الغاز في معادلة مصادر الطاقة عالمياً

تاريخ الإضافة السبت 25 أيار 2013 - 6:33 ص    عدد الزيارات 722    التعليقات 0

        

 
مروان اسكندر

الغاز في معادلة مصادر الطاقة عالمياً

 

شهد العقدان المنصرمان تحولا نحو الغاز في مجالات انتاج الكهرباء وتحلية المياه، وتعاظم الاهتمام بالغاز الطبيعي مع زيادة الاهتمام عالميا بقضايا البيئة، ذلك ان استهلاك المشتقات النفطية كان السبب الرئيسي لتفاقم التلوث، في حين ان لاستعمال الغاز فوائد ملحوظة منها ان نسبة التلوث من استعمال الغاز لانتاج الطاقة واستهلاكها، اقل بكثير من استعمال الفحم الحجري او المشتقات النفطية، كما ان فاعلية استخدام الغاز في عمليات انتاج الطاقة افضل بنسبة ملحوظة من استعمال الفحم الحجري او المشتقات النفطية.
بكلام آخر، تقل كمية الغاز المطلوبة لانتاج ميغاوات من الطاقة الكهربائية بنسبة 40 في المئة عن كمية الفحم الحجري المطلوبة لانتاج ميغاوات من الطاقة الكهربائية، وتنخفض نسبة وفير الغاز الى مستوى 20 في المئة من الفاعلية الفضلى بالمقارنة مع المشتقات النفطية.
 وصناعة الغاز تطورت في المقام الاول في الولايات المتحدة التي حظيت بثروة هائلة منه، وقد انجزت شبكة للتواصل بين مناطق الانتاج والاستهلاك تمتد على عشرات الآلاف من الكيلومترات، واصبح الغاز مع بداية القرن الحادي والعشرين مصدر 30 في المئة من استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة، وهذه النسبة كانت الاعلى بين البلدان الصناعية. لكن كثافة الطلب على الغاز فرضت على الولايات المتحدة استيراد كميات ملحوظة بدأت تستوردها بواسطة ناقلات تحمل الغاز المسيل وتنقله من مصانع التسييل والتحميل على ناقلات اختصاصية الى مناطق الاستهلاك. والولايات المتحدة حتى عام 2012، عندما حققت اكتفاءً ذاتياً في انتاج الغاز للاستهلاك، كانت تستورد الغاز السائل من نروج والجزائر واندونيسيا، وفي السنوات الاخيرة من نيجيريا وقطر.
في المقابل، كانت اوروبا الغربية توسع استهلاك الغاز في مصانع الطاقة والبتروكيماويات اعتماداً على كميات ملحوظة اكتشفت في بحر الشمال، قبالة انكلترا، وبصورة خاصة قبالة هولندا ومن ثم نروج. ومنذ اواخر السبعينات واواسط الثمانينات تفتحت فرص استيراد الغاز الطبيعي بواسطة الانابيب، وهذه الوسيلة اقل كلفة واكثر فاعلية من تسييل الغاز ونقله على ناقلات اختصاصية، ومن ثم اعادة توفيره بشكله الغازي، وقد اصبحت البلدان الاوروبية تعتمد على استيراد الغاز الروسي بنسبة30 في المئة من استهلاكها الكلي للغاز. وكان متوقعا ارتفاع هذه النسبة الى 50 في المئة خلال السنوات العشرين المقبلة.
وشهدت صناعة الغاز تطوراً سريعاً في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المنصرمة، والمؤشرات لهذا التطور كانت واضحة منذ سنوات بعيدة.
وتمثل التطور في اكتشافات لمكامن الغاز في صخور الطفال، وتقنيات للحفر والتنقيب تسمح بانتاج الغاز وكفاية حاجات الولايات المتحدة مدة 100 سنة بدءاً من 2012، وقد وضعنا دراسة عن هذا الموضوع في ايلول 2012 بعنوان "الخريف العربي عام 2020" وكان القصد من العنوان تبيان نتائج اكتشافات الغاز والنفط في صخور الطفال على أسعار الغاز واوجه استخدامه وعلى اسعار النفط. واشرنا في حينه الى ان اقفال السوق الاميركي في وجه استيراد الغاز بسبب الاكتفاء الذاتي، وانخفاض اسعار الغاز لوفرته الى مستوى 4 دولارات للألف قدم مكعب، أي ما يوازي 24 دولاراً لبرميل النفط، امر سيؤدي عاجلاً ام آجلاً الى انخفاض اسعار الغاز المسيل عالمياً، كما الغاز الذي يتوافر عبر الانابيب، وتاليا ان قطر، البلد الاكبر تصديراً للغاز السائل، سوف تواجه انتقاصاً من مداخيلها، كما ان روسيا سوف تضطر الى خفض اسعار صادراتها.
لقد حقق الاميركيون اكتفاءً ذاتياً في إنتاج الغاز واستهلاكه وخفضوا مستورداتهم من النفط الخام لزيادة إنتاجهم النفطي ايضاً من صخور الطفال، وساهمت اسعار الغاز المنخفضة في خفض تكاليف الانتاج في مصانع الحديد والصلب، ومحطات انتاج الكهرباء، وشركات انتاج السيارات، كما ساهمت في خفض فاتورة التدفئة والتبريد لكل عائلة اميركية بمعدل 1200 دولار سنوياً. وصناعة انتاج الغاز والنفط من الاكتشافات الجديدة كانت السبب الرئيسي لانخفاض معدل البطالة من 8 في المئة في تاريخ انتخاب الرئيس اوباما لولاية ثانية الى نسبة 7٫6 في المئة حالياً.
وفرة الغاز دفعت بعض الشركات الاختصاصية الى دراسة انشاء مشاريع لتصدير الغاز السائل من الولايات المتحدة، ومن هذه شركة أسسها لبنانيان اسمها Cheniere باشرت إنشاء مصنع لتسييل الغاز في ولاية لويزيانا من اجل تصديره الى اوروبا الغربية واليابان في ما بعد. وهنالك حالياً 26 طلباً لإنشاء مصانع لتصدير الغاز السائل من الولايات المتحدة، والدائرة المختصة بشؤون النفط والطاقة تدرس الإجازة لهذه المشاريع ام لا، علماً بان هنالك معارضة من شركات الصلب، وانتاج الكهرباء، وانتاج البتروكيماويات لتصدير الغاز الاميركي. فهذه الشركات ترغب في التمتع بأسعار مخفوضة لحاجاتها من الغاز كلقيم او الكهرباء كطاقة في نشاطاتها الانتاجية بحيث تتمتع بمزايا تفاضلية تجاه البلدان الصناعية.
هذه النظرة الاستثمارية تناقض فلسفة النظام الاقتصادي الحر الذي يعتمد على المنافسة بين المؤسسات في دولة معينة، وبين الدول. والرئيس اوباما اعتبر ان على الولايات المتحدة ان تتنافس عالمياً وان تصدر كميات ملحوظة من الغاز، ولهذا السبب سمح بقرار رئاسي بتصدير الغاز المسيل من الولايات المتحدة. وهنا لا بد من الإشارة الى هدفين رئيسيين للرئيس الاميركي.
ان إنشاء مصانع تسييل الغاز اذا انحصر بـ20 مصنعاً مثلاً بدل المصانع الـ 26 المطلوبة حالياً، يستوجب استثمارات مدى خمس سنوات لا تقل عن 140 مليار دولار، هذا عدا الاستثمارات في بناء ناقلات الغاز السائل، وهذا الاختصاص انتقل من فرنسا واليابان الى كوريا اليوم. وانتاج الغاز للمصانع وللحاجات الاميركية سيزيد فرص العمل أكثر من مئتي الف وظيفة خلال الفترة المتبقية للرئيس اوباما، وانخفاض تكاليف انتاج الصلب والسيارات والبتروكيماويات والكهرباء في الولايات المتحدة سيؤدي الى ضبط عجز ميزان المدفوعات وربما انتهت ولاية اوباما كما انتهت ولاية كلينتون بأوضاع اقتصادية ناشطة توفر فرصة إضافية للديموقراطيين لرئاسة الولايات المتحدة.
الهدف الرئيسي الثاني للرئيس الاميركي هو الحد من الاعتماد على الغاز الروسي في اوروبا الغربية عن سبيل المنافسة بالأسعار. وبالفعل، بعد انحسار الطلب الاميركي على استيراد الغاز، انخفضت أسعار تسليمات الغاز السائل الى اوروبا، وبنسبة اقل الى اليابان حيث الحاجة ملحة بعد إيقاف المفاعلات النووية عن الإنتاج. واضطر الروس الى خفض اسعار تسليماتهم من الغاز لألمانيا بما يساوي 6 مليارات أورو عام 2012، وفرنسا وايطاليا حظيتا بخفوضات على هذا المستوى، وخسارة 12 مليار أورو من الدخل أمر ملحوظ حتى بالنسبة الى اقتصاد كالاقتصاد الروسي.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,050,589

عدد الزوار: 6,749,954

المتواجدون الآن: 109