ثروتنا النفطية

تاريخ الإضافة الجمعة 14 كانون الأول 2012 - 5:30 ص    عدد الزيارات 744    التعليقات 0

        

 

 

ثروتنا النفطية
بقلم نهاد محمود.. سفير سابق

 

أخبارُ الثروةِ النفطيّةِ والغازيّةِ في مياهنا الإقليميّةِ، شغلتْ مساحةً مهمة من اهتمامِ الناسِ ووسائلِ الإعلامِ والمسؤولينَ في لبنانَ، خلالَ السنواتِ الأخيرة. كنا بين الشكِّ واليقينِ، وأصبحنا بين الإستبشارِ والتوجّسِ. فهو حدثٌ كبيرٌ، في بلدٍ صغيرٍ، يعاني مفاعيل المطامعِ الخارجيّةِ، والسياساتِ الداخليّةِ الصغيرة.
التعاطي الرسميُّ مع الموضوعِ أظهرَ ضعفاً بنيويّاً، وقصوراً في التحرّكِ خارجيّاً ومحليّاً. بل أنه بدا في بعضِ وجوههِ، تطييفاً ومذهبةً مسبقةً للثروةِ الموعودة. وما المجلسُ الملّيُّ الذي توافقوا على تعيينهِ لإدارةِ القطاعَ النفطي إلا مثال لما سنشهد الكثيرَ منه مستقبلاً.
إنَّ الثروةَ النفطيةَ فرصةٌ نادرةٌ للبنانيينَ، وهي كذلك تحدٍّ إستثنائيٌّ لقدراتهم على أكثرِ من صعيد. الدولةُ اللبنانيّةُ، بسياسيّيها وإدارتها لن تستطيعَ أن تنأى بنفسها عن المسؤولياتِ والمتطلّباتِ المستجدّةِ، بما يفترضُ إنشاء أجهزةٍ كفيّة للإشرافِ على الإستثمارِ ومراقبةِ الإنتاج وحمايةِ حقوق البلدِ، وذلك بالإعتمادِ على قدراتٍ محليةٍ وأجنبيّةٍ في مجالاتِ الجيولوجيا، والعلومِ البحريّةِ، والإداراتِ الحديثةِ والمحاسبةِ وغيرها. الحداثةُ وضروراتها ستفرضُ نفسها، بحكمِ الحاجةِ، على دولةِ ملوكِ الطوائفِ، فكيف ستواجهُ هذا الإستحقاقَ الحداثيَّ الطارئ؟ إنَّ إدارةً فعّالةً بهيكليّةٍ حديثةٍ ومعقّدةٍ لا يمكنُ إنشاَؤها بالمحاصصاتِ المعهودةِ، وهي التي سيناطُ بها مراقبةَ العملياتِ التي ستقومُ بها شركاتٌ عالميّةٌ كبرى.
كذلك فإنَّ دخولَ الغازِ والنفطِ كمواردِ دخلٍ رئيسيّةٍ للدولةِ، يفترضُ تغييراً جذريّاً في الإدارةِ العامةِ بمختلفِ هيئاتها، لمواجهةِ المعطيات المستجدّةِ، ومتطلبات المستقبلِ المتغيرةِ.
إنَّ حقولَ الغازِ والنفطِ المكتشفةِ تشمل الحوضَ الشرقيَّ للبحرِ المتوسطِ، وستشاركُ لبنان الدولُ المجاورةُ في التعاطي مع هذه الثروةِ البحريةِ، وعلينا أن نثبتَ جدارتنا وأهليّتنا في هذا المجالِ حتى لا نكون الطرف الضعيف الذي يطمعُ به الجيرانُ، والشركاتُ النفطيةُ الكبرى.
على المستوى التعليميِّ لا يقلُّ التغييرُ المنتظرُ عنه في الأجهزةِ الرسمية. فمع وجودِ ثروةٍ نفطيةٍ وغازيةٍ بحريةٍ يقتضي التوجّه إلى مجموعةٍ جديدةٍ من الإختصاصاتِ العلميةِ والعمليةِ في مؤسساتِ التعليمِ العالي، بما يلبّي الحاجات المستجدّة لسوقِ العملِ في لبنانَ وجواره، ولا بدَّ من مرحلةٍ تحضيريةٍ لسنواتٍ لخلقِ الكادراتِ التعليميةِ للإنتقالِ إلى وضعٍ جديدٍ يتماشى مع الواقعِ المنتظر.
كذلك على المستوى المهنيِّ، فإيجادُ أيدٍ عاملةٍ مدرّبةٍ في قطاعاتٍ جديدةٍ يستدعي ورشة مشتركة بين القطاعين، العماليِّ والتعليميِّ بشقّيهِ العام والخاص. ولا يمكنُ القيامَ بذلك قبل استشرافِ حاجات السوقِ بدراساتٍ جدّيةٍ هادفةٍ، فالبحرُ في لبنانَ لن يبقى مجالاً للسياحةِ فقط، بل سيشهدُ نشاطاتٍ يوميّةً متكرّرةً، تفترضُ تحضير بنى تحتيّةٍ جديدةٍ على الشاطئِ اللبنانيِّ بما يفتحُ مجالاتٍ لفرصٍ جديدةٍ للعملِ، مختلفةٍ عما عرفناهُ من قبل.
أما على الصعيدِ الإقليميِّ والدوليِّ، فإنَّ الصهيونيةَ المفترسةَ تجاورنا، ولا ما يطمئن الى أن الأطماعَ في البحرِ ستكونُ مختلفةٌ عما خبرناهُ في البرِّ. بل ان تسميةَ إسرائيل، وهي التي تعتمدُ الرمزيّة الكهنوتيّة، لحقلها بــLEVIATHAN، الوحش الاسطوريّ الذي يخرجُ من البحرِ ليبتلعَ ما على السواحلِ المشاطئةِ، قد يكونُ تعبيراُ عن نياتها العدوانيّةِ، وكان ليبرمان قد قالَ ان إسرائيلَ لن تتخلّى للبنان وسوريا عن قطرةٍ واحدة.
مركزُ الدراساتِ الجيولوجيّةِ الأميركيِّ (USGS) أكّدَ ضخامةَ الإكتشافاتِ النفطيّةِ والغازيةِ في شرقِ المتوسطِ، فهل يستدعي ذلك الأطماع في عواصمِ القرارِ وفي البورصاتِ العالميةِ؟ هل نكونُ على أبوابِ سايكس بيكو جديد، احتفالاً بقربِ مرورِ مئةِ سنةٍ على الأصيل؟

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,140,564

عدد الزوار: 6,756,556

المتواجدون الآن: 114