وتنأى الحكومة بنفسها عن الإقتصاد..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 6 تشرين الثاني 2012 - 5:51 ص    عدد الزيارات 874    التعليقات 0

        

 

وتنأى الحكومة بنفسها عن الإقتصاد..
بقلم د. ماجد منيمنة
أفضى الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي مع الوفد الاقتصادي، إلى إرجاء طاولة الحوار الاقتصادي - الاجتماعي التي كانت مقررة في السراي، لتمكين رؤساء وممثلي الهيئات الاقتصادية من إعداد أوراق العمل المطلوبة وحسب زعم القيمين.
ولكن أليس مطلوب وبصورة ملحة الإسراع بهذه الخطة وإعطاء كل الأولويات لهذا الحوار بين أطراف الإنتاج ليشكل مدخلاً أساسياً من أجل الاستقرار الاجتماعي ولحماية الاقتصاد الوطني في إطار خطة نهوض اقتصادية تقي البلاد من التداعيات الخطيرة الناتجة عن ضمور قطاعات الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة نسب الفقر وضآلة التقديمات الاجتماعية وتضاعف غلاء المعيشة ومعدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية وذوبان الأجور وزيادة الضرائب؟.
ولا بد من التذكير بأن الحكومة ومنذ نشوء الدول، وبعيداً عن تفاصيل كيف وصلت إلى الحكم، هي مؤسسة تعود للدولة وتقوم بإدارة شؤونها لمدة يحددها دستور البلاد، واجبها حماية سلامة الدولة وحقوق مواطنيها، وعلى أن تسهر على خدمتهم ورعايتهم وعلى صحتهم وأمنهم وغيرها من الخدمات الواجب عليها القيام بها وتستمد نفقاتها لذلك من موارد البلاد الطبيعية التي هي ملك الشعب، وأن تغذي الخزينة من الضرائب المفروضة على كل المواطنين سواء على أملاكهم وأعمالهم ومعاملاتهم، وعلى رواتبهم وعلى السلع الاستهلاكية سواسية فيما بينهم مثل اسنان المشط.
ولكن تلاقي الضرائب عامة معارضة دائمة من قبل المواطنين رغم أن الضرائب هي التي تؤمن الايرادات السريعة للخزينة. وطالما ان هذه الأموال تأتي من جيب المواطن، فمن الطبيعي ان يصرف الشعب على الحكومة وإلاّ من أين للحكومة اموال لأمن وسلامة المواطن وخدمته، ولتمكنها من صرف رواتب آلاف الموظفين والمستخدمين المدنيين والعسكريين؟.
ويتساءل الكثيرون عما يُفعل بما يسددونه للخزينة، وما هو مصير ما يدفعونه من ضرائب وخاصة ما تدفعه الفئات الواسعة من الموظفين والمستخدمين والعمال وغيرهم من ذوي الدخل المحدود والذي يشكّل مورداً مهماً لخزينة الدولة؟ ويتحدث الكثيرون بألم بسبب العَوز وعن اسبابه، وان ما يدفعونه صار يستنفد دخلهم. فبالاضافة إلى الضرائب المستقطعة من رواتبهم الشهرية، فهم يدفعون تكاليف طبية باهظة مع امتلاء السوق بالأدوية المغشوشة. كما تعاني البلاد من مشاكل الكهرباء وانقطاع التيار، مما يوجب المواطن بتأمين اشتراك كهربائي التي توفره الجهات الأهلية المحلية والمدفوع الثمن بأسعار باهظة، أو إلى توفير مولدات الكهرباء المنزلية التي تصمّ الآذان بضجيجها العالي، وما تبعثه من دخان وغازات سامة. وبسبب انقطاع الكهرباء, يزداد تلف الأجهزة الكهربائية المنزلية المتنوعة، بسبب التتابع غير المتوازن للتيار الكهربائي، وما يستنزف ذلك من دخل المواطن لشراء اجهزة جديدة. كما أن أسعار المحروقات وكلفة الطاقة الباهظة تثقل كاهل اللبنانيين إضافة إلى أعباء التعليم والطبابة والاستشفاء والسكن والنقل، وكذلك ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية التي دفعت نسب التضخم إلى ما يزيد على 10.3% من المستوى السنوي فبات 63% من اللبنانيين يواجهون صعوبات في تأمين النفقات الغذائية والضرورات الأخرى في وقت يقبع ثلث الشباب اللبناني في البطالة التي هي مدخلا للعوز وبؤرة للفساد والجريمة.
من جانب آخر تستنزف كلفة اعمال تصليح الابنية والممتلكات التي تدمّر بسبب أعمال الارهاب التي أخذت تتصاعد مؤخراً بسبب عمليات الاغتيال للكوادر الناشطة، والتي تستنزف بشدة مدخول المواطنين الأبرياء، رغم الإعلان عن دفع الحكومة تعويضات لهم، ولكن بعضهم لم يقبض منها شيئاً حتى الآن، وكما حصل سابقاً بموضوع المهجرين من المناطق اللبنانية, رغم ان بعضاً منهم دفع عمولات وكومسيونات وغيرها من واسطة من اجل التسريع في صرفها, وحتى ان بعض هذه التعويضات لم تصرف للمستفيد الأول بل ذهبت إلى جيوب مجموعة من المافيات المتمرسة على نهب مقدرات الدولة.
