوصاً وان هناك مجموعة من الشباب اللبناني قد سقط فيها، وان المسؤولية الاخلاقية تفترض التعاطف مع الأهالي المفجوعين وتجنب الاساءة لمشاعرهم أو إخضاعها للمزايدات السياسية . غير أن هذه المسألة لن تشكل سبباً للتأثير على موقفنا المبدئي من سياسات “حزب الله”، وإصرارنا على اعتبار مشاركة الحزب في الحرب السورية وامتداداتها اللبنانية، هي جزء لا يتجزأ من مسلسل الحروب الخارجية، وتقع في هذا السبيل معركة جرود عرسال، التي لا يمكن فصلها عن المسار السياسي والامني والعسكري لـ”حزب الله” منذ سنوات ، وعن المظلة الإيرانية للحروب الدائرة في غير بلد عربي . إن “تيار المستقبل” مؤتمن على الاستقرار السياسي، الذي يعتبره قاعدة أساسية لحماية لبنان من عواصف المنطقة وتداعيات الحروب المحيطة، ويشدد التيار في هذا المجال على التزام الخطاب العقلاني والمنطقي في مقاربة القضايا الوطنية الحساسة، وعدم الإفراط في تأجيج العصبيات والكلام الشعبوي الذي لا وظيفة له سوى العودة الى اصطفافات مذهبية، تؤذي لبنان والعيش المشترك بين أبنائه، على صورة الدعوة المؤسفة التي وجهت لتعديل وجهة الانتقام الى الداخل اللبناني، رداً على بعض المواقف التي احتجت على نتائج الصفقة مع “داعش” . ان التضحيات التي قدمها الجيش اللبناني والإعلان عن استشهاد العسكريين الذين خطفهم وقتلهم غدراً تنظيم “داعش” الإرهابي، يجب ان تشكل مناسبة لاجتماع اللبنانيين بكل اطيافهم السياسية والطائفية، حول الدولة ومؤسساتها الشرعية، والتوقف عن تقديم الخدمات المجانية للنظام السوري، واعتبار لبنان منصة لتقديم المصالح الخارجية على المصلحة اللبنانية . لقد كان للكشف من مصير العسكريين المخطوفين الوقع الموجع في بيوت جميع اللبنانيين، الذين واكبوا طوال سنتين، تعب الآباء، ودموع الأمهات والزوجات، وصراخ الإخوة والاخوات، واستغاثة الأطفال الذين ولدوا وكبروا بعيداً عن حنان الأب واحضانه إن “تيار المستقبل” الذي يُكبر شهادة هذه الباقة العطرة من الشهداء الابرار، ينحني أمام تضحيات الأهالي وصمودهم وصبرهم، ويتضرع الى الله سبحانَه وتعالى ان يخفف عنهم ويشملهم برحمته وعنايته، وان يحمي لبنان وجيشه وشعبه من الحرائق المحيطة والقائمين على تسعير نيرانها .

سليمان: هل منَع أحد «حزب الله» من تطهير الجرود عام 2014؟

المستقبل.. أكد المكتب الاعلامي للرئيس ميشال سليمان، أن «حادثة اختطاف العسكريين لدى التنظيمين الارهابيين جبهة النصرة وداعش حصلت في شهر آب 2014، أي بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان بثلاثة أشهر، وبالتالي، إن كانت هناك من مسؤولية سياسية، فيتحملها حصراً الفريق السياسي الذي عطل الانتخابات الرئاسية وجعل من حكومة تمام سلام، حكومة الـ 24 رئيساً»، داعياً الى «فتح تحقيق رسمي لضمان تبيان الحقائق وتحديد المسؤوليات بدلاً من رميها جزافاً بحسب الأهواء أو المصالح السياسية». وردّ في بيان أمس، على «الحملة المبرمجة التي تديرها جهة معروفة وتساهم فيها بعض المواقع أو صفحات التواصل الاجتماعي (بعضها عن عدم معرفة)، سعياً الى الإستغلال الرخيص وبهدف التعمية على حقائق موجعة ورغبة دفينة آتية من خارج الحدود تعمل على تصفية الحسابات غير آبهة بمشاعر أهالي الشهداء العسكريين الأبطال»، سائلاً «الذين يغالون في فبركة الاتهامات وتلفيق الأكاذيب عن قرار سياسي لبناني سنة 2014 منع الجيش من حسم المعركة، إن كان منع أيضاً حزب الله من القيام بتطهير الجرود كما فعل اليوم في عرسال، في حين ذهب حزب الله إلى سوريا وغيرها على قاعدة حيث يجب أن نكون سنكون ضارباً عرض الحائط بتوقيعه على إعلان بعبدا الذي كان أول من طالب به؟».

