تمايز المصارف في الإقتصاد الإسلامي

تاريخ الإضافة الثلاثاء 30 تموز 2013 - 6:57 ص    عدد الزيارات 647    التعليقات 0

        

 

تمايز المصارف في الإقتصاد الإسلامي
بقلم د. ماجد منيمنة
تأثرت المصارف الإسلاميَّة بالأزمة الماليَّة العالميَّة ولكن في حدود أقل من غيرها بكثير، والسبب الأساسي أن المصارف الإسلاميَّة لا تعمل بنظام الربا ولا بالأصول الورقيَّة ولكنها تعمل بأصول حقيقيَّة، فالبنوك الإسلاميَّة تشتري أصولا ثابتة وتبيع أصولا حقيقيَّة وتستثمر في إستثمارات ومشاريع عينية وليست ورقيَّة بجانب دخولها في المشاركات الإستثماريَّة‏.‏
ومنذ ظهور الخدمات المصرفية الإسلامية في أواخر سبعينيات القرن الماضي وهي في تطور مستمر، وقد تحولت من خدمات متخصصة لتصبح جزءًا من عالم الخدمات المالية. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية عن حجم السوق، نتيجة تفاوت التقديرات الإحصائية بشكل واسع، إلا انه يقدر أن إجمالي حجم المصادر المالية الإسلامية في هذه المنطقة يتجاوز 500 مليار دولار أميركي. ومع تزايد نجاح المصارف الإسلاميَّة فإن المستقبل سيكون لهذه البنوك حيث يوجد العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك منها, إتجاه دولة الإمارات العربيَّة لتحويل مؤسساتها المصرفيَّة إلى بنوك إسلاميَّة وقرار الجمعيَّة التشريعيَّة الفرنسيَّة بإنشاء بنوك إسلاميَّة بجانب التجارب الناجحة للمصارف الإسلاميَّة في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركيَّة‏. كما أن الأموال الإسلاميَّة تستثمر في كافة المجالات التجارية الريعية وكل دولة تختلف عن الأخرى في مجالات إستثمار أموالها‏،‏ فليبيا مثلا إستثمرت الأموال في محطات الغاز‏،‏ والسعوديَّة إستثمرت في عدة ميادين اقتصادية كالغذاء والأراضي الزراعيَّة والكويت تستثمر في بناء المطارات في مصر أو في أوروبا حيث برزت إستثماراتها في مشاريع القرى السياحيَّة والمشاريع الترفيهية.
كما إستمدت المصارف الإسلامية ميزتها التنافسية، ليس فقط لأنها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإنما أيضا لأنها الوحيدة التي لعبت دور البنك إسلامي. فمثلا، مصرف الراجحي في المملكة العربية السعودية، وبيت التمويل في الكويت، وبنك دبي الإسلامي في الإمارات العربية المتحدة كلها إستفادت ولمدة طويلة من عملها بما يشبه حالة الإحتكار في الأسواق المالية العربية. ولكن هذا الوضع تغير اليوم إلى حد كبير على مدى السنوات القليلة الماضية. كما هو الشأن في الإمارات العربية المتحدة، فهناك الآن ثمانية مصارف إسلامية كاملة الصلاحيات، وعدة نوافذ إسلامية في المصارف التقليدية. وفي المملكة العربية السعودية، هناك ثلاثة بنوك إسلامية كاملة الصلاحيات، وجميع المصارف الأخرى تقدم الحلول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من خلال مختلف قنوات التوزيع.
ولكن للأسف وعلى الرغم من وفرة الأموال العربيَّة فإنها ليست لها سياسة محددة لخدمة القضايا العربيَّة والإسلامية على حد سواء مثلما فعل اليهود في إستثماراتهم في الولايات المتحدة‏،‏ فاليهود إستثمروا أموالهم في مجال الإعلام للسيطرة على الإعلام الأميركي وذلك لتوجيه سياستهم لخدمة الأهداف الإسرائيليَّة وهذا طبعاً وفقاً للسياسة المبرمجة لخدمة أمتهم المشتتة في كل بقاع الأرض‏،‏ أما العرب فانهم لا يستثمرون أموالهم طبقاً لسياسة موحدة ولخدمة قضاياهم المحقة ولكن فقط للحصول على أكبر عائد من الأرباح الماليَّة‏.‏
ولذلك فإن البنوك المركزيَّة العربيَّة هي وحدها التي تستطيع أن تحدد مجال إستثمارات الأموال العربيَّة‏،‏ لأن كثيراً من العرب يهربون أموالهم عبر الطرق غير الشرعيَّة‏.‏ كما أن حجم الإستثمارات الإسلاميَّة في الأسواق العالميَّة هو متقلب من يوم إلى يوم، ومع ذلك فهي أموال طائلة لا تقل عن 500‏ مليار دولار أميركي، وهذا الرقم لا تدخل فيه الأموال التي تم تهريبها من مصر أو الجزائر أو ليبيا أو تونس أو سوريا بمعرفة رؤساء هذه الدول وقياداتها. كما أن العرب خسروا أكثر من 280 مليار دولار في الأزمة الماليَّة العالميَّة في عام ‏2008‏ وكلها كانت بصورة صكوك وأسهم وسندات مالية في الشركات والمصارف العالميَّة التي إنهارت بسبب هذه الأزمة‏.
لذلك فعلى معظم إستثمارات البنوك الإسلاميَّة أن يتمّ إستثمارها في الدول الإسلاميَّة ولأن أساليب إستثمارها يستجيب لها غالبية المسلمين‏،‏ وحتى الدول الغربيَّة عندما فتحت بنوكًا إسلاميَّة, نجحت الى حد ما بسبب تواجد البيئة الإسلاميَّة المواكبة والحاضنة لأهداف ومبادئ البنوك الإسلاميَّة‏،‏ ولذلك لدينا كثير من الناس يضعون أموالهم في البنوك الإسلاميَّة ولا يضعونها في البنوك الربويَّة حتى ولو لم يحصلوا على عائد من البنوك الإسلاميَّة خوفاً من شبهة الربا‏.‏
ويمكن للبلاد العربية من خلال تطبيق مبادئ ومعاملات الإقتصاد الإسلامي أن تحل مشاكلها الإقتصاديَّة, وإذا كنا قد طبقنا كل أشكال الإقتصاد من إشتراكيَّة إلى رأسماليَّة إلى إقتصاد مختلط وكلها فشلت في مواجهة مشاكلنا المالية والإجتماعية, فلماذا لا نعطي فرصةً للاقتصاد الإسلامي لتطبيق قواعده البنَّاءة لمواجهة المشاكل الإقتصاديَّة التي يعاني منها العالم, حيث أن الأخير يملك كل المقومات التي تحقق النمو الإقتصادي والعدالة بين مكونات أفراد المجتمع؟.
وفي الوقت نفسه، يجري التنافس على الساحة المالية من جديد ومع إزدياد عدد مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أكثر من أي وقت مضى, وتواجه المصارف الإسلامية والداخلون الجدد إلى الأسواق المالية شتى المضاربات في السوق لذلك فهم يحتاجون لتطوير عملهم وإبتكار مصادر جديدة للتمايز المتسقة مع الشريعة للتنافس بنجاح اكبر في المستقبل. ونقول أن الإقتصاد الإسلامي لديه القدرة والمكونات التي تجعله يحلّ كافة المشاكل الإقتصاديَّة لأنه تمايز عن الفكر المعاصر في مجال توزيع الثروة, فقط ليعطوا الإقتصاد الإسلامي فرصة لكي يطبَّق بصورته الأساسية ومن دون تحريف وسوف يقوم بحل كافة المشاكل‏ المالية والإجتماعية المستعصية, لأن التطبيقات القرآنية عالجت المفاهيم الإجتماعية والإنسانية والمالية لمتطلبات العصر بصورة عادلة ومحقة.‏ ومع الأسف فإن الغرب يقرأون ويحللون القرآن ويأخذون منه ما ينفعهم بدراساتهم وأبحاثهم العلمية ونحن أمة إقرأ لا نقرأ!
* خبير مالي ومحلل اقتصادي.
* دكتوراه في المالية الدولية.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,717,604

عدد الزوار: 6,910,098

المتواجدون الآن: 105