النظام المالي العالمي وموقع لبنان

تاريخ الإضافة الجمعة 14 أيلول 2012 - 8:28 ص    عدد الزيارات 785    التعليقات 0

        

 
بقلم مروان اسكندر

النظام المالي العالمي وموقع لبنان

 

منذ أواسط الثمانينات، تاريخ الغاء القيود على التحويلات في غالبية الدول الصناعية وانفتاح الأسواق المالية بعضها على البعض وتوسع استعمال البرامج الالكترونية للاتجار بالسلع والأسهم ومن بعد العقود المستقبلية، صار العالم الى حد بعيد بمثابة سوق نقدية ذات قلب ينبض في الولايات المتحدة نظرا الى ان الدولار كان، كما لا يزال وإن الى حد أقل، العملة المرجعية.
أواخر الثمانينات، وفي مدينة ماستريشت الهولندية، أقر زعماء الدول الاوروبية اعتماد عملة موحدة تسمى "الأورو". لكن هذه العملة لم تتوافر بشكلها النقدي للجمهور الاوروبي إلا مع بداية عام 2002، وقد أقرت قيمة الأورو حينذاك على مستوى تسعيرة المارك الالماني للدولار.
اليوم، وبعد ثلاث أزمات مالية ومصرفية واجهتها الولايات المتحدة عامي 1988 و1991، ومن ثم منذ انهيار مصرف ليمان براذرز في تشرين الاول 2008، وأزمة شرسة تتحكم بالدول الاوروبية التي شارفت خمس منها افلاس مصارفها وهي ايرلندا واليونان والبرتغال واسبانيا وقبرص، نجد أن التخبط في ابتكار سياسات المعالجة هو الصفة لعمل الاوروبيين، في حين أن الاميركيين حققوا تجاوزا لأسوأ مفاعل الازمة واستعادوا القدرة على النمو وحققوا اكتفاء ذاتيا في مجال انتاج الغاز، واستطاعوا تفادي مفاعيل ارتفاع أسعار النفط الى مستوى 100 دولار البرميل، ولذا فهم اليوم في وضع أفضل من الاوروبيين، ويستطيعون التحكم بالقرارات التي تقولب النظام النقدي العالمي لأسباب واضحة سنعرض لبعضها. أضف ان الدولار يمثل عملة التصافي في مجاري التجارة العالمية بنسبة 65 في المئة، والدولار هو عملة تمويل عمليات الشراء والبيع للنفط والغاز بنسبة 90 – 95 في المئة.
وبرامج معالجة الازمات النقدية والاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية اقتضت ضخ مئات المليارات من الأورو والدولار في شرايين الاقتصادات الاورويبة كما في شرايين الاقتصاد الاميركي.
وجميع الاقتصاديين المرموقين يرون ان ضخ الاموال بهذه السرعة لا بد أن يمهد للتضخم في ما بعد. وانضباط قوى التضخم حتى تاريخه كان يعود الى أمرين جوهريين:
من جهة أولى، معدلات البطالة مرتفعة في الولايات المتحدة 8,3 في المئة، وفي الدول الاوروبية حيث المعدل الوسطي هو أكثر من 11,2 في المئة، ولولا انخفاض معدل البطالة في المانيا الى مستوى 6,7 في المئة لكان معدل البطالة الوسطي لبقية الدول الاورويبة على مستوى 12 – 13 في المئة، وهذا الوضع يحد من قدرة العمال والنقابات على المساومة لزيادة الاجور.
السبب الثاني لاستمرار انضباط معدلات التضخم هو توسع دور الصين وكوريا الجنوبية في حجم التجارة العالمية، وأسعار صادرات هذه الدول سواء من الالبسة او الاغذية او المعدات الالكترونية والأدوات المنزلي والسيارات، دون مستويات الصادرات الاوروبية والاميركية. وفي لبنان مثلا، نجد ان المستوردات من الصين وكوريا الجنوبية باتت تشكل نسبة ملحوظة من كل مستورداتنا نظرا الى انخفاض أسعارها.
 أصحاب الاموال والادخارات، بما فيهم الدول وأخصها الصين واليابان وكوريا الجنويبة وسنغافورة ودول الخليج العربي، يبحثون عن أدوات استثمارية يمكن أن تحافظ على قيمتها في المستقبل المنظور، فالمدى الطويل أي بعد 20 سنة وتزيد، لا يمكن الجزم بشأنه قياسا بالتطورات التقنية ووسائل التعامل المالي والنقدي التي تتطور بشكل سريع.
اذا نظرنا الى استثمارات الدول ذات الاحتياطات الكبيرة، نجد أن توجهها هو نحو سندات الخزينة الاميركية ومن ثم مشتريات الذهب. وعلى سبيل المثال تحمل الصين من السندات الحكومية الاميركية ما يزيد على 1,2 تريليون دولار، والصين ابتاعت كميات كبيرة من الذهب وساهمت في تملك شركات تنتج الذهب في أوستراليا، واليابان تحفظ نسبة كبرى من احتياطاتها بالدولار وصارت لديها سندات حكومية أميركية تفوق الـ1,2 تريليون دولار، ومن أجل تصوير أهمية هذا المبلغ يمكن القول إنه يساوي الدخل القومي السنوي لتركيا والسعودية.
ومن غرائب مظاهر الخوف من حمل احتياطات بعملات دول ثانوية، تدفق الودائع على اليابان وشراء الين الياباني، علما بأن الفائدة على الين تقرب من الصفر. علما أن اليابان، نعم اليابان، هي الدولة المدينة بأعلى نسبة في العالم، فالدين العام الياباني يفوق نسبة 210 في المئة من الدخل القومي، لكن الثقة بالعملة اليابانية تعود الى الثقة باليابانيين وقدراتهم التقنية واستقرار أوضاعهم السياسية.
ما هي العبرة من هذه الجولة على القضايا المالية والاقتصادية عالميا للبنان؟
النقد اللبناني حافظ على استقراره منذ فترة تقرب من 20 سنة، والدين العام اللبناني متركز في أيدي اللبنانيين، أفرادا ومؤسسات، وليس لهم مصلحة في الابتعاد عن هذا التوظيف. والقطاع المصرفي اللبناني أظهر خلال سنوات الازمة العالمية منذ 2008 انه أفضل من أوضاع المصارف الاوروبية والاميركية، والاحتياط المتوافر، سواء من العملات الاجنبية – وخصوصا الدولار – او الذهب، على مستويات مطمئنة.
والسؤال هو،
لماذا ثمة تخوف على مستقبل لبنان واقتصاده، والجواب واضح وصريح. فالقانون لا يسري على الجميع، والتهريب قائم على قدم وساق، والنفقات الامنية والعسكرية في تصاعد من دون تأكيد لسيادة الدولة فوق جميع أراضيها، والكتل السياسية لا برامج لديها لمعالجة الشأن الاقتصادي والاجتماعي، والسياسيون يستسهلون الموافقة على مطالب العمال والمستشفيات، وهي محقة، لكنهم لا يقوّمون النتائج المالية والاقتصادية، ولا يوفرون برامج مقنعة، وهذا هو وضع جميع الكتل السياسية من دون استثناء، فالكلام كثير ووفير لكن العمل معدوم والتصميم مفقود.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,748,352

عدد الزوار: 6,912,607

المتواجدون الآن: 111