بعد «فجر الجرود»... بيروت تستقطب وفوداً عسكرية وديبلوماسية

الجمهورية... جورج شاهين..بعد أيام، وربما ساعات، يعلن قائد الجيش الإنتصار إيذاناً بانتهاء عملية «فجر الحدود» ليبدأ العدّ العكسي لزيارة مجموعة من الوفود العسكرية والخبراء الى بيروت لأكثر من هدف، منهم للوقوف على مجريات العمليات العسكرية ووقائعها وحسن استخدام الأسلحة الأميركية والغربية للقضاء على «داعش - فرع لبنان» بأقلّ كلفة وأسرع وقت. وأخرى ديبلوماسية يتقدّمها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف. فما هي الظروف التي تمليها هذه الزيارات؟

لن يكون مستغرَباً أن تنشغل الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش في الفترة المقبلة التي ستلي إعلان النصر على الجيب الأخير للمجموعات الإرهابية من «داعش - لبنان» باستقبال وفود خارجية للوقوف على مجريات العمليات العسكرية وما رافقها لإغناء المكتبات العسكرية بكثير من الدروس والعبَر والتجارب الميدانية على كل المستويات العسكرية والتقنية وما يتصل بحقوق الإنسان في آن. فقد شهدت الجرود اللبنانية في عملية «فجر الجرود» تجربة فريدة عندما عاشت فيها مجموعة إرهابية كانت عصيّةً على دولتين وجيشين نظاميَّين، الأولى لبنانية بالإنكفاء السياسي لسنوات عدة نتيجة التفسّخ السياسي وغياب المرجعية الرئاسية، والثانية بانشغالها في حروبها الداخلية الى حدود إقترابها من الإنهيار لمصلحة قوى خارجية تدخّلت لإنقاذها في ربع الساعة الأخيرة فانحصرت المواجهة بين مجموعات عسكرية غير نظامية موالية ومعارضة نمت بدعمٍ مخابراتي معلن وسرّي من مختلف الاطراف المتورّطة في الحرب السورية في آن. وليس في الأمر سرّ أنّ كل ما حصل كان مردّه فقدان الحكومة السورية سيطرتها على معظم حدودها الدولية مع دول الجوار ما خلا لبنان حيث تولّت قوى لبنانية وسورية استُحدثت للحضور والتحكّم بها بعد إلغائها من قاموس الجغرافيا فتحوّلت مشاعاً لها. وفي بيئة غابت عنها القوى العسكرية والأمنية المكلّفة بأمن الحدود بين أية دولتين مستقلّتين لا بل كانت في مواجهة مجموعات مسلّحة تنطلق من لبنان لتدخل الأراضي السورية وبالعكس فتنتقل بكل اسلحتها الثقيلة والمتوسطة وعتادها بين جيبين بلا أيّ رادع تحت شعارات أممية عدة لا تتصل بهويّتها الوطنية. وعليه فقد تحصّنت مجموعات إرهابية في جرود قاحلة وأطراف قرى دولتين على مقربة من مجموعة من المخيّمات التي غصّت بالنازحين واللاجئين السوريين وانتشرت عشوائياً بلا أيّ إشراف لبناني رسمي وتحوّلت قاعدة تموين ولجوء ليلي لعائلاتهم الى ان نمت وكأنها «مستوطنات» كاملة المواصفات بإشراف دولي وإقليمي تحت شعارات إنسانية أممية ودولية تحاكي بعضاً من مواصفات الثكن العسكرية التي نمت في مناطق محرَّرة من أيّ قيد أمني أو عسكري مسؤول ورسمي. وامام هذا الواقع الذي تداخلت فيه اللغة السياسية باللغة العسكرية والديبلوماسية وتحكّمت المعادلات الدولية والإقليمية بها، فمنحت هذه التجمّعات حصانات كانت تفتقدها وباتت عاصية على الجميع ترسم فوقها الخطوط الحمر من أكثر من جانب، الى أن تمّ التوافق الدولي