الضغوط تزداد على الأسر المصرية مع ارتفاع أسعار الخدمات والسلع الأساسية، المصريون بين دستور لا يراعي العدالة الاجتماعية وحكومة تتجاهل الأزمات

تاريخ الإضافة السبت 8 كانون الأول 2012 - 5:26 ص    عدد الزيارات 754    التعليقات 0

        

 

الضغوط تزداد على الأسر المصرية مع ارتفاع أسعار الخدمات والسلع الأساسية، المصريون بين دستور لا يراعي العدالة الاجتماعية وحكومة تتجاهل الأزمات

القاهرة: شريف اليماني .. وضعت الاضطرابات والانقسامات السياسية المتصاعدة التي تشهدها مصر حياة المصريين العاديين الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة أو «الكادحة» على المحك، خاصة بعد أن تبدد حلم هذه الطبقة في توفير حياة آمنة لأبنائها، ودخلت حياتها في دوامة هذه الاضطرابات، وأصبحت أكثر صخبا من أي وقت مضي، وباتت الحسابات المستقبلية تؤرقهم، ولم يعد التوفير يهمهم بأي حال أكثر من أن شاغلهم الأكبر هو كيفية توفير المصاريف الثابتة السنوية والشهرية.
فمع زيادة الأسعار المتوالية لبعض البنود الأساسية في أي منزل مصري، يظهر شبح الخوف، بينما يعلو صخب الحياة السياسية، وأصبح هما يوميا اعتاد المصريون الجدل حوله في المواصلات أو في المقاهي وحتى في المنازل، أصبح للآباء أفق آخر من التفكير لكي يتدبروا فقط كيف يسيرون أمور منازلهم المسؤولين عنها خلال الفترة المقبلة.
يقول ممدوح كمال الذي لم يتجاوز بعد 35 عاما، إن الأمور السياسية لم تعد تؤرقه، فقد يئس من كثير من التطورات السياسية المتلاحقة والسريعة التي لم تشكل أولوية كبيرة له، إنما تظل أولويته الآن البحث عن عمل آخر ليزيد به دخله الذي يرى أنه بحلول العام المقبل لن يكفي لتوفير متطلباته بيته الأساسية.
ويرى ممدوح الذي يعمل مهندسا أنه من الطبقة المتوسطة التي غالبا ما تتحمل كل تداعيات القرارات الحكومية، لافتا إلى أنه كان ينظر لراتبه قبل عام واحد فقط أنه جيد، يستطيع أن يوفر من خلاله معيشة كريمة لأولاده الاثنين مع توفير جزء بسيط لأي طارئ، أما الآن فيري أن الوضع اختلف، يقول: «قد لا أتمكن العام المقبل من أن أوفر المصاريف المدرسية لأولادي، وقد اضطر إلى بيع السيارة واستخدام المواصلات العامة، وتقليص نفقات البيت، هذا ببساطة سيكون تراجعا في مستوى معيشتي المتوسطة».
ويوضح ممدوح أن سبب ما يؤرقه هو «ما تنتهجه الحكومة الحالية الآن، من رفع الأسعار للخدمات والسلع الرئيسية بشكل كبير ومتوالٍ، لم يكن يجرؤ أحد من المسؤولين في النظام السابق على اتخاذ تلك الإجراءات بشكل متواصل كما يحدث الآن، فهم يربكون حسابات الأسر المصرية، ولا يفكرون حتى بها».
وقررت الحكومة المصرية زيادة أسعار الكهرباء، وقالت إنها للشرائح الأكثر استهلاكا، وقال وزير الكهرباء بلبع إن 7 ملايين مشترك لن تطالهم الزيادة التي سيتم تطبيقها بداية من الشهر الحالي، وتسعى إلى زيادة أسعار الغاز الطبيعي الواصل إلى المنازل، يأتي ذلك قبل أشهر قليلة من زيادة أسعار وقود السيارات.
وقال ممدوح إن من لا يمسهم قرار رفع أسعار الكهرباء فئة محدودة فقط، قد تكون تستخدم فقط أضواء الإنارة، ويقول مداعبا: «هذا القرار سيجعلنا نلتزم بالأوامر الشفوية لرئيس الوزراء المصري هشام قنديل، باستخدام الملابس القطنية لكي تقينا حر الصيف بدلا من المكيفات الكهربائية، هذا بالإضافة إلى أننا قد نكتفي بلمبة واحدة في المنزل فقط، حتى نرشد في إنفاقنا».. وقال: «الصيف المقبل ستكون فواتير الكهرباء باهظة جدا، ولن نستطيع تحملها».
ويتذكر ممدوح القرارات التي قامت الحكومة المصرية في النظام السابق في مايو (أيار) 2008 باتخاذها، التي زادت بموجبها أسعار الوقود والغاز الطبيعي وألغت معها الإعفاءات الضريبية الخاصة ببعض المشاريع، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، وقال: «الحكومة تتبع نفس نهج النظام السابق، تقوم بزيادة المرتبات، وفي المقابل ترفع أسعار الوقود وتزيد الضرائب لتمويل الأجور كما قامت عام 2008، فهو نفس الفكر ونفس النهج».