كل ذلك يجري في زمان يكشف فيه يومياً عن سرقات ونهب ورشاوى وفساد اداري واختلاسات بالمليارات من الدولارات، وتحوم فيها الدلائل التي تتوفر والقرائن والشكوك, عن ضلوع موظفين رسميين فيها, مثلما يحصل في مرفأ ومطار بيروت من تهريب للبضائع من دون دفع الرسوم الجمركية من قبل المحسوبين على جهات حزبية، مع عدم إخضاعهم إلى التحقيق والإجراءات القانونية, في وقت تنشغل فيه الكتل البرلمانية والحكومية الكبيرة بنزاعاتها على الهيمنة وعلى كرسي الحكم، وحتى انه قد يبدو للبعض بأن دستورنا اصبح قديما وهو بحاجة إلى تحديث.!!
والمطلوب من الحكومة شيئين؛ أولا أن ترفع الدخل القومي لتخفض العجز، وثانياً أن توزع هذه المداخيل بـالعدل والإنصاف على القطاعات الأكثر احتياجاً، وفق التزاماتها؟ والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هنالك إمكانية لزيادة في موارد الدولة الضعيفة؟ والجواب هو نعم، والطريق إلى ذلك هو قرار سياسي بامتياز.
فعلى الحكومة ان تضرب بيد من حديد وأن لا تتناسى مغتصبي الأملاك البحرية والنهرية والبرية والعمل على استعادتها بحزم ومن دون مراوغة وتسويف لاستثمارها بما يحقق وفراً كافياً للخزينة ليساعد على التقديمات الاجتماعية والمشاريع الإنمائية بدلاً من توزيعه هباء على الوزراء والنواب فيضاعف مخصصاتهم بما يفوق الأربعين مرّة الحد الأدنى للأجور في حين أنها في بلد مثل فرنسا لا تتعدى ثماني مرات الحد الأدنى للأجور. كما يجب فرض الضرائب المباشرة والتصاعدية على المؤسسات والشركات والأفراد بشفافية مطلقة ومن دون امتيازات لهذا وذاك.
وباستطاعة الحكومة زيادة الضريبة على العقار الذي أصبح يبيض ذهبا في أقفاص الحيتان الكبرى لهذا القطاع. وباستطاعة الحكومة وضع ضريبة على الأراضي غير المبنية والتي تفسد سوق العقار بالمضاربات، وتدر دخلاً خيالياً على أصحابها دون جهد ولا مخاطرة ودون إنتاج أية قيمة مضافة لخزينة الدولة.
كما على الحكومة أن تبحث عن طرق جديدة لتمويل البنية التحتية عن طريق الـBOT، لتمويل الطرق السريعة والمطارات والموانئ. ففي مصر، مثلا، كان مطار القاهرة قديما جداً ولا يفي بالغرض المطلوب، فأعطي لمستثمر خليجي لإعادة بنائه وتجهيزه بالمليارات، ومُنح له حق استغلال موانئه والمساحات الإعلانية لمدة 25 سنة، فربحت الدولة مطاراً دولياً، ووفرت أموال الاستثمار، وربح المسافرون خدمات لم يكونوا يحلمون بها. وهذا ممكن تطبيقه على مطاري رياق والقليعات ليكونا مركزاً للترانزيت في المنطقة, كما الأوتوستراد العربي المشلول بسبب الخلافات الداخلية على التعويضات التي يسمسر من حولها رؤساء البلديات المولجين بحل الخلافات فيما بين اصحاب العقارات موضوع الاستملاكات.
تحتاج الحكومة إلى مختبرات أفكار وحلول ومقترحات جريئة ومن دون تردد. مثلا، لماذا لا تبيع الحكومة 10٪ من أسهم شركات طيران الشرق الأوسط وكهرباء لبنان والموانئ اللبنانية وتدخلها في البورصة، وتشترط فقط اكتتاب المواطنين اللبنانيين لا الشركات، فتنشط الأسواق المالية وتربح الخزينة الأموال لتسدد الديون وتخفض العجز المتراكم، وبذلك تحقق حلما للبنانيين بامتلاك جزء من ثروتهم الوطنية.
على الحكومة أن تستعيد المبادرة الاقتصادية، وأن تكف عن جلد النفس بالنأي الذي يعيد هذا الوطن وشعبه إلى الكهوف القديمة, في وقت ان القدرات التي لديه يمكن أن تعيده إلى الخارطة الدولية التي كان عليها ومن دون منازع. فشعار «كلنا للوطن كلنا للعمل» يجب أن يكون المعيار الأول لتحقيق الإنجازات المطلوبة وليس بابا من أبواب التمنيات, يفتح ويغلق بأهواء المنتفعين!!

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,244,229

عدد الزوار: 6,941,915

المتواجدون الآن: 127