الحكومة والخصومة الإقتصادية!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 11 كانون الأول 2012 - 5:14 ص    عدد الزيارات 782    التعليقات 0

        

 

الحكومة والخصومة الإقتصادية!
بقلم د. ماجد منيمنة
فضيحة الدواء من هنا, وفضيحة الكهرباء من هناك، وأبطالها وزراء وأشقاء وزراء! كما تترنح الملفات الخلافية الموزعة بين الأمن والسياسة وتغيب عنها الملفات الاقتصادية غير المنجزة، ولا يغيب على أحد الا الحكومة بأن الوضع الاقتصادي صعب جداً مع وجود نسبة عالية من الانفاق وحجم الدين العام المتزايد وبطالة متفاقمة في كل المناطق اللبنانية. ما يمكن استنتاجه اليوم في هذا الوطن الصغير بأن الحكومة هي في وضعية صعبة وحرجة, لكن الحكومة اكتفت بالتقليل من الأخبار التي تهدد سمعة الوطن وتضر بأقتصاده الوطني ومن دون ان تحرك ساكنا لمعالجة هذا الوضع المريب اقلها مطالبة هؤلاء الوزراء تقديم استقالتهم. اما في ما خص المالية العامة والوضع الهش من حولها, فقد اقتصرت اعمال الحكومة على اصدار سندات خزينة وهو ما يعني أن الحكومة اختارت الحلول السهلة دون الاكتراث بالتأثيرات السلبية للاقتراض الخارجي على المدى المتوسط والطويل.
ان غياب استراتيجية واضحة وملموسة لإنقاذ الاقتصاد الوطني يدخل الاقتصاد الى نفق مظلم تظل مساراته محفوفة بالمخاطر، تزداد معها حالة الترقب والخوف من المستقبل لدى الجميع، خوف المواطنين من ارتفاع الأسعار والزيادة في الضرائب، وخوف الموظفين من تجميد الأجور وعدم اقرار سلسلة الرواتب، وخوف المقاولين و التجار وأرباب الأعمال من وضعية الانكماش واستمرار الأزمة الخانقة، وخوف الأُجراء من فقدان العمل وخوف العاطلين من غياب فرص للعمل بسب هروب الاستثمارات والمستثمرين. وفي المقابل, وباستثناء مواصلة وتيرة المشاريع التي تبرمج أو تنجز برعاية دولية في اطار مبادرة الصناديق العربية والتي يعاينها المواطنون باستمرار في مختلف المناطق، فان عهد المشاريع الكبرى قد انتهى أو على الأقل توقف الى حين في عهد الحكومة الحالية.
هذا ليس تهويلا أو مزايدات ولكنها لغة الصراحة التي ينبغي الاحتكام اليها لكون اقتصادنا الوطني مهدد بنزيف خطير لا يمكن معالجته بمسكنات أو بخطاب مطمئن لرئيس الحكومة الذي عودنا بأن يكون منمقا وجميلا، والذي يتصف بالرمزية والنوايا الطيبة دون أن يقدم بدائل أو أجوبة دقيقة وملموسة للمشاكل المطروحة، مما يجعله فاقدا لأي تأثير ايجابي على الحياة اليومية للمواطنين. ومن ثم بات من غير المقبول استمرار رئيس الحكومة وهو يمارس مهامه الحكومية كأنه ينأى بنفسه عن الحجر والبشر وزراؤه يوزعون البيانات على الاعلاميين بارقام وهوامش اقتصادية خيالية بقصد أو دون قصد فيتراجع عنها أحيانا ويعتذر عنها أحيانا أخرى!.
فليس بهكذا نهج تعالج المشاكل الاقتصادية مهما كانت بسيطة أو معقدة كما هو الأمر بالنسبة للشأن الاقتصادي الوطني. فأمام شبح الأزمة المالية الوطنية, أصبح من الواجب على الحكومة عدم الاستمرار في استصغار الشأن الاقتصادي والمبادرة الى تغيير مقاربتها في التدبير, ومن المؤكد أن نجاحها في هذا المجال يتوقف على تعزيز منظومة بناء الثقة التي اهتزت بصورة مريبة بسبب اداء الحكومة ككل ولعدد من الوزراء بصورة خاصة, مما أدى الى اعطاء انطباع في الداخل كما في الخارج على أن لبنان هو بلد الفساد والمفسدين. هذه الصورة السلبية خلقت جوا من الرهبة والخوف والتوجس لدرجة أن المستثمرين العرب وعدد من المواطنين يهرعون يوميا الى سحب ودائعهم من البنوك لعدم ثقتهم في هذا المناخ السلبي العام الذي يخيم على البلاد.
هذا الوضع غير الطبيعي لا يحدث عادة في أي بلد يؤمن بالخيار الديمقراطي والتداول على السلطة، لكون الحكومة تنبثق من استشارات مجلس النواب الذي بدوره يخرج من صناديق الاقتراع. والحكومة يكون لها عادة برنامج اقتصادي انمائي, وهذا البرنامج هو الذي يجعلها تحظى بثقة المواطنين. ولئن كان رئيس الحكومة غالبا ما يستند في تصريحاته على الدعم الشعبي لحكومته، فلابد من الانتباه الى أن هذا الدعم لا يكون ثابتا بالنسبة لأية حكومة بل متغيرا دائما ويتآكل بسرعة كلما تم نقض العهد مع المواطنين خاصة عن طريق الاخلال بالوعود الاقتصادية واتخاذ القرارات غير الشعبية.
لذلك على الحكومة أن تراجع حساباتها من أجل الوفاء بوعودها التي اطلقتها في بيانها الوزاري وان تبادر بسرعة الى معالجة الأسباب التي عجلت بعجزها في تدبير الشأن الاقتصادي والتحكم في تدبير المالية العامة التي تنهب كل يوم على مرأى ومسمع الحكومة.
فالكل يتفق على أن اقتصادنا الوطني وصل الى عنق الزجاجة والمطلوب المبادرة والشجاعة على اخذ القرار من اجل البلاد والعباد وهي مسؤولية جسيمة تتحملها الحكومة وحدها أمام الوطن والتاريخ!. فهيا الى العمل لتكونوا أهلا لهذا الوطن!!.
* خبير مالي ومحلل اقتصادي.
* دكتوراه في المالية الدولية.

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,393,768

عدد الزوار: 6,890,458

المتواجدون الآن: 85