وقال ممدوح: «ما نراه حاليا بالنسبة للحكومة، هو الاهتمام بمحدودي الدخل بشكل غير مدروس، مع زيادة الأعباء بشكل كبير جدا على متوسطي الدخل».
وأضاف ممدوح: «ندفع ضرائب ولا نجد أي خدمات مقابلها، حتى الخدمات التي ندفع مقابلا لها أيضا لا نحصل عليها بشكل منتظم أو بسهولة، فالكهرباء تنقطع بشكل مستمر، والإنارة في الشوارع الفرعية محدودة وشبه معدومة، ناهيك عن الطرق غير الممهدة بشكل جيد، التي تؤدي إلى أعطال كبيرة في السيارات، كما أنها تؤدي أيضا إلى حوادث كثيرة، ومع كل ذلك الحكومة تزيد من الأسعار».
أما دنيا التي تعمل في إحدى الشركات السياحية بمدينة نصر والتي أوشكت على وضع مولودها الجديد فتقول: «لست متخصصة سياسية أو اقتصادية، ولكني أرى أن ما تفعله الحكومة الآن يزيد أعباء الموظفين المصريين سواء في القطاع العام أو الخاص، ولا يؤثر على الطبقات العليا في المجتمع المصري».
وتتابع دنيا: «ببساطة كانوا يقولون في الماضي إن الغني يزداد غناه، والفقير يزداد فقره، أما الآن فالغني يزداد ثراؤه ومن يستطيع توفير قوت يومه أو أكثر منها بقليل ستزداد معاناته مع القرارات الحكومة الأخيرة».
وترى دنيا أن الأغنياء الذين يمتلكون المصانع أو حتى بعض المشاريع المتوسطة والصغيرة لن يتحملوا الزيادة في تكلفة الإنتاج مع رفع أسعار الطاقة، وسيقومون بزيادة أسعار منتجاتهم في النهاية، ومن يتحمل تلك التكلفة هو المواطن العادي.
وقالت الحكومة المصرية إنها ستحاول ضبط الأسواق لضمان عدم ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، كما قالت إنها تسعى إلى تشكيل مجموعة عمل من ممثلي البنك المركزي والوزارات بالإضافة لممثلين من المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلكين تتولى متابعة اتجاهات وأسباب التضخم، خاصة بالنسبة لأسعار السلع الغذائية وتقييم مصادرها وتحديد الإجراءات اللازمة لمواجهتها، وكذا متابعة تنفيذ الخطوات اللازمة لمعالجته.
وقالت دنيا التي ترى أن الأوضاع المعيشية للمواطن العادي ستتحول إلى الأسوأ «حتى الدستور لا يضمن للمواطن الحصول على الخدمات أو تحقيق عدالة اجتماعية».
وأضافت: «للثورة شعار (عيش حرية كرامة إنسانية)، وتحقيق هذا المطلب في مصر لا يتطلب إدارة بفكر تقليدي»، وتشدد: «ما يحدث الآن في مصر هو تطبيق آليات تقليدية يستطيع أي مسؤول اتخاذها، فهي ليست قرارات ثورية كما يقولون».
ويقول الدكتور جودة عبد الخالق الخبير الاقتصادي ووزير التضامن الاجتماعي السابق لـ«الشرق الأوسط» إن «مواد الدستور الذي سيستفتي عليه المصريون لا تتضمن أي قيم للعدالة الاجتماعية ولا يمكن الاحتكام إليه لتحقيق العدالة الاجتماعية، فعلى سبيل المثال لم ترد أي نصوص عن الاحتكار»، وأضاف: «الأسعار وكيفية مراقبتها غابت عن الدستور».
وقال: «الدستور الذي دعا رئيس الجمهورية جموع المصريين للاستفتاء عليه لم يحدد الهوية الاقتصادية لمصر، فالنظام الاقتصادي كان ينبغي أن يقوم على ركيزتين؛ الأولى الكفاءة والثانية العدالة، إلا أنه ترك الأمور لتفسيرات عدة».
وتابع: «تم ربط الأجور بالإنتاج في المادة 14 من الدستور، فكان يجب ربط الأجور بالإنتاج وتكاليف المعيشة حتى نضمن حياة كريمة لكل مواطن، وليس ربطها بالإنتاج فقط».
وأضاف أن صياغة الدستور تجاهلت كثيرا من الأمور المتعلقة بأساسيات الوضع الاقتصادي، فلم تحوِ لجنته التأسيسية متخصصين اقتصاديين.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,008,298

عدد الزوار: 6,929,593

المتواجدون الآن: 93