على وضعها على لائحة الإرهاب الموحّدة بين القطبين الروسي وحلفائه والأميركي وحلفائه فتحوّلت لقمةً سائغة بين ليلة وضحاها بكلفة زهيدة عبّرت عنها عملية «فجر الحدود» خير تعبير، فنجح الجيش اللبناني بتقنيات عسكرية حديثة وُضعت في تصرّفه من تدمير قواها القتالية ومعظم أسلحتها قبل أن تطاردها القوى البرّية حتى الحدود السورية. وعلى هذه الخلفيات وانطلاقاً من الإهتمام الدولي بالقضاء على «داعش» وشبيهاتها من «النصرة» و»جيش الإسلام» و»أحرار الشام»، الى ما هنالك من التسميات التي كانت تتبدّل بين معركة وأخرى بفعل عوامل عسكرية وسياسية ومادية، بات الإنتقال من محور الى آخر محطات طبيعية لا يستغربها أحد طالما وصلت بها الأمور الى رغبة قيادة «داعش – لبنان والجرود» بالإنتقال الى الداخل السوري وليس الى مناطق «داعش» التي تسيطر عليها تحت غطاء «المصالحات» المفتوحة على طريق العفو الرئاسي المعتمد لتسوية أوضاع المسلّحين في مناطق خفض التوتر وغيرها حيث خطوط التماس المرشّحة للزوال بين قوّتين موالية ومعارضة. والى هذه الظروف التي تحكّمت بكثير من مناطق التوتر تستعدّ بيروت لاستقبال وفود أميركية وأوروبية مختلفة من الدول المانحة للجيش والمؤسسات العسكرية بناءً على توصيات مكاتب بعثاتها الثابتة في بيروت، ولا سيما منها البريطانية والأميركية والتي تشرف على التنسيق المباشر بين الجيش وهذه الدول على خلفية استخدام الأسلحة الحديثة التي وُضعت في تصرّفه للمرة الأولى ولا سيما منها السيارات الخفيفة المخصَّصة لحرب الجرود وحاملات المدفعية الذكية وكاسحات الألغام، كذلك بالنسبة الى الأبراج التي بُنيت على خطوط الجبهة السابقة والتي باتت في عمق الأراضي اللبنانية بعد السيطرة على عشرات مئات الكيلومترات المربّعة المحتلّة. وكان لافتاً ما تضمّنته تقارير رُفعت من مكتب التعاون الأميركي الى قيادة المنطقة الوسطى الأميركية والبنتاغون، ويبدو أنّ وفداً من هذه المنطقة سيكون الأول بين الزوار المحتملين للبنان للوقوف على ما أحدثه الجيش بواسطة هذه التقنيات العسكرية وما ابتدعته القيادة من تحسينات رفعت من جهوزية الجيش في إستخدام هذه الأسلحة بأفضل الطرق والوسائل، الى الدرجة القصوى، وهو ما ترجم قراءة تعزّز مواصلة الجيش الأميركي مستثمراً كبيراً في الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية. والى الزوّار الأميركيين ستصل بعثتان أُخريان واحدة فرنسية ستكون في بيروت بعد زيارة الرئيس سعد الحريري المرتقبة في عطلة عيد الأضحى الى باريس، وأخرى بريطانية لتقويم الخطوات اللاحقة من المساعدات البريطانية وسبل تنفيذها. وعلى خطٍّ موازٍ يبدو أنّ من بين الزوار المرتقبين الى بيروت زيارة استثنائية لوزير الخارجية الروسية منتصف أيلول المقبل والتي حُدِّدت لأهداف سياسية وعسكرية ستكون متمِّمةً للجولة التي سيبدأها في دول الخليج العربي والأردن، وإن جاء موعدها منفصلاً لبعض الوقت، إلّا أنّ بيروت على لائحة جولاته الخارجية في دول المنطقة المتأثرة بالأزمة السورية والتي سيُبنى عليها كثير من التوجّهات الروسية في الفترة المقبلة.



السابق

مقتل 14 وإصابة 42 بحادث تصادم في محافظة بني سويف بصعيد مصر...هروب سجينَيْن من «كتائب حلوان» وتصفية 7 إرهابيين في سيناء ومناورات روسية - مصرية....القاهرة تنفي الاتفاق مع ألمانيا على إقامة مركز لإيواء اللاجئين في مصر..السيسي يبدأ الأسبوع المقبل جولة آسيوية تشمل الصين وفيتنام...البنتاغون يخطر الكونغرس ببيع أسلحة لنيجيريا بقيمة 593 مليون دولار...«داعش» يظهر مجدداً قرب «إمارته» السابقة في سرت..ليبيا: قوات حفتر «تتأهب» لصد هجوم جديد على منطقة الهلال النفطي..قمة أوروبية - أفريقية لبحث أزمة الهجرة...وزير الداخلية الإسباني يحل بالرباط اليوم لتبادل المعلومات ..المغرب: علاقاتنا مع الجزائر دخلت نفقاً مسدوداً...أوامر رئاسية سودانية بـتصفية مقاومي حملة جمع السلاح..وفود أميركية تزور السودان لبحث خطة «المسارات الخمسة» لرفع العقوبات....فك اعتصام عاطلين عن العمل يسمح بعودة تدفق النفط في جنوب تونس..احتفالية تكريمية لشقيق بوتفليقة تعيد تكهنات حول خلافته..

التالي

أخبار وتقارير..«حزب الله» أخطبوط النفوذ الإقليمي لإيران تحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز» عن ذراع الحرس الثوري...«الملف الكردي» يجمع العاصمتين: أردوغان «قريباً» في طهران...«أنقذوا الأطفال»: الكوابيس وذكريات الموت تحاصر أطفال الرقة..الطيارون الأميركيون يكتسبون خبرة في معرفة «النوايا القاتلة» في سماء سوريا...كوريا الشمالية تُطلق صاروخًا فوق اليابان كوريا الجنوبية وأميركا تحللان بشكل مشترك التفاصيل..القوات البورمية تنفّذ عمليات تطهير وآلاف الروهينغا يفرّون من القتال..اجتماع أميركي - روسي ناقش العلاقات الثنائية و «مشكلات دولية»..«فضّ اشتباك» هندي - صيني في منطقة حدودية متنازع عليها...المعارضة في فنزويلا تؤيّد العقوبات الأميركية..


أخبار متعلّقة

تهنئة أميركية للجيش.. والتمديد «لليونيفيل» بلا تعديل بالمهمات.. برّي يدافع عن سلام وقهوجي ويعلن أن الصدر حيّ.. والحريري في الاليزيه اليوم...لبنان الرسمي أعلن «انتصار الجرود» متأخراً على واقع انتكاسة داخلية... و«عتب» أميركي... الجيش سيتسلم دفعة من طائرات «سوبر توكانو»....نصرالله يُلقي خطاباً تاريخياً اليوم: نحن رأس حربة قتال «داعش»....نصرالله للعراقيين: مصيرنا واحد، وانتصارنا على التكفيريين وداعميهم سيكون تاريخياً...برّي في ذكرى الصدر: التنسيق مع سوريا أَولى من شكر أميركا وبريطانيا ودعا للمشاركة في احتفال بعلبك اليوم...بري: بعض الاتفاقيات أقوى من الدساتير ...عندما يُسيّر «حزب الله» رحلات العار...أهالي المخطوفين:بئس حكام يحلم مواطنوهم بقبر للإحبة...

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,723,134

عدد الزوار: 6,910,413

المتواجدون الآن: 87