لدمج مصرفي يدفع بالتنمية الإقتصادية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 11 حزيران 2013 - 5:18 ص    عدد الزيارات 619    التعليقات 0

        

 

لدمج مصرفي يدفع بالتنمية الإقتصادية
بقلم د. ماجد منيمنة
تتسم أعمال المصارف العربية بمحدودية تنوعها، واستحواذ الخدمات ومنتجات الائتمان الأساسية على الجزء الأكبر من أعمالها، مع تركيز رئيسي على الأسواق المحلية وعلى القروض القصيرة الأجل، وانحصار عملها الاستثماري في السندات والأذونات الحكومية، اضافة الى الأسهم الاستثمارية في الأسواق العالمية. وقلة من هذه المصارف ما زالت في بداية عملها في مجال الخدمات الاستشارية، وإدارة الأصول والصناديق، وأعمال الوساطة المالية وإصدارات الدين. إن اقتصار معظم التسهيلات التي تقدمها المصارف العربية على العمليات الجارية القصيرة الأجل، أو تمويل العقارات وعمليات المضاربة، على حساب التمويل المتوسط الأجل لقطاعات الإنتاج والخدمات، يدل بوضوح على محدودية دورها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وليس في هذه النتيجة ما يثير الدهشة، لأن المصارف العربية، في ضوء أوضاعها الحالية، تتسم بسلبيات كثيرة تضعف دورها وأهمية أعمالها الإنمائية. ويمكن تلخيص هذه السلبيات بامور أساسية أولها، ما يطلق عليه البعض «التخمة المصرفية»، أي وجود عدد كبير من المصارف، لا يتناسب مع حجم الاقتصاد أو عدد السكان، فيزيد حدة المنافسة على جذب الودائع ومنح التمويل في أسواق صغيرة نسبياً، وسيطرة عدد قليل من المصارف الكبيرة على حصة واسعة من هذه الأسواق. وكل هذا يبرر الحاجة الملحة إلى عمليات اندماج واسعة بين المصارف العربية، لقيام مصارف كبيرة قادرة على تطوير الصناعة المصرفية، أسوة بما قامت به المصارف في الدول الغربية إذ مكنتها عمليات الدمج من تأسيس مصارف عملاقة، ذات كفاءة عالية وقدرة تنافسية لا تضاهى، وشبكات من الفروع المتكاملة تغطي بأعمالها أسواقاً مالية عدة على مستوى العالم كله، تمكنها من توسيع حجم أعمالها.
ومنصف القول أن نتيجة لهيمنة المصارف العالمية العملاقة، وزيادة مفعول تجليات العولمة في العقد الماضي، اهتمت بعض المصارف العربية بتنفيذ عمليات اندماج وإقامة تحالفات إستراتيجية في ما بينها لإنشاء مؤسسات كبيرة. وتركزت هذه العمليات في شكل خاص في السعودية وتونس والأردن ولبنان والكويت ومصر والمغرب والبحرين والإمارات. إلا أن هذا التوجه على أهميته حصر في أطر محلية ضيقة وكانت نتائجه محدودة ولا تتناسب مع ضخامة المنافسة في السوقين المحلية والدولية.
كما تأتي أهمية الدمج المصرفي لإعادة النظر في مسيرة القطاع المصرفي في ما يتعلق بتبعثره وصغر حجم المؤسسات المصرفية والتي لن تقوى على مواجهة التكتلات المصرفية الضخمة. ومن هنا اصبح من الضروري أن تتركز إعادة النظر في تقليل عدد هذه الوحدات عن طريق الدمج في ما بينها, لذا يجب أن يكتسب هذا الموضوع أهمية متزايدة وخاصة ونحن ندخل عصر التكتلات الاقتصادية الكبيرة بين دول غنية متقدمة التي رأت بالاندماج قوة ووسيلة لاستمرار التقدم والنمو فهي تشجع مؤسساتها المصرفية على الاندماج بسبب ما ينتج عنه من ايجابيات وعناصر قوية للمؤسسات المندمجة وخفض النفقات فيها. والدمج فيه دعم لرأس المال وخفض للنفقات مما يؤدي إلى زيادة فاعلية المؤسسات المندمجة إضافة إلى تعزيز مركزها التنافسي ، كما يؤدي إلى زيادة الأرباح دون الخروج عن مبادئ العمل المصرفي السليم. كما يهدف إلى إنقاذ المؤسسات الصغيرة والضعيفة من التلاشي في ظل وجود المؤسسات العملاقة. لذا فانه مطلوب تحقيق الدمج المصرفي كي تكون المصارف في وضع أفضل بالنسبة للمنافسة والبدأ في ابتكار مؤسسات مالية قوية وتكتلات لتقوية قاعدة العملاء محلياً وإقليميا ودولياً ولتوسيعها على مستوى العالم.
وتدور أهداف ومبررات الدمج المصرفي حول محاور رئيسية يأتي في طليعتها توقع أرباح إضافية تنتج عن عمليات الدمج لأن ما يحمل مصرفين على الاندماج في ما بينهما هو أن تفوق معه أرباح المصرف الجديد وذلك عن طريق جمع أرباح كل من المصرفين على حدة أو أن ترتفع قيمة الأسهم في المصرف الجديد أو الاثنين معاً.
ويعتبر الدمج المصرفي أحد أسباب نمو القطاع المصرفي في العالم حيث تفيد احد الدراسات المصرفية أن خمسة عشر مصرفاً من أكبر عشرين مصرفاً أميركيا هي ناتجة عن عمليات الدمج، أما الوسائل الأخرى للنمو فهي تعتمد على النمو الداخلي والقدرات الذاتية للتوسع لدى المصارف .
وأخيراً قد يكون الدافع التنظيمي لدى السلطات النقدية في الحد من عدد المؤسسات المصرفية سبباً إلى الدمج لتنقية القطاع المصرفي وتفادياً للمصاعب المالية أو التصفية التي قد تعترض بعض المصارف, ولكن الأهم أنه يعتبر شراء مصارف قائمة والتوسع في عدد من الفروع من أفضل الوسائل للنمو والتوسع خاصة عندما يتم فتح فروع جديدة من قبل المؤسسات المعنية أو غالباً ما يكون للمصرف القديم المدموج عملاؤه وحصته من السوق التي ينشط فيها في حين أن فتح الفروع يحتاج إلى الجهد والوقت للوصول إلى عملاء جدد بالإضافة إلى ذلك فان تحسين مستوى الخدمات المقدمة في المصرف الجديد يؤدي إلى تعزيز موقع المؤسسة في السوق المصرفية وزيادة حصتها ونشاطها بطريقة اسهل. كما يتيح الدمج المصرفي الفرصة لزيادة  حجم التسهيلات المقدمة للعميل أو المؤسسة الواحدة، كما أن الدمج قد يؤمن التوسع في مجالات مصرفية جديدة منها على سبيل المثال اكتساب المصرف المدموج خبرات التعامل بأسواق النقد والمال الدولية المتوافرة. وأخيراً فان الهدف الأساسي من عملية الدمج هو تحسين الربحية وزيادة قيمة المؤسسات الجديدة وهذا امر محمود ومطلوب من مؤسساتنا المالية السير في هذه الخطط التي تحفز المنافسة وتقدم للزبائن اسعارا تنافسية بحاجة اليها في ظل هذه الظروف القاهرة مع حفظ عائدات ربحية عالية للادارة والمساهمين في المصارف.
* خبير مالي ومحلل اقتصادي
* دكتوراه في المالية الدولية
 
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,190,191

عدد الزوار: 6,939,753

المتواجدون الآن